|
البشير ومشروع الجزيرة بقلم شوقي بدري
|
مشروع الجزيرة وسياسة الدلالية قبل سنوات نشرت هذا المضوع . واليوم عندما شاهدت وسمعت تبجح البشير وغبائه . اجد نفسي اعيد نشره . فالبشير يستغرب كيف يريد المزارع من الحكومة ان تصرف في التحضير للزراعة . لقد انشأ الانجليز كل المشروع من لا شئ. وكانت الشركة البريطانية . تدفع كل شئ وتقسم العائد بينها وبين المزارع . هل الشرطة البريطانية الكافرة ارق كبدا من الكيزان ؟ الجواب نعم . الكيزان من ما جو لحد دلوكت ما عندهم نفس طويل . انها سياسة الحدية ، اختف كف . ان اصول مشروع الجزيرة قد قدرت ب150 مليارد دولار . انها اعظم مشروع للاستثمار . لكن الكيزان عاوزين الاستثمار اليوم و العائد يندفع امبارح . وللمصريين مصلحة ضخمة في تعطيل مشروع الجزيرة والكيزان عن غباء وانتهازية او خوف يساعدون المصريين .
شوقي بدري
في ايام الدراسة في تشيكوسلفاكيا ذهبت لإمتحان الإدارة, بعد ان تخصصنا في العلاقات الدولية في السنة الثالثة. الامتحانات في شرق اوروبا كان اغلبها شفهي . تجلس امام البروفسور لمدة قد تفوق الساعة. يمحصك ويقلبك, هذا تجنبا لنظام النجاح عن طريق التوقع.وبعد ان اقتنع بمعلوماتي . اراد البروفسور ان يشرح للتلميذ الافريقي المتخلف الفرق بين الادارة الاروبية المتطورة والادارة الافريقية البدائية. فسألني مستخفا بعد ان قال ان الادارة هي اهم شيء في النشاط الانساني . من ماذا تعيش اسرتك؟.. فقلت له من مشروع زراعي..فقال اها..هل ادارة الزراعة في بلادكم بنفس المستوى كما عندنا هنا..فقلت له لا. فقال لي هنا الفرق!!. ولهذا انتم دولة متخلفة لأن ادارة المشروع الذي تعيش منه اسرتك هي ادارة متخلفة. فقلت له لا..ان المشروع الذي تعيش منه اسرتي مشروع متطور يدار بطريقة في منتهى الدقة والإنضباط .وهو من المؤكد اكثر انضباطا وتطورا من التعاونيات الزراعية في جمهورية تشيكوسلفاكيا الاشتراكية. فظهر الغضب على وجه البروفسور خاصة وانه كان قد لامني من البداية بأن سجلي في الحضور سيء. فشرحت له كيف كانت تدار المشاريع الخصوصية والتي كانت مستوحاة من قانون الشراكة الذي وضع في سنة 1950 . شرحت للبروفسور ان مشروع الجزيرة يمثل مليون هكتار. تحت ادارة واحدة. واتسعت عينا البروفسور الذي كان وسيما يرتدي ثياب جميلة ، ويبدو انه قد درس خارج تشيكوسلفاكيا ، قبل الاشتراكية . لأنه كان على العكس البروفسورات يتحدث الانجليزية والفرنسية بطلاقة. وشرحت له الدورة الثلاثية وكيف يتحصل المزارع على 5 افدنة لكي يزرع فيها ما يأكله او يبيعه لملكيته الخاصة ، تحت رعاية جيش من الاداريين والفنيين والزراعيين، ومراقبي الدولة ومفتشي البنك الزراعي ، الذين يمولون المشاريع الخصوصية . وهناك الميكانيكيين وسائقي الجرارات العملاقة التي صممت خاصة للسودان . وتسحب 36 محراثا (ديسك ، او ديكس كما يقول المزارع) وهذا المحراث يوجد فقط في السودان وامريكا ودول قليلة. وان هنالك خزان يروي هذه الارض التي تفوق مساحتها مساحة دولة, عن طريق قنوات تفتح وتراقب بطريقة علمية. وهنالك هيئة مكافحة الحشرات والآفات ، والطائرات التي تقوم برش المبيدات . وان الدولة تمتلك كل شيء مشاركة مع المزارع وتخصص 10 % فقط للإدارة . والمشروع يتكفل بإقامة الشفخانات ويخصص جزء من الدخل للترفيه والنشاطات الاجتماعية والرياضية والثقافية . ولمشروع الجزيرة جريدة كان رئيس تحريرها الاستاذ محمد خير البدوي. وان هنالك لجان من المزارعين تشترك في الانتاج والتخطيط وحتى البيع وان هنالك محاسبة دقيقة لكل مليم . وان اللجان تنتخب بطريقة سرية حتى في المشروعات الخاصة .. ذكرت للبروفسور انني قد شاهدت زراعيين في