أثر الثقافة السعودية علي السياسة في السودان بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 10:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-01-2015, 05:23 PM

زين العابدين صالح عبد الرحمن
<aزين العابدين صالح عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 1035

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أثر الثقافة السعودية علي السياسة في السودان بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن

    تعتبر البحار و المحيطات وسائل مهمة للإتصال بين الشعوب و خاصة في القرون السابقة، قبل التطور التكنولوجي في وسائل المواصلات والاتصال، حيث كانت المحيطات و البحار معابر للتجارة و الثقافة و الحضارات الإنسانية، فاغلبية الحضارات القديمة " المصرية و الفنيقية و الأشورية و الكلدانية و البابلية، و اليونانية" استفادت من البحر كوسائل إتصال، و ساعدتها علي الإزدهار و الانتشار و التمدد في بعض الدول الأخري، و دلالة علي ذلك عملية الإكتشافات الجغرافية التي قامت بها كل من إسبانيا و البرتغال للعالم الجديد " الأمريكيتين و استراليا" و بعد التطور الذي حدث في الصناعة، و ظهرت الدول الإمبريالية التي بنت أساطيلها بحثا عن المواد الخام و أسواق جديدة لمنتجاتها الصناعية، لعبت البحار دورا كبيرا في تمددها و استعمارها للعديد من الدول في أفريقيا و أسيا، حيث صاحب عملية الغزو العسكري سيطرة اقتصادية و محاولة لنشر ثقافتها في تلك المناطق.

    يعتبر السودان من الدول المطلة علي البحر حيث البحر الأحمر، و كان من المفترض أن يلعب الموقع دورا في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و التفاعل الثقافي، و لكن البحر الأحمر لم يلعب دورا مؤثرا في بناء حضارة سودانية تسهم بفاعلية في عملية التحديث و التنمية في البلاد، و لكن كان دوره معيقا للبناء الحضاري و الثقافي و ذلك يعود لطبيعة الدول التي تقع علي ضفاف هذا البحر، و الثقافة التي تحتضنها تلك الدول، و أنغلاق هذه الدول و خوفها من التفاعل الثقافي مع الأخر جعل أثر البحر ضعيفا.

    من الملفت للنظر نجد إن السودان قد تأثر ثقافيا بالرحلات التي كانت قادمة من شبه الصحراء من ناحية الشمال، و من الصحراء من جهة الغرب حيث دول المغرب العربي، فلعبت مصر دورا كبيرا في عملية البناء الثقافي و المعرفي في السودان، و ايضا الهجرات القادمة من شمال البحر الأبيض المتوسط و عبرت الأرضي المصرية في القرت الثاني للميلاد حيث أسست مملكتي المغرة و علوة في السودان، هذه الهجرات أثرت في الثقافة و السودانية و أنساقها و رموزها، مما أدي إلي تاثير مباشر في الحياة السياسية في تلك المجتمعات، و من بعد ذلك أيضا جاء الإسلام الذي أيضا كان له أثرا كبيرا في عملية التحولات الثقافية و الاجتماعية و السياسية، و أبرزها الحلف بين الفونج و العبدلاب الذي أسس الدولة السنارية، و لكن الملاحظ إن إنتشار الإسلام في السودان تم علي يد التجار و الرعاة و الهاربين و الباحثين عن ملأوي لهم، هؤلاء كان يتقصهم العلم و المعرفة و بالتالي تخللت العقيدة الكثير من مؤثرات الثقافة التي كانت سائدة في بعض المجتمعات، ثم دخول عدد من الطرق الصوفية و التي اهتمت بالمظهر دون الجوهر، و إن كانت قد استطاعت من خلال الإبداع أن توظف كل ما لديها من أدوات لنشر الإسلام مع الكثير من الإختلالات، هذه كلها أثرت مستقبلا في السياسية في السودان.

