|
المهدي.. تحالف الهاربين من الجحيم - بقلم يوسف الجلال
|
هبوط اضطراري
تفكير الحكومة "الموتور"، وقراراتها المضطربة، جلبت مزيداً من الأضواء لزعيم حزب الأمة الصادق المهدي، وجعلته في دائرة اهتمام المجتمع الدولي، بعد أن غاب عن محيط تلك الدائرة التي كانت مغلقة على شخصيات سودانية مسلحة ومدنية، ليس من بينها إمام طائفة الأنصار.
لكن، بذكاء عُرف به، استثمر المهدي في أجواء الأزمة التي أفرزها حديثه الناقد لقوات الدعم السريع. وسريعاً بحث رجل حزب الأمة في الأدراج المنسية. وبحركة سينمائية، أخرج "الإمام" طاقية رئيس الوزراء، ونفض عنها الغبار، وطفق يرتديها في منفاه الإجباري، بعد أن فطن إمام طائفة الإنصار لضرورة تسويق نفسه في ثوب يلائم المتغيرات الجمة التي تسيدّت المشهد السياسي في الخرطوم. ويتواءم مع تحرك المياه من تحت عرش حكومة الإنقاذ.
خمّن المهدي أنه لابد من اللعب على المتناقضات التي حفل بها أداء المؤتمر الوطني، واستغل في ذلك حالة العُزلة الجديدة المفروضة على الحزب الحاكم، جراء عناده وانفراده بالسطلة. وانطلاقًا من كل هذا، طاف زعيم حزب الأمة القومي العواصم يمهر الاتفاقيات، ويُبشِّر بها في المحيط العربي والإفريقي، حتى بلغ عواصم لطالما أوصدت الباب في وجهه في سابقات السنوات. لكن أكبر ما قدمه صلف الحكومة للصادق المهدي، بعد أن حظرت عودته، ورهنتها بمثوله أمام المحاكم الجنائية، هو تداعي ممثلي ومناديب المجتمع الدولي في الشرق الأوسط إلى مجالس الرجل. وقطعًا هذه واحدة من أكبر الثمار التي جناها زعيم حزب الأمة، الذي لم يكن هدفاً دائمًا لزوار الخرطوم من عواصم أروبا وأمريكا. بل إنه لم يكن في محور اهتمام المبعوثين الرسميين إلى الخرطوم، إلا لمامًا، أو في حال استشكل الأمر بين الحكومة وأولئك المراسيل.
الآن يؤدي إمام الأنصار أدواراً في منفاه الإجباري، تبدو أكبر من تلك التي كان يقوم بها في الخرطوم، أيام كانت العلاقة بينه وبين المؤتمر الوطني لا تخلو من صفاء. ومعلوم أن الرجل يتحرك حاليًا بـ"ماكينة" رئيس الوزراء الشرعي. وليس أدل على ذلك من التوادد السياسي غير المنكور بينه وبين الفاعلين في المجتمع الدولي حالياً، وليس أدل على ذلك أيضاً، من توالي لقاءات الرجل مع نجوم الأسرة الدولية.
ثم إن المهدي يُوشك أن يتحوّل إلى مركز ثقل للمعارضة بشقيها المدني والمسلح، بعد أن تواثق مع الجبهة الثورية على (إعلان باريس)، وبعد أن مهر وثيقة (نداء السودان) مع قوى الإجماع الوطني والجبهة الثورية ومنظمات المجتمع المدني. وفي كلٍ، كان المهدي يُمسك بخيوط اللعبة، ويصنع لنفسه هالة لطالما حُرم منها بسبب مواقفه الموصوفة بانها تُقارب نظام الإنقاذ.
فربما أراد الرجل أن يؤكد أن الاعتقال، ومن بعده الحرمان من دخول الخرطوم، قد طهّره، ومنحه شهادة براءة من تهمة موالاة النظام التي كانت تحوم حوله بشدة، وتطارده في حله وترحاله، بل إنها ظلت تطوّقه حتى في عز صدامه مع النظام، وذلك لأسباب أبرزها تقريبه لمن يُحسبون على الحكومة من رجالات حزب الأمة، بجانب مباركته لتسنم ابنه "عبد الرحمن" للمنصب الرفيع في حكومة انقلابيي الإنقاذ.
|
|
|
|
|
|