السوكي وهم من التشيك. وكان هنالك طياريين من التشيك في مشروع شاشينا خارج السوكي. لأنهم يتقاضون رواتب اقل من الانجليز ويقومون بعملية الرش. وافهمت البروفسور ان المزارعيين يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في سير المشروع ، لأنهم يحسبون انهم الكل في الكل. وان لهم الحق في الاضراب. ولقد اضربوا عدة مرات. وان للمشروع سكك حديدية داخلية. ثم تطرقت لمشروع ام هاني. الذي كان يملكه ابراهيم بدري وبعض اعضاء الحزب الجمهوري الاشتراكي وعمدة ام هاني. وشرحت للبروفسور ان المشروع لا يمتلك الارض ولكن يستأجرها من الدولة وان المشروع يقاس ب 24 بوصة وهذا يعني اثن عشر الف فدان او حوالي 1000 مزارع ثابت. لأن 5 افدنة تزرع قطنا و 5 افدنة تكون ملكا للمزارع يزرعها عادة بالذرة وبعض الفول والبقول التي تخصب التربة. وتترك 5 افدنة بوراً . البقوليات هي النبات الذي يأخذ النتروجين من الهواء على عكس بقية النباتات التي تمتص النيتروجين الذي لا تنمو النباتات بدونه, من خلال التربة. و للمشروع مضخات ضخمة وخوليون ومهندس وحاصدات ومخازن ومساكن للعمال والفنيين والموظفين ، ودكاكين ومولدات كهربائية وتلفونات وشفخانات ومساعد حكيم وممرضين ومدرسة وومفتشين زراعيين. وان المشروع يتكفل ببعض الأشياء لصالح المزارع . والمزارع يمتلك داره. وان هنالك الحساب المشترك بين المزارع و المشروع او المزارع والحكومة. ويباع القطن في نهاية السنة بواسطة الدولة. هنالك المراجع القانوني . وتحدد الاسعار بواسطة البورصة العالمية. ولجان المزارعين تراجع وتراقب كل شيء. وتحدثت له عن العبيد رئيس اتحاد المزارعين ، وشيخ اللمين رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة الذي صار وزيرا وكان يستقبل في الاتحاد السوفيتي وبراغ برجالات الدولة. وابناء المزارعين الذين صاروا يديرون مشروع الجزيرة و صار بعضهم من المهندسين الاطباء والبروفسورات. وعندما قلت للبروفسور ان المزارع لا يدفع ايجار لداره ، لأنه يمتلكها، وان له في اغلب الاوقات ضان وماعز وبعض ابقار. احسست بأن البروفسور قد صار منتشيا . وتحدثت له عن آلاف الناس الذين يستفيدون من هذه المشاريع الخصوصية كحرفيين وتجار وجزارين وحلاقين وسمكرية وعمال موسميين وسائقي شاحنات. واصحاب الحفارات التي تنظف القنوات وابوعشرينات وابوسته. و(اللقاط) الذين يأتون بعيدا عن النيل لكي يعملوا في جني القطن. وكيف يرسل المشروع مندوبيه لكي يقوموا بما يعرف بالدعاية لجلب الللقاط للمشروع ويستخدمون الشاحنات ويعطونهم مصاريف نثرية لأكلهم وسلفيات مبدئية لكي يبدأوا في لقيط القطن ويزودوهم بالذرة والزيوت والشاي و السكر. فنظر الي البروفسور قائلا هذا نظام احسن من نظامنا هنا. وكان عندهم نظام يسمى نظام (ي زي. دي). وهو نظام التعاون الزراعي ويشبه نظام (الكلوخوزات) في الاتحاد السوفيتي. وهذا نظام اثبت عدم جديته . يقتل الطموح عند المزارع ويدعو للكسل والاتكالية. ويعطي فرصة للإداريين ان يستغلوا نفوذهم وان يسرقوا . وهذه احدى مشاكل الدول الاشتراكية. وعندما احس البروفسور بأن الوقت قد سرقه, وان هنالك طالبان في الإنتظار فمن العادة ان يدخل ثلاثة طلبة في دفعة واحدة يستعد اثنان في تحضير اجاباتهم على الاسئلة التي تلقونها. طلب مني الاندكس وهو دفتر الطالب الذي تسجل في الامتحانات ولا يطلبه البروفسورالا عند نجاح الطالب. وهذا يعني انني قد اجتزت الإمتحان. ولم يجد ما يقوله سوى ان قال لي نحن لا نقول التقاط القطن ولكن نقول (تجسات بافلنو) وتعني تمشيط القطن, كما يمشط الانسان شعره. ولكن شعرك هذا يحتاج لجهد ضخم. وكنا وقتها نضع سلة على رؤوسنا في شكل افرو.
