لماذا تتمسك الحركة الشعبية بالحل الشامل للمشكلة السودانية .. ؟ عادل شالوكا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 02:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-24-2014, 03:11 PM

عادل شالوكا
<aعادل شالوكا
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 41

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لماذا تتمسك الحركة الشعبية بالحل الشامل للمشكلة السودانية .. ؟ عادل شالوكا

    لماذا تتمسك الحركة الشعبية بالحل الشامل للمشكلة السودانية .. ؟
    عادل شالوكا
    إنهارت الجولة التفاوضية التى أقيمت مؤخراً بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الوطنى بالعاصمة الأثيوبية "أديس أبابا" فى 13 فبراير 2014، وكان ذلك بالطبع أمراً متوقعاً لطبيعة المؤتمر الوطنى ونهجه وطريقة تعامله مع القضايا المصيرية للدولة منذ إستيلائه على السلطة قبل حوالى (25) عام، فالمؤتمر الوطنى إتبع نهج تجزئة القضايا والملفات منذ وقت مبكر بهدف البقاء على سُدة الحكم، والإحتفاظ بالسلطة لأطول فترة ممكنة، فقام بتقسيم المجموعات الإثنية والكيانات الإجتماعية وجميع الأحزاب والقوى السياسية فى البلاد، حتى وصل حد تقسيم نفسه إلى منابر وتيارات مُتصارعة، خرجت بعضها وكوَّنت تنظيمات منفصلة عن الأصل، وتشتت الحركة الإسلامية، وصارت مُقسَّمة بين معارضين خارج السلطة، وآخرين ظلوا جزءاً من السلطة منذ إنقلابهم المشئوم فى 30 يونيو 1989، وفى نهاية المطاف قام بتقسيم البلاد إلى قطرين غير مستقرين.
    فبالنسبة للمؤتمر الوطنى فإن القاعدة الرئيسية التى يتبناها، هى القاعدة "المكيافيلية" – الغاية تبرر الوسيلة - شأنه فى ذلك شأن جميع الأنظمة "الأوليغارشية - Oligarchy"(*) التى تفعل كل ما فى وسعها، وبأى ثمن، لضمان بقائها فى السلطة، ويحدث ذلك بطرق متنوعة، أبرزها :
    1/ توفير فائض من العنف، الغرض منه سحق فكرة الإعتراض الإجتماعي وليس فقط التغلب عليه .
    2/ إنشاء عقيدة إجماع وطني مفروضة، تخفي الطابع الأقلوي للنظام، أي صفته كنظام نخبوى يُمثِّل كيانات إجتماعية مُسيطِرة.
    3/ وأخيراً تفريق المجتمع المحكوم لتسهيل السيادة عليه، وذلك بأن يغدو نظام "الأوليغارشية" الممرّ المحتوم للتفاعلات الإجتماعية بين السكان، وهو ما يمكن تسميته (نموذج المجتمع الممسوك)، أى المحروم من أي تماسك ذاتي، والذي تتحكم فيه سلطات مُؤثرة على مستوى تماسكه ووحدته. ويمكن للتفريق أن يسلك خطوط التمايز الدينية، أو المذهبية، أو الإثنية القائمة أصلاً في غالبية دول العالم الثالث. وهذا يحصل من تلقاء ذاته في غياب إطار تماهٍ وطني مطابق للدولة. لكن يحصل في الغالب أن الأطقم "الأوليغارشية" تشجعه أو تتعامل مع مجتمعاتها بوصفها مُكوَّنة من أديان ومذاهب وإثنيات، وتعتمد على ذلك إعتماداً تفاضلياً كركيزة لحكمها وأمنها. ويلبي الإرتكاز الأخير حاجتها إلى توفير قاعدة مأمونة وموثوقة للـ"أوليغارشية" الحاكمة. وهى من الخطط السياسية للـ"أوليغارشية"، لضمان الحكم الإمتيازي لطبقة إجتماعية محدودة الحجم.

    هكذا تعامل المؤتمر الوطنى مع "قضايا الوطن" و"المواطنين" لربع قرن من الزمان، وبشأن التفاوض حول القضايا الإستراتيجية، يتعامل المؤتمر الوطنى مع الملفات التفاوضية بعقلية "المقاول" الذى يكون أحياناً متعاقداً مع عدة جهات فى وقت واحد، ثم يقوم بتقسيم عماله على العمل دون أن يكونوا على علم بتفاصيل هذه العقودات، وربما دون علمهم بوجود عقودات أخرى تتبع لنفس الـ"مقاول". هكذا يُدير المؤتمر الوطنى كافة ملفات التفاوض فى البلاد، وقد قام بتوزيع هذه الملفات على قياداته، فكل منهم مسئول عن ملف منطقة أو إقليم محدد، وبهذه الطريقة نجح المؤتمر الوطنى فى عزل قضايا البلاد المصيرية عن بعضها، وصوَّرَها للشعب السودانى وكأن أى قضية معزولة عن الأخرى، وصار كل إقليم مهموم بقضاياه الخاصة به وفقاً للأوهام التى تشكَّلت لدى سكان الإقليم المعنى وصارت جزئاً من قناعاتهم، أما سكان المناطق الأخرى، فإنهم يرون نضالات الآخرين خروجاً عن القانون، وتجاوزاً للشرعية، وبالتالى يبررون للحكومة شنها الحرب عليهم، حتى لو وصلت حد الإنتهاكات الواسعة والإبادة الجماعية.
    وقد وقَّع المؤتمر الوطنى طيلة فترة حكمه للبلاد على عدة إتفاقيات، مع مجموعات مسلحة وغير مسلحة تُمثِّل كيانات إجتماعية وسياسية مختلفة. على سبيل المثال نستعرض أهم هذه الإتفاقات والتى كانت على النحو التالى :
    1/ إتفاقية الخرطوم للسلام – 1997 :
    وقَّعت حكومة السودان في أبريل 1997م على حزمة إتفاقات سُميت بإتفاقية الخرطوم للسلام, شملت إتفاقية فاشودة للسلام التى تم توقيعها فى 20 ديسمبر 1997 بمنطقة فاشودة ذات الأثر الروحى لقبيلة الشلك بقيادة د/ لام أكول, وأخرى مع د - رياك مشار, وكانت قد وقَّعت إتفاقية أُخرى أيضاً مع فصيل من جبال النوبة بقيادة محمد هارون كافى ومعه آخرون، وقد عُرفت بـ(إتفاقية جبال النوبة للسلام), وأخرى سُميَّت بـ(إتفاقية حركة قوات تانا – شباب النيل الأزرق) وقَّعها المك عبيد سليمان أبو شوتال عام 2000، وهى ضمن الإتفاقيات الملحقة لإتفاقية السلام من الداخل, وقَّع من جانب الحركة المك / عبيد سليمان أبو شوتال ومن جانب حكومة السودان د / نافع على نافع، وبشهادة على عثمان محمد طه ووالى النيل الأزرق آنذاك عبد الرحمن أبو مدين وآخرين . أهم بنود إتفاقية الخرطوم للسلام جاءت فى المادة (10) من الفصل السابع للإستفتاء والمادة (3 / 15) حيث نصت المواد (1/2) و (4/2) على الإستفتاء فى الإتفاقية والمرسوم تعبيراً نوعياً لإستجابة الحكومة السودانية لرغبات الجنوب منذ مؤتمر جوبا ومؤتمر المائدة المستديرة. فشل الطرفان فى تنفيذ الترتيبات الأمنية والدمج فى القوات المسلحة والشرطة والأمن وإستقطاب الحكومة للقوات للتخلى عن قيادتها والإنضمام إلى القوات المسلحة. بالرغم من نص الإتفاقية على إقامة إستفتاء تقرير المصير قبل نهاية الفترة الإنتقالية إلاّ ان رئيس الجمهورية أصدر مرسوماً دستورياً أعطى بموجبه لنفسه حق مد أو تقصير أجل الفترة الإنتقالية، وهذا أكَّد نية الحكومة على خرق الإتفاقية والتى لم تلتزم بها الحكومة فيما بعد وعاد الموقعون عليها (رياك مشار / لام أكول / كاربينو كوانين بول) إلى التمرد مرة أخرى.
    2/ إتفاقية السلام الشامل : 2005 :
    أنجزت مفاوضات السلام التى تمت فى مشاكوس و نيفاشا فى الجمهورية الكينية فى الفترة ما بين يوليو 2002 و 31 ديسمبر 2004م ثمان وثائق، هي :
    1- بروتوكول مشاكوس الذى حدَّد فترة إنتقالية لمدة ست سنوات ونصف ومنح سكان جنوب السودان بمقتضاه حق تقرير المصير فى نهاية الفترة الانتقالية.
    2- إتفاقية حول الترتيبات الأمنية والعسكرية خلال الفترة الإنتقالية التى سمحت للحركة الشعبية بالاحتفاظ بجيشها وتأسيس مجلس دفاع مشترك وقوات إندماجية (مشتركة)، وسُمىَّ البروتوكول بـ(بروتوكول الترتيبات الأمنية).
    3- بروتوكول اقتسام الثروة.
    4- بروتوكول اقتسام السلطة.
    5- بروتوكول حسم النزاع فى ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
    6- بروتوكول حسم النزاع فى منطقة أبيى.
    7- إتفاقية آليات تنفيذ اتفاق السلام.
    8- إتفاقية وقف إطلاق النار الدائم و حسب نصوص القانون الدولى (Treaty Status)
    تُوّجِت كل هذه الوثائق بالتوقيع على إتفاقية السلام الشامل (C.P.A) رسمياً في نيروبي - 9 يناير 2005.
    ركَّزت إتفاقية السلام الشامل بصورة أساسية على قضايا جنوب السودان رغم مخاطبتها لقضايا أخرى منها إقليمية وبعضها قومية، فكانت النتيجة فى نهاية المطاف إستقلال جنوب السودان وعودة الحرب مرة أخرى فى جبال النوبة والنيل الأزرق وإستمرارها فى دارفور. فإتفاقية السلام الشامل التى وقَّعت عليها عدة دول ومنظمات وهيئات إقليمية ودولية، لم تسلم هى كذلك من لعنة "نقض العهود والمواثيق"، فلا زالت مسألة أبيى غير محسومة، بالإضافة إلى بنود أخرى متعلقة بترسيم الحدود، والنزاع حول بعض المناطق الحدودية، وغيرها من القضايا الأخرى، والمشورة الشعبية كأهم بند فى بروتوكول حسم النزاع فى منطقتى جبال النوبة والنيل الأزرق، لم يلتزم المؤتمر الوطنى كذلك بتطبيقها، بل فضلاً عن ذلك، حاول تجريد سلاح الجيش الشعبى فى المنطقتين وأشعل الحرب مرة أخرى.
    3/ إتفاق القاهرة – 2005 :
    وفى نفس العام الذى تم فيه التوقيع على إتفاق السلام الشامل، وبتاريخ (20 يونيو 2005)، وقَّع المؤتمر الوطنى إتفاقية هزيلة وغير جادة مع التجمع الوطنى الديمقراطى فى القاهرة، حيث وقَّع عليها كل من محمد عثمان الميرغنى – رئيس التجمع، وعلى عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية ممثلاً للحكومة السودانية. وقد ركَّزت الإتفاقية (إتفاق القاهرة للسلام) على قضايا غير جوهرية ولا تمت بصلة للقضايا المصيرية، فالأحزاب التقليدية تُركِّز على ملفات لا تُعبِّر عن خلافات حقيقية بينها وبين المؤتمر الوطنى وقد كان أهم ملف فى ذلك الإتفاق هو ملف التعويضات عن الممتلكات (أراضى, عقارات, أصول , ....ألخ) التى صادرتها الحكومة، حيث شدَّد الإتفاق على ضرورة إرجاعها, فعلى سبيل المثال جاء فى الإتفاق :
    فى البند (10) : : (( رفع المظالم ودفع الضرر)).
    وهذا الملف نفسه حُظى بواحدة من اللجان الثلاثة التى تم تكوينها بجانب اللجنة السياسية واللجنة القانونية، وطيلة فترة حكم الإنقاذ كان ملف الأملاك والتعويضات هو الأكثر تركيزاً عليه فى المناورات والمحادثات التى كانت تتم بين المؤتمر الوطنى وحزبى الأمة والإتحادى الديمقراطى.
    بعد ذلك وقَّعت الحكومة عدة إتفاقيات تباعاً :
    4/ إتفاقية أبوجا (منى أركو مناوى) – 2006 :
    وقَّعت حركة جيش تحرير السودان بقيادة منى أركو مناوى إتفاقية سلام فى العاصمة النيجيرية "أبوجا" سُميت بـ(إتفاق سلام دارفور) بتاريخ 5 مايو 2006 و من أهم بنودها الآتى :
    (أ)- فى الترتيبات الأمنية تم الإتفاق على نزع سلاح مليشيات الجنجويد بصورة كاملة، و تجميع الجنجويد والمليشيات المسلحة الأخرى في مناطق محددة خاصة قبل نزع سلاحها، وسحب الأسلحة الثقيلة, مع فرض قيود على تحركات قوات الدفاع الشعبي (قوات سودانية شبه عسكرية) ويطلب خفض عناصرها.
