|
أول الفوج.. (تكدس)/الطاهر ساتي
|
:: قبل ثلاثة أشهر، أسهبنا في نشر بعض ملامح عجز الإدارة وفشلها بشركة الخطوط البحرية السودانية التي ظلت تمتلك في عصرها الذهبي - قبل عشرين عاماً - ثاني أكبر أسطول بحري في أفريقيا والعالم العربي (15 باخرة)، ولم تعد تمتلك اليوم غير الباخرة (دهب) المشتراة بنظام التقسيط من الملاحة البحرية المصرية قبل أشهر.. ويوم توقيع عقد شراء الباخرة (دهب)، قالت إدارة الشركة إنها (باخرة جديدة)، بيد أن سيرتها الموثقة في أرشيف الملاحة المصرية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها مصنوعة في العام (1986)، أي يساوي عمرها أعمار بعض البواخر السودانية التي تم بيعها وهي تعمل، ولكن كـ(إسكراب)، والباخرة (النيل الأزرق) نموذجاً.. باعوها - كخردة - بالطن، فأبحرت بالمشتري!. :: والمهم.. شاء القدر أن تشارك شركة سودان لاين - بتلك الباخرة اليتيمة - في عطاء نقل حجاج هذا العام إلى المملكة العربية السعودية، وكان الحصاد كما نقلها زميلنا المجتهد بالبحر الأحمر، عبد القادر باكاش، بعدد البارحة ما يلي نصاً: (تكدس المئات من ركاب الباخرة (دهب) بالميناء، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بعد تعذر سفرهم لأن عدد الركاب أكبر من سعة الباخرة، وأن فترة تأشيرات دخول بعض الركاب إلى السعودية أوشكت على الانتهاء، وتجاهلت الشركة أمر المكدسين وتركتهم في العراء)، هكذا حال ركاب الباخرة اليتيمة!. :: والأدهى والأمر، ليس فقط في عدم حجز الشركة للركاب حسب سعة باخرتها الوحيدة، بل إن تذاكر هذه الباخرة تُباع في (السوق السوداء)، أو هكذا الضوابط الإدارية بشركة سودان لاين.. قيمة التذكرة بمكاتب الشركة (420 جنيها)، ولكن قيمتها في السوق السوداء، وهي الرائجة، تتجاوز (1.200 جنيه).. كيف - ولماذا - تدخل تذاكر هذه الباخرة الوحيدة إلى السوق السوداء؟، فالإجابة بطرف المفسدين وحدهم.. ثم اقرأ ما يلي بكامل الدهشة: (حصول الراكب على التذكرة لا يعني تأكيد الحجز، وأن هناك وكالات ارتكبت مخالفات في بيع التذاكر)، أو هكذا يبرر مدير إدارة التشغيل بالشركة (فشلهم الإداري).. فالوكالات لا تمنح الراكب التذكرة بغير علم الشركة و(سعة باخرتها)، ولا تحجز للراكب بلا تنسيق مع الشركة وجدول (سفريات باخرتها)، أي هي ليست بجزر معزولة عن إدارة الشركة وباخرتها الوحيدة.. وإن كانت كذلك، فإن الشركة هي التي لا تتقن حتى إدارة (باخرة واحدة)!!. :: وإلى متى سوف يستمر تكدس ركاب الباخرة دهب وافتراشهم أرض الميناء؟، فالإجابة على لسان مدير إدارة التشغيل: (نتوقع انتهاء الأزمة خلال الأسبوع الجاري، فالباخرة غادرت إلى جدة يوم السبت وسوف تعود لتنقل يوم الاثنين ثمانمائة راكب)، أي على الركاب افتراش الأرض لحين عودة تلك الباخرة الوحيدة.. وإن لم تعد هذه الباخرة لأي طارئ، من أعطال وغيرها، سوف يتواصل التكدس وافتراش الأرض.. فالسؤال في موقف هكذا لسلطات الحج والعمرة، كيف فازت شركة لا تملك غير باخرة - واحدة فقط لا غير - بحصة من ضيوف الرحمن؟، وهل يُعتبر هذا شرطاً من شروط الكفاءة؟.. وليس في الأمر عجب، هكذا السودان ودائماً ما يُدار فيه الشأن العام بهذه (اللامبالاة)!!.
|
|
|
|
|
|