في اليوم العالمي لحقوق الانسان راجعت دفاتري القديمة لأجول في متاهة حقوق الانسان في السودان

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 04:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-11-2014, 03:00 AM

ايليا أرومي كوكو
<aايليا أرومي كوكو
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 398

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في اليوم العالمي لحقوق الانسان راجعت دفاتري القديمة لأجول في متاهة حقوق الانسان في السودان

    mailto:[email protected]@gmail.com


    وحدة السودان بين الممكن و المستحيل
    بقلم / ايليــــا أرومــي كــوكو
    mailto:[email protected]@hotmail.com
    الفصل الاول ( الوحدة السودانية الجاذبة )
    1 /الزعيم جون قرنق و الوحدة السودانية الجاذبة ... 2 / الزعيم جون قرنق و الوحدة السودانية الجاذبة ...
    3 / النائب الاول سلفاكير ( وعامين من الغياب ... ماذا تبقي من السودان الجديد )
    4 / رسالة مفتوحتة الي (السيد / النائب الاول لرئيس الجمهورية / سلفاكير ميارديت )

    مزيداً من الصبر لأجل الوطن ...

    5 / السيده / ربيكا (و عامين من غياب الاسد ... )

    6 / الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( 1 )

    7 / الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( 2 )

    8 / الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( 3 )

    9 / الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( 4 )

    10 / أليو أجانق

    هل يقتلون الحقيقة أيضاً ؟











    الفصل الثاني ( جبال النوبة او جنوب كردفان )



    11 / هل حقاً أدار الجنوبين ظهرهم

    لرفاقهم النوبة .. ؟

    12 / جنوب كردفان

    و غياب الارادة السياسية

    13 / جبال النوبة بين

    مد الحكومة و جزر الحركة الشعبية

    14 / جبال النوبة و التعايش في ظل

    الحرية و الحق و السلام

    15 / جبال النوبة ورؤية الضوء في نهاية النفق ..

    16 / جنوب كردفان و المهددات الامنية ..



    الفصل الثالث (السودان و المتناقضات )



    17 / السودان الانتخابات السودانية القادمة

    و محور عبد الرحيم حمدي

    دنقلا سنار كردفان

    18 / السودان يوافق بدخول القوات الدولية



    19 / الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني

    لمن تدق الطبول الحرب.!!

    20 /يجب ان لا تنهار حكومة الوحدة الوطنية السودانية



    21 / النخبة و الصفوة السودانية تحتفل

    بالذكري الثامنة لتصدير النفط السوداني

    23 / العلم السوداني

    لا يزال يرفرف عالياً في جنوبنا الحبيب

    23 الكهنة والشعب في ميانمار و ثورتهم الصفراء.. !

    الفصل الرابع ( موضيع ساسيه مختلفه )

    24 / لهجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 م

    25 / البابا يوحنا بولس الثاني رجل حوار الاديان

    26 / الاستحقاق الرئاسي اللبناني .. ؟

    اللفصل الخامس ( قصص قصيره وشعر )

    27 / يوم في حياة أمرأة من جبال النوبة ..

    28 / الملكية العمرية

    29 / سودري مدينتي

    30 / مصرع كلالو بالطرنقع

    31 / قصة الميلاد العجيب

    32 / ميدان مصطفي محمود

    33 / هيبان ( قصيده نثريه )

    34 /التحدي ( شعر )

    الفصل السادس ( بعض المشاركات في البي بي سي العربيه )









    وحدة السودان

    بين الممكن و المستحيل



    لقد بدأ السودانيين الحديث عن انفصال جنوب السودان مبكراً .. كأن السودانين يهيئون انفسهم من الان للانفصال و يمرنون أنفسهم للتعايش معه .. و اليوم صار اكثر المتفاءلين يرددون قائلين انفصال و عيش في سلام أفضل من وحدة و حرب و قتال .. أن الجميع سئم الحرب و لا احد يريدن او يتنمي للسودان حرباً جديداً بين الشمال و الجنوب .. اذ بات الجميع مقتنعين بعدم جدواها و مدركين لفداحتها .. ان السودانين بحاجة الي مراجعة مواقفهم و التفكير في أمر هذا الوطن بأفق أرحب .. و العمل بجدية لتحقيق الوحدة السودانية الجاذبة .. تلك الوحدة التي عمل ناضل و كافح من أجلها جون قرنق .. فما هي الوحدة السودانية الجاذبة بحسب ...







    الزعيم جون قرنق

    و الوحدة السودانية الجاذبة ... 1

    ********

    احياءاً لذكري رحيل الدكتور جون قرنق الاولي اضاءت الحركة الشعبية التحرير السودان الشموع باستاد المريخ بأدرمان ... و كان الاحتفال الذكري الاول و اضاءة شموع المحبة لفتتهً بارعة جداً .. و قد حققت الحركة خلالها و اعادت بعض جسور التواصل بين الجنوب و الشمال ... تلك التي خربت في يومي الاثنين و الثلاثاء الاسودين من بعد رحيل الزعيم التاريخي ... و رمزت الشموع الي الامل الذي ما زال للشعب السوداني يعشم فيه رغم التداعيات ... كما رمزت االمحبة الي امكانية نسيان الماضي بالتسامح و المغفرة الي المستقبل المشترك ...

    و جاءت الذكري الثانية بعكس الاولي تماماً .. كان الحضور أقل و كان الحماسة باردةً و كان الشعار فارغ من الدلالات الرمزية للذكري بالرغم من المضمون الذي حمله .. زراعة مليون شجرة في الخرطوم ليس بالعمل السهل .. و هو جهد مقدرستنال منها الحركة الشعبية الثناء من والي الخرطوم و الذين سيتظللون بظلها ... جاءت الذكري الثانية فاترة جداً كالفتور الذي اصاب الشريكين في حكومة الوحدة الوطنية ... فالشركاء و بعد عامين فقط من عمر حكومة الوحدة الوطنية صاروا اكثر تباعداً و اخلافاً ... بعد عامين من غياب الزعيم و القائد الدكتور جون قرنق عادت الخرطوم الي عادتها القديمة تضيق بالاخرين و لا تحتمل الاخر ... و كنت أخشي علي الحركة الشعبية شريكة المؤتمر الوطني ان تقيم احتفالات الذكري الثانية في جوبا عاصمة جنوب السودان عوضاً عن الخرطوم عاصمة السودان ...

    كما ان اعتكاف و اعتصام النائب الاول لرئيس الجمهورية بجوبا لا ينبي بخير ابداً ... لان المكان و المقرالرئيسي لعمل النائب الاول لرئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت هو القصر الجمهوري بجوار مكتب السيد رئيس الجمهورية عمر حسن احمد البشير ... و مهما عظم الخلاف و اشتد الاختلاف فأن قرب المسافة و ليس بعدها هي الافضل لبحث الحلول و تقريب وجهات النظر ... ان وجد النائب الاول المتواصل في جوبا لا يطمئن الكثيرين من الحادبين علي وحدة السودان ابداً .. كما انها تشجع و تحفز الذين يعملون ضد جاذبية الوحدة ليل نهار ... كما ان هذا البعد الدائم قد اسهم كثيراً جداً في شل و تراجع مشروع السودان الجديد ... لان مكان انطلاقة و ادارة مشروع السودان الجديد هو الخرطوم و ليس جوبا .... و لا نريد للسيد حاكم الجنوب ان يهمل العمل الكبير الذي ينتظره في ولايات الجنوب و هو عمل يتطلب وجوده شبه المستمر ... و ذلك لان ولايات الجنوب كانت الاكثر ضرراً في الحرب خلال الاكثر من عشرين عام .. فهل سيوفق السيد النائب الاول في ترتيب الاولويات و جدولة الاقامة بين الخرطوم و جوبا .. لان وجوده في الخرطوم هو واحد من متطلبات الوحدة الجاذبة و السودان الجديد .. و الوحدة و السودان الجديد هي خلاصة الكفاح و النضال الذي خاضه الدكتور جون قرنق الذي تحتفل الحركة الشعبية لتحرير السودان بذكري رحيله الثاني.. السودان الجديد هو السودان الذي يمتد من حلفا الي نمولي و من الجنينة الي طوكر ... هذا هو السودان الجديد الذي نأمل من النائب الاول لرئيس الجمهورية ان يضعه في حدقات عيونه و ان يعمل علي جعله واقعاً مهما كانت التحديات ... في نري السيد سلفا كير قريباً وهو يدشن لهذا السودان الجديد بكسر الحاجز و القيام بزيارات الي كل ولايات السودان الشمالية كنائب اول لرئيس الجمهورية و مرشح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة كما أعلن عن ذلك بندينة كادقلي مؤخراً ... نأمل ذلك و كلنا أمل في ان لا يتراجع مشروع السودان الجديد الي ما وراء خط 1 / 1/ 1956م ميلاديه ................

    لقد اختلف الناس كثيراً حول شخصية الدكتور جون قرنق ديميبور أتيم في اوقات مختلفة .. كما اختلف معه اقرب الاقربين اليه من قادة اركانه ... فقد تركه البعض من الرفاق ليتحالفوا مع خصومه الي الابد .. كما تركه أخرين حيناً من الدهر و لكنهم عادوا اليه بعد حين .. و ليس ببعيد عن المتابع للحركة الشعبية لتحرير السودان و قائدها الدكتور جون قرنق كثرة الا ختلافات بل و الانشقاقات التي لازمت حركته منذ بزوغ فجرها الباكر.. و من اشهرها اختلافه مع القائد كاربينو كوانين الذي يعد من أبرز المؤسسين للحركة الشعبية علي الاطلاق .. فهو القائد الاول الذي قاد الحركة اولاً في توريت .. و حتي لا نذهب بعيداً فاحدث الاختلافات في مشوار الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق هي الاختلاف الاخير اثناء المفاوضات التي قادها اولاً القائد سلفا ... و من ثم امسك الزعيم بنفسه ملف تلك المفاوضات ... و قد الاختلاف بينه و نائبه سلفاكير ميارديت .. و هو الاختلاف الاخطر في عمر الحركة المناضلة من حيث التوقيت و الفرصة التي كان ينتظرها الخصوم بفارق الصبر .. كان المناويين للحركة الشعبية يقومون بتسريبها و نقلها اولاً بأول و من وقت لاخر لشق صف الحركة الشعبية من اعلي قمة هرمها و من ثم اضعاف موقفها في المفاوضات .. و تلك كانت هي الاختلافات التي تمناها خصوم الحركة الشعبية لتحرير السودان و بنوا عليها استراتيجياتهم في التفاوض و الحوار.. و هي الاسترانيجية القائمة علي تحقيق ا لانتصار المبدئي علي الحركة بأختراق صوفها الداخلية و من ثم تفكيكها و هدم بنيانها و دك حصونها المنيعة و من خلال هز و قوائمها و اعمدتها الصلبة ..

    هذا الرجل الذي اختلف معه الموالين هو نفسه الرجل الذي تحالف معه ألد الاعداء و أشرس الخصوم علي الاطلاق من حيث الطرح النظري و الفكري .. و الا فما هو التفسير المنطقي لتوقيعه لمذكرة التفاهم مع الشيخ الدكتور حسن عبدالله الترابي ... و الترابي معروف ب،ه عراب ثورة الانقاذ الوطني و هو صاحب مشروع البرنامج الاسلامي الحضاري في السودان ... و هو البرنامج الذي يستهدف بالدرجة الاولي مشروع السودان الجديد الذي يتبناه الحركة الشعبية و ينادي بها قائدها الدكتور جون قرنق .. لقد قام الشيخ الترابي من خلال المشروع الحضاري بتجنيدو عسكرة كل الشعب السوداني حتي المسيحين منهم .. و شكل منهم ألوية الجهاد المقاتلة لمحاربة الحركة الشعبية لتحرير السودان و تحقيق النصر للاسلام و المسلمين و الانقضاض علي المسيحية و المسيحين ولو بالمسيحين انفسهم .. عمل الترابي و جماعته علي ابراز و اظهار الحرب في السودان علي انها حرب ديني بين المسلمين و المسيحين مدغدغاً بذلك العواطف الدينية لتدعيم مشروعه الحضاري .. و بالرغم من قناعة السودانين جميعاً بأن الحرب السودانية ليست بحرب دينية او عرقية و قبليه او اي اسم مذهب و طائفي اخر .. بالرغم من علم الجميع بان الحرب في السودان هو حرب علي الظلم و الاستعلاء الطبقي و سيادة المركز علي الاطراف السودانية الاخري...

    اخرين كثيرين كانوا مع الرجل جون قرنق و اختلفوا معه لدرجة الخصومة و الافتراق و من ثم انقلبوا عليه حرباً و اقتتالاً مقوين صفوف خصومه و اعدائه .. و لكن غالبيتهم أدركوا في نهاية مطافهم بأنهم كانوا في عجلة من أمرهم و قرارهم فعادوا اليه بعد ان تأكدوا من النهايات الحزينة بأنفسهم .. و كل من تفاوضوا معه احترموه و اشادوا به و قدروا اطروحاته و قضاياه و مطالبه الشرعية التي ظل يحارب لاجلها و يقاتل .. و قد اشاد به السيد/ عمر حسن احمد البشير عندما التقي به في يوغندا .. كما اشاد به الاستاذ علي عثمان محمد طه بعد ان جلس اليه لايام امتدت الي الشهور .. و قد اثمر التقارب بين الرجلين ليس فقط بأتفاق نيفاشا بل توطدت الي صداقات اسرية حميمة .. و كل من جلس اليه اقتنع به و اراده شريكاً قوياً لبرنامجه و قد سبقهم في ذلك جميعا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي و مرشد الطائفة الختمية .. و كل يذكر اتفاقية اديس ابابا للسلام الذي وقعه قرنق و الميرغي في العام 1988م .. و قد و قف الشعب السوداني كله مع هذا الاتفاق عندما رفضه الجبهة الاسلامية بقيادة الترابي الامين العام للجبهة الاسلامية القومية ... بينما استخف بها و احتفرها صهره الصادق المهدي رئيس الوزراء في الديمقراطية الثالثة و الاخيرة في السودان ...

    و قد رأينا جميعنا و بأم أعيننا كيف كانت أمال الشعب السوداني معلقة بهذا الرجل عندما تقاطروا و تسابقوا الي استقباله في الساحة الخضراء في قلب الخرطوم عاصمة السودان ... كما شهدنا كلنا و عشنا معاً مدي الحزني و الاسي الذي وصل درجته بالعض الي الهستيريا وفقدنا السيطرة الي حد الجنوح و الجنون ساعة اذاعة و اعلان خبر رحيله المفاجيئ .. كان الكثيرين يرون فيه شخصياً المخلص و المنقذ للحالة السودانية الراهنة و بالغ البعض في توقعاتهم اذ صوروا شخصيته في مخيلتهم و اعطوه صورة صاحب العصا السحرية و انتظروا لحظة مجيئة و رفع العصا لتحل جميع مشاكل السودان الشائكة و المزمنة .... جعله البعض مهدي السودان المنتظر الذي يأتي بعد كل مئة عام ليصلح حال البلاد و يقوم أمر العباد بعد ان فسدها السلطان و سيسها بالظلم و الطغيان ..

    و كما حزن الكثيرين من السودانيين بموت جون قرنق و رحيله فهناك البعض من الذين فرحوا بهذا الموت و سرهم غيابه عن الساحة لتخلو لهم ... هناك من عبروا عن فرحتهم بأطلاق الاعيرة النارية في الهواء تعبيراً عن بهجتهم و سرورهم .. و يبقي دائماً ان لكل قاعدة شواذ فلنحسبهم شواذاً و هم كذلك لان الموت الذي هو نهاية كل حي لا يعقل ان يشمت فيه بأي حال من الاحوال ...

    فحتي الذين كانوا يبدون سخطهم علي الرجل و لم يجدوا له العذر او المبررالكافي للتمرد و خوض الحرب بتلك الشراسة تغيرت نظرتهم له و عنه تماماً منذ الوهلة الاولي عندما وطئت قدميه أرض مطار الخرطوم الدولي ..و نذكر جميعنا ما خاض الالة الاعلامية السودانية في السابق من حربً عشواء ضد الرجل فأظهره التلفزيون القومي السوداني سفاكاً و مصاصاً للدماء و قاتلاً للابرياء و الاطفال ... و هكذا دأب كل الاعلامي السوداني الرسمي و الغير رسمي عكس هذا النمط و النظرة السلبية عن الرجل .. الا انها جميعها أي الاعلام تغيرت بمجيئه و ها هي تصوره لنا و تتباهي به بطلاً من ابطال السلام و ابناً من ابناء السودان البارين الشرفاء ... هذه هي الصورة الجديدة و الايجابية التي ستنطبع في ذهن و قلب الشعب السوداني عن شخصية الدكتور جون فرنق ديمبيور أتيم .. و قد رشحه البعض لنيل جائزة نوبل للسلام ... و هو يستحقها عن جدارة و بأمتياز لو لا رحيله المبكر .. لان من أهم شروط نيل هذه الجائزة هو ان يكون المرشح لها علي قيد الحياة ...

    دعك من نوبل و جائزته لان التاريخ الدولي و العالمي سطر بأحرف من النور في سجل دور قرنق حرباً و سلماً .. و قد دخل قرنق سجل الرجال العظماء من الذين سطروا بدمائهم أسمي معاني الشجاعة و النضال و الكفاح لنصرة قضايا الشعوب المستضعفه علي مر العصور ليس في السودان فقط بل كل افريقيا و سائر بلدان العالم التي تتشابه فيها الانظمة الظالمة .. سيدون اسم الزعيم جون قرنق في تلك القائمة التي تحتوي علي اسماء المهاتما غاندي و مانديلا و لوثر كيج و عمر المختار و بن بيلا و الكثرين من شرفاء العالم القديم و المعاصر الذين لا يسعهم هذا المجال لكنهم خالدين في قلوب شعبهم بما قدموا و وهبوبوا لاوطانهم و شعوبهم للعالم اجمع ...........

















    الزعيم جون قرنق

    و الوحدة السودانية الجاذبة ... 2

    ***************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    كان الحلم بالسودان الجديد حلماً حلواً جميلاً عشعش في خاطر الفتي الابنوسي منذ صباه الباكر ... و كان السودان الجديد فكرة تنمو و تكبر في مخيلة ابن الدينكا كما كان ينمو هو روحاً و جسداً و بدنا ... و قتها كان السودان في بداية فجر الاستقلال .. لم يكن استقلال السودان الذي تم انذاك هو الاستقلال الذي حلم به السواد الاعظم من الشعب السوداني ... كما لم يكن استقلال 1 / 1/ 1956 م بحجم الطموحات و التطلعات و الامنيات الكبيرة لدي اغلب الشعب السوداني و بالاخص الاطراف البعيد التي لم تذق طعم هذا الاستقلال كما لم تحس به ... لم يجد صبي الدينكا في هذا الاستقلال ما سيحقق أماله العراض ... و قتها و هو في طفولته الباكرة كان الاستعمار لم يزل يجثم بثقله و رعونته علي صدر الشعب السوداني ... و كانت حركات التحرر في افريقيا و اسيا في اوج ثوراتها تنادي شعوبها لمناهضة الاستعمار و الثورة ضد الرجل الابيض الذي استعبدهم و هيمن علي اوطانهم و استغل موارد بلادهم لصالحه ....

    كان جيمي كنياتا في كينيا ، و باتريس لوممبا في غرب افريقيا ، و المعلم العظيم جوليوس نايريري في تنجانيقا و تنزانيا بشرق افريقيا .. كما كان اديب افريقيا الشاعر الكبير الرصين صاحب كلمة الحرية في افريقيا ستغور بالسنغال .. ايام الابطال الكبار جمال عبد الناصر في شمال افريقيا بمصرفي ذلك العهد الاول كان نهرو و غاندي بالهند العظيمة و باندوق [اندنوسيا التي تغني بها فنان السودان الكبير عبد الكريم الكابلي اغنيته الشهيرة اسيا و افريقيا .. و كانت باندوق نقطة الانطلاقة الاولي لدول عدم الانحياز و من هناك انطلقت الشرارة الاولي لحركات التحريرالتي اشعلها ثوار كثر في اسياء و افريقيا لا يسع المجال لذكرهم و تضيق بهم هذه المساحة كما ان الذاكرة الضعيفة تخونني في هذه العجالة و ذكر اسماءهم و الثورات التي قاموا بها .. لكنهم جميعاً توحدوا في الاهداف العليا و الغايات العظمي و كانت الحرية هدف غالي ... و كان جلاء المستعمر عن الارض و الوطن غاية نبيلة و قد تحقق لهم جميعا ان يروا و يقطفوا ثمار الحرية و الاستقلال في اوطانهم ليسعدوا بثمار كفاحهم ....

    علي درب هولاء الابطال سلك و سار قائدنا و علي نهج هولاء الكبار العظماء ثبت اقدامه و علي أرض الحرية التي ساروا مشت اقدامه .... فرسم للوطن مستقبلاً من وحي فكره المستنير و رؤيته الثاقبة ... عبد الطريق القويم ليسير فيه الشعب بثات و ثقة و يقين لا يعرف الخضوع و اللين او الانكسار ... خاض لاجل ذلك الحروب بعزيمة قوية لانه كان يؤمن بأن بلوغ الغايات العظمي لا تتم بدون التضحيات الشجاعة و الاستبسالات التي لا تقهر يهزم . ..و كان صنديداً جسوراً و فارساً شهماً .. قهر الذات الانانية في نفسه ، و قتل شهوة النفس العمارة بالسوء في حياته كأنسان .. اعدم لذة الراحة الوقتية التي كانت تنتابه من وقت لاخر كما قاوم الاغراءات و المكاسب الشخصية التي قدمت له كثيراً فأسكت بذلك و اخرس كل الالسن التي كانت تطالبه بالخضوع و الاستسلام قبيل الوصول الي المرامي الكبري... كان يرفض كل انصاف الحلول التي طرحت و قدمت له فصبر و ثابرة حتي تتحقق له و لكل الشعب السوداني السلام الكامل الحقيقي الذي يقوم علي التنمية المتوازنة و القسمة العادلة للموارد و السلطة ...

    كان يقفز علي كل العثرات التي توضع امامه .. و كان يعبر كل الموانع و المتاريس و الحواجز التي تقابله قي طريق النصر .. تمكن من صعود كل الجبال الشوامخ و استطاع بمهارته ان يتسلقها جميعاً .. و لان الحلم بالسودان الجديد الذي ولد معه كان ينمو و يكبر بداخله لم تكن كل جبال الدنيا الطبيعية و البشرية بقادرة علي ان تعطله او توقفه دون الوصول مبتغاه .. و ا ن راهن البعض علي جبال الاماتونج فان رهانهم حتماً هو رهان خاسر لا ن حقيقة السودان الجديد قد قطع شوطاً بعيداً جداً في مداه النظري و الفكري و ها هو يتقدم المدي التطبيقي و التنفيذي .... و رغم كل شي سيصمود السودان الجديد متحدياً كل الصعاب و العثرات التي توضع في طريق التنفيذ ... ان رؤيتة و نظريته الفكرية بالنسبة للسودان الجديد قد تجاوز كل المراحل المرتبطه بشخصيته الفريدة الي فكر الجماعة و ايمانها به كمبدأ و هذا ما لا تستطيع كل الكوارث الطبعية العوامل البشرية من محوها او تعطيلها ......

    لم تكن كل المرارت و الدغائن و الاحقاد بقادرة علي هز شعرة واحدة من خصلات العزيمة و الاصرار و الارادة الصلبة التي عرفت فيه ... كما لم تكن للاعاصير و العواصف الهوجاء قدرة علي كسر البناء المتين الذي بناءه بساعديه القويتين و تخطيط فكره السليم الحكيم .... و ليس للتأمر من قوة الفاعلية لتعطيل مسيرة مشروع السودان الجديد ...

    و بقدرة الله التي لا تقهر و بعزيمة الرجال الابطال التي لا تلين استطاع ربان سفينتنا الماهر ان يصل بها الي بر الامان .. استطاع بتفوق و اقتدار و مهارة سيظل خصومه يحسدونه عليها كل عمرهم ما بقوا احيا علي الارض .... فبالرغم من الامواج العاتية و الانواء القاسية التي تقاذفت سفينة السودان الجديد بل قاربت في مرات كثيرة من تحطيمها و تدميرها و تحويلها الي ركام .... و بالرغم من جبال الجليد المتحركة في قلب المحيط الذي سلكه سفينة السودان الجديد و كل الصدمات المهولة التي هزت شراعها الا ان ايمان القائد و الربان بالوصول الي شاطيئ السلامة و الامان فاق العقل و الخيال ... و تلك هي الايمان التي تمكن بها من خوض كل البحار و المحيطات و جبال الجيلد الي المرسي و الميناء البر و الي شاطيئ الامان ..

    فهيهات لطائر الشؤم ان تكون قد نالت من الحلم بالسودان الجديد شيئاً ... لان الحلم لم يبق بعد حلماً .. فقد صار الحلم واقعاً و حقيقة لا تخطئها الاعين .. صار الحلم الذي حبلي به وولد في احراش جنوب سوداننا الحبيب عند ميلاد بطلنا واقعاً و حقيقة تمشي بأرجلها بين الناس ... صارت البشارة الاولي التي زفت بميلاد صبيي الدينكا فأل جميل و أضحت صرخاته الاولي في لحظة خروجه من رحمه امه بمثابة نباءاً لاعلان عهد جديد لسودان جديد لم يزل في المهد صبياً .. و غدت زغاريد نساء الدينكا امهات ربيكا لحن بطولياً ستردد جبال الاماتونج الشماء صدي سمقونيتها الخالدة بطول الحياة ... و صدي هذا اللحن الشجي ستتغني به الصبايا الحسنوات كلما عزفت موسيقي النصر السرمدي ترنيمة ابدية تخلد هذا البطل الهمام و تذكر الاجيال بالسودان الجديد ...

    قيا ايها الحلم الجميل كبف صرت فينا واقعاً معاشاً ... و يا حلم الاجداد و الاباء الشرفاء يا حلم كل الذين ساروا علي درب النضال و الكفاح يا ايها الحلم الذي سطره الشهداء بدمائهم كيف صرت حقيقة بين البشر تسير بين العالمين ... ايها التاريخ المكتوب و المنقوش علي جدار الزمن بدماء الابناء الشهداء ستظل رمزاً للكفاح و النضال ليقراءك الاجيال القادمة جيلاً من بعد جيل ... ويا ايها الحاضر المسربل بالكأبة و الاحزان و المأسي يا ايام الالام و الدموع و الاحزان الباقية ، ها هو القدر قد سطر للسودان ...

    فجر المسرة و الافراح سوف لم نستطيع ان نعيشها من بعد تراجيديا الحروب و الدماء و الدموع ... فيا ايتها الايام السود متي ترحلين عن السودان فلم نعد نطيقك ابداً ...

    ان فجر سوداننا الجديد جاء شاء البغاة الحاقدين ام ابوا ها هو فجر سوداننا الجديد قد أطل علي ارض وطننا رضي القدر بذلك ام رفض ....فها هو المستقبل المشرق بالامال الواعد بالنماء و الرخاء و الازدهار يدق علي ابواب بلادي فلا تدعوا عدوا الخير ان يغلق ابواب الغد في وجوهكم ... لا تدعوا لصوص الاحلام ان يسرقوا البمسة من شفاه الاطفال الحالمين بأعياد السلام في كل ارجاء الوطن الكبير...

    ان كل الجبال العالية التي كانت تقف في طريق السلام ازيلت .. عندما زرع شهيدنا شجرة الحب و السلام في الساحة الخضراء بقدومه .. كان حضور الشعب السوداني الكثيف بكل الوان طيفه الي هناك استفناءاً و بيعة للسلام و ترحيباً بمقدم السودان الجديد .. كما كان احتشاد الجمهور المنقطع النظير الذي قدر بسته مليون فرد من الذين خرجوا لاستقبال رجل السلام العظيم خير دليل يعبر عن الحب الكبير و العشق للسلام و قائد السلام .. كل شي كان جميلاً منسقاً و مدهشاً ... فأسر الزعيم الصمت لان الموقف و المشهد كان افصح و ابلغ من كل بلاغة و بيان .. و عندما خاطب الزعيم شعبه بلغة الوجدان كان الشعب راضياً و فرحاً و ممتناً بالقائد الجسور ..

    لوح القائد للشعب بكلتا يديه فحلقت روحه لتعانق افئدة الحاضرين و المشاهدين .. فهل كان قائدنا يعلم بأنه في لحظة من لحظات الاستقبال و الوداع معاً .. هل كان يقول في صمت شكراً جزيلاً لمن احبهم و اخلص و تفاني في اخلاص الحب و الود لهم .. واعداً بتقديم باقي العمر مهراً لهذا الحب الخالد لشعب يستحق الحب حتي الموت لان من الحب ما قتل ...

    لقد سعي القائد لاجل احبائه السعي الحسن ... عمل لاجلهم و قد اكمل العمل و اتمه ، أتم القائد كل العمل الذي خطط له بدقة و باقتدار و امتياز يحسد عليه ....... أحضر القائد الوديعة و الامانة العظيمة و سلمها للشعب لحظة تكريمهم له و لحظة وداعه لهم .. فبينما كل الشعب يستقبل بلهفة و شوق كان القائد ويودع الشعب الوداع الاخير و كانم وداعه وداع الواثق بنهاية المرحلة ز الرحلة معاً .... كانت الامانة التي سلمها القائد للشعب حلماً جميلاً ها هو قد جسدها امامهم واقعاً و حقيقةً .. كان الناس يحلمون بالحرية و العدل و المساواة بينهم بلا تميز بين عرق او دين او ثقافة او قبيله و عشيرة ... كان حلمهم هو العيش و الحياة بكرامة و عزة في وطنهم الواحد المتحد ... و الحياة الكريمة في الوطن كان لحماً لكثيرين و قد وجدوا في مشروع السودان الجديد كل الاماني و المضامين و القيم ... معني و مفهوم ان يكون الكل اسوياء و انداد و شركاء في هذا السودان الجديد من غير منَِ و لا اذي ..

    و قد استلم الشعب الوديعة كاملة غير منقوصة من يدي القائد العظيم .. فأستراح بذلك القائد من عبء حمل الامانة علي اكتافه لاكثر من اثنين و عشرين عاماً قضاها في الحل و الترحال لاجلهم ... اثنين و عشرين سنة لم يسترح فيها القائد سوي اثنين و عشرين يوماً قضاها في القصر الجمهوري بالخرطوم ... و كانت تلك الاثنين و العشرين يوم هي الايام الاخيرة له هنا في الارض و التي اشرنا اليها بأنها هي الايام التي استراح فيها .. و كانت راحته هي الراحة المعروفة عندنا في السودان براحة بخيت ... و راحة بخيت في المثل الشعبي السوداني هو راحة يعطي لصاحبها بأضافة العمل و الاعباء لانهم عندما ارادوا الراحة لبخيت جعلوا فتالاً للحبال ... في الايام الاولي القليلة التي مكث فيها في القصر الجمهوري داعبه ذات يوم المشير عمر البشير بعد ان راه منهمكاً في عمله يستقبل هذا و يودع ذاك .. وفود تدخل اليه و اخري تنتظر دورها و القائمة طويلة ... داعب البشير نائبه الاول قائلاً ان العمل في القصر الجمهوري أصعب من العمل في الغابة .... فرد عليه النائب الاول قرنق بروحه المرحة قائلاً فلماذا لا نستبدل المواقع أبقي انا في القصر و تذهب انت الي الغابة ... و لكنه عندما عاد عودته الاخيرة الي الغابة ابتلعته الغابة التي ألفها و سبر اغورها لاكثر من اثنين و عشرين عاماً ... ابتلعته الغابة و اخفته في جوفها لانها كانت تخاف عليه من ان يبتلعه القصر ....

    ورجع الاسد الي الغابة و سوف لن يعود ايضاً الي القصر الجمهوري ... لم يعد الضرغام الي الغابة هذه المرة حباً و عشقاً للعرين .. و سوف لن يرجع الي القصر ليس لانه كره حياة القصور بسبب الممل و الرتابة او التعب و الكلل ... سوف لن يعود الزعيم البطل الي القصر مرة ثانية .. ذلك لانه ذاهب الي غابة ليست كغابات الجنوب التي لا ننكر سحر طبيعتها و روعة جمالها .. و الانسان في الغابات الجميلة قد لا يخشي او يخاف علي حياته من ان يفترسه وحش كاسر كما يخاف و هو يقطن القصور الرياسية التي لا تخلو من الغدر و المكر و الخيانة و سحق الارواح و سحلها ... فحياة القصور فيها ايضاً الحذر و الخوف و التوجس لا نها محاطة بالاغتيالات و الانقلابات و التصفيات الجسدية و مؤامرات افظع و افتك من مؤامرات الغابات ...

    ذهب قائدنا الي الغابة الابدية حيث ترقد الذئاب الخاطفة بجوار الحملان الوديعة دون ان تخدشها او تمسها بسوء او تصيبها بأذي ... ذهب زعيمنا الي تلك القصور التي لا يهاب فيها ساكنوها من غدر الخلان و الاصحاب لا تربص الخصوم و الاعداء ... و هناك في تلك القصور ستستريح روحه راحتها الابدية في انتظار يوم الرب الذي سيقول له عند مجيئه ادخل الي الراحة الابدية ايها العبد الصالح الامين البار ... كنت اميناً في القليل فأقيمك علي الكثير ..

    ان تلك الايام القليلة التي قضاها الزعيم في القصر كانت كما اسلفنا هي ايامه الختامية و كالعارف بالنهاية التي كانت تنتظره في رحلته الاخيرة ... فقد قضي تلك الايام في عمل دؤب متواصل كما تعمل النمل في وقت الحصاد .. لا بل عمل بنشاط و اجتهاد و همة كما تعمل ملكة النحل في الربيع ... و قد انجز القائد كل المهام التي كانت تتطلب وجوده و قف القائد علي كل التفاصيل النهائية كما اراد لها ان تكون ... وضع النقاط علي كل الحروف .. و عندما غادر القصر كان يدرك بأن ما فعله خلال تلك الفترة القليلة بالقصر كافي جداً حتي يسير علي خطاها الناس من بعده .. ( فطوبي لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون ) فالسلام الذي أرسي قواعدها الدكتور جون قرنق ديمبيور هو السلام الموصوف بالقول الالهي ( سلام الله الذي يفوق كل عقل ) و هذا السلام هو السلام الذي يحفظ بلادنا و وطننا السودان من كل شر و شبه شر من الان و الي الابد .. سلام الله الذي يربط البشر في وحدة اساسها المحبة و العدالة .. الوحدة التي سيحرسها التنمية الشاملة و الازدهار و العمران في كل السودان ..

    الابيض

    31 / 8 / 2005م

    النائب الاول سلفاكير

    وعامين من الغياب ... ماذا تبقي من السودان الجديد

    ********************

    عندما دخل الدكتور جون قرنق الي القصر الجمهوري لاول مرة نائباً اولاً لرئيس الجمهوريه بحسب اتفاقية نيفاشا التي أعطت النائب الاول من الصلاحيات الكاملة و القوة الناقذة كتلك التي توازي صلاحيات و قوة نفوذ رئيس الجمهورية .. دخل السيد جون فرنق الي دهاليز القصر الجمهوري و قوة الاتفاقية التي فاوض فيها و عمل علي تحرير نصوصها و من ثم التوقيع عليها .. دخل الي القصر الجمهوري و تلك القوة تأزره و تسانده و تقف من خلفه و امامه و فوقه ... و بجلوسه علي كرسي النائب الاول بالقصر الجمهوري ملئ الرجل الكرسي وزاد وفاض واتخذ المكان و اوجد فيه لوناً و مذاقاً و رائحة جديداً ... اذ دب روح التغيير في القصر الجمهوري كما دب في جسد السياسة السودانية نشاط و همة لم تكن مألوفة من قبل .. هبت في كل الشارع السوداني رياح التغيير الحقيقة اذ تنسم الشعب هواء اً سينعش كاهل الانسان السوداني اقتصادياً و اجتماعيا و سياسياً .. تفأل الجميع بأن تغيراً و خيراً سيحلان علي السودان ... و ان سنين القحط و الفقر و العوز ستغادر السودان سريعاً بلا رجعه ...

    و أتت الرياح كما قلنا بما لا يشتهي الشعب السوداني اذ رحل ألامل سريعاً و لا يزال السنين المرة تجثم فوق صدر الشعب السوداني ... دخل السيد جون قرنق القصر الجمهور بالهتافات و الافراح و البشريات تغمر كل القلوب الظمي و العطشي التي التغير الايجابي .. رحل سريعاً و فرح الاستقبال لا يزال حاراً و حاضراً .. ليدوي في كل رب بلادناالسودان صوت البكاء و النوح و العويل و الاحزان من جديد ... كأن القدر كان واقفاً لنا بالمرصاد ليمد يد و يخطف الامل من بين ايدينا ....

    و قد رثيت فقيدنا العظيم عبر السطور كما رثاه الكثيرين شعراً و ونثرا و كم من كتب و مقالات كتبت فيه تذكر بما قدم لشعبه .. و كم هي المنتديات و الندوات التي اقيمت علي مستوي دول العالم المحبة للسلام و للشعب السوداني و لشخصية جون قرنق الفريدة العظيمة النادرة .. و لم يغب الامل كله برحيل جون قرنق و موته و في يوم التشييع حدقنا بعيونا و دققنا النظر جيداً في خليفته .. و قد جمعنا ما تبقي لنا من أمال و أماني و اشواق و القيناها جميعاً علي عاتق الرجل الذي وثق فيه الدكتور جون قرنق و اختاره رفاقه من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان لينوب عنهم في شغل مكان قائدهم التاريخي .. و السطور ادناه هي بعض أمالي و أماني الكثيرين سطرتها بيراعي في يوم تشييع الراحل جون قرنق تعبيراً عن ما كنت أرجوه في النائب الاول لرئيس السودان ..

    الفريق الاول/ سلفا كير ميارديت

    *********

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    في جولته الاخيرة الي جنوب السودان كان القائد جون قرنق حريصأ علي ترتيب كل شي . او بالاحري كان مجتهداً في العمل لترتيب البيت الجنوبي من الداخل . و قد رأيناه و شاهدناه يتكلم كما يتكلم الرجل الحكيم الذي يرقد علي فراش الموت .. فالعظماء او الحمكاء لا يموتون كسائر بني البشر .. و قد شهد السيد ياسرسيعد عرمان عن موت جون قرنق الغير عادي بقوله ( لقد مات جون قرنق كما يموت الابطال في الاساطير الاغريقية ) فالابطال في الاساطير الرومانية كانوا يعدون العدة لانتقالهم و رحيلهم و موتهم ... أنهم يحسبون للموت الف حساب ، يجهزون قبورهم في المكان الذي يرونه مناسباً و يصممون توابتهم بالمواصفات الي يرونها بأنفسهم .. و يجهزون كذلك كل ما يلزمهم من المقتنيات .. و استطيع ان اقول بان قرنق مات كما يموت الرجال الكبار من حكماء افريقيا ... فالحكيم الافريقي الكبير لا يموت هكذا بالصدفه كسائر الناس العاديين بل يستشعر الموت و دنو الاجل بالحاسة السابعة ان جاز لي ان أسمي الاحساس بالموت الحاسة السابعة .. و عندما يحس الكهل الافريقي بدنو الاجل فهو يدعو أهل بيته من الابناء و الاقارب و الاصحاب الفربين و البعيدين .. و يحرص البعيدين و بالحضور و يخفون بالمجيئ مسرعين الي حيث كبيرهم الراقد ... يفعل ذلك و الروح تصارع الجسد و الجميع يلتفون حوله حرصاً لسماع كلامه ووصاياه الاخيرة و في ذلك المحضر يختار الرجل خليفته من بين الحاضرين حتي يكون الجميع شهوداً علي انتقال زعامة القبيلة و العشيرة و الاسرة ..فيعطي الجميع البيعة و يمين الولاء للخليفة الجديد ... يحرص الزعماء علي توجيه النصائح و اعطاء الوصايا الاخيرة شفاهة و علي مسمع الجميع .. فهم بذلك يطمئنون علي كل شيئ قبيل الرحيل ، و عندما يتفوهون بوصاياهم الاخيرة من الوصايا يسلمون الروح الي باريها و يرقدون بسلام و ينضمون الي الاباء و الاجداد .. و هذا هو سر كرنفالات الفرح و الابتهاج والاناشد و الغناء واللعب و الرقص عند الاقارقة عندما يموت كبارهم ...

    لقد أعد القائد جون قرنق نائبه سلفاكير ميارديت اعداداً كاملاً لتولي المهام الصعبة و قيادة سفينة الحركة الشعبية لتحرير السودان من بعده لا قدر الله .. بل حرص الزعيم جون قرنق علي توزيع المهام و المسئوليات علي رجاله بدقة فائقة .. و قد سهل هذا كثيراً في شغلهم السريع للفراغ الكبير الذي تركه و خلفه بموته و رحيله المفاجيئ .. و الايام وحدها هي التي ستكذب الذين يشككون في قدرة سلفاكير علي شغل و ملئ الكراسي التي شغرت بعد رحيل جون قرنق .. و علي سلفاكير ان يثبت للجميع بأنه ليس فقط رجل الحركة الشعبية لتحرير السودان في المرحلة القادمة.. بل بل لن يثبت بأن رجل دولة من الدرجة الاولي قادر علي قيادتها في أي مرحلة من المراحل متي أقتضت الضرورة لذلك .. و المرحلة القادمة هي المرحلة التي ستتخلي فيها الحركة الشعبية لتحرير عن السلاح و خوض المعارك و الحروب في الاحراش و الغابات الي مرحلة السلام و البناء و التعمير ... المرحلة القادمة هي المرحلة التي سيتحول فيها سلفا رجل الامن و الاستخبارات الي رجل الطرح الفكري بالحوار الموضوعي المقرون بالحجة .. هي المرحلة التي سيكون فيها سلفا كير رجل السياسة المتطلع الي قيادة كل الشعب السوداني دولة السلام و الحرية و الوحدة و الديقراطية .. و ستتحول الحركة الشعبية بقيادة سلفا كير من حركة جنوبية متمردة مقاتلة الي حزب سياسي كبيريعد نفسه و يبني ذاته و قدراته للاستحقاق الذي سيتم عبر صناديق الانتخابات التي ستقام بعد ثلاث او اربعة اعوام من الان بمشيئة الرب ..........

    و امام سلفاكير تحديات كثيرة و صعبة جداً .. فامامه توحيد الصف الجنوبي عبر اكمال الحوار الجنوبي الجنوبي . و هذا هو أحدي أعتي التحديات الحقيقة التي واجهت الزعيم جون قرنق و استعصت عليه و هو في القصر الجمهوري نائباً اول لرئيس السودان .. و التحدي الكبير الاخر هو التحدي الذي طفح الي السطح برعونة عقب اعلان نبأ استشهاد الزعيم جون قرنق انه تحدي وحدة السودان و انفصاله .. لان يومي الاثنين و الثلاثاء الاول و الثاني من اغسطس أب هذين اليومين الاسودين و ضعتا السودان كلة أمام تحدي الوحدة ام الانفصال .. ان الشرخ الخطير الذي حدث في النسيج الاجتماعي السوداني جنوباً و شمالاً اعاد الي الاذهان سؤلاً كبيراً .. هذا السؤال كان الجميع يحبذ تجنبه و تركه او تحاشيه و عدم الخوض فيه قدر الامكان .. طفح الس السطح قبل موعد طرحه في الاستفتاء الذي سيتم بعد سته اعوام .. و هو الاستفتاء الذي سيحدد و يقرر فيه الاخوة في الجنوب وحدة السودان و انفصاله .. خلطت احداث الاثنين و الثلاثاء الاوراق كلها و جعلت الجميع في محك اسمه امكانيةو قدرة الشعب السوداني في العيش معاً كشعب واحد في وطن واحد هو هذا الوطن السودان بتاريخه و جغرافيته .. السودان الماضي و الحاضر و المستقبل في وحد ة مصير لارض و التراب و البشر ...

    أن سلفاكير هو رجل المرحلة القادمة و قد رأينا كيف تسارعت الفصائل الجنوبية المختلفة نحوه راكضة و مهرولة للنرحيب به .. لقد شاهدنا الفرحة بل الضحكة علي اسارير قائد قوات جنوب السودان اللواء باولينو ماتيب في لقائه الاول بسلفاكير عقب انتقال جون قرنق ... و رغم اختلاف الكثيرين حول القائد باولينو و الاسلوب التي يتبعها في فرض النفوذ و القوة التي توازي سلطات الدولة الرسمية و هيبتها . ذلك من خلال النحاكم الخاصة التي يتحكم فيها وسط الجنوبيين و التي يمتد الي ظهور الاخرين من غير الجنوبيين في احيان كثيرة .. لقد وضع القائد ماتيب كرة الحوار الجنوبي الجنوبي في مرمي النائب الاول سلفا . و كلنا يشهد بأن هذا الامر بالامس القريب كان من المستحيلات الاربعة مع الزعيم الكبير جون قرنق فقد كانت الخلافات و المساحة التي تفصل بين الرجلين قرنق و ماتيب شاسعة جداً ... هذه الخلافات ان تتلاشي تماماً بين ماتيب و سلفا منذ اللقاء الاول .. علي سلفا استثمار الوضع الجديد لدحض و تكذيب الفكرة و الفهم المتأصل في الذهن و العقل الباطني الشمالي الذي يقول باستحالة اتفاق الجنوبيين فيما بينهم .. هذه الفرضية المغذية بالمثل الذي يقول فرق تسد هي التي تغذي القبلية و عصبيتها في جنوب السودان و تعمل جاهدة علي تكريسها و ديمومتها في كل ارجاء السودان و اطرافة علي وجه الخصوص ..

    سيكون علي طاولة النائب الاول للرئيس و حاكم جنوب السودان برنامج عمل كبير بأنتظاره حتي يبت فيها فور جلوسه علي كرسيه بالقصر الجمهوري . لان جماهير الشعب السوداني من الذين بنوا أمالهم علي البرنامج الذي طرحته الحركة الشعبية من خلال منفستو السودان الجديد .. هذه الجماهير الجائعة سوف لن تنتظر طويلاً لانها بشوق عارم بل قل ان الجماهير في عجلة من أمرها لرؤية تلك الامال واقعاً في كسرة الخبز اليومي و في الداء و التعليم .. و علي سلفا كير الاسراع بترجمة النصوص المتفق عليها مع المؤتمر الوطني علي أرض الواقع .. و لا يعقل ان تظل تلك الاتفاقيات حبر علي ورق حبيسة الادراج و الدواليب الديوانية ... و في مقدمة تلك النصوص فك شفرة الفقر و العوز و الحرمان في السودان ...

    لقد بدأ البعض بالمنادة و المطالبة بأن تعيد الحركة الشعبية النظر في طرحها الخاص بالسودان الجديد .. هؤلاء هم الذين فرحوابرحيل الزعيم جون قرنق لانهم كانوا يظنون بأن الحركة الشعبية لتحرير السودان ستنهار و تزول بمجرد رحيل و موت جون قرنق رجل الحركة الشعبية لتحرير السودان الاول ناسين بذلك و متناسيين أن الحركة الشعبية لتحرير السودان مؤسسة و منظمة قائمة علي هيكل و بنيان تنظيمي قوي و متين ..و قد غاب ظنهم لان سلفاكير و رفاقه الشجعان تمكنوا من رص صفوفهم و اعادة الامور الي نصابها و تمكنوا من السير قدماً .. تمكن الرفاق من الامساك بزمام الامور السير قدماً و بسرعة في ذات الطريق الذي كانوا يسيرون فيه برفقة زعيمهم التاريخي البطل .. و بقاء الحركة الشعبية مرهون بعدم التراجع عن طرحها الخاص بالسودان الجديد ..

    أن الشعب السوداني في انتظار نقل المدن الي الريف و القري ، و بالتأكيد هذه كانت اولوية من اولويات الراحل قرنق و يبقي الي خليفته ان يتعهدها بالرعاية المتابعة الخاصة و الشخصية و بنفس الجدية و الحماسة في التنفيذو الانزال الي الارض عملاً ملموساً ...

    ان اهل السودان في دارفور و الشرق ينتظرون دور الحركة الشعبية في حل مشاكلهم .. و هي أي مشكلة غرب السودان و شرقه هي نفس المشاكل التي عاني منها جنوب السودان و حارب و قاتل بسببها الحركة الشعبية لتحرير السودان طيلة العشرين سنة الماضية .. الظلم و التهميش و سيطرة المركز و سطوته و اليد الحديدية التي مارسها منذ الاستقلال علي كل الاطراف السودانية بالسواء ... و ما يطمئن أهل دارفور و شرق السودان هو تصريحات النائب الاول لرئيس السودان سلفاكير ميارديت عندما صرح بأن للحركة طرح لحل المعضلتين الباقيتين في شرق و غرب السودان .. أن الجميع يأملون ان لا يطول الوقت الذي سيجتمع فيه الحركة الشعبية مع شريكها المؤتمر الوطني لحل تلك المشاكل العالقة و حسمها .. و سيظل سلام السودان سلاماً ناقصاً حتي ينعم دارفور و شرق السودان بهذا السلام الذي تحقق للجنوب .. و سوف لن تكون هنالك تنمية حقيقة في الجنوب و باقي السودان و الحرب مشتعلة و مستعرة في الغرب و الشرق . و سيظل السودان علي صفيح ساخن حتي تحل تلك الحروب القائمة حلاً تفاوضياً كاملاً ...ز

    و ها هي قيادة سفينة السودان الجديد قد انتقلت تلقائياً الي يد ربانها الماهر سلفاكير ميارديت الذي نتمني له كل التوفيق و السداد من الله العلي القدير وصولاً الي بر السلام و شأطيئ الامان لكل السودان ... و بر السلام هو ان ينعم كل السودان بالسلام الشامل بعد تحقيق العدالة و المساواة بين الجميع في الحقوق .. بعد الاطمئنان علي أي بقعة من أرض السودان الكبير المقدر بالمليون ميل مربع ... و بعد وقف صوت كل رصاصة او طلقة تصرخ بالظلم .. و شاطي الامان هو ان يشهد السودان التنمية و العمران و الازدهار و التقدم ... شاطي الامان يعني أن يصير السودان واحداً بعد السته سنوات و هو العمر المقدر لذهاب الجنوبين الي صناديق الاستفتاء لتقرير مصير السودان وحدة او انفصالاً ..