الاستاذ سيد الحسن اكرمني بايميل رائع وهو من جاكارتا –اندونيسيا واشار لموضوع كتبه في موقع الاقتصاد السوداني . وله موضوع رائع تحت عنوان اهمية القطن طويل التيلة وما احدثه خروج مشروع الجزيرة من فجوة كبير بالمعروض في السوق العالمي. ولفت انظاري لأشياء اعرفها واشياء لم اكن اعرفها. ما كنت اعرفه انا نتيجة لإرتباطي منذ طفولتي بمشروع الجزيرة . لقد كنت اقضي الإجازة مع كمال ابراهيم بدري الذي كان مفتشا في مشروع الجزيرة . وسكنت معه في تفتيش شاع الدين والعديت والخشيم و آخرها تفتيش استرحنا هذا قبل ان يتجه الى ادارة مشرع بركة العجب في اعالي النيل. وكان كل الكلام ، الى ان كنت في المدرسة الثانوية يدور حول الغيط و مشاكل القطن. وكنا نسمع حتى في الشارع العادي عندما يتكلم الإنسان عن بنت جميلة او بضاعة جيدة يقولون ده سكلاريدس او ده اكلا ساكت. والسكلاريدس هو القطن طويل التيلة. الذي هو اجود قطن في العالم والاكلا هو القطن الذي ينمو في جبال النوبة والشمالية وشرق السودان واجزاء من كردفان ومشروع الزاندي ، و الري بالأمطار. المحن السودانية ان السودان كان ملك الذهب الابيض . وكان عندنا 4 منتجات كان يمكن ان تجعلنا من اغنى الدول في العالم , بجانب القطن عندنا الصمغ العربي الذي ننتج منه 85 % من انتاج العالم. وهنالك الانتاج الحيواني من لحوم وجلود والى آخره. والحبوب الزيتية واذكر انني في بداية حياتي التجارية قد بعت لشركة المانية بعض الخروع والسعر كان 2 الف مارك للطن . وبعد 10 سنوات اي سنة 1984 اتصلت بنفس الشركة الالمانية وعرضوا علي 2 الف مارك للطن. فقلت غاضبا ما كان يقوله الرئيس جوزف نايريري للإنجليز.. لقد كنت اعطيكم عشرة اطنان من السيسال وتعطوني تراكتور واحد. والآن انا اعطيكم عشرين طناً من السيسال لنفس التراكتور. الألماني كان يقول لي ، في السبعينات كان عندكم اجود خروع في العالم الا ان النوعية تدنت. ولكن بالرغم من هذا ، للخروع السوداني سمعة جيدة. والدولار كان يساوي 4 ماركات والآن يساوي اقل من ماركين . لقد تضاعف السعر. ومن المحن السودانية اننا خربنا انتاج القطن في السودان ولم نستفد من الانتاج الحيواني . وبعد ان كنا مصدرين للحبوب الزيتية خاصة السمسم. صرنا نستورد الزيوت . ومصر كانت تستورد السمسم السوداني وتصنعه وتبيعه عالميا وتدخل 12 مليون جنيه استرليني سنويا, ساعدتها في محاربة المقاطعة . والخلاف مع الهندي وزير المالية في السمسم السوداني جعل جمال عبدالناصر يطالب من الازهري بأن يتخلص من الهندي . وطاردته المخابرات المصرية ومات بصورة غامضة في هوتيل في اليونان . من المحن السودانية كذلك ان بعض التجار الذي كانوا يصدرون الكركدي ، حاولوا ان يتشاطروا وصدروا الكركدي بحبوبه للصين لكي يحصلواعلى وزن اضافي . واستغلت الصين تلك التقاوي في زراعة الكركدي وصارت الصين من اكبر المنتجين للكركدي . من المعروف وحتى كما قرأت في كتب اطفالي المدرسية فإن البازيلاء تستخلص النايتروجين من الهواء مباشرة والهواء 21 اوكسيجين و 78 بالمئة ناتروجين والبقية غازات اخرى . ولهذا يحتاج الانسان لقلب التربة وكلما كان المحراث عميقا كلما كان الانتاج اجود وهذا ما اكشفه الانسان البدائي الذي بدأ الزراعة. ولهذا يراقب لمزارع المحاريث او الديسك ويعرفها المزارع بالديكس. حتى تحصل ما يعرف بتهوية الواطه. عندما اضرب الحراثين في سنة 1942 لأن عملهم موسمي وبعضهم يأتي من المديرية الشمالية. لأن زراعة القطن بدأت في الزيداب . قبلت ادراة مشروع الجزيرة بشروطهم واعطوهم مرتب شهر زيادة في نهاية الموسم. المحنة السودانية هي ان الإنقاذ تعاملت مع مشروع الجزيرة بسياسة الوداعية, عندما رفعوا شعار نأكل من ما نزرع ونلبس من ما نصنع كانوا يريدون كسبا دعائيا سريعا حتى يهلل لهم الناس. هذا بجانب نصر ساحق في حرب شاملة في الجنوب. ولم يفكروا ابدا ابعد من تحت اقدامهم . فقاموا بزراعة كل الجزيرة لمواسم متتابعة ، وفي كل الارض . فقضوا على خصوبة الارض بالكامل وصارت غير صالحة لزراعة القطن طويل التيلة. ثم قاموا بإنتاج الدمورية والدبلان من القطن طويل التيلة. وهذا كسياسة ان يكون عند انسان 5 ارطال من الذهب مثلا فيقوم بصنع بربندي من ذلك الذهب لكي يربط عليه حمار. قديما كان يتكلم الناس عن الدمورية وزن عشرة وتعني عشرة فتلات في السنتمتر الواحد.وهذه الدمورية الثقيلة التي كانت تباع بسعر 3 قروش ونص للضراع بالطاقة. و5 قروش بالقطاعي وهذا ارخص قماش موجود في السودان. ويقل عنه سعرا ثوب الزراق. الا انه بعد صبغه يصير ثمنه اغلى. واكبر تاجرا للزراق كان عامر ازرق الذي يضرب به المثل (صاحب قميص عامر). الزراق اخف وزنا من الدمورية قديما كنا نسمع اغنية البنات الائي يتغزلن في الشباب قائلات.. الجزمة قزاز والعمة كرب وهذا منتهى الشياكة في الاربعينات والخمسينات. والجزمة قزاز هي الجلد اللامع. والكرب لا يصنع الا من القطن طويل التيلة وهو الخيط المبروم. وانا كنت لفترة قصيرة من المنتجين للثياب السودانية في الثمانينات. وتعلمت قليلا عن المنسوجات في سويسرا . إقتباس من موضوع الخبير سيد حسن .
أهمية القطن طويل التيلة وما أحدثه خروج مشروع الجزيرة مـن فجوة كبيرة فى المعروض بالسوق العالمى
الفرق بين القطن طويل التيلة وقصير التيلة :-
المقصود بالتيلة هو وحدة قياس سماكة الخيط وكلما كان الخيط رفيعا كلما كبر رقم التيلة - مقاس 30 أكبر سماكة مـن مقاس 40 فما فوق - يعتبر المقاس من 60 الى 100 مـن أرفع الخيوط – لذا يستخدم القطن قصير التيلة للخيوط السميكة أمثال أقمشة الدبلان والدمورية وقماش البنطلونات - والقطن طويل التيلة لآنتاج أرفع الخيوط مـن مقاس 60 الى 100 تستعمل لأنتاج أقمشة ال لينو وال تو باى تو والتوتال –
تتطلب زراعة القطن طويل التيلة أرض عالية الخصوبة ورى بصورة منتظمة منذ بدابة زراعته وحتى أنتهاء موسم حصاده لفترة تتراوح بين 5 أشهر الى 6 أشهر - أما القطن قصير التيلة فيمكن زراعته فى ارض خصبة وليس بالضرورة عالية الخصوبة ولا يحتاج الى رى بصورة منتظمة مثل طويل التيلة مما سهل زراعته زراعة مطرية . مشروع الجزيرة تم قيامه خصيصا لأنتاج القطن طويل التيلة نسبة لخصوبة ارضه العالية ووفرة الرى الأنسيابى لمدة لأطول فترة فى خلال السنة تصل الى 11 شهرا – مع الأخذ فى الأعتبار زراعة الذرة كمصدر غذاء رئيسى للمزارع وتتم زراعة الذرة – كذلك تتم زراعة الفول واللوبيا كمحصول نقدى أضافى مع خاصية تفتيته للتربة للتجيهز لتكون بور غير مزروعة فى السنة اللاحقة حسب دورة زراعية معروفة -
الغرب واليابان يعلم تمام العلم أهمية ومستقبل صناعة الغزل الرفيع لذا تمسك بتكنولوجيا الصناعة ولم يفرط فيها لتنتقل الى الشرق الصين والهند مثل صناعة غزل ونسيج الخيوط الغليظة المصنوعة مـن القطن قصير التيلة – بالرغم مـن محاولة الدولتين لصناعة منسوجات خيوط رفيعة مستعملة القطن طويل التيلة – بالرغم مـن أن الدوليتين أنتجت مـن هذه المنسوجات لكنها فشلت مـن ناحية الجودة وأنتجت التوتال وال تو باى تو بجودة منخفضة جدا أسعار بيعها نصف المصنع فى فرنسا وسويسرا وانجلترا واليابان –
محدودية المساحات المزروعة قطن طويل التيلة جعلت مصانع غزل ونسيج الدول الغربية تتهافت على المعروض منه وتدخل فى مزايدات مما حـدا باليابان أن تدخل كمشترى لمصانعها بأكبر شركة حكومية تعمل فى مجال تجارة الأستيراد والتصدير وهى شركة سومي تومو المعروفة تنافس وتزايد للحصول على أحتياجات مصانعها مـن القطن طويل التيلة ( مصنع كنيبو مثالا والذى يعتبر مـن أكبر المصاتع اليابانية العاملة فى صناعة غزل ونسيج الخيوط الرفيعة)-
للعلم أسعار القطن طويل التيلة تساوى 4 أضعاف اسعار القطن قصير التيلة – والمنسوجات والأقمشة المصنوعة منـه أسعارها تصل الى 10 أضعاف أسعار المنسوجات والأقمشة المصنعة مـن القطن قصير التيلة – أرجو مقارنة أسعار المنسوجات القطنية الصينية والدبلان والدمورية والبوبلين الصينى بأسعار التوتال وال تو باى تو وال لينو الأوربى –
فشل مشروع الجزيرة وخروجه مـن السوق العالمى للقطن طويل التيلة مع العلم بانه يعد مـن أكبر المنتجين للقطن طويل التيلة :-
تطبيق سياسة نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع هى السبب الرئيسى لخروج مشروع الجزيرة مـن السوق العالمى واحداث فجوة بالسوق العالمى ما زالت آثارها على أسعار القطن طويل التيلة فى أرتفاع مستمر :-
