|
داعش في السودان فكرٌ آمن وفعل ٌ كامن صلاح الدين مصطفى
|
OCTOBER 11, 2014
الخرطوم – «القدس العربي»: ظهورمجموعة من الشباب في الخرطوم يهتفون دعماً لتنظيم «داعش» أحدث تحولا في التعامل مع هذه الجماعة، قبل أن يظهرالسودان ضمن خريطة مفترضة تضم حدود الدولة العالمية. وبدأت الأمور تتطور بسرعة بعد أن أعلن زعيم إحدى الطوائف الدينية تأييده بشكل واضح «للدولة الإسلامية في العراق والشام» التي تختصر «بداعش» وبدأ يروّج للفكرة بمسجده. لكن سلطات الأمن سارعت باعتقال إمام وخطيب مسجد المعراج بمنطقة الطائف شرقي الخرطوم د. محمد عبد الله الجزولي الذي أيّد التنظيم وبدأ يروّج له، ثم هاجم حكومة البشير في خطبة ملتهبة تحت اسم (هذا أو الحريق)، حدد فيها ست نقاط قال إنّ على الرئيس تنفيذها فورا أو انتظار الحريق، لكن اطلق سراح الجزولي فيما بعد ولم يخرج من صمته حتى الآن. وفاجأت جماعة «داعش» السودانيين بنشرها خريطة لدولتها المرتقبة، وتشمل الخريطة ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا، تمثل جميعها إحدى عشرة ولاية، ويتبع جزء من السودان لمصر التي سميت بأرض الكنانة، بينما تم ضُّم الجزء الجنوبي منه للحبشة. الشباب صغار السن هم الهدف الأساسي لهذا التنظيم، وسبق أن أوقفت السلطات السودانية مجموعة منهم فيما عرف «بخلية الدندر» وكانت مجموعة تتكون من32 شاباً تتراوح اعمارهم بين 19-22عاما، تتدرب على استخدام الأسلحة في حظيرة الدندر»المغلقة» عازمة على الجهاد في مالي وسوريا والصومال. وقال مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق محمد عطا المولى إن الخلية المتطرفة التي أوقفت في محمية الدندر كانت تنوي استهداف شخصيات سياسية سودانية وأجنبية في الداخل. شباب السودان شاركوا في العمليات التي تدور في سوريا والعراق، بل كان بعضهم في موضع القيادة. ففي يوم الأربعاء 7 ايار/مايو الماضي قُتل الشاب السوداني مازن محمد عبد اللطيف واحتسبته المواقع الإلكترونية الجهادية ومواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر شهيدا، واعتبر مازن المولود في منتصف عام 1995م، من أبرز الشهداء لصغر سنه وكان قائدا لسرية عسكرية. وتواترت الأنباء التي تصدر عن التيار السلفي الجهادي عن مقتل الشاب السوداني مدثر جمال الدين وهو خريج كلية الهندسة بجامعة السودان، وأبو حمزة القناص، ومدثر تاج الدين الذي قتل بمالي. وفي شهر تموز/يوليو الماضي هاجمت جماعة «أنصار السنة المحمدية» في السودان، حركة «داعش» ووصفتها بأنها حركة شيعية لا وجود لها بالسودان، ولا يوجد لها اتباع فيه، لكن بعد عشرة أيام فقط أيدت جماعة «الاعتصام بالكتاب والسنة» التي انشقت عن جماعة الاخوان المسلمين في السودان في عام 1991 الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام ووصفت ما تقوم به «داعش» بالعمل الصالح، معلنة تأييدها ونصرتها لهذه الخطوة التي وصفتها «بالمباركة». وعلى صعيد حشد الأنصار، تلاحظ وجود تيار وسط شباب الجامعات يدعو للإنضمام لهذا التنظيم، ويقول أمير عادل وهو طالب في كلية الهندسة في جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا، إن الدعوة تتم عبرصفحات الفيسبوك أولا، مشيرا إلى أنه تلقى العديد من الدعوات بشكل مباشر أو عن طريق الفيسبوك . وأضاف أمير، الذي رفض بشدة قبول هذه الدعوات، أن بعض الشباب يستجيبون ويتم تجميعم في مسجد مشهور بمنطقة جبرة، لكنه قال إنّ «التجنيد» حتى الآن لم يتعدّ طور الدروس الدينية ونفى علمه بوجود تدريب عسكري. ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبدالله رزق، أنّ البيئة السياسية والفكرية والإجتماعية والاقتصادية في السودان تمثّل عوامل مواتية لظهور «داعش» وغيرها من الحركات الإسلامية التي تنتهج العنف لتحقيق أهدافها. ويقول إنّ هنالك العديد من الإرهاصات مثل التأييد العلني للجماعات المتشددة ومنها تنظيم «القاعدة» عبر التظاهرات المحمية بالغطاء السياسي وكذلك العنف الذي يتم تحت ستار ديني «على حد قوله. مشيرا إلى أنّ طبيعة نظام الإنقاذ تساعد على وجود مثل هذه التيارات، وضرب العديد من الأمثلة، منها الحادثة التي تعرض لها رئيس تحرير صحيفة «التيار» عثمان ميرغني قبل أشهر والتي تبنّتها مجموعة سمت نفسها «جماعة حمزة» وهي تحمل نفس جينات «داعش» وأشار رزق إلى «خلية الدندر» التي اشتبكت بالسلاح مع قوات الأمن وقبلها حادثة اغتيال الدبلوماسي الأمريكي قرانفيل والذي تبنّته جماعة متطرفة تحت غطاء ديني. ويخلص عبد الله رزق الى إمكانية وجود «داعش» في السودان ويقول: «من واقع ما هو جوهري، أي استخدام العنف بتبرير ديني، فإن «داعش» موجود في السودان، لكن الإختلاف الوحيد أنه في سوريا أو العراق يوجّه عنفه نحو السلطة في المقام الأول، أما في السودان فهو يتماهى مع السلطة السياسية التي تعتمد العنف وسيلة لها تحت غطاء الشعارات الدينية، وهو ما فعلته الحكومة السودانية بانقلابها واستيلائها على السلطة بالقوة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي بحجة إقامة شرع الله، ولذلك فإن الفعل «الداعشي» موجود وكامن ويظهر متى ما دعت الحاجة إليه، ومؤخرا بدأ المؤتمر الوطني يستخدم هذا الأسلوب حتى لتهديد وتصفية الخصوم داخل الحزب نفسه، كما حدث مؤخرا في دارفور، حيث أصدرت جماعة متطرفة بيانا هددت فيه بحرق مدينة الفاشر إذا لم يفز عثمان محمد يوسف كبر، وهو الوالي الحالي، في الإنتخابات المقفولة أصلا للمؤتمر الوطني وحده. ويقول الدكتور نصر الدين إدريس المتخصص في علم النفس السياسي والمحاضر في جامعة إفريقيا العالمية، إن ظاهرة التشدّد والغلو في الدين موجودة منذ القدم، لكنها تظهر حسب تقلبات البيئة الاجتماعية والسياسية، ويرى أن السودان يختلف عن سوريا والعراق، حيث لا يوجد تنوع طائفي حاد ولا إنقسام مثل الذي يحدث بين السنة والشيعة، وأشار الى أن ما يوجد في السودان هو تنافس في العبادة، خاصة بين الطرق الصوفية التي تشكل حجر الزاوية. ويشير إلى بعض الحوادث الفردية والتي حدثت في نطاق ضيّق، وأوضح أن مسألة التشدّد والغلو في الدين هي حالة نفسية تتأثر بطبيعة شخصية الفرد التي تنشأ على أساس البُعد المعرفي والإنفعالي «الصراع بين العقل والعاطفة» وخلُص الى أنّ مثل هذه الحالة لا تتوفّر في السودان، وأرجع ذلك إلى مستوى الوعي لدى العامة والوسطية التي يتمركز فيها إسلام السودانيين. ويضيف الدكتور نصر الدين: «إيُّ ظهور محتمل لهذه الأفكار في السودان، يظل محدودا ومرفوضا ومنبوذا من قبل المجتمع، لكن في النهاية لابد من الإشارة إلى ما يحدث من صراع سياسي وأجندة عالمية تحاك وتعمل على صناعة الفكر المتشدد في البلدان العربية، بمعنى أن هناك نشاطا وسط الجماعات الإسلامية يقود للتشدد، كما أن هناك أفعالا استخباراتية تشعل هذا الفكر وتقذف به وسط الجماعات الإسلامية» .
صلاح الدين مصطفى
HTTP://WWW.ALQUDS.CO.UK/?P=233518HTTP://WWW.ALQUDS.CO.UK/?P=233518
|
|
|
|
|
|