    و هذا هو التحدي الكبير كما اسلفنا و علي عاتق السيد / النائب الاول سلفاكير ميارديت و شركاءه في الحكم البشير و طه العمل الجاد لاجل وحدة السودان .. و يقع علي عاتق كل الشعب السوداني في الشمال و الجنوب غي الشرق و الغرب و الوسط العمل سوياً لجعل وحدة السودان وحدة جاذبة للجميع ... و يجب علي الحكومة المتمثلة في المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان خلق تلك الارضية الصالحة لجاذبية الوحدة السودانية .. و ذلك بالتزامهما بالاتفاق المبرم بينهما و تنفيذها بنداً بتداً مصداقاً لكلمة الرئيس عمر حسن احمد البشير في مدينة جوبا في يوم تشييع الشهيد الدكتور جون قرنق ديميبور .. كما يقع سلفاكير ميارديت الوفاء بماو تعهد به في خطابه لاحقاً ... و علي القائد سلفاكير الالتزام بالعمل الجاد و المخلص لجعل شعار الحركة الشعبية لتحرير السودان ( السودان الجديد ) حقيقة وواقعاً ..

    الابيض

    31 / 8 / 2005م

    رسالة مفتوحتة الي

    السيد / النائب الاول لرئيس الجمهورية / سلفاكير ميارديت

    مزيداً من الصبر لأجل الوطن ...

    **********************************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    سيدي النائب الاول لرئيس الجمهورية لاشك ان هناك صعوبات جمة قابلتكم وتقفت في طريقكم و انتم تنفذون اتفاقية السلام الشامل علي أرض الواقع .. و لاشك ايضاً انكم في خلال السنتين الماضيتين من عمر حكومة الوحدة الوطنية و الشراكة التي تجمع بينكم و المؤتمر الوطني قد تمكنتم من انجاز الكثير من بنود اتفاقية السلام .. و بالتأكيد ان ما تم و تحقق عمل و مكاسب و مكتسبات للطرفين و للسودان ليس بالامر الساهل البسيط الذي يمكن الايستهانة به ابداً ..أن الاتفاقية تكتنفها العثرات و لكنها ماضية في طريقها نحو تحقيق أهدافها الكبري و رغم كل التبأطوء و التماطل و التسويف و ربما بعض المعاكسات و المشاكسات و احياناً و الخروقات و التصادمات .. و لكن يمكن بأي حال من الاحوال يلقي باللوم و الاتهام كله علي المؤتمر الوطني كما لايمكن تيبرأة ساحة الحركة الشعبية تماماً من بعض الانات ...

    و ليس هذا مجالاً للمحاكمة و التبرئة و لكنها فرصة للمراجعة و التقييم و من ثم اخذ المبادرة للمضي قدماً نحو تنفيذ بنود اتفاقية نيقاشا للسلام في السودان...

    و التباطوء او التعنت و المراوغة ليست اسباباً كافية ابداً تجعل أي من الطرفين ان يفكر مجرد التفكير ناهيك عن التصريح بفض الشراكة او الخروج منها ... انكم بذلك تعطون من تسمونهم بال ( قلة فاعلة و مؤثرة ) انكم تعطونهم علي كأس من ذهب فرصة الانقضاض علي السودان كله و ادخاله في النفق المظلم الذي لايمكن التنبوء بما سيحدث فيه من فوضي عارمه و السودان في غني عن الدخول الي المجهول ... فلا تعطوا لتلك القلة مهما كانت فاعلة او مؤثرة لا تعطوهم الفرصة لتحقيق بغيتهم في تدمير السودان او ارجاعه الي المربع الاول أي ما قبل نيفاشا .. فنيفاشا التي رسمت خارطة الطريق للمأذق السوداني كله و لا يمكن مراهنته بأي فئة مؤثرة هنا او هناك مهما كان قوة تأثيرها فالاتفاقية واضحة و صريحة جداً و لا مجال فيها لآي فئة ان تخترقها او ان تنال منها مثقال زرة ...

    سيدي النائب الاول ان بنود السلام الموقعة بينكم و المؤتمر الوطني هي مرتبطة بالجداول و الفترات الزمنية و محكومة ومقيدة وواجبة التنفيذ و علي الطرفين الالتزام بما جاء بمسودة الاتفاقية نصاً وروحاً كما تقولون ... و مع هذا كله فأن أي تأخير زمني او محاولة للتراجع او التملص من أي طرف من الاطراف لا يعني ابداً وصول الاتفاقية الي الطريق المسدود ... فهل كنتم تتوقعون بأن طريق السلام سيكون ممهداً و سالكاً و مفروشاً بالورد و الزهر و الحرير كما يقولون ... دعك من تنفيذ الاتفاقية علي أرض الواقع و ما تصحبه من مشاكل و عثرات .. كم استغرق التفاوض من مدة حتي وصل الي النهاية التي وقعت فيها هذا الاتفاق الناضج ؟ فبين العام 1983م الي العام 2005م كانت هنالك الكثير من المبادرات و احياناً الاتفاقيات... تبادل رجال كثيرين الكراسي و المواقع في التفاوض و جابت المشكلة السودانية الكثير من مدن و عواصم العالم .. كانت كلها مراحل للتبلور و الاسباك و الانضاج لاخراج طبق نيفاشا بشكلة الذي تم التوافق فيه بينكم لانتشال السودان من دوامة و دورة الحروب و الاقتتال ...

    سيدي النائب الاول لرئيس الجمهورية ان المشكلات العالقة التي ترون انكم وصلتم فيها الي الطريق المسدود ... و المتمثلة في مشكلة أبيي و ترسيم الحدود و انسحاب الجيوش شمالاً و جنوباً ... هذه المشكلات قد نتفق في انها مشاكل كبيرة جداً .. و لكنها يا سيدي لايمكن ان تصل بكم الي مرحلة البوح والاعلان بفض الشراكة او بالاعلان بالعودة الي الحرب من جديد ... قد تكون هذه واحد من الاساليب او الوسائل التي تلجأون اليها للضغط علي شريككم في الحكم المؤتمر الوطني لتليين مواقفه ، و لكن هل تسمح بأن اقول لك بأنها مناورات غير جيدة بحق الوطن و هي خصم علي كل مستقبل السودان ... فأنتم بذلك تشجعون الانفصالين من الجانبيين حتي يتحقق مأربهم قبل المدة التي حددتها الاتفاقية .. فالعام 2011 م لا يزال علي بعد اربعة اعوام و قد مضي من عمر الاتفاقية عامين فقط ... ان السنوات التي امامكم تحتاج الي وفقتك و صبركم و صمودكم و مثابرتكم فلماذا العجلة التي نخشي ان يكون نتائجها هو حصاد الندم و صفق الاكف حيث لا ينفع ..!

    السيد النائب الاول ان ملف مشكلة دارفور هو ملفكم الذي يتطلب وقفتكم الجادة لحلها فكيف ستمسكون بهذا الملف بعد تفضية الشراكة ... ان التزامكم الادبي تجاه أهل دارفور و مشكلتهم تلزمكم بمزيد من الصبر و قوة التحمل و نكران بعض الذات الجنوبية ... كما ان مشكلة السودان كله هو ايضاً من مسئوليتكم لانكم النائب الاول لرئيس السودان و صلاحيتكم في نصوص اتفاقية السلام هي صلاحيات كاملة تعادل صلاحيات السيد رئيس الجمهورية المشير/ عمر احمد حسن البشير ... فلا يجوز ابداً ان تقول وانت النائب الاول( اننا لا نزال مواطنين من الدرجة الرابعة ) نعم ان الاحباط موجود و لكن يجب ان لا تستسلم لها حتي تصل بك الي مرحلة اليأس و التشأم و ربما القنوط و الجحود .

    السيد النائب الاول لرئيس السودان نذكرك بأن كل الاطراف السودانية لا تزال بأنتظاركم ... المهمشين في الشمال البعيد كما كان الراحل جون قرنق يحب ان يسميها ... شرق السودان جبال النوبة و الانقسنا وسط المهمش ايضاً كردفان كلها ملفات بأنتظاركم بتصفحها .. كلهم كانوا بأنتظار زيارتك لهم في مناطقهم لتبث فيهم روح السودان الجديد الذي ظل جون قرنق سلفك ينادي به حتي الرمق الاخير ..

    السيد النائب الاول لقد استبشر الجميع خيراً عندما صرح السيد / ياسر سعيد عرمان رئيس قطاع الشمال بأنك ستزور كل الولايات الشمالية بعد عيد الفطر المبارك … ان الجميع بأنتظارك علي أحر من الجمر فقط لتذكرهم بأن السودان الجديد لم يمت مع الدكتور جون قرنق .. الجميع تواقين لسماع شيئاً منك عن الوحدة الجاذبة و أمكانيته و لو للأربعة اعوام القادمة … كما انهم بحاجة الي سماع من فمك ما قاله وظل يكرره بالتأكيد السيد / رئيس الجمهورية ان لا عودة مرة ثانية الي الحرب .. انها امنيات متواضعة جداً و هي مقدور عليك فعلها حتي يطمأن الجميع في هذا الاجواء السودانية الملبدة بأنعدام الثقة بين الشريكين و بالتالي فأن هذه تنعكس علي كل الشعب السوداني بأساً و حزن و يأس …

    السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية / سلفاكير ميارديت نرجو و نأمل ان تكون التغييرات الاخير التي احدثتموها في حكومتكم حكومة جنوب السودان . ان تكون لصالح مجمل مشكلة السودان و حكومة الوحدة الوطنية و لصالح الشراكة بينكم و المؤتمر الوطني … ما نأمله هو ان يكون فترة أقامتكم بالقصر الجمهوري اطول نسبياً من الفترة الماضية التي كانت جلها بجوبا عاصمتكم … و لاشك ان ترتيبات المرحلة ماضية كانت تتطلب وجودكم لاطول فترة ممكنه … و ما لا شك فيه ايضاً هو ان بعدكم عن الخرطوم و عن القصر الجمهوري هو السبب الاول و الرئيسي الذي يجعل ( القلة الفاعلة المؤثرة ) في المؤتمر الوطني اجعلها طول غيابكم عن موقع التشاور و اتخاذ القرار تجربة محاولة اللعب بذيلكم فهل تعطوهم الفرصة لنيل مأربهم بهذه السهولة ..

    دمتم سيدي النائب الاول لرئيس الجمهورية و دام السودان في وحدة وسلام و استقرار و نماء و ازدهار …

    و المجد لله في الاعالي و علي الارض السلام و بالناس المسرة ..



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    6 / 10 / 2007م

    السيده / ربيكا

    و عامين من غياب الاسد ...

    *************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    كان رحيل الدكتور جون قرنق رحيلاً مفاجئاً و استثنائياً لانه جاء في الوقت الذي تعلقت به قلوب كل الشعب السوداني .. و كان صدمة كبيرة لجميع الذين كانوا يتطلعون الي التغيير في الحياة و السياسة السودانية ... و كانت الصدمة الكبري ، هي صدمة كل المهمشين في السودان من الغبش المتطلعين الي الحياة الكريمة الشريفة الحياة الافضل .. و لكن الرياح أتت بما لم يكن في الحسبان فخابت كل الظنون و دخل الشعب السوداني في دوامة من الحزن و اليأس و فقدان الأمل الكبير الذي كان ينتظره بشوق حار ..

    و في تلك الايام العصيبة ايام الحادث المشؤم أطلت السيدة ربيكا بصلابة تهدي الخواطر و تعزي الشعب في الفقد الجلل .. وقد تعزي الشعب السوداني كثيراً و هو يشاهد و يستمع الي المرأة الحديدية ماما ربيكا و هي تهزم احزانها الخاصة وتتغلب علي الدموعها بشجاعة و بسالة نادرة وجودها حتي عند الرجال الابطال .. اجتازت ربيكا و هي تمسك الشعب السوداني بيدها اليمني لتعبر به بحور الاحزان و اليأس و الانهزام الانكسار.. قالت ربيكا وقتها بأن الحادث هو نتيجة لقضاء الله و قدره و طلبت من شعبها الصبر و الصمود و تخطي المرحلة بنفس روح العزيمة و الاصرار التي تحلي بها الراحل ...

    و ها هي المرأة ربيكا ذاتها و بعد عامين من الرحيل تطل من جديد هذه المرة ليس من جوبا و لكن من نيروبي و من خلال شاشة التلفزيون الكيني لتقول من هناك بأن زوجها مات مقتولاً و ليس قضاءاً و قدرا .. ها هي ربيكا ترفع التهمة عن الطبيعة و الاحوال المناخية السيئة و تأكد بأنهما بريئتان من دم زوجها برائة الذب من دم أبن يعقوب ... و للمكان و الزمان الذين اختارتهما ربيكا بعناية أهمية كبري في الخطوات التي ستسلكها اللبوة ربيكا في سبيل قاتل الاسد قرنق..

    فيا تري ماذا ستفعل اللبوة في مقبل الايام ؟

    دعنا ان لا نسبق الاحداث فالايام وحدها كفيلة بأظهار الحقائق و نبش القبور لتوضيح الامور و تبين الغموض .

    و بمناسبة الذكري الثانية لرحيل الزعيم التاريخي للحركة الشعبية لتحرير السودان و التصريحات الاخيرة التي ادلت بها ماما ربيكا في نيروبي .. فالذاكرة تعود بالمرء الي تلك اللحظات المشحونة بالعواطف الجياشة عندما كانت ماما ربيكا ملهمة للكثيرين بكارزميتها .. فقد عبر الكثيرين شعراً و نثراً عن شخصية ماما ربيكا المرأة الحديدية .. وعلي ما اذكر فقد كونت الحركة الشعبية لتحرير السودان لجنة لجمع كل الكتابات الشعرية و النثرية التي كتبت عن ماما ربيكا لطباعتها في كتاب تكريماً لهذه المرأة الزوجة و الام الشجاعة القوية الصابرة و تقديراً لثباتها و قوة مواقفها ..

    و قد حفزتني ماما ربيكا و قتها لأكتب عنها و عن زوجها القائد الدكتور/ جون قرنق دميبور . هذا الرجل الرقم الكبير الذي ضاع ليضيع معه كل الحسابات التي بناها عليه الشعب السوداني بكل طيفه ..

    و هذا هذا ما كتبته عن ماما ربيكا و هي وقفتها الصلبة امام التابوت لتلقي النظرة الاخيرة علي جثمان زوجها بساحة الكنيسة الاسقفية بجوبا قبيل مواراته الثري في التلة المقام عليها مبني المجلس التشريعي لحكومة جنوب السودان حيث يرقد الاسد في سلام هناك ...





    المرأة الحديدة

    ( ربيكا )



    علم ينا يا ربيكا كيف يكون الثبات و الصمود عند المصائب و المحن

    علمينا يا ربيكا كيف يكون حبس الدموع في لحظة الاسي و الوهن

    كنت يا ربيكا شمعتنا المضيئة لما صار الدنيا في عيونا ضلمه

    كنت لبلادنا العزاء و الرجاء لما حل في وطنا الخير الفجيعه

    لما راح بطل السلام كنا فاقدين الامل و رحنا في دنيا الضياع

    جئت أنت يا ربيكا جبت للناس اليقين جئت أنت رجعت للناس الأمل

    لما قلت الناس بموتوا بس بيبقي أفكارهم الحية باقية ما بتفوت معاهم

    لما قلت قرنق مات و يبقي السلام الجابو لينا ذكري حيه ما بتموت

    يا ربيكا علمينا كيف يكون الصبر فينا لما نفقد شخصيتنا العبقريه

    يا ربيكا علمينا لذة الحلم الجميل بكره يكبر يبقي واقع و حقيقة



    *****



    و لان وراء كل رجل عظيم أمرأة . فقد كانت ربيكا هي نلك المرأة العظيمة التي وقفت بجوار هذا الرجل العظيم في كل الظروف الصعبة التي عاشوها معاً .. و بلا أدني فأن لمأزوتها لزوجها الدور الكبير في القياد و توجيه دفة الامور حرباً و سلماً.. جاءت كلمة المرأة السودانية الحديدية ربيكا عقيلة الراحل شهيدنا جون قرنق ، كلمة المرأة الزوجة الثكلي المرأة الجريحة القلب و الفؤاد .. المرأة المكسورة الخاطر .. كلمة المرأة الام الحنونة الحزينة التي تحمل في أحضانها كل احزان أسرتها التي فقدت الاب و العائل .. كلمة ربيكا حواء السودان التي ناضلت و جاهدت لأجل انصاف قضية المرأة السودانية و المرأة الافريقية و كل نساء العالم الثالث من اللآئي تتشابه قضاياهن قضية المرأة السودانية ...

    ربيكا قرنق القوية الصلبة وقفت في يوم النكبة السودانية الكبري تعزي جميع السودانيين في يوم مصابهم الكبير .. فاستطاعت ان تتفوق علي نفسها و ذاتها في يوم اعلان نبأ رحيل زوجها ... استطاعت أن تتسامي علي جراحاتها و تعلو علي احزانها الشخصية و العائلية .. قدرت ربيكا المرأة المناضلة أن تحبس دموعها لتمسح بيديها الحنونتين كل احزان السودانين .. استطاعت أن توجه رسالتها القوية تحرض فيه كل افراد شعبها و تدعوهم بالصبر و المثابرة .. و قد وجدنا جميعنا في كلمتها العزاء و السلوي .. كانت رسالة الام ربيكا في يوم وداعها الاخير لزوجها رسالة للشعب السوداني بنصرة قضية السلام السوداني و عدم التراجع عن مواصلة المشوار الذي سلكه الدكتور جون قرنق .. طالبت ربيكا الحكومة و الحركة الشعبية علي حد سواء بأن يكونوا عند عهدهم للراحل و السير في خط الاتفاقية التي وقعوها في نيفاشا بنيروبي كينيا .. حيث ان اتفاقية السلام السودانية ليست بأتفاقية قرنق او البشير و لكنها ملك لكل الشعب السوداني .. و طالبتهم بعدم التراخي في تنفيذ بنودها بل بالتقدم في تنفيذها بنداً بنداً .. و أكدت بأن زوجها سيرقد في سلام طالما الجميع سيسيرون قدما و تحقيق ما أتفق عليه بلا نكوص للعهود او تراجع عن المواثيق ..

    تكلمت ربيكا عن زوجها الذي يرقد أمامها قائلة :- أنني فخورة و معتزة جداً بهذا الرجل الجاثم امامي الان جثة . كنت فخورة به و هو حي يمشي بين الناس بهيبة و جلال و سأظل فخورة به و هو ميت لأنني أعلم علم اليقين بأن الرجال العظماء لايموتون .. نعم أن أرواحهم تفارق ابدانهم كسائر بني البشر و يبقي الفرق بينهم و سائر الناس هو ان الرجال الزعماء العظماء العلماء المفكرين هم من الذين يصنعون التاريخ و يقررون في مصير شعوبهم بأفكارهم الجليلة و دأبهبهم و صبرهم .. و أحسب أن جون قرنق كان واحداً من هؤلاء الرجال الافذاذ الذين سيخلدهم التاريخ ... ان افكار جون قرنق سيتبقي حية بين شعبه تتحدث عنه و تخبر الاجيال عن كفاحة لأجلهم ... ستبقي المباديئ و القيم الجميلة التي ناضل لأجلها قرنق باقية ما بقيت الذاكرة الانسانية حية متقدة ... لقد مات قرنق الرجل المفكر الحكيم و ستبقي افكاره لتثري حياة الشعب السوداني .. ستبقي المبادئ و القيم التي عاش لأجلها البلسم الشافي لجراح المغلوبين و المهمشين في بلادي .. و هي التي ستبني عليها العدالة بين الناس برد حقوقهم المسلوبة و تحقيق الكفاية في المعيشة الكريمة لكل السودانيين علي حد سواء .. حارب قرنق الرجل و الزوج و الاب حتي تنعم المرأة بحقوقها كاملة غير منقوصة فينعم الاطفال بالصحة و العافية و العلم و العيش الكريم ...

    فأن جاز لي أن أذهب بعيداً الي ما وراء الكلمات القوية الواضحة المعزية التي خاطبت بها ربيكا الشعب السوداني الذي تابع خطابها بحرص و اهتمام كبيرين كما تابع لحظات مراسم تشيع الراحل جون قرنق بمدينة جوبا لحظة بلحظه .. فأنني استطيع أن أقرأ من خلال كلماتها الموجهة الي كل من السيد / عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية و السيد نائبة الاول الفريق سلفا كير ميارديت خلف الدكتور / جون فرنق دميبيور.. تكلمت و هي تشير اليهما بيدها اليمني قائلة :- يجب عليكم بأن تعطوا الاولوية القصوي لقضايا المرأة السودانية .. لانها أي المرأة تشكل العمود الفقري في هيكل بناء السودان الجديد الذي نادي به قرنق .. فجون قرنق لم يسقط من برنامجه قضايا الامومة و الطفولة بل كانت دائما في صلب افكاره و حاضرة بقوة في الاجندة التي ظل يكافح لآجل تحقيقها و أرساء قواعدها المتينة ... فالسودان الجديد سوف لن يكتب له كتاب في الحياة و البقاء و الاطفال لا يذهبون الي الندارس و لا يجدون الرعاية الصحية الكاملة الشافية ..

    و سيظل السودان هو نفسه السودان القديم رجل افريقيا المريض حتي يتم نقل المدن الي الريف .. و نظرية قرنق القائمة علي تمدين الريف تقوم علي فلسفة بسيطة جداً .. و الفلسفة هو ان يكون في كل الريف السوداني مقومات الحياة الانسانية الاساسية .. ان يتم توفير المياه الصالحة للشرب في كل قرية و ضاحية و فريق .. و ان يكون في الريف مستشفيات و عيادات صحية يوجد بداخلها الاطباء و يتوفر فيها الدواء و العلاج .. أن ينعم تلاميذ المدارس في اطراف السودان بالتعليم الحكومي المنتظم المستقر معلماً و كتاباً و فصول الدراسة و الواسائل الخاصة بالعملية التعليمية و التربوية .. ان تتوفر للاجيال القادمة البيئة المناسبة للتعلم . و ان تصل الخدمات الاساسية الاخري الي كل الريف السوداني الكهرباء و الطرق المعبدة و وسائل الانتاج المختلفة المدعومة من الدولة ... و السودان الجديد لابد ان يعمل جاهداً حتي تتحقق هذه المكاسب للريف و ينعم بلادنا بالسلام و الاستقرار ..

    و عندما تقول ربيكا بالصوت العالي القوي بمحاربة الفساد لان زوجها الراحل كان لا يحب الفساد بل يكره و يبغضه .. عندما تقول ربيكا بأن قرنق كان من المحاربين الشجعان للفساد فأنها أي ربيكا تضرب وتراً حساساً جداً ان لم تكن قد لمست و تحسست الورم الخبيث .. انها بكل شجاعة تذكر الحلفاء و الخلفاء بأن الفساد هو أس البلاء.. البلاء الذي يعاني منه كل البلدان النامية و السودان غير مستثني من هذا الداء العضال الذي يعطل نماء و تقدمالدول التي أصيبت به .. الفساد هو سوس الاقتصاد الذي ينخر في عافية و مقدارات الامم الاقتصادية و الانمائية و تفشلها و تقعدها عن التقدم و الازدهار .... و الدول الفاشلة هي تلك الدول التي تنتشر فيها الفساد (( حيث تذهب كل خيرات البلاد و مواردها الي جيوب فئة معينة من الناس بينما يبقي السواد الاعظم من الشعب تحت خط الفقر .. و عندما تقول الدراسات و البحوث بأن اكثر من 96% من الشعب السوداني هم تحت خط الفقر فأن مسئولية الحكومة القادمة التي تتحالف فيها المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان ستكون مسئولية كبيرة جداً حتي يتمكنوا من ردم الهوة السحيقة التي تفصل بين أل 4% من الذين يتنعمون و يترفهون بكل شيئ و ال 96% من الذين يسفون الترب .. و أحداث يوم الاثنين ليست ببعيدة عن الاذهان ... فتلك الاحداث لم تكن بين الجنوبين المسيحيين و الشماليين المسلمين كما ذهب الكثيرون زوراً و بهتاناً و أفكاً ليجافوا الحقيقة الواضحة .. و كل الذين ذهبوا الي هذا القول هم مكابرون ارادوا فقط صب الزيت علي نار الفتنة .. و أنني اصدق قول من حللوا تلك الاحداث و حصروها في الابعاد الاقتصادية و الاجتماعية و النفسية .. أن تلك الاحداث التي وصفها البعض بثورة المحرومين و غضب الجياع . هي في الحقيقة انتفاضة الفقراء من الشماسة و المشردين الذين أهملتهم الدولة السودانية ردهاً من الزمان ..و الجوع كافر كما يقولون . و ليت الذي بأيديهم مفاتيح الحل و الربط يعملون علي محاربته .. و يقول الصحابي الجليل علي بن ابي طالب لو كان الفقر رجلاً لقتلته . و الفقر في هذا العصر هم رجال كثيرين بطلهم الفساد فمن يقتله حتي يتراجع خط الفقر و ينهزم . فلماذا لا تحارب الحكومة السودانية ظواهر الجوع و الفقر و الحرمان حتي تتفادي نتائجها الوخيمة حاضراً و مستقبلاً ..

    كما ذكرت السيدة / ربيكا في كلمتها المجتمع الدولي بدعم الاتفاقية و الالتزام بالوقوف مع السلام لانهم أي المجتمع الدولي اساس في تحقيقه و هم شركاء في استدامته بالسند المادي و المعنوي و بالمتابعة و الاستمرار في حث الاطراف للسير قدماً ... فقد كان للمجتمع الدولي اليد الطويلة في تحقيق السلام و توقيع الاتفاقية ذلك من خلال الضغوط التي مورست علي كلا الطرفين و حملهم علي تقديم التنازلات الكبير و التراجع عن بعض الثوابت لاجل السلام .. طلبت ربيكا من المجتمع الدولي الوفاء بالوعود التي قطعتها علي نفسها في مؤتمر اسلو بالنرويج لدعم مسيرة السلام و التنمية في السودان .. و ذلك لان السلام في السودان سوف لن يتحقق بدون هذا الدعم الدولي المادي .. و قد شاهد العالم أجمع الكرم الحاتمي الفياض الذي تكرمت به الدول و منظمات الامم المتحدة للسودان في أسلو .. و الان و بعد مضي أكثر من ثماني أشهر من توقيع اتفاقية السلام السودانية لا يزال الشعب السوداني في جنوب السودان و جبال النوبة و النيل الازرق و كل الاطراف السودانية المهمشة ينتظرون قطف ثمار الاتفاقية تنمية علي ارض الواقع في مناطقهم و رخاء ينعكس في بدن الشعب و عافيته بعد معاناته مع الحروب الممتدة ...

    علي الحكومة السودانية القادمة ان تبادر و ان لا تنتظر الامم المتحدة و منظماتها المختلفة .. علي حكومة الوحدة الوطنية القادمة ان تحكم علي الفقر في السودان بالاعدام ، و عليها بتنفيذ هذا الحكم فوراً ... عليها بمحاربة الجوع بالوفرة الحقيقة و ليس بما يسمي سنابل الخير التي لا خير فيها ..و عليها بأزالة أفة الحرمان و ان تعيد للانسان السوداني كرامته المهانة ... بهذا فقط تكرم حكومةالوحدة الوطنية الرجل قرنق لا ن هذا هو أقل القليل الذي كان يطمح الي تحقيقه بعد نضال دام لعقدين من الزمان ... هذا هو النهج الذي خطه بالكفاح و رسمه أحرفاً مضيئة بدمه ... فدم جون فرنق سوف لن يذهب هدراً و لكنه سيصير ماءاً يروي الحقول و خبزاً يشبع الجياع ... سيكون لبناً للاطفال الصغار من المحرومين المشردين في كل الريف السوداني و مدنه ... هذه هي الكلمات التي قرأتها ما وراء سطور خطاب المرأة الحديدية ربيكا قرنق في يوم النشيع المهيب بساحة الكنيسة الاسقفية بمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان و عروسة الجنوب ... و فد حرصت ربيكا أيضاً علي تقديم نجلها الاكبر في كلمة وجيزة . مذكرة الحضور بأن للاسد اشبال كأنها تريد ان تقول لهم ان قرنق الاب قد مات و لكن الساحة السودانية سوف لن تخلو من الذين سيحملون أسم قرنق ...



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    31 / 8 / 2005 م

    ملحوظــــــــــــــــــــة :-

    ( هذه عودة بالذاكرة الي ما خطة قلمي في يوم تشيع الراحل الدكتور الدكتور جون قرنق.. عن المرأة القوية ربيكا و قد اسميتها وقتها كما الكثيرين بالمرأة الحديدية .. و قفت وقتها ربيكاوقفتها الشهيرة بجوار الشعب السوداني المنكوب و استطاعت تعزيه و تعبر به تلك المرحلة ... فهل ستجد الست ربيكا اليوم من يقف معها كشفاً لحقيقة موت زوجها .. أن اللبوة ستعيش في مقبل الايام اسواء ايام حياتها ان لم يقف بجوارها رجال شجعان مستعدين لمواجهة الحقيقة المرة ... حقيقة الذين كانوا يقفون وراء مصرع و قتل الاسد .. )

    24 / 8 / 2007 م





























    الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( 1 )

    ******************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    لقد ظل السيد/ وزير خارجية السودان في حكومة الوحدة الوطنية السيد لام اكول اجاوين طيلة العامين الماضين من عمر حكومة الشراكة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ظل الرجل مكان جدل لا ينقطع فالحركة الشعبية و هي الجهة التي افرزته لهذا المنصب غير راضية عنه بالمطلق بل هي تتوجس منه و تشتم فيه رائحة المؤتمر الوطني كما تري في رأسه طاقية المؤتمرالوطني و ليس برنيطة الحركة الشعبية .. فعند كل همس عن تغير في وزراء حكومة الوحدة الوطنية الاتحادية يتبوأ الرجل قائمة وزراء الحركة الشعبية الذين سيغادرون مواقعهم غير مأسوف عليه .. كما ان الرجل ظل يشكل اهم اجندة مجالس الحركة الشعبية الدورية في جوبا التي تناقش فيها ادائها العام و اداء وزرائها الاتحاديين و اداء حكومة الجنوب .. فهو دائما محل جدال و نقاش حاد وشد و جذب بين الرفاق في برلمان الجنوب .. هذا من جانب اما في الجانب الاخر او في الاتجاه المعاكس ( المؤتمر الوطني ) فللرجل حظ كبير و مكانتة عظيمة تصل الي حد المدح و الاطراء و الاشادة و هو يوصف في كثير من الاحيان بالتميز في الاداء ضمن سائر الوزراء الاتحاديين .. و قد تكون هذه واحدة من مشاكل الرجل مع الجهة التي ينتسب اليها او مشاكلة مع الذين يتطلعون الي الموقع الذي يحتله الرجل بدون استحقاق حسب وجهة نظرهم ...

    لست ادري كم مرة تململ الدكتور الراحل / جون قرنق في قبره حيث يرقد بسلام .. و لا اعرف عدد المرات التي صفق فيها بكلتا يديه ضارباً كفاً بكف مندهشاً و هو يتابع من هناك مجريات الاحداث السياسية في الساحة السودانية التي خلت من كارزميته بعد غيبته الابدية .. تلك الساحة التي ظل الرجل يشغلها و يشكل في ابعادها المحور و المركز لاكثر من عقدين من الزمان .. و لان هناك هوة عميقة جداً تفصلنا عن الرجل الراحل المقيم ... فنحن الاحياء اكثر عجزاً من الاموات الاخيار من الذين تعلقت أمالهم بحياتهم ليتبدد احلامهم بموته المأساوي ...و هؤلاء الرجال النادرين من امثال الدكتور جون قرنق يموتون و بدفنهم تندفن معهم خفاياهم و اسرارهم ... أنهم يأخذون معهم كل المفاتيح فتكون ابوابهم جميعها موصدة بأحكام تقف دونهم و الاشقياء المعذبين في الارض ..

    و لانه ليس بمقدورنا الذهاب الي هناك لمقابلة الدكتور جزن قرنق و محاورته لاستطلاع رأيه عن اتفاقية السلام التي وقعها في نيروبي قبل عام كامل من الزمان ... تلك الاتفاقية التي شهدها العالم بأسره . و حضر مراسم توقيعها أعلي الهيئات الدولية و منظماتها المختلفة متمثلة في الشخصيات العالمية الرفيعة المستويات كما شرفها بالحضور المهيب عظماء افريقيا و قاداتها و جالات دولها الكبار ... و كل الوان الطيف السوداني القبلي و الجهوي و الديني و الطائفي من صوفي اسلامي و ارثودكسي و بروتستاني ... خف الجميع و تقاطروا الي نيروبي ليشهدوا لحظة توقيع الاتفاقية حضوراً بشحمهم و لحمهم ... هؤلاء هم الذين مكنتهم ظروفهم من الذهاب الي نيروبي ... كما شارك جميع السودانين و بالاخص الناس الغبش من المهمشين و المغلوبين علي امرهم شاركوا في متابعة حفل توقيع اتفاقية السلام عبر الفضائيات العالمية و عبر التلفزيون السوداني و راديو هنا أم درمان ... و اخرين شاركوا بتلقي الاخبار سماعاً من الشارع السوداني الذي يتحدي كل وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و المقروءة في نقل الاخبار و سرعة نشرها .. الشارع السوداني المشهور بالشراهة في التعاطي مع الاحداث و تحليلها و نقدها بخياله الخصب مع اضافة بعضاً من الشمار و البهار من التوم و الفلفل و هذه كافيه لجعل طازجة حتي لو كان شائعة تحمل في طيأنها الكوارث .. فقد قال الشارع السوداني العريض في يوم من الايام بأن جون فرنق سيموت او سيقتل او يغتال في ظروف تشابه ظروف موت كل من الشهداء الزبير محمد صالح و رفاقه و ايضاً موت العقيد شمس الدين و رفاقه .. او ستكون موته كموت الكثيرن من الذين لا يعرفهم الشارع السوداني و لكن تنسب اسباب موتهم الي مجهول . و سيبقي موت الكثيرين من السودانيين مجهولاً حتي الي ما شاء الله.

    أما عن رأي الراحل المقيم الدكتور / جون قرنق ( الاسد الذي ترك العرين و فارق حياة الغابات و الاحراش بلا رجعة رأي الرجل الذي ترك القصر دون ان يستريح فيه لو قليلاً ) لو سألنا الرجل جون قرنق عن رأيه في شخصية ضيفنا عبر هذا المقال الدكتور / لام اكول أجاوين . و لان هذا صار مستحيلاً لعوامل الزمن و المكان .. فلسنا في حاجة الي أرهاق الخيال و ارهاق الفكر و الذهن كثيراً لان في استطاعتنا تكليف انفسنا فقط ببعض مشقات السفرلبضعة ايام او اسابيع قلائل قد تمتدد الي اكثر من ذلك بقدر ما تسمح به البيروقرطية و الروتين الخاصة بتحديدالمواعيد الرسمية في عاصمة الجنوب جوبا و السماح لنا بمقابلة ماما ربيكا .. و ماما ربيكا كما كان يحلو للبعض منا ان يسميها في ايام محنتها و ايام الشدة التي علمتنا فيها كيف تكون الصلابة و الصمود و الصبر عند الشدئد و الكرب و الاحن .. فقد وصفت ماما ربيكا زوجها و هو جسد هامد مسجي امامها بلا نفس و بدون روح بالاسد الذي تهابه و يخاف منه كل حيوانات الغابة الاليفة من و الوحشية .. و ماما ربيكا التي اطلقت علي نفسها كناية باللبوة زوجة الاسد .. فقد ارادت بذلك ان تقطع الطريق امام بعض سكان الغابة من الذين لاحت في وجوههم علامات و اسارير الفرح ، تلك العلامات كشفت ما في دواخلهم من الفرح و الانشراح التي صعبت عليهم كتمانها بموت الاسد .. لان ربيكا قالت كل شي في يوم تشيع و دفن الاسد فقد كفتنا مشقة السفر الي جوبا و تكاليفها الباهظة و وفرت علينا مصاريف المبيت في فنادق جوبا لانها تعرف و تقدر ظروفنا جيداً .. قالت ماما ربيكا اليوم اذا رأيتم الاسد الجاسم امامي في رقدته الاخيرة فلا تفرحوا و لا تبتهجوا بخلو الغابة لكم ... و عليكم ان تنتظروا لبعض الوقت لتروا ماذاستفعل اللبوة .... !!

    فهل كان الدكتور لام اول اجاوين سليل رث الشلك واحداً من الذين بانت علي ثغورهم الابتسامة و انفرجت في وجوههم علامات الفرح البائنة في اجواء الاحزان و الدموع و البكاء و النحيب التي عمت وقتها القري و الحضر .. فعندما نعي الناعي نبأ موت القائد السوداني المخضرم و الزعيم الافريقي الكبير بكاه الكثيرين من اعماق قلوبهم كما فرح بموته الكثيرين ايضاً . فالدكتور لام اكول الذي كان محاضراً في علوم الكيمياء بكلية الهندسة جامعة الخرطوم في منتصف ثمانينات القرن الماضي كان ايضاً واحدأً من الذين سطع نجمهم في عالم السياسة السودانية في عهد الديمقراطية الثالثة ... فبجانب المحاضرات الكيميائية التي كان يأمها طلاب الهندسة كان الدكتور يحاضر ايضاً في السياسة السودانية في منتديات الجامعات السودانية . تلك الجامعات التي كانت لا تتعدي في عددها اصابع اليد الواحد كماً كما كانت تنافس الجامعات العالمية نوعاً .. ( جامعة الخرطوم في زمانها و عهدها و جامعة ام درمان الاسلامية و جامعة القاهرة فرع الخرطوم بالاضافة الي جامعة الجزيرة و جامعة جوبا ) و كانت الجبهة الاسلامية في أوج نضارتها و هي في المعارضة تخرج الناس الي الشوارع و تسيرهم في مسيراتها و مواكبها المليونية تحت شعار انا السودان ... و كانت الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان ايضاً في قمة انتصاراتها تغزو المدن و القري و تحتلها و بالتأكيد لا يزال الكثيرين يتذكرون قيسان و الكرمك و اخواتها من كاجو كاجي و يأي و غيرها ... و كانت الساحات تعلو بنداءات الجهاد من خلال الجبهة الاسلامية المعارضة في تلكم الايام الخوالي ...

    و في خضم تلك الاجواء المستعرة بالنيران في جنوب السودان و النيل الازرق و جبال النوبة فقد الكلام السياسي المعسول معناه كما فقد الذين يتكلمون بالسياسة لمعانهم و بريقهم .. لان الجدل السياسي في السودان كان قد انتهي الي ما يشبه الجدل البيزنطي كما يقولون .. و تعرض الدكتور لام اكول في شخصه الي بعض المضايقات التي انتهت بالاتهامات و الاستجوابات و السين و الجيم التي اوصلتهالي المخافر و ما ورائها ... فتسلل الدكتور في يوم من تلك الايام السودانية الملتهبة او قل تسلل في ليلة من ليالي الخرطوم المظلمة بكثرة انقطاعات التيار الكهربائي .. تسلل الدكتور خفية من ردهات القاعات الدراسية و دهاليز كلية الهندسة تاركاً ورائه المنتديات السياسية التي صارت كلام سياسه و بالتالي كلام جرايد ترك فضلء الخرطوم السياسي ورائه حيث ساحات المعارك بالالفاظ السياسية التي يتداولها الطلاب و من يحاضرونهم في اركان النقاش الجامعية و الميادين العامة في الاحياء الشعبية الائية في الحاج يوسف و أم بده ...

    ذهب الدكتور الشاب الي غابات جنوب السودان و دخل الادغال و الاحراش الاستوائية .. و هناك حيث يتجاور الانسان و هو قابع في مسكنه مع الوحوش الضارية و يقيم البني ادم داخل جدران بيته مع الثعابين السامة القاتلة .. الي هناك وصل استاذنا الكبير المحاضر بأعرق الجامعات السودانية و اشهرها علي نطاق افريقيا و العالم العربي .. وصل و كان يحمل بين جوانحه طموحاته الكبيرة و يخفي في اعماق باطنه اطماع لا يمكن سبر غورها كما كانت في نفسه شهوة لا تقاوم تغذية رغبة مندفعة الي الصعود السريع الي أعلي قمة الهرم القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان .. و لان منفستو الحركة الشعبية و لائحة تنظيمها هي في الاصل عسكرية بحته و بالتالي تخضع في تقيمها للافراد المنتسبين اليها بحسب الاقدمية العسكرية قبل النظر الي الشهادات الجاميعة .. كما ان تأكيد الولاء و الانتماء الي الحركة الشعبية يتطلب فترة زمنية للتقييم و التمحيص و الاختبارو شي من غسل الدماغ ... و لان تنظيم الحركة الشعبية لتحرير السودان لا يختلف و لا يشذ كثيراً في تركيبته عن القاعدة السائدة في جميع التنظيمات السودانية الحزبية و الطائفية و الحركية التي تؤمن ايماناً منقطع النظير بقيادة الرجل الواحد فهي دائماً لا تحتمل طموحات المنافسين الجدد بل تعمل علي قمع كل طموحاتها و اطماعها في مهدها .. و لماذا نذهب بعيداً و لنا في المشير عمر احمد حسن البشير و شيخه حسن عبدالله الترابي نموذجاً في تصادم يعبر تعبيراً بليغاً عن صراع الاجيال و تصادمها في شتي النواحي القيادية في السودان .. فقد صرح البشير عند اشتدد الصراع بينه و شيخه صرح قائلاً ( ان مركب الانقاذ لا يمكن الابحار بها الي شاطي الامان برأسين ) و قد تغدي الحوار بشيخه قبل ان تغرق المركب بكلايهما .. ذلك لانه و مجموعة فريقه كانوا من التلاميذ النجباء فقد تعلم الدرس جيداً عندما ارسله الشيخ الي القصر و ذهب هو الي السجن في الثلاثين من يونيو العام 1989 م و تلك حكاية أخري ..

    و مركب الحركة الشعبية لتحرير السودان لم تكن في يوم من الايام اكثر اتساعاً من سفينة ثورة الانقاذ الوطني حتي يسمح بتنافس شخصين علي دفة قيادتها ... و بالتالي لم تكن تحتمل قائدين في آن واحد منذ تاريخ نشأتها الاولي في العام 1983م .. فأبن رث الشلك المفطور علي نزعة حب السلطة والقيادة اراد القفز بالزانة قفزة واحدة تجلسه علي عرش الحركة الشعبية لتحرير السودان و قد كان هذا من المستحيلات لدي زعامة الحركة الشعبية التقليدية . و لان قمة الزعامة في الحركة الشعبية لتحرير السودان كانت عصية جداً علي كل من حاول التطاول عليها او سولت لهم رغباتهم بمجرد التفكير فيها .. و كل الذين ارادوها جهراً اخذتهم قبل ان ينالوا منها او يصلوا الي عتباتها .. و قد يسأل البعض في خجل و استحياء عن المصير الذي انتهي اليه القادة الاوائل من الضباط و صف الضباط من الذين عصوا النظام في الخرطوم و خرجوا عليها من حامية توريت عن كاربينو و عن سائر الرفاق من القادة الاوائل من الذين نمت الحركة الشعبية بدمائهم . .

    كان الدكتور لام اكول علي عجلة من امره و كان ينوي الزحف السريع نحو قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بحكم درجته العلمية الرفيعة التي تأهله لذلك حسب فكره .. فلم تروق له فن القيادة و الاستراتيجية التي يستخدمها الدكتور جون قرنق الذي يتميز بالاحادية و النزعة الدكتاتورية القمعية .. هذا بحسب فهم الدكتور القادم من الخرطوم لم تروق له طريقة قرنق في توجيه و قيادة الحركة الشعبية .. فاراد استاذ الهندسة الكيميائية اعادة تركيب العناصر الاولية المكونة لقيادة الحركة الشعبية بمهاراته الخاصة مستخدماً في ذلك الادوات التي فشل في استخدامها في منتديات الخرطوم و ميادينها التي كانت تعج و تضج بالجماهير العاشقة لهوس السياسة و المدمن للديمقراطية التي تعاطاها لدرجة الفوضي السياسية كما سماها قوي المعارضة انذاك و عندما اصطدمت مركبة الرغبات القيادية الجامحة التي كان تقل الدكتور لام اكول بجبال الجليد المختفية في قاع محيط الحركة المتلاطم و امواج مياه الهادرة ...تساقطت الاحلام الوردية و تواضعت الطموحات و تراجعت الاطماع .. و صارت كل الاماني و الامال التي جعلته يغادر الخرطوم ويسعي الي تحقيقها سريعاً عبر الحركة الشعبية في وجود شخصية الدكتور جون قرنق .. صارت حلماً بعيد المنال ان لم نقل صارت وهماً مستحيل التحقيق .. صار حلم الدكتور كابوساً مزعجاً اقلقت مضاجعه حلاً و ترحالاً في غابات ..... فهل هذا ما جعل الدكتور يفكر جاداً في الانقلاب علي شرعية الغابة ..؟

    لم يكن للدكتور طريقاً اخر غير الانشقاق او الانقلاب و الخروج بأقل الخسائر ما أمكن الي ذلك سبيلاً .. انشق أبن رث الشلك و هو يعزف علي وتر انعدام الديمقراطية و روح الحداثة في قيادة الحركة الشعبية التي يقودها رجالات الدينكا منفردين بحنكة و دكتاتورية لا ينازعهم عليها كل قبائل الجنوبية مجتمعة .. دغدغ الدكتور علي المشاعر و الاحاسيس القبيلة و عزف علي اوتارها الحساسة بعصبية شديدة كادت ان تقطعها .. فتهيئت له فرصة اللحاق بقطار الدكتور رياك مشار الذي كان قد سبقه الي الخرطوم راكباً متن الموج القبلي باسم قبيلة النوير .. و كان الدكتور رياك مشار في اوج مجده بعد توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام و هي الاتفاقية التي قصمت ظهر بعير الحركة الشعبية لتحرير السودان فأقعدتها و دوغتها رأسهاو تفكيرها و كادت ان تشل قدرتها شللاً كاملاً .. و لان خروج مشار علي الحركة الشعبية في مجمل معناه الواضح كان يعني خروج قبيلة النوير من الحركة الشعبية .. وقد فتح هذا الانشقاق شهية الخرطوم ، فعولت الحكومة كثيراً علي هذا الانشقاق و خروج قبيلة النوير التي تقطن الاراضي الغنية بالنفط و حقولها .. و لان قوة النوير تعد القوة الضاربة التي كانت تقلق الخرطوم المتعطش ظمأً الي البترول المكتشف حديثاً في الجنوب بأنتاجية كبيرة .. فقد استخدمتهم الخرطوم بمهارتها الفائقة الخرطوم في لعب دور حماية حقول و ابار النفط الذي بدء انتاجة و تصديره فعلياً في ولاية الوحده قلعة النوير..









    الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( 2 )

    ******************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    لقد ظل السيد/ وزير خارجية السودان في حكومة الوحدة الوطنية السيد لام اكول اجاوين طيلة العامين الماضين من عمر حكومة الشراكة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ظل الرجل مكان جدل لا ينقطع فالحركة الشعبية و هي الجهة التي افرزته لهذا المنصب غير راضية عنه بالمطلق بل هي تتوجس منه و تشتم فيه رائحة المؤتمر الوطني كما تري في رأسه طاقية المؤتمرالوطني و ليس برنيطة الحركة الشعبية ...

    بتوقيع اتفاقيتي الخرطوم نامت الخرطوم قفا بعد ان تم لها ما ارادت بشق صف الحركة الشعبية في جبهة النوير جبهة البترول ... اما الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان فقد انقسم ظهرها و ادخلت الي غرفة العناية المركزة الي حين اعلان اخر .. لم يكد الحركة الشعبية تفيق من الضربة القاتلة التي منيت بها علي يد المنشق رياك مشار حتي صفعت بضربة في الخد الاخر و هي الضربة التي اطلق عليها بضربة الناصر فشوده و بالعكس .. و قد تصلح هذ ال بالعكس فيما بعد كخارطة طريق للدكتور لام اكول اجاوين .. فأن اردتم تتبع خارطة الطريق التي سلكها لام اكول استطيع رسمها لكم هكذا .. خروج لام من الخرطوم عبر البوابة الخلفية لجامعة الخرطوم الي الغابة في جنوب السودان ... و حتي لايختلط الفهم علي البعض فأن الغابة المقصودة هنا هي ليست الغابة المعروفة بغابة السنط في الخرطوم جنوب .. خروج لدكتور لام من الغابة في جنوب السودان وعاد الي الخرطوم في هذه الرحلة محمولاً علي قارب اتفاقية الناصر فشوده .. و لان قارب الناصر فشوده كان بها ثقوب كثيرة و عيوب اخري لم يفطن لها الدكتور الذي كان متعجلاً من امر للحاق مشار بالخرطوم .. هذه الثقوب التي كانت خافية عن عيني الدكتور التين كانتا تنظران بعيداً هذه المرة .. عين و صار وزيراً للنقل ببدلة افرنجية كاملة الدسم و رباط عنق انيق و اخر و اخر شياكه و قيافه .. الا ان وزارة النقل عجزت عن رتق ثقوب مركب الوزير ، و كانت الثقوب تكبر بمرور الايام و تتسع و الوزارة عاجزة عن سدها او اصلاحها .. و عندما أحس السيد الوزير بالغرق استنجد بطائرة صغيرة أقلته في رحلة و اجازة يقضيها في تفقد رفاقه من الذين اغفلته الوزارة عن مجرد السؤال عنهم و الهم الذي تركهم فيه .. امتدت الرحلة و طال زمانها لتنهي بشاعات تقول بعودة السيد الوزير الي الغابة و تشي بتمرده من تاني . و الوزير ينفي و يكذب الشائعات من نيروبي و يقسم بعدم تمرده او دخوله الغابة .. الوزير يؤكد بأنه في اجازة اسرية و في معاودة للاهل و سيعود الي الخرطوم عن قريب لمواصلة العمل بوزارة النقل وفقاً لاتفاقية فشودة الناصر و اختها اتفاقية الخرطوم للسلام ...

    و القاعدة عندنا تعلمنا دائما بأن الشائعة هي بنت الحقيقة و ليس بالضرورة أن تكون كل الشائعات اكاذيب فبعضها اصدق من الصدق و الحقيقة .. و التسريبات بعودة وزير النقل الي الغابة و ردود الفعل بالنفي تتواتر نفياً من الوزير و تأكيداً من المصادر ذات الصلة ، الي ان تقطع جهيزة قول كل خطيب ... فوزير النقل الدكتور لام اكول اجاوين يعلن رسمياً انضمامه الي الحركة الشعبية و يفصح عن تمرده الثاني تصديقاً للشائعات التي أكدت ذلك و تكذيباً للنفي الذي ظل يردده طيلة فترة خروجه الغامض من الخرطوم و غيابه توارد الانباء عن تمرده ..

