|
أنا زول دستوري بقلم إليكم - الطاهر ساتي
|
:: ومن سلوك الطفل، عندما يشعُر بانشغال أفراد الأسرة عنه - بالأنس أو بالنوم - يصرخ ليُلفت الانتباه.. وفسر علماء النفس ظاهرة صراخ الطفل بلا سبب بأنها نوع من (إثبات الذات)، أي يُريد أن يقول بصرخته : (أنا موجود).. وهكذا تقريباً لسان حال النائب البرلماني محمد الحسن الأمين وهو يُطالب البرلمان باستدعاء وزير الدفاع .. استدعاء، ولكن ليس لمساءلته عن واقع الحال بكاوده وحلايب وشلاتين، ولا لاستفساره عما يُقال عن أحداث تابت..ويبدو أن مثل هذه القضايا الكبرى أكبر من نفوذ محمد الحسن الأمين، ولذلك يغرق الرجل في الصغائر ويطالب البرلمان باستدعاء وزير الدفاع لمساءلته عن الكيفية التي تدير بها شركة كومون بعض صالات مطار الخرطوم..!! :: ( كومون شركة خاصة، وأعطيت امتياز تشغيل صالة كبار الزوار، وتقدم خدمات جيدة، لكنها رفعت أسعارها إلى سبعمائة جنيه للفرد)، هكذا النص الخبر لمحمد الحسن الأمين بالصيحة، وعليه تصبح تلك السبعمائة جنيه هي أم القضايا التي تستدعي استدعاء وزير الدفاع عاجلاً..عامة الناس العابرة لمطار الخرطوم لا تدفع هذا المبلغ ولا غيره، إذ لها صالة تعبرها مقابل جنيهات رسوم المغادرة، ولكن السبعمائة التي يشتكي منها محمد الحسن الأمين لحد استدعاء وزير الدفاع إلى البرلمان يدفعها رجال الأعمال والساسة وكل المقتدرين العابرين عبر (صالة كبار الزوار)..وبالتأكيد محمد الحسن يصنف نفسه من كبار الزوار، ولذلك ( يشتكي ويستدعي).. وعليه، فالغضبة شخصية، وليست لله ثم الوطن والعامة ..!! :: ذاك شيء، والشيء الآخر.. فترة شركة كومون في إدارة وتشغيل صالات كبار الزوار تجاوزت الخمس سنوات، وأحدثت خلالها تغييراً إيجابياً في تلك الصالات، وهي تقريبا ذات فترة محمد الحسن الأمين في البرلمان، فلماذا لم يغضب ويشتكي ويستدعي طوال هذه السنوات؟.. والإجابة، بتاريخ 16 نوفمبر 2013، غادر أحد وفود المجلس الوطني لإحدى مناطق التعدين، وكان فيهم محمد الحسن الأمين الذي رفض إخراج سيارته من أمام صالة كبار الزوار كما تقتضي اللوائح ونظم العبور، ثم صاح فيهم قائلاً بالنص الموثق : ( أنا زول دستوري وبمستوى وزير، وبوقف سيارتي محل ما عايزها، وما تقولوا لي ضوابط وكلام فارغ، ونحن الحكومة اللي أدتكم الصالة دي و ح ننزعها منكم، وح أكسر ليكم الصالة دي)، قالها هكذا ثم غادر ..(ثائراً)..!! :: غادر إلى مناطق التعدين، ولكن - منذ ذاك الصباح - لم تغادر رغبة الانتقام من كومون نفس هذا النائب البرلماني..وها هو ينتقم، ولكن ليس لله ثم الوطن والناس، ولكن لسيارته وشهوة السلطة التي تسيطر عليه لحد اتخاذ مكان عبور الركاب موقفاً لسيارته..نعم، لو سمحوا لفارهته بالوقوف يومئذ في أمام مدخل الصالة لحين عودته من مناطق التعدين، لما غضب واشتكى وطالب باستدعاء وزير الدفاع و كأن أم روابة أخرى (سقطت)..وربما لو أعفوه من السبعمائة جنيه أيضاً، لما غضب واشتكى وطالب باستدعاء وزير الدفاع وكأن خليلاً آخر يغزو أم درمان..فالرجل دائماً تحركه رغباته الذاتية جداً، ولم ينشط يوماً في سبيل الناس والبلد.. (243 شاباً)، هم الذين وجدوا فرص العمل بشركة كومون، وبأفكارهم وسواعدهم حولوا الأوكار المهجورة إلى صالات تُشرف كل أهل السودان، فكم عدد الشباب المستفيدين من محمد الحسن الأمين ونشاطه المسمى بالسياسي؟..تواضع قليلاً، وتذكر أنك تحارب القطاع الخاص واستثماراته، ثم ادعم النجاح أينما وُجد، ويكفي أن البلاد لا تزال تدفع أثمان مجزرة العصر التي ارتكبتها في عمال السكة الحديد باسم الصالح العام...!!
|
|
|
|
|
|