    (ب)- فى بند تقاسم السلطة, يعطي الإتفاق الحركات المتمردة الموقع الرابع الأرفع في حكومة الوحدة الوطنية السودانية، وهو موقع كبير مساعدي الرئيس، ورئيس السلطة الإقليمية للفترة الانتقالية في دارفور, على أن يُجرى استفتاء شعبي في موعد أقصاه يوليو/ تموز 2010 لتحديد ما إذا كانت دارفور ستصبح إقليماً واحداً, بالإضافة إلى إجراء إنتخابات على جميع المستويات في موعد أقصاه يوليو/ تموز 2009 بموجب الدستور القومى الإنتقالي.
    (ج)- أم بخصوص تقاسم الثروات, فقد نصت الإتفاقية على إنشاء صندوق لإعادة إعمار دارفور وتنميتها, وتدفع حكومة الوحدة الوطنية 300 مليون دولار أولا ثم 200 مليون دولار سنويا خلال سنتين, ويلزم الاتفاق أيضاً المجموعة الدولية بعقد مؤتمر للدول المانحة لإنشاء صناديق إضافية من أجل دارفور.
    (د)- نص الإتفاق على إنشاء لجنة للعمل مع الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين والمُهجَّرين على العودة إلى منازلهم, وإنشاء لجنة أخرى لتقديم تعويضات إلى ضحايا النزاع.
    5/ إتفاق سلام شرق السودان- أسمرا - 2006 :
    تم توقيعها بين جبهة الشرق وحكومة السودان بتاريخ 14 أكتوبر 2006 وقد نصت فى أهم بنودها على الآتى :
    (أ)- ناقشت الإتفاقية قضايا السلطة والحكم, والقضايا الإجتماعية والثقافية والإقتصادية, ونصت الإتفاقية أيضاً على قيام مؤتمر للمانحين لدعم التنمية بشرق السودان .
    (ب)- أقرت الإتفاقية خطة لمدة خمسة سنوات لإعادة تعمير وتنمية شرق السودان.
    6/ وثيقة الدوحة للسلام فى دارفور – 2011 :
    وقَّعت حركة التحرير والعدالة بزعامة التيجانى سيسى بتاريخ 14 يوليو 2011 على إتفاق سلام عبر وثيقة سميت (وثيقة الدوحة للسلام فى دارفور) وتضمنت فى أهم بنودها الآتى .
    (أ)- الإلتزام بالدستور القومى.
    (ب)- إعتبار وثيقة الدوحة هى الأساس لتسوية أى نزاع فى دارفور, وهى نتاج للمشاركة الواسعة لأهل دارفور وأصحاب المصلحة, وإن النزاع فى دارفور لا يمكن حسمه عسكرياً, كما إعتبر الطرفان إن الوثيقة تفتح الباب للحركات الاخرى غير الموقعة للإنخراط فى عملية السلام.
    (ج)- الإلتزام بالتسوية السلمية الدائمة وترقية وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
    (د)- إتفق الطرفان على مشاركة الحركة فى مستويات الحكم المختلفة.
    (ه)- إستيعاب قوات الحركة عبر نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج.
    وقد وقَّعت عدة فصائل دارفورية منشقة على هذه الإتفاقية فيما بعد دون أن تراوح الحرب مكانها، أو إحداث أى تغيير على الأرض، فلا زالت الحرب مستمرة فى دارفور، ولا زال المواطنين يعانون فى مناطق النزوح واللجوء، ويتعرضون للإنتهاكات المستمرة.
    الشاهد إن جميع الإتفاقيات التى وقعَّها المؤتمر الوطنى طيلة فترة حكمه لم يلتزم بها، ولم ينفذ غالبية بنودها، بل كان تركيزه دوماً على البنود الشكلية، مثل توزيع المناصب والحقائب الوزارية وغيرها من النصوص غير الجوهرية.
