|
برنامج خماسي..!!/إليكم - الطاهر ساتي
|
بلغ حجم الاستثمار السوداني بإثيوبيا (2,4 مليار دولار)، وتم تصنيف السودان كثاني أكبر استثمار أجنبي بإثيوبيا، أي بعد الصين مباشرة.. ومع ذلك، لا يزال الدكتور بدر الدين محمود، وزير المالية السوداني، يتحدث عن جذب الاستثمار الأجنبي إلى السودان عبر المسمى بالبرنامج الخماسي.. وهذا البرنامج الاقتصادي المتواصل منذ عهد الوزير السابق علي محمود فريد من نوعه، ويجب تدريسه لطلاب الاقتصاد وأساتذتهم ليحتاروا (أكتر من كده).. فالبرنامج الخماسي لا يتوانى عن طرد الاستثمار السوداني إلى إثيوبيا، وكذلك لا يستحي من تقديم طلب الدخول إلى الاستثمار الأجنبي.. فأي نهج اقتصادي هذا الذي يطرد المال الوطني إلى إثيوبيا وغيرها ثم يستنجد بالمال الأجنبي؟، وهل المال الأجنبي بهذا الغباء، بحيث يدخل دياراً يفر منها (مالها)؟. :: والمهم، في إطار هذا البرنامج الخماسي، يبدو أن الوطن والمواطن على موعد آخر مع المزيد من المعاناة و(ضنك العيش).. فالغلاء حالياً تجاوز طاقة المواطن، وكل يوم تشهد أسعار السلع ارتفاعاً، فبدلاً عن بحث أسباب هذا الغلاء وإزالتها، يؤكد وزير المالية -وهو يخطاب صباح أمس مؤتمر القطاع الاقتصادي للحزب الحاكم- أن الحكومة تمضي قدماً في سياسة رفع الدعم عن السلع، أي وكأن ما تم رفعه في سبتمبر الفائت لا يكفي.. ثم تحدث وزير المالية عن الإصلاح الضريبي والجمركي بغرض (زيادة الإيرادات)، وهذا المسمى بالإصلاح الضريبي والجمركي حين يأتي متزامناً مع الرغبة في زيادة الإيرادات، يعني أن الضرائب والجمارك على موعد مع المزيد من (الزيادات).. وبالتأكيد كاهل المواطن وحده هو المنوط به تحمل (زيادات الجمارك والضرائب). :: هكذا البرنامج الخماسي بالسودان، برنامج سياسته تركز على تهجير الاستثمار الوطني إلى إثيوبيا، ثم ترفع الدعم عن السلع مع زيادة الجمارك والضرائب عاماً تلو الآخر، أي معاناة المواطن هي (مورد الدولة).. وهناك بنك تنمية إثيوبيا ينشئ صندوقاً قرضياً ليقرض المستثمرين بما قد يصل (70%) من جدوى تكاليف المشروع، ثم يخطط لتخفيض رأس المال الاستثماري من (200 مليون دولار) إلى (3 ملايين دولار فقط لا غير)، وذلك لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، بما فيها رأس المال السوداني. إثيوبيا تجذب الاستثمار الأجنبي بالحوافز، وبلادنا تطرد -حتى الاستثمار الوطني- بالبرنامج الخماسي.. ليبقى المواطن هو (المورد الأساسي)!. :: والمؤسف في الأمر أن الذين أوصلوا اقتصاد البلد إلى هذا الدرك، هم الذين يتحدثون عن المستقبل والبرنامج الخماسي.. لا جديد في مؤتمر القطاع الاقتصادي، فالوجوه هي ذات الوجوه، والعقول هي ذات العقول، ولذلك ليس بمدهش أن يراهنوا على (رفع الدعم) و(الجمارك والضرائب)، وهذا وذاك من الحلول السهلة التي ليست بحاجة إلى (عبقرية).. لم ولن يسألوا أنفسهم عن الأسباب التي طردت -إلى إثيوبيا- استثماراً سودانياً مقدراً بـ(2.4 مليار دولار).. ولم ولن يسألوا عن الأسباب التي أسست بإثيوبيا أكثر من (800 شركة سودانية).. هم ذاتهم، وليس غيرهم (الأسباب).. ومع ذلك يحتشدون في مؤتمرهم ويتحدثون عن المستقبل، وكأنهم لم يخربوا (الماضي والحاضر)!.
|
|
|
|
|
|