|
القلم.. وحسابات ( العملاء)! بقلم هاشم كرار
|
القلم، مثل السيف.. صمصامُ، وكنتُ أقول- متباهيا- لا يعملُ الصمصام إلا بين إصبعي.. الآن،
مع انفجار تكنلولوجيا لوحة المفاتيح، يوشك القلم أن يصبح من مخلفات التاريخ،
فيالوحشة السبابة والإبهام!
تجاوزت الستين، لكني لا أرتعش، فمابال هذه الرعشة في سبابتي وإبهامي كلما أمسكتُ القلم- أحيانا- لأرسم به إمضائي الذي ليس شهيرا، في أي بنك في الدنيا ، بما فيه بنك بوركينا فاسو!
لا أتعامل من كل بنوك الدنيا، إلا مع بنك واحد، ولولا ان موظفي هذا البنك يدققون في إمضاء" العملاء" تدقيقا، على كل شيك، لما دقق أحدهم في إمضائي، وأنا الفقيرُ- مثل أبي الطيب المتنبئ- وأموالي المواعيدُ!
أنا "عميل" بحكم راتبي الذي ينزلُ كل أول شهر في البنك، وفي اليوم التالي يصبح حسابي صفرا. ومابين القوسين هو توصيفي.. وهو التوصيف الذي لا يحفل به أي إستخباراتي، برغم أنه توصيف على رؤوس المطويات البنكية!
أنا ( عميل) فقير، فمابال الأغنياء يرتضون هذه التهمة. لو كنتُ أحدهم لكنتُ قد رفعتُ دعوى السب وإشانة السمعة، ولكنتُ قد كسبتها مليارات تضاف إلى ملياراتي، والريال عادة لا يلد إلا ريالا، وكذا الجنيه والدولار والاسترليني والين، وحتى الجنيه السوداني الكحيان الميتان!
الصفر رياضيا، هو قيمة لا نهائية.. وفي حالة حسابي الذي يصفر في كل يوم تال لأول كل شهر، فإن فقري لانهائي.. لكنه يبقى- في النهاية- قيمة,, ومن ارتضى الفقر قيمة، عاش يومه دون هذيان من البورصة تلك التي ترتفع وتنزل، لترفع تارة من الضغط والسكري، وتارة تنزلهما تنزيلا.. ولعاش بالدعاء: اللهم أرزقنا خبز يومنا، كفافا!
لئن تعش كفافا، هو ألا تتوزع- ذهنا وخاطرا- وهذا التوزع هو من أول خصائص القرش.. والقرش- باللهث وراءه- هو حجاب.. وهو من أشد الخصام!
من القلم، الذي يوشك ان يدخل المتحف، إلى القرش الذي يلهث وراءه البشر ، إلى آخر يوم في هذه الدنيا، ظللتُ أمشي في هذه المساحة.. والقلم الذي ( لا يزيل بلما) لا يكسبك قرشا، لو كنت صحفيا، في صحافة هذا الزمان!
أيها القلم، كن اكسسوارا، في الجيوب.. فضيا أو ذهبيا.. سائلا أو ناشفا، فماعادت الجيوب تحمل نقودا، مع كل هذه البطاقات البنكية.. بطاقات ( العملاء)!
كن فقط للتوقيع على الشيكات!
|
|
|
|
|
|