|
هل تغادر الاعياد .. أم نغادرها
|
* الاعياد مواسم مواعيدها بحكم الشرع الاسلامي كعيدي الفطر والاضحية وكثير اعياد لديانات اخر ولمواسم الزرع والحصاد وللامهات والاباء ولصرخة المولود واعلانه فردا جديدا في الاسرة .. واعياد للسلطات العليا الحاكمة وللاوطان واستقلالها وانفكاكها من حكم الاجنبي الذي قد يكون جسم على قلبها وسلب مقدراتها ونكس اعلامها واهان انسانها.. واعيادا للعمال وانعتاقهم من التسلط والسخرة والاذلال .. وهكذا تتدفق المسميات تختلف او تتشابه لكنها قطعا اعياد تأتي للجميع في ايام معدودات وسعيد الحظ من يقف عندها ليقرف من معينها ويغسل دواخله من رحيقها . * بالامس ودع المسلمون في مشارق الارض ومغاربها " عيد الفداء " وغادر الحجيج الديار المقدسة عرفات والمنورة مدينة المصطفي ومكة المكرمة خير بقاع الارض .. صحيح انهم عادوا باجسادهم التي تبللت عرقا تحت لباس الاحرام وبعيدا عن زيف الحياة الحضرية ورباطات العنق الحريرية والجلباب العربي ناصع البياض والافريقي الملون الفضفاض التي تعجز الاكتاف عن حمل اطرافه فتتبادل الايادي النحيفة اعادته لوضعه تماما كغترة الخليجي يحسن هندامها يمينا فاذا بيسارها تتدلى فيلاحقها ليحافظ على " كشختة " وكعمامة يصل طولها لخمس امتار بالتمام والكمال يعتمرها " الزول " دون ان تسبب له وجع رأس او ضجر من حمولتها .. تشابه بعضها زهور اينعت وحان قطافها او رؤوس فارغة كادت تنفجر . * الاعياد كمثيلاتها الازياء الشعبية والتراثية التقليدية تتنوع وتختلف مواقيتها وطريقة الاحتفاء بها رقصا او مغنى او صمت ودموع وتزلف للعلي القدير والتقرب بنحر الاضاحي وغسل الجوانح من كل اثم فيرجع الحاج كيوم ولدته امه إلا من رهق السعي بين جبل الصفا والمرؤة والتدافع لرمي الجمرات جاهدت ارض الحرمين باقصى امكانياتها واستدعت احدث فنون الهندسة المعمارية ودون الاخلال برسمه ومكانه وفلسفته فذللت المسارات وجعلته سهلا ميسرا جزاهم الله خيرا . * كثير اعياد تغادر سريعا وربما قبل ان تبدأ ولكن عيد الفداء يبقى عالقا في الوجدان لارتباطه بفريضة الحج .. وتظل زيارة الاراضي المقدسة حلما يراود من عاشه ومن لم يناديه المنادي بمعنى ان القلوب تظل عالقة بالامكنة حتى تتيسر السبل لـ " حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا " ومع تسابق الفضائيات لنقل حركة حجيج الرحمن تتفتح مكامن الذكريات وتتعلق الانفس بتلك البقاع وهي مشاعر لا تموت بالتقادم ومرور السنين . * احسبه العيد الوحيد الذي يهاجر له من بقاع الارض ويأتونه فرادا وجماعات ويرجعون مثقلين لاهاليهم وجيرانهم وصغارهم بالهدايا والحكايات المدهشة فذاك قبل الحجر الاسود واخر وقف اعلى قمة عرفات وساح بارجاء حرمها .. واخر استنشق رزاز ماء صناعي يتدفق فيرطب الاجساد النحيفة فيحسبها البعض سخاءا رخاءا من رب العباد تماما كذلك الحاج الذي استدلينا به قبل سنوات للوصول لجبل عرفات فاذا به يشير لبرج ارسال فضائي فصححنا معلوماته وسار معنا لاقرب بقعة مباركة وقف بها الرسول الكريم ودموعنا تتمازج وذلك الرزاز العطر الذي يمنح النشوة والحيوية بما يعادل سيل الدعاء المنهمر بارك الله جهد القائمين على امر حجيج بيت الله الحرام وحجا مبرورا وسعيا مشكورا . عواطف عبداللطيف Awatifderar1Gmail.com
همسة : دعوا الاعياد تغادر .. ولكن لا تغادروا محطاتها فهي الغسول والبلسم
|
|
|
|
|
|