|
الهَبَّة الحُسَيْنِيَّة أمام بَغْي الدَولَة الأُمَوِيَّة!!! بقلم: جمال أحمد الحسن
|
mailto:[email protected]@gmail.com بعد نهاية العهد الإسلامي الراشِد الأول، وبداية عهد القياصرة الأمويين،، بدأ الإسلامُ يترنَّح وأحكامه تشكي الضياع وأحاديث المُصطفى –المصدر الثاني من التشريع الإسلامي- تُنتَهَك،، ساد هرجٌ كثيرٌ ومرَج وظهرت فتَنٌ كمثل قطع الليل الدامِس.. ضاعت بعض ملامح الشخصية الإسلامية الأصيلة،، خرج الأمر بالمَعْرُوف والنهي عن المُنْكَر مُتخَفِّياً من سياط القياصرة الجُدُد و"لابِتاً" تحت هِبَاتهم وأُعْطِياتهم ولم يعُدْ إلا بعْد هذه الثورة الحُسَيْنِية المُباركة.. في قراءة سريعة لحال الأُمة الإسلامية في ذلكم العهد الأموي... نرى الآتي: - تحول نظام الحُكم الراشد إلى مُلْكٍ عضُوض.. وهُو ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. - عُطِّلَت بعض الأحكام الإسلامية التي هي من ثوابت هذا الدين.. كإلحاق زياد بن سُمية بأبي سفيان بن حرب!! - غَدْر معاوية بن أبي سفيان بالعهد الذي ارتضاه مع الإمام الحسن بن علي والذي بموجبه تؤول الخلافة بعد هلاك الأوَّل شورى بين المسلمين.. - ظهور بدعة سب الصحابة وآل البيت النبوي على المنابر فقد كان يُسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على منابر صلاة الجُمعة والجزاء الرادِع لمن لا يسبه ويتبرَّأ منه... ضاربين حديث الرسول الأعظم "بأن حُب علي إيمان وبُغضه نفاق" عرض حوائط قصورهم الكسروية!! - توريث معاوية الحكم لإبنه الفاسق يزيد وأخذ البيعة له ترغيباً وترهيباً!!! - القتل على الهَوَى!! ومعناهُ بالشُبُهات أو الكيْد السياسي كما يحدث الآن... وما قصة قتلهم للصحابي العابد الناسك حُجر بن عُدي وأصحابه الذين رفضوا التبرُّوء من الإمام علي وسبَّهم إيَّاهُ إلا دليلٌ على أن أمر دواعِش اليوم ما هُو إلاَّ إمتدادٌ لذلكم العهد الشاذ!! - الإستئثار بأموال المُسلمين وتوزيعها على ذوِي القُربى والمُتَمَلِّقِين للعائلة الأموية وحِرْمانِ كل من لم يتبرَّأْ من أمير المُؤْمِنِين علي وسبَّه.. - ظهور حالة غريبة من الخِنُوع والخوف الذي لم يكُن معهوداً من ذي قَبْل، وقَبِل كثيرٌ من الناس بالأمر الواقع الجديد من غيرِ رضىً،، إما خوفهم من سيف معاوية أو لهثهم وراء دُنياه الزائلة.. بعدما استكملت هذه المُعطيات دورتها في حياة المسلمين... واستكان الناس لهذا الظُلم الذي وصل مداهُ عندما نقض معاوية عهده مع الإمام الحسن بتولية أمر المسلمين لإبنه الفاسق يزيد –كما وصفه الحسن البصري- في دولةٍ بها عدد من الصحابة البدريين والرضوانيين وأئمة الهُدى مثل الحُسين بن علي، عبد الله بن العباس، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الله بن الزبير، عبد الرحمن بن أبي بكر وغيرهم من كبار الصحابة والصُلحاء!! هُنا قال الحُسين لا،، كما قالها الكثيرون غيره،، إلا أنه أتبع قوله عملا وهادن غيره فيمن استكان!! هاجر بدينه إلى مكَّة المُكرَّمة بعد أن جاء الأمر اليزيدي لعامله بالمدينة أن أعرِض البيعة على الحُسين وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر فإن رفضُوا فاضرب أعناقهم!! بكُل بساطة!! فتوالت عليه رُسُل أهل العراق أن أقدِم إلينا.. فلم يُجِبهُم إلا بعد إستلامه لأكثر من عشرين ألف بيعة من أهل الكُوفة... فأرسل إليهم إبن عمه مُسلم بن عُقيل، ليستجلِي أمرهم... فغدَرُوا به وأسلمُوه إلى عُبيد الله بن زياد فقتله شر قتلة وصلبه على قصر الحُكم واستعمل السيف والدرهم والدينار لنقض بيعة أهل الكُوفة للإمام الحُسين... وقد أفلح لحدٍ ما في ذلك.. سار الإمام الحُسين في الشهر المُحرم من العام 41هـ قبل أن يصله خبر غدر القوم بابن عمه وتسليمه لابن زياد... وقابله في الطريق الشاعر الفرزدق حاجاً.. فسأله من الأمر هُناك... فقال له قولته المشهورة: "أن أهل العراق قلوبكم معك وسيوفهم عليك يا ابن رسول الله"!! واصل مسيرته المُبَاركَة إلى أن وصل كربلاء وجرى ما جرى من غدر القوم به وحدثت أبشع مجزرة في تاريخ الإسلام الأول وهي معركة الطَّف المشهورة في تاريخنا الأسود،، فقد ساء ما خلف بنو أُمية النبي في آل بيته... قتلوا الإمام الحُسين وآل بيتهم عَطْشى والفرات يجري بجوارهم سلسبيلا... وسِيقَت بنات النبي الأعظم سبايا لابن زياد وطاغيته الذي بالشام!! فيا شقاوَة من كان خصمه النبي الأكرم يوم القيامة في دماء أهل بيته!! وفي ذلك يقول الشريف الرضي: اين عنكُم للَّذي يرجو بِكُمْ .. مَعْ رَسُولِ اللَّهِ فَوْزاً وَنَجَا يوم يغْدُو وجْهَهُ عنْ مَعْشَرٍ .. مُعرِضاً مُمْتَنِعاً عِندَ اللّقَا شاكياً منْهُم الى اللهِ وهَلْ .. يُفلِحُ الجِيلُ الّذي مِنْهُ شَكَا رَبّ! ما حامَوْا، وَلا آوَوْا، وَلا .. نَصَرُوا أهْلي، وَلا أغْنَوْا غَنَا بَدّلُوا دِينِي، ونَالُوا أُسرَتي .. بالعَظيماتِ، وَلمْ يَرْعَوْا أَلَى نَقَضُوا عَهدي، وَقَدْ أبرَمْتُهُ .. وَعُرَى الدّينِ، فَما أبقَوْا عُرَى حرمي مستردفات وبنو .. بِنْتِيَ الأدْنَوْنَ ذِبْحٌ للعِدَى اترى لَسْتُ لدَيْهِم كامرئٍ .. خَلَفُوهُ بِجَمِيلٍ اذْ مَضَى رَبّ! إنّي اليَوْمَ خَصْمٌ لَهُمُ .. جئت مظْلُوماً وذَا يومُ القَضَا بعد هذه الملحمة الحُسينية التي كسرت حاجز الخوف من قلوبٍ قد هانت واستكانت للظلم الأموي وفُتِحَت من ذلكم اليوم بعض نوافذ الأمل إلى عهدٍ جديد ينتهي بأحكام الجُور والظلم والعصبية... وتبدأ منه براحات الشُورى وحكم العدل ودولة القانون.. ولكن يظل عجبي لأهل الرأي في بلاد المُسلمين ترك مثل هذه المسيرة الحُسينية يلطُم ويبكي عليها بعض الشيعة من أزمانٍ غابرة إلى اليوم من غير أن تُنصب لها الندوات وتُنثر حولها الدراسات كأن هذا السيد الهاشمي يخص فقط طائفة معينة من أهل القبلة!! أرجو من الإخوة الأكاديميين وأهل السياسة والقانون ودور النشر فرد مساحات كافية لدراسة هذه الوقعة التي غيَّرَت كثيراً في تاريخنا الإسلامي القديم بعيداً عن بعض الكتابات التي تتبنَّى فكراً أُحادياً إقصائياً أو نفقاً طائفياً مُظلماً يفضِي بها إلى طريقٍ مسدود..
من أوصافِ أهل الله وخاصَّته: هُم الواصِلُون بِالحَبْلِ، والبَاذِلُونَ للفَضْلِ، والحَاكِمُونَ بِالعَدْلِ..
# الإمام أبو نعيم الأصبهاني
|
|
|
|
|
|