    لم يلعب البحر الأحمر دورا جوهريا في بناء الحضارات القديمة، لأنه كان بحرا مغلقا غير مفتوح علي بحار كبيرة " محيطات لكي تتم عملية التفاعل الثقافي بين الشعوب المطلة عليه، كما إن الشعوب المطلة عليه لم يكن لديها من الحضارة ما تحمله للآخرين، و حتى مملكة سبأ التي ذكرها القرآن الكريم، كانت مملكة مغلقة رغم تطورها و إزدهارها الاقتصادي و السياسي، و دلالة علي لأنها كانت مغلة، إنها لم تستطيع أن تعبر البحر الأحمر لكي تؤثر في المجتمعات التي حولها، و جاء تأثير البحر الأحمر بعد حفر قناة السويس و إختصار طرق التجار و تحولها من رأس الرجاء الصالح إلي عبور قناة السويس، حيث أصبحت المنطقة تمثل موقعا إستراتيجيا في التجارة العالمية.

    و إذا تفحصنا تاريخ الجزيرة العربية و هي المنطقة التي تقع شرق السودان و شرق البحر الأحمر، بعد الرسالة المحمدية، نجد إن الرسول عليه الصلاة و السلام و من بعده الخلفاء الراشدين، قد اتجهوا شمالا في فتوحاتهم الأولي للمناطق التي كانت لها حضارات و أكثر انفتاحا علي العالم الأخر، و نتيجة لضم عدد من الدويلات و مناطق الامبرطوريات القديمة، إزدهر العقل الإسلامي بتأثير تلك الشعوب القادمة للأسلام، فإزدهرت الدولة و تغيرت طرق الحكم فيها، و هي نفسها التي كانت مقدمة لظهور تيارات الفكر في الإسلام "المعتزلة و الأشعرية و المرجئة و الخوارج و الزيدية و غيرها" في الوقت الذي ظلت فيه الجزيرة العربية مغلقة أمام تيارات الفكر، و حافظت علي إنغلاقها، في الوقت الذي كانت تبرز فيه المجموعات التي تشتغل بالفكر و تميل إلي العقل، و ظل الصراع الفكري العقلي بعيدا عن الجزيرة العربية، هذا الانغلاق حرمها من المشاركة في عملية الحوار العقلي و الفكري الذي كان يجري في عدد من مناطق الدولة الإسلامية، كما أدت عملية الإنغلاق إن تختلط ثقافة المنطقة بالعقيدة، حيث أصبحت الثقافة المجتمعية جزء من العقيدة في كثير من القضايا، الأمر الذي أدي إلي حرمان المرأة من حقوقها حتى الآن، و إعتبار ما يوجه إلي تقييد المرأة هو من الإسلام، و الأمثلة كثيرة، هذا الإنغلاق الثقافي أدي إلي إنغلاق في الفكر، لذلك يصبح حوار غير معروف ثقافيا في تلك المنطقة، بل مجادلة رجل الدين و النخبة في الحكم يعد خروجا عن الدين، و يعود ذلك إن الذين تولوا أمر التشريع و التأويل، يعدوا من انصاف المتعلمين، لذلك يميلون لحسم أية حوار بالإتهام بالتكفير و الخروج من الملة، و أصبح الدين عندهم مظهرا دون قيم، و بالتالي إختاطت عندهم الأشياء، و لم يكن لديهم ما يقدمونه للآخرين.
    بعد نتصار الثورة الوهابية في الجزيرة العربية، و قيام المملكة العربية السعودية كنظام ملكي متوارث، جعلت المملكة نقائض الإسلام العشرة التي قالت بها الوهابية أساس مرجعي للمملكة، الهدف منها هو محاصرة أية معارضة أو مطالبة بالحقوق، أو دعوة من أجل الحرية و الديمقراطية، و ساعد أكتشاف النفط علي تطور المدنية في تلك المنطقة و لكنه لم يؤثر في عملية التطور الاجتماعي و الثقافي و المعرفي، و هذا ما أشار إليه الروئي و القاص السعودي الدكتور عبد الرحمن منيف في روايته "مدن الملح" كما نجد إن النخبة الحاكمة في المملكة حماية لسلطتها، يعود لسيطرة الدولة علي أدوات الأيديولوجيا " وسائل الإعلام و التعليم و منابر المساجد و غيرها" و تأمينا أكثر لنظام الحكم، جاء دور الملحقيات الثقافية السعودية الملحقة بسفاراتها في الدول المجاورة حيث لعبت دورا كبيرا في نشر الفكر الوهابي بمساعدة الميزانيات الكبيرة التي رصدت لهذا العمل، في مجتمعات تعاني من مشاكل الفقر و الفاقة، الأمر الذي أدي لدخول مجموعات كبيرة في دائرة الاستقطاب السعودي، كل ذلك كان الهدف منه في أن تشكل تلك المجموعات سياجا حاميا لنظام الحكم في المملكة السعودية، و هذه المجموعات اقتنعت بالفكر المحافظ و التقليد، و اصبحت تشكل تهديدا لكل الذين يشتغلون بالفكر و العقل، و بدأت تظهر إتهامات التكفير و الخروج من الملة و إحتكار الحقيقة، بل استطاعت المملكة أن تؤثر حتي علي تيار الأخوان المسلمين بعد صراعهم مع الرئيس جمال عبد الناصر في مصر، حيث فتحت أبوابها لهم و أيضا خزائنها، الأمر الذي أدي لتراجع كبير في برنامج الأخوان المسلمين، هذا النشاط المدعوم بريع البترول أثر علي السودان و علي قطاع واسع ن النخبة السودانية المتأسلمة، مما أثر سلبا علي قضايا الحرية و الديمقراطية رغم محدوديتها، ثم إنسحبت علي منابر الجامعات التي كانت تمثل إشعاعا للضوء في المجتمع، فظل المال يستخدم من أجل إغلاق كل المنافذ التي يدخل منها الضوء للمجتمع، أدي لجمود في عمليات الفكر، و ظهرت الجماعات المتطرفة و التكفيرية و السلفية، و هي مجموعات مصابة بنغلاق عقلي تعاني من تناقضات بين ما تقوله و بين تطلعها لعملية التطور و التحديث، و أيضا بات الفضاء مفتوحا و تعددت وسائل التواصل الاجتماعي التي لا يمكن السيطرة عليها، الأمر الذي بدأ يمهد لظهور تيارات معارضة للسياسة السعودية، و أيضا إن التيارات التكفيرية التي تولدت من رحم الفكر الوهابي غدت تشكل تهديدا للمملكة و نظام حكمها، حيث بدأت تتراجع المملكة في سياساتها، و لكن بعد ما انتشرت المجموعات التكفيرية، و أصبح السودان أحد الأماكن التي انتشر فيها هذا الفكر التكفيري بصورة واسعة، و اصبح يهدد السلام الاجتماعي، كما أنه يؤثر بصورة مباشرة في الدولة و مؤسساتها و سياساتها.

    بعد الأزمات التي بدأت تصيب الاقتصاد السوداني ، و تدهور و ضمور في الطبقة الوسطي، في عقد السبعينيات، بدأ عهد الاغتراب لدول الخليج، و خاصة المملكة العربية السعودية. و هؤلاء المغتربين كانوا من الطبقة الوسطي و يحملون مشعل التنوير و لكن بوصولهم للمملكة، كان من المفترض أن يلعبوا دورا تنويرا يساعد علي فتح حوارات عقلية حول قضايا الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان و غيرها، و لكنهم انقسموا إلي مجموعتين الأولي فضلت الابتعاد و عدم الدخول في أية مساجلات فكرية مع النخبة السعودية، و اصبحوا فئة منعزلة لا دور لها، و المجموعة الثانية فضلت الاتخراط في النشاطات الفكرية، و لكن بشروط الفكر المغلق، حفاظا علي وظائفهم و الاستفادة من المال المرصود لنشر الفكر الوهابي، و اصبح هؤلاء حاملين لثقافة التيارات المتطرفة و التكفيرية، و يشكلون خصومة كبيرة لكل أعمال العقل، و أيضا قتحت المملكة أبواب مؤسساتها التعليمية في الدراسات العليا إلي العديد من السودانيين لكي يساعدوا علي نشر الفكر الوهابي، و عاد منهم اعداد كبيرة، حيث أصبحت جزءا من العملية التعليمية في المؤسسات الجامعية، و هؤلاء هم الذين ساعدوا في تقليص مساحات الحرية و التراجعات التي حدثت في عمليات البحث العلمي، و استغلوا منابر المساجد و غيرها في محاولة للتضييق علي الناس، و اصبحوا يبشروا إنهم هم الفئة الناجية التي تحتكر الحقيقة، ثم يوزعون صكوك الغفران علي الناس، هذا الوقع الظلامي هو الذي أدي لكثير من التراجعات التنويرية في المجتمع، لأنه أصبح يسيطر علي جزء من وسائل الإعلام و الصحافة و غيرها، إضافة للتغيير الذي أصاب مناهج التعليم، حيث أصبح الطالب كالبغبغاء يردد ما يقال له، و ليس إعمال ععقله، هذا التحول في التعليم تلقائيا أثر علي العملية السياسية و العقلية السياسية.

    أصبح مصطلح البدعة هو المصطلح الذي يتسيد مصطلحات الثقافة، و مصطلحات التكفير هي السياج الحامي لها، فانتشر الفكر الإقصائي في المجتمع و مؤسسات التعليم، واصبحت حرية البحث العلمي تعاني إشكالية كبيرة في المؤسسات التعليمية، الأمر الذي أدي إلي بروز العنف في المجتمع، و ظهور الجماعات التي تحاول عمليات الإغتيال الجماعي، كما حدث في في مسجد الثورة، هي كانت نتيجة لانتشار الفكر الوهابي بنقائضه العشرة، و تبنت النخبة الحاكمة هذا الفكر و فتحت ابواب البلاد للمجوعات التكفيرية، هذا الناتج الاجتماعي و ما نشره من ثقافة العنف و الظلام، هو الذي يحد من أية عملية تحاورية في المجتمع، لآن أغلبية النخبة الحاكمة تحمل هذا الفكر الإقصائي التكفيري، لذلك هي تنادي بالحوار الوطني و في نفس الوقت تعيق عملية الحوار الوطني، فهذه التيارات الوافدة و الحاملة للثقافة المغلقة المخلوطة بالدين، أثرت تأثيرا مباشرا علي العملية السياسية في السودان، و من خطورتها أن النخبة القابضة علي مفاصل الدولة هي الأكثر تاثير بالثقافة الوافدة المغلقة.

    و من فضائل ثورات و انتفاضات الربيع العربي، إنها أحدثت صدمة في بعض العقليات من داخل هذا الفكر، فظهور مجموعات من الشباب في السودان و مصر و تونس تنادي بمراجعات للفكر الإسلامي و إعادة في قراءة التاريخ الإسلامي بمنهج نقدي منذ الخلاف الذي حدث في سقيفة بني ساعدة، يعد توجها جديدا و محاولة جريئة تتحدي الفكر الظلامي، و أيضا ظهر العديد من المفكرين السعوديين الذين قدموا دراسات جريئة و مراجعات تنقد الفكر الوهابي الذي ساعد علي عمليات التطرف و العنف في المجتمعات الإسلامية، إن المراجعات الفكرية و النقدية ليس خصما علي الإسلام بل هي محاولة لإعادة الوجه المشرق للإسلام من خلال فتح كل أبواب الإجتهاد و العقل، و تحدي فكري حقيقي للفكر الظلامي، إن رايات المعتزلة الجدد هي انتصار للوعي الإنساني و انتصار للدين، و هي سوف تجد معارضة قوية من الفكر الظلامي و من المجموعات التكفيرية التي أصبحت تحت مسميات مختلفة، و هؤلاء ليس لديهم جديد يمكن أن يقدموه غير إتهامات التكفير، و لكن سوف تسير مثيرة العقل الواعي المدرك الواقعه و المستوعب لتناقضاته، إن العقليات الجديدة التي بدأت تشق لها طريقا وسط الشباب و الطلاب و تفتح حواراتها بقوة متحدي هؤلاء الظلاميين حتما سوف يكتب الله لها النصر، و نسال الله التوفيق.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de