|
جيش عبد الرحيم البربار وسياسة مروان (الحمار) ! عبد المنعم سليمان
|
يُحكى أن الشاعر القديم أبي العيناء الأعمى سُئل عن مالك بن طوق والي الجزيرة في ذلك الزمان ، فأجاب : (لو كان مالك بن طوق في بني إسرائيل حين نزلت آية البقرة ما ذبحوا غيره) . ولسوء حظنا أن وزير (دفاعنا) الفريق عبد الرحيم محمد حسين أتى إلى هذه الحياة بعد اكتمال نزول سورة (البقرة) .
كنت مُصِرّاً على عدم الكتابة عن عبد الرحيم هذا تحديداً ، ليس لأنني أرى فيه خيراً وأدّخره ليوم كريهة وكربة – معاذ الله – بل لأن شخصية الرجل تعفي من (كُلفة سبِّه)، فقد دأب منُذ ان عرفه الناس على البصق على نفسه بين كل (قولة وشولة) كلما فتح فمه مُحدثاً. ظللت أحبس أنفاسي إناء الليل وأطراف النهار ، وأعد الساعات منتظراً عودته من القاهرة بـ(السلامة) ، فلم نعد نتحمل المزيد من سخرية وهزؤ المصريين علينا وبنا ، خاصة وأن الرجل مُلهم ومُغري بالضحك منه وعليه.
قال عبد الرحيم بعد أوبته من زيارته القصيرة لمصر، قال بالنص : ( نزلت علي مكتب سعادة المشير ، فوجدت سعادة المشير عبد الفتاح السيسي منتظرني علي (الأرض)، كانت هذا بداية مبشرة في أنه (جاي) منتظرني) ! هل فهمتم شيئاً مما قال ؟
لن أتركك تستمتع بهذه الجمعة المباركة عزيزي القارئ ، فأسمح لي أن أنقل إليك رده على سؤال آخر حول نتائج مباحثاته وبالنص (كمان) ، قال : (الإجتماع كان بروح ايجابية ، وروح بناءة ، وروح حريصة جداً على العلاقة ما بين الشعبين ، وحريصة جداً على إستقرار الأوضاع في الدولتين ، وحريصة جداً علي حقوق الشعب في الدولتين).
لاحظ أيها القارئ الأكرم - أكرمك الله – إجابة الوزير الهمام (الروحانية) ( روح إيجابية، روح بناءة ، روح حريصة ) ، ثم لاحظ (هذا الحرص شديد الجدية) ، المتربص بالاجابة نفسها : (حريصة جداً على العلاقة ، حريصة جدا علي استقرار الأوضاع ، وحريصة جداً علي حقوق الشعب).
بلا شك سيتضح لك أن (ثورة التعليم العالي) ، لم يقطف ثمارها ويستمتع بمذاق فاكهتها سوى الفريق عبد الرحيم والمشير البشير - لم أذكر ثالثهما عمداً ، لأن القلم مرفوعