|
دي جديدة بقلم الطاهر ساتى
|
:: على ذمة صديقنا أحمد المصطفى إبراهيم، قبل خمس سنوات تقريباً، استعرض وزير الزراعة والثروة الحيوانية بولاية الجزيرة تقريره السنوي لنواب المجلس التشريعي..وبعد أن قدم أعداد الأبقار والضأن والماعز بالولاية، واصل في عرض التقرير قائلاً بمنتهى الثقة والجدية : ( و 3.400.000 حمامة)، فضجت القاعة بالضحك على دقة الرقم في إحصائية ثروة عصية على الدقة..ويبدو أن ضحك النواب - على دقة إحصائية أعداد الحمام بالجزيرة - لم يعجب الوزير، فصاح فيهم : ( المغالطني يمشي يعدها).. !! :: واليوم، نقرأ ما يلي نقلاُ عن مفوضية العون الإنساني، إذ تقول أن درجة الحرارة بلغت خمس درجات في بعض مناطق البلاد، وأنها قد تصل إلى صفر في مقبل الأيام، وإلى هناك ليس في الأمر عجب..ولكن تواصل المفوضية في أرقامها و تقول بمنتهى الدقة والجدية : بلغ عدد المتأثرين بالبرد في السودان (95.000 أسرة)، وبالأفراد (570.000 شخص)..ولن نضحك على دقة الإحصائية حتى لا تغضب المفوضية وتصيح فينا : ( المغالطني يمشي يعدهم)..ولكن نسأل المفوضية عن المعني بالمتأثرين في هذا الرصد ..هل هم الذين تجمدوا؟، أم هم الذين يرتجفون؟..فالمفوضية لا تقصد الذين ماتوا ، إذ هي أكدت عدم وجود بيانات رسمية عن حدوث وفيات..علماً بأن أحد المتشردين إنتقل إلى رحمة مولاه قبل ثلاثة أيام، ولكن يبدو أن السلطات لم توثقه في بياناتها الرسمية لتعلم مفوضية بوفاته..!! :: المهم..الأرقام التي تشير إلى حجم المتأثرين بالبرد (غير دقيقة)، وكذلك (غير موضوعية)، ولا تتكئ على (معايير مثالية)، وهي من نوع الأرقام التي تطلقها الألسنة بلا إجتهاد أو تفكير.. إن كانت المفوضية تعني بالمتأثرين بالبرد الفقراء والمساكين الذين بحاجة إلى المأوى والكساء، فتلك الأرقام دون حجم الفقراء والمساكين والنازحين بكثير ..وناهيكم عن أكثر من مليون أسرة بأطراف الخرطوم، فالمفوضية تعلم أن بعض الأهل بدارفور لايزال يقطن في معسكرات النزوح، وبيوت المعسكر محض ( قش وشولات وكراتين)، ودرجة الحرارة بولايات دارفور (12 / 8 درجات)، حسب رصد هيئة الإرصاد، وفقط حجم هؤلاء النازحين - المتأثرين بموجات البرد - أضعاف أرقام المفوضية، وهذا على سبيل المثال فقط لاغير ..أي بكل ولاية سودانية نسبة الفقر تتحدى عقول الولاة وتتناسب طردياً مع حجم فسادهم، وتلك النسبة هي التي تتأثر بالبرد.. فلماذا تختصرها المفوضية في (95.000 أسرة)..؟؟ :: إذا عرف السبب بطل العجب، فالمفوضية تناشد بالتدخل السريع وتقديم الدعم المالي والعيني لتلك الشرائح المستهدفة، أي لل (95.000 أسرة)، وهناك غرفة عمليات مركزية للماتبعة والتنسيق مع الولايات.. وهذا ما يحدث في الخريف، ولكن خسائر الناس في الخريف تحدث تحت سمع وبصر وسائل إعلام الدنيا والعالمين، ولذلك إستجابت الدول والمنظمات العالمية والاقليمية والوطنية للنداء بالجسور الجوية، فكيف ستظهر المفوضية خسائر الشتاء لتلك الدول والمنظمات وغيرها ؟.. فالإستجداء السوداني في فصل الخريف معروف لدول الدنيا والعالمين وأصبح ( روتينا عالميا)، ولكن الإستجداء في فصل الشتاء ( دي جديدة )، وبحاجة إلى بذل الجهد لتدرجها الدول والمنظمات في ميزانياتها..ولذلك، نقترح إضافة وزارة أخرى - ذات وزيرين و خبير وطني - لهيكل مجلس الوزراء بحيث تكون مهامها التنسيق مع مفوضية العون الإنساني في وضع خطط الإستجداء الجيدة في ( كل الفصول السنة)..!!
مكتبة الطاهر ساتي
|
|
|
|
|
|