|
رواتب الموظف "أبو فراس الحمداني" د. فايز أبو شمالة
|
نعيب على حركة حماس في موضوع الرواتب والصدام الذي احتدم أمام البنوك ما أعابه النقاد على الشاعر العربي والفارس الأسير "أبي فراس الحمداني" حين قال: معللتي بالوصل والموت دونه إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر فكيف تدعو أيها العاشق على العشاق بالحرمان من الوصل مع خلانهم طالما أنت محروم؟ وكيف تنادي بجفاف حياة العاشقين العاطفية طالما أنت ظمئ للحبيب؟ إن هذا السلوك لا ينسجم مع أخلاق القائد الفارس الأسير، ولاسيما أن الناس قد احترمتك يا أبا فراس الحمداني لأنك عنوان التضحية، والناس تبعت خطاك لأنك مقدام ومقاوم، والناس يا شاعرنا حفظت أقوالك ومآثرك لأنك مثلت لهم القدوة في المغرم، ولا ترتضي أن تراك مزاحاً لها في المغنم، فكيف لو كنت معيقاً لصرف راتب آخر الشهر الذي ينتظره الموظف وأخيه، وزوجته وبنيه، وأمه وأبيه، وينتظره الجيران، وينتظره البقال وبائع السمك والحلاق والسائق والمزارع. إن مأساة الأوضاع في قطاع غزة لا تكمن في رواتب الموظف الذي يرث، والموظف الذي لا يرث، ولا هي في الموظف نفسه الذي ضيقوا عليه منافذ حياته، وحشروه في وظيفة أقل من كفاءته وأدنى من طاقته، مأساة قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطين كلها تكمن في الوضع السياسي العام، وتنصب بالتحديد على اتفاقية أوسلو التي حولت ألاف العمال والحرفيين الفلسطينيين المبدعين إلى موظفين منتظرين آخر الشهر كي يسددوا ما صرفوه أول الشهر. من حق موظفي قطاع غزة تسلم رواتبهم في موعدها، ومن واجبات حكومة التوافق الوطني تسليم رواتب الموظفين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية، فالراتب حق مقدس للموظف، والوظيفة عقد قانوني بين الموظف وبين الجهاز الحكومي، وبغض النظر عن مسمى رئيس الحكومة، وعن الحزب الذي يمثله، ويكفي في هذا المضمار أن نستشهد بالشهيد "أبو عمار" الذي اعتمد الموظفين الحكوميين الذين خدموا في زمن الاحتلال الإسرائيلي، دون أن يلغي الدرجات الوظيفية التي منحها الحاكم العسكري الإسرائيلي لبعضهم بشكل استثنائي. كان بمقدور رئيس حكومة التوافق الوطني الدكتور رامي الحمد الله أن يطمئن عشرات ألاف الموظفين في قطاع غزة على مستقبل أبنائهم، وأن يعمل يد بيد مع كل الأطراف لحل المعضلة التي تمس حياة نصف الفلسطينيين بشكل مباشر. وكان بمقدور من أعاق صرف الرواتب أن يعبر عن غضبه بأشكال أخرى لا تمس حياة الموظف، الذي يمثل هو وزوجته، وأبناؤه ذخراً استراتيجياً للمقاومة، وعنواناً للصمود. كان بمقدور ألاف الموظفين أن يعتصموا أمام مقر المجلس التشريعي، أو أن يعتصموا في الساحات العامة في مدن قطاع غزة، وكان بإمكانهم إغلاق بعض الطرق، وإعاقة تسلم الوزراء لوزاراتهم، على أن يأتي ذلك بعد انسداد أفق الحوار مع حكومة التوافق التي جرى مباركتها رغم أنها حكومة السيد محمود عباس الذي يعترف بشروط الرباعية. إن الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة أحوج ما يكون إلى حكومة التوافق الوطني، وبالحوار هو أقدر على حل معضلة رواتب عشرات ألاف الموظفين، وتوحيد زمن صرف الرواتب لجميع الموظفين هو عنوان التوافق.
|
|
|
|
|
|