أولا :- تطبيق سياسة نأكل مما نزرع أدت الى زراعة القمح فى معظم مساحات زراعة القطن طويل التيلة بمشروع الجزيرة ولم تتم رزاعته فى أراضى زراعة الذرة والفول واللوبيا لقلة خصوبتها - القمح مـن السلع المنهكة لخصوبة الأرض - وزراعة القمح لعدة سنوات متتالية أهلكت كل المساحة التى تم زراعته فيها حسب الدورة الزراعية – حيث تم تطبيق السياسة لأربع سنوات كانت كافية لأنهاك كل المساحات المزروعة قمحا نتيجة لأختلال الدورة الزراعية التى كانت تحافظ على خصوبة الأرض بتعاقب المحاصيل على قطعة الأرض الواحدة - تعاقب المحاصيل يكون بموجب الدورة الزراعية حسب حاجة المنتج للخصوبة ومقدرة الأرض – هذه الدورة الزراعية حافظت على خضوبة الأرض لأكثر مـن 70 عاما مع الأستقرار فى الأنتاج – بدخول القمح كمنتج جديد على حساب القطن أختلت الدورة وفقدت الأرض خصوبتها نتيجة لتعاقب زراعة القمح المنهك للآرض على كل المساحات فى مدى اربع سنوات كانت كافية لأنهاك كل مساحات الدورة الزراعية -
ثانيا :- تطبيق سياسة نلبس مما نصنع أدت لأستعمال الكميات المنتجة من القطن طويل التيلة - بالرغم مـن قلتها لتمدد القمح فى معظم المساحات - تم أستعمال القطن طويل التيلة للصناعة الغزل والنسيج المحلية لآنتاج منتجات كالدمورية والدبلان والملايات المصنعة محليا والتى مـن المفترض أن تستعمل القطن قصير التيلة منخفض القيمة – وكان مـن الممكن بيع القطن طويل التيلة فى تاسوق العالمى واستيراد 4 أضعاف الكمية المصدرة حيث أن القطن طويل التيلة أسعاره أربعة أضعاف أسعار قصير التيلة - خلاصة أستعمال مادة خام غالية الثمن( طويل التيلة) لأنتاج منسوجات منخفضة الثمـن ( يمكن صناعتها من القطن قصير التيلة ).
ملحوظة :- للتأكد مـن نوعية المنسوجات مـن القطن طويل التيلة أرجو ملاحظةقماش التوتال هو أيضا مـن فصيلة التو باى تو وسمى تو باى تو نسبة لأن الخيوط المستعملة فى أنتاجه خيطين مبرومات برم بضغط عالى فى الأتجاهين السداية واللحمة زى ما بيقولو النساجين – أرجو أخذ خيط مـن عمتك وبرمه عكسيا للتأكد من أن الخيط خيطين وليس واحد وبعد تركه يرجع تلقائيا ليصبح واحد نتيجة البرم بضغط عالى عند التصنيع) – للعلم خيط التوتال هو خيطين مقاس 100 بعد البرم بالضغط العالى يصبخ خيط تو بمقاس 50 تيلة.
النهضة الزراعية ومستقبل زراعة القطن طويل التيلة :-
لذا وجب فى أى نهضة زراعية ليس فى السودان فحسب - بل فى كل العالم - يجب أخذ القطن طويل التيلة فى الأعتبار متى ما توفرت مقومات زراعتــه وذلك نسبة للعائد المادى الكبير وأنه سلعة أستراتيجية يمكنها أستغلالها سياسيا أو تجاريا مع المشترين مـن الدول الغربية . ومشروع الجزيرة ما زال مؤهل لأنتاج القطن طويل التيلة أذا تم تأهيله وصيانة ما تم تدميره منه بتطبيق سياسة نأكل مما نزرع والأهمال الذى نعرض له فى الفترة السابقة. وحسب تقديرى بأن أعادة التأهيل سوف يكون عائدها سريعا وفى فترة لا تتخطى ال 4 سنوات , بعد أن يتم أعادة تأهيل خصوبة الأرض بزراعة الفول واللوبيا لمدة 3 الى 4 سنوات متتالية بعدها يرجع المشروع للدورة الرباعية . على أن تتم أعادة تأهيل قنوات الرى .
التمويل :- سؤال قد يتبادر الى الذهن بأن التمويل لأعادة التاهيل يحتاج الى مبالغ كبيرة – ولا خوف مــن عدم الحصول على التمويل حيث أن أصول مشروع الجزيرة سوف تضمن للممولين قروضهم حيث أن أصول المشروع فوق ال 100 مليار دولار - يمكن التمويل مـن بيوت التمويل العربية أو بنك التنمية الأسلامى التابع لمنظمة المؤتمر الأسلامى أو الحصول على تمويل مـن الشركات العالمية والتى تعمل وتحتكر تجارة القطن طويل التيلة والخيوط الرفيعة .