    فما الذى يجعل الحركة الشعبية لتحرير السودان تُوقِّع مرة أخرى على إتفاقية جزئية تُخاطب قضايا سطحية ..؟ وما الذى حصده الشعب السودانى من الكم الهائل من الإتفاقيات التى تم التوقيع عليها على مدار سنوات حكم المؤتمر الوطنى ..؟ إن فشل جميع هذه الإتفاقيات التى إستعرضناها، هو عدم مخاطبتها لجذور المشكلة وأسبابها الرئيسية، فقد ركَّزت على قضايا غير جوهرية، وكان الهدف الرئيسى منها هو وقف الحرب، وكسب الوقت، وإعطاء أنفسهم فرصة لترتيب الأوضاع والإستعداد لحرب جديدة، ولكن إلى متى سيظل السودانيين يوَّقعون على إتفاقات جزئية لا تخاطب جذور الأزمات، ثم يعودون إلى مربع الحرب مرة أخرى بعد خمسة أو ست سنوات ..؟ ولماذا لا نخاطب المشكلات من جذورها ومن ثم معالجتها بصورة نهائية ..؟.
    الأمر الآخر المهم، والذى يجعل الحركة الشعبية لتحرير السودان تتمسك بالحل الشامل لقضايا البلاد، هو إن أهم الملفات والأسباب الرئيسية للصراع فى منطقتى جبال النوبة / جنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرها من أقاليم السودان وخصوصاً المُهمَّشة منها، لا يمكن حلها إلا فى الإطار الكلى القومى، وبصورة شاملة. فمثلاً إذا أخذنا القضايا الأمنية، فقد تعرَّضت القوات المسلحة السودانية منذ خروج المستعمر، وخاصة فى عهد الإنقاذ، إلى حملة تسييس مُمنهجة، تم فيها ترفيع وترقية أصحاب الولاء، وتصفية الآخرين، بإعتبارهم غير مرغوب فيهم لكونهم لا ينفذون أجندة النظام، وصار الجيش فى قبضة الحزب الحاكم, يأتمر بأوامره، ويعمل بناءً على رغباته وتوجهاته، وبالتالى أصبح الجيش الذى من المفترض أن يقوم بحماية المواطنين، هو الذى يشن عليهم الهجمات، ويرتكب المجازر والإنتهاكات، والجيش السودانى منذ تأسيسه لم يشن حرباً واحدة مع قوات خارجية دفاعاً عن الوطن، مثل أن يشن حرباً لإسترداد "حلايب" أو خوض معارك لتحرير "الفشقة"، بل جُل حروبِه كانت مع المواطنين السودانيين، لإسكات أصواتهم، وإخماد ثوراتهم ومطالبهم العادلة، بدءاً بثورات الهامش فى دارفور، وجبال النوبة، والنيل الأزرق، وشرق السودان، إنتهاءاً بالمظاهرات السلمية فى بورتسودان، وكجبار، ومدنى، وكوستى، والأبيض، وأم درمان، والخرطوم، وغيرها من مدن السودان .. !!، فمثل هذا الجيش لا بد من تفكيكه وإعادة بنائه من جديد على أسس، ومعايير، وعقيدة قتالية جديدة، كما توجد ضرورة لحل وتفكيك and#65183;and#65252;and#65268;and#65226; and#65165;and#65247;and#65240;and#65262;and#65165;and#65173;, and#65261;and#65165;and#65247;and#65252;and#65248;and#65268;and#65208;and#65268;and#65166;and#65173;, والمؤسسات العسكرية الأخرى غير النظامية and#65165;and#65247;and#65176;and#65264; تم أand#65255;and#65208;اؤand#65259;and#65166; بواسطة النظام لحماية رموزه والإبقاء عليهم فى السلطة، فقضية كهذه لا يمكن أن تحل إلا فى إطار دستورى قومى وشامل. وقضايا مثل كيفية إدارة البلاد، وطبيعة نظام الحكم الذى يخاطب قضايا التنوع، والتباينات الثقافية والدينية، أضف إلى مسألة هوية البلاد كقضية محورية، فلا يمكن أن تُحل مثل هذه القضايا إلا بإقرار دستور دائم للبلاد يعالج هذه المسائل بصورة صريحة وجادة، تحفظ للجميع حقهم فى الحياة الكريمة، والمساواة الإجتماعية، والسياسية، والإقتصادية، وبإبرام عقد إجتماعى جديد بين مكونات الشعب السودانى يُوضِّح الطريقة والكيفية التى ستدار بها البلاد، والقانون الدائم الذى سيحتكم إليه الجميع. وبخصوص علاقة المركز بالأطراف، وتفكيك السلطات المركزية لصالح الأقاليم، فذلك لا تتم إلا فى المركز نفسه الذى يضع هذه السلطات ويوزعها. وإقتسام الثروة تتم مع الذين نهبوا الثروة، وإستأثروا بها، وحرموا منها الآخرين. وقضايا الأرض - ملكيتها وطرق إستخداماتها - يتم حسمها بسن قوانين قومية وأخرى إقليمية تحفظ للدولة حقها وللشعب كذلك حقهم فى الإستفادة من موارد البلاد. فمثل هذه المسائل تحتاج إلى تشريعات منصفة يتم صياغتها فى الإطار الكلى، مع إستصحاب الخصوصيات.
