|
أحوالنا بين التبخيس والتزييف أيمن مبارك أبو الحسن
|
أحوالنا بين التبخيس والتزييف أيمن مبارك أبو الحسن كان الأديب الراحل الطيب صالح يعلن عن رأيه تجاه الوضع العام في البلاد عبر الصحف والمجلات العربية التي كانت تنشر مقالاته الراتبة خلال النصف الأول من تسعينيات القرن المنصرم،. لم ترق تلك الآراء للبعض، فراحوا يكيلون له السباب، ويقللون من شأنه، بل تعدى الأمر إلى تبخيس أعماله وإظهارها كأعمال عادية لا تعدو أن تكون مجرد حكايات محلية تذخر بمفردات فاحشة وعبارات خادشة للحياء... ذلك كان رأي البعض في أدب الطيب صالح الذي ملأ الدنيا وشغل الناس. محاولة اغتيال شخصية الطيب صالح فشلت فشلاً ذريعاً لأن الأديب الكبير تجاوزت شهرته الآفاق، وعبرت أعماله من الحدود المحلية إلى فضاء العالم الواسع، فكانت موضع الترحيب والاحتفاء من الجميع. بعض الناس -وما أكثرهم- يظن أن اختلافه أو عدم إعجابه بالآخر يعطيهم الحق في نسف كل جهوده ومكتسباته التي رسخت في الوجدان والذاكرة. التبخيس كصفة ذميمة بدأت تنتشر في مجتمعنا واستحالت لسلوك خصوصاً في أوساط الفئة المثقفة أو التي تضع نفسها في مصاف المثقفين الذين يعتقدون أنهم يمارسون دورهم في النقد دون أن يطرحوا بدائل إيجابية. لكن هناك فرق بين النقد البناء الذي يسعى للتقويم والتصويب، وبين تتبع الهفوات ثم الاحتفاء بها وتجاهل كل الإشراقات الإيجابية، بل تزييف الحقائق بعض الأحيان. فرق كبير بين هذا وذاك. البعض يعمد إلى تجاهل المنجزات والمكتسبات ويسعى لترصد حفنة من الهنات اليسيرة التي لم تكن أثراً في مسيرة نجاح ما أو حالت دون إتمامه بالصورة التي جاء بها، وأتفق عليها الناس. لكنهم لم يهتموا بكل ذلك ضاربين به عرض الحائط وطفقوا يبحثون عن مواقف لم تعجبهم، وسعوا في تضخيمها والرقص على إيقاعها. قرأت مؤخراً تصريحاً لمسئول كبير يعلن فيه رأيه عن زميله العضو النافذ في الحزب لأكثر من 24 سنة حيث تسنم خلالها أرفع المواقع، كان في الصفوف الأمامية لقيادة الحزب والدولة... لكنه أنفصل عنهم حديثاً لاختلافات بين الرجل وحزبه. قال عنه ذلك المسئول الهمام، إنه لم يكن شخصاً مؤثراً في حزبه! . لنترك ذلك فربما يكون ما قاله الرجل من باب المماحكات السياسية التي تحتمل كل الألاعيب والمسالك المباح منها وغير المباح، ولنتجاوز أمر الأشخاص، لكن المصيبة أن البعض لا يجد بأساً في تبخيس التاريخ والتشكيك فيه حتى لو دعى الأمر إلى تزوير الحقائق، صار البعض من لا يعجبهم أمر في أحوال التاريخ لا يتوانى في تبخيسها أو نسفها ومحاولة تشويهها كيفما أتفق .. فقط لأن مواقفه لم تنسجم مع ذلك التاريخ ومجرياته على الرغم من توافق الناس حولها. أي مرض هذا الذي بدأ في الانتشار لم يستثن إلا من رحمه الله وألقى في قلبه الطمأنينة ومنحه الثقة بنفسه كي يعترف بإنجازات الآخر وجهوده حتى إن لم تكن على وفاق مع مزاجه ومواقفه الشخصية.
|
|
|
|
|
|