نسأل الله أن يهدينا ويهدى متخذ القرار,والقائمين على امر المشروع للطريق الصحيح للنهضة الزراعية المرجوة لبلادنا. نهاية الاقتباس سيد الحسن نهاية اقتباس
هذا الموضوع اتاني البارحة بعد كتابة محن سودانية 57 مشروع الجزيرة والمصريون. وعظيم الشكر للأستاذ الرائع. المحن السودانية ان الانجليز بنوا هذا المشروع من الصفر. ونحن الآن بالرغم من التكنولوجيا لا نستطيع ان نصلحه. والقنوات موجودة وكل شيء موجود والخزان موجود. ولقد سمعت قديما ان المشروع كان يساوى بخزانه وسككه الحديدية ومنشآته ...الخ يساوي 150-200 مليار دولار. هنالك الفلم (تشاينا تاون ) بطولة جاك نيكلسون ومثل فيه المخرج الاسطوري هيوستن شخصيا . وهذه قصة حجز الماء وتخريب المزارع في كالفورنيا حتى يبيع المزارعون الارض بتراب الفلوس.. هل مارست الانقاذ هذا التخريب عن قصد؟. يقول الاستاذ عمر محمد عبدالله الكارب في مذكراته صفحة 391 (وقد ظهر في الساحة في ذلك الأثناء نيوبولد الذي انضم للسلك السياسي لحكومة السودان في سنة 1921 . وفي سنة 1936 بمناسبة المعاهدة لمصرية البريطانية في تلك السنة. التي تجاهلت وجهة نظر السودانيين وما اعقب ذلك من قيام مؤتمر الخريجيجن العام 1938 واندلاع الحرب في اواخر 1939 . وطلب اشراك السودانيين المتعلمين ، ليلعبوا دورا في شؤون بلادهم ، بإعطائهم الفرصة للمساهة والتخطيط واسلوب العمل الاداري ، الذي سيفتح المجال في المشاركة في تطوير المجتمع ، بدلا من وضعهم السابق في وظائف كتابية. فيجب ان يجدوا الفرصة في مجال انتقال السلطات الذي كان في الاساس قد خطط للقيام به على قواعد الحكم المحلي . وفي شهر سبتمبر في عام 1942 تقدم نيوبولد بمذكرة الى مجلس الحاكم العام . والتي قام فيها بمسح تطورات الرأي السياسي في السودان. والإتجاه في التفكير بإنتقال من وصاية الى مشاركة في الحكم . وجاء في مذكرته ان السودان يجب ان يسرع الخطى للحاق بتلك الزمالة للمشاركة. ثم اقترح في مذكرته ايضا بأن انتقال السلطات في الحكومات المحلية يجب دفعه للأمام . كما يجب الإسراع في السودنة. مع تقصي الوسائل في قيام مجلس استشاري لشمال السودان. وفي عام 1943 اجيز القانون. وهذا بينما كان مجلس ادارة الشركة الزراعية في لندن بعيدا عن الاحداث الجارية في السودان ، كانت الحكومة هنا في اهتمام متزايد لأن ادارة الجزيرة يجب ان تتطابق في مسيرتها على قدر الامكان مع مستقبل البلاد. وحتى لا يكون هنالك اي شك في هذا الاتجاه, فإن حكومة السودان قد قررت في سنة 1944 اخطار الشركة الزراعية بأنه بعد كل الذي جرى لا ترغب في تجديد الامتياز يعد سنة 1950) . (هذه ما قام به الانجليز الاستعماريون تركوا لنا اكبر مشروع زراعي في العالم نهاية اقتباس
والبعض لا يزال يتشدق بأنهم قد اتوا بالإستقلال. لأنه لم يكن هنالك استيطان . الاستقلال كان تطور حتمي بلغته علاقة الانتاج مع انجلترا. وقدم الينا لأنه كان اسهل وارخص ان نحكم انفسنا. ونواصل التجارة مع انجلترا وهذا هو المطلوب لقد عشت في كثير من المشاريع الزراعية لفترات قصيرة احدها بركة العجب الذي كان مديره كمال ابراهيم بدري وكان مديره العام واحد الملاك هو العم عبدالله ميرغني شقيق الاستاذ عبدالكريم ميرغني الاكبر. وفي اجتماع ساخن مع المزارعين.اختلف المزارعون مع عبدالله ميرغني وقالوا له بصريح العبارة انت تعيش على عرقنا. وان بعض المسؤولين يضمنون بعض مصاريفهم الخاصة في الحساب المشترك وهذا في 1963 ووقف كمال ابراهيم بدري مع المزارع بالرغم من القرابة التي تربطنا مع آل عثمان صالح وآل ميرغني بواسطة والدتي. واستقال كمال ابراهيم بدري. واتصل به آل ابوالعلا لإدارة مشروع جودة لكفاءته وعمله الطويل في مشروع الجزيرة. ولإرتباط آل بدري بالأنصار واغلب مزارعي المشروع من الانصار ومرة اخرى وقف كمال ابراهيم بدري مع المزارعين واستقال من المشروع مضحيا بالمكافأة. وذهب لإدارة مشروع شاشينا خارج السوكي. والعم محمد صالح الشنقيطي كان اكبر الملاك. وبالرغم من هذا كان كمال يقف مع المزارعين. وكان يقف مع المزارعين في مشروع ام هاني الذي كنا نمتلك ربع اسهمه. ولم يرد كمال ان يكون مديرا للمشروع ومالكا في نفس الوقت. بل كان المدير شخصا آخر. يحاسبه المزارعون ويحاسبه اصحاب المشروع في سنة 1966 وانا في الاجازة ذهبت لزيارة كمال في شاشينا. وبعد اسبوع اردت ان ارجع الى امدرمان للأصدقاء فرفض كمال رجوعي لأن المطر كان قد تأخر والموسم كان مهددا. ولكن اليوم الذي وصلت فيه نزلت امطار غزيرة ووصل القطار متأخرا 8 ساعات . طالب المزارعين بعدم سفري وقلت لكمال هل تؤمن بهذه الخزعبلات. ورده كان ..نحن كإدارة يهمنا راحة المزارع في المقام الاول. واهم شيء راحة بال المزارع. وانحنا بندفع 50 و100 جنيه (وهذه ثروة ضخمة) للفكي البجيبو المزارعين . انا ما بأمن بالفكي وانزال المطر. و. لكن عشان المزارع يكون مرتاح. وده المهم . الفكي قال المطر حا يجي مع زول جاي من بعيد ، و انا كنت جاي من اوربا. . كل النيل على الجانبين كان محاطاً بالمشاريع الزراعية. وكان اي مشروع يزيد من 5 بوصة او 40 حواشة يكون تحت اشراف الحكومة. ويجب ان يكون فيه مزارعين وان يكون تحت سيطرة البنك الزراعي ولجان المزارعين. مدير البنك الزراعي قديما كان الوزير والإداري العظيم حماد توفيق. كان تحت يده المال وعشرات الملايين من الجنيهات. وكان يسكن في منزل بالإيجار في العباسية ملك لاحمد مالك ابوعكاز صهر عبدالخالق محجوب ووالد زوجته. حماد توفيق قد رفض لقب بك ومرتب البك من الملك فاروق لأنه لم يحب سياسته. وكان قد فاز في دائرة الحصاحيصا على ابن الدائرة الاستاذ عبدالرحمن علي طه. الاستاذ حماد توفيق كان اداريا رائعا ومهتما وكنت اشاهد مفتشي البنك في المشاريع الخصوصية يكتبون التقارير ويتصدون للمشاكل ويرفعونها لحماد توفيق. ذكر لي الاستاذ دريج محافظ دارفور انه بدأ حياته كقانوني شاب وسكرتير لوزير المالية حماد توفيق. وبعد سنين اتى حماد توفيق في نهاية عمره لكي يطلب من دريج وظيفة محاسب في احدى شركاته . كما اوردت قبل ذلك وفي كتاب حكاوي امدرمان فإن احد الاهل شاهد حماد توفيق وهو يحمل ترانسستور وهو داخل على محلات محمد علي حامد في المحطة الوسطى امدرمان وهو يمشي بدون سيارة فطلب من . الاستاذ حماد توفيق الانتظار لكي يوصله للمنزل. فرجع وسأل احد العاملين في الدكان وين الوزير؟. فلم يعرف الشخص الوزير حمادتوفيق (ياخ الراجل الجا يصلح الترانسستور . الرد كان ياخ الراجل ده جا يبيع الترانسستور) كما قال البروفسور التشيكي الادارة هي اهم شيء. واقول انا ان اهم شيء في الادارة هو الامانة . ومن المحن السودانية انها انتهت في زمن الإنقاذ... الانقاذ على درجة من السؤ , فإنه بالرغم من ما نرى امام اعيننا ونسمع بآذاننا نكذب اعيننا وآذاننا.. التحية ع.س. شوقي بدري.
|
|
|
|
|
|