|
(كلام عابر) الانتخابات المحمولة برا سفارات ليست كالسفارات (2-3)
|
ذكرت في المقال الأول من هذه المقالات أن نفرا من السودانيين في المنطقة الشرقية، المملكة العربية السعودية،أدمنوا التحكم والتصرف في الجالية السودانية وأموالها لسنوات طويلة وكأنهم ورثوها عن آبائهم وأجدادهم وورثونا معها نحن السودانيين المقيمين في المنطقة الشرقية. وذكرت أنها لما أعيتهم السبل لعقد اجتماع لتكوين الجالية بمجلسها ولجنتها التنفيذية بسبب حظر السلطات السعودية نشاط كافة الجاليات الأجنبية على أراضيها، وفشل محاولات القنصل في السفارة السودانية في الحصول على موافقة السلطات السعودية المختصة للحضور للدمام بمظلته الدبلوماسية لعقد هذا الاجتماع،وإحجام قاعات فنادق الدمام عن استضافة اجتماعهم مهما دفعوا من أجر، سافر ذلك النفر من الدمام إلى الرياض حيث اجتمعوا داخل مباني السفارة السودانية وبمشاركة ورعاية نفر من طاقم السفارة، وكونوا لجنتهم التنفيذية بعد كثير من الكذب والغش، ثم عادوا مرة أخرى للدمام. تدخل السفارات اليومي في شؤون السودانيين في مهاجرهم،ومحاولة الهيمنة على كافة نشاطاتهم الاجتماعية الطوعية غير الربحية، بدأ كمنهج منظم منذ انقلاب 30يونيو1989م الذي جاء بثقافة التمكين.فصلوا الدبلوماسيين المحترفين من العمل تحت مسمى الصالح العام وأحلوا محلهم اقارب ومحاسيب أهل الولاء والمتنفذين بغض النظر عن المؤهلات المطلوبة للعمل،وحصر التعيين في وظائف الدبلوماسيين في هذه الفئة من الناس دون إتاحة الفرصة لبقية أبناء السودان للتنافس، فكانت النتيجة بمرور ربع قرن من التمكين النشط أن سقطت وزارة الخارجية كلها في قبضة المتمكنين،وتضاعف الضرر بعد أن اثبتت التجربة أن معظم من جاء بهم التمكين ليسوا في مستوى متطلبات الوظيفة أو في مستوى من فصلوهم من الخدمة،إلا قلة قليلة ليست من ذات فئة المتردية والنطيحة الغالبة،وانعكس كل ذلك سلبا على أداء السفارات. السفارة السودانية في الرياض كانت وراء كل خلاف يقع وسط كيانات السودانيين الاجتماعية الطوعية وطرفا أصيلا فيه. ألقت بكل ثقلها وراء كرار التهامي عندما نازع الرمز الرياضي والوطني الكبير عبدالمنعم عبدالعال على رئاسة الرابطة الرياضية السودانية فأدى ذلك لانقسام الرابطة الواحدة إلى رابطتين بعد أن رعت السفارة ولادة رابطة رياضية خديج،مثلما رعت خديجا آخر منازعا لجمعية الصحافيين السودانيين، وانتهى هذا التطفل بتعطل نشاط الجالية السودانية تماما في منطقة الرياض ومنطقة جدة ومكة المكرمة، حتى قبل أن تحظر السلطات السعودية نشاط الجاليات الأجنبية على أراضيها. لو كان فيهم رجل رشيد، يقدر تبعات الأمور، ويعرف واجبات والتزامات منصبه الدبلوماسي، وما يجوز وما لا يجوز،وينظر للأمور بعقلانية، لما حدثت سقطة الانتخابات المحمولة برا غير المسبوقة. في مقر جهاز رعاية شؤون السودانيين العاملين في الخارج،(جهاز المغتربين) إدارة لشؤون الجاليات، تعتبر نفسها هي الأخرى مسؤولة عن الجاليات السودانية في الخارج،تكونها وتحلها وتضع لها القوانين واللوائح، وتمنحها الشرعية، وتحجبها عنها،وتتنازع مع السفارات الهيمنة على نشاطات هذه الجاليات. وقد أثارت واقعة الانتخابات المحمولة برا موجة من الخلاف بين الاثنين.. وزارة الخارجية ممثلة في سفاراتها.. وعلى وجه التحديد سفارة الرياض وجهاز المغتربين. كل يدعي أنه هو وحده الذي له الولاية على الجاليات وكافة كيانات السودانية الاجتماعية الطوعية في الخارج ومن بينها الجالية السودانية في المنطقة الشرقية،من المملكة العربية السعودية، مع أن الحقيقة لا هذا ولا ذاك. لا أحد منهما له حق الوصاية على كيانات المغتربين ولا يجب.. لا وزارة الخارجية ممثلة في سفارتها في الرياض ،ولا جهاز المغتربين. قرأت قبل أيام عن ماساة مواطن سوداني طردته مصحة نفسية كان يتلقى فيها العلاج بسبب عدم سداد الفواتير، فانطلق هائما على وجهه في دروب كراتشي ينازع مشرديها فتات الطعام في مكبات النفايات،حتى آواه نفر من الطلاب السودانيين هناك. لم تنجح جهود هؤلاء الطلاب، حتى تاريخ نشر تلك المأساة في المواقع الاسفيرية الأسبوع الماضي، في حث السفارة السودانية في باكستان على القيام بدورها الأخلاقي في معالجة هذه الماساة الإنسانية. أمر مخجل حقا. ليت هذه الحالة الماساوية تجد الاهتمام اللازم ممن يهمهم الأمر بدلا من التطفل اللا مجدي على شؤون الجاليات. أتمنى أن تتعافي كل سفاراتنا في مقبل ايامها من ثقافة التمكين، وأن تكون دارا لكل أبناء السودان، وأتمنى أن تتحول مباني جهاز المغتربين في يوم من الأيام لمرفق تعليمي أو صحي ينفع الناس. ونترك عند هذا الحد فصول حكاية انتخابات جالية المنطقة الشرقية المحمولة برا للرياض، ونلقي في المرة القادمة الضوء على بعض الممارسات والتجاوزات المالية المحزنة. (عبدالله علقم) [email protected]
|
|
|
|
|
|