    فما هي الدواعي الدوافع القوية التي جعلت وزير النقل الدكتور لام يضرب الاسداس بالاخماس و يقرر العودة الي حيث سيادة الفرد المطلق و انعدام الديمقراطية .. ما الذي جعل الدكتور الوزير يقرر العودة الي سيطرة الفرد و القبلية الموصوفة بشمولية الدينكا في الحركة الشعبية لتحرير السودان . لقد ادرك الدكتور الذي وصفه البعض بالانتهازي ادرك اخيراً جداً بأن اتفاقية الخرطوم للسلام كان مولوداً ميتاً .. و بالتالي ادرك بان اتفاقية الناصر فشوده كان حبلاًً كاذباً و ان مظاهر الوحم والحبل لم يكن الا وهماً كبيراً .. عرف الدكتور و تعلم بالممارسة اليومية بأن كرسي وزارة النقل تستند علي ثلاث ارجل مخلعة و علي كل من يجلس عليها ان لا يلقي بثقله كله عليها و الاسقط أرضاً مخشياً عليه فاقد للوعي ..

    و لعل الدكتور لام اكول تعلم الدرس المفيد من بلابل الدوح و قد يمثل القطب الثالث للبلبل الذي يتكوم منه و ( بناني و بلايل ) هذه الثنائي الذي اراد ان يصدح و يغرد علي طريقته بعيداً عن السرب ( المؤتمر الوطني ) فأتهموا بالجهوية التي أنتهت بأبعاد كل من بلايل و بناني من كراسي الوزارت الي كانوا يشغلونها .. راي الدكتور لام بأم عينيه الاثنين النهاية التي انتهي اليها كل من باني و بلايل من انسلاخ الي انشطار و من ثم انقسام الي أصل و فرع .. و لانه كما اسلفنا الذكر مهندس كيميائي فقد دخل معملة هذه المرة و الشواهد بين يديه وزن الامور جيداً و حللها تحليلاً صحيحاً .. و من ثم دقق النظر الي النتائج بميزان الفائدة و المصلحة و استخلص المحصلات النهائية التي صارت تلوح في أفق الحركة الشعبية بنيروبي .. قارن الدكتورالحاضر الاني هنا الخرطوم و المستقبل الاتي من هناك من نيروبي و من نيفاشا .. و قابل المكتسبات بعضها ببعض المكتسبات الحالية الانية و ما يغطيها من الضباب الكثيف .. و المكتسبات التي ستأتي بها الحركة الشعبية لتحرير السودان و التي اضحت قاب قوسين او ادني .. رفع الدكتور الغشاوة التي كانت تظلل عيونه و نظر بأمعان الي الافق و قد رأي سفينة السلام تمخر العباب وهي زاحف بأتجاه المرسي الأمن رويداً رويدا ..

    كانت سفينة اتفاقية السلام السوداني الحقيقي يدنو نحو شاطي الامان و الطمأنينة بثقة كبيرة لا تعرف الالتفات الي الوراء ابداً ... فربان السفينة هذه المرة كان خبيراً ماهراً محنكاً حاذقاً و صاحب دراية كاملة ببطون الاعماق ووعورة السهول كما كان يعرف كيف يتسلق القمم العالية .. كانت المفاوضات السودانية الاكثر جدية بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية لتحرير السودان تتقدم بثات نحو تحقيق غاياتها و اهدافها المرجوة ولو بالبطء الذي كان يقول به العامة .. فها هي ملامح بنود تقسيم السلطة و الثروة صارت واضحة و لا اللتباس فيهما و هذا كافي جداً لأسالة لعاب الكثيرين من الذين خرجوا علي الحركة الشعبية او وقفوا ضدها .. و بعد دخول النفط السوداني المنتج حديثاً الي أضابير المفاوضات و قاعاتها ، بل قل بعد ان تربع البترول علي طاولة المفاوضات و اضحي البند رقم واحد في تقسيم الثروة .. صارت الحركة الشعبية لتحرير السودان جاذبة للكثيرين و صارت بذلك قبلة للذين كانوا يتحاشونها او يستحون من قادتها و يلصقون بهم من تهم التمرد و الخيانة و العمالة ... و قد جذبت قوة مغناطيسية الحركة بعض الوزراء الاتحاديين و كان الدكتور لام اكو واحداً من الذين اندفعوا اندفاعاً نحو الحركة الشعبية من بعد الخصومة و العدواة و الانشقاق والطعن القاتل الذي اصاب الحركة الشعبية في صميمها و ليس في ظهرها كالمعتاد ..

    و لا غرابة في تعود العرجا الي مراحها و لا حرج في ان يعود الابن الضال الي ابيه حيث الرحمة و العطف و الغفران .. عاد الوزير الي الغابة التي ودعت بدورها السلاح و اوقفت اطلاق النار كما اوقفت العدائيات الاعلامية .. عاد الوزير الي هناك للمرة الثانية بطموحات اكبر و ربما بأطماع خجلي يداريها شي و الاستحياء و الاسف .. انضم السيد الوزير و ليس استاذ علوم الهندسة الكيميائية بجامعة الخرطوم ... انضم لام اكول اجاوين الي الحركة الشعبية هذه المرة و هو يحمل بين يديه أسهم وزارة النقل الاتحادية و لهذه رونقها ميزتها و ربما خصائصها ايضاً و متطلباتها لاحقاً ...

    عاد لام اكول اجاوين الي الحركة الشعبية عندما تأكد من ان ثمار نضالها قد أينعت و ان أوان قطافها هان ... عاد وزير النقل هذه المرة و جل همه هو الوصول الي سلة الثمارة الناضجة ... تلكم الثمارالتي عمل في يوم من الايام علي اتلاف بساتينها و تدمير شجيراتها اليانعة و تخريب ازهارها المتفتحة .. و لعمري فأن هذه درجة من السادية و هي بعد ثالث لما يسمي بالانتهازية و اغتنام الفرص او اسغلالها ... لم تكن جراح الانشقاق العميقة المؤلمة قد اللتئمت ... لم تجف سيل الدماء النازفة من كبد الحركة الشعبية .. كما ان الوقت و الزمان الذي امضاه

    الدكتور في الخرطوم مع خصوم و اعداء الحركة الشعبية لم تكن كافية لنسيان الطعنات و الجراح .. بل كانت الحركة الشعبية لا تزال ترجع اسباب هزائمها الاخيرة و تقهقرها الميداني الي انشقاق كل من رياك مشار و لام اكول و من خلفهما قوات قبيلتي النوير و الشلك الكبيرتين .. و الحركة الشعبية و ان حاولت مرات و مرات ان تنسي ذلك الماضي المثغن بالمرارت و الجرلح الخائرة في الاوصال الملطخة بالدماء الا ان الذاكرة القوية بقوة تلك الاحداث كانت لا تسعف القادة في كثير من المواقف رغم ما تم من الصفح و الغفران و العفو عن ما سلف ....

    عاد الدكتور الي الغابة في هذه المرة بدون ان يقابل بأي نوع من مظاهر الاحتفاء و حرارة الاستقبال التي غمرته في المرة الاولي ... تلك المرة التي دخلها و هو استاذاً جامعياً وثائراً قوياً ينبض قلبه بحرار الثوار الاحرار الذين يحاربون الظلم و يجاهرون ضدها و ضد كل رموزها في كل مكان . هؤلاء الثوار الاحرار الذين ينادون بأن الحرية و العدل و الديمقراطية هي لنا لسوانا .... عاد الدكتور هذه المرة الي الغابة و الكل كان يتوجس منه و يشتم فيه رائحة الغدر و يري في ملامحه وجه الخيانة .. و كانوا يرون في عيونه كل معاني العمالة و الارتهان ... كانت صورة الدكتور الوزير قد تغيرت كثيراً عن سابق عهدها التي عرفه بها الجميع .. و هذه هي اوحدة من مساوي السياسة التي لا تحصي فهي تتلون و تتشكل و قد تتغير بحسب مقتضيات المواقف و الضرورات و الكلمات تنمق بالزيف و الكذب و بعض المحسنات البديعية التي لا تخلو من بالنفاق الذي يسمي بالنفاق السياسي و هي قواعد لعبة السياسة القذرة ... و كان مقدم الوزير هذه المرة غير مريح بالنسبة الي الكثيرين بدرجة تصل عند بعضهم بالانزعاج و القلق .. فقد قوبل علي مضض و استقبل بأقل ما يمكن وصفه بالاستقبال البارد و الترحيب الفاتر ان جاز التعبير و الوصف ...

    و لاعجب في ان تكون كل الفترة التي قضاها الدكتور في اوبته الثانية الي الحركة الشعبية لتحرير السودان هي فترة للبيات الشتوي او السبات و النوم السياسي ... فقد امضي لام اكول تلك الفترة و هو شبه مهمش ان صلح استخدام كلمة التهميش عندما يكون الكلام عن الحركة الشعبية التي تدعي بأنها ثورة المهمشين و بالتالي فهي تحارب التهميش .. و قد اختار قيادة الحركة الشعبية فن الممكن في تعاملها مع الدكتور لام اكول العائد اليها للتو من عدوها حكومة عمر حسن احمد البشير فهي لا تزال كذلك رغم التقدم الذي أحرز في العملية التفاوضية ... و لاشك ان عودته تعد و تحسب كسباً سياسياً للحركة و خسارة لحكومة الخرطوم و بالتالي فالدكتور ورقة من اوراق الضغط التفاوضي الغير مكتوبه ... و كما سبق الدكتور رياك الدكتور لام عند التوقيع مع الخرطوم ... سبق رياك ايضاً لام في العودة الي قرنق و قد فتح قرنق كل مصاريع ابوابه لمشار ... فأرجعته الي صفوفها الاولي و منحته السلطات الكاملة الي يستحقها دون ان تحاسبه الي ماضيه ... و هذا ما لم تفعله قيادة الحركة الشعبية في شخص رئيسها و زعيمها الدكتور جون قرنق مع العائد الي صفوفها لام اكول .. و لقيادة الحركة الشعبية منطقها في ادارة شأنها و لها اسلوبها الخاص في التعامل مع المنضمين اليها او المنتسبين لها ... كما ان لها استراتيجيتها في التصنيف بتقديم بعض الافراد الي صفوفها الامامية و تأخير أخرين الي ما وراء الصفوف او ابقاءهم و اجلاسهم علي دكة الاحتياطي خلف الستار ... و كم كانت هذه المعايير و المقاييس و الاوزان و التصنيف صعبة و قاسية جداً لدي الدكتور لام اكول أجاوين ... و قد حاول التململ و الضجر و الاستنكار او ابداء عدم الرضي و رفض ما يحدث له ... بل حاول الجهر مرات باظهار نوعاً من قوة العضلات المستترة خلف قوة الاخرين و لكن بدون فائدة يرجي ... و لست ادري ما هو الدور الذي لعبه الدكتور في الاونة الاخيرة قبيل توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية لتحرير السودان بنيفلشل ... فقد برز في الحركة الشعبية تيار قوي شبه معارض و انقلابي كاد ان يجرف الحركة الي هاوية الانقسام هي تمر باحرج الاوقات في تاريخها علي الاطلاق ... و قد طفحت افرازاتها هذا التيار الي السطح و اطلاق عليها حينها بجبهتي رمبيك و تويت أي جبهة جون قرنق و جبهة سلفاكير ميارديت ... و قد تمكنت الحركة بفطنة قيادتها من تجاوز تلك المرحلة الصعبة لتفوت علي اعدائها فرصة تقدر عندهم بالفرصة الذهبية ...

    تلك كانت فرصة انتظرتها الخرطوم بفارق صبرها لتكسب كارتاً قوياً تضعف به مفاوضها الشرس جون قرنق قبيل التوقيع علي اتفاقية السلام .. و نشير هنا الي ان سلفا كان هو المفاوض الاول من طرف الحركة و غازي صلاح الدين العتباني من طرف الحكومة ... و قد قيل حينها بأن غازي يعد من قيادات الصف الثاني و بالتالي فهي متصلبة في مواقفه حتي لا يحاسب من قيادات الصف الاول او يتهم منهم بالرضوخ والتفريط التنازل عن الثوابت ... وقد استبدلت الحكومة مفاوضها المتصلب صلاح الدين العتباني بالاستاذ علي عثمان محمد طه الذي كان يعد صقراً من صقور الانقاذ و الجهة الاسلامية القومية ... و حل قرنق مكان سلفا و بذلك تلاقي قمتي الطرفين رأس برأس و قد افلحا في رسم خارطة الطريق لأتفاقية السلام ... قد كان لهذه الاستبدالات تداعياتها لدي الطرفين اللذين خرجا ، امتعض غازي جداً و قد عبر عن عدم رضاه بالحنين الماضي فقام بتبادل الرسائل مع شيخه حسن عبدالله الترابي ... وقد اشار غازي في رسائله الي الشيخ عن أسفه الشديد بخصوص تراجع البرنامج الاسلامي في ظل غياب الشيخ كما شكي له تنازل الجماعة عن الكثير من الثوابت و المباديء الاسلامية ... سرب الشيخ رسائل تلميذه نكاية به و من معه و انتهي امر العتباني بالدفع به الي الاستقالة من استشارية رئيس الجمهورية لشئون السلام ليتفرغ لادارة اعماله الخاصة و مزاولة هواياته في الكتابة و الاطلاع ... و هذه الاستقالة في ادب الاسلامين هي استراحة المحارب ... و في الطرف الاخر رجع القائد سلفا كير ميارديت الي جنوده في الاحرشا و اختفي عن الاضواء و اكنفي بالصمت كدأبه الي ان راجت الاحاديث و ترددت الشائعات عن اختلافهما و الدكتور جون قرنق ... و قد لا يخفي عي الكثيرين موقع الدكنور لام اكوا اجاوين من الاعراب في حادثة الاختلاف قرنق و نائبه سلفا ...

    المهم هنا هو ان الدكتور لام اكول ظل طي النسيان بالنسبة الي قيادات الحركة الشعبية كأنها ارادت ان تعاقبه بالتهميش و التجاهل الذي عومل به ... و الي ان دخلت الحركة الشعبية الي الخرطوم متمثلة في ( وفد المقدمة ) و دخول قائد ها التاريخي الشهير الزعيم / جون قرنق في يوليو 2005م ... وذلك الدخول التاريخي الي القصر الجمهوري من اوسع ابوابها ... و بعد الاستقبال الكبير الذي استقبل به من الشعب السوداني في الساحة الخضراء ... ظل لام اكول يحمل لقب الوزير السابق و هو اللقب الذي الذي ظلت اعلام الخرطوم تطلقه عليه دون ان تظهره اجهزة الحركة الشعبية الي اضوائها الكاشفة ضمن نجومها اللامعين ... و قد لا يفوت علي احد توق الرجل و شوقه الحار العارم الي تلك الاضواء و الكاميرات الاعلامية ... لم يكن الوزير السابق واحد من نجوم الحركة و كوكبتها التي حلقت في سماء الخرطوم و جابت شوارعها بزهو الظفر و حلاوة النصر .. كما ان اسمه لم يكن ضمن قائمة الشرف المرشحة لتبوء تلك المناصب الرفعية التي افرزتها قسمة السلطة للحركة الشعبية ... و قد شهدت الخرطوم بل شهد السودان كله حراك سياسي لم يسبق له مثيل ... و كانت نسيمات التغيير الحقيقية تفوح في كل مكان و تحركت برك السياسة السودانية التي شابعا الفتور و البرود الي مرحلة الجمودة ... و لاح في افق السودان دورة جديدة لعهد جديد و حياة افضل لشعب يستحق ان ينعم بخيرات بلده الوفيرة ... و قد شهد العالم اجمع و شاهدوا تلك الخطوات الثابتة التي كانت تخطوها الحركة الشعبية نحو تحقيق حلم جماهير الشعب السوداني . و ذلك بأنزال الشعارات الي أرض الواقع و ترجمة السلام الي تنمية تنتظم سائر اركان السودان و تثبيت أسس السودان الجديد في كل مساحة المليون ميل مربع علي قواعد العدل و المساواة و الحرية و الديمقراطية ...









    الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( 3 )

    ******************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    لقد ظل السيد/ وزير خارجية السودان في حكومة الوحدة الوطنية السيد لام اكول اجاوين طيلة العامين الماضين من عمر حكومة الشراكة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ظل الرجل مكان جدل لا ينقطع فالحركة الشعبية و هي الجهة التي افرزته لهذا المنصب غير راضية عنه بالمطلق بل هي تتوجس منه و تشتم فيه رائحة المؤتمر الوطني كما تري في رأسه طاقية المؤتمرالوطني و ليس برنيطة الحركة الشعبية ...

    لست متأكدا فيما اذا كان السودان الجديد الذي ناضل من أجله القائد العظيم الدكتور جون قرنق لا يزال هدفاً و مطلباً حقيقاً و استرتيجياً لدي قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان ... فكل الشعب السوداني يريد ان يعرف هذه الحقيقة و يتأكد من ذلك عملياً و من خلال ممارسة فعلية تثبت له بأن مشروع السودان الجديد هو في الاساس مشروع الحركة الشعبية و بالتالي فهو لا يزال قائم و لا يمكن ان يتأثر بموت واحد من الافراد حتي لو كان ذلك الفرد هو صاحب الفكرة و الرؤية ... و الا فاليخرجوا الي الشعب و يعلنوا بأن مشروع السودان الجديد قد مات ايضاً و دفن مع صاحب فكرتها في تلك المقبرة القريبة من الملجس التشريعي لجنوب السودان بجوبا ... فهذا علي الاقل سيمكن مريدي جون قرنق و محبيه من تذكر مأثره في كل احتفال تحتفل به الحركة الشعبية بمرور عام علي رحيله ... و قد يتاح للبعض منهم الفرصة لعمل شيئاً ما تخليداً لهذ السودان الجديد الذي لم ير النور و يتذكرونه عند كل زيارة او مزار لقبر الراحل الدكتور جون قرنق ...

    فعندما يقف الدكتور لام اكول اجاوين وزير خارجية جمهورية السودان في أي محضرمن محاضره الكثيرة ... او عندما يجلس في أي قمة من القمم الكثيرة التي تعقد بصورة راتبة في العاصمة السودانية الخرطوم .. و عندما يتحدث السيد وزير خارجية السودان الي اجهزة الاعلام السودانية والعربية و الافريقية و العالمية ويصرح لوكالات انباءها ... عندما يتحدث السيد الوزيرعن مشكلة دارفور و عن حركات التمرد التي تطالب بحقوقها في السلطة و الثروة و العدل و المساوة و الحرية بلغة الاستعلاء ... هل يتذكر السيد الوزير بأن نفس هذه المطالب التي يحارب أهل دارفور لأجلها هي ذات المطالب التي حارب أهل الجنوب لأجلها ... أم ان السيد الوزير نسي او يحاول ان يتناسي بأن الموقع الذي يشغله و يجلس علي كرسيه كان في يوم من الايام موقعاً بعيد المنال علي الجنوب كل اطراف السودان البعيدة لو لا .......... ان علامات الدهشة تعلو الوجوه عندما يستمع المرء الي عضو الحركة الشعبية لتحرير السودان و احد وزرائها في حكومة الوحدة الوطنية ... عندما يتحدث وزير في قامة لام اكول عن مطالب حركات دارفور التي تحمل السلاح بلغة الاستهجان ويصفهم بالمتمردين و الخارجين عن القانون ... ان المستمع الي السيد وزير الخارجية و لغته التي تشبه لغة أهل السودان القديم بالذاتفيما يختص بمطالب حركات دارفور .. فلاشك ان المرء سيحتاج الي نظارة نظر تعين بصره الضعيف حتي يتأكد من شخصية هذا المتحدث . فالرجل يتكلم عن الاخرين و سعيهم لنيل حقوقهم كما لو ان تعينه وزيراً للخارجية تم و هو استاذ بكلية الهندسة جامعة الخرطوم ...

    و لاشك فان للرجل الكثيرين من المعجبين بطريقته و الاسلوب الذي يدير به الموقع الذي يشغله و هو يمثل السودان كله و يعكس رؤيته الخارجيه ... كما ان البعض يمتدحون وطنيته و قوميته و وحدويته و بعضهم معجبين بفصاحته و طلافة اللسان الذي يتكلم به كجنوبي و هذه ميزات و اسهم لا يمكن انكارها او تجاهلها او غض الطرف عنها .. فهي جملة من الايجابيات و المكتسبات نحسبها من ارصدة الرجل التي لا يمكن انكارها .. و لكن ما يعاب عليه هو تبنيه لبعض مواقف المؤتمر الوطني اكثر أهل المؤنمر الوطني أنفسهم .. و من المواقف السلبية جداً للدكتور لام اكول أجاوين صمته ازاء مذبحة ميدان المهندسين او ميدان مصطفي محمود بوسط القاهرة ... تلك المذبحة التي راح ضحينها اكثر من ثلاثين سودانياً بحسب الاحصاءات المصرية الرسمية .. نلك المجزرة الوحشية التي استخدمت فيه الشرطة المصرية القوة المفرطة من غير مبرر كما جاء علي لسان الناطق باسم الامم المتحدة ... و حادثة المهندسين تعد من اسواء الحوداث التي انتهك فيه حقوق الانسان السوداني و تم فيه ركل و أهانة الكرامة السودانية بالبوت المصري .. و لا ننسي بان هذا الحادث البشع قد قوبل بالتنديد و الاستنكار من الشعب المصري و منظماته المدنية المختلفة التي تهتم بحقوق الانسان ...و قد شجبت كل المنظمات و الحكومات في البلدان الحرة قسوة الحكومة المصرية في تعاملها مع اللأجئيين السودانيين .. فقد ظن هؤلاء اللآجئين و حسبوا بأنهم فروا من و خرجوا من الاوضاع الانسانية السيئة في السودان طلباً للامان في مصر الشقيقة و لكن هيهات .. فقد قتلت الشرطة المصرية اطفالهم بخراطيم المياه الباردة في عز برد نهاية شهر كانون الاول ديسمبر.. ضربت الشرطة المصرية الكهول و العجزة و النساء بالعصي و البنادق لتدوس بذلك علي كل ادعاء كاذب و باطل تنادي به اتفاقيات الحريات الاربعة بين مصر و السودان ....

    و قد تكون لمصر مبرراتها اتفقنا معها او اختلفنا و لكن ما هو ردة فعل الحكومة السودانية تجاه مذبحة ميدان مصطفي محمود ... ماذا قالت الحكونة في السودان بحق لاجئيها الذين اغتالتهم الحكومة المصرية في تلك المجزرة التي جندت لها ما يربو علي الاربعة الف من عتاة قوات الدرك المصري .. دفعت مصر بشرطتها المدججين بالسلاح و خراطيش المياة الباردة المحمولة في الصهاريج علي المركبات الضخمة ... سارعت الحكومة السودانية الي الاعتذار الي الحكومة المصرية مبدية الاسف الشديد من الحرج الذي سببه اللأجئيين السودانيين الغير شرعيين لحكومة مصر و لشعبها الشقيق ... بل ذهبت الحكومة السودانية ابعد من ذلك فحاولت ان تتبرأ ممن وصفتهم بالمارقين عن القانون و نسبتهم الي الحركة الشعبية لتحرير السودان ...

    اما وزير خارجية السودان و ممثل الحركة الشعبية الدكتور لام اكول فقد اخرست لسانه او قطع لست ادري ... فلم يفه ببنت شفة واحدةً سلباً او ايجاباً بحق أهله اللأجئيين الذين انتهكت انسانيتهم ... و لسنا بالضرورة مؤيدين للمواقف و الاساليب التي اتبعها اللأجيين السودانيين فقد نختلف معهم من حيث المبدأ و نهجهم في التعبير عن مشاكلهم ... الا ان الموقف الانساني يستدعي رفض و استنكار بل و التنديد بالمجزرة التي ارتكبت بهذه الفظاعة و القسوة الغير مبررة وهذا هو أضعف الايمان ... و قد سئل السيد وزير الخارجية لاحقاً عن سبب السلبية و البرود التي تعامل بها تجاه مجزر المهندسين بالقاهرة و لكنه رفض التعليق بحجة عدم صلاحيته للتحدث في هذه الحادثة لحساسيتها ... فاذا كان السيد وزير خارجية السودان غير مخول للتحدث عن مجزرة بحجم مذبحة ميدان مصطفي محمود بوسط القاهرة و هي المجزرة التي ندد بها كل وزراء الخارجية في كل دول العالم تقريباً .. فليت لام اكول استنكر المجزرة بصفته الشخصية كسوداني و كمواطن جنوبي بعيداً عن الصفات الرسمية و حسابات السياسة الشائكة و المعقدة .. فيا تري ما هي نوع المشاكل و الاحداث و القضايا المهمة جداً التي تدخل في دائرة و صلاحية وزير الخارجية و يسمح له بالتحدث فيها ...

    و لكن لا غرابة ابداً في ان تغض الحكومة السودانية طرفها عن الممارسة المصرية الوحشية بحق السودانيين لانهم في غالبيتهم من الجنوبيين ومن النوبة و من بعض أهل دارفور المتمردين ... كما لا غرابة ايضاً في ان تلجم الحكومة السودانية لسان وزير خارجيتها حني لا ينطق ببنت شقة عن الذي جري بالقاهرة .. فللحكومة السودانية او بالاحري للمؤتمر الوطني النفوذ و القوة التي تمكنها من تكميم الافواه و ربط الالسن حتي لو كانت تلك الافواه و الالسن تخص شركائها في حكومة الوحدة الوطنية .... و هذا ما فعلته مع السيد لام اكول اجاوين وزير خارجية السودان و الناطق الرسمي بأسمها في بعض المؤتمرات و القمم الكبيرة التي تعقد دورياً في الخرطوم عاصمة الثقافة العربية ...



    الدكتور / لام اكول أجاوين

    هل يغرد خارج السرب ... ( الاخير )

    ******************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    لقد ظل السيد/ وزير خارجية السودان في حكومة الوحدة الوطنية السيد لام اكول اجاوين طيلة العامين الماضين من عمر حكومة الوحدة الوطنية و الشراكة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ظل الرجل مكان جدل لا ينقطع فالحركة الشعبية و هي الجهة التي افرزته لهذا المنصب غير راضية عنه بالمطلق بل هي تتوجس منه و تشتم فيه رائحة المؤتمر الوطني كما تري في رأسه طاقية المؤتمرالوطني و ليس برنيطة الحركة الشعبية ...

    لا غرابة في ان تستغل الحكومة او بالاحري المؤتمر الوطني مهارات و خبرات الدكتور لام اكول لصالحها و التعبير من خلاله عن افكارها و رؤيتها الخاصة .. و رؤية المؤتمر الوطني في احياناً كثيرة لا تتفق مع شريكاتها في الحكم الحركة الشعبية لتحرير السودان .. و كم من المرات تجاوزت الحكومة من خلال المؤتمر الوطني الحركة لشعبية في اصدار بعض القرارات التي يتوجب تشاور الشريكين حولها قبيل اصدارها ... فقد استطاع المؤتمر الوطني ان يستفيد و يحقق اغراضه الحزبية في القمم الاخيرة التي عقدت في الخرطوم بتصريحان وزير الخارجية لام اكول بعيداً الشريكه حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان ...فعندما تصارع الخرطوم و تقاتل بشراسة و بكل ما اوتيت من فنون التحايل و المناورة السياسية حتي تتمكن من تولي رئاسة الاتحاد الافريقي فهي تدفع بالسيد لام اكول في هذا الاتجاه في و الوقت نفسه تداري ظهرها عن الحركة الشعبية التي ينتمي اليها وزير الخارجيه ... و الخرطوم التي عرفت بنقد العهود و حنث الاقسام نامت علي وسادة دبلوماسيته وزير الخارجية الذي ظل يطمأنها بأنها ستفور برئاسة الاتحاد الافريقي .. و لكن الدبلوماسية التي لا تتوفر فيها الشفافية و الصدق في تعاملها مع شريكها و مع شعبها لا يمكن ان تفوز برئاسة الاتحاد الافريقي ... فالاتحاد الافريقي منوط به ارسال القوات الي دارفور ، و تولي السودان لرئاسة الاتحاد الافريقي يعني تولي السودان قيادة جنود الاتحاد الافريقي بدارفور ... و حكومة السودان طرف أصيل في الصراع الدائر في دارفور ... الا ان السيد لام اكول يصر بأن السودان يكنه لعب الدورين معاً في دارفور الحكم و الجلاد وهذه واحدة من المستحيلات التي يصعب تحقيقه في النزاع الذي صار يدار دولياً بأمتياز ... ذهبت رئاسة الاتحاد الافريقي الي رئيس دولة الكنغو التي لم تكلف نفسها اقتصادياً و ترهق معيشة شعبها في بناء الفلل و القصور الرياسية الفخمة علي حساب قوت الجياع او علي حساب تأخير اجور العمال الكادحين الغلابي ... الكنغو السعيدة جاءتها الرئاسة علي طبق من ذهب دون ان ترسل الوفود الرفيعة الي دولة الصين الصديقة لشراء و احضار اليخت الرئاسي ... اما الخرطوم التي عطلت دولاب عملها لثلاث ايام علي التوالي و اغلقت طرقها و حشدت ترسانة قوات أمنها عشماً في كسب ود الضيوف و طمعاً في الظفر برئاستهم في العام 2006 م .. كانت الخرطوم تنوي القفز بالزانة السياسية متجاوزة او متغافلة بذلك همومها الداخلية المستعصية شرقاً و غرباً ... ارادت الخرطوم احتواء المشاكل الداخلية بتطويقها من الخارج و هي ترأس الاتحاد الافريقي و لكنها فشلت فشلاً زريعاً ...

    وعندما ادركت الخرطوم بالفشل و ان رئاسة الاتحاد الافريقي قد انتزع منها اتنزاعاً فكت اسر لسان وزير خارجيتها لام اكول .. و لام اكول يستطيع بدون حياء او خجل ان يصرح في ختام القمة الافريقية بأن القمة كانت ناجحة و قد حققت اهدافها و مناقشة القضايا المصيرية للقارة الافريقية ... و وزير خارجية السودان الذي لا يخجل و لايستحي يعرف جيدا مدارة الحقيقة و مجافاتها فهو يقول بأن رئاسة الاتحاد الافريقي هي من الصغائر التي لم يكن من اولويات السودان .. مع ان و القاصي و الداني يعلم جيداً بأن اجندة القمة الافريقية كلها وضعت في سله ووضعت امر الرئاسة الاتحاد الافريقي في السلة الاخري .. و قد أمضت القمة الافريقية التي انعقدا في الخرطوم جل وقتها لمناقشة بند واحد هو مدي استحقاق السودان و أهليته لرئاسة افريقيا في الدورة 2006 .... 2007 م .. و لان السيد وزير الخارجية متمكن في مجافاة الحقائق بلا حرج فالحكومة تقدمه للعب دور الناطق الرسمي باسم حكومة السودان ... و الدكتور يستطع ان يفتري علي الرؤساء الافارقة لاخفاء فشل حكومته في رئاسة الاتحاد الافريقي التي يقول عنها بأنها من الصغائر ... فاذا كانت رئاسة القمة الافريقية حسب السيد الوزير من الصغائر فلما التباكي علي الزيت المسكوب و ما داعي الافتراء علي الرؤساء الافارقة الضيوق و القول بحقهم بأن هناك ضغوطاً خارجية قد مورست عليهم للتأمر ضد السودان و ضد أحقيته في رئاسة الاتحاد الافريقي .. وزير خارجية السودان يناقض نفسه بنفسه فهو من جهة يصف رئاسة القمة بالجزئية الصغيرة التي لا تستحق كل هذا الزخم الاعلامي الذي تناولته به الاعلام ... و من الجهة الاخري يتهم قادة الدول الافريقية بالضعف و الاذعان للامريكان و حرمان السودان من حقه الشرعي في الرياسة الافريقية ....

    أن وزير خارجية السودان الدكتور لام اكول أجاوين المحسوب علي الحركة الشعبية لتحرير السودان مطالب بمراجعة النفس و نقد الذات ... و ان لا تكون اضواء الكاميرات التي تسلط عليه و الشاشات التي يطل عليها هي التي تتحكم فيه و تختار له التصريحات المنمقة و الالفاظ الفضفاضة الفارغة من المحتوي و البعيدة عن الحقيقة او المجافية لها ... و عليه بأبداء قليلاً من الالتفات الي سربه و قضاياه و مشاكله و هذه لا تنقص من قدرته و قدره كوزير اتحادي او قومي ... كما ان السيد الوزير مطالب ايضاً بألقاء نظرة الي ادائه من خلال الانتقادات التي توجه اليه بنفس قدر اهتمامه بالاطراء و المديح حيث يجد نفسه ... ليس بالضرورة ابداً ان يكون الوزير نسخة طبق الاصل من افراد السرب الذي ينتمي اليه ، كما انه لا يحتاج الي محاكاة الاخرين و تمثيل ادوارهم او تقليدهم بدرجة ذوبان شخصيته الاعتبارية و الدوران في فلك الاخرين او الانصهار في قالبهم ... !!!



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    31 / 8 / 2006م





    أليو أجانق

    هل يقتلون الحقيقة أيضاً ؟



    **************

    بقلم /ايليـــــا أرومــــي كوكـــو







    ( طالب ريك مشار نائب رئيس جنوب السودان بإعادة فتح التحقيق في حادث تحطم المروحية الذي أودى بحياة جون قرنق أول رئيس لجنوب السودان وذلك لتبديد الشكوك حول وفاته.)



    بالتأكيد أن الخبر أعلاه سيريح الكثيرين من محبي معرفة الحقائق.. وما لا شك فيه هو ان بال مدام ربيكا سيهديء قيليلاً و ستتنفس الصعداء . و اخيراً ايضاً سيدرك السيد أليو أجانق الذي صار اول كبش فداء .. أن اليو أجانق الذي يعد ضحيه من ضحايا الشكيك في حادثة موت و اغتيال الدكتور جون قرنق .. سيدرك أجانق أخيراً صحة العبارة التي تقول ( ما ضاع حق وراءه مطلب )

    وهذا ما يجعلني أعيد ما كتبته في 21 اغسطس 2007م بعيد أقالة أليو أجانق .قد تشرفت بأن سودانيز اون لاين قد نشرت لي المقال ادناه تحت عنوان ..



    أليو أجانق



    هل يقتلون الحقيقة أيضاً ؟



    هل هان الوقت لفتح ملف موت او أغتيال النائب الاول لرئيس الجمهورية الدكتور / جون قرنق ديمبيور رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان و الزعيم الافريقي الكبير من جديد .. فبعد ما قالته ماما ربيكا للتلفزيون الكيني في الفترة السابقة . فقد اشارت لاول مرة بأصابع الاتهام لا يدانيها الشكوك .. و بالرغم من قوة اقوالها الا ان كلامها لم يؤخذ مأخذ الجد من أي جهة ما رسمية او غير رسمية . فحتي المنظمات العالمية التي تعني بحقوق الانسان و التي تدعي بأنها حارسة للحرية و الانسانية لم تحرك ساكناً . و قد استهلك اقوال و ادعاءات السيده / ربيكا استهلاكاً اعلامياً فقط ..

    الا ان الحجر الكبير الذي القي به السيد / وزير الدولة بوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطينةالسيد / اليو ابانق . كان كافيا لتحريك ملف موت الدكتور / جون قرنق من جديد .. نعم لقد تحركت البركة الساكنة بعد عامين من ذلك الرحيل التراجيدي للقائد العظيم .. نعم تحركت المياه الساكنه و لكن للاسف قذفت بأليو خارج مكاتب الوزارة و من يعلم فقد ترمي به تسونامي موت قرنق الي ما وراء الحركة الشعبية لتحرير السودان .. كنت اتابع و اتوقع ما سيصدر من ردود افعال عن قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد كلام ماما ربيكا .. و لكن بدون جدوي كما لو ان الرفاق قد نسوا او بالاحري يريدون طوي تلك الصفحة الي الابد .او كما لو ان معرفة الحقيقة لا تهمهم من قريب او من بعيد بل أبعد من ذلك كما لو أنهم لا يطيقون كل من يذكرهم بذلك ..

    و قد نجد بعض العذر للرفاق في الحالة الاولي من الشك المقرون باليقين حالة السيدة ربيكا .. نسبة لصلتها بالراحل الذي هو في المقام الاول زوجها و هي أقرب الاقربين اليه .. فقد يتبادر الي الذهن بأن الذكري الثانية لرحيل الرجل قرنق أجج في الست ربيكا ذكريات حياتهما الخاصة جداً .. ذكري و شوق الزوجة الي رجلها و حنينها لبعلها ..

    اما في الحالة الثانية حالة السيد وزير الدولة بوزارة الداخلية السيد اليو .. هذه الحالة تختلف عن سابقتها اختلافاً بيناً لاسباب عديده قد نوجزها في بعض النقاط كما يأتي :- ..

    * السيد اليو هو وزير دولة بوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية . و هذه الوزارة هي الوزارة المختصة في كل القضايا الجنائية بما فيها الامن و الجرائم و التحقيق فيها لاجل اظهار الحقيقة و تحقيق العدالة .

    * بالتأكيد ان لاليو علاقة ما بالقانون و هو الامر الذي جعل الحركة الشعبية لتحرير تدفع به الي وزارة الداخلية كوزير دوله في حكومة الوحدة الوطنية .

    * و الشي القليل الذي نعرفه عن اليو وزير الدولة هو نشاطه و تحركه الدائم . فقد رأيناه ينشط في مشكلة و قضية السودانيين اللاجئيين الذين أعتصموا بميدان المهندسين بالقاهرة قبل أكثر من عام و نصف .و كم عمل الرجل لاجل حل هذه القضية بين مصر و السودان . كما عمل جاهداً لأجل اقناع السودانيين العلقين في مصر بالعودة الي أرض الوطن السودان . و الشي الاكيد هو ان الدوائر القريبة منه هي ادري بما قدم هذا الرجل لأجل المهاجرين بمصر.

    * الامر الاهم و هو ان اليو كان واحداً من الذين شاركوا في التحقيقات الخاصة بموت او أغتيال الزعيم جون قرنق بحكم منصبه . و هذا ما يجعله اقرب الناس الي الحقيقة. بعد ان شارك في اللجنة لاكثر من ثلاث اشهر وقف خلالها علي كل التفاصيل المهمة و من ثم استقال من اللجنة ...

    * لقد استقال السيد اليو من اللجنة بعد ان عرف الحقيقة و تأكد من أن موت السيد جون قرنق لم يكن قضاءاً و قدراً او بفعل الطبيعة و المناخ . بل علم جيداً بأن هنالك أيدي خفية بل و قوية كانت وراء الحادث المأساوي الذي أدي الي موت الدكتور جون قرنق ..

    * ان الحقائق التي اوردها السيد اليو لا تدعي مكاناً للشك في ان السيد جون قرنق قد مات مقتولاً و ان هنالك جهات وقفت وراء عملية الاغتيال و دبرت له بدقة متناهية جداً. وقد برأ السيد اليو السودان من هذه الجريمة ...

    و الشك بان جون قرنق مات مقتولاً كان شكاً راود كل السودانيين بدون تميز منذ اللحظة الاولي للحادث .. و لم يغب هذا الظن و الشك عن مخيلة السودانيين طيلة السنتين الماضيتين من غيابه ...

    أن الخطوة التي خطتها مجلس الحركة الشعبية لتحرير السودان في جوبا بطلب اعفاء السيد وزير الدولة بوزارة الداخلية من منصبه هي خطوة غير موفقة و غير مبررة ابداً .. و هي خطوة ستزيد من تعقيد الامور و خلط الاوراق و زيادة الاستفهامات و الشكوك و الظنون ..

    لقد أكدت دولة يوغند استعدادها لاجراء التحقيقات من جديد لازلة الشكوك و تبين الحقائق . و مادام أن هنالك شكوك حول نتائج اللجنة الاولي . و من حق السيدة ربيكا و اولادها معرفة الحقيقة الكاملة وراء أغتيال زوجها ووالد أطفالها . و بالتأكيد ايضاً ان كل العالم يهمه معرفة الحقيقة و ازالة كل اللبس في امر هذا الاغتيال و الذين يقفون خلفه . و تقديمهم الي العدالة لان المجرم و المجرمين سوف لن يتوبوا او يتوقفوا عن مثل هذه الممارسات بأغتيالهم للسيد جون قرنق .

    المتوقع هو ان تكون الحركة الشعبية لتحرير السودان أحرص الاحرصين في أزالة جميع الشكوك و لاسيما شكوك مدام ربيكا قرنق و أسرتها و من خلفها كل جمهور الحركة الشعبية لتحرير السودان ..

    اما ان تتخذ مجلس الحركة الشعبية قراراً بأعفاء السيد وزير الدولة بوزارة الداخلية من منصبه بحجة الخروج عن المؤسسية فهذا ما لا يمكن فهمه و تفسيرة او تبريره و قبوله ابداً .فهي خطوة انفعالية متسرعة جداً.



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    21/ 8/ 2007





















    الفصل الثاني

    هل حقاً أدار الجنوبين ظهرهم

    لرفاقهم النوبة .. ؟

    *****

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    في العام الماضي احتفلت الحركة الشعبية بالذكري الاولي لرحيل رجل السودان العظيم وقائدها الدكتور جون قرنق ديميبيور . تحت شعار( شموع المحبة )

    فأضاء المحتفلين الالف الشموع أحالت ليالي استاد المريخ الي نهار .. و في هذا العام تم الاحتفال بالذكري الثانية تحت شعار ( جون قرنق عامان من الحضور ) . و بين الرحيل و الذكري الاولي و الثانية عبرت مياه كثيرة تحت وفوق الجسر .. كما ان رياحاً و عواصف و بل اعاصير عاتية وقاسية هبت علي الشموع بلا رحمة و لا شفقة وقد انطفئ الكثير من الوهج و البريق و النور. فجاءت الذكري الثانية شعاراً يكاد ان يكون بلا مضمون او بالاحري أفرغت الذكري الثانية عمداً و عن قصد من محتواها تماماً .. و قد غاب تخلف الكثيرين عن الذهاب و المشاركة في ذكري العام الثاني ….

    كان الجميع بلا أستثناء عند الرحيل حضوراً .. و كانوا هناك بمستوي الحدث و كانت وقتها الحركة الشعبية لتحرير السودان قبلة الجميع كما ارد لها قائدها .. كما كان لشعار الحركة الذي ينادي بالسودان الجديد الموحد جاذبيته.. السودان الذي راود الكثيري نبأن يتم بنائه بأسس جديدة تقوم علي أرضية صلبة و قاعدة متينة ترفع عليها و تسمو قيم العدل و المساواة و التنمية المتوازنة في كل ربوع السودان ..و قد بكي السودانيين جميعاً من صدمة الرحيل المفاجيئ بكاءاً مراً ..

    نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن الذكري الثانية الذي جاء تحت شعار عامان من الحضور رغم غياب الكثيرين و تراجع البعض. لان ذكري هذا القائد العظيم سيبقي حضوراً دائماً في أفئدة و قلوب من عمل لاجلهم كفاحاً و نضالاً حتي الرمق الاخير شهادة . هذه الذكري ستظل منقوشة علي صحائف الصدور الوفية الامينة و ستبقي ذكري خالدة ..

    عاماً من الحضور فماذا تبقي فيها من ألق السودان الجديد و قد تشتت سامر الرفاق و تفرق شملهم ليذهب كل في كل في سبيله .. عاماً من الحضور لم نشهد فيه أي تغيير يذكر بأتجاه السودان الجديد الا بتغيير العملة من الدينار الي الجنيه .. عامان من الحضور بدون تغيير يذكر في حياة السودانيين الذين كانوا يحلمون و يتطلعون الي السودان الجديد الذي كان في فكر القائد الكبير... فهل رحل القائد أخذاً معه كل شيئ .. فحتي الاحلام و الاماني و التطلعات .. تبددت و انداحت و هي تعد نفسها للرحيل لتلحق به ...

    يكاد الجميع ان يكون قد زهد او تخلي عن فكرة السودان الجديد .. و من الشواهد التي امامي المقالات الصحفية التي كتبها العميد/ تلفون كوكو ابو جلحه بجريدة رأي الشعب .. تم تجميع هذه المقالات في كتاب بعنوان ( المؤتمر الوطني و الحركة العشعبية وجهان لعملة واحدة ) . و يعد العميد تلفون كوكو واحد من ابرز قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بجبال النوبة .. بل هو من المؤسسين لها علي الاطلاق كما جاء في مقالاته و من ثم كتابه .. تلك المقالات حملت في طيأتها شكاوي كثيرة و انات و صرخات داوية تحس في كلماتها حرارة الدموع النابعة من العيون باكية حسرة .. كما تلمس في معانيها الام الجروح نازفة غبناً مكبوتً . و هي تعبر عن مدي الغضب و الغبن الذي اصاب كبد هذا القائد من رفاقه .. و تلفون كوكو يكاد يشكو لطوب الارض من ظلم رفاق الامس من زاملهم في ساحات الحرب و قلاع النضال بجبال النوبة و الانقسنا و ادغال جنوب السودان الوعرة .. و كيف تحول الرفاق عن شعارات الامس القريب مئة و ثمانون درجة ..وهذا هو من ظلم أهل القربي الاليم الذي يشكو منه العميد/ تلفون كوكو ابوجلحه .. و قد رمي تلفون كوكو بسهامه الغاضبة في كل الاتجاهات .. حتي كادت لا تستثني احداً او تفرق بين بين رفيق و حبيب او خصم و عدو و ناكر جميل 0 و أظنها اصابت حتي هؤلاء الذين يجب ان ينذكر محاسنهم حسناتهم في غيابهم الابدي . لم يستثتي سهام تلفون قادة الحركة و رموزها من الذين غيبتهم الموت كالقائد / يوسف كوه مكي و القائد جون قرنق دعك من الاحياء منهم و بالاخص الذي غيرته المراكز و المناصب او غرتهم المكاسب و المغانم ..

    و نحن هنا لسنا بصدد تقيم مدي و مقدار الظلم الذي حاق بالعميد تلفون كوكو من اصحابه و رفاقه فقد اوضح كل شيئ جلياً و بدون لبس. قد نتفق مع الرجل او نختلف معه في بعض الامور الا ان الذي يهمنا في هذا المقال هو عنوانه (هل حقاً أدار الجنوبين ظهرهم لرفاقهم النوبة ) فقدكان للنوبة القدح المعلي في النصر الذي تحقق للجنوب و المكاسب التي يتنعم بها القادة الجنوبين اليوم . كما كان للنوبة اليد الطويلة في في تقدم القضية و تطورها كقضية قومية تهم كل السودانين . قدم النوبة و باقي السودانيين من المهمشين انفسهم وقوداً في حرب العشرين عام بكل شجاعة و استبسال و تضحيات نادرة . و جاحد من ينكر دور النوبة الكبير العظيم في ترجيح كفة النصر في احايين كثيرة ليس لصالح قضية الجنوب بل لصالح السودان الجديد .. فالحرب الاخيرة لم تكن بين الشمال و الجنوب . بل كانت حرب ضد الظلم و التهميش وضد الاستعلاء الديني و العرقي و الثقافي . كانت الحرب لاجل السودان الجديد الواحدالمتحد بقواعد جديدة .. كانت حرب علي ظلم و طغيان المركز .. كانت حرب كل الاطراف المنسية في السودان في سبيل تحقيق ذاتها.. فهل أغفل المفاوض الجنوبي الكبير سهواً او عمداً حقوق باقي الاطراف السودانية و من ضمنهم النوبة .. و هل كانت نيفاشا بالنسبة الي أهل جبال النوبة و كل المهمشين كذبة كبري ابتدأت اوراقها في التساقط مباشرة بعد رحيل الدكتور جون قرنق لينكشف العورة تماماً بعد عامين من الحضور الغياب ...

    هل تنكر النائب الاول لرئيس السودان الفريق سلفا كير ميارديت للنوبة و ادار ظهره لهم بمجرد استلامه لزمام الامور في الحركة الشعبية لتحرير السودان . و الا فأين المواقف التي تدحض تلك الافتراءات ان جاز ان نسميها افتراءات .. ها قد مر علي رحيل القائد جون قرنق اكثر من عامين بالتمام و الكمال دون ان يقوم النائب الاول لرئيس السودان تسجيل بزيارة واحدة لرفاق الامس بجبال النوبة و لو علي سبيل التحية و المجاملة .. و كم كان الرفاق بجنوب كرفان تواقين لزيارتة وهم في أوج الاختلاف علي كل صغيرة و كبيره ….قد تأخر جراء ذلك الدستور في جنوب كردفان ليتأخر معه تشكيل الحكومة و لتتأخر التنمية… و قد انتهي فترة حكومة الحركة الشعبية في جنوب كردفان دون تحقيق أي مكسب او مغنم لأهل جنوب كردفان كلهم مؤتمر وطني و حركه شعبيه .. انتهي و انقضي عامان للحركة الشعبية و هي تدير دفة السلطة في جنوب كردفان و الولاية تغلي بالاحداث و المشاكل و التجاوزات .. كل ذلك لم يحرك ساكنا للنائب الاول لرئيس السودان . قد لا نخطيئ ان سمينا الذين يطالبون بادوار في حكومة جنوب السودان او بجزء من اموال التنمية المرصودة للجنوب لاجل التنمية في جبال النوبة بالمتفاعلين اكثر من اللازم .

    و مع كله هذا لا نستطيع ان نقول بأن الجنوبين اداروا ظهرهم لرفاقهم في جبال النوبة .. و قد نظلم النائب الاول لرئيس الجمهورية ان قلنا بأغفاله لجبال النوبة و جنوب كردفان . و هو الذي يمسك بيد كل مشاكل السودان جنوباً و شمالاً شرقاً وغرباً . و ليس بعيد عنا ملف مشكلة دارفور الساخن الذي يوليه النائبالاول أهمية كبري ..و هي مشكلة يتمني كل السودانيين حلها اليوم قبل الغد . فقط نأمل ان يضع النائب الاول رفاق الامس ضمن اجندته و اهتماماته و يتذكرهم ضمن مشغولياته قدر المستطاع ... لأن ذلك سيزل بعض الغضب و الكثير الغبن من الغالق في صدور الرفاق في جبال النوبة و سائر المناطق الاخري التي لا نعرفها و هو يعلمها جيداً ..و الجايات اكثر من الريحات ...



    11 / 8 / 2007



    جنوب كردفان

    و غياب الارادة السياسية

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    لقد كتبت الموضوع ادناه قبل ما يقارب الخمسة اعوم أي بعد اكثر من ستة اشهر من توقيع اتفاقية وقف الاطلاق النار في جبال النوبة بتاريخ 19 / 1 / 2002 م . تلك الاتفاقية التي صارت فتحاً مبيناً لسلام السودان بتوقيع اتفافية نيفاشا . و نيفاشا هذه ينظر اليها أهل جبال النوبة بمختلف خلقياتهم بأنها اخرجتهم من عيدها بلا حمص ... و في ظل الوضع الراهن بجنوب كردفان و هو الوضع الذي يصح ان نقول فيه بأنه وضع يراوح مكانه . حيث ان الشريكين في جنوب كردفان المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان ظلا عاجزين تماماً علي نخطي صعاب الماضي و القفز الي المستقبل . فحصيلةالعامين الماضيين من عمر الشراكة في جنوب كردفان كاننت صفراً كبيراً في الجوانب من تنمية و اذدهار و سلام و استقرار و اطمئنان .. لقد اعاد الشركين في جنوب كردفان الاجواء الي سابق عهدها قبيل 19 / 1 / 2002 م اجواء الحرب و ظروفها . كما ان وجود الامم المتحدة هناك في جنوب كردفان هو وجود يكاد ان اقرب الي الوجود السالب منه وجوداً ايجابياً . وهذا ما يجعل المواطنين في جنوب كردفان يحنون الي فترة وقف اطلاق النار اكثر من فترة السلام الراهن ..

    و كم حاولت ان اجد ما استطيع اكتبه عن ما تحقق في العامين الماضين دون جدوي و هذا ما جعلني اعود الي التنقيب أرشيفي لاجد فيه ما يمكن ان يقال في الظرف الراهن في جنوب كردفان و دارفور و السودان فقد نجد في دروس و عبر الماضي ما يساعد في تخطي الحاضر نحو المستقبل بعزم وارادة أقوي ..كتب هذا الموضوع بتاريخ 13/12/ 2002م و قد نشر بجريدة الصحافة الغراء..

    17 / 8 / 2007م

    جبال النوبة بين

    مد الحكومة و جزر الحركة الشعبية



    و منذ أن تم وقف اطلاق النار في منطقة جبال النوبة بتاريخ 19 / 1 / 2002 م ...

    هذه الاتفاقية التي أحدثت صخب و ضجة كبري .. اذ صاحبت توقيع هذه الاتفاقية محاولات كثيرة هدفت للنيل منها و عملت للتقليل من شأنها .. بل و عمل البعض للتحريض ضد هذه الاتفاقية و سعي بعضهم لاختراقها بواسطة ابناء النوبة انفسهم ، قالوا ان هنالك أجندة خفية تقف وراء هذه الاتفاقية و قد خيب ابناء النوبة الحريصيين علي السلام ظن تجار الحروب في السودان ...

    و بحمد الله العلي القدير و بعزم و بعون الرجال الخيرين الحادبين علي حياة الانسان في جبال النوبة اجتازت الاتفاقية فترة الستة شهور الاولي و ها هي تصمد و تتقدم بعزم وثبات لتجتاز مرحلتها الثانية ايضاً و التي نأمل صادقين ان تتوج بالسلام الكامل في كل السودان ....

    أن وقف أطلاق النار في جبال النوبة أدهش المراقبين الدوليين و اعادت الثقة الي نفوس المواطنين و ملأت قلوبهم بالطمأنينة .ان تجاوز الاتفاقية للستة شهور الاولي و الثانية لهو برهان أكيد و دليل قاطع بأن الجميع و بنفس واحدة قد سئموا الحرب ، بل هو قول صريح و بليغ يثبت تطلع الانسان في جبال النوبة خاصة و السودان عامة الي حياة السلم و الاستقرار و التنمية و الاذدهار .. و من خلال تجربة جبال النوبة يستطيع المرء أن يري شعاع نور في نهاية نفق المشكلة السودانية أن جاز التعبير.. كما يستطيع المرء ايضاُ ان يتفاءل بالحل السلمي في السودان متي سلمت النيات و توحدت الرؤي و تكاتفت الايدي . أو قل أن الحل السلمي ممكن متي وجد الرجال الجادين الشجعان القادرين علي تحمل المسئوليات الكبيرة بروح وطنية خالصة ..

    فسلام السودان يحتاج الي حب هذا الوطن كما يحتاج الي الاعتراف بالاخر و قبوله بغض النظر عن الانتماءات و الخلفيات و الجهويات بحسب الجغرافيا و التاريخ و الانسان و الارض .. يحتاج السودان الي رجال ينظرون الي الامور بعمق و تدقيق و فحص و تحليل و يتفهمون القضايا بحكمة و حنكة و تجرد من الاغراض الذانية الانية قصيرة الامد ... يحناج السودان الي السياسين الذين يلعبون ادوارهم اللعبة النظيفة ..

    لقد تحمس الجميع بنجاح اتفاقية وقف اطلاق النار في جبال النوبة .. وصارت هذه الاتفاقية بوابة الدخول لحل جميع قضايا السودان التاريخية العالقة .. فتح اتفاقية جبال النوبة الباب علي مصراعيه فدخل الناس الي مشاكوس الاولي .. وبروح نجاح اتفاقية جبال النوبة ، تم التوقيع علي الاتفاق الاطاري في مشاكوس الشيئ الذي أدخل المسرة في قلوب جميع السودانيين المكتويين بنيران الحرب الاهلية طويلة الامد ..فرح بالاتفاق كل طالب للسلام العادل لكل السودانين .. و بتوقيع الاتفاق الاطاري في مشاكوس صار السودان قاب قوسين او ادني من السلام .. و قد قيل وقتها و الفرح العارم يملاء القلوب أن الشيطان يسكن في التفاصيل ... الا انني أجزم القول بأن الانسان في احيان كثيرة يصير شيطاناً و غول يدمر و يهدم ، يعربد و يخرب كل ما بذله من جهد و عمل و بناء و ما تحصل عليه من ثمار و حصاد ليعود من جديد يندب حظه السيئ ، يعود يبحث عن شماعة الاسباب و المبررات ... يبحث عت العلل يقنع به ذاته و الاخرين عن اخفاقات الطرف الاخر ... وهذا ما حدث في مشاكوس الثانية تهدم البناء من قاعدته عدنا و عادت مفاوضات السلام الي المربع الاول بل تراجعت أماني الحالمين بالسلام الي ما هو ابعد من المربع الاول ..

    و في لقاء كمبالا الشهير الذي جمع بين الفرقاء في السودان لقاء البشير و قرنق التاريخي توقع الجميع بأن يتم تتويج اللقاء بأتفاق كامل لوقف اطلاق النار في كل بقاع السودان و هذا أدني شيئ يتوقعه كل انسان في لقاء الزعيمين ، و قد خاب ظن السودانيين كما خاب ظن المراقبين للاوضاع في السودان ...

    في بداية مشاكوس الثانية أحتل الجيش الشعبي لتحرير السودان مدينة توريت و في خطوة متسارعة انسحب وفد الحكومة من المفاوضات و لتدق طبول الحرب من جديد .. استرد الحكومة توريت و استولي الجيش الشعبي علي همشكوريب .. كاد انفاس الجميع ان تتقطع من جراء تسارع الاحداث و مجرياتها في السودان و انحدارها نحو الاعماق المظلمة السحيقة .. و يكاد دقات قلب المرء المتابع لاوضاع السودان ان يتوقف و يكاد الانسان السوداني المهموم بهم السلام أن يفقد الأمل في سلام السودان ...

    في مشاكوس الثانية برزت علي السطح مشكلة جبال النوبة و النيل الازرق و أبيي ... تجاذبت الحكومة و الحركة أطراف هذه المناطق حتي كادوا أن يقطعوا أوصالها ... فبين شد الحكومة و الشد المضاد للحركة الشعبية صارت هذه المناطق تسبح في بحر تتلاطم امواجه في مد وجزر ... لقد انفض سامر المتفاوضين في نيروبي و علقت المفاوضات حتي يناير كانون الاخر .. ليبقي موضوع و ملف جبال النوبة ساخناً .

    فمنذ اجتماع السفير البريطاني ألن قولتي بالثمانية من قادة ابناء جبال النوبة ... ثارث ثأرة الخرطوم من وقتها و لم تهدأ ، و حسب البعض هذا الاجتماع خروج من بيت الطاعة و حسبه البعض الاخر تطاول من النوبة يستوجب الحسم و البت و الا انفلتت الامور ... حدث هذا لان في عرف و فكر بعض السودانيين ان النوبة اتباع يتوجب عليهم الطاعة العمياء و الخضوع الكامل و تنفيذ الاوامر بغباء و علي النوبة ان يبقوا كذلك الي ان يرث الله الارض و من عليها .. ليس للنوبة قول او فصل حتي في امورهم الخاصة جداً .. ليس للنوبة ان يعبروا عن ارائهم ... فمساحة حقوق النوبة في السودان لا تتعدي ان يكونوا اتباع لغيرهم يدورون في فلك اصحاب السيادة في السودان ، و علي النوبة أن يظلوا أدوات تستخدم و تستعمل و آلات تدار لتنج وتحصد ..

    و ليعرف الجميع في السودان أن النوبة بشر كسائر الناس و هم شعب و أمة و لهم تطلعاتهم و طموحهم و احلام و اماني و أمال ..و ليس من حق أي انسان كائن كان أن يقيد حق النوبة في ان يكونوا بشراً مثلهم مثل كل السودانيين .. فمن حق كل انسان ان يتطلع و يحلم و يتمني فهذه أمور اولية و غرائز اساسية في الانسان يولد بها و تنمو فيه و تتأصل و من حق كل انسان في كل مكان في العالم الواسع و علي وجه الكورة الارضية أن يعمل و يأمل و يتطلع الي الاحسن و الافضل ، و هذ ليست ببدعة او جريمة و جناية او خطيئة و أثم ... و احلام النوبة و أمالهم و تطلعاتهم هي نفس الامال و الامنيات التي ينادي بها كل السودانيين من نمولي الي حلفا و من الجنينه حتي خشم القربه .. كل السودانين يتطلعون أن يكون لهم نصيب في ثروة السودانبالقسمة العادل و المتوازنة . وكل السودانيين يأملون في حكم السودان دون حجر او احتكار لقبيلة دون سواها ... وكل السودانيين يتمنون وحدة أرض و تراب هذا الوطن ... و لايحق لفئة ما أن تدعي الاحقية لنفسها و الوصاية علي غيرها و ليس لآي جهة او لآي بشر من الناس في السودان ان تدعي بأنها صاحبة القرار الاول و الاخير سيد الحل و العقد دون الاخرين ..

    و ليفهم او ليتفهم الماسكين بزمام الامور في السودان حقوق شعبهم بأختلافاتهم و ليعدلوا في سلطانهم لآجل وحدة هذا السودان المبني علي العدل و ليس بالقهر و الظلم .... وحدة السودان القائم علي المساواة و ليس علي التميز و التفريف ... و عليهم أن يعملوا لوحدة السودان الذي يسنده الحق و ليست تلك الوحدة التي تحرسها القوة و القمع و الجبروت ... و ألا فلتسألوا التاريخ عن أمبراطوريات روما و اثينا و نينوي .......

    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    17/ 8/ 2007

    أما عن مشكلة دارفور

    فأنا أقتبس من المقال السابق الاتي :-

    ( يحتاج تحقيق السلام في دارفور الي رجال ينظرون الي الامور بعمق و تدقيق و فحص و تحليل و يتفهمون القضايا بحكمة و حنكة و تجرد من الاغراض الذانية الانية قصيرة الامد ... يحناج دارفور الي السياسين من الجانبين الذين يلعبون ادوارهم اللعبة النظيفة ..

    و قد نحتاج في حل مشكلة دارفور الي زعيم اخر في قامة الدكتور / جون قرنق و ارادة صلبة كأرادة الاستاذ علي عثمان محمد طه ) .







    جبال النوبة و التعايش في ظل

    الحرية و الحق و السلام

    ****************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    تجاوباً و فرحاً بوقف اطلاق النار في جبال النوبة و تفاعلاً بهذا الحدث العظيم جداً 00 الحدث الذي صار سبقاً عالمياً و تناولته جميع الاجهزة العالمية و الاقليمية و المحلية من صحف و مجلات وراديو و تلفاز ... الفضائيات العربية و الافريقية و الاجنبية و القناة السودانية ... الشبكة العنكبوتية او الانترنيت اي ايضاً افردت حيزاً مقدراً لوقف اطلاق النار بجبال النوبة 00

    و في السودان اختلف الناس كثيراً و لا زالوا مختلفين و سيظلوا لزمن طويل هكذا غير متفقين … فأتفاق اطلاق النار في جبال النوبة قوبل بمعارضة شديدة من الكثيرينكما أيده البعض الاخربحماسة منقطعة النظير و بعضهم أيد بأستحياء و خجل … أما نحن أهل جبال النوبة من المكنويين بنيران الحرب .. نحن ابناء النوبة الواضعين أرجلنا علي النار ( فقد صرنا كالحالمين ، حينئذ أمتلأت افواهنا ضحكاً و ألسنتنا ترنماً لان الرب قد عظم العمل معنا )

    نعم افتقدنا الله أخيراً و بعد ان يئسنا أعطانا الله سلاماً من عنده ، أعطانا الله سلامه الذي يفوق كل عقل .. و هبنا الله السلام الذي لم يخطر علي بالنا … فعندما أحتقرنا اخوتنا الاخرين في وطننا السودان تذكرنا الله اذ رأي مذلتنا فأحبنا .. سمع الله صوت صراخنا الصامت … رأي الله سيول دمائنا المهدرة و موعنا المتدفق … أبقي الله أروحنا التي أزهقت بلا رحمه و ابقي حياتنا ووجودنا الذي ابيح .. وضع الله القدير نهاية لجثث أمواتنا التي تقززت منها الجوارح من صقور و تسور و تقيأها وحوش الغابة من ذئاب و نمور وأسود ..

    أن هذا السودان هو وطننا و سيبقي كل أهل السودان أهلنا بالرغم من ما أصابنا من بعضهم .. سيظل السودان و كل شبر فيه من أقصي الشمال الي ابعد مكان في الجنوب عبوراً بالشرق و الوسط الي الغرب سيظل وطناً واحدً … في هذا الوطن الكبير بخيراته الكثيرة الوفيرة بوسعنا جميعاً أن نعيش في سلام و أمان و رخاء و اذدهار متي توفر العدل و المساواة و احترام الاخر مهما أختلف عنا ، لان اختلاف الرأي لا يفسد العيش المشترك بين الجميع ..

    ,, و علي الجبال السلام ،، قد تكون خاطرة عن السلام حلم الانسان في كل مكان هو تعبير صادق و انفعالات عفوية عن لحظات الفرح و قد تكون تنفس للصعداء بعد سنين الاحباط و ليالي اليأس الذي عشناه و لازمنا طويلاً … و قد تكون تطلع لغد أفضل و مستقبل أكثر أشراقاً ..

    و علي الارض السلام هو احساس نابع من قلب أبيض يكن لكل أهل السودان بالحب بلا تميز لثقافة او قبيلة او دين و لون لا ن قلوبنا صافية لبن ….

    أن المرارات التي تذوقناها و الضربات التي تحملناها و الجراحات التي أصابتنا و الاسهم التي طعنتنا في الصميم لن تعيد عقارب السلام الي الوراء لان بندول ساعتنا لا يعرف الا الدوران بأتجاه المستقبل .. كما ان عيوننا دائما ستظل تنظر الي الامام دون أي التفات الي الوراء لا جل سودان أفضل بدون عداوات و خصومات … سودان بلا حروب و دماء و دموع … سودان السلام الذي ينعم فيه كل الناس باللام و الحرية و الوحدة و الديقراطية

    الانسان و الحرية و السلام :-

    و في البدء كانت الكلمة ، و الكلمة كانت هي الحرية و كانت الحرية عطية من عطايا الله للانسان ... في البدء خلق الله الانسان حراً اذ اوجده في جنة عدن أرض الحرية الاولي ... و بالحرية ذاتها اختار الانسان الارض وطناً ليعيش فية بمحض ارادته .. و قد احترم الله حرية اختيار الانسان رغم مخالفته لارادة الله و فكره عند الخلق ... لذلك سيظل الانسان كأنناً حراً يسعي دائماً الي الحرية التي يعشقها لانها هي الفطرة التي وجد فيها لآنها أي الحرية هي قوة خفية في كيان الانسان يشتاق اليها متي فقدها او سلبت منه لسبب او لاخر .. لان في النزعة البشرية قوة تدفعها الي الحرية ....

    الحرية ميزة أختص بها الله الانسان دون غيره من سائر الخليقة ، و هي قيمة عظمي تسمو بهذا الانسان خليفة الله في الارض درجات من السمو و الرقي ، و ترتفعه بحسب حسن استخدام الانسات لها ... و درجات الحرية العالية تنحدر كما ان قيمة الانسان و انسانية الراقية تهبط بفعل الكبت و الحرمان و الاستعباد .. فالقهر يذل الانسان و يستبد به فتنحط قدرة الانسان و انسانيته بالتسلط و الهيمنة و الاستغلال . لان الحياة الانسانية تختنق و تموت في غياب الحرية و انعدامها كما تختنق الاسماك و تموت و هي خارج المياه .. فبحر الانسان هو الحرية .. أن طاقات البشر و مواهبها و امكانياتها جميعها تتلاشي و تفني بعيداً عن الحرية لان الحرية هي روح العطاء و الابداع ..

    و لان الانسان هو صورة الله من حيث العقل و الفكر و الحرية ، فهو يبقي كذلك بعقله الحر و فكره الغير مقيد و روحه المنطلق ينمو و يتقدم و يتطور و يزدهر ... و من قلبه ينبض حباً لنفسه و لله و الناس أجمعين .... يبدع الانسان خيراً للاخرين و العالم عندما يعرف ان الاخرين يقدرونه و يحترمونه و يهتمون به .. و هذا الانسان نفسه يستطيع ان ينفجر شراً مستطيراً ، فيدمر حياة الناس و يحلل دماء البشر من حوله عندما يحس ان حريته مسلوبة و ان انسانيته محتقره و ان قيمته الانسانية لا تجد القبول لدي الاخرين من الذين يختلفون عنه 00

    أن أرادة الله للانسان هو الحرية الشخصية في ظل مراعاة الحرية العامة أو احترام حريات الاخرين ..و الانسان في احيان كثيرة في حبه لنفسه و انانيته لا يهمه الاخرين ، فتتخذ الحرية عنده صورة الطغيان و التسلط و الاستعباد .. يميل البشر دائماً الي التميز و التفريق و التفضيل و الانحياز كما يجنحون الي الانا الضعيفة و الذات الضيقة ، و في ضيق ذات الانسان يضيق عليه الدنيا كلها فلا يقبل بالاخر .. فكيف قتل قاين اخيه الشفيق الوحيد هابيل و الكون في بداية عهده الاول و بني ادم لم يتعدي عددهم الاربعة اشخاص هم افراد اسرة واحد ابينا أدم و امنا حواء ..و العالم اليوم يكاد ان لا يسع الناس بالوان طيفهم الكثيرة الابيض و الاصفر و الاسود و الاحمر .. عالمنا الحاضر و البشر اجناس و اديان و قوميات و امم و قبائل و عشائر ... هذا العصر عصر النظامي العالمي الجديد هو نفس ذلك العصر القديم عصر الانسان الاول من حيث غرائز البشر و ميولها الي الشر و حبها للعداوة ..

    أن عصر العولمة و الانترنيت و غزو الفضاء و الاستنساخ يبقي هو ذلك الزمان الذي نسميه اليوم بالعصور الحجرية .. فالانسان يبقي هو الانسان علي مرور الازمان و العصور و اختلاف العهود و الاوقات .. فالرجل الابيض يستعبد الاسود و يستكبر علي الاحمر و الملون و الاصفر ... و القوميات تتنازع بين عرب و افارقة صرب البان .. و عندما يعلو اصواتهم بحوار الاديان و الثقافات فتأكد بأنهم يقصدون تصادمها .. و في سبيل ذلك فهم يحشدون الجيوش و يرسلون البوارج و يوجهون رؤوس الصواريخ عبارة القارات ..

    أن نظام عالمنا الجديد يموت فيه الاطفال في قارة أفريقيا في الصومال و اثيوبيا و جنوب السودان و رواندا .. كما يموت فيه الناس الابرياء في فلسطين و افغانستان و الجزائر .. كل ذلك يحدث لان المظام العالمي الجديد يستطيع أن يدفع كل ما يملك ليصنع القنابل و المتفجرات التي تقتل في لحظات من طرف عين الالاف من البشر . وهذا النظام العالمي ذي المقدرة العالية لا يبالي بدفع القليل لزراعة القمح و الارز لسد حاجة ملايين الجياع في ارجاء الكون 00 و في ظل هيمنة الدكتاتوريات في العالم تتراجع الحريات العامة و الخاصة و تتسع مساحات الظلم و الظلام بين بني البشر ...

    أن الاديان في جملتها و كثرتها السماوية منها و الطبيعية و المادية و الوثنية و الاخلاقية كلها تعبر عن حاجة الانسان هذا الكائن الضعيف و شوقه الي الكائن العظيم القوي القدير الذي يتصف بالكمال و الجمال و الخير و المحبة و الحرية و السلام ..كل الاديان بلا استثناء تنادي بالقيم الجميلة و تدعو الي الفضيلة و الطهارة و القداسة و الرحمة و التسامح بين الناس جميعاً ...و الاديان السماوية علي وجه الخصوص تدعو الانسان و تبشره بالحياة و الجنة و الفردوس و الخلود بعد الموت أن تمسك بالدين و الايمان و عمل الخير و الرحمة لاخيه الانسان ، لان في هذا طاعة لله و محبة الرب و تطبيق للشرائع و السنن و الاوامر و الوصايا التي تنادي بها الاديان ..

    و الدين او الاديان كلها تحرض اتباعها الي السمو بالنفس و الروح و الجسد لنوال رضي الله العلي القدير الرحمن الرحيم القدوس رب السموات و الارض .. و الي الله يلجأ كل البشر و يركضون عند الشدائد و الضيقات و في أزمنة الازمات .. في اوقات الحروب و انتشار الاوبئة و الكوارث الطبيعية يلجأ الناس الي الخالق عز و جل .. و الله و من خلال جميع الاديان يستجيب دعاء الداعين بالصدف و الايمان ... يحمي الله البلاد و الاوطان من الاعداء كما يرفع الداء يمنع انتشار الوباء عن العباد .. و الله يرسل الغيث و المطر المبكر عند الاستغاثة فيروي الزرع و المرعي و يمتل الضرع .. هذا هو الله رب كل العالمين , عنده كل البشر متساون .. و الله في حريته المطلقة أعطي الناس أن يكونوا احراراً كما يريدون علي ان تدور محور الحرية في فلك الله و علي ان لا تتعدي حرية الانسان حريات الاخرين و ان لاتمسها بشر بل عليها ان تحترمها و تعمل لأجلها .. و الحرية كالمحبة لا تسقط ابداً ....

    كما ان الحرية ضرورية للانسان كذلك السلام .. فالسلام هو الوجه الاخر للحرية ، فحيث تكون الحرية هنالك تجدون السلام لا ن السلام ثمرة من ثمار شجرية الحرية و دوحتها الوارفة الظلال ... السلام كل لا يتجزاء و لا يقبل القسمة و لو علي نفسه .. فالسلام يبدأ من نقطة مركزية هي ذات الانسان و يتسع من محور هذا الذات و نقطها المركزية دائرة كاملة هي علاقة الانسان بالاخرين من حوله .. فالسلام الفردي مهم حداً لضمان سلام الجماعة ... و الذي لا يملك سلام الذات لا يستطيع يعطي سلاماً للمحيط الذي يعيش فيه ...أن السلام مثلث الاضلاع و حتي يدوم هذا السلام لابد للاضلاع الثلاثه أن تكون في اتصال و اتفاق و رباط .. الله هو محور سلام هذا العالم و هو نبع السلام و مصدره و سلام الله سلام يفوق كل عقل و تصور .. فطوبي للذين ينتهلون من السلام الحي لانهم يروون و لا يعطشون ايضاً ...و الانسان ضلع مهم في مثلث السلام ، يقيم السلام الداخلي في مع ذاته و صلته او اتصاله بالله و علاقته بالاخري من حوله .. فلا تطلبوا سلام الله و انتم في خصام مع ذواتكم ... و لا تطرقوا أبواب الاخرين طمعا في السلام و باب الله مغلق دونكم لانكم غرباء في علاقكم مع الله ... فالله لا يعطي سلاماً لاناس يفتقدونها في انفسهم و في ذواتهم و الله لا يهب سلاماً لقوم لا يحبونه لغيرهم ...

    فدع السلام ان يسكن قلبك اولاً ، لان النفس البشرية التي لا مكان لسلام الله فيها تقتل ذاتها بذاتها بصراعها الداخلي الذي يتأجج فيها يوماً بعد يوم بنيران وقودها الحقد و الطمع و الانانية و الغيرة و الحسد و حب الذات .. و سلام القلب لا يقيم حيث الحسد و البغض و حب الانتقام ( فمن أين الحروبات و الخصومات بينكم ، ألست من هنا من لذانكم المحاربة في أعضائكم ) ..

    انظر الي الفضائيات لتري بأم عينيك صور الخراب و الدمار و القتل و انهار الدماء في نختلف بقاع الارض ... صور الدموع و الجوع و البؤس ... أو افتح المذياع يا أيها العزيز لتسمع بأذنك اخبار الجريمة من سرقه و خطف و طعن وذبح ... و لماذا تذهب بعيداً فالشارع القريب من دارك يغنيك من كل شي فستقف بذاتك علي حقيقة انعدام السلام بين الناس في بيوتهم و مدنهم و بلادهم ...

    ان السلام كالحرية ، بدونها يموت الانسان كل يوم بالخوف و الاضطراب و القلق النفسي .... فلماذا لا نعمل معاً لآجل السلام لننعم به نحن و يسعد به الاخرين ايضاً .... سوف لن تنعم بالسلام في هذا العالم و غيرك يموت بالحروب و ان بعدت عن دائرة الحروب ملايين من السنين الضوئية ... فالظلم يولد البغض و الكراهية , الكراهية تنشر الرعب و الارهاب و حب الانتقام ... و لا يمكن للسلام ان يتحقق في ظل الظلم المستمر ابداً .. و النوبة قوم كرام شرفاء و احرار يحبون الحرية لانفسهم و لغيرهم .. كما ان النوبة شعب مسالم متصالح مع نفسه ويحب السلاو لغيره كما انهم ابطال اشاوس لا يرضون بالظلم و الضيم و الحقاره ....



    22 / 2 / 2002 م



    جبال النوبة و رؤية الضوء في نهاية النفق ….

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    ان الفراغ الذي خلفه و تركه الشهيد يوسف كوه مكي بعد رحيله كان فراغاً كبيراًَ جداً .. و قد أثر هذا الرحيل تأثيراً مباشراً في المحصلة و النتيجة النهائية التي خرج بها النوبة و قضيتهم التي ناضلوا لاجلها و هي المحصلة التي جاءت دون طموحهم .. لا بل أقل كثيراً من الجهد الذي بذلوه و التضحيات التي قدموها ... و لا شك في ان غياب زعيم وقائد قضية جبال النوبة الاول قد خلف تداعيات سلبية تماثل تماماً تلك التداعيات التي احدثتها غياب الدكتور جون قرنق بالنسبة لمجمل المشكلة السودانية جنوباً و شمالاً غربا و شرقاً وقضايا سائر المهمشين في السودان ....

    ان النوبة اليوم يشكون من الظلم الذي لحق بهم و بقضيتهم في نيفاشا ... و شكوي النوبة ليس محصور ضد شخص بعينة او ضد جهة محددة بذاتها .. لان كل هؤلاء الذي يشتكون اليوم كانوا في يوم من الايام او في وقت من الاوقات جزء من القصور او التقصير الذي حدث لمشكلة النوبة في المفاوضات و اثنائها ... او كانوا سبب من اسباب ضعف المحصلة النهائية لاتفاقية نيفاشا او بالاحري بروتكول المناطق الثلاثة ( جبال النوبة و النيل الازرق و ابيي ) فبروتكول المناطق الثلاث قسم المشكلة السودانية الي مشكلة الشمال و الجنوب .. و بالتالي وضع منطقتي جبال النوبة و النيل الازرق في شمال السوداني و ضمن حدود السودان المعروفة بحدود 1956م .. هذا هو واحد من الاسباب التي اضعفت المفاوض الكبير الذي سلمه الحزب القومي السوداني المتحد ملف جبال النوبة برمتها بتفويض كامل من الحزب القومي ليفاوض بدلاً عنهم ... سلم رئيس الحزب القومي السوداني المتحد بزعامة الاب فيليب غبوش ملف جبال النوبة الي يد الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان .. و لان المشكلة السودانية جزئت الي شمال و جنوب فقد وجد الزعيم الدكتور جون قرنق نفسه في موقف حرج جداً و امكانية التوفيق بين حل مشكلة جنوب السودان و التزامه الثوري نحو مشكلتي جبال النوبة و الانقسنا و ابيي هذا من جهة و من الجهة الاخري الالتزام بوحدة السودان ككل .. فهناك مشكلة شرق السودان مع لانها لم تكم مدرجة ضمن مفاوضات نيفاشا الا انها كانت تلقي بظلالها عليه و ما سينتج منها ... و قد رأينا القلق الجنوبي المستعجل لحل مشكلة الجنوب و توقيع السلام بأسرع ما يمكن ... فقد كان جل الاخوة الجنوبين تواقين الي توقيع السلام مع الطرف الشمالي بعد ان اتضح لهم الرؤية الخاصة بقسمة السلطة و الثروة بين الشمال و الجنوب .. فقد اعطت نيفاشا الجنوبين نسبة 50% من عائدات البترول المنتج في جنوب السودان و هذا ما أسال لعاب الكثيرين منهم .. و ايضاً عندما عرفوا حقهم في تقرير المصير لجنوب السودان في الاستفتاء الذي سيتم بعد انقضاء ستة اعوام من توقيع السلام حيث ان الجنوبيين وحدم هم الذين سيحق لهم الذهاب الي الصناديق و الادلاء بالاصوات و تقرير مصير السودان وحدة و انفصالاً ..

    تململ بعض الاخوة في جنوب السودان عندما طال التفاوض الخاص بالمناطق الثلاثة .. بل علا اصوات البعض منهم بالقول بان الجنوبين ظلوا يحاربون منذ العام 1947 لاجل اخذ حقوقهم و ها هي الاتفاقية تعطيهم كل ما كانوا يطالبون به اذاً لا داعي من غلط اوراق مشكلة الجنوب بأوراق جبال النوبة و النيل الازرق او الانقسنا .. كان البعض منهم يطالب بتسريع التوقيع و فصل امر التفاوض الخاص بالمناطق الثلاث و قد سمعنا من يقول بأن الجنوبين لم يحاربوا لاكثر من خمسون عاماً لاجل المناطق الثلاث أي لاجل قضايا النوبة و الانقسنا ... و قد شكلت هذه الاصوات و التململات ضغطاً اضافياً علي مفاوض الحركة الشعبية لتحرير السودان و بالتالي كانت محصلة النوبة دون الطموح و اقل كثيراً من ما بذل لاجله طيلة فترة الحرب ...

    و علي عاتق النوبة جميعاً تقع المسئولية الكبري قي ضعف بروتكول جبال النوبة لاسباب عديدة نجملها في القول الذي قاله لازروس سمبويا وهو الوسيط الكيني الذي رشحته دول الايقاد لتسهيل التفاوض بين الفرقاء في السودان .. فقد قال هذا الوسيط في مرة من المرات بأن عجز في تحديد ما يريده النوبة بالضبط .. او قل بأن النوبة عجزوا عن تحديد مشكلتهم و توضيحها له .. و بوضوح اكثر كان النوبة مختلفين في رؤيتهم لمشكلتهم و غير متحدين توحيد اجندتهم او مطالبهم .. فقد كان النوبة منقسمين علي انفسهم الي اطراف عدة كل طرف يري مشكلة جبال النوبة من الزاوية التي هو موجود فيها الان و علي هذا الاساس ينطلق ... فالنوبة الاعضاء في المؤتمر الوطني او المنتفعين منها يرون انفسهم شماليين و يدعون بأن القواسم المشتركة بينهم و الشمال كثيرة بل يذهبون اكثر من ذلك بقولهم بعدم وجود أي قواسم مشتركة بينهم و الجنوبيين ... اما النوبة من حلفاء الحركة الشعبية من الثوار الذين خاضوا الحرب جنباً الي جنب مع باقي القبائل الجنوبية و باقي قبائل السودان الشمالية في شرق السودان ودارفور فهم يرون في الجنوب ما لا يمكن ان يجدوه في الشمال برغم الجغرافية التي تضعهم ضمن حدود شمال السودان و بحسب حدود 1 / /1 / 1956م . اما المنطقة الوسطي التي تشمل باقي النوبة من الذين لا ينتمون الي المؤتمر الوطني او الي الحركة الشعبية فهؤلاء هم الفئة الثالثة التي لا صوت لها .. او بالاحري لا احد يريد ان يسمع صوتها لان الصوت المسموع هو صوت ازيز السلاح و طلقات الرصاص... و قد خرجت جبال النوبة من نيفاشا ببروتكول ضعيف نسبة لانقسام النوبة علي انفسهم بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان ... و بأنقسام النوبة الي مؤتمر وطني و حركة شعبية انقسم نصيبهم .. و قد نكون محقين و صادقين ان قلنا بأن الحركة الشعبية أعطت النوبة 45% من السلطة بدون ثروة بينما المؤتمر الوطني أعطت النوبة صفر كبير في السلطة و الثروة معاً .... لم تنصف المؤتمر الوطني الموالين لها من النوبة ابداً بل انها أمعنت في الحاق الظلم و الاذي بهم .... يحدث ذلك رغم علم المؤتمر الوطني بمدي اخلاص النوبة الموالين لها و صدق في الولاء لها ليس لأقل من غيرهم من الذين تكن لهم الاحترام و تغدقهم بألاموال و مشاريع التنمية .. و لكنها سياسة المؤتمر الوطني فهي توالي من يعاديها و تخطب ودهم بينما تسفه الذين يخلصون لها الولاء .... و هذا سبب اخر من اسباب ضعف بروتكول جبال النوبة ..

    ان المطلوب من النوبة اليوم قبل الغد هو توحيد صفهم المنقسم ليس ضد احد و لكن لاجل نقائهم كقبيلة اصيلة من قبائل السودان .. علي النوبة توحيد كلمتهم حتي يتمكنوا من اعلاء صوتهم و نيل حقوقهم الشرعية في السودان .. و علي النوبة الالتفات الي حضارتهم من ثقافتهم و تراثهم و تقاليدهم السمحة و التمسك بها .. فبينما كل يسعي جاهداً لاظهار ثقافته و تراث و تقاليده تجد البعض من النوبة يحاولون جاهدين الي طمس هوياتهم و التملص منها و هذه هي واحدة صور انهزام النوبة و ضعفهم ... انعدام الثقة بالنفس و صغرها لدي الكثيرين من النوبة امام الاخر و هذه المعضلة تحتاج الي مراجعة شجاعة و من ثم المعالجة و التصحيح ...

    و الضوء الذي اراه في نهاية النفق هي تلك الاصوات التي بدأت تعلو من هنا و هناك الي جمع صف النوبة و توحيد كلمتهم .. ان المنادة فقط ليست كافية فالمطلوب هو التحرك الجاد لادراك ما يمكن ادراكه لان الزمن ليس بصالح النوبة و قضيتهم في ظل الوضع الرهن في السودان كله .. فالتراجع المريع الذي يشهده السودان كدولة قومية يستدعي عدم الغفلة من الجميع بما فيهم النوبة .. و في ظل تقدم القبيلة علي الدولة مطلوب من الكل تحسس قبيلته ... و هذا ليس بدعوة الي القبلية و الجهوية و العنصرية كما سيفسر عند البعض كالعاده بل هي دعوة الي عدم اهمال الاصل و الانتماء .. هي دعوة الي البحث عن الذات التي يحاول البعض سحقها و النيل منها و التقليل من شأنها او اخراجها من الوجود ان استطاعوا الي ذلك سبيلاً .. و هذه ليست ببدعة يبتدعها النوبة و لكنها طريق لنيل الحقوق المسلوبة و تحقيق المكاسب المهضومة ... و علي النوبة دائماً ان لا يكونوا ادوات في ايدي غيرهم و ضد انفسهم و ضد بعضهم البعض ....





    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    14 / 9 / 2007م

    جنوب كردفان و المهددات الامنية

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو





    المواجهات الاخيرة التي شهدتها ولاية جنوب كردفان بين بعض قبائل المسيرية و بعض قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان .. هذه المواجهات الدامية تعيد المنطقة برمتها الي واجهة الاحداث الساخنة في السودان .. فقد ارتفعت وتيرة التوترات و المناوشات و الاقتتال خلال العام 2007م في جنوب كردفان بصورة غير عادية ..هذا المشاكل في غالبها الاعم تحدث بين الرعاة و المزارعين بسبب الموارد الطبيعية .. هذه الموارد التي يتقاسمها الاهالي بتلك المناطق في الماضي لم تكن موضوع للنزاعات او الصراعات التي تشبه الحروب الاهلية .. و لسنا ببعدين عن الحرب في دارفور التي توصف في غالب الاحيان بأنها حرب علي الموارد .. الا ان هذا الوصف ليس بصحيح مئه بالمئه دائماً .. ذلك لان التعايش السلمي الذي كان سائداً وسط هذه المجتمعات يكذب هذه الادعاءات تماماً ..

    فها هي بوادر ألسنة ولهيب النيران التي مازالت تحرق أرض دارفور تمد ألسنتها الحارقة الي جنوب كردفان .. فماذا تعلم القائمين علي أمر السودان من عبر و دروس الحرب التي لا تزال مستمرة في دارفور حتي يتفادوا حرباً جديداً في جنوب كردفان .. فالحرب في جنوب كردفان لا قدر الله ستكون صورة طبق الاصل من حرب دارفور .. و المرء المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين . فهل يتعظ حكام السودان حتي يتفادوا دارفور جديدة هم بغني عنها .. الا ان قدر السودان دائماً هو ان يلدغ مرات و مرات من ذات الجحر .. فعلي عاتق حكومة الوحدة الوطنية تقع مسئولية كبيرة تطلب منها السرعة والعجلة لاغماض تلك الشرارات الكبيرة جداً في جنوب كردفان .. نأمل ان تسرع حكومة الوحدة الوطنية الي اغماد النيران الصغيرة المنتشرة هنا و هناك في جنوب كردفان .. أن جنوب كردفان مهدد في نسيجه الاجتماعي و الاقتصادي كما هو مهدد بالدرجة الاولي في سلامه الهش اصلاً .. أن المهددات الامنية في جنوب كردفان تحتاج حكمة من جميع القبائل التي تقطن في جنوب كردفان .. تحتاج حكمة من جميع النوبة بمختلف قبائلهم كما من جميع قبائل البقاره من مسيريه و حوازمه بالاضافة الي القبائل الاخري التي تقطن في جنوب كردفان او جبال النوبة .. هذه المهددات الامنية التي تنذر بالحرب في جنوب كردفان تحتاج الي حكومة مركزية قوية قادرة علي بسط سلطانها علي الجميع بحيادية كاملة .. كما يحتاج الي حكومة ولائية حكيمة تستطيع بسط نفوذها علي الجميع بدون انحياز او تفرقة و تميز ...

    جنوب كردفان بحاجة الي خارطة طريق جديد للسلام و السلم الاجتماعي ... كما ان غياب التنمية الحقيقة التي استبشر بها الجميع بعد اتفاقية السلام هو من الامور المحبطة للهمم التي تبعث اليأس في النفوس .. فهل يتدارك الجميع نقاط الضعف في جنوب كردفان و يعملون علي معالجتها و تلافيها أم ان جنوب كردفان سيشهد دورة جديدة من دورات الحروب في السودان المتكرره...

    31 / 12/ 2007م



    السودان الانتخابات السودانية القادمة

    و محور عبد الرحيم حمدي

    دنقلا سنار كردفان



    بقلم /ايليـــــا أرومــــي كوكـــو





    بعد التوافق الاخير بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحريرالسودان و عودة وزراء الحركة الشعبية الي مزاولة مهاتمهم في حكومة الوحدة الوطنية .. و بعد ان اكتمل انسحاب الجيوش شمالاً و جنوبا الي الخط الفاصل بين الجنوب و الشمال الشهير بحدود 1 / 1 / 56. بهذه الانسحابات تكون الجزء الخاص بالترتيبات الامنية قد انجز بالصورة التي جاءت به في الاتفاقية .. أن مخاض ولادة الترتيبات الامنية كان عسيراً جدا و لكنه تم بولادة قيصرية و تدخل اختصاصين اجانب ..

    ان المرحلة القادمة من عمر الشراكة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية هي بكل تأكيد مرحلة جديدة .. المرحلة القادمة هي مرحلة الاعداد للانتخابات العامة في السودان .. و قد بدأ المؤتمر الوطني في الاعداد لهذه الانتخابات مبكراً بأقامة مؤتمراته العامة و العمل في وسط القواعد و تهيئتها لكسب اصواتها لاحقاً .. و لكن ما هي استرتيجية المؤتمر الوطني للفوز في الانتخابات القادمة .. لتوضيح رؤية المؤتمر الوطني و استراتيجيته لخوض الانتخابات القادمة أعيد ما كتبته في العام 2005 كتعقيب علي ورقة الدكتورعبد الرحيم حمدي بعنوان ( الاستثمار الاقتصادي في السودان ) كما يلي :-

    لقد كشف كتاب الكتاب الاسود المجهول الكاتب عن العمق الجهوي العنصري في السودان ما بعد ثورة الانقاذ الوطني .. فقد غذت الانقاذ هذه الابعاد و عملت علي غرسها و تنميتها .. و ها هي الانقاذ اليوم تحصد ثمار ما زرعت بيديها .. ان ثمار الجهوية البغيضة التي سقتها الانقاذ و رعتها و اولتها كل اهتمامها و عناياتها قد كبرت و تبلورت و نضجت و هان قطافها .. ( ها هو الوطن السودان يتمزق الي اشلاء و طلاب السلطة و الثروة ينهشون فيه بلا رحمة او شفقة ) .. و رغم اختلاف الكثيرين مع ما جاء به الكتاب الاسود من الحقائق و الدلائل و المؤشرات التي تقول بأن التنمية و تقسيم السلطة و الثروة في السودان غير متوازن .. وهذه حقائق واقعية لا تحتاج الي الي كتاب اسود او اصفر او ابيض .. و قد تكون لصاحب الكتاب الاسود فضل تدوين هذه الحقائق و اظهارها للعامة بالتفاصيل و الارقام .. ولكن تبقي الحقائق التي اوردت في الكتاب الاسود هو الحق الذي اريد به الباطل .. ذلك لان الذي أخفي نفسه بين سطور الكتاب الاسود كان في الاساس ركناً من اركان الانقاذ أن لم نقل بأنه كان حجر زاويتها .. وقف الذين كتبوا الكتاب الاسود ان كانوا جماعة ردهاً من الزمان مع الانقاذ و كانواً جزءاً اصيلاً من هفواتها و ساهموا في ارتكاب أخطائها عندما كانوا يشكلون الاعمدة الاساسية للانقاذ و دعاماتها في السلطة و قوة جبروتها .. كان بأيديهم أدوات الحل و العقد .. و عندما انفلت زمام الامور من بين ايديهم تباكوا و سالت دموعهم حبراً اسود خطوا به مرثية أسموه بالكتاب الاسود.. و قد فتحت هذه المرثية جرحاً عميقاً في خاصرة الوطن السودان ( دارفور ).. فالسودان الذي بدأ لتوه يشق طريقه الي التعافي و الشفاء وصولاً الي اندمال الجروح و استرداد العافية الكاملة بعد توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام بين الشمال و الجنوب ...

    كيف يكتب للسودان سلاماً حقيقياً و بعض السودانيين يطرحون الرؤي الظلامية الظالمة من شاكلة دعاة منبر السلام العادل .. فهذا المنبر ظل ينادي بالحرب و الظلم و يطرح نفسه بأسم السلام و العدل و هو فعلياً يجاهر بالحرب و يدو الي الظلم .. و قد يختلف نهج أهل منبر السلام العادل عنى اسلوب أهل الكتاب الاسود و لكن كليهما وجهاً لذات العملة .. فهذه طره و تلك كتاب ..

    أما رؤية الاستاذ الخبير الاقتصادي الشهير عبد الرحيم حمدي .. و الدكتور حمدي هو مبتكر سياسة السوق او الاقتصاد الحر في السودان .. هذه السياسة الاقتصادية الظالمة هي أس المصائب التي تفجرت لاحقاً في السودان .. فقد ظل الشعب السوداني المغلوب علي أمره يكتوي بنيران افكار السيد حمدي الاقتصادية كما صار هذا الشعب اسير لقيود و سلال تلك السياسة العمياء .. قسمت نظرية حمدي الاقتصادية الشعب السوداني الي شطرين غير متعادلين و لا ثالث لهما .. اذ هيئت نظرية حمدي الاقتصاد السوداني لقلة من المتنفذين في السلطة و مفاصل المال ، و فصلت مداخيل الاموال و مخارجها علي مقاساتهم.. و بذلك صعد بعض الطفيليين بسرعة مميزين انفسهم كنخبة مترفة و صفوه ثرية متخمة تتمتع بكل خيرات السودان .. و أهمل حمدي عن قصد السواد الاعظم من الشعب السوداني و هي الغالبية العظمي من الجنود و العمال و الزراع ز الرعاة و ارتال من جيوش الشباب العاطلين عن العمل .. و هؤلاء قدرت نسبتهم ب 96 % من الشعب السوداني حسب اخر تقرير رسمي اصدرته جهة حكومية رسمية .. هذه النسبة المختلة تعكس نسبة الغني و الفقر في السودان ...

    هذه هي نتائج نظرية حمدي الاقتصادية اما أثارها السالبة علي الشعب السوداني فهي لا تحتاج الي أي جهات رسمية لاحصاءها فالواقع الذي يرزح فيه الشارع السوداني العريض هوغير شاهد لسلبية هذه النظرية الاقتصادية العرجاء .. ان الحكومة و السلطة السودانية لا تهمها من قريب او بعيد أمر الفقر المدقع الملقاة علي عاتق هذا الشعب .. الحكومة السودانية بعيد كل البعد عن الذي يصيب هذا الشعب من عوز و جوع و عطش و مرض و جهل و بؤس و شقاء .. لا نها تؤمن بالمثل الذي يقول جوع كلبك يتبعك .. أولوية الحكومة السودانية هو ضمان و دوام قبضتها الحديدية علي ادوات حكم السودان .. ان تستمر في سدة الحكم و لو انكمش مساحة هذا الحكم و تناقص بل و تراجع الي محور الاستاذ الخبير الاقتصادي الضيلع عبد الرحيم حمدي ( و قد سخر احد قادة المؤتمرالشعبي من أخوته في المؤتمر الوطني قائلاً ( هناك بعض من المؤتمر مستعدين لحكم السودان و لو تبقي من مساحته جزيرة توتي فقط ) ...

    و محور عبد الرحيم حمد الذي يطلق عليه اسم المحور العربي الاسلامي .. محور الدكتور حمدي يشمل ( دنقلا سنار و كردفان ) .. اما كردفان حمدي فهي الاخري تحتاج الي خارطة طريق يعرفها جغرافياً .. ذلك لان كردفان السيد حمدي هي غير كردفان المعروفة لدي الجميع جغرافياً فهو يصفها بالعربي الاسلامي ..

    لقد أثارالاقتصادي عبد الرحيم حمدي في ورقته (الاستثمارالاقتصادي في السودان ) و هي الورقة التي شارك بها في مؤتمر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان في العام 2005 م .. أثارت هذه الورقة جدلاً و ردود افعال واسعة في كل الاوساط السودانية .. فتناولتها كل الصحف السودانية بالنقد و التحليل .. ذلك ليس لانها كما يتبادرالي الذهن كونها الورقة الوحيدة المتميزة من بين كل أوراق المؤتمر الذي يجهل الجميع من خارج المؤتمر الوطني ما جاء فيها بالتفصيل .. و لكن مكمن الاثارة التي أصاب بها حمدي الجميع تكمن في ان الحكومة السودانية ستعمل حرفاً بكل جاء به حمدي في ورقته و بضبانتها .. فقد عملت السودانية من قبل علي انزال البرنامج الذي قدمه عرابها الاقتصادي في الفترة الانتقالية .. فلا تنسوا بأن الواقع الاقتصادي المر الذي يعيشه الشعب السوداني اليوم كان في يوم من الايام ورقة قدمت ضمن اوراق كثيرة طرحت في المؤتمر الاقتصادي الاول لثورة الانقاذ الوطني .. و هي لم تزل في بداية مشوارها الطويل في حكم السودان .. و قد أثمر المؤتمر الاقتصادي الاول بعد عقد من الزمان عن نتائج تقول بأن كفة ميزان الاقتصاد السوداني قد ثقل فيها موازين 4% من السودانيين اما ال 96% فقد زرت رياح حمدي الاقتصادية التراب في عيونهم ...

    اما ورقة حمدي الاقتصادية التي وصفت بأنها أصغر ورقة ناقشها المؤتمرون في مؤتمرهم .. فقد استثنت ورقة حمدي الاستثمارية جنوب السودان لانه سينفصل و سيكون له دولته عند حدود 1 / 1/ 1956 .. تلك الحدود التي رسمها الانجليز قبيل رحيلهم من السودان واضعين في اعتبارهم كل الاحتمالات و الخيارات .. و حدود 56 هي الحدود التي ستبداء منها دولة الشمال التي ينادي بها منبر السلام العادل مستعجلين خطي الانفصال .. لست أدري كيف تواضعت احلام الانقاذ التي نادت بمشروع الدوله الاسلامية الحضارية .. تلك الدولة التي تغنوا بها ملء سمع و بصر العالم بدنو عذاب الشرق و الغرب معاً .. كيف تراجع دولة النظام الاسلامي الحضاري الي حدود دولة محورها دنقلا سنار و كردفان الصغري ...

    أن ورقة حمدي تقفز بالسودان الي الهاوية بدون سلالم .. ورقة حمدي تكرس لعهد جديد من الظلم و الاستبداد ، انها تنادي بفصل أخر من فصول الهيمنة الاقتصادية و التهميش الاجتماعي في السودان .. فهو ينادي بأنشاء هوامش جديدة للسودان .. ينادي حمدي جهراً بمضاعفة التهميش علي المهمشين السابقين في جبال النوبة و الانقسنا و دار فور .. أن حمدي يرسم خارطته الاقتصادية بعناية فائقة جداً متناسياً و متجاهلاً اسباب الحروب السودانية منذ فجر الاستقلال .. الا ان دقة حمدي في بلورة الاستثمار الاقتصادي للسودان في الفترة الانتقالية لدولته التي يسميها بالدولة القادرة علي الحياة .. ان حمدي يتغافل عمداً عن الكثير من أسس بناء الدول الناجحة القادرة علي الحياة كما يقول في ورقته الظالمة الغاشمة .. و قد يدري حمدي او لا يدري بأن اسباب اندلاع النيران في دارفور اليومو مسبباتها الاساسية هو سياسة التحرير الاقتصادي الذي يكيل بمكيالين تنقصهما العدالة .. .. سياسة التحرير الاقتصادي الغير متكافيئ بل الظالم لا يمكن ان تصنع دولة قوية و قادرة علي الحياة ابداً ..

    أن ما يقوله السيد حمدي بصراحتة المعهودة و لايخشي فيها لومة لائم هي السياسة المطبقة الان في السودان .. انها الافكار التي تقوم عليها استراتيجية الانقاذ و تبني عليها برامجها التنموية و الخدمية .... و لا يستطيع السيد حمدي ان ينفي عن نفسه تهمة العنصرية و الجهوية .. ان محور حمدي هو محور جهوي و عنصري .. فهو يبني برنامجه الانتخابي علي اساس دعاية تنموي و استثماري اقتصادي يخص به فئات من المجتمع السوداني دون غيرها .. فكيف يمكن بناء دولة قادرة علي الحياة فقط علي الدعاية الانتخابية الانية بطريقة عنصرية سافرة .. ان طموحات الانقاذ تضاءلت و تراجعت فأين هي مسئولية الدولة تجاه مواطنيها غض النظر عن انتماءاتهم المختلفة .. و اين هي مبادي الحكم الرشيد التي ينادي بها لمزيد من الشفافية و العدل و التنمية المتوازنة ..

    ألم يتعلم أهلالانقاذ او المؤتمر الوطني و لو حرفاً واحداً من دروس الستة عشر عاماً من الحكم ... فهذه السنوات لوحدها هي كتاب مفتوح لمن يريد ان يعرف الي أي مدي وصل حد الظلم و الفقر بالشعب السوداني .. أن فلم احداث يوم الاثنين الدامي و حريق الخرطوم الذي عقب حادثة رحيل الدكتور جون قرنق أتيم لست ببعيدة عن مخيلة السيد حمدي .. فتلك الاحداث تعود بالدرجة الاولي الي السياسات الاقتصادية الظالمة التي أرهقت كاهل الشعب السوداني فجعل بعضه يحقد الاخر ..

    ان الدعاية الانتخابية التي يعد لها حزب المؤتمر الوطني مبكراً من خلال مؤتمراته التي تنتظم بعض المحاور و القطاعات .. هذه الدعاية لها اساليب و برامج و طرق تتبع و تطبق .. فهي تقسم السودان الي محاور انتخابية بحسب الاستاذ عبدالرحيم حمدي.. فمحور دنقلا سنار كردفان هو محور الارتكاز بالنسبة الي المؤتمر الوطني حيث سيركز الحملة الانتخابية بالدعم المادي و التنموي و الاقتصادي ... عليه فأن ثمن الاصوات المدفوعة القيمة مقدماً لسكان هذا المحور هو اغراءهم بجلب الاستثمارات العربية و الاسلامية و تركيزها في محور دنقلا سنار كردفان .. اما المحاور الاخري كمحور جبال النوبة التي لاتقع في كردفان محور السيد حمدي و محور النيل الازرق و الانقسنا و غيرها فهي متروكة للمنانحين الغربين و ما جادت به ايديهم السخية الكريمة في مؤتمر المانحين بأسلو – النرويج في مايو 2005 ..

    دور السيد حمدي في الفترة الانتقالية سيرتكز علي جبل الاستثمار العربي و الاسلامي و تركيزه في دنقلا سنار كردفان .. فقد البعض مازحين بأن حدود محور كردفان السيد حمدي لا تتعدي الاطراف الجنوبية لمدينة الابيض ... الا ان المتفائلين منهم ذهبوا ابعد من ذلك قليلاً بأن محور كردفان الذي يقصده حمدي هو كردفان الكبري بأستثناء جبال النوبة التي تقع في محور الشر بحسب حمدي .. و قد قطع السيد عبدالرحيم الشك باليقين في الجزء الثاني من الحوار الجريء الذي اجرته معه الاستاذه / سميه سيد – الصحفية المقتدرة الجريئة بصحيفة الرأي العام بتاريخ 23 / 10 / 2005م ..

    و قد أوضح حمدي في ذلك الحوار الامور جلياً .. حيث قال ان عبء العمل الاستثماري الاقتصادي هو ممسئوليته الشخصية .. و ان هنالك ادوار سياسية تقع علي عاتق رجال اخرين في المؤتمر الوطني و عليهم لعبها جيداً لكسب الاصوات في محاور جبال النوبة و الانقسنا و دارفور .. و هذه المحاور لا تحتاج الي أي نوع من استثمارات اموال الصناديق العربية و الاسلامية .. هذه المحاور يجب ان لا تكلف خزانة الدولة السودانية اموالاً او تنمية او حتي تقديم ابسط انواع الخدمات مهما تواضعت .. المطلوب فقط في هذه المحاور هو العبء السياسي من الدرجة الاولي .. هذا العبء السياسي هو كلام في كلام طق حنك و منطق قوي و عضلات تبش بحسب فهم و فكر حمدي .. الاصوات في هذه المحاور هي اصوات مقابل السلام .. و السيد حمدي واثق جداً من كسب الاصوات في جبال النوبه .. و للدقة سأنقل هذا الجزء الصغير من الحوار نصاً من صحيفة الرأي العام الصادر بالتاريخ أنف الذكر فالي مضابط هذه الجزئية ..

    * عبد الرحيم حمدي :- ممكن مثلاً أذهب الي جبال النوبة و أقول ليهم نحن جبنا ليكم السلام هل هذا استثمار .

    سميه سيد :- يعني كلام ؟

    عبدالرحيم حمدي :- نعم كلام .

    سميه سيد :- يعني دون ان تصرف مالاً هناك ؟

    عبدالرحيم حمدي :- نعم انا كلفت كيف نستغل الاستثمار لنخوض بها الحملة الانتخابية و شخص اخر كيف يستغل السياسة لخدمة هذه الحملة فهذا الشخص سيركز فقط علي انجاز السلام و هذه استراتيجية .

    أن أقل ما يمكن أن نكافيء به السيد / عبدالرحيم حمدي هو الاشادة بشخصيته الشجاعة الصريحة جداً و الطريقة الواضحة التي يعبر بها عن افكاره و اطروحاته و ثقته الزائد بنفسه و اسلوبه طرحه رضي الاخرين بفكره او رفضوه ..

    عليه فقد بات واضحاً بحسب ورقة الاستاذ عبدالرحيم حمدي و هي ورقة المؤتمر الوطني .. استبان الامر جلياً بأن لا نصيب في الاستثمار الاقتصادي العربي و الاسلامي الذي سيجلبه السيد حمد لمحاور جبال النوبة و النيل الازرق و دارفور دعك من جنوب السودان .. فعلي سكان هذه المحاور انتظار أسلو و المانحين الغربيين ..!!



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    24/ 10/ 2005م









    الفصل الثالث

    السودان يوافق بدخول القوات الدولية

    *****************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    هل يمكننا ان نطابق قبول السودان القرار رقم و القاضي 1769 بدخول قوات الامم المتحدة ، بالمثل السوداني الذي يقول ( حبل جملاً و ولد فأراً ) قبل عام واحد فقط كان السودان رافضاً كل الرفض بدخول تلك القوات الي أراضيها .. و كم شهدنا و شهد العالم معنا عبر القنوات الفضائية الرئيس السوداني عمر حسن احمد البشير و هو يقسم بأغلظ الاقسام بأن سوف لن يسمح لتلك بدخولها الي دارفور . بل ذهب السيد الرئيس شوطاً ابعد من ذلك كثيراً بقوله بأنه سيترك الرئاسة ليخوض المعارك بنفسه في دارفور دحراً للغزاة و قتالاً للمعتدين . و اشهد انني قلت لزملائي مازحاً بأنني سأكون في الصف الاول بجنب البشير ان صدق قوله . و كم شهدنا وزير دفاعنا يزأر و يزمجر و يكشر بأن أرض دارفور ستكون مقبرة للغزاة .. و قتها كانت الحماسة تفور في النفوس و مواكب الشجب و الادانة تملاء الساحات و تضيق بها شوارع الخرطوم و كل المدن السودانية تهدد و تتوعد بالويل و الثبور و عظائم الامور .

    لم تخرج الخرطوم يوماً من الايام في مواكب حاشدة منادية بالسلام في دارفور او مطالبة بوقف الحرب الدائرة فيها او انصاف الظلم القائم هناك .. و ظل النازحين من أهل دارفور عالقين في الحدود السودانية التشاديه لاكثر من اربعة اعوام .. ظلوا هناك كل تلك السنين يفترشون الارض و يلتحفون السماء و يبيتون القوي .. كل الفصول و المواسم زارتهم هناك و عبرت بهم لمرات كثيرة .. و ظل العالم يتفرج و يتسلي عبر شاشاته الماسأة الانسانية الكبري كأنه يشاهد فلم من افلام الخيال الرطب و العقل المهووس من انتاج هوليود .. لم يكن العالم مهتماً جداً بالبؤس و الشقاء الذي عبث كثيراً بالاطفال الابرياء و نهش في ابدانهم بمخالب الزمن القاسي .. ذلك البؤس الذي اعاد رسم الوجوه البرئية ليزرع فيها التجاعيد و الاغاديد .. كانت الاعوام الاربعة جديرة بتغيير معالم الانسان و تشكيل هيكله العظمي من جديد .. فالاطفال هناك برؤس كبيرة و عيونهم التي تغطيها تسكن في تجاويف جماجم مخيفه و الاطراف هزيله لا تقوي علي حمل تلك البطون المنتفخة بداء الانيمياء و سوء التغذية ..

    تلك هي صور الانسان السوداني المشرد في المخيمات بدارفور و تشاد و الاعلام العالمي يتسابق في تصويره و انتاج افلامه و توزيعه لكسب المال . و هذا هو العمل الرسمي الذي تقوم به المنظمات المسماة بالانسانية . انها شركات استثمارية و هم تجار حروب يتاجرون في قضايا البشر المصيرية علي طريقتهم الخاصة و هكذا يبزرون اموالهم علي انفسهم و النازحين منها براء..

    لم تبارح الحكومة السودانية محطة الرفض القاطع لقوات الامم المتحدة شبراً واحداً كما انها لم تسلك طريق الحل الجاد خطوة واحدة .. فظلت ماسأة الانسان في دارفور تراوح مكانها .. اسرفت الحكومة السودانية في تسويف الوقت و اضاعته علي حساب الحل .. كان الحل و المبادرة في البدء بيد الحكومة السودانية عندما كانت المشكلة بسيطة تتعلق بالتنمية و بعض السلطة و قدر من الثروة .. وهي مطالب شرعية يستحقها كل الذين يقطنون أرض المليون ميل مربع دون حاجة لحمل السلاح او قطع الطرق . و كان بمقدور السلطة في الخرطوم فعل ذلك لان هذا هو من صميم واجبها تجاه مواطنيها الكرام ..

    اضاعت الحكومة السودانية كل الفرص الممكنة حتي ضاعت الفرص من بين يديها .. لم تعترف الحكومة بقصورها تجاه مواطنيها كما لم تقم بواجبها نحوهم علي الوجه الاكمل حتي استغاثوا بغيرها لنجدتهم . لم تسد الحكومة الثغرات و لم تتعب نفسها مشقة اسكات الاصوات المتظلمة .. فانفتح باب الظلم علي مصرعية في السودان و دوي صراخ المظلومين عالياً في كل الانحاء . و المظلوم دئماً ما يطلب العدل اينما جاءه . و المستغيث الغريق يتشبث بكل يد تمتد اليه . و قد تكون تلك الايدي هي ايدي الخصوم و الاعداء لا فرق عنده قبل النجاه .

    و استطيع ان اقول بأن المعارضة المسلحة في دارفور قد فقدت بوصلتها وضلت سبيلها .. نعم فقدت المعارضه اتجاهها و هدفها و وزاغت عن قضيتها. و الدليل في ذلك انها في كل يوم تنشق و تنشطر و تنقسم علي نفسها و تأكل بعضها .. نسيت المعارضة انسان دارفور المعذب في الشتات و الداخل . استأثربعضهم لانفسهم بكراسي السلطة و خزائن الثروة . وظل الذين يرفضون الحلول و لا يطلبون السلام لا يكترثون كثيراً بألام النازحين المشردين . فلا يعقل ابداً ان يكون في دارفور و قضيتها الواضحة ما يتجاوز العشرة فصيل لا يتفقون حتي في الاجندة التي جعلتهم يحملون السلاح و بعضهم لا يرغب حتي في الجلوس مع الفصيل الاخر الذي انشف عنه .

    بقبول السودان لقرار الامم المتحدة رقم ( 1769 ) ستطوي صفحة من صفحات المشاكسة و التنازع بين السودان و المجتمع الدولي .. و عن قريب ستدخل أرض دارفور فرق و الوية من اصحاب القبعات الزرقاء بعدد يقارب الثلاثين الف جندي ان لم يزد عن ذلك بكثير ... كل ذلك العدد سيدخل السودان غرباً .. دعك من الموجودين اصلاً في الجنوب و الخرطوم و باقي انحاء السودان . و بعد هذا القبول لسنا بحاجة الي من يشرح لنا الفرق بين القرار 1706و القرار 1769 كما اننا في غني فهم البند السابع و مدي احترامه للسيادة السودانية .

    فقط نأمل ان يحل علي أرض دارفور و السودان السلام و الامن و الاستقرار و ان يعود اللاجئيين الي ديارهم و قراهم التي هجروها قصراً ليعمروها من جديد .. كما نأمل أن تكون الامم المتحدة و الولايات المتحدة الامريكية و سائر الدول الاوروبية و العربية و الاسلامية جادة في تحقيق التنمية الحقيقة . لان التنمية هو أس المشاكل في دارفور و السودان ...

    4 / 8 / 2007

    النخبة و الصفوة السودانية تحتفل

    بالذكري الثامنة لتصدير النفط السوداني

    *************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    الصدفة وحدها هي التي قادتني بالامس الي فتح القناة السودانية في الفترة المسائية ... و قد جذب انتباهي تلك العروض الراقصة التي قدمتها أحدي الفرق الشعبية السودانية و ها هي ذاكرتي الضعيفة تخونني علي حفظ اسم الفرقة و لكنها هي الفرقة التي انشق مؤسسها استيفن عن فرقة كواتو الشهيرة و رئيسها درك .. و قد اعجبني الطريقة المختلفة التي ابتدعها استيفن في العرض و الظهور و الغناء حتي لا تتكرر كواتو .. لست هنا بصدد الكتابة عن الفرقة الراقصة او الفرق الاخري الي شاركت في تلك الاحتفالات الختامية بمرور ثمانية اعوام علي تصدير النفط السوداني... فقد امتعونا بعروضهم التي ابهرت النخبة فاستبانت الابسامات و الضحكات علي الوجوه المنعمة و المترفة بعائدات البترول السوداني ....

    كان اليوم هو اليوم الخصص لبرنامج الختامي للاحتفاالات السودان بالاعوام الثمانية من عمر تصديره للنفط . و قد خيل لي بأن القائمين علي هذه الاحتفالات باستخراج و تصدير البترول السوداني كانوا علي عجالة و تسرع للاحتفال بتصدير البترول السوداني ... فلو كنت في موقعهم لفضلت تأجيل هذه الاحتفلات البذخية عامين علي أقل تقدير لاسميه احتفال مرور عشرة اعوام او عقد من الزمان لتصدير البترول السوداني ... و مبرري في ذلك ليس فقط حتي تنقضي عشره اعوام من تاريخ تصدير النفط السوداني ، كأن المسألة مترتبطة بالسنين و التوايخ فقط . و لكن لا قنع الشعب السوداني بأن بلده و دولته تصدر البترول و ذلك من خلال تنمية تنتظم كل البلاد و حياة معيشية يشبع فيه كل السودانية من رغيف الخبز المملح جيداً .. ان الاحتفال و كل السودان ينعم بالسلام و الامن والاستقرار..

    نعم فقد تمكن قادة الانقاذ من استخراج البترول السوداني و تصديره بفضل ما بذلوه من جهود يحسب لهم في زمن الحصار السياسي و الاقتصادي الذي فرض علي السودان و شعبه من امريكا و الدول الغربية .. فاتجه السودان شرقاً ليستعين بالصين و ماليزيا و الهند و قد استطاعت هذه الدول الاسيوية من جعل حلم السودان باستخراج البترول و تصديره واقعا و حقيقة معاشاً ... و ثورة الانقاذ الوطني المحاصر اقتصاديا من كل ناحية و صوب الزمت كل الشعب السوداني بالصبر و ربط الاحزمة علي البطون و اعطائها الفرصة حتي تتمكن من تخطي الصعاب و هدم اسوار الحصار و جدرانها .. و قد كان الشعب عونا لاهل الانقاذ حتي تمكنوا من الصمود في وجه الحصار و أستخراج البترول و تصديره .. و ها هم اليوم يحتفلون العيد الثامن للتصدير ببذخ يحسدهم عليه كل قطاع الشعب السوداني الصابر الذي لا يزال يربط الحزام علي بطنه و لا يدري متي يفك هذا الحزام الذي سيفصل وسطه الي جزئين ..

    نعم مرت ثمانية اعوام من تصدير البترول السوداني و لكن المهم هو التغيير الذي احدثه هذا التصدير للبترول في حياة و معيشة الانسان السوداني العادي ... فكاذب من يقول و يدعي بأن عامة الشعب في السوداني قد استفادوا من هذا البترول الذي صدر الي الخارج و بكميات كبيرة جداً لا يزال القائمون عليه يخفون حقيقتها حتي علي شركائهم في الحكومة و السلطة .. فالحركة الشعبية التي صارت شريكة في الحكم بموجب اتفاق نيفاشا لا تزال تتشكي لطوب الارض اخفاء شريكتها في الحكم المؤتمر الوطني الارقام الحقيقة لعدد الابار و كميات البترول المنتجة فعلياً و العائد المادي المقبوض فعلياً ... فاذا كانت الحركة الشعبية الشريكة في حكومة الوحدة الوطنية تشتكي من الظلم الذي لا يزال يمارس عليها من أهل الانقاذ بشأن العائدات الحقيقة للبترول المصدر .. فما بالك بالشعب السوداني المغلوب علي امره .. او ما بالك بالغبش الذين يعيشون في الاطراف البعيد من الذين لم يسمعوا قط بأن البترول السوداني قد استخرخ و صدر قبل ثامنية اعوام ...

    ثمانية اعوام مضت علي تصدير البترول السوداني و الحال هو نفس الحال كما كان قبل العام 1998 العام الاول لتصدير البترول السوداني .. كل الاطراف السودانية لا تزال تشتكي من الظلم و من عدم المساواة و من التهميش و الاهمال و في كل يوم يبرز الي السطح حركة جديد شعارها رفع الظلم و العدل و المساواة ... و التنمية التي يقولون عنها لا تزال غائبة و بعيدة المنال .. يتحدثون عن سد مروي و لا غبار في هذا الانجاز طالما سيوفر الهكرباء للسودان كله و يصدر الفائض منه .. و نأمل ان لا يذهب عائداته الي حيث ذهبت عائدات البترول السوداني ... صدر البترول السوداني قبل ثمانية اعوام و طريق الانقاذ الذي يربط غرب السودان بوسطه لا يزال محلك سر ... و عن الطريق الدائر الذي يربط ولاية جنوب كردفان سيبقي ارقام ترد في ميزانيات التنمية كل عام الي ما شاء الله ... ثمانية اعوم من التصدير للنفط السوداني و مجانية التعليم و العلاج شعارات تبث في الاجهزة الاعلامية و لا تجد طريقها الي أرض الواقع .. فالواقع السوداني اليومي لا يزال واقعاً مزرياً جداً من ناحية الحياة المعيشية اليومية لعامة الشعب في بلد المليون ميل مربع الذي يعيش في الفقر الدقع و احياناً كثيرة تصل الي ما دون حد الكفاف ...

    ثمانية اعوام مرت منذ من تصدير البترول السوداني و غالبية الشعب السوداني لا يزال يردد ذات السؤال الذي قيل ان السيد مبارك الفاضل طرحه ذات عندما كان في الحكومة لزميله السيد وزير الطاقة و التعدين الدكتور عوض الجاز قائلاً ( انتو قروش البترول دي قاعدين تودوها و ين ) .. و لسنا بجاجة الي رد السيد وزير الطاقة و التعدين للسيد مبارك الفاضل الذي يقبع هذه الايام خلف القطبان المظلمة بتهمة المحاوله او المؤامرة التخريبية الاخيرة ....... نسال الله السلامة و العافية للسيد الفاضل .. ان الشعب السوداني يريد اشباع فضوله فقط بمعرفة أين تذهب عائدات البترول السوداني الذي صدر قبل ثمانية اعوام ....

    و لا يمكن ان نقول بأن كل الشعب السوداني محروم من ثروة البترول لان هناك من ظهرت عليهم مظاهر تلك النعمة حيث تغير سلوك البعض اقتصادياً و اجتماعياً لدرجة استيراد الخدم و الشغالين من الهند و الفلبين و بغلاديش و باقي الدول الاسيوية الفقيرة .. كما ان البعض ايضاً يسرفون في تطاول البنيان و العمارة و يتسابقون في جلب التصاميم من مليزيا و دول الخليج بينما بيوت السود الاعظم من الشعب السوداني تنهار عليهم بيوت الطين و تبيد أسر بكاملها في طرفة عين تمسح اسمها من سجلات الاحياء ...كما ان الذين تأثرت منازلهم بسبب الفيضانات السيول و الامطار الغزيرة هذا العام يمنون انفسهم بخيمة او مشمع ليس اكثر و يعز عليهم الحصول عليها ...

    أين تذهب عائدات البتول السوداني و بعض الفئات العاملة في الدولة السودانية لا تتلقي رواتبها لآشهر تصل احيانا السته شهور او يزيد ... أعرف احدي الشركات التي صفت عمالها و سرحتهم بعد سنين خدمة امتدت الي ما يزيد عن العشرين عاماً لتعطيهم ما يساوي سته الف جنيه سوداني بدون معاش او تأمين .... فيا تري ماذا ستساوي هذه السته الف جنيه سوداني لارباب اسر صاروا عطاله عن العمل فجأة بدون مكافأه مجزيه و بدون معاش تعين في مقبل ايامهم و حياتهم التعيسة ... و اعرف ايضاً بعض سعداء الحظ في بلادي ممن اختيروا ولاة و معتمدين او وزراء لمده عام او عامين .. و لكن عندما استغنت الحكومة السودانية اكرمتهم بملايين الجنيهات لم يحلموا بها من قبل و ساوت لهم معاشات لا يحتاجونها نسبة للثراء الذي حالفهم بعد ليالي القدر التي نصبتهم ولاة و معتمدين ووزراء علي الشعب الغلبان ....

    أن الصفوة و النخبة في الخرطوم تحتفل بالعام الثامن لتصدير البترول السوداني بينما الشباب في المناطق المنتجة للبترول يجندون انفسهم لتمرد جديد لانهم لا يجدون فرصة عمل في تلك الحقول المنتجة و المصدرة للبترول ...

    ان غول الغلاء يبتلع كل قرش يتحصل عليه الكادحون في السوداني بدون تسديد حقيقي لاحتياجاتهم اليومية الضرورية من مأكل و مشرب و ملبس و سكن و تعليم ... و قد عجبت جداً عندما قرأت دعوة الاستاذ حمدي التي يدعو فيها الي اعادة النظر في اسعار الاسمنت في السودان لان اسعاره مقارنة بالاسعار العالمية تصل الي اربعة اضعاف ... كأن السيد حمدي قد عادت اليه ذاكرته فجأة ، مما جعلته يراجع الفرق الشاسع في الاسعار العالمية للسلع المستوردة و المنتجة محلياً بقيمتها الشرائية في السودان ... و للذكري فان السيد حمدي هو عراب الاقتصاد السوداني في عهد الانقاد و هو من اطلق غول الاسعار باسم التحرير الاقتصادي . ان بمقدور السيد حمدي عمل ما هو اكثر ايجابية تصحيحاً للاخطاء التي صاحبت التحرير الاقتصادي ... فنظرية التحرير الاقتصادي هذا هي نظريته او بالاحري هي من بنات افكاره و بأمكانه مراجعة أثارها السالبة التي خنقت حياة الشعب السوداني اقتصادياً و اجتماعياً ... فقد حدث جراء سياسة هذا التحرير الاقتصادي شرخاً كبيراً في حياة الشعب السوداني اقتصادياً و اجتماعياً ... فمن الناحية الاقتصادية انقسم الشعب الي قسمين فئة غنية مترفة جداً و اخري فقيرة بائسة جداً .. و قد أثر هذا الفارق الاقتصادي اجتماعياً .. اما الاثأر الاجتماعية فلا مجال لها في هذه العجالة ... و كل ما نأملة ان تتسع ذاكرة السيد حمدي و رفقائه من الصفوة و النخبة السودانية و ان تتفتح قرائحهم بمعالجات لاخطائهم الفادحة التي ارتكبوها في حق الشعب السوداني اقتصادياً و اجتماعياً ... و قد يجيبون بذلك علي السؤال الملح الذي يطرحه الشعب كل يوم ( أين تذهب عائدات البترول السوداني ) .......

    و كل عام و انتم بخير .........









    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    31 / 8 / 2005م





    الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني

    لمن تدق الطبول الحرب.!!

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    قبل ان يتجاوز المواطنين السودانين المخاطر التي تهدد حياتهم و منازلهم و مقتنياتهم البسيطة بسبب الامطار و السيول و الفيضانات ... و قبل ان تنزاح الاحزان و تهدأ الخواطر و النفوس مما اصابها من خسائر في الانفس والاروح و اللممتلكات بسبب خريف هذا العام .. فهذا الخريف الذي جاء بمعدلات غير مسبوقة قد تأثربه المواطين في كل ربوع السودان و اصابهم منها اضرار كبيرة و كثيرة .. فلاضرار و الخسائر تحتاج الي عون و دعم من الدولة تعين المواطنين علي تجاوز أثارها .. و قد ابدت دولتنا عجزاً حقيقاً ازاء مواجهة أثار السيول و الفيضانات و الامطار و تركت المواطن يواجه مصيره بمفرده في ظروف صعبة جداً . ..

    و قبل تجاوزأثار الخريف و تداعياته شهدت الساحة السودانية في الايام الماضية حرارة و علو في الصوت و الكلام وصل الي درجة التهديد بالعودة الي مربع الحرب و تلويح كل طرف بالاستعداد لها .. فهل وصلت درجة الاستخفاف بالمواطن وواجبات الدولة تجاهه هل وصل درجة هذا الاستخفاف لدي الشريكين في حكومة الوحدة الوطنية الي درجة الشوق و الحنين ايام الحرب المريرة و التباهي بالاستعداد لها في هذا الظرف الحرج الذي يمر به الشعب السوداني و مشكلة دارفور لا تزال قلئمة .. فأين تقع حياة المواطن السوداني الذي عاني في الحرب الماضية و لا يزال يعاني منها .. أين تقع الظروف الاقتصادية السيئة التي يكابدها جل أهل السودان في معيشتهم و معاشهم اليومي أضف الي ذلك الكوارث الطبيعية التي تصيبه كل يوم ... أين تقع هذه الاستحقاقات و المتطلبات التي لا تحتمل التأجيل و الاتنظار من اولويات الشريكين ... فهل الشريكين الذين يمسكان بكل السلطة و كل الثروة لا تهمهما من امور المواطن شيئاً الا في حالة الاستدعاء الي الحروب و النداء الساحات القتال ...

    مرت عامين فقط من عمر الشراكة و تكوين حكومة الوحدة الوطنية فعوضاً عن تعزيز عري الشراكة و تقوية روابط العلاقات بينهما و تمتينها لصالح الشعب و السودان.. و بدلاً من بنيان الثقة بينهما و مواجهة التحديات التي تهدد السلام بتصدع بنيانه و تأكل زواياه و تهتز منها اعمدتها .. انقضي عامان من عمر الشراكة و البلاد تعيش في ظل السلام الذي تحقق بأتفاقية نيفاشا و لكن كل من الشركين لم ينس اوقات الحرب و ايام القتال المريرة .. لم يتجاوز الشريكين مرارات الماضي المظلم و سنين الحرب القاسية و هذا ما يجعلهما يتحسسان بنادقهما عند كل ازمة تمر بهما او تجربة و اختبار يتعرضان له مهما صغرت الازمة اوكبرت.. ان الشريكين بحاجة الي ان يضعان في حسابهما و اعتبارهما بأن تنفيذ الاتفاقية يتطلب منهما بذل الكثير من الجهد و الصبر و قوة العزيمة و صلابة الارادة .. كما انهما محتاجان الي الالتفات الي الشعب و ما ظل يعانيه طيلة فترة الحرب السابقة و ما يتطلع اليه بعد اتفاق السلام من استقرار و أمن و تنميه ... انقضي عامين من اتفاق السلام و الشعب لم يجن بعد ثمرة واحدة من ثمار هذا السلام علي أرض الواقع ...و المؤسف هو ان الشريكان حريصان كل الحرص بتذكير هذا الشعب بأنهما مستعدان و جاهزان للعودة الي الحرب متي دعي داعيها ...

    فأين هي استحقاقات الوحدة الجاذبة التي يجب ان يعمل الطرفان لاجلها حفاظاً علي وحدة تراب هذا الوطن و وحدة مصير هذا الشعب .. أم ان القناعات بالانفصال باتت هي الخيار الاقرب الي ذهن الشريكين و تفكيرهما الأني و الوقتي عند نشوب أي سوء تفاهم بينهما .. و حتي خيار الانفصال يحتاج الي عمل جاد من الشريكين و صبر كل طرف علي الاخر و التعاون و العمل معاً بروح الفريق الواحد في تنفيذ نصوص الاتفاقية بحسب الجداول الزمنية الموضوعة لها .. و لاشك في ان الكثير من العقبات و العثرات ستقف في طريق الشريكين عند بعض المنعطفات او الاشكالات و هذا لا يعني بأي حال من الاحوال فشل الاتفاقية او انهيار عملية السلام برمتها .. هذا لا يعني ان كل الخيارات الممكنة و الغير ممكنة قد استنفذت و ان خيار اعلان الحرب هو الخيار الوحيد المتبقي مما يستدعي دق الطبول و التلويح بالحرب او الاعاء بالاستعداد لها ....

    ان ما شهده الساحة السودانية في الفترة الماضية من شد و جذب و توتر بين الشريكين ابتداءاً من الاحداث التي شهدتها منطقة المجلد بين جيش الحكومة و جيش الحركة الشعبية ... و الاشاعة التي انطلقت في الخرطوم بمقتل النائب الاول لرئيس الجمهورية الفريق سلفا كير ميارديت ... و ما يحدث حتي اليوم في الخرطوم بخصوص التفتيش عن الاسلحة الغير مرخصة .. هذا التفتيش الذي تقول الحركة الشعبية الشريكة في الحكم بأنها هي المستهدفة به .. و ما قبل كل هذا كلام السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية و حاكم جنوب السودان امام برلمان الجنوب و الذي صرح فيه بانهم باتوا اقرب الي الحرب من السلام و اردف بالقول بأنهم مستعدين للحرب لان المؤتمر الوطني لايريد تنفيذ الاتفاقية ... و ايضاً الرد المباشر الذي صرح به احد الاعضاء النافذين في المؤتمر الوطني بالاستعداد للحرب متي دعي الداعي لها .. كل ما سبق من قول و فعل و رد فعل و هي امور تصب في خانة الاستهتار بالشعب و تنم عن درجة عالية من انعدام الحرص و المسئولية و الاهتمام بأمر هذا الشعب و حياته في السلم و الحرب معاً ...

    و بحسب الفهم المتواضع للاتفاقية و نصوصها لا اجد مبرراً ابداً لهذا التصعيد الغير مسبوق الذي وصل درجة الرجوع الي الحرب .. فالاتفاقية لم تترك للشريكين شاردة او واردة حتي يتعاركان و يتشاجران فيه ما داما ملتزمين بهذا الاتفاق و حريصين علي و تطبيقه .. و الاتفاقية لم تترك فرصة واحدة تجعل لاي طرف من الطرفين مجالاً للتراجع او التملص او المناورة ..

    و اعتقد جازماً بأن الشوط الذي قطعه الطرفين في تنفيذ الاتفاقية هو شوط مقدر جداً و ان المرحلة التي وصلتها الاتفاقية حتي الان هي مرحلة متقدمة جداً ايضاً ... كما ان المكاسب التي نالها كل طرف هي مكاسب كبيرة و لايمكن لاي من الاطراف التقليل من شأنها الي درجة تفضيل العودة الي الحرب و التلويح بالاستعداد لها .. و لا اظن بان الاطراف التي تفاوضت و تحاورت لفترات طويلة امتدت لاكثر من عامين متواصلين قد فات عليهما ما سيحدث للاتفاقية في المستقبل من عثرات كالتي تمر بها الاتفاقية في هذه الايام .. فقد حسب المتفاوضون حساب هذه العثرات جيداً مهتدين بالاتفاقيات السابقة و لا سيما اتفاقية اديس ابابا و اخذا العبرة و الدروس من الفشل الذي انتهي اليه اتفاقية اديس ابابا ... و بالطبع فان اتفاقية نيروبي او نيفاشا ليست كاملة و بها ما بها من نواقص و الانات بها الا انها كافية جداً لمنع الشريكين من العودة الي مربع الحرب .. فلا أظن بأنهما مستعدين للحرب اليوم اكثر من أي وقت مضي لانهما اكثر المستفيدين من هذا الاتفاق .. كما ان الشعب السودان الذي تضرر كثيراً بالحروب غير مستعد ابداً لخوض أي حرب جديدة بأسم الحرب بين الجنوب و الشمال ... ان الشعب السوداني تواق الي السلام الكامل و هو بشوق لان يري هذا السلام يتحقق في دارفور اليوم قبل الغد .. و علي الشريكين في حكومة الوحدة الوطنية بذل اقصي جهودهما لانهاء الحرب في دارفور في اقرب فرصة ممكنة و بقدر الامكان .. لان الحرب الدائرة في دارفور كافية جداً لشل قدرة الطرفين و التفكير في حرب جديدة بينهما .. فهل يوجها القدرات التي لديهما الي الحلول السلمية لمشاكل السودان ؟

    ان استحقاقات السلام و التنمية في الجنوب و في كل السودان هي الحرب الحقيقة التي يجب ان يلوح بالاستعداد لها كل من قادة المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان .. فعليهما بان يوجها ما لديهما من قدرات و موارد الي فاتورة السلام ... ام ان ما يقال في الشارع السوداني بأن فاتورة السلام اكثر كلفة من فاتورة الحرب هو ما يجعل الطرفين يتهربان من دفع فاتورة السلام و تكلفتها الباهظة و يفضلان العودة الي الحرب ...

    اما فيما يختص بالحرب التي يدعو لها الحركة الشعبية لتحرير السودان و المؤتمر الوطني فالشعب السوداني غير مستعد لاي حرب جديدة لا ناقة له فيها و لا جمل .....

    16 / 9 / 2007م







    يجب ان لا تنهار حكومة الوحدة الوطنية السودانية

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    BBCARABIC.com هل تنهار حكومة الوحدة الوطنية ؟ هذا العنوان أقتبسته من

    صفحة شارك برأك التي احرص المداومة علي تصفحهها و المشاركة احياناً فيها برأي المتوضع جداً ... و المشاركة ادناه هو الدلو الذي ادليت به فيما يختص بتعليق الحركة الشعبية لتحرير السودان او تجميد مشاركتها في الحكومة الاتحادية .....

    يجب ان لا تنهار حكومة الوحدة الوطنية السودانية كما يجب ان لا ينفض الشراكة التي بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان. و نأمل ان تكون هذه الخطوة التي اقدمت عليها الحركة الشعبية هي خطوة حكيمة سبقتها مناقشات متأنية . و علي المؤتمر الوطني ان لا يركن الي الصمت و التغاضي كأن الامر لا يهمها من بعيد او قريب . فالامر هو أمر الوطن كله و المشكلة هي مشكلة السودان الذي يتدحرج الي الهاوية . فأين تقع المصلحة الوطنية العليا من مصالح المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية . ان اتفاقية نيفاشا تلزم الطرفين

    ايليا أرومي كوكو الابيض

    و العنوان و التعليق ادناه هو ما قرأته في المنتدي العام ل سودانيزاونلاين.كوم

    : الحركة الشعبية تقرر تجميد نشاطها مع الحكومة المركزية بالخرطوم

    : هجو الأقرع


    نقول لهم اعيدوا الكهرباء لجوبا ، اجمعوا السلاح ، اوقفوا تدفق الخمرة المغشوشة التى يطفحها الشباب العاطل هناك ، رتبوا بيتكم الداخلى ، وحدوا صوت المخاطبة للناس عشان نعرف من هو المسئول.



    و يمضي السيد / هجو الاقرع معلقاً عن الفرحة التي غمرته بمناسبة تجميد الحركة الشعبية لمشاركتها في السلطة الاتحادية قائلاً :-

    (( البيان الختامى يقول إن من الاسباب التى دعت للتجميد .... تعديات على صلاحيات سلفاكير الدستوريه... ويواصل البيان القول .... لا عودة إلا بحل كل الخلافات مع المؤتمر الوطنى ... يعنى فى خط رجعة ما قلنا ليكم ما بتقدروا تخلو الخرطوم والاراضى والفلل والقصور، كنت اتمنى ان تبقوا فى جوبا وتريحونا ، الله يكفينا شر الشريك المكاجر ..))



    السيد هجو الاقرع اعاد الي ذاكرتي الحملة العدائية الشرسة التي قادها السيد / الطيب مصطفي ضد اتفاقية نيفاشا و قد تبلور نما هذاء السافر ليلد منبر السلام العادل ... و قد كتب الطيب مصطفي مقالاً مطولاً بجريدة الصحافة بتاريخ 7 / 10 / 2004 م العدد 4080 بعنوان «أرى تحت الرماد وميض نار»

    و كتبت تعقيباً لمقال الطيب مصطفي نشر بجريد الصحافة العدد رقم 4094 بتاريخ 2004-10-21

    و التعقيب الذي عقبت علي مقال السيد الطيب مصطفي يستدعيه ظرف بلادنا الراهن ... ان ما يمر به اطراف نيفاشا من صعاب و تعقيدات تطلب منهما النظر الي استحقاقات الوطن بأفق اكبر و التخلي عن العقلية الاستعلائية الجوفاء .. وهذا التعقيب يصلح رداً و تعقيباً ايضاً للسيد الاقرع ...!!!





    الطيب مصطفـى يوقـظ الفتن من سبـاتها


    بقلم / ايليا ارومي كوكو
    12 / 10 / 2004 م



    دائماً تظل النار تحت الرماد ساكنة هادئة، بل تبقى النار برداً وسلاماً إلى أن يأتي من يزيح الرماد من فوق النار وينفخ تلك النار الساكنة بكور روح الشر والفتنة، ليتطاير الشرر شراً مستطيراً وناراً مدمرة تأتي على الاخضر.. واليابس حرقاً وخراباً .. فهل يتشرف الرجل الطيب مصطفى وجماعته الذين يطلقون على أنفسهم جماعة منبر السلام العادل كذباً وإفكاً .. و الحقيقة تقول بأن منبرهم هو منبر الحرب الشامل ...

    هل يتشرف مصطفي وزمرة منبر السلام العادل بأن يكونوا المفجر الاول الذي سيضغط علي برميل البارود الذي يتقلب عليه بلادنا ، و لايحول بينه و الانفجار الا ان ينفجر ....

    يقول الطيب مصطفي في مقاله المطول بجريدة الصحافة بتاريخ 7 / 10 / 2004 م العدد 4080 ( اعلن لكم ايها الاخوة بأنني متشائم.. متشائم .. متشائم )

    فأل الله لا فألك ايها الدكتور ... فأن كنت و انت ممن ينعمون بكل خيرات هذا البلد من سلطة و ثروة وجاه و عز تتشائمون بهذه الدرجة .. فما بال الذين تجرعوا سم العوز و الموت و البؤس بأيديكم ... و ان كنت و انت من الذين يمسكون بأيديهم العشرة علي زمام الامور في السودان و تديرو

    أهم المؤسسات و الهيئات المعلوماتية و الاقتصادية ، و كل ثروات السودان تحت أمرتكم فأنني لا اجد مبرراً لتشأمك و خوفك و تحريضك علي الفتنة النائمة نوم أهل الكهف .. فبماذا تبرر خوفك و تشائمك من مقررات نيفاشا و برتوكولاتها التي تعالج مشكلة السودان بالقسمة العادلة للسلطة و الثروة ...
    نيفاشا التي تؤسس لوحدة السودان علي أسس جديدة من الوحدة و الحرية و الديمقراطية و العدل بمعيار عدل الحق و ليس بمعيار منبر السلام الظالم ... ليتكم معشر منبر السلام السلام العادل خرجتم الي الشعب السوداني منذ صبيحة 30 / 6 / 1989 م بهذه الافكار و الاراء و فصلتم الشمال عن الجنوب أذاً لكنتم جنبتم البلاد و العباد انهار الدماء التي جرت و أوقفتم ينابيع الدموع التي سالت و لكان شباب السودان الذي راح ضحية حرب الثلاثة عشر عاماً سواعد تعمل في البناء و التعمير و النماء ... و لكان السودان المنفصل اليوم دولتين تعيشان في سلام و رخاء ... لو فعلتم ذلك وقتها ما كانت دارفور و لا الجيوش الافريقية و كل ما يقال عن الابادة الجماعية و الاغتصاب تأكيداً و نفياً ... و لكان الحزام الاسود خيطاً رفيعاً لا يخيف او يدعو للتشائم .. لو فعلتم ذلك باكراً ما كانت المناطق المهمشة .. بل افعلوها اليوم قبل الغد حتي لا يشرق علي السودان صباح كصباح الفاشر او تأتي ايام كأيام جبل مره ...

    ألاتدري ايها الدكتور حتي اليوم بأن تلك التقسيمات التي تطلقونها علي الناس من عرب و افارقة و مسلمين و مسيحيين ووثنيين ، نوبه و دينكا و جعليين و شايقيه هذه التقسيمات هي التي تؤجج نيران الفتن ...

    و ها انت توقد ناراً و تصب عليها الزيت ، أثارتك للنعرة العنصرية البغيضة العمياء ... فأنت تتهم النازحين في اطراف العاصمة بأن تواجدهم لم يكن بالصدفة و ان الامر لم يكن الا اعداداً .. فمن بالله يا مصطفي يختار لنفسه النزوح و التشرد و الفقر و العوز .. ؟؟ من من البشر الاسوياء يعد لنفسه السكن و الاقامة في هذه الاطراف النائية التي لا تتوفر فيها أدني مقومات حياة البشر .. و من من الناس يترك بيته و أرضه و يتخلي عن ثرواته من الماشية و الحقول و الجنائن و كل الخيرات لينزح الي الصحري المجهولة ليبيت القوي كل يوم و هو يقترش الارض و يلتحف السماء و الحكومة غير راضية .. ؟؟

    أن السيد مصطفي يريد ان يشعل نار الفتنة في قلب الخرطوم و البلاد لم تخرج بعد من أزمة دارفور التي قسمت الناس الي عرب و أفارقة ...

    الي أين تريد ان توصل السودان يا أيها السيد .. لماذا كل هذا الحقد الارعن علي النازحين المساكين الذين لا حول لهم و لا قوة ، يكفيهم ما هم فيه من شظف العيش و ضيقه .. بل يكفيهم جور الانسان و ظلمه أنهم هناك راضون بقدرهم مكتفيين بما أصابهم من شر و بلاء ... اما المشاكل التي تحدث بينهم من وقت لاخر فهي لا تخرج من طور المشاكل التي تحدث في كل المجتمعات ناهيك عن معسكرات النزوح المفتوحة ...

    ان منبر السلام العادل يقف بالمرصاد ضد نيفاشا التي استطاعت ان توقف نزيف الدم الذي أريق و استبح سفكه لاكثر من عشرون عام ... منبر السلام العادل يتخوف لان بعض الحقوق سترد الي أهلها و ان الظلم لا يمكن ان يكون معياراً و لو طال الزمان و تجبر الانسان علي أخيه الانسان ...

    أن ارادة الشعوب في الحياة بكرامة لا يمكن ان تقهر و ان الحرية و الديمقراطية هي لكم و لسواكم لا يمكن ان تسلب الي الابد ..

    أن نيفاشا ستعيد البسمة الي شفاه الاطفال الذين ظلوا محرومين من الحياة الاسرية العادية من أبوبة و أمومة و طفولة مستقرة ... تستطيع نيفاشا ان تفتح صفحة جديد للسودان ، صفحة من الاستقرار و السلام و المساواة و الوحدة ...و نيفاشا تصلح ايضاً لان تكون نموذجاً لتصحيح الاوضاع في كل السودان شرقه و غربه شماله ووسطه ايضاً ..

    أنها تجربة جاءت بعد مخاض عسير و جهود و ضغوط هائلة .. ان نيفاشا هي الحد الادني الذي فيه لا تتحقق طموحات الجميع و لكنها جديرة بأن تعطي فرصتها اذ يكفي انها وضعت حداً للحرب و اسكتت صوت السلاح في الجنوب و جبال النوبة و الانقسنا ...

    ان السيد الطيب مصطفي يدغدغ المشاعر العنصرية و يحرض شعب السودان الشمالي حسب تعبيره ضد أهلهم من السود الفقراء و الذين يسكنون الحاج يوسف و أم بدة و سوبا ... يتكلم عن انفصال الشمال عن الجنوب ، فقط لان الجنوب سينال بعض من حقوقه في السلطة و الثروة ... سينال الجنوب الكرامة الانسانية في العيش الكريم بحرية في هذا السودان الوطن الواحد ....

    انه يريد ان يلوي عنق الحقيقة بل يريد ان يقتل الحقيقة و يغيب الحق مع ان الحقيقة لا تموت و الحق لايغيب ... فهو يستخدم نفوذه في السلطة للترويج و نشر افكاره و أرائه المتطرفة الهدامة التي لا تقل في خطورتها عن تلك التي تتهم بها الحكومة المؤتمر الشعبي و محاولاتهم التخريبية في الخرطوم ...

    فلماذا تكيل الحكومة بمكيالين ... فأفكار الطيب مصطفي و أرائه المسمومة ... كما ان المنتديات التي يقيمها منبر السلام العادل تحرض و تألب الناس علي الكراهية و الاضطهاد و تدعوهم و تجرهم الي الفتن و الاحتراب ... فلماذا تسكت الحكومة عن منبر السلام العادل في حين تحاصر المؤتمر الشعبي و تضيق عليه الخناق ..

    علي الحكومة السودانية أن تعمل علي وضع النهاية للحرب في الجنوب و في دارفور كما يجب ان تخطو الخطوة التالية نحو الشرق قبل ان يشتعل ... و علي الحكومة ان تبادر بالحلول و التسويات و رد المظالم و اخماد نيران الفتن في مهدها و عليها بأن لا تتساهل مع منتسبيها و تتركهم ليبثوا سمومهم القاتلة ..





    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    21 / 10 / 2004م



    العلم السوداني

    لا يزال يرفرف عالياً في جنوبنا الحبيب

    ***********

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    لم يكن احد من السودانين في الشمال او الجنوب يدري بأن تنفيذ اتفاقية الترتيبات الامنية ستكون قاسية و مرة علي الجميع بهذه الدرجة التي جاءت به. فقد صعب جداً علي الحركة الشعبية في البدء ترك مواقعها التي كانت تطلق عليها اسم المناطق المحررة في النيل الازرق وفي جبال النوبة و التراجع الي ما وراء خط 1 / 1 / 56 .. لم تنسحب الحركة الشعبية من تلك المناطق بحسب الجداول الزمنية بل تشبثت ردهاً من الزمان بحجج عدم توفر الامكانيات التي تعينها علي ترحيل جنودها و معداتهم و عتادهم الي حدود 56 .. و في الجانب الاخرصعب جداً علي الحكومة السودانية ( المؤتمر الوطني ) اجلاء جيوشه شمالاً الي ما بعد نفس الخط .. كانت حجج الحكومة و مبرراته القوية هو حماية أبار النفط .. و لكن بحمد الله و بتدخلات من اطراف لا يمكن نكرانها تمكن الطرفين من تجاوز عقدة الترتيبات الامنية بأتمام انسحابات الجيوش شمالاً و جنوباً في 9 / 1 /2008م .. لست متأكداً من المشاعر و الاحاسيس التي عاشاها الطرفين وهم يحتفلون بأعياد السلام وسط تلك الاجواء المشحونة بقساوة انسحابات جيوشهم كما العواطف الجياشة هنا و هناك استعصت الافصاح عن الكوامن الداخليه من ظفر او خسران..

    و لكنني تابعت مراسيم الانسحابات المتبادلة و لحظات انزال اعلام الطرفين و رفع علم القوات المشتركة من خلال مقال ( شاهد على مغادرة أخر جندي بالجيش السوداني للجنوب ) بقلم كاتبه/ ضياء الدين بلال .. و قد حاول بلال التعبيرنيابة عن الحكومة عن قسوة و مرارة لحظات انزال علم الجيش السوداني في ربكونا.. كما حاول ايضاً جس نبضات تلك اللحظات في جانب الحركة الشعبية في اشخاص كل من باقان أموم و تعبان دينق .. بالتأكيد كانت لحظات حاسمة للجانين في الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني و للسودان كله غض النظر عن قساوتها و مراراتها بحسب رؤية وحسابات الربح و الخسارة لكل طرف .. هي خطوات متقدمة جداً في طريق سلام الشجعان الذي لا بد ان يكون فيه تنازلات مرة و تضحيات قاسية ينبغي علي الطرفين دفع استحقاقته من فواتير مؤلمة و موجعة ... و الخطوة التالية المرجوة هي ان ينفذ الطرفين ما التزما به قولا بأن لا عودة الي الحرب ابداً ..

    اما عن مقال ضياء الدين بلال فأقول بان العلم السوداني لايزال يرفرف في كل ارجاء الوطن بمساحته الذي يبلغ المليون ميل مربع .. كما اقول ايضاً بأن الجيش السوداني لايزال في الجنوب و في كل شبر من أرض السودان .. فالقوات المشتركة الباقية في الجنوب وفي جبال النوبة وفي النيل الازرق أليست قوات و فصائل من الجيش السوداني ..؟ فقط ستختلف المهام من جهادية و قتالية الي عمرانية و تنمويه و لا أحسب أي خسارة او نقص لدور الجيش السوداني المشترك في المرحلة القادمة .. فالمرحلة القادمة هي مرحلة جديدة تتطلب مهام و ادوار جديدة متخلفة عن المهمات السابقة حتي في مهام الجيوش لكلا الطرفين ..

    و في مقال اخر بسودانيز اون لاين قرأت مقالاً مطولاً بمدونة عبدالله الشيخ بعنوان ( وداعاً جنوبنا الحبيب ) و به مداخلات من القراء .. جاء فيه ما يلي (ألأربعاء التاسع من يناير للعام2008 تـم إنزال آخر علم للسيادة الوطنية لدولة كان إسمها السودان من صارية جزء حبيب كان إسمه جنوب السودان.. والقصة يا أصدقائي طويلة..فقط تابعون ) ..

    هي قصة طويلة كما قال كاتبها سأكتفي بملخص ما جاء فيه .. فالكاتب يتابع تاريخ تخلي الشمال عن الجنوب منذ العام 1947 م .. مروراً بتوريج كل الحكومات السودانية منذ فجر الاستقلال الباكر الي يوم انزال اخر علم للسيادة الوطنية بحسب قوله ... و سوف لن أعلق علي هذه الجزئية تفادياً للتكرار الممل.. و لكن الذي أفهمه منه هو ان الشمال و منذ الاستقلال لم يكن يعطي الجنوب او الجنوبين و باقي اطراف السودان اعتباراً او أهمية ابداً .. كان الشمال يعمل جاهداً علي اسغلاله تهميشه و الاستعلاء .. و كان و يحاول تشكيله بحسب رؤيته الاسلاميه و العربية دون أدني اعتبار لخلفيته الثقافية و الدينية و هويته الافريقية المختلفة .. و الفقرات ادناه هي سطور و اقتباس من المدونة ، هي خير دليل و برهان علي ذلك :- (ذهبت ومعي صديقي زين العابدين صالح عبدالرحمن لـمنزل محي الدين صابر بالزمالك في عام(1997) لإجراء حوار معه لـمجلة(ثقافات سودانية) والتي كنا نصدرها عن مركز(الثقافات السودانية)بالقاهرة..وسألته مباشرة عن لـماذا لـم تهتم مناهج السلم التعليمي بثقافات الـمجموعات السكانية التي تسكن جنوب خط(12 عرض) أي سكان جنوب النيل ألأزرق وسكان جنوب كردفان وجنوب دارفور وبالجملة سكان جنوب السودان ??? سكت قليلا ثـم أردف قائلا( يا إبني ديل ناس ما عندهم ثقافة)...

    لم يحن الوقت بعد لنقول الوداع لجنوبنا الحبيب .. و ما تبقي من زمن كافي لعمل شيئ ما لاجل السودان الوطن الواحد الموحد المتحد ... و هذا السودان الواحد سيحتاج من الجميع عملاً كبيراً جداً .. ان الوحدة السودانية القادمة هي بحاجة الي افعال اكثر من الاقوال ... فقد قضي السودانيين اكثر من ستين عام في الاقوال .. تلك الاقوال التي لا يؤمنون و يعملون بها حتي انعدمت الثقة بينهم ... و من يدري فقد يتغير كل شيء الي النقيض في الاربعة اعوام القادمة فقط بصدق النوايا و العمل الجاد لاجل سودان موحد ... و لا مستحيل تحت الشمس فباقان أموم الذي كان يقف و يجلس جنب الي جنب عبدالرحيم حسين في المجلد و ربكونا في ود و تجانس حسدهما عايها ضياء الدين بلال.. ان باقان اموم هذا الذي صار وزيراً لمجلس الوزراء و مرافقاً اولاً لوزير الدفاع عبدالرحيم حسين في حله و ترحاله .. هذا البقان أموم الذي كان مكان اختلاف و جدل .. قد رأينا باقان أموم عند قبر الراحل المقيم الدكتور جون قرنق منفعلاً و متوتراً ينتزع علم السودان الذي لف به تابوته ليلفه بعلم السودان الجديد علم الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ها نحن نشاهده بعد ثلاث اعوام متزناً بسكينةو رباط جاش يهديء الخواطر و يدعو الي تهدئة الاوضاع الامنية المتوترة في النقاط الحدودية بين الجنوب و الشمال .. اليوم ان رأيت باقان أموم و عبد الرحيم حسين يتبادلان القفشات و الابتسامات و الضحكات و الدمعات ايضاً فلا تتعجب كما تعجب صاحبنا ضياء الدين بلال .. فهذه لعمري هي بدايات جيدة للسودان الجديد الذي فشل الساسة لاكثر من نصف قرن عن بلورة رؤيته التي صارت تتبدي امام أعيننا ..

    و في الجنوب كما في الشمال ايضاً اناس يكرهون و ينزعجون من الاصوات الانفصالية .. فقلواك دينق وزير الثروة الحيوانية و السمكية يقول في ونسته مع محمد شريف مزمل بجريدة الصحافة الصادرة بتاريخ 18 / 1/ 2008 م ( تزعجني جداً الاصوات الانفصالية هذه وبتمني الوحدة للسودان ) فأبشروا يا أهل السودان بسودان جديد موحد .. و لا يهمنا في هذه العجالة شكل الوحدة تلك و لونها او طعهما .. فقط نريدها موحدة .. فقد تكون وحدة كنفدرالية بحسب مالك عقار .. او بأي شكل اخر من اشكال الوحدة التي ستوافق عليه السودانيين فيما بعد ...!!!



    18 / 1 / 2008م

    الفصل الرابع

    البابا يوحنا بولس الثاني

    رجل حوار الاديان

    *************

    بقلم /ايليـــــا أرومــــي كوكـــو





    في العامين المنصرمين 2006 و العام 2007 شهد العالم الكثير من التوترات الدينية .. و لسنا ببعدين عن الرسوم الكرتونية و الضجة الكبيرة التي أحدثتها في كل العالم .. لم تمض شهور كثيرة علي الرسوم حتي قامت الدنيا من جديد بعد المحاضرة التي القاها البابا الحالي بنديكت السادس عشر بالتوترات الدينية الي الواجهة .. و ذاكرتنا الحية لا تزال تختزن قضية المعلمة البريطانية و ما أثارته في السودان في الفترة الاخيرة و قصه اطلاق اسم محمد علي دمية الدب .. أن هذه الاحداث كلها لا تخرج من كونها ردود افعال لتراكمات المشاكل التي أجتاحت عالمنا بعد احداث 11سبتمبر 2001م.. هذا العالم الذي بات يسيطر عليه ما يسمي بالفوضي الخلاقه .. هذه الفوضي الخلاقة التي البست السياسة ثياب الدين ، كما استطاعت ان تخلط لعبة أوراق السياسة القذرة بروح الاديان السمحة و المتسامحة .. فالاديان كلها و بلا استثناء تدعو الي الفضائل و التسامح و التحاور و المحبة .. أما السادة الساسة السياسين الذين يسمون الفوضي بالخلاق ، فهم الذين يزرعون الفتن بين البشر في كل مكان لتكون المحصلة النهائية لعالمنا هو تصادم الاديان لا تحاورها ..

    في عقلي الباطن يرتبط الدعوة الي حوار الاديان بالحبر الاعظم بابا الفاتيكان الراحل المقيم ( البابا يوحنا بولس الثاني ) الذي كان رمزاً حقيقاً للتسامح و التحاور بين الاديان.. اذ لم تخلو عظة واحدة من عظاته من الدعوة الي السلام بين كل شعوب العالم غض النظر عن اديانهم .. و نأمل أن يقتفي خلفه أثر خطوات سلفه .. و لا اشك في العتره التي عترها ستقوم خطواته القادمة بمشيئة الرب ..

    المقال ادناه كتبته في أمسية رحيل البابا يوحنا بولس الثاني تحت عنوان :-



    السلام و الراحة الابدية لروح البابا يوحنا بولس الثاني

    ( طوبي لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون )





    في أمسية من ليلة هادئة من ليالي ربيع أبريل نيسان من العام 2005م فاضت روح الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني الي باريها بسلام .. واليوم يرقد البابا رقدته الابدية في انتظار يوم القيامة و الحياة الابدية ..

    كانت شخصية البابا يوحنا بولس الثاني شخصية فريدة و نادرة و غير عادية علي الاطلاق .. و كانت حياته غنية و مليئة بالامل لجميع بني البشر في كل أركان العالم .. وقد أفني الحبر الاعظم حياته و عمره لأجل الانسانية جمعاء .. كان البابا هو لسان كلمة الحق في نصرة الضعفاء و المظلمومين و المقهورين و المضطهدين ... كما كان لسان حال المشردين و المحرومين من ضحايا الحروب من الفقراء و الاطفال و النساء في الشرق الاوسط و افريقيا و امريكا الاتينية و اسيا ...

    وقف البابا و نذر حياته لنصرة قضايا الشعوب العادلة الطامعة في نيل حقوقها .. فلا غرابة أن نري الشعب الفلسطيني و سلطته أول من يفتقدون البابا و يحزنون لرحليه و انتقاله .. فقد كان للبابا يوحنا بولس الثاني موقف ثابت تجاه القضية الفلسطينية العادلة في أقامة الدولة الفلسطينية جنباً الي جنب الدولة الاسرائيلية .. كما كان البابا اول من استقبل رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات في الفاتيكان مبدياً اعترافه بالسلطة الفلسطينية و رئيسها الراحل ياسر عرفات .. فعل البابا كل الممكن في سبيل نصرة القضية الفسطينية دون خوف أو وجل أو تردد .. لم تثنيه تلك الاتهامات التي كالها و لفقها الاسرائيلين و اليهود في العالم و التي تقول بمعاداته للسامية .. فقد كان قول الحق صفة من صفاته كما كانت مبدأ من مبادئه الاصيلة لم يتزعزع عنها قيد انملة ..

    كان البابا يوحنا بولس الثاني رجل السلام و العدل الاول في العالم .. و قد كانت كلمة الحق حاضرة عنده ضد كل جنرالات الحروب المنتشرين في كل قارات العالم .. هؤلاء جنرالات الحروب في افريقيا و اسيا و الشرق الاوسط كما في الولايات المتحدة الامريكية و امريكا اللاتينية و ايضاً في اروبا ..و سوف لن ينسي فقراء العالم و بالاخص ضحايا الحروب المختلفة وقفة البابا معهم في محنهم و لو بقول كلمة الحق كأضعف الايمان .. و زياراته البابوبية القارية الشهيرة التي كان يقوم بها عبر العالم لا سيما الي مواقع الصراعات .. فقد كانت لمحادثاته مع حكام و رؤساء تلك الدول الاثر الايجابي في اغماض الكثير من المشاكل .. كان البابا يحث الرؤساء دائماً الي التحاورو التفاوض مع معارضيهم الذين يحملون السلاح بغية تحقيق السلام العدل و الامن و الاستقرار لشعوبهم ..

    أن العالم الحر سوف لن ينسي دور البابا العظيم و تضامنه ووقفته الشجاعة مع اتحاد العمال في وطنه الام بولندا .. فقد عجلت وقفة البابا و صموده الصلب مع شعبه في وجه حكومتهم الحمراء بسرعة تداعيه و انهياره .. استسلم السجان الكبير الذي حول بولندا الي سجن كبير يقبع خلف قضبانه كل الشعب البولندي .. و قد كانت زيارة البابا الاول لبولندا بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير الشوعية .. ليس في بولندا وحدها بل في كل شرق أوروبا ابتداءاً من بولندا مروراً بألمانيا الشرقية و من ثم الاتحاد السوفييتي قلعة الشوعية التي كانت ترفع شعار ( الدين أفيون الشعوب ) .. و لاغرابة أن يستقبل العجوز العنيد كاسترو البابا يوحنا بولس ال في عاصمة بلاده هافانا .. و تدق الاجراس في كنائس كوبا لأول مرة علي امتداد مدن كوبا و قراها معلنة عن كسر شوكة الشيوعية في هذه الجزيرة الصغيرة .. كوبا التي أرهقت الولايات المتحدة الامريكية بقوتها و جبروتها لاكثر من نصف قرن من الزمان ..

    أن للبابا نفوذ و قوة روحية خفية تعمل فيه هذه القوة الغير مرئية التي تكمن في شخصية البابا كانت دائماً حاضرة في قوله لكلمة الحق .. و الكلمة عند البابا كان سلاح يفوق في قوته أعتي الترسانات الحربية المحملة علي ظهور الاساطيل و البوارج .. و كانت السكينة و الهدوء تسكن في قسمات وجه البابا معبرة عن أفصح التعابير و المعاني الغير منطوقة التي يتحسسها المرء بحسب المواقف و الظروف .. او بحسب الاحوال الاحداث و المشاكل ..

    سيفتقد العالم عامة و الكنيسة الكاثوليكية خاصة رسالة البابا يوحنا بولس الثاني الاسبوعية و صلواته و طلاته البهية في ساحة القديس بطرس بروما .. فالرسالة الاسبوعية للبابا كانت رسالة عالمية ينتظرها الكثيرين بلهفة شوق و ترقب ..

    و برحيل هذا الحبر الاعظم الجليل سيفتقد الجميع تلك المواقف الجريئة التي وقفها ضد حرب العراق .. فقد رفض البابا رفضاً باتاً كل الممبررات التي حاول الرئيس الامريكي جورج بوش الابن تسويقها لتبرير خوض الحرب ضد صدام حسين .. و كانت مواقف البابا الرافضة للحرب اكثر وضوحاً و صراحة من كل زعماء العالم و الامم المتحدة .. ذلك عندما نصح البابا الرئيس جورج بوش بعدم الذهاب الي العراق محارباً و مقاتلاً قبل ان يستنفذ كل السبل الممكنة و الغير ممكنة لاخضاع الرئيس العراقي صدام حسين و أثنائه عن برنامجه النووي المزعوم و التهديد الذي يهدد به الامن و السلم الامريكي كما يزعم بوش و يدعي ..

    و بالرغم من نصيحة البابا لبوش و بالرغم من رفضه الصريح للحرب و توسلاته و مناشداته و صلواته .. فقد صم بوش المفجوع و المفزوع و المرعوب بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م .. رفض كل النداءات البابوية و الغير بابوية وكان بوش غير مستعد لسماع أي صوت او نداء الا صوت الرعب الذي سكن في قلبه .. عزم بوش و شمر ساعديه للحرب ضارباً بنصيحة البابا و بتوسلاته و صلواته أرض الحائط .. فأندلعت حرب العراق الثانية و قد أعطت هذه الحرب و تداعياتها المستمرة درساً قاسياً لامريكا لن تنساه ابداً ...

    تميز فترة هذا البابا بزيارة معظم بلدان العالم و دولها .. و كانت زياراته التي تحمل في طابع مظهرها العام المعاني الروحية البحتة الا انها لم تكن تهمل او تغفل في مضمونها و جوهرها مشاكل العالم السياسية منها و الاقتصادية و الاجتماعية و الانسانية .. فكان البابا في زياراته طبيباً معالجاً لكل الجروح الانسانية من جسدية و روحيه و معنوية و نفسيه .. كان دائم الطلب لمشورة الله و حكمته و حضوره وهذا ما أنجحت مساعيه أي نجاح .. اذ استطاع أن يجعل من الفاتيكان دولته التي تعد من اصغر دول العالم مساحة .. جعل البابا من الفاتيكان قبلة للعالم أجمع ذلك بفضل أهتمامة بشئون و قضايا كل العالم ..

    في ظل العولمة التي تكتسح العالم لا يمكننا نكران محاسنها و فوائدها الكثيرة .. كما لا يمكن اغفال وجهها القبيح و عيوبها التي لا تحصي او تعد .. التي منها الاباحية و الفوضي الجنسية من مثلية و أجهاض .. و قد كانت للبابا المواقف القوية ايضاً ضد الاجهاض و الجنس المثيل و الموت الرحيم و السياسات الاقتصادية لتي توسع من دائرة الفقر في الكون ... كان ضد السياسات الاقتصادية التي تكرس للظلم الاجتماعي في العالم مما يتولد منه الاحقاد و تحتقن به الصدور و بالتالي يجد الارهاب العالمي مكاناً ينمو فيه و يترعرع .. و لا ننسي دور البابا الرائد و حروبه الخاصة ضد مرض العصر اللعين ( الايدز ) ..

    و ليوحنا بولس الثاني القدح المعلي في حوار الاد يان أذ كرس نفسه و جهده في سبيل السمو بالمفهوم الذي يقول بأن كل الاديان هي لرفعة الانسانية جمعاء .. و هي لتقويةأواصر المودة وسط الافراد و بين الشعوب و ان اختلف عقائدهم او مذاهبهم الدينية .. أهتم البابا بهذه النظرية الدينية المتقدمة فأنشي مجلس حوار الاديان السماوية الثلاثة ( المسيحية و الاسلام و اليهودية ) ... لم يكتفء البابا بذلك بل ذهب شوطاً بابعد من ذلك عندما فتح باب الفاتيكان لاستقبال رجل الدين البوذي الداي لام القادم من ادخال جبال الهملايا و قمم أفرست في اسيا .. فالحضارات عند البابا ابداً لا تتصادم كما أن الثقافات و الاديان و اختلاف الرؤي و المفاهيم الدينية عنده تبني الانسانية و ترفع شأن الامم و تقربها الي بعضها البعض .. و الاديان بالفهم الالهي الصحيح لم تكن يوماً مدعاة للاحتراب و الاقتتال ابداً بين الشعوب ..

    زار الحبر الاعظم في بداية الالفية الثالثة الديار المقدسة تتويجاً لهذه المفاهيم الايمانية و الدينية المتقدمة و الراسخة عنده .. دخل البابا الكنيست او المجمع اليهودي و دخل المسجد الاموي العتيق بدمشق في سوريا كما دخل كنيسة المهد في بيت لحم و ايضاً كنيسة القيامه .. سلك البابا ذات الدرب الذي سار فيه المسيح و حمل علي كاهله الواهن المتألم كل الالام الانسانية .. تلك الالام التي تحملها من قبله الرب المخلص يسوع المسيح لاجل البشرية كلها ...

    في الوعكة الاخيرة التي ألمت به و أدخل علي أثرها المستشفي كان البابا حريصاً علي مباركة المؤمنين عبر النافذة كل احد رغم المرض و الضعف و التعب و الاعياء .. و اكرم الله المؤمنين ببركة البابا و اطلالته الاخيرة في احد القيامة كأخر أحد يظهر فيها البابا و هو يبارك الجموع بيده اليمني رافعاً شارة الصليب .. لم يستطع البابا أن ينطق و لو بكلمة واحدة ألا ان صمته كان أبلغ و أفصح من كل الكلمات و بكل لغات البشر .. وصل رسالة البابا الصامته و تجاوب معها الجميع بحسب حاجاتهم الروحية و المادية و المعنوية المختلفة ..

    و من وقتها لزم البابا سريره او فراش الموت .. ابتدأت الجموع تتقاطر من شتي ارجاء المعمورة باحساسهم الروحي العميق صوب الفاتيكان و قد تجمعوا تجمعاً تلقائياً في ساحة القديس بطرس .. و لايام كثيرة كانت الفاتيكان مزاراً ينم عن ابلغ تعبير لرد الجميل و العرفان للبابا يوحنا بولس الثاني .. اذ شكل الجموع بمختلف الجنسيات و اللغات و الالوان لوحة انسانية رائعة تعبر عن عظمة و قدرهذا البابا العظيم .. وقد شكل الحاضرين مهرجان و كرنفالاً روحياً احتفاءا و تكريماً وداعياً للبابا ف في ايامه الاخيرة علي أرض الفناء ..

    في هذه الايام فقط استطيع أن أفهم و ادرك جيداً معني القول المأثور او المثل الشهير الذي يقول ( كل الطرق تؤدي الي روما ) نعم فكل الطرق في هذه الايام هي الي روما ... بل كل الطرق تؤدي الي الفاتيكان ...

    كل طرق العالم في هذه الايام تنتهي في ساحة القديس بطرس.. و كل دروب العالم و شوارعها بل و أزقتها ستنتهي عند البابا يوحنا بولس الثاني الحبر لعظيم .. هذا الرجل الذي استحق حقاً و هو يستحق لقب الحبر الاعظم عن جدارة و اقتدر و امتياز .. كانت الجموع الوافدة تلقي نظرتها الاخيرة ... نظرة الوداع علي جسد البابا المجسي و هو يرقد رقدته الاخيرة .. فالبابا الذي زار كل الناس في بلدانهم و في قراهم و مدنهم .. البابا الذي زار خيام النازحين و اللاجئين و الفقراء و المساكين و الاطفال المشردين في شتي بقاع الدنيا ... البابا الذي صلي لاجل ضحايا الحروب و لاجل اليتامي و الارامل و المعاقين يستحق رد الجميل و العرفان يستحق التكريم و الاحتفاء بمواكب الترنيم و التسبيح و التهليل ..

    هذا الرجل الشجاع الذي نصح و تحدث و ناقش الروساء و الملوك و الحكام و ناصر القضايا العادلة للمسحوقين .. هذا الرجل الذي طالب بأرجاع الحقوق المدنية و الدينية المسلوبة المهضومة لكل شعوب العالم .. استحق اليوم ان يبادله كل الملوك والامراء و الحكام و الرؤساء تحية الودعاء .. فقد تسابقوا جميعاً الي الفاتيكان في ملحمة و تظاهرة عالمية فريدة تلاشت فيها الاختلافات الدينية و الجنسية والايدولوجية معبرين عن وحدة الجنس البشري رغم كل الاختلافات و التباينات الكثيرة التي تفرقر بين الناس ..

    أن ما اشاهده في هذه الايام من الحشود الزاحفة نحو ساحة القديس بطرس بروما تذكرني بتلك الايام التي زار فيها الحبر الاعظم السودان .. تلك الزيارة الجليلة التي تكرم فيها نيافته بالمجيئ الي وطننا السودان في شتاء فبراير من العام 1993م .. و لزيار البابا يوحنا بولس الثاني التاريخية الي السودان بلدنا الذي كان ساحة لأطول حروب افريقيا و العالم بعدها الديني و الروحي بأتجاه سلام السودان .. السودان الذي زاره البابا كانت لغته السائدة هي لغة الرصاص و القنابل و الموت و الخراب و الدمار .. كانت ابواب الحوار و التفاوض مغلقة امام الجميع أذ وقف العام في حيرة و ارتباك يتفرج علي المأساة الانسانية في السودان و هو لا يكاد يحرك ساكناً .. كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان ترفع شعار السودان الجديد التي تدعو الي بناء الدولة السو انية علي أسس العلمانية .. و كانت الحكومة السودانية تنادي و تؤسس للنظام الحضاري الاسلامي في السودان المبني علي الاسس الدينية الاسلامية .. في ظل هذا الوضع السوداني المتنافر صارت كل المنتديات و المؤتمرات و المفاوضات علي قلتها لا تخرج عن دائرة حوار الطرشان ..

    تلك كانت هي الاوضاع السودانية المتردية عندما زار البابا يوحنا بولس الثاني السوداني ... و كانت زيارته بمثابة القاء الحجر في بركة الحوار السوداني الساكن او الراكد .. و قد اخترقت زيارة البابا للسودان الجدار .. و فتحت كوة في المواقف السودانية المتصلبة و أرسي بداية للتفاهم و التحاور و الاقرار بمبدأ قبول الاخر و احترامه .. أسس زيارة البابا للسودان منطلقاً للمواطنة في ظل الاختلافات العقائدية و العرقية في السودان .. تذكرني تقاطر البشر في هذه الايام الي الفاتيكان بتقاطر السودانيين من كل ارجاء السودان من الجنوب و الغرب و من الشرق و الشمال و الجزيرة و من كل أحياء العاصمة المثلثة صوب مطار الخرطوم في ذلك الصباح الشتائي البارد.. فقد زحفت الجموع زحفاً نحو مطار الخرطوم لاستقبال البابا و قد ضاق بهم الخرطوم و لم تسع الحشود المليونية المتجة الي الساحة الخضراء .. و التاريخ اليوم يعيد نفسه في ساحة القديس بطرس بروما فقد زرع البابا الجميل بين كل الشعوب و ها هو اليوم يحصد ما زرع فالزيات اليوم تبدو عكسية الي الفاتيكان ....

    احتشد السودانيين بشتي الوان طيفهم الديني و القبلي لاستقبال البابا و كانت الفرحة العارمة تغمر أفئدة و قلوب الجميع .. و لا عجب في أن يكون لزيارة البابا الي السودان الاثر الكبير في تهدئة نفوس السودانيين تلين مواقفهم او زحزحة ثوابت الطرفين الحكومة كما الحركة الشعبية .. كانت الزيارة بمثابة التعزية السماوية الي السواد الاعظم من الشعب السوداني الذي عاني الكثير من ويلات الحرب و ذاق مرارته و اكتوي بنيرانه ... و استطيع القول بأن زيارة البابا للسودان كانت هي النقطة الفاصلة او بداية النهاية لحرب السودان الطويل .. و قد بدأ العد التنازلي للحرب السودانية الشرسة عقب تلك الزيارة البابوية العظمي الي السودان ..

    أننا في السودان ايضاً سنظل مدينين للبابا كما سائر شعوب العالم في فلسطين و العراق و كاسوفو و البانيا و بولندا موطنه الاصلي كما ايضاً شعوب امريكا اللاتنية و كوبا و شعوب شرق اسيا الفقيرة ..

    و لا يمكن التحدث عن الحبر الاعظم البابا يوحنا بولس الثاني دون التعرض الي حادثة محاولة اغتياله قبل نحو عقدين من الزمان علي يد المواطن التركي محمد أغا .. فقد أطلق محمد أغا الرصاص علي البابا و كاد ان يرديه قتيلاً لو لا عناية و رحمة الله الفائقة جداً .. وقد عفا البابا عفواً شخصياً عن محمد أغا بعد ان زاره في أحدي السجون ..

    و ها هو محمد أغا يتابع من سجنه باسطنبول في تركيا تداعيات مرض البابا و موته و يتابع ايضاً تدفقات الناس من شتي ابقاع العالم للمشاركة في جنازة البابا .. و قد تقدم أغا بطلب الي الحكومة التركية يطلب فيه عبر محاميه السماح له بيومين ليشارك في جنازة الرجل العظيم الذي أقدم في يوم من الايام علي قتله دون جريرة او ذنب ... كما ان أغا يريد ان يعترف بالخطأ الذي ارتكبه بحق البابا .. و قد قبل سماحة البابا الاعتراف مسبقاً و عفا و سامح قبل أن يطلب منه ذلك ...

    لقد سعي الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني السعي الحسن و اكمل الايمان و العمل فهو يستحق اكليل المجد الذي سيهبه له الرب الدين في ذلك اليوم ..

    لاشك في أن حبرنا الاعظم يرقد الان في سلام انتظاراً لذلك اليوم العظيم الذي سيطوبه فيه الرب الاله بالافراح السماوية قائلاً له ( ادخل ايها العبد الامين الي راحة سيدك ، فقد كنت أميناً في القليل فها انا أقيم علي الكثير )



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    6/ 4/ 2005م





















    لهجمات الحادي عشر من

    سبتمبر2001 م

    **************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    يجيء الذكري السادسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر تلك الهجمات التي غيرت الكثير من مجريات الاحداث في العالم .. يجيء هذه الذكري في هذه المرة ايضاً وسط تغيرات كثيرة غير تلك التغيرات التي احدثتها مباشرة بعد الهزة التي سادت العالم بعد انهيار برجي التجارة بنيويورك و مبني البنتاغون بواشنطون ... فقد ذهل كل العالم و ارتبك أي ارتباك لهول الحادث و غرابة الطريقة التي نفذت ارتكبت بها ....

    و قد كان الارتباك الاكبر من نصيب الرئيسي الامريكي الحالي جورج بوش الابن و من خلفه كل الولايات الامريكية و الغرب علي وجه الخصوص و العالم بأسره ... و قد شاهدنا الهلع الذي منيه به الرئيس جورج بوش و كل اركان حربه .. و انا اتذكر جيداً ما قال الرئيس بوش وقتذاك ( كان من الممكن ان تكون لورا من ضمن الضحايا ) .. و لورا هي زوجة الرئيس الامريكي جورج بوش و ام بنتيه التوأم .. و لست ادري ماذا كان سيحدث للعالم لا قدر الله لو كانت لورا بوش من ضمن ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 .. و لكن و بالرغم من سلامة لورا كانت تلك الهجمات كافية لجعل امريكا ان تجر العالم بأسره الي ما هو عليه اليوم من فوضي غير خلاقة علي الاطلاق ..

    فقد أعطت تلك الهجمات المبرر الكافي لان تحشد امريكا كل قوتها و من خلفها حليفتها الصديقة الوفية بريطانية و باقي الحلفاء .. اعطت تلك الهجمات الضوء الاخضر فحشدت امريكا من الحلفاء ما استطاعت ... خرجت و ذهبت بهم علي عجل الي مطاردة طويلة لابن لادن و حلفائه من الافغان و باقي ملالاي العالم الذين اتخذوا من افغانستان و من جبالها قلعة منيعة و حصن واقيء لانطلاقة قائدتهم و شن الهجمات الارهابية علي كل العالم الذي يخالف اديولوجيتهم الفكرية و لا يتفق مع مذهبهم الديني او يخالف مبادئهم الاخلاقية و سلوكهن الاجتماعي ... و جدت امريكا الطريق الي ضرب الطالبان و القاعدة معاً مفتكرتة بأنها ستصيد العصفورتين بحجر واحد ... و قد تمكنت امريكا من ازاحتها من الحكم في افغانستان .. كما تمكنت من تسليم السلطة في كابول الي حليفها الاسترتيجي حامد كارازاي و لكنها فشلت قشلاً زريعا في بسط السيطرة علي كامل الاراضي الافغانية .. و اليوم تراجعت سيطرة الامريكان و حلف الناتو و تراجع معها سلطة كارازاي الي محيط العاصمة الافغانية كابول فقط .. و حتي كابول اضحت في الاونة الاخيرة تحت مرمي طلقات و نيران الطالبان الذين صاروا يمارسون التفجيرات علي الطريقة العراقية ... و لسنا ببعيدين من قوة و نفوذ الطالبان المتنامي فقد تمكنت بالامس القريب من قطع خطاب كارازي الذي كان يلقية امام الحشد الكبير بأستاد كابول داعياً فيه الطالبان الي الحوار ...

    اما زعيم القاعدة الشيخ اسامه بن لادن فقد بذلت امريكا كل غالي و نفيس في سبيل القبض علية حياً او ميتاً ... و كم هي المرات التي تخرج فيها الشائعات القوية التي تدعي بموت اسامه بن لان ... لقد استطاع ابن لادن من ارباك كا الحسابات الامريكية كما تمكن من اهدار مليارات الدولارات من الخزينة الامريكية بدون طائل .. فكل الاسلحة المتقدمة من طائرات و صواريخ و قنابل و متفجرات تقدر بالاف الاطنان ضاعت بين كهوف تورابورا و الطريق الي قندهار دون ان تصيب اسامه ابن لادن و لو بأذي طفيف ... فها هو اسامه يخرج الي العالم في شريطه الاخير بكامل الصحة و العافية و بأناقة و هندام سيحسدهما عليها السيد الرئيس جورج بوش ... ان اسامة الذي جعل امريكا الدولة العظمي تطاردة من كهف الي كهف و من دولة الي اخري لا يزال حياً يرزق بل قادراً علي تذكير امريكا و كل العالم بتلك الاحداث المرعبة و لحظاتها التي شلت الكثيرين و جعلتهم كما لو انهم يقفون وجها لوجه امام لحظة من لحظات يوم القيامة و رهبتها ..

    ان هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 م اوقعت الرئيس الامريكي بوش في هستيريا جعلته مهوساً لدرجة الجنون ... فقبل ان ينتهي من القبض علي اسامه بن لادن غريمه الاول او يتأكد من موته او زوال تهديداته لامريكا .... قبل الانقضاء علي ا بن لادن غير جورج بوش اتجاهه نحو العراق و رئيسها الطاغية صدام حسين .. لم تغمد النيران التي اشعلت في افغانستان بعد الا ان بوش ارد ان يشعل نيران اخري في العراق .. و ذلك بدعوي ان نظام صدام حسين يمتلك الاسلحة النووية . و هو مهدد اخر لامريكا و اصدقائها في المطقة لا يقل خطورة عن ابن لادن ... بل ان صدام ساعد بن لان في الهجمات علي امريكا في الحادي عشر من سبتمبر 2001 م بحسب مبررات بوش و ادعاءاته .. حاول الرئيس بوش حشد الحلفاء لضرب العراق للمرة ثانية كما فعل والده بوش الاب في العام 1991 م .. في الحرب التي شنها جورج بوش الاب بعد الغزوة التي استولي فيها صدام حسين علي الكويت في الاول من اغسطس أب من العام 1990 م و قد تمكن جورج بوش من اقناع ما يقارب الثلاثين دولة و قيادتهم لتحرير دولة الكويت التي اختصبها صدام حسين جاعلاً منها الحافظة رقم 19 التي اطلق عليها اسم محافظة صلاح الدين ... و تمكن جورج بوش الاب مع الحلفاء من تحرير الكويت و اعادتها الي أل الصباح .. و نالت العراق من جراء ذلك الضربات تلو الضربات الا ان صدام حسين ظل باقياً رئيساً و قائداً قومياً يحكم العراق .. كما ان المنطقة بكاملها ظلت تحت ظل الرهبة و الرعب الصدامي ... و قد كانت ايران تهابه و تخشاه و تتمني موته و زوال دولته و اكون صادقاً ان قلت بأن ايران هي الكاسبة الوحيدة من زوال نظام صدام و جبروته ....

    فهل اراد جورج بوش الابن ان يسير في درب ابيه و ان يكمل العمل العسكري الذي تركه ابيه في العراق ... فمنذ تحرير الكويت لم ينقطع المفتشين عن الاسلحة النووية يوماً واحداً عن العراق ... و قد عجزوا في تقريرهم من اثبات امتلاك صدام للاسلحة النووية بالرغم من ادعاء صدام نفسه بامتلاكها ... و ادعاء صدام بامتلاك الاسلحة النووية كانت هي احدي المبررت الكافي التي سوق بها الرئيس الامريكي الحالي ضربة العراق الاخيرة... و هي الضربة التي انهت نظام حكم حزب البعث العربي في العراق منهية معه اكثر من ثلاث عقود من حكم صدام حسين الدكتاتوري الذي حكم العراق بقوة الحديد و النار ... قوة صدام هي التي كانت قادرة علي اخضاع العراقين لاكثر من ثلاثين عام .. هي القوة التي قد لا تتوفر للمالكي او لاي شخص اخر في العراق المحتلة ...

    رفضت الامم المتحدة و مجلس الامن المبررات التي ساغها جورج بوش و حليفه طوني بلير لغزو العراق ... مما اضطرهما علي غزوها خارج الاجماع العالمي في تفرد و رفض صريح لقرارات الامم المتحدة ... و قد خاص ارجل بوش و بلير وحدهما في الوحل العراقي العميق جداً و بذلك و فقد اسهمهما و ارصدتهما الشعبية في كل الاستطلاعات تجري في بريطانيه و امريكا ... و اليوم تحاول بريطانية جاهدة البحث عن المخرج الذي سيخرجها من العراق بدون خسارة حليفتها الكبري امريكا ... كما ان بوش يجاهد هو الاخر لحفظ ماء الوجه الامريكي الذي يتلقي الصفعات كل يوم في العراق .. كما ان الحزب الديمقراطي و الجمهوري معاً يضيقان الخناق علي بوش و يطالبانه بالانسحاب من العراق ..

    سته اعوام مضت علي هجمات الحادي عشر من ايلول سبنمبر 2001 م .. و بوش يعضي بنان الندم أسفاً علي القرارات الخاطئة التي اتخذها و جعلته يغزو العراق خارج الاطار الدولي ... و ها هو اليوم يحاول تدارك اخطائة و تصحيحها قدر الامكان و لا اظن ان مدتة الباقية ستسعفه علي ذلك .... فالعالم اليوم صار اكثر فوضي من الحال الذي كان عليه قبيل صبيحة الحادي عشر من سبتمبر 2001 م .. و لا احد يستطيع ان يسمي الفوضي العالمية بالفوضي الخلاقة لان الفوضي لا يمكن ان تكون خلاقة ابداً ... و ها هي ايران تطور اسلحتها علي متحدية بذلك الولايات المتحدة الامريكية و الامم المتحدة ..و ها هو احمدي نجادي يقف كل يوم متحديا كما امريكا كما كان صدام حسين يفعل بالامس. و ها هو الرئيس الامريكي جورج بوش في حيرة من امره ... و نأمل ان لا يكرر اخطا افغانستان و العراق ... نأمل ان يكون الحرب الذي دار في العام الماضي في لبنان بين حزب الله و اسرائيل درس و عبرة لكل الذين يفكرون في خوض الحروب ... فقد لا تكون الالة العسكرية وحدها كافية لتحقيق أي نصر في المستقبل ...

    و يكفي ان مغامرين كأبن لادن لا يملكون جيوش منظمة و لا قواعد عسكريةا و اساطيل بحريه قادرين علي زحزحة الامن و السلم في كل ارجاء المعمورة .. و ارباك اكبر دولة في العالم و قلب موازين قوتها ...



    10 / 9 / 2005م































    الاستحقاق الرئاسي اللبناني

    *********************

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    في عشية الاستحقاق الرئاسي في لبنان يترأي المشهد اللبناني وسط الكثير من الغموض و الضبابية او بالاحري قل انعدام الرؤية تماماً .. لبنان هذا البلد العربي الصغير الجميل الغلاب ... بلد الحضارات القديمة و الحديثة بلد الثقافات المتنوعة المتجددة .. لبنان أرض الحريات ام الديمقراطية و التنوع الديني و الطائفي ... لبنان مهد الادباء و الشعراء و الكتاب لبنان بوتقة الفنون و مدرسة الابداعات العربية كلها ...

    و المشهد اللبناني الذي يستعد للاستحقاق الرئاسي الذي سيتم في يوم الثلاثاء 25 / 9 / 2007م ... هذا المشهد الذي يتداعي فيه كل شي الي المجهول .. فندي الدماء المراقة في شوارع بيروت تكسو اشجار الارز اللبناني و اشجار زيتونه و حمامات السلام في بيروت حزينة لان اجنحتها تكسرت و صوت هديلها المنشد بالسلام لا يسمع .. و في انتظار الاستحقاق الرئاسي تعيش بيروت و جبل لبنان و البقاع و أرض الجنوب .. تعيش كل لبناني و تدخل في دوامة قاسية جداً .. و الحالة اللبنانية الراهنة تعيد الي ذاكرتي المشهد اللبناني كله و الحالة التي عاشها لبنان و العالم في العام الماضي .. حرب اسرائيل و حزب الله .. و لانني كنت مهموماً بلبنان و ما يعانيه فقد عبرت عن ذلك بحسب ما املته مشاعري تجاه هذا البلد المنكوب بالحروب المتواصلة .. هذا البلدة المصاب بالاغتيالات الجبانة و التفجيرات المجنونة التي تعبر عن عبث و فوضي من يقفون ورائها . و قد عن لبنان و عن بيروت الاتي







    لك الله يا لبنان

    ****

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    1

    لك الله يا لبنان و انت في أوج محنتك تصمدين ...

    لك الله يا بيروت يا مدينة الدموع العصية ...

    فعلي كل شبر من أرضك الطاهرة جرح غائر يزف دماً ..

    فأمطار الصيف تهطل عليك دماراً و خراباً و عذاب ...

    فوق سمائك المفتوح يا بيروت ها هي طائراتهم تهوم ...

    علي أرضك المكشوف يا لبنان يسقطون عليك النيران و الهمم ..

    اطنان القنابل تدك كل الجسور و الطرقات دكاً ...

    أنهم يقتلون البشر و الشجر و الحجر ...

    2

    لبنان يا بلد الشواطي و المرافيء البديعة و الروابي الخضراء ..

    في مياهك يا شواطي صيدون و يا صور البوارج تسبح...

    كل مرافئك الامنة لم تسلم من الضربات اللئيمة ...

    بحرك محاصر .. برك مقطع الاوصال ...

    سمائك مستباج و جوك يا لبنان منتهك ...

    هوائك النقي سمم بالعنقودي و الفسفوي المحرم ...

    و كل الذين قصدوك يا بيروت الجميلة غادروك مهرولين ...

    فر منك السواح و العاشقين ولوا هاربين ...

    3

    لبنان يا وطن المهاجرين منذ الاف السنين ...

    الي متي ستظلين ترسلين اكبادك الي ما وراء البحار ...

    الي متي سيظل اولادك في المواني و المطارات منتظرين منك ...

    كل المواسم الواعدة بالخيرات تهرب و تفر منك يا لبنان ..

    لبنان يا وطن الارز و الزيتون كيف سرقوا من أرضك السلام و الامان ..

    أنهم يهدمون بيوتك علي رؤوس الاطفال الابرياء ..

    من يسمح عنك الدموع و الدماء و من يزيل الخوف و الرعب ...

    فبكاء نساء اللائي فقدن اكبادهن .. و جزع كهول ضلوا الطريق ...

    4

    لبنان يا وطن الصمود كيف يتركونك وحدك للمصير ..

    انهم يغضون الطرف عنك في الشد ة و البأس ...

    الذين كانوا بالامس القريب يفتنون و يدعون بالزود عن حياضك ...

    الذين كانوا يحرضون و يدقون الطبول أين هم الان منك ي لبنان ...

    ها هم يشاهدون مأساتك يا لبنان و لا يحركون ساكن ..

    كلهم يا لبنان أجلوا رعايهم و اقفلوا سفاراتهم ...

    أما انت يا لبنان فستبقين هنا تواجهين وحدك كل البلاء ..

    أنت يا لبنان ستصمودين و ستصبرين و تثابرين ..

    5

    أرضك اليوم يا لبنان معمل لتجريب القنابل ...

    أنهم بلا خجل يختبرون قدراتهم علي التحطيم التدمير ...

    يقيسون المدي و الاذي بالصواريخ الجبانة ...

    يجربون القوة العمياء و يمتحنون براعة القتل الارعن ..

    كل العالم قد صار جباناً يا لبنان ...

    كل العالم فقد الحس صار عالمنا أعمي و ابكم و اصم ..

    ولاة العالم و قادتها باعوا ضمائر هم .. و ضمائر الشعوب حية يا لبنان ..

    و تخلوا عنك يا لبنان و شريعة الامم اضحي في طي النسيان ..

    6

    قالوا انهم يخلطون الاوراق لاعادة قواعد اللعبة من جديد ...

    كذبوا قولهم باطل لانهم لا يراعون في اللعبة ادني المعايير ...

    تجاوزا كل الخطوط لانهم اصيبوا بداء عمي الالوان ...

    فلكل حروب العالم خطوطها الحمراء الا حربك القذر يا لبنان ..

    ارواح اطفالك تزهق بلا شفقه .. و اجسادهم تقطع اشلاءً بلا رحمه ..

    البسمة الحلوة علي الخدود تشوه .. و الضحكات تسرق و تقتل ..

    عويل النساء التاءهات في شوارعك يا بيروت تبحث عن الاجابة ...

    و السؤال يا بيروت الي متي ستكونين أرض لصراعات الاخرين ..

    7

    و قد نسأل في يوم من الايام الشيخ حسن نصرالله ...

    عن الحسابات الصحيحة و الخاطئة و عن العبر و الواعظ القادمه ..

    و سنسأل اسرائيل عن شهوة القتل و السحق و الدمار و عن النصر و الهزيمة ..

    سنسأل اسرائيل عن انتظار الذرائع و ترقب الفرص لتدمير لبنان ..

    و قد نجروء و نقول لأيران الحليفة الصديقة أين كنت في يوم الشدة و المحن ..

    ان قوتك يا امريكا العظيمة قد صار وهماً و هوساً و جنون....

    انا في انتظار ان تعود الي الامم المتحدة قوتها و عزمها ...

    و انا في انتظار ان يعود الي مجلس الامن ناصية القرار و نفوذ التطبيق ...







    18 / 7 / 2006م



















    الكهنة والشعب في ميانمار و ثورتهم الصفراء.. !

    **********

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو

    قد تكون مثلي فمعرفتك بالديانة البوذية هي المعرفة العامة التي يعرفها يعرفها اصحاب الديانات السماوية عن الديانات سائر الاخري ... كما ان معلوماتنا عن الكهنة البوذيين و ممارساتهم و طقوسهم الدينية القاسية قد لا تهمنا كثيراً في الوقت الراهن ...و لسنا هنا بصدد النقاش عن الاديان و كثرتها او عن تشعباتها المعقدة ... لان كل صاحب دين او مذهب طائفي يؤمن بأن دينه و عقيدته و مذهبة هو الصحيح و هو الحق اما كل الذين علي غير ملته فهم علي ضلال و مصيرهم النار .. و قد ينظر كل المتطرفين في العالم من اصحاب الديانات السماوية الي البوذيين بنظرة الاستعلاء الديني ... و علي أساس هذا القياس الغير عادل فهم ينظرون الي ثورتهم و انتفاضتهم بسلبية هذا المنظار الضيق جداً ... و هذا ما و يحجب عن عيونهم رؤية مأساة هذا الشعب الذي يعيش حياة العوز الفقر هوصابرعلي حكامه المستبدين الطغاة ما يقارب العشرين عام ...

    أن الاحرار في كل ارجاء العالم لا يملكون الا ان يتعاطفوا مع الشعب البورمي و يأزروه في ثورته ... حتي ينال المطالب و الحقوق الديمقراطية ليعيش كسائر الامم و الشعوب الحرة ... و مهما اختلف وجهة نظرك عن الرهبان البوذيين فأنت تملك الا ان تحترمهم لوقارهم الجم ... انت لا تملك الا ان تبدي الاعجاب بالبساطة التي تسيطر علي ملامحهم المسربلة التواضع ... خرج كهنة ميامار من معابدهم التي قل ان يخرجوا منها لأي سبب من الاسباب الكثيرة التي لا توافق مذاهبهم الدينية ... تلك المذاهب التي تدعو الي الزهد و التقشف واذلال الجسد و قضاء جل الوقت في التأمل في الالهة و الصلاة اليها ... و خروج الرهبان و تركهم لأديرتهم هو استجابة وطنية و ربما هو نداء ديني ايضاً ... أن تركهم للمعابد و الأديرة هي تلبية و تضامن و تجاوب مع نداء الشعب ضد واحد من ابشع رموز الدكتاتورية التي لا تزال تحكم علي شعوبها بقوة الحديد و النار في عالمنا المعاصر عالم الالفية الثالثة ..

    فبعض الثورات التي شهدتها العالم في الاعوام الاخيرة كانت حمراء و بعضها برتقاليه و اخري صفراء... وشهدت لبنان ثورة الارز بعد مقتل رفيق الحريري و في الانتفاضة الثانية وقام اطفال فلسطين في ثورة الحجارة .. و يوجد ايضاً ثوار في مختلف بقاع العالم يفضلون أن يلونوا ثوراتهم بالدماء القانية .. و بعض شعوب في ثوراتهم يدمرون اوطانهم و يقتلون شعبهم بدون تميز يفعلون ذلك كأنهم يقولون علينا و علي اعدائنا ... و لست ادري كيف يصنفون تفجيرات بغداد و باقي المدن العراقية بالثورة .. لا فهي ليست ثورة بأي حال من الاحوال لانها تدمر و تخرب لكل شي انها تقتل الاطفال الابراك تهلك لأنفس من غير ذنب .. كما ان بعض من الحكام المستبدين ترهبهم الثورات و تخيفهم و لكنهم لا يكلفون انفسهم عناء البحث عن السبل الممكنة و الخيارات الافضل و المتاحه لحلول المشكل مع شعوبهم .. فهم فقط يفكرون في ايجاد اقصر الطرق التي تمكنهم من البقاء علي كراسي السلطة و هذا ما يجعلهم يفرطون في استخدام القوة و البطش و التنكيل و القمع الزائد و التقتيل ...

    اما شعب ميامار فقد اختاروا ان تكون ثورتهم صفراء بلا ضجيج و لاصخب و لا تحطيم و تكسيرا و تخريب.. اختار الشعب ان يكون ثورته علي طريقة زعيم الثورات السلمية المهتاما غاندي و هو علي فكرة رجل دين بوذي .. عاش في بريطانيا التي كانت تستعمر بلاده و تعلم في مدارسها .. عاشر المسيحين و دخل كنائسهم و قد وجد المثالية في المسيح و اتخذ من تعاليمه المباديء السامية و القيم الجملية نهجاً لحياته و سلوكه ... و لكنه عندما اصطدم بواقع ممارسة المسيحيين في الحياة العامة قال لهم وقولته الشهيرة ( أحب مسيحكم و اكره مسيحيتكم ) . و الذي يهمنا هو ان غاندي أسس للثورات البيضاء و أكد مبدأ القوة التي تكمن في الضعف .. و علي نهج غاندي سلكت داعية الحريات و الديمقراطية البورمية اونغ سان سوكي المرأة البورمية الحديدية التي قادت ثورة الطلاب البورميين في العام 1988م .. و اونغ و هي ابنة الرجل الذي قاوم الاستعمار و رفع علم استقلال بورما .. قادت اونغ سان ثورة الطلاب حتي النصر حيث تم لها ما ارادت فأنشئت الرابطة الوطنية للديموقراطية التي استطاعت بدورها ان تصل ببورما الي مشارف الديمقراطية لولا قمع العسكر و تشبثهم بالسلطة .. و ما اشبه اليوم بالبارحة فها هي ميانمار تخرج الي الشوارع بعد عشرين عام لتواصل ما انقطع من ثورة الزحف الاصفر ... فازت اونغ سان بجائزة نوبل للسلام و قد خاطبها رئيس اللجنة في لحظة تسليم الجائزة قائلاً هذه (نموذج رائع لقوة من لا سلطة لهم )

    و الامل الكبير لشعب ميانمار هذه المرة هو تضامن كهنة رانجون و انحيازهم التام الي خيار الشعب بل و تقدمهم لقيادة ثورتهم البيضاء. ها هم الكنهة البوذيين في مسيراتهم السلمية يجوبون شوارع كل المدن البورميه من اقصاء الي ادناها و الارادة القوية ستحقق لهم ما يربون الي تحقيقه ...

    و هذا ما أزعج العسكر ... هذا ما أهتزت له عروشهم في رانجون العاصمة فتحسسوا بنادقهم بل اطلقوا نيرانها علي الشعب ... ان القمع الارعن الذي يمارسه حكام رانجون هو تعبير من اصابهم الخوف و الرعب ...

    هان الوقت لكي يصحو الضمير العالمي و يقف مع الشعب البورمي في محنته ... فقد سكت العالم في العام 1988م عندما بطش حكام بورما بالطلاب فقتلت منهم اكثر من ثلاث الاف شخص ... أن المأساة ستتكرر اذا لم يتحرك الامم المتحدة بأيجابية و فعالية و قوة تضغط بها حكومة ميانمار حتي تستجيب لمطالب شعبها المتعطش الي الحرية و الديمقراطية و الحياة الافضل ....

    نأمل ان لا يستكين قادة العالم الحر بالفرجة و المشاهدة و الاكتفاء بأبداء الاسف و الاستنكار فقط .. نأمل ان يقوموا بواجهم الاكمل تجاه هذ الشعب ...



    الابيض

    29 / 9 / 2007م





    الفصل الخامس



    يوم في حياة امرأة من جبال النوبة

    ****************

    قصة قصيرة

    بقلم /ايليـــــا أرومــــي كوكـــو



    غداً هو يوم الخميس ، و الخميس هو يوم السوق الاسبوعي الشهير في بلدة هيبان ... ان يوم السوق في هذه البلدة هو يوم لتقسيم الارزاق بين الاهالي كسباً و ربحاً .. وهو يعد يوم فرحة و عيد لأهلنا البسطاء .. فالكل يحرص كل الحرص كي لا يفوته هذا المحفل الاسبوعي الجامع .. فكل صاحب بغية سينال بغيته في هذا اليوم ، و الا فعليه الانتظار لسبعة ايام اخر ...

    كل الناس يعدون عدتهم و يجهزون اشيائهم و يهيئون انفسهم .. فالتجار المحليون هم اكثر البشر حرصاً في استقبال هذا اليوم ، فهم ينكبون علي مباشرة اعمالهم التحضيرية منصبيحة يوم الاربعاء ... فتجدهم مجدين في وزن السلع الاستهلاكية في اكياس مختلفة الاحجام بحسب الاوزان و المكاييل .. واحياناً يعمد بعضهم في انقاص الوزن او الكيل طمعاً في الربح والكسب و الغني السريع .. يتوافد التجار الذين يجولون الاسواق الاسبوعية بعرباتهم ( تجار ام دور ور ) بالاخص القادمين من مناطق ابو جبيهه و الفيض عبدالله و أم كرشولا و أم برمبيطه و خور الدليب ، يتوافدون الي منطقة هيبان مبكرين .. أنهم يدخلون المنطقة بالثلاثاء لحضور سوق الازرق بالاربعاء و سوق كاوده بالجمعة ... و في هذه الاسواق الثلاثة ( الازرق ، هيبان و كاوده ) كسب كبير جداً لهؤلاء التجار .. فقد حدثتني أمرأة ست شاي في سوق كرشولا بأن ما تربحه في اسبوع واحد بأسواق منطقة هيبان أفضل لها كثيراً جداً من كسب شهر كامل تقضيه في سوق كرشولا ..

    أما الست كجي بطلة قصتنا فهي امرأة من منطقة هيبان نزحت شمالاً في فترة الحرب بجبال النوبة ، تلك الحرب التي امتدت لاكثر من ثلاثة عشر عاماً .عادت كجي وزوجها الي منطقتهما هيبان فور وقف اطلاق النار ... زوجها رجل كبير في السن و هي في عقدها السادس او يزيد قليلاً .. تعلمت كجي في مقر نزوحهها بعض الاعمال التجارية البسيطة التي تعينها وزوجها علي كسب العيش الكريم .. فهي صانعة و بائعة للمدمس و الدكوة و التسالي و قد استطاعت في هيبان من اضافة النعناع و الشطة الي تجارتها ... تمارس كجي تجارتها بكد و اجتهاد ... فهي في نشاطها كما النمل في وقت الحصاد و في همتها تشبه نحلة الربيع وسط الورد و الزهور .. و النحل في الربيع لا يعرف الفتور ابداً ذهاباً و اياباً بين الخلية و الحقول ...

    تعكف كجي في اعداد المدمس و التسالي منذ صبيحة الاربعاء بجانب عمل وجبة الفطور لزوجها و ابنها كومي ، و الاخرين من الذيم يقيمون معهم في البيت ... هؤلاء الذين حضروا من مختلف مدن السودان لقضاء اجازاتهم الصيفية في هيبان ... قدمت كجي الفطور لاسرتها و ضيوفهم و سقتهم الشاي و القهوة ايضاً .. تذكرت بأن الماء الموجود بالدار غير كافي لاعمالها و لاستهلاك افراد الاسرة .. فالماء الموجود غير كافي لأهل البيت من البشر و الحيوانات الاليفة و الطيور الداجنة التي يربونها بالبيت .. فلأبنها كومي حمار و فنطاس لجلب الماء من الدونكي الا ان الحمار و صاحبه عاطلان عن العمل لكنهما يستهلكان الكثير من الماء التي تجلبه كجي علي رأسعا من المضخة .. و المضخة قريبة من الدار الا ان رواده كثيرين بالاخص في اشهر الصيف الحارة حيث يزداد أغراض استهلاك المياه .. خطفت كجي جرتها مسرعة الي المضخة .. كان صف الجراري طويل و اصوات النسوة و الفتيات الواردات تعلو و تضج لترفع من حرارة الجو درجتان .. و الانتظار في صف المضخة ممل جداً يبعث علي الضجر و نفاذ الصبر .. كما يدعو الي الغضب و السباب و اللعن و في بعض الاحيان تدفع ازدحام المضخة الواردين الي العراك و الشجار لاقل الاسباب و اتفهها ..

    لقد تمكنت كجي اخيراً من ملئ جرتها بصعوبة و عادت الي البيت بالماء السلسبيل ... سقت الحمار و البط و اعدت لزوجها ماء الاستحمام و من ثم هرعت الي المطبخ لأعداد طعام العشاء .. الناس هنا يكتفون بالفطور و العشاء كوجبات رسمية و ما بينهما يتسلون ببعض الاكلات الخفيفة التي تجود بها المنطقة من الفواكه و الثمار و الحبوب . كما ان كرم الناس هناك لا تدع للجوع مجال فأنت مرحبك بك في كل وقت بالاكل و الشراب . عند الثامنة مساءاً كان العشاء جاهزاً عصيدة حارة بملاح الشرموط الابيض اكلها الجميع بنهم وشهية كأن الحار هو فراقها .. و كانت التحلية بليه بالسمسم المظلوط الكل اكل حتي الشبع و ما تبقي من البلية هو لفطور يوم الغد يوم السوق ... فالليلة هو ليلة الاربعاء و كجي لكثرة اشغالها لم تعد بضاعتها بعد فقد تبقي لها تعبئة المدمس و التسالي في الاكياس .. كما تبقي لها ايضاً سحن الدكوه و تعبئته.. القمر ليس بدراً و لكن سحره و تلألؤ لنجوم المرصعة ا حوله يشع في النفوس بهجة الانس و السمر .. و بعد العشاء ظلوا في مكانهم يتسامرون و يضحكون كالوارثين.. انتهزت كجي الفرصة فدخلت الي مصنعها حيث يتم سحن الفول السوداني ( الدكو ).. الة السحن هي مفرمه متوسطة الحجم يشغل عادة بالكهرباء و في حالة انعدام الكهرباء يتم تشغيلها يدوياً و مع صعوبة العمل بها يدوياً تقول كجي : انها افضل كثيراً من استخدام المرحاكة ، و المرحاكة للذين لا يعرفونها هي عباره صخرتين احدهما كبيرة مثبتة علي بناء من الطين بارتفاع معين يريح المستخدم .. و الصخرة الاخري صغيرة و هي الرحي التي تسحن بها الغلال و السمسم او الفول السوداني في حالة كجي ... انتصف الليل فأوي كل أهل البيت الواحد تلو الاخر الي فراشه . و بعد قليل سمع بين جنبات الدار تباري في الشخير و علي موسيقي و انغام هذا الشخير ظلت كجي تسحن الفول السوداني بلا كلل و لا ملل .. فرغم من الاعياء الشديد الذي اصابها جراء العمل المتواصل منذ الصباح الباكر فهي تلزم نفسها لان بينها السوق بضع ساعات ...

    اليوم هو يوم الخميس يوم السوق في بلدة هيبان ... اليوم هو يوم الفرحة لكل القري المحيطة بهيبان ، فقد بات بعضهم في الطريق حتي يدركوا السوق باكراً ... في الصباح عند الفجر سبقت كجي الجميع لتعد لهم الشاي و القهوة فلا وقت لديها اليوم لعمل الفطور و عليهم ان شاءوا ان يشربوا الشاي بباقي بليلة عشاء الامس .. وضعت كجي كل بضاعتها بترتيب في قفتها الكبير .. همت بالخروج و الذهاب الي السوق لكنها ادركت بأنها نسيت احضار النعناع و الشطة من زريبتها القريبة من المضخة .. فبضاعة كجي هي بضاعة لا محال بائرة بدون رائحة النعناع و طعم الشطة .. أرجعت كجي القفة و ذهبت بسرعة الي حقلها الصغير و بخفة قطعت النعناع و جمعت الشطة و عادت الي لتلحق السوق ...

    خرجت كجي من بيتها الي سوق هيبان و هي تحمل علي رأسها قفة المدمس و التسالي و الدكوة .. و كانت تمسك بيمينها سبت النعناع الذي سيتعطر بشذاه كل الطريق من البيت الي السوق... عند المساء ستعود كجي الي بيتها ستعود الي زوجها و الي ابنها كومي و الضيوف .. ستعود الي بيتها و هي محملة بأكياس الدقيق و الخبز ، الزيت ، الحليب و السكر و كل مصروف البيت الاسبوعي ... ستعود الي البيت و هي فرحة و سعيدة وراضية رغم كل مظاهر التعب و الارهاق و الاعياء ... ستعود الي اسرتها وهي راضية بتعب محبتها ...



    الابيض

    13 / 10 / 2007م





























    الملكية العمرية ...

    قصة قصيرة

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    بحسب حكايات جدته و امه و ابيه عن سنة ميلاده ، يمكنك ان تستخرج له شهادة التسنين بهذا التاريخ 1 / 1 / ----- م .. أضف أي عام من اعوام القرن الماضي فأنت علي صواب ... وقد تزيد او تنقص من عمره عدة شهوراو عقد من الزمان و هذا لا يفرق بقليل او كثير .. أن تاريخ ميلاده مقرون بسنة المجاعة الذي ضرب قريتهم و اسم رئيس دولة ما تقع في ما وراء البحار .. انه الرئيس الذي اغاث أهله بالذره و القمح و بعض من الزيت ... و لو لا فضل ذلك الرئيس و احسان تلك الدولة لعد واحداً من الاطفال الاموات في تلك السنة .. حيث حصد غول الجوع أروح المئات من المواليد و الكهول من سكان تلك القرية علي حد سواء ...

    الاهالي في تلك الاصقاع لا يهتمون بل يبالون كثيراً بشهادات الميلاد .. كما ان الداية او المولدة و الحكيم في الشفخانات الريفية في كثير من الاحاين لا يولون أي أهتمام بمسئلة شهادات الميلاد .. و قد تستخرج الداية او التمرجي شهادة الميلاد عند الطلب و الدف .. الا ان هذه الشهادة ستكون عرضة لمخاطر لا حصر لها .. فبعض الاباء يحسبها ورقة بلا قيمة مادية و بالتالي فهو لا يهتم بتسجيله و يعجزعن دفع قيمة استخراجه .. مع ان جهات الاختصاص يحرصون علي الكتابة عليها باللون بأنها تستخرج مجاناً .. و بعض الاباء يعرفون قيمتها الرمزيه التي ستذكرهم بسنة ولادة نجلهم البكر أي ولي عهدهم .. اما الاباء من الفاهمين و المتعلمين المدركين لقيمة شهادات ميلاد الاولاد و البنات، فهم يحتفظون بها في القطاطي القشية او في غرفهم نومهم الطينية .. انهم يضعونها في شنط الحديد او في كوة القطية .. و شهادة الميلاد دئماً ما تكون معرضة لمخاطر الحرائق التي تلتهم منازل القرية في كل صيف .. و ان سلمت الشهادة من حريق قطية القش في الصيف المنصرم .. فهي سوف لن تسلم ابداً انهيار أوضة الطين في الخريف القادم بفعل السيول المرتقبة .. و حتي ان سلمت فهي بقايا شهادة ممزقة صدئة .. بقايا شهادة تلاشت فيها ألاحرف و الارقام التي دونت عليها بخط يد الداية او الحكيم بقلم الكوبيا ..

    و المحظوظون فقط هم من تهتم الداية و الحكيم بأرسال تواريخ ميلادهم الي المسجل العام للمواليد .. فتدون في ارشيف سجلات المواليد و الذين يسجلون هم قلة نادرة جداً من سعداء الحظ.. و لا غرابة ابداً في ان يكون جل السودانيين مولودين في يوم 1 / 1 / ----- م.. و صاحب قصتنا واحد من الذين كانت لهم شهادة ميلاد وقد رأي شهادة ميلاده بعينيه الاثنين في صباه الباكر .. كان اباه مهتماً جداً بالشهادات و كان يحرص علي دسها في كتبه القديمة الموجودة بدارهم العامر ... كبر صاحبنا و تدرج في مراحل تعليمه الي تلك المراحل العمرية التي يسأل فيه المرء عن عمره و سنة ميلاده ...و السؤال عن العمر يلازم الانسان كما يلازمه سؤال الناس عن اسمه .. وانت تسأل عن عمرك متي زرت أي طبيب لمداوة مرض الملاريا التي لا تفارقك حتي في الربيع دعك من الخريف .. و تسأل عن عمرك و شهادة ميلادك عندما تطلب الوظيفة الحكومية حتي ان كانت تلك الوظيفة هي وظيفة بواب بمستشفي الخرطوم التعليمي في العهد القديم او في العصور الغابرة عندما كان لحراس ابواب المستشفيات صولاتهم و جولاتهم .. مع العلم بأن وظائف كل البوابات أضحت تتطلب الحصول علي الشهادات الجامعية و مواصفات الشخصية المدعومة بالوساطة و التذكية ..

    و يسألونك عن شهادة ميلادك لحصرك ان كنت طالباً ضمن قائمة الطلاب المطلوبيين لقضاء الخدمة الوطنية او الاجبارية ... و ان كنت موظفاً فعمرك ايضاً مطلوب لنفس المهمة ألزامياً او أجبارياً .. و هنا مربط الفرس فعندما كانت الخدمة الالزمية هي للفئة العمرية بين 1960 الي العام 1964 استخراج بطلنا شهادة تسنين بتاريخ 1 /1 / 1965 م ... تمكن صديقنا منقو من الانفلات من اداء الخدمة و دارات الايا م و استدارت السنين .. اتسعت الرقعة الزمنية للمطلوبيين للخدمة الوطينة بحسب اتساع رقعة الحروب الاهلية في الخارطة السودانية .. لتشمل الفئة العمريةما بين العام 1976 الي العام 1958 م ... جن جنون بطلنا سوف لن تسلم الجرة في كل مره .. انه لا يريد قضاء الخدمة الوطنية و لا يطيق ابداً سماع الاوامر العسكرية حتي تلك التي كانت تمارس في مدارس الاولية عند طابور الصباح من صفا و انتباه ...

    لن يعدم الحيلة لمن يبحث عنها .. طرق ابوب السجل المدني العام هذه المرة باحثاً عن تاريخ ميلادة الحقيقي حتي يتمكن من زمامية الملكية العمرية التي تناسب مرحلته الراهنة.. لم يعثر صاحبنا علي اسمة في سجل مواليد السودان لا في قريته و لا في ولايته و لم يجده حتي لدي مكاتب السجل المركزي بالخرطوم .. كان يعلم علم اليقين بأن له شهادة ميلاد اصلية بتاريخ ميلادة الحقيقي .. تلك الشهادة التي فقد ربما بفعل الارضه التي تكثر في منطقته الرطبة .. و الارضة للذين لا يعرفونها تلك الحشرة الصغيرة التي تجرب أكل كل شي حتي الحديد و الحجر . و كان الشك في بعض الاحيان يراوده بأن تكون الشهادة واحدة من المفقودات .. تلك المفقودات التي ضاعت من شنطة والده في الليلة التي سرقت فيها عنزتهم البيضاء ..

    اجتهد كثيراً حتي يخرج من ورطة الخدمة الوطنية التي صارت بعبعاً يخافه الكثيرين من الموظفين في كل القطاع العام .. ما عدا القلة التي لها ظهور تسندهم و حوائط يتكئون عليها عند الشدة .. ذلك لان عدم ادائها يهدد مستقبلهم بفقدان وظائهم التي يأكلون منها عيشهم اليابس ..تمكن اخيراً من استخراج شهادة ميلاد اصلية يتوسطها صقردجيان كبير بلون اخضر جميل ... و قد تمكن الصقر الاخضر من انقاذ صاحبنا من اداء الخدمة الوطنية لان الشهادة التي استخرجه بأمضاء المسجل العام تقول بأنه من مواليد العام 1957م .. و هذا كافي لاثبات خروجه من الفئة العمرية المستهدفة لاداء الخدمة الوطنية او الخدمة الالزامية .. و لكن الشهادة التي استخرجها اخيراً كافية ايضاً لأحالته الي التقاعد او المعاش و فقدان الوظيفة .. لا زال القلق و الرعب الوظيفي يساوره في الحل و الترحال ..

    فيا تري بماذا تنصح صديقي في هذه المرة ايضاً حتي لا يحال الي المعاش مبكراً .. فهو رب اسرة كبيرة و عياله صغار... أنني أرجوك بان لا تتعب نفسك عناءاً حتي تمد له طوق النجاة ... فهو كفيل بأنقاذ وظيفته .. فقط أرجو ان لا تستغرب ان جاءك غداً بشهادة ميلاد يثبت فيه بأنه من مواليد العام 1977 م ..





    الابيض

    14 / 12 / 2007م



































    سـودري مدينتي …( 1 )

    قصة قصيرة

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    أنها مدينة قديمة تقع في الطرف الجنوب الغربي للصحراء الكبري .. و محلية سودي مترامية الاطراف ، و للذين يقولون بأن مساحة دارفور تساوي مساحة فرنسا .. أقول بأن دولة سويسرا ستذهب شمار في مرقه ان وضعت علي خارطة محلية سودري .. فمحلية سودري واحدة من محليات ولاية شمال كردفان ، و أديم أرضها مغطاة بكثبان الرمال الذهبية في أشهر الشتاء و الصيف .. و في فصل الخريف تتشح سودري بالاخضر الزرعي لتداري بعض سحر بريق تبرها تواضعاً لله … في تضاريسها بعض الجبال التي طالتها الزحف الصحراوي لتجعل منها الجبال الرميلة .. بها امارات عدة بعدد قبائلها الكثيرة من كبابيش و كاجا و كتول و كواهله و يوجد بها ايضاً امارة الجبال البحرية .. أما الجبال فقد شاهدتها و لكنني أعثر أي بحيرة او رهد عدا تردة أم بادر الفاتنة الجميلة .. و من يدري فرمال سودري التي تغطي سطوح الجبال قادرة علي دفن البحار و الانهار .. فقط نتمني ان لا يمد الزحف يده الي وادي الملك و وادي هور و ان لا يمس بطرف اصبعه بحيرة أم بادر الموسمية... يتباهي أهل مدينة سودري بأن مدينتهم تأسست منذ العام 1917م .. و ها انا اتطوعي بتذكيرهم للاستعداد للاحتفالات باليوبيل الذهبي لمدينتا العريق .. فيوبيل سودري يقع علي مرمي أقل من عشر سنوات من الان ....

    السفر الي سودري من الابيض او من أم درمان و دنقلا او من الفاشر .. السفر الي سودري او منها شاق و متعب و لا استطيع وصفه بأنه قطعة من جهنم .. فالطرق اليها من المدن الرئيسية سالفة الذكر وعرة يبسط عليها طغيان القيزان يد سيطرتها الكاملة .. أما عن الطرق الداخلية لمدينة سودري فحدث و لا حرج فبالرغم من الوحل الذي ينهك طاقات البشر و العربات .. لم يتم ردم شبر واحد من الطريق الرئيسي الذي يربط سوق المدينة برئاسة المحلية و الدور الحكومية ..

    أن الجفاف الذي ضرب أرض السودان و شرق افريقيا بقساوة في العام 1984م .. كان اكثر قساوة و رعونة مع سودري التي كانت في الاصل شبه صحراوية يغنيها الفيها من طبيعة قاسية جدباء .. أبت نفس جفاف سنة 84 م الا ان يأتي علي اليابس و الاخضر ان وجد خراباً و تدميراً للطبيعة التي كانت تقاوم لتبقي .. اقتلعت العواصف الصحراوية الهوجاء الشجيرات من جذوره لتجعل سافلها عاليها و عاليها سافلها … نفقت الانعام من الماشية و الابل و الماعز و الضأن و مات البشر ايضاً .. جفت ينابيع المياه في الابار الجوفية و السطحية أن وجدت علي قلتها و أتي القحط و الجوعي و الفقر و العوز علي كل شي .. و من وقتها عرف البشر من أهالي تلك البقاع الامنة معاني الاغتراب و الهجرة و النزوح .. اتجه بعض القوم شمالاً و استوطنوا علي مشارف تخوم أم درمان و قد سميت تلك الاماكن فيما بعد بمعسكرات النزوح بكل من المويلح والشيخ ابوزيد .. و اختار أخرين منهم البقاء في كردفان فسكنوا عند مداخل مدينة الابيض الشمالية الغربية .. و أخرين فضلوا الرحيل الي أقصي الشمال فأحتضنتهم مدينة دنقلا و بعض مدن الولايات الشمالية ... اما المقتدرين من الرجال و الشباب فقد اغتربوا الي ليبيا و السعوديه .. و هناك هاجر الي في أرض الله الواسعة الي ما وراء البحار . لم يسلم من الجفاف تلك الاعوم حتي الأيائل التي تستوطن الصحاري النائة فالغزلان البرية ايضاً رحلت و الصقور الصحراوية هاجرت و اختارت هي الاخري البعاد .. و بذلك هجر الصيادين المحليين و هواة الصيد الذين كانوا يأتون الي السودان من دول الخليج هواياتهم و كفوا عن مواسم السياحة الي سودري ..

    جاء الجفاف و ضرب ولايات السودان الشمالية متزامناً مع الحرب الذي اشتعل قبله بعام واحد في ولايات السودان الجنوبية .. و قد فتحت الحرب و الجفاف معاً ابواب السودان واسعاً علي مصرعية لكل دول العالم كي لتلج و تخوض في الشأن السوداني الداخلي .. و ارتهن القرار السوداني بالمعونات و الاغاثات و بعض المأرب .. و عرف السودانيين التوكل و التسول و مد اليد الي الاخرين طلباً للعون و انتظاراً لأخذ الهبات و الاغاثات التي أهانت كرامة الانسان السوداني ..

    و من وقتها و سودري لم تعد الي عافيتها الاولي .. فالازمات الطبيعية من الكوارث ظلت تتوالي عليها عاماً بعد عام ... ارتبطت اسم سودري بالجفاف و شح الامطار و العطش و ندرة المياه لاكثر من ربع قرن .. ففي الخمسة و عشرون عاماً الماضية كانت سودري صامدة بقوة و صلابة ارادة في وجه الجفاف .. و كانت عزيمة سودري تتجدد كأجنحة النسر العنيد الجبار الذي يسبح ضد الجاذبية الارضية في عنان السماء .. و استحقت سودري بعد سنين القحط ان تغتسل بمياه الامطار الغزيرة التي هطلت عليها بالبركات في خريف العام 2007م .. هطلت الامطار علي محلية سودري كما لم تهطل من قبل فأرتوت الصحاري و شبعت القيزان ماءاً .. فأن جاء الخير الي سودري متأخراً فسودري ترحب به و تفتح له زراعيها و تفرش له أرضها .. و الشجيرات التي انتحرت يوماً انتحاراً جماعياً ستعود لتنبت من جديد في كل الوديان .. و ستعلن الارض اليباب أزمنة للتصالح مع زرقة السماء التي تبشرها بالسحب و الغيوم المشبعة بالمياه و الامطار ..

    عاشت سودري المدينة و كل ريفها من قري و فرقان بوادي في طيلة السنين الماضية تحت نير العطش و الظمي .. فالمدينة يأتيها المياه من مسافة تبعد عن مركزها ما يقارب العشرين كيلو متراً .. و الماء المجلوب الي سودري من دونكي المراحيك يصلها عن طريق تناكر المياه التجارية او تلك التي تستثمر فيها بعض المؤسسات الحكومية .. و بفضل تلك الابار التي حفرت حديثاً في ام مراحيك تجاوزت سودري مرحلة ندرة المياه .. و لكنها لا تزال تعاني غلائها فبرميل الماء في سودري بنحو خمسه جنيهات .. و هذا المبلع رقم كبير جداً لمدينه تعد من افقر مدن السودان بحسب تقديراتي الشخصية ..أن برميل الماء ابو الخمسه جنيهات غير مقدور عليه من قبل المواطن الفقير في سودري .. و اذكر ان الخط الناقل لمياه سودري تم مسحه في العام 1994م بتكلفة قدرها عشرون مليون جنيه سوداني ان لم تخونني ذاكرتي الضعيفة .. و استمرت وعود الحكام و الولاء و كل زوار سودري من الرسميين تتوالي .. و حتي المنظمات الوطنية و الاجنبية ظلوا يعدون الواطنيين بالحل الجذري الشامل لمشكلة المياه .. و لكنها كلها وعود سياسية لا تساوي قيمتها تلك الخطب الرنانة التي يتفوه بها المسئولين بمناسبة و بدونها .. ففي خريف العام 2006م سمعت من فم احد المسئولين عن محلية سودري يبشر المواطنين الغلابة بأن الشيك الخاص بمياه سودري جاهز للصرف .. و ان المبلغ قد تم ايداعه في البنك و أنقضي الخريف الاول و و لا حس و لا خبر عن المبلغ او الشيك .. و جاء الخريف الثاني و كانت أرداة السماء اصدق من كل وعود السياسيين و غيرهم .. هطلت أمطار غير مسبوقة في سودري لتمتليئ جميع منها الاودية و الخيران و الرهود و الفول .. و لأول مرة منذ العام 1946م بحسب الكبار في سودري تفيض المياه و تخرج سودري من دائر العطش و سنين الجفاف العجاف.. و اليوم تنعم سودري بالماء المدفوع القيمة مقدماً من السماء ...

    و كل عام و سودري مدينتي بالف خير



    الابيض

    20 / 12 / 2007م



    مصرع كلالو بالطرنقع

    من قصص الواقع و الخيال في جبال النوبة

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    و الطرنقع بعربي منطقة هيبان بجبال النوبة هو الصاعقة .. ولظاهرة الرعود و الصواعق تفاسيرها العلمية المعروفة لدي عامة المتعلمين و غيرهم .. اما الطرنقع عندنا في منطقتنا هيبان فله تفسيره الخاص .. فهو عقاب من الالهة و الارواح للمجرمين و المخربين.. هذا العقاب هو عقاب فوري لا علاقة له بيوم الحساب او القيامة ... وهذا ما يجعل الناس هناك يخافون من الطرنقع اكثر من مخافة الله الخالق جل جلاله او يوم حسابه المؤجل... للطرنقع طقوسه و اسباره و مشايخة و احباره .. عندما كنا صبية صغار كان الطرنقع يشكل لنا واحد من الحوجز اليوميه .. فهو يشكل اكبر مصدر من مصادر الرعب و الخوف في كل فصل فصول الخريف . .. و عند المطر و انت ترعي غنمك فلا حيلة لك الا ان تنادي النبي نوح لحمايتك لحظة رؤيتك للبرق او سماعك لصوت الرعد . ذلك لان الطرنقع كان في كل خريف يضحي بواحد او اكثر من سكان بلدتنا او تخومها القريبة .. و لكل ضحية من ضحاياه حكاية و قصة مغايرة تماماً عن الاخريات .. فحكايات الطرنقع غالبا ما تكون مربطة بالسرقات و خيانة الاماناتا او الحلف زوراً بعدم ارتكاب جرم السرقة او تخريب مزارع و حقول الاخرين .. و في احياين اخري يلعب الطرنقع الدور الاخير كرادع في اظهار المجرم او الجاني .. فبساطة الناس هنا تجعلهم يلجأون الي رجل الطرنقع حتي في اختلافاتهم اليومية البسيطة التافهة التي لا تترقي الي الحكم علي الجناني بالاعدام رمياً بالطرنقع.. و في الغالب الاعم يتخذ بعضهم الطرنقع وسيلة تهديد و ترهيب لانتزاع الاعتراف من الصبية الصغار الذين يرعون ابقارهم في المزارع و يتلفون المحاصيل .. و كثيراً ما ينجحون في جعلهم يعترفون فتنتهي المشكلة بالجلد او الغرامة ورد المسروقات بحسب حجم الخسارة او دفع قيمتها..

    و للطرنقع مقدرة فائقة جداً في تحديد مكان الجاني بدقة فائقة و القصاص منه و ان أختفي وسط كومة كبيرة من الالف البشر .. كما ان للطرنقع طقوس و اسبار تتبع ،فقبل ذهاب المجني عليه الي رجل الطرنقع .. يتوجب عليه ان يذهب اولاً الي المك ليبلغة بمظلمته و نيته في رد هذه المظلمة عن طريق الطرنقع .. علي واجب المك تجاه رعيته ، وهو استدعاء المعلن لاستعلام اهل قريته و سائر القري المحيطة ، البعيدة منها و القريبة .. و الاعلان او الاعلام يتم عن طريق البوق و هو الة صوتية محلية يصنع من قرون الثيران.. أن مهمة صاحب البوقهي مهمة صعبة و غاية في الاهمية اذ عليها يتعتمد الشاكي في تكملة الخطوات القانونية التالية .. و الخطوات هي واحدة من اثنين لا ثالث لهما ، ان يظهر الجاني و يعترف فيتم تسوية القضية جنائياً .. و الاخري هو تصريح المك له بالذهاب الي رجل الطرنقع ... و في الحالة الاخيرة يذهب المشتكي الي شيخ الطرنقع بصحبه واحد من مشايخة المك كأشارة خضراء بالتصريح بالطرنقع ..

    و رجل الطرنقع في الغالب هو كهل و شيخ كبير ذو مهابة ووقار يجله قومه بقدر مهابتهم و خوفهم منه .. شيخ الطرنقع نادراً ما يراه الناس كسائر بني ادم .. فهو يقطن و يقيم في قطية مبنية بالحجارة والقش علي رأس تلة تبعده عن عيون المتطفلين بمسافة مقدرة.. كما ان هؤلاء الاخرين دائماً ما يتحاشونه ، فيسلكون الطرق التي تأمن عدم ملاقاتهم له قدر الامكان .. و قلعة كجور الطرنقع هي الي حد كبير تشبه عرين الاسد ملك الغابة الذي يخافه كل الحيوانات ..

    ان مقابلة الرجل الشيخ ليس بالامر الساهل الهين كما يتبادر الي الذهن .. فالمقابلة تتم بمزاج الشيخ و ترتيبات اعوانه و مساعديه .. و لا تتم اللقاءات الا بعد استشارته للالهة و الارواح من خلال اجراء طقوس و اسبار ليس لنا بها .. بعدها يخرج الشيخ للقاء الشاكي و قد يتم ذلك بعد بضع ساعات و احياناً بعد ثلاث ايام او اسبوع و اكثر.... !! و علي المشتكي مد حبال الصبر حتي ينال بغيته فأرواح البشر ليست سائبة.. الانتظار طويل و ممل يكاد ان يسل روح الشخص الشاكي المظلوم قبل ان يتمكن من النيل من غريمه المجهول بعبوة الطرنقع الدواي ذات الضغط الكهربائي العالي جداً ..

    بغتة علت أصوات نسوةً بالزغاريد التي اخترقت جدار الصمت و السكون .. و من مكان اخر غير بعيد سمع صوت موسيقي و الحان و غناء الحسنوات بشجوي عذب جميل .. ها هو الوحش الجبار يخرج من قلعته اعوانه يهتفون و يههللون وصدي زغاريد و انشاد البنات تصك الاذان .. و المارد يزهو بجلبابه المزركش بجميع الالوان الصارخة .. و تعلو هامته تاج او اكليل مزينة بريش الطاؤوس و النعام و الهدهد .. ها هو قد خرج انه يمسك الصولجان بيده اليسري و باليمني كان ممسكاً بذيل او بذنب حيوان غريب يحيئ به جمهوره .. بدأ الجمهورمهرجان من اللعب و الرقص الما خمج و الشيخ يتبختر في مشيته فهو ي حاكي خيلاء الطاؤوس الذي يكلل رأسه بريشه ..

    تم اللقاء و قبل شيخ الطرنقع شكوة المشتكي اذ أعطاه الضوء الاخضر في المضي قدما و اجراءات سبر الطرنقع و تكملة الطقوسه اللازمة بعد دفع مقدم البياض .. رجع الشاكي لي بيته و الي اهله .. فقد فعل ما عليه و ترك باقي المهمة متروك للشيخ .. لم ينتظر الشيخ لوقت طويل فالامر لا يحتمل الانتظار و المقدم المدفوع في بطنه .. خرج الشيخ باكراً في ذات صباح يوم اسود بادياً طوافه الذي الشؤم.. و كان المبوق يسبقه في كل القري المحيطة للاعلان و الانذار الاخير و لا حجة من بعد لمن انذر ..

    اما عن حكاية كلالو بطل قصتنا علي ذمة الرواة فهي كالاتي .. فقد قدم بعض القوم من تلك الروابي و التلال او الجبال الجنوبية الي أراضي السهول الشمالية الخصبة .. طلب القوم من كلالو ان يسمح لهم بالزراعة في تلك الاراضي البور التي تتاخم حقوله .. سمح لهم كلالوعن طيب خاطر بتجهيز الارض و نظافته بأقتلاع الاشجار الضخمة الكبيرة التي نمت و ترعرت في الحقول في سنين الحرب.. و مع بداية فصل الخريف كانت مساحة الارض المعدة للزراعة جاهزة لبذر البذور . .. نشط القوم في الزرعة و اجتهدوا في نظافتها من الحشائش الطفيلية فكانت زراعتهم ناجحة بنسبة كبيرة جداً حسدهم عليها كلالو و كثيرين من المزارعين الكسالي ... عند الحصاد حصد القوم عيوشهم و باقي المحاصيل التي زرعوها .. فرح القوم بحصادهم الوفير فجمعوه في مكان واحد احاطوه بسياج من الشوك ( زريبه) .. تركوا المحصول في المزرعة ريثما يحين وقت دق العيش و اللوبيا بحسب المواسم و التواريخ و الفترات الزمنية المتفق عليها.. فلتجهيز الارض وقت و للزراعة وقت ، و وقت للحصاد و أخر لدق العيش و اللوبيا و اوقات اخري لاسبار و مهرجانات اعياد الحصاد ..

    لم تسع الفرحة صدور هؤلاء القوم بالخير الكثير الذي جنوه فتباهوا و تفاخروا و غنت البنات أغاني الحصاد مادحات الشباب منهم كأبطال و فرسان للقبيلة .. و لم يسع الغيظ و الحنق صدر كلالو فتغير ملامح وجهه و كشر عن انيابه .. عشعش شياطين الغيرة في عقله و فاض قلبه بثورة عارمة تغذيها روح سيطرت عليه و تدفعه دفعاً الي فعل شي ما .. في ليلة من أحدي الليالي القمرية كان الشباب يرقصون فرحاً بأقتراب اعياد دق المحاصيل.. في ذات تلك الليلة شبت نيران صديقة علي زريبة المحاصيل القريبة او المجاورة لمزرعة كلالو .. و عند الصباح حضر القوم باكراً لدق العيش و اللوبيا .. و لكنهم فوجئوا بأن حصادهم تحول الي اكوام من الرماد التي صارت الرياح العاتية تزريها في عيونهم كأن تحالف الجناة و الشامتين من المزارعين الذين فشلوا في اخفاء علامات الرضا ...

    جن القوم وطار النوم من عيونهم .. وجهوا الاتهامات و كالوها الي من ظنوا انه وراء تلك المؤامراة او الجريمة النكراء .. هرعوا الي المك الذي فتح لهم بلاغاً ضد مجهول .. كيف يفتح البلاغ ضد مجهول و النار او الحريق قد شب بفعل فاعل .. لا بد من اظهار المجرم او المجرمين مها كلف الامر .. و لكن كيف السبيل الي ذلك ضرب القوم اخماسهم باسداسهم .. فكان فكرة الطرنقع هو الحل الوحيد الشافع الناجع فاطمئنت قلوبهم و هدأت خواطرهم قيللاً ..

    اما باقي حكاية الطرنقع و طقوسه و اسباره فأنتم علي دراية كاملة بها .. كانت فترة الانذار كافية جداً .. و كان للجاني الذي اشعل النيران في الحصاد فرصة كافية للاعتراف و طلب الصفح و انتشال روحه التي باتت مطاردة بالطرنقع .. كانت اصابع الاتهام تشير الي كلالو ليس سواه .. و في اول الخريف عندما بدأت البروق و الرعود و الصواعق ترسل اشاراتها المرعبة بصورة غير مسبوقة .. تطوع بعض المشفقين و تحدثوا الي كلالو طالبين منه الاعتراف .. ترجوه حتي يتثني لهم اسكات هوس دوي الرعود و اغماض اضواء البروق التي كانت تحيل ليالي المنطقة كلها الي خطوط من تقاطعات الانوار الساطعة في كل ليل .. رفض كلالو كل النداءات التي وجهت اليه حتي يتمكن الناس من تبريد الطرنقع قبل فوات الاوان .. و ذهبت كل الرجاءات و التوسلات ادراج الرياح ...

    كاد خريف ذلك العام يكمل دورته بدون ضحايا و اخذ الجميع يتنفسون الصعداء .. وفي منتصف شهر نوفمبر تشرين الثاني المعروف بالدرد من ذلك ظن الجميع بانهم قد باتوا في امان من شر الطرنقع المستطير .. و لكن اذا بهم في ظهيرة يوم احد من الاحاد يفاجئون بأهوية اترابة و رياح و عصار تداهم بلدتهم من كل الاتجاهات الاربعة .. السماء كانت صافية في زرقتها التي تجعلك تحس برؤية النجوم في رابعة النهار .. و قيل بأن تلك الاهوية و الرياح كانت علي عجلة من أمرها تبحث في كل الامكنة التي يرتادها كلالو .. ذهبت اليه في مزرعته و لم تجده .. وعندما لم تعثر عيله في بيته زلزلت الدار و خلعت كل القطاطي و الرواكيب و نثرت قشها في تلك الارجاء الواسع قشه قشه.. هبت الرياح العاصفة مسرعة الي السوق مصاحبة معها الرعد و البرق .. كان المستر كلالو وقتها في السوق حيث ساد الهرج و المرج و الارتباك بين الناس .. كأنهم كانوا علي علم و دراية بأن المطلوب و المستهدف من هذه الانواء هو كلالو .. كان كلالو يحاول حشر نفسه وسط الناس .. و لكنهم كانوا ينفضون من حوله في سرعة البرق التي كانت تطارده .. تيقن كلالو من امره فأراد ان يصتحب معه أي نفر من الناس الي الدار الاخر .. اسرع الخطي نحو الطاحونه و عندما التفت صاحبه كجوجو الذي كان امامه الي الخلف ابصره علي بعد بضع خطوات منه فأطلق ساقيه للريح .. كان كلالو ينادي كجوجو محاولاً ايقافه و لكن بلا جدوي .. وصل كلالو الي الطاحونة حيث كان بعض البنات ملتفات حول جزع شجرة نيم كبيرة يحاولن مقاومة الرياح و الاختباء من البروق و الرعود و ما سياتي من بعدها لا قدر الله ..

    صافح كلالو احدي الفتيات التي حاولت ان تتخلص منه بقدر الامكان و لكنه كانت يشد من قبضتها .. و في خبثه كان يحدثها عن صداقته لابيها و العلاقة الحميمة التي تربط اسرتيهما .. كانت اللحظات قاتلة علي البنت .. ابتدأت الامطار في التساقط ليعقبها صاعقة قوية فالتحم الجسدين ليسقطا أرضاً .. مات كلالو جزاء فعلته و ماتت البنت بلا سبب و لا جريمة او جريرة .. فلماذا أقتص الطرنقع من المجرم و البرئ معاً علي حد سواء ... ؟ لست أدري .... و لماذا لست أردي .. لست أ دري ....

    الابيض



    20 / 12 / 2007م

    قصة الميلاد العجيب

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    أرتبطت أعياد الميلاد المجديد و أعياد رأس السنة الجديده في الفهم العام لدي الكثيرين حتي كادا ان يصيرا عيداً واحداً .. فبالرغم من الفرق الكبير جداً بين ذكري أعياد ميلاد المسيح المجيدة كمناسبة دينية و رحية خالصة ... نجد ان احتفالات اعياد رأس السنة هي في الاساس تقليد دنيوي بحت .. فتاريخ الاحتفالات برأس السنة عند الاباطرة الرومان و اليونان هو تاريخ سابق لميلاد المسيح بقرون عديدة .. و يبقي عامل الربط بينهما هو التزامن و التقارب الزمني و ارتباط اعياد رأس السنة لاحقاً بأعياد الميلاد من بعد ايمان روما بالمسيحية .. كما يربط بينهما اقترانهما الوثيق بالسنة الميلادية التي تؤرخ لميلاد فادينا و مخلصنا يسوع المسيح .

    و نسبة لأثر أغتلاط تقاليد الاعياد الرومانية و اليونانية القديمة بالمسيحية .. فقد تصاهرالتقليد الدنيوي لاحتفالات اعياد رأس السنة بالعقيدة الدينية المسيحيةلاعياد الميلاد المسيح بالطقوس الوثنية التي كانت تقام في اعياد رأس السنة... و اليوم يكاد البعض حتي من المسيحيين لا يفرقون بين عيد الميلاد و رأس السنة .. و الادهي هو ان كلا العيدين قد اتخذا بعداً دنيوياً أكثر من بعدهما الديني طالما ارتبطا بذكري ميلاد المسيح المجيدة .. و السائد اليوم لدي غالبية الناس هو ان عيدي الميلاد و عيد رأس هما مناسبات و اعياد و احتفالات دنيوية خالصة ليس للدين او الروح فيهما مكان.. اذ يتم فيهما تبادل النخب و الرقص و اللهو و العربدة و خم الرماد او فعل السبعة و ذمتها .. و عيد الكرسمس اليوم يحسبه بعضهم عيداً للعبث و اتيان كل الموبقات بعيداً جداً عن معناه الديني و قصده الروحي ..

    فما هو المعني الديني و البعد الروحي الذي يمكننا استلهامه لعيد الميلاد المجيد و رأس السنة الجديد .. أن عيد الميلاد المجيد هو ذكري افتقاد الله للبشرية التي ضلت و تاهت من بعد خطيئة ابينا أدم و أمنا حواء .. فبعد طرد ابوينا الاولين من الجنة بسبب عدم الطاعة والعصيان صارت الهوة الفاصلة بين الله و بني ادم هوة كبيرة و شاسعة جداً. و لان عدالة الله العلي القدير القدوس المنزه تكره الشر و الخطيئة .. فقد حتمت عدالة الله و قداستة ان يكون الانسان الخاطيئ بعيداً عن محضره .. كما أن محبة الله الخالق عز و جلت قدرته تجاه الانسان كانت محبة ايدية .. هذة المحبة الالهية فائقة الوصف للانسان رغم شره هي التي جعلت الرب الاله أن يقول للانسان في أية من أيات الكتاب المقدس .. ( محبة أبدية أحببتك لذلك أدمت لك الرحمة ) . و قد تمثلت محبة الله الكاملة و رحمته الابدية للانسان بميلاد طفل بيت لحم اليهودية يسوع المسيح المخلص ..

    اذاً فعيد ميلاد المسيح العجيب الفريد هو عيد للروح .. ذلك لان ( الله روح و الذين يعبدونه فبالروح و الحق ينبغي ان يعبدونه ) كما عيد ميلاد المسيح هو عيد لافراح السماء و الارض .. و لا غرابة في ان تنزل الملائكة الي الارض في ليلة الميلاد لتبشر البشر بالميلاد قائلة للرعاة البسطاء .. ( لا تخافوا. فها أنا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب . أنه ولد لكم اليوم في مدينة داؤد مخلص هو مسيح الرب ).. لم تكتف الملائكة بالطمأنينة التي بشرت بها البشرية جمعاء بأن لا يخافوا فيما بعد .. فالملائكة كانت تدرك كم الازمنة السحيقة التي قضتها البشرية في الخطيئة في الخوف من العقاب الذي يستحقونه جراء فعل الخطيئته .. ارادات السماء من خلال الملائكة ان تبث في النفس البشرية سلام الله الذي يفوق كل عقل الذي لم يكن البشرية تعرفه .. كما اردات ان ترجعه الي السماء التي طردوا منها بسبب الخطيئة ... و قد حشد الله لهذا الامر العظيم الجلل جمهور من جند السماء .. و قد تغني هذا الكورال السماوي الموصوف بجمهورمن جند السماء الذي لا نستطيع تخيل عدده .. انشد و ترنم بأعذب و أجمل و أسمي نشيد كانت البشرية و ما زالت تتوق الي سماعها ... و سيظل البشر في مشارق الارض وفي مغاربها ابداً تواقين مشتاقين متلهفين لسماع شدو غناء الملائكة التي ملائت السماء و الارض معاً بصدي البشارة السارة .. تلك البشارة التي تقول ان ( المجد لله في لاعالي و علي الارض السلام و بالناس المسرة )

    فهل تسمع معي صدي هذا اللحن الروحي الملائكي الشجي الاخاذ.. فسحر موسيقاه توحد كل البشر و ان اختلفت مللهم و اديانهم ..و قوة الفاظه تعد علي الاطلاق من اقوي الكلمات الاليهة التي تربط الارض بالسماء و تعيد للانسان علاقته التي كانت مقطوعة مع بالله .. و الرابط الذي يربط السماء بالارض هو الطفل الذي تنبأ به النبي اشعياء قبل ميلاده بنحو خمسه قرون قائلاً ( لانه يولد لنا ولد و نعطي ابناً و تكون الرياسة علي كتفه و يدعي اسمه عجيباً مشيراً الهاً قديراً اباً ابدياً رئيس السلام )

    و هذا هو المعني الروحي العميق جداً لعيد ميلاد فادينا و مخلصنا يسوع المسيح ... فهل تجد في هذه المعاني الروحية السامية ما يمت بصلة الي أي عبث او فوضي و عربدة .. اننا مدعون جميعاً الي استنباط القيم الروحية الجميلة التي تعكس الروح المسيحية الحقيقة التي بشرت بها الملائكة الرعاة .. كما نحن مدعون ايضاً الي اتباع خط سير الرعاة ساعة سماعهم لنبأ ميلاد الطفل يسوع المسيح .. فأسمع معي ما قاله الرجال الرعاة لبعضهم فور سماعهم لنشيد جمهور جند السماء .. ( و لما مضت عنهم الملائكة الي السماء قال الرجال الرعاة بعضهم لبعض لنذهب الان الي بيت لحم و ننظر هذا الامر الواقع الذي أعلمنا به الرب ) ..



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    24 / 12 / 2007م







    ميدان مصطفي محمود

    ( ميدان المهندسين )

    وســط القاهرة

    قصة قصيرة

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    قبل عامين و في مثل هذه الليلة من الليالي الشتائية القارصة البرودة .. و قتها لم يكن عالمنا قد شهد التغير المناخي بصورته الحالية .. هذا التغير في المناخ الذي جعل شتاءهذا العام حاراً نسبياً .. التاريخ هو الاسبوع الاخير من ديسمبر 2005م .. و المكان هو حديقة مصطفي محمود او بالاحري ميدان المهندسين بقلب القاهرة كما يحلو لبعض الاخوة المصريين تسميته .. ففي هذا الميدان الاغر اعتصم الاف عدة من اللاجئيين السودانيين .. و هؤلاء اللاجئيين هم من الذين هاجروا السودان هرباً من اتون الحرب الاهلية التي دارت رحاها بجنوب السودان و النيل الازرق و جبال النوبة اولاً .. و قد لحقت بهم ولايات دارفور فيما بعد عندما زحفت نيران الحرب التي أغمضت للتو في الجنوب لتشتعل في دارفور الكبري .. و لسنا هنا بصدد حروب السودان الاهلية منها او القبلية فلحروب السودان الكثيرة و الممتدة لاكثر من نصف قرن قصصها و حكاياتها المريعة و الرهيبة التي تقشعر لسماعها الابدان ..

    اما قصة فض اعتصام اللاجئين السودانيين بميدان المهندسين بالقاهرة .. فهي قصة الانسان الذي تطارده التعاسة و تلاحقه بطش الانسان في كل مكان .. انها حكاية الشقاوة و بئس المصير التي تتربص بالمرء عندما يظن و غالف بأنه قد أضحي قاب قوسين او ادني من بر الامان و الطمأنينة .. لقد فر السودانيين من بلدهم عندما ضاق بهم سبل العيش و الحياة او البقاء علي قيدها .. فر السودانيين من وطنهم عندما احسوا بأن هذاالوطن الكبيرالقاره قد بات لا يسعهم .. عندما ادرك السودانيين بأن هذا السودان مسقط رأسهم أرض الاجداد و الاباء الذي يقدر مساحته بالمليون ميل مربع قد صار سجناً صغيراً ضيقاً يحرس جلاد شديد ذوبأس جبار ..

    نزح السودانيين اولاً من كل اطراف السودان التي استعرت اركانها الاربعة بالحروب .. فروا و هربوا الي الخرطوم و بعض مدن الشمال الكبيرة و الصغيرة معاً .. و لكن الخرطوم هي الاخري و معها سائر المدن السودانية التي تتوفر بها بعض من سبل الحياة لفظتهم الي اطرافها البعيدة .. قذفتهم المدن الأمنة الي معسكرات البؤس و الشقاء و التشرد فكان حالهم كمن استجار من الرمضاء بالنار ىوق يكوزن العكس صحيحاً احياناً.. كانت المعسكرات تضيق الخناق علي قاطنيها في معاشهم اليومي فلا هم احياء بكرامة و لاهم اموات بعزة .. و كانت نظرات الاستعلاء و الاذدراء بصورها الكثيرة تقطع أوصال نازحي تلك الخيام من المعذبين في الارض .. و الذين لم تدوس بطون اقدامهم معسكرات النزوح سيصعب عليهم فهم و ادراك قدر و كم و حجم المعاناة النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي يجابهها ويحياها هؤلاء في كل لحظة و ساعه و يوم ...

    فروا من قراهم و بلدانهم الصغيرة و من كل بقعة من بقاع او طرف من الاطراف المسحوقة بالحروب في السودان المترامي .. هربوا من اصوات الرصاص و الدانات و انفجارات الالغام الي معسكرات النزوح في المدن لم التي ترحب بهم .. تلك المدن التي ضخت و اشتكت و كشرت في وجوههم بل و احتقرتهم .. فأختاروا طلب حق اللجوء و الهجرة الي كل دول العالم التي ظنوا و أن بعد الظن أثم .. ظن التعساء الاشقياء بأن المهاجر و الملاجيء ستكون أكثر لطفاً و رحمة و بركة و غناً من أرض الوطن ... طلبوا المستحيل الذي لم يدركوه في وطنهم سعوا وراء السراب في المنافي القريبة و البعيدة فوصلوا الي أقاصي الكرة الارضية ليزاحموا الاسكيمو في مأويهم الجليدة ..

    و كانت لمصر المأمنة القدح المعلي في ايواء السودانيين و اسقبالهم و احتضانهم .. اذ و فرت مصر بعض سبل العيش لكل السودانين علي حد سواء .. وجاحد كل من ينكر فضل مصر علي السودانيين في أي وقت من الاوقات .. الا أن مصر كانت في حسبان الكثيرين الذين قصدوها هي المحطة الاولي فقط لرحلتهم الطويلة .. تلك الرحلة التي تمنوا في احلام يقظتهم ان تكون علي بساط ريح تحط بهم الي ما وراء البحار .. و كانت الطموحات كبيرة كانت الاماني جميلة .. تلك الاحلام الوردية لم يفكر اصحابها في أي لحظة بأن تكون مستحيلة ابداً .. لسعداء الحظ فقط كانت قاهرة المعز نقطة عبور سريع الي لندن و باريس و انتاريو او الي سيدني و نيويورك و أسلو ... او الي اخر تلك المدائن العالمية الكبيرة البهيجة المترفة حيث الحرية و الديمقراطية و العيش الكريم كما الحياة فيها عزيزة .. ولبعضهم من اصحاب الحظوظ التعيسة فقد كانت أم الدنيا هي الحضن الدافيء الحنون و ان أبوا .. فليس كل ما يتمناه المرء سيدركه هكذا سريعاً او في لمحة البصر كما قد تخيل البعض منهم ..

    وفرت مصر الملجأ الأمن كما كانت المفوضيات و المنظمات الانسانية الاوربية سخية كريمة تعطي باليمين و بالشمال ايضاً .. و بتوقيع سلام السودان بكينيا الشهير بأتفاقية نيفاشا للسلام .. أعتقد الاوربيين و الامريكان بأنهم قد تمكنوا بمعجزة من السماء أن يحققوا حلم كل السودانيين في الداخل و الخارج .. اعتقدوا بأن ما تحقق من توقيع لاتفاقية السلام كفيل بجعل السودانين الفارين من وطنهم يهرولون صوب السودان ..كفء المانحين ايديهم عن ارسال العون الي السودانيين المرابطين في مصر انتظاراً لاادوارهم في طابور الرحيل الطويل الي حيث النهايات السعيدة دائماً .. توقفت التأشيرات الي كل من أروبا و استراليا و الي كندا وأمريكا ..و ضاقت الحكومة المصريةى بالسودانيين صاروا بلا راجع منهم تنتظرها .. كما ضاق نفوس السودانين بمصر التي طالبتهم بالعودة الي السودان .. و بين شد الحكومة المصرية وجذب اللاجئيين السودانين من الذين قلت خياراتهم و تلاشت أمالهم او تبخرت احلامهم .. لم تبق المنظمات الانسانية و مفوضية اللاجئين و الحكومة المصرية للسودانين ولو خياراً واحداً يتكئون عليه .. و كان الكرت الوحيد بيدهم و خيار العودة الي السودان الذي صار ينعم بالسلام و الاستقرار .. السودان الموعود بالتنمية و الازدهار و الرفاهية .. كان علي السودانيين بالقاهرة العودة الي وطنهم الذي صار دولة منتجة للنفط و البترول .. هذ السائل الاسود الذي تسيل له لعاب كل الدول الكبري مثل ماليزيا و سنغافورا و الصين و امريكا و هلمجرا ..

    و كان العودة الي السودان بالنسبة الي اللاجئيين بمصر هو بمثابة العودة الي العذاب و الشقاء او القفز الي المجهول .. كان السودان و لا يزال حتي الان في نظر بعض من ابنائه الذين اكتوا بنيران بعض اخوتهم في الوطن .. او الذين تعذبوا بسياط الجلادين و ذاقوا و شربوا الحنظل المر بكؤوس الظلم و بأيدي الظالمين .. فالعود الي هذا السودان و الدواخل مملؤة بهذه الكم الهائل من المرارت هو بمثابة العودة الطوعية الي القهر و الذل او العودة الي الموت الهلاك و الفناء.. و بهذا فلا استغراب في ان يعتصم اللاجئين السودانيين بفناء مصطفي لمدة تقارب السته اشهر .. هذه المدة كانت كافية جداً لكل الاطراف بغية الوصول الي الحلول المرضية التي تقنع المعتصمين بفض اعتصامهم .. و لكن هيهات فالمنظمات الانسانية و مفوضية اللاجئين لم تجهد نفسها و لو بالنذر القليل لتلافي المشكلة .. و كانت الحكومة المصرية تحاول بكل جهدها الدفع الي الامام و فض الاعتصام و اخلاء المكان من المعتصمين مهما كلفها الامر.. اما لحكومة السودانين فقد تعاملت مع الحدث بترفع واذدراء كبر النفس .. تعاملت الحكومة السودانية مع الحدث الجلل كما لو ان هؤلاء السودانيين هم سودانيو جزر الواق واق .. فأعتبرتهم من منتسبي الحركة الشعبية طلما هم من الجنوب و جبال النوبة او من دارفور .. مع العلم بأن الحركة الشعبية هي شريكة في حكومة الوحدة الوطنية التي يفترض منها العمل لجعل وحدة السودان وحدة جاذبة لكل السودانيين .. او يفترض منها العمل لجعل السودان وطناً جاذاباً لكل الفارين الهاربين منه .. ..

    تشبث اللاجئين بحديقة المهندسين حتي النهاية .. و اختارت الحكومة المصرية اسواء الخيارات لفض الاعتصام .. وكانت المأسأة الانسانية بوسط القاهرة في تلك ليلة التي تضامن فيها البرد مع الحكومة المصرية ضد اللاجئين السودانيين .. و بحسب أهل الارصاد الجوي فقد كانت تلك الليلة واحدة من ابرد ليالي الشتاء التي مرت علي مصر و السودان في العقدين الاخيرين .. اختارت مصر وسيلتها القاسية جداً لضرب المعتصمين .. و كانت خراطيم المياة البارده هي السياط التي أتت علي رؤوس و ظهور الاطفال و النساء و الكهول من اللاجئين السودانيين الجوعي ..قتلت مصر الشقيقة بنيها بقسوة لم تكن تخطر علي بال انسان .. ووقفت الخرطوم متفرجة شامته كما لو ان المعتصمين شجر و حجر دعك عن كونهم بشر ينتمون لوطن يحمل اسم السودان ..

    أما قصة اختيار اللاجئين السودانيين فيما بعد طريقاً ثالثاً للهروب الي اسرائيل و تفضيلهم الموت علي الاسلاكها الشائكة المكهربة علي العودة الي وطنهم السودان .. أن يختار السوداني الذي يحمل جواز وطنه عبارة كل دول العالم ما عدا اسرائيل .. فتلك حكاية نفضل ان يقصها لنا عجوزاً سودانياً نجا من الموت المحقق في تلك الليلة السوداء .. ذلك لان تجربة صب ماء بارد علي رأس انسان و الدوس عليه بعشرات من اقدام المفزوعين الراكضين.. هي في الواقع و الخيال تجربة قاسية جداً يصعب روايتها او تخيلها ...



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    31 / 12/ 2007م







    هيبان



    قصيده نثريه كتبتها بمناسبة اتفاقية جبال النوبة للسلام الذي وقع في سويسرا و هي الاتفاقية التي وضعت اللبنةالاولي و فتحت الباب علي مصرعيه لدخول السلام الي كل السودان

    بقلم / ايليــا أرومــي كوكــو



    ***********

    هيبان هل نعود يوماًً .........

    الي المروج الي الجنائن و الخمائل .......

    و نعود الي السهول و قطف الزهور .........

    نعود لشتل الورود وزرع الحدائق من جديد ........

    في روابي أتني و سفوح واو و كوجور و ابل ...

    في سهول اويا و ايري و هضاب الازرق و ام لوبيا.........

    هيبان هل حقاً سيعود السلام و الامان الي ربوعك الخضراء ...

    فيعود ليالي الفرح و المرح و الرقص و الغناء .........

    و تعود كل الطيور المهاجرة الي الوطن.........

    تلك الطيور المشتاقة للأض و التراب و الوطن ......

    و تعود اسراب الرهو و السنبر تعود الي .......

    تبني اعشاشها فوق اشجار المهوقني و النيم و اللبخ ...

    لتعمراشجار الحراز و التبلدي و الجوغان و العرديب ........

    هل تعود الي الظلال الوارفة لتعانق قمم جبلك الاسود الشماء ......

    هيبان هل تعود كل العصافير لتغرد و تزقزق للفجر و الشروق ..

    و تغني للأصيل و المساء الجميل ...

    تسامر تسحر الليالي بين النجوم و القمر المنير..

    و الحمائم الزرقاء و البيضاء و السوداء ايضاً تعود .......

    مع الرياح و النسائم تحمل البشائر .....

    هل يعودون كلهم من الشمال و من الجنوب ....

    من المشارق و المغارب .....

    و من كل فج عميق يعودون اليك ......

    **********************

    يا هيبان ان الشوق و الوجد هنا يجتاحنا اجتياحاًً .......

    أن الولع العارم في ضلوعنا يستبد بنا استبداداً ....

    شوقنا اليك و تراب أرضك و صخور جبالك .........

    لهفتنا اليك كما الطفل الرضيع لاحضان الام الحنون ...

    هكذا نحن أطفالك المغرمين ابداً بحبك العذري .........

    مشتاقين اليك يا هيبان ........ انا متلهوفين اليك ......

    و نعلم يقيناً أن شوقنا لا يساوي قطرة ....

    من محيط حبك السرمدي العظيم لنا .......

    فأنت أمنا الرؤوم انت نبع الحنان المتدفق حبا و عطفاًً ..

    انت القلب المملؤ بالمحبة الازلية لكل الناس يا هيبان .........

    قد أسأنا اليك كثيراً و أخطأنا اليك يا وطن الاباء و الاجداد .......

    و ها نحن اليوم نعود اليك نادمين نطلب الصفح و نروم منك الغفران ..

    أسأنا الي بعضنا و الي انفسنا و تركنا محبتنا الاولي ........

    و لانك انت المحبة ذاتها فأنت تحتملين كل شيئ ...........

    يا أمنا قد طال انتظارنا و امتد زمان غربتنالاعوام و سنين .........

    و كل يوم نحلم في يقظتنا بالرجوع اليك .........

    سرنا وحدنا في الطرقات و الازقة و الدهاليز المظلمة .........

    بتنا الليالي الطويلة في أرصفة المدن البعيدة الموحشة ....

    همنا علي اوجهنا كالتائهين كما الابن الضال ....

    طال البعد و كبرالشوق وكان ألامل رجائنا الذي لم يغب ابداً ......

    يا هيبان ان الحرب أصابنا في الاعماق كما أصابك في الصميم ...

    فصرت مهجورة من بنيك و صرنا نازحين و مشردين و مهاجرين ...

    وكم ضاق بنا أرض الله الواسعة و افتكرنا الناس مقطوعين من الشجر ........

    ذقنا المرارات كلها و شربنا كؤوس الذل و الاهانة حتي الثمالة من شتي البشر ...

    أكل الحصرم و الشوك و سقونا خلاً و حنظلاً و مراً و لحسنا التراب ..

    أفترشنا الارض يا هيبان و تغطينا بالسماء في كل الفصول الاربعة ...

    سكنا في بيوت الكرتون و الصفيح و الخيش و المشمع ..........

    و انتظرنا النهار كله تحت وهج الشمس الاستوائية نرقب مجيئ الفرج ..

    فتذكرنا المقيل في ظلك الظليل يا دوحتنا الورافة ........

    جاءنا الخريف هنا و و هطلت الامطار فانهارت بيوت الطين علينا .....

    دفنتنا احيا تهدمت علي الاطفال لتقتل الام و الرضيع معاً ...

    و من برد الشتاء القارص مات الشيخ و ماتت العجوز جوعاً ..

    كل الفصول تبارت و تنافست في محاربتنا و نحن في المنافي النائة ..

    فتذكرناك أنت يا ربيعنا الدائم و يا كل مواسمنا الجميلة ...

    تذكرنا فيك سنين الخير و الشبع و كل ايامك المباركة بالنعم ..

    فيا هيبان ليس في كل الارض مكاناً يسعنا غير ثراك الطيب ..

    يا هيبان ليس في العالم وطناً يريحنا مثل ترابك العزيز ..

    فمتي نأتي اليك لننام في أحضانك الدافئة ملء الجفون ...

    فكل مدن الدنيا و عواصمها الكبيرة و كل فنادق النجوم الخمسة ..

    لا تساوي ليلة في قطية من بيوتك القشية او نهار تحت نيمك الظليلة ..

    فلا تفاح بيروت الشهية و لا سحر نيروبي الاخاذ ..

    و لا مدينة لندن بضبابها و ضجيجها او باريس بأضوائها وابراجها .......

    تقدر ان تنسينا ايام العمر السعيد فيك يا هيبان ...

    قد نبيت اليوم في سيدني او نيوجرسي ...

    و لكننا نظل ساهرين نعد نجومك ياو وطن النجوم ..

    فلا قاهرة المعز في مصر أم الدنيا و لا اديس زهرة افريقيا ..

    تقدر ان تكون وطناً بديلاً عنك ي هيبان أحلي الاوطان ...

    قد يشرب ابنائك من ماء الدجلة و الفرات و من الزمزم ...

    و يبقي ماءك هو الماء الحي الذي يروي كل ظمي بنيك العطشانين ...

    جميلة أنت يا هيبان و كلك مشتهيات ........

    فأنفاسنا من نسمة هوائك النقي و حياتنا من عبير روحك القدسي ...

    و في البدء خلق الله الانسان و بعض من الفردوس فيك يا هيبان ...

    ****************************

    هيبان يا دمعة عصية في الاجفان ...

    يا نشوة القلب و أريج الفؤاد و بهجة الروح ........

    قد نعود اليك اليوم ... غداً او بعد عام او قرن من الزمان .........

    لكننا حتماً يوماً سنعود اليك .........

    فدعينا عندما تلامس اقدامنا ترابك ........

    ان نركع لله ساجدين مصلين شاكرين ..

    و اجعلينا ان نقبل أرضك الطيبة الطاهرة متبركين ....

    فلون أرضك مخمل و رائحة ترابك قرنفل و رمالك تبر ..

    و طعمك بمذاق المانجو .......

    وقي صوتك يا هيبان صدي الاجيال السابقه ..

    فيا عروسة الجبال يا فتاة احلامنا الحسناء ... يا هيبان ..

    هكذا انت جميلة يا هيبان و كل ريفك أخضر و جميل ..

    أهل ديارك قوم كرام وبنوك فتيان أشاوس و ابطال ميانين ..

    و الرب يحبك يا هيبان فأنت أرض مباركة من بين كل الاوطان ...

    ففي كوبنق و ناين يقطن الابل و الليراء الحلوين السمحين ...

    و في كرندي و كاوده و كرندل و كمو يسكن التيرا و الاطورو الشجعان ..

    في الشواية و مندي و عقب و ايري هناك أهلك من النوبة و الشوابنا و اخرين ..

    كل هؤلاء هم اولادك و بنيك يا هيبان و انت البطن اللين الولود ..

    و أرضك الواسع يتسع للجميع في الازرق البقارة و الشنابله و الابالة ..

    و في هيبان كل النوبةو الفلاته و الجلابة و أهل الجنوب و كل أهل السودان ..

    كلهم يجدون فيك عزة النفس و لذة العيش و كرم الاصالة ..

    كل أرضك عزيزة يا وطني و كل بنيك يا سودان كرام في هيبان ..



    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    13 / 5 / 2002م





    التحدي

    *************

    قصيده نثريه

    بقلم / ايليـــــا أرومــــي كوكـــو



    1

    لا تقبل الخنوع و الانزواء وأرفض الخضوع للا مر الواقع ..

    قل للظلم لا .. و لا تهاب المفتري ..

    قل الحق شاءوا و ان أبوا مهما كان الحق مراً ..

    و انت تدرك ان طريق الحق فيه بالمخاطر ..

    أركب الصعاب... واجه المخاطر لا تلتفت للوراء ..

    مع التيار لا تسبح بل قاوم الا م واج مهما علت ..

    فتلاطم اللجج السيحقة لن تبتلع الحق ابداً ..

    2

    يا صاحبي ها هو مجدافك تكسر .. و قاربك تحطم ..

    غالب اليم بالقشة التي بين يديك حتي النهاية ..

    دع اليأس جانباً و لاتقل للبحر اغمريني ..

    فلحمك سم تفر منه حتي حيتان البحر الجوعي ..

    اصمد و قاوم اصبر و كافح ..

    قف تماسك و تحدي الي الرمق الاخير ..

    فالأمل رجاءك و أنت حتماً ستظفر و ستنتصر..

    3

    أيها الصنديد هيا و تقدم نحو الامام ..

    كن شجاعاً لا تبالي بالليالي او الانام ..

    مرفوع الرأس و الهامته لا تنحني ..

    فعزيز النفس .. و قوي الشكيمة ليس في قاموسه معني للهزيمة .

    كن بالعزيمة و الارادة صلباً قوياً عنيداً ..

    كل أمر بالعزم ممكن و كل حق بالصبر سيدرك ..

    ما ضاع للانسان سعي في دربه يطلب ..

    4

    طر و حلق في الثرياء كما العقاب ...

    فأجنحة النسور لا تكل و لا تعرف معني التعب ..

    لكنها مع الايام تتجدد و تزاداد قوة فوق قوه ..

    فعشق النسور للقمم الشماء ينعش فيها روح الشباب ..

    ً فهل تراها كيف تعانق أحضان السماء بدفء المغرمين ..

    او تراها كيف تقبل الثريا كالعاشقين العذرين ...

    انها تتحدي منطق الاشياء و تأبي البقاء عند السفوح ..

    5

    يا صاحبي قم تحدي فالتحدي شعلة ذات وهج من نور و نار ..

    و بريق وهج التحدي سيبقي ساطعاً سرمدياً ...

    هي شعلة مضيئة لا تطفئها أعتي الرياح و الانواء ..

    هي قنديلة تستمد نورها من شموس الله الابدية ..

    انها منارة التائهين و هادية الضالين في سبل الحياة ...

    و كل الذين اهتدوا بها ادركوا مبتغاهم سالمين غانمين ..

    التحدي مرفأة للامان و السلام و حصن راحة و اطمئنان ..

    فهب للجد شمر ساعديك .. فلا مستحيل مع التحدي ..





    ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

    الابيض

    14 / 10 / 2006















































    **************

    سيف القذافي و الخطوط الحمراء

    الخطوط الحمراء التي وضعها السيد / سيف الاسلام القذاقي للشعب الليبي للاتفاق عليها اولا . ليت السيد الرئيس الصغير كان اكثر وضوحاً مع شعبه و ليته رتب خطوطه الحمر عكسياً . لان الخط الاحمر الرابع هو محور الارتكاز الاول الذي يحتاج الي أي اتفاق او نقاش . و صدق من قال بأن الحكام في الشرق الاوسط دائماً يخططون في كيفية حكم شعوبهم و هم في القبور .. فالاسد الكبير لا يزال حاكماً في سوريا . و مبارك مصر سيبقي رئيساً بعد عمر طويل في شخصية رئيس المستقبل جمال . اما سيف الاسلام فقد دخل الملعب وبدأ ال Match مبكراً

    هل كان بالامكان تفادي هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2002

    لا لم يكن بالامكان تفادي هجمات 11 سبتمبر2001 لاسباب كثيرة اوجزها قيما يأتي .

    لقد بنت امريكا أمنها الداخلي علي أوهام كثيرة يأتي في مقدمتها قوة دفاعها العسكري . و ادعائها بالحرية و الديمقراطية و الحضارة . كانت امريكا موهومة بأن البحار و المحيطات التي تقبع ورائها ستوفر لها الامن و الامان . كما توهمت ايضاً بأن كل الذين يتدفقون اليها مغرمون بحريتها . وفي غفلتها فتنت الكون و لم تكن جادة في حل مشاكل العالم بعيداً عن مصالحها . وفي زروة اطماعها نسيت و أهملت اغلاق بابها الخلفي من حيث استبح أمنها





    ******************

    السودان يستضيف الفلسطينين

    جيد جداً بل جميل ورائع ان يستضيف السودان الاخوة الفلسطينين العالقين في الحدود العراقية السورية الاردنيه . و الكن القبيح و المشين و المخجل جداً هو ان لا يجد السودانين في الحدود السودانية مع تشاد و افريقيا الوسطي و في مصر الشقيقة من يرثي لبؤسهم و لشقائهم و موتهم . أمر مشين ان يموت السودانين كالضأن



    ************************

    مفهوم الوطن

    وطني لو شغلت في الخلد عنه ** نازعتني اليه في الخلد نفسي

    أامل ان يكون بيت الشعر اعلاه صحيحاً .

    الوطن هو الارض و التراب و الناس و الشجر و الحجر .

    الوطن هو مهد الطفولة و دينا الصبا و مستوع الاحلام و الاماني .

    و الاوطان البدلية مهما كانت لا تستطيع ان تعوض الانسان عن أرض الاباء و الاجداد .

    و العيش في الوطن رغم الفقر و العوز شرف و كرامة .

    و لا أتفق مع جبران بأن الفقر في الوطن غربة و الغني في الغربة وطن .

    لان الاوطان توزن بالذهب و الفضة .

    **************

    لا يمكن ابداً موافقة ايفو دي بوير علي هذا المقترح الغريب الذي يغفل العلم و ما ينادي به العالماء بخصوص المهددات المناخية التي تسببها الدول الكبري .. فمهما دفعت هذه الدول من اموال الي الدول النامية فستبقي المعادلة قائمة و سيظل كورتنا الارضية في خطر دائم .. و يكفي العالم ما يعانيه من سيول و فيضانات و عواصف و رياح . علي الدول الكبري ان تقوم بمسئوليتها كاملة لمجابهة هذه المخاطر الماثلة و هي السبب المباشر فيها . اما مساعدتها للدول الفقيرة فهذا أحسبه بمثابة ذر الرماد في العيون ليس ألا ,

    ايفو دي بوير

    ***************

    مستقبل نوري المالكي رئيس وزراء العراق

    أن شمس المالكي تقترب من الغروب رويداً رويدا كما ان ساعة أفولها قد تدنو .. فالرئيس بوش في حيرة من أمره تجاه المالكي فهو محبط جداً لتصرفاته الاخيرة و الزيارة التي قام بها الي كل من سوريا و ايران محور الشر عند الامريكان .. هذا من جهة الخارج اما في الداخل فالمالكي يواجه ابتعاد الحلفاء و تأكل حكومته من الداخل . فأياد علاوي من جهة و طارق الهاشمي من الاخري و البرلمان ايضاً غير راضي عن طريقتة في ادارة الامور .. و يبقي علي المالكي سرعة تدارك الامور و سد الثغرات بأتجاه انضاج التصالحات المطلوبة منه بسرعه

    ************





    هل تشن اسرائيل حرباً ضد سوريا

    استبعد ان تقوم دولة اسرائيل بحماقة كهذه في هذا الوقت بالذات . فهي لا تزال ترتب بيتها من الداخل و ترمم النصدعات التي احدثتها حربها مع حزب الله في العام الماضي .. فاسرائيل لا تزال تعاني من تداعيات حرب 2006 .. و صح هذا لا قدر الله فأمريكا ستكون وراء كل احتمال .. و سوريا نقطة الانطلاقة لحرب بين امريكا و ايران فهل تكون الزيارة الاخيرة لبوش و اركان حربه هي صافرة البداية لتلك الحرب .. نأمل ان لا تنجر منطقة الشرق الاوسط الي أي حرب في المدي القريب علي الاقل .. فما يحدث في العراق كافي جداً لرواد الحروب ....

    ***********

    عبء الديون

    في السودان و بعد ان تم استخراج النفط و تصديره ازدادت الفجوة و المساحة بين الاغنياء و الفقراء عمقاً و بعداً.. اذ صار المنتفعين بعائدات البترول اكثر غناً بينما ازداد جمهور المستهلكين من الموظفين و العمال و اصحاب الحرف الصغيرة و عامة الشعب و جمهورالعاطلين اكثر فقراً و عوز . فالمستثمرين من الاغنياء يتبارون و يتسابقون في جلب السلع الكمالية و الترفيهية . لبيعها للفقراء بالاقساط خصماً علي رواتبهم الضعيفة .. و هذا ما يثقل كاحل الفقراء و الشرائح الضعيفة و يزيد من عبء الديون و الفقر علي عاتقهم ..

    ايليا أرومي كوكو الابيض













    انسحاب وزراء من حكومة الوحدة الوطنية

    ان تداعيات الاحداث الاخيرة التي شهدها السودان و أثار هذه التداعيات المستمر . كأنها جميعها تؤشر الي انفصال الجنوب عملياً . فهل صار دولة السودان في ذهن الشركاء في حكومة الوحدة الوطنية دولتين شبه منقصلتين . فالرئيس البشير يقول ( سوف لن ندخل في حرب مع الجنوب ) و نائبه الاول الذي أعتصم بعاصمته جوبا يتململ قائلاً ( لقد يئست و نحن الان اقرب الي الحرب من السلام )

    ان التململ و اليأس و الصدمة التي اصابت النائب الاول من شريكه لابد ان تصل أثاره السلبية الي دارفور . و انفصال الجنوب سابقة ينتظرها دارفور











    السيد / علي محمود حسنين

    المحثرم



    أن كل افراد الشعب السوداني بكل فئاته يقف معكم و يأزركم في تجربة اعنقالكم الظالم .

    نـأمل ان تكون وجودكم بظلم خلف القضبان فرصة و سانحة لتقييم وضع الحقوق و الحريات العامة في السودان بصورة عامة .. و ان تكون في نتائج قرأتكم لما يحدث في السودان كله دروس و عبر نحو وفاق و تصالح لكل السودانيين .. و من يدري فقد يكون في خطابكم لوفد الحكماء وعدا و عهد جديداً للسودان.. دعواتنا الصادقة الي الله لك و لرفاقك بالخروج من السجن اليوم قبل الغد يا أخوة سامي الحاج





    ايليا أرومي كوكو - متابع

    الابيض - 3 / 10 / 2007



    محاضرة احمدي نجاد في جامعة كولومبيا

    تغير واضع في لهجة و لغة احمدي نجاد الذي الفناه في السابق و هو يهاجم الامريكان و يقول بمحو اسرائيل من الخارطة .. كما يلاحظة تراجعه الكبير عن موافقه المعلنة بخصوص السلاح النووي الايراني المثير للجدل في كل العالم .. قالرجل يتكلم بدبلوماسية غير مسبوقة منه .. فهو يقول بان السلاح النووي الايراني ليست للحرب و هي ضد احد .. كما يطالب بالتحقق من المحرقة اليهودية ...أن محاضرة نجادي في جامعة كولومبيا ليست بالطبع نسخة طبق الاصل من محاضراته للشباب الايراني في قم ....!!!





    هل تنهار حكومة الوحدة الوطنية السودانية

    ****************************************************************

    يجب ان لا تنهار حكومة الوحدة الوطنية السودانية كما يجب ان لا ينفض الشراكة التي بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان. و نأمل ان تكون هذه الخطوة التي اقدمت عليها الحركة الشعبية هي خطوة حكيمة سبقتها مناقشات متأنية . و علي المؤتمر الوطني ان لا يركن الي الصمت و التغاضي كأن الامر لا يهمها من بعيد او قريب . فالامر هو أمر الوطن كله و المشكلة هي مشكلة السودان الذي يتدحرج الي الهاوية . فأين تقع المصلحة الوطنية العليا من مصالح المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية . ان اتفاقية نيفاشا تلزم الطرفين

    ايليا أرومي كوكو الابيض

    تعرض موكب بنظير بوتو لتفجيرات



    حياة البشر أضحت بلا ثمن في كل مكان من هذا العالم المجنون ..و جنون العالم هو اقل وصف يمكن اطلاقه علي ممارسة البعض من الذين لا يعرفون من ادب الاختلاف الا القتل و استباحة الارواح .. فما ذنب الابرياء الذين قتلوا بالامس بكراتشي فقط لانهم خرجوا لاستقبال السيده بوتو .. فهل وصل درجة استهداف التعبير عن الرأي الاخر الي هذا المستوي من الرعونة ..

    مقتل العشرات في انفجاريين استهدفا بوتو

    تركيا تريد النفط

    مرجان الكردي- كندا




    ما ذنب الابرياء؟

    ايليا أرومي - السودان





    جرائم الشرف

    جرائم الشرف بها الكثير من الظلم فالضحية تظلم مرتين .. مرة بأنتهاك شرفها و اخري بتخفيف العقوبة عن الجاني او تبرئته .. ان تمنح الشرف للرجل دون المرأة مع ان الرجل في كل حالات جرئم الشرف هو المنتهك الاول للشرف

    ...!!!







    cairo

    عدد الذين نالت تفضيلهم 0

    أدخل هنا لتفضيل بعض المشاركات

    شكوى من هذه المشاركة

    أضيفت في: 19/10/2007 11:09 ص GMT تعرض موكب بنظير بوتو لتفجيرات

    حياة البشر أضحت بلا ثمن في كل مكان من هذا العالم المجنون ..وجنون العالم هو اقل وصف يمكن اطلاقه علي ممارسة البعض من الذين لا يعرفون من ادب الاختلاف الا القتل و استباحة الارواح .. فما ذنب الابرياء الذين قتلوا بالامس بكراتشي فقط لانهم خرجوا لاستقبال السيده بوتو .. فهل وصل درجة استهداف التعبير عن الرأي الاخر الي هذا المستوي من الرعونة ..

    ايليا أرومي كوكو الابيض

    عدد الذين نالت تفضيلهم 0

    أدخل هنا لتفضيل بعض المشاركات

    شكوى من هذه المشاركة

    قرارات مجلس الامن ضد السودان

    السودان في مهب الريح .. هذه ليست خاطرة من بنات خيالي لكنها الحقيقة المرة الذي يمر بها هذا البلد وطننا العزيز الغالي ... وانا لا ادري شأني شأن الكثيرين من السودانيين . الي اين سينتهي الامر بوطننا و ما مدي قدرته علي الصمود و الثبات . فلست الرياح و حدها هي التي تعصف بالسودان بل ان كل التيارات العاتية و اللجج العميقة تحاصره و تلتفت حول عنقه و تكاد ان تقطع اوصاله .. آمل صادقاً ان يتجاوز بلدي هذه المحنة بسلام حقيقي وعادل تتم من خلاله تحقيق الوحدة و الحرية الكاملة في كافة ارجائه .

    ايليا أرومي كوكو - الابيض السودان

    جرائم الاغتصاب في السودان

    ينتابني الخوف وعدم الارتياح عند قراءة تلك الأخبار الخاصة باغتصاب الأطفال في السودان. فقد كثرت مثل هذه الحوادث الغريبة على المجتمع السوداني في الآونة الأخيرة في الخرطوم علي وجه الخصوص. فلست أدري أهي ظاهرة جديدة شاذة تطل علينا لتزيد من مآسينا الكثيرة وليتسع بذلك هاجس انعدام الأمان والاطمئنان اللذان يسيطران على بلادنا؟ .فكيف تطمئن نفوس الآباء بعد حادثة الطفلة مرام التي اغتصبت وقتلت والقي بجسدها البريء في دورة المياه؟

    ايليا أرومي كوكو - الأبيض السودان





    اعدام صدام حسين



    ان كل مجرم لابد ان ينال العقاب في نهاية المطاف

    ايليا أرومي - كوكو الابيض السودان

    بعد تنفيذ عقوبة إعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين التكريتي في صبيحة اليوم الأول من عيد الاضحي فأن تأكيد او نفي خبر اعدام برزان وبندر يبقي خبر أكثر من عادي سوف لن يدهش حتي المقربين منهما .. كما انها سوف لن تشعل الرأي العام كثيرا .. و مع اختلاف الناس في العالم حول عقوبة الإعدام وشرعيته ..ستظل الحقيقة الوحيدة التي لا جدال حولهاً هي ان كل مجرم لابد ان ينال العقاب في نهاية المطاف طال الزمن ام قصر ..

    ايليا أرومي - كوكو الابيض السودان

    الحكومة السودانية تطرد يان برونك



    أهي ظاهرة جديدة شاذة تطل علينا لتزيد من مآسينا الكثيرة؟

    ايليا-السودان



    الناظر الى الواقع الميداني في دارفور يستعصي عليه رؤية الضوء في نهاية النفق

    ايليا أرومي كوكو - الابيض

    اخيراً رفعت الحكومة السودانية كرتها الاحمر في وجه مبعوث الامم المتحدة الي دارفور وبذلك اضحي السيد يان برونك خارج لعبة دارفور الساخن بين الحكومة السودانية والامم المتحدة الخاصة بالقوات الاممية التي ترفضها الحكومة السودانية باغلظ الاقسام وتصر عليهاالامم المتحدة بعناد. والناظر الى الواقع الميداني في دارفور يستعصي عليه رؤية الضوء في نهاية النفق. سيظل الامر كذلك الى ان تخترق الحكومة السودانية ازمة دارفور بالقرارات الصعبة والشجاعة بحل الازمة السودانية كلها حلاً شاملاً عادلاً ونهائياً.

    ايليا أرومي كوكو - الابيض السودان





    هوية السودان

    السودان دولة افريقية في الأصل وهويتها هي الهوية الإفريقية. أما العروبة التي يتبجح بها البعض فهي مكابرة ليس إلا.

    إيليا أرومي كوكو - الأبيض السودان

    مغامر محمد دفع الله الي بريطانيه

    تجربة جديرة بالتأمل و التفكر.. و لكن كم يبلغ عدد الذين دفنتهم رمال صحراء شمال افريقيا ألكبرى او ابتلعتهم مياه المحيط الأطلسي و البحر المتوسط . و لكن المغامرات في النهاية تعكس أشواق أبناء القارة السمراء الهاربين من ويلاتها و كوارثها التي لا تحصي ..

    ايليا أرومي كوكو الابيض – السودان



    اختيار الكنغو لرئاسة الاتحاد الافريقي بدلاً عن السودان

    مع أن الكونغو ليس بأفضل حال من السودان في مجال سجل حقوق الإنسان، إلا أن موقف المنظمات الإنسانية ونجاحها في عدم تولي السودان لرئاسة الاتحاد الإفريقي جدير بأن يقف عنده كل الدول الأفريقية وأهمية احترامها لشعوبها أولا قبل التطلع إلى زعامة الآخرين.

    ايليا أرومي كوكو - الأبيض السودان





    اختيار الكنغو لرئاسة الاتحاد الافريقي بدلاً عن السودان

    على الحكومة السودانية الاهتمام أكثر بحل قضاياه الداخلية، فهي التي تزكيه خارجياً، فلا يعقل أن يفشل المرء في حل مشاكل أهل بيته ويسعى إلى حل مشاكل الآخرين. إن ما حدث من شد وجذب في أمر تولي السودان رئاسة الاتحاد الأفريقي درس كاف للسودان حتى يراجع مواقفه.

    ايليا أرومي كوكو – السودان









    هل تندلع الحرب مجدداً في السودان ؟

    لا اتوقع ابداً ان تندلع الحرب مجدداً في السودان . اقصد هنا علي وجه الحرب بين الشمال و الجنوب . فقد سئم و مل الشعب السوداني في الجنوب و الشمال من صوت الرصاص و رائحة البارود . الشعب السودان يتوقع التنمية والاتقرار و البناء . فقط السياسين هم الذين يدقون طبول الحرب لاجل الاستمرار في كراسي السلطة . و هؤلاء السياسين بعيدين جداً عن هم الشعب . انهم يستدعونهم فقط الي ساحات الموت و ينسونهم عند اقتسام الثروة ..



    إلى أين يتجه لبنان؟

    عندما يتواضع عون و جعجع و الجميل لاجل لبنان .. عندما يجتمع هذا الثلاثي المتنافر و يتفقون علي توحيد صفهم المسيحي . و عندما تعطي لمرجعية صفير مكانتها الدينية و تكون لهذه المرجعية الكلمة العليا و المسموعة و المطاعة لاجل لبنان اولاً و اخير اً .. عندها فقط سيتمكن اللبنانيون من تجاوز أزمتهم و تسمية رئيسهم الوفاقي .. و لكن يا تري هل سيتواضع عون و الجميل و جعجع لاجل مصلحة لبنان العليا .. نأمل ذلك قبل الثلاثين من تشرين الثاني نوفمبر 2007م



    مؤتمر انابولس لحل القضية الفلسطينية

    فلتكن انابولس هي نقطة البداية الحقيقة الي اقامة الدولة الفلسطينية جنباً الى جنب الدولة الاسرائيلية. ومشاركة السعودية وسوريا هي احدى المؤشرات الايجابية الى ذلك .. و يبقى على الرئيس بوش الوفاء بعهده للفلسطينيين بتحقيق حلمهم بدولتهم المستقلة كاملة السيادة.. فقد وعد بوش بالدولة الفلسطينية في العام 2005م ولم يف بوعده .. وها هو يعد للمرة الثانية ونأمل ان يصدق وعد بوش قبيل مغادرته للبيض الابيض .. نأمل ذلك ..!

    ايليا أرومي كوكو الابيض

    هل حرية التعبير حق للجميع؟

    حرية التعبير و حرية الرأي حق لكل البشر . فقط يجب ان لا تتعدي حريات الاخريات و ان لا تخدش او تجرح المشاعر و العواطف الدينية لحساسيتها الكبيرة لاسيما في الشرق . لان التعدي علي الاخرين بالتعبير هو ايضاً خرق انتهاك للحريات الخاصة . فمن حق كل انسان ان يدين بالديانة التي يختارها لنفسه بحرية و علي كل الاخرين احترام اختياره الحر . كما يجب ان لا يستغل حرية التعبير في الاساءة و التحقير و الازدراء او الاستعلاء علي الاخرين بأسم حرية حق التعبير . و يجب ان لا تكون الديانات أدوات سياسية لقهر حرية التعبير.





    هل يغير مؤتمر الدول المانحة الوضع الفلسطيني؟

    و لانه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان .. فان الفلسطينين اولاً قبل كل شي هم بأمس الحاجة الي قيام دولتهم الموحدة .. أن قيام الدولة الفلسطينية بجانب دولة اسرائيل هو اولوية قصوي .. فعلي الدول الكبري التي تسعي الي مساعدة الفلسطينين ، عليهم الشروع فوراً و البدءعملاً في في تأسيس هذه الدولة .. اما المنح و المساعدات الاقتصادية فهي مطلوبة و مهمة و لكنها لن سوف لن تجدي شيئاً في ظل غياب الدولة الامنة المستقرة .. و الا فما معني ان تبني الدول الكبري مؤسسات للسلطة الفلسطينية اليوم لتهدمها اسرائيل غداً ..

    التعذيب و"الحرب ضد الارهاب"

    القانون يقول أن المتهم برئ حتي يثبت أدانته .. و لكنهم في كثير من الاحيان يشرعون في تعذيب المتهمين عند التحقيق لانتزاع الاعترافات .. كأنهم بذلك يحكمون علي المتهم مسبقاً بأرتكاب الجرم ..

    التعذيب مرفوض و هو اسلوب لا اخلاقي و لا ديني او انساني .. فكم من الابرياء يتم تعذيبهم كل يوم حتي الموت .. و كم من عتاة المجرمين طلقاء و احرار لا تطالهم سياط الجلادين ا و ادوات تعذيبهم الحديثة ..



    "القذافي ليس ديكتاتورا"

    اذاً صدام حسين ايضاً لم يكن دكتاتوراً و قد اعدمه الامريكان كذباً و بهتاناً و ظلماً اذاً فيدل كاسترو ليس بدكتاوراً و الامريكان يحاصرونه لاكثر من خمسون عاماً بلا جريرة و بدون وجه حق . و العم روبرت موغابي هو الاخر ديمقراطياً و علي الاخ براون احترامه و انصاف طريقته و اسلوبه في ادارة شئون بلاده ..

    العالم اليوم بات اكثر ديقراطية و تحكمها النظم الديقراطية . و ها هي رأيات الحريات العامه ترفرف في كل ارجاء الدنيا . فيا بوش لا تعادي احمدي نجادي بعد اليوم فهو حمامة سلام لعالمنا الديمقراطي الحر .



    ايليا أرومي كوكو الابيض

    ما هي اهم أحداث 2007؟

    أهم أحداث 2077 م فشل اللبنانيين و منذ 24 سبتمبر ايلول من اختيار رئيسهم . وظل لبنان منذ ليلة 24 تشرين الثاني نوفمبر بلا رئيس و بالاحري بلا رأس. و اكثر من ثمانيه جلسات نيابية انفضت بالجدال البيزنطي العقيم ..

    في السودان شكل لنا انسحاب وزراء الحركة الشعبية من حكومة الوحدة الوطنية حاجزاً ثقلاً جداً .. و لاسيما عندما دق البشير اسفين الحرب من مدينة ود مدني في احتفالات قوات الدفاع الشعبي ..

    اما علي الصعيد الشخصي فلا جديد تحت الشمس ..

    وقد مر العام كسابقاتها من الاعوام بل زاد هذا العام الطين بله

    ..!!

    اغتيال بنظير بوتو

    أن يد الغدر الاثمة التي ظلت تطارد الروح الديقراطية في عائلة بوتو . هذه اليد التي لا تعرف أي قيمة للاختلاف طالت اليوم روح المرأة الحديدية بوتو. استهدفت هذه اليد الرعناء من قبل روح ابيها و أخيها. الا انو الروح الديمقراطية التي تأسست في باكستان علي يد ذو الفقار علي بوتو سوف ستبقي ً. ذلك لان الحرية و الديقراطية التي يهابها هؤلاء لا يمكن لاي دكتاتور او متطرف ان يغتالهما. و ستبقي بوتو ابداً رمزاً للصمود و التحدي في ذاكرة الحية للشعوب المحبة للديمقراطية و الحرية.





    مقتل بينظير بوتو

    المجتمع الشرقي بصفة هو مجتمع ذكوري بحت مكان المرأةفيها هو البيت و الولادة و رعاية الاطفال و الاعتناء بالرجل . و قد تغير هذا المفهوم في العقدين الاخيرين من القرن الماضي . وقد سبقت الهند و قدمت انديرا غاندي و ايضاً فعلت بنغلاديش و الفلبين و باكستان .وقد كان صوت عويل و نحيب و بكاء الرجال علي بوتو في كل باكستان هو الصوت الاعلي . في السودان قول مأثور يقول المرأة كان بقت فأس ما بتشق الرأس . أما بوتو فقد شقت رؤوس كل رجال باكستان في حياتها و في مماتها .الامر و الادهي هو أن يقتل رجل أمرأة و ينتحر !





    ما هي اهم أحداث 2007؟

    ساعات قليلة و سينظم العام 2007 الى قائمة الاعوام المنصرمه . أن اغتيال بوتو في هذا التوقيت بلا ريب هو من أهم الاحداث التي الهبت المشاعر و العواطف الانسانية في كل العالم و . و لا ننسي اطلاق الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني . كما ان حادثة اختطاف الاطفال في تشاد رغم الغموض الذي أكتنف القضية برمتها . فللحادثة بعدين بحسب اختلاف وجهات النظر بين تشاد و السودان من جهة و فرنسا من جهة اخري . و المهم في الامر كله هو محاكمة المختطفين صورياً وترحيلهم الي بلادهم لاحقاً و عن قريب سيطلق صراحهم ..

    ايليا أرومي كوكو الابيض

    قوات الهجين في دارفور

    اليوم 31 / 12 / 2007 سيتم اسدال الستار علي القوات الافريقية في دارفور . هذه القوت جاءت لحفظ السلام هناك و لكنها استغاثت و استجدت طالبة الحماية لنفسها. أن يوم الغد هو غرة يناير كانون الاول 2008 سيتسلم اصحاب القبعات الرزق المهام . فيا تري ما الذي تخبئه الايام لهذه القوات ..!



    الاقتتال بين الحركة الشعبية و المسيرية

    أن العام 2007م يودع السودان مخلفاً ورائه جراحات عميقة علي ما بات يسمي بخط 1956 أي الحدود التي تفصل الجنوب و الشمال . كأن فصول المشهد التالي لأبيي قد بدأ مبكراً من منطقة الميرم . فكوني يا 2008 برداً وسلاماً علي السودان ؟



    وصية بوتو لابنها وزوجها

    بين الكثيرين المتعاطفين مع بوتو منذ المحاولة الاولي لاغتيالها في اكتوبر . ظللت اتابع اخبارها الي ان أغتيلت في 27/ 12/2007 . كدت ان اجهش بالبكاء مع ملايين الباكستايين و باقي شعوب العالم من الذين تمزقت قلوبهم ساعة اغتيالها . لكنني أندهشت كثيراً لوصيتها لابنها وزوجها بتولي القيادة من بعدها .فكيف عميت بصر و بصيرة بوتو حتي تختار واحداً من الملايين الذين ظلوا امناء و اوفياء لها سوي ابنها الذي لم يتجاوز ال 19 وزوجها الملاحق بالفساد . أن هذا زاد اعجابي بالراحل قرنق الذي اشار الي سلفا خلفاً له .... !!

    تطلعاتك للعام الجديد

    أأمل بأن يكون العام 2008م هو عام للسلام لكل دول العام التي تشهد صراعات و حروب و نزاعات.. فلسطين العراق باكستان و الصومال. و ان يتم اختيار رئيس توافقي للبنان ..

    كما اتمني ان يعم السلام كل السودان و بألاخص دارفور . و ان تعمل حكومة الوحدة الوطنية بجدية و اخلاص في تطبيق اتفاقية نيفاشا علي أرض الواقع ..

    كما أتمني من الحكومة السودانية تدارك الموقف الخطير المتدهور في الحدود بين الشمال و الجنوب .. و أن تسعي الي اطفاء النيران في مهدها ..

    امنيتي الشخصيه هو استقرار اسرتي و تقدمي في اعمالي لآجلهم ..

    أمنيات العام الجديد

    في النصف الاخير من ديسمبر كانون الاول 2007م كشرت الايام عن انيابها في وجهي .. اذ جعلتني أري كيف تكون نجوم السماء في عز شمس النهار.. و أرتني ايضاً في تلك الليالي معني الارق و السهاد و السهر و القلق ..

    الا هذين اليومين الاولين من يناير 2008 م قد ابانتا لي عن ابسامات خجولة .. أنني اتطلع الي ان تضحك لي سنة 2008م بملء شفتيه الورديتين .. عسي و لعلي ابصر بعيني كيف تكون بياض بنان السنين الحلوه الجميله ... اما السنين المره العجاف فقد عشتها و اعرف كل تفاصيل فصولها جيداً ..



    زيارة بوش لمنطقة الشرق الأوسط

    اللعب في الدقائق الاخيرة غير مأمول فيه ابداً بتحقيق نتائج او احراز اهداف . فزيارة بوش للمنطقة في سنة رئاستة الاخيرة سوف لن تحقق أي نتائج ملموسة.. فقد لا أخطئ ان اعتبرها له مجرد سياحة ترفيهيه او رحلة دينيه طالما هي للديار المقدسه . قضي الرئيس بوش السبعه سنوات في مطاردة ساخنة لابن لادن في افغانستان. والحرب في العراق و الارهاب في العالم و جولات اخري ضد ايران النووية. و كل المعارك خاضها بوش في كل ارجاء المعمورة لم تحسم . فهل سيفلح العطار بوش في باقي 2008م اصلاح ما افسد منذ العام 2001 ؟ نأمل!

    ايليا أرومي كوكو الابيض

    عدد الذين نالت

    آرائكم:السعي وراء حياة افضل في وجه الموت

    مع أنني لا أحبذ ترك الوطن و المغامرة في سيبل تحقيق حياة افضل بعيداً عنه .. الا انني اتعاطف مع هؤلاء الذين يغامرون بحياتهم لآجل تحقيق طموحاتهم .. فالعيش في لاوطان في احياناً كثيرة هي في حد ذاتها مغامرة و موت بطيئ ... !!



    هل تنجح منتديات الحوار بين الحضارات؟

    في العامين المنصرمين 2006 و العام 2007 شهد العالم الكثير من التوترات الدينية .. و لسنا ببعدين عن الرسوم الكرتونية و الضجة الكبيرة التي أحدثتها في كل العالم .. لم تمض شهور كثيرة علي الرسوم حتي قامت الدنيا من جديد بعد المحاضرة التي القاها البابا الحالي بنديكت السادس عشر بالتوترات الدينية الي الواجهة ..



    الكونجو بدلا من السودان في رئاسة الاتحاد الافريقي

    مع أن الكونغو ليس بأفضل حال من السودان في مجال سجل حقوق الإنسان، إلا أن موقف المنظمات الإنسانية ونجاحها في عدم تولي السودان لرئاسة الاتحاد الإفريقي جدير بأن يقف عنده كل الدول الأفريقية وأهمية احترامها لشعوبها أولا قبل التطلع إلى زعامة الآخرين.

    ايليا أرومي كوكو - الأبيض السودان



    الشباب السوداني والبحث عن الهوية

    السودان دولة افريقية في الأصل وهويتها هي الهوية الإفريقية. أما العروبة التي يتبجح بها البعض فهي مكابرة ليس إلا.

    إيليا أرومي كوكو - الأبيض السودان



    الاتهامات المتبادلة بين البشير و سلفا في جوبا

    أن الاتهامات المتبادلة بين الرئيس السوداني و نائبه الاول في استاد جوبا عاصمة جنوب السودان يعكس مدي الخلاف الكبير الذي يعانيه الشريكين .. فهل استعصي عليهما بحث الحلول داخل القصر الجمهوري في الخرطوم ليختارا استاد مدينة جوبا لنشر الغسيل. والي متي ستظل الثقة بين الجنوب والشمال تراوح مكانها.

    ايليـا أرومـــي كوكــو الابيض - السودان



    مهمة قوات اليونيفيل في لبنان

    إن مهمة قوات اليونيفيل في لبنان تواجه اختباراً صعباً جداً. يأتي ذلك بعد تهديد وزيرة الدفاع الفرنسية بالتصدي للطائرات الإسرائيلية التي تخترق الأجواء اللبنانية علي مدار الساعة، والتهديد المضاد الذي جاء من تل أبيب رداً للوزيرة الفرنسية بضرب قوات اليونيفيل متى ما تعرضت الطائرات الإسرائيلية لأي هجوم من اليونيفل .. لست بمتأكد فقد تحتاج تلك القوات الي قرارات أخري تدعم القرار 1701 حتى لا تدخل في متاهة الصلاحيات..

    ايليا أرومي- السودان























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de