    فكيف يريد المؤتمر الوطنى حل هذه المسائل وهو يسعى لإيجاد حلول جزئية وإقليمية ؟، وهل هو جاد فعلاً فى الوصول إلى تسوية سياسية تضمن للبلاد وحدتها وإستقرارها ؟ أم إنه يسعى لإعادة أنتاج أزمات البلاد وإلباسها ثوباً جديد، فهو يريد كسب الوقت لترتيب أوضاعه وإعداد متحركات عسكرية أخرى لإلحاق الضرر بالأبرياء، وإرتكاب المزيد من المجازر والإنتهاكات فى حق المدنيين؟ فالقوات المسلحة ومليشيات النظام عاجزة تماماً عن سحق الثوار كما يتمنون، وجميع المتحركات التى تم إعدادها للصيف الساخن تم تدميرها تماماً بعد إستلام المؤن والعتاد الحربى الخاص بها، فالمؤتمر الوطنى لن يستطيع إلحاق الهزيمة بقوات الجبهة الثورية، ولكنه سيزيد من معاناة الأبرياء بإطالته لأمد الحرب، وعدم رغبته فى حل أزمات البلاد من جذورها.
    أخيراً : نستغرب كثيراً لمواقف بعض أبناء الهامش، وخاصة أبناء جبال النوبة الذين إنتظموا فى منابر، ولافتات، ولجان وهمية، بعضهم إقترح منبر لملف جبال النوبة فى الكويت، والبعض الآخر أطلق مبادرات مطبوخة لا قيمة لها، وآخرون يكتبون من دول المهجر ينتقدون الحركة الشعبية فى كل شىء، حتى فى إختيارها لوفدها التفاوضى، وكأنهم أوصياء على الحركة الشعبية، يحددون لها ما يضرها وما ينفعها، كل هذه الهرجلة، والفوضى، والمتاجرة، تتم بإسم (أصحاب القضية الأصليين / أصحاب المصلحة / و .. و ... إلخ)، ولهؤلاء نقول الآتى :
    أولاً : أنتم لا تمثلون إلا أنفسكم، ولا علاقة لكم بالمنطقتين أو غيرها، وشعب هذه المناطق يتساءل بإستمرار - (من أنتم، وماذا تريدون).
    ثانياً : أنتم تُروُّجون لبضاعة المؤتمر الوطنى "البايرة" والمسمومة، ولن يشتريها أحد منكم، لأنها فاقدة القيمة والمحتوى، ومُضرة بمستقبل "الوطن" و"المواطنين"، وهذا السيناريو هو نفسه الذى حدث فى نيفاشا 2005، ولن يتكرر مرة أخرى.
    ثالثاً : ستواصل الشعوب المُهمَّشة نضالها من أجل نيل حقوقها التاريخية بصورة كاملة، ولن تسمح بتوقيع إتفاقية تأتى فيما بعد بحرب أخرى.

    النضال مستمر والنصر أكيد


    هوامش :
    (*)- (الأوليغارشية/ الأوليغاركية- Oligarchy). تعنى "النُخبة المُسيطرة"، وغالباً ما يتم تفويضها بواسطة الشعب، وأحياناً تصل للسلطة عن طريق العنف، ويرى البعض إن النخب المسيطرة تقوم بتقوية وتقديم مصالحها على مصالح الجماهير، مصحوباً بسلبية الجماهير، ويسعون بكل ما يملكون لتكريس سلطتهم وللحفاظ على هذه السلطة وتعضيدها في المستقبل، الأمر الذي يؤدي إلى سيطرة هذه النخبة والعمل لخدمة مصالحها باسم الجماهير.
    المصادر :
    1/ راشد البراري؛ النظم السياسية، الجزء الأول والجزء الثاني.
    2/ مروة كريديه : مفهوم السلطة وتأريخ الحقيقة (إستراتيجية صراع وإرادة هيمنة)- (مارس) and#1634;and#1632;and#1632;and#1639;.
    3/ روبرت ميتشل: الأحزاب السياسية، 1911.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de