|
الصادق المهدي .. غفلة في زمن الشيخوخــة بقلم : عمر قسم السيد
|
يعتبر زعيم الأنصار الإمام الصادق المهدي من القيادات الوطنية التي يشار إليها بالبنان ، وهو كذلك زعيم ديني وسياسي له تاريخ من الاجتهادات في كثير من المجالات ، وله صولات وجولات وعلاقات اجتماعية واسعة ، كذلك علاقات خارجية وطيدة ببعض زعماء الدول العربية والإفريقية ، كما انه يتميز بأسلوب خطابي – فريد – استفاد فيه من إرثه الثقافي السوداني ، واطلاعه على ثقافات المجتمع السوداني ! لا تخلو مواقفه السياسية من التردد وعدم الصبر واستعجال النتائج ، قد يختلف الناس أو يتفقوا معه ، ولكن في كل الأحوال يحفظون له مساحة من التقدير كغيره من القيادات الوطنية ، لكن ذلك لا يمنع ان يتم الاسترجاع وإمعان النظر والدراسة والتقييم لبعض مواقفه كشخصية عامة آلت على نفسها تحمل ضريبة العمل العام ! وتثار عدة تساؤلات حول دوافعه ومبرراته الحقيقية لتوقيع اتفاق باريس مع قيادات الحركات المتمردة التي – تهدد الأمن والاستقرار بنشاطها العسكري في بعض المناطق السودانية ( النيل الأزرق وجنوب كردفان ) ماذا يريد الصادق من هذا الاتفاق ؟ عدة أسئلة تدور في الخاطر ! لماذا فعل الصادق ذلك ؟ هل حدث في حالة غفلة ( في زمن الشيخوخة ) ولم يراع كل تاريخه وسمعته ومستقبله وهو قد – تجاوز السبعين عاما – ليضع نفسه " كومبارس " وسط مجموعة قيادات الجبهة الثورية ! برّر الإمام – فعلته - بأنه فعل ذلك ليقطع الطريق على الإدعاءات عن دعوات عن الانفصال ، فليس هذا مقنعاً بما فيه الكفاية ، لأنه لا يمكنه ولا قيادات الحركات أن يثبتوا أن هنالك مناداة حقيقية قد أثيرت لهذا الغرض ، وما يتحدث عنه الصادق ما هى الا حالات شاذة لن تجد تأييدا يشجع على التخوف منها بالقدر الذي يقنع بأنه كاف للخطوة التي اتخذها " حضرة الإمام " ما ورد عن حديث الصادق عن تحويل منهج ومواقف واولويات هذه المجموعة – المتمردة - من الحرب الى المفاوضات والسلام ، ذلك لا يوجد ما يسنده ، ولا توجد دلالات ومؤشرات تؤكده ، بل لا يستند على السلوك التاريخي لهذه القيادات ، فالصادق لم يرد في الأخبار انه جلس مع هذه المجموعة في مفاوضات لإقناعها ، ولم يقدم لها ضمانات .. لماذا وافقت واتفقت معه بهذه السرعة والسهولة ؟ وسبق ان قال عنه ياسر عرمان ( ان مواقف الصادق المهدي لا يمكن الاطمئنان إليها .. لكننا لا نتركه للحكومة ) ما ورد عن وقف العدائيات لم تطرحه قيادات الحركات الان في اتفاق باريس مع الصادق المهدي ، فالمجتمع الدولي والرأي العام في الداخل والخارج يعلم ان هذا الأمر قد طرحه وفد قطاع الشمال في مفاوضات اديس لغرض – عرقلة - وإعاقة الوقف الشامل لإطلاق النار مع الترتيبات الأمنية وتنفيذ الاتفاق الإنساني الثلاثي لإغاثة وتقديم العون للمتضررين من الحرب الذي طرحه وفد الحكومة ، ولكن وفد قطاع الشمال رفض ذلك ، وأعاق استمرار المفاوضات ! انه بسبب رفض هذه القيادات التي وقع مع الصادق المهدي – اتفاق باريس – انشقت عن حركات دارفور " عشرون حركة " تزعمتها قيادات إنحازت لخيار السلام ، من هذه الحركات أربع تحولت الى العمل والنشاط السياسي ، وفي فبراير 2014 نظمت البعثة المشتركة في دارفور ( اليوناميد ) في الفاشر ورشة التشاور الداخلي ، شاركت فيها اكثر من 70 من آليات المجتمع المدني ومراكز البحوث ودراسات السلام في دارفور ، فهل بعد رفض قيادات الحركات لذلك كله ياتي الصادق المهدي ليقول انه في ساعات اقنع هذه القيادات على التراجع عن العمل المسلح والجنوح للسلام ؟ بهذه السهولة يقنع المجتمع الدولي والمواطن والرأي العام في السودان ! أين ميثاق التجمع المتحد الذي أعلن عنه الصادق المهدي قبل ان يغادر الى باريس ؟ لماذا تنازل عنه بهذه السرعة ، وعجز عن إقناع قيادات الحركات المسلحة بجدواه ! ام هذا هو منهج الصادق – كثير الكلام قليل الثبات على المواقف – أين مؤسسات الحزب ؟ هل ما زالت تبصم على كل ما يقره الصادق وابنه ! لماذا يروج المهدي ويحشد الراى العام لرؤى الحركات المسلحة ويتنازل عن مواثيقه التي يبثها وسرعان ما يتنازل عنها ، وبمن سيتصل بعد ان اتضح ان الاتفاق لم يظهر له تأييد رسمي أواقليمي ودولي ، اذن المخاطر على الوطن تتشكل عندما يستهدف الاستدراج القيادات والزعماء . كشفت وسائل الإعلام " الانترنت " المستور ، ليتضح ان الخطوة تمت بمبادرة من الاتحاد الاوربي بناء على دعوة لوفد من الجبهة الثورية في يوليو 2014 حول مستقبل التسوية السلمية في السودان ، في محاولة لتوحيد المعارضة بشقيها السياسي والعسكري ، شاركت في هذه اللقاءات مريم الصادق المهدي ممثلة لحزب الامة ، بالإضافة لصديق الهندي ورئيسة حركة حق ، وتم الاتفاق لعقد مؤتمر لتوحيد المعارضة السودانية ، وحينها أبدت فرنسا وهولندا رغبتهما لاستضافة وتنظيم المؤتمر ، وقد تم الاتفاق على عقده في نهاية اغسطس من هذا العام ، كما أبدت منظمة بحثية استعدادها للإشراف وتنظيم المؤتمر ، لكن تعذر انعقاد المؤتمر حسب ما هو مرتب له ، ويتضح كذلك ان مغادرة المهدي الى فرنسا والتوقيع على اتفاق باريس قد لعبت فيه ابنته مريم دورا كبيرا بالتنسيق مع قيادات الجبهة الثورية للتغطية على فشل ذلك المؤتمر بسبب الخلافات بين هذه القيادات ! هناك جانب مرتبط بالصراعات داخل حزب الامة القومي لها صلة بالدوافع والاستعجال لتوقيع هذا الاتفاق فيما يتعلق بموقف الصادق وابنته مريم بعد ان تمت إعادة تشكيل الامانة الجديدة للحزب التي آلت لسارة نقد الله وتم إقصاء د. ابراهيم الامين الذي ظل يعلن معارضته للحكومة ويدعو لرفض الحوار الشامل ، كذلك عودة مبارك الفاضل إبان اعتقال وإطلاق سراح الصادق ، كلها مؤشرات للصراع حول خلافة الصادق وهى جزء من مكونات القضية والموقف ، وأخرها متعلق بمحاولات مريم لإثبات زعامتها للحزب وإيجاد قبول وسط مكونات الساحة السياسية ، وهى تعلم انها عن طريق المشاركة مع الحكومة والمؤتمر الوطني سيكون حظها ضعيفا مع اخوة لها لهم طموح لا يقل عنها ولكنهم أكثر عقلانية في مواقفهم ورؤاهم ، كما انها تعلم ان حزبها لن يحظى بقبول مع شروط والدها التي يطالب فيها بهيكلة التحالف الوطني تمهيدا ليكون تحت قيادته وإبعاد فاروق ابو عيسى الذي يعني إضعاف دور الحزب الشيوعي .
|
|
|
|
|
|