|
خطر كبير.. والناس نيام!! بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الثلاثاء 23 ديسمبر 2014
في غمرة وغيبوبة الانشغال السياسي.. يتعرض السودان إلى محنة كبرى لا تظهر– بكل أسف- على سطح الاهتمام العام. ثروتنا التأريخية.. ممثلة في الآثار والمتروكات التي خلفها لنا أجدادنا.. وهي ثروة باهظة الثمن.. بل لا تقدر بثمن أصلاً.. هذه الثروة تتعرض إلى عمليات نهب منظم، ومستمر، ومدمر، وكاسح.. عندما نستيقظ ونتلفت يمنة ويسرة، فلن نجد إلا (أثار) أقدام اللصوص، الذين سرقوها، وباعوها بأبخس الأثمان. كلفنا صحفيتنا النابهة والنشطة الأستاذة رجاء نمر بالتقصي وسبر غور القضية فهالتنا المعلومات التي جمعتها.. كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. و(أكرث) منها أن الضمير العام مسترخٍ غير منتبه للجريمة الكبرى، التي تتصدى لها أجهزة الشرطة والأمن الاقتصادي في غيبة كاملة للانتباه القومي على مستوى المواطن لحجم المشكلة. بكل أسف هذه الآثار الثمينة التي تنهب يومياً أو تدمر بالإهمال المتعمد.. أو تغمر بالتجاهل والإهمال.. هي ثروة ناضبة غير مستردة.. كل قطعة أثرية تنهب من المتاحف أو الحفريات.. لا يمكن استردادها؛ لأن مصيرها في اتجاهين.. إما طمس معالمها بتحويلها إلى معدن قابل للبيع- إن كانت من الذهب أو أي معدن آخر.. أو تهريبها إلى الخارج.. بتأشيرة خروج دون عودة.. الشرطة والأجهزة الأمنية لن تستطيعا- وحدهما- توفير مظلة لكل شبر في أرض السودان، خاصة مع انتشار المنقبين عن الذهب، في كل أصقاع السودان القصية.. وحده الوعي الشعبي هو القادر على توفير غطاء حصين يمنع العبث بالآثار، التي يعثر عليها المنقبون في الصحارى، والوديان البعيدة.. لكن بكل أسف لا يزال الوعي الجماهيري بأهمية الآثار متدنٍ للغاية.. والحكومة لا تبذل جهداً أو مالاً لرفع مستوى هذا الوعي.. بل- بكل أسف- تبدو الحكومة- نفسها- في بعض الأحيان في حاجة إلى من يرفع وعيها بأهمية الآثار.. حينما نرى بعض المواقع التأريخية المهمة متروكة في العراء بلا حواجز أو علامات تدل على أهميتها التأريخية.. أو حينما نرى مواقع أثرية تستخدم في أغراض حكومية (سجن أم درمان مثلاً والبيوت المجاورة لبيت الخليفة) فإن ذلك يبرهن على أن الحكومة- نفسها- واحد من معاول هدم ثروتنا التأريخية الأثرية. نحن بلد عميق التأريخ.. (اسألوا الدكتور جعفر ميرغني).. في كل شبر من بلدنا حضارة.. بل حضارة فاقت حضارات عالمية كبرى تحتفي بها البشرية.. لكن- بكل أسف- هذا التأريخ ندوس عليه بالأقدام.. بل نبصق عيه بالحال الذي يطوق أثارنا التأريخية المنسية المهملة. على كل حال.. تابعوا حلقة التحقيق الجريء الذي تنشره "التيار" ابتداء من غد؛ ليدق ناقوس الخطر.. في وطن مشغول حتى النخاع بالمشاكسات السياسية. انتبهوا، آثارنا تنهب.. قبل فوات الأوان..!!
|
|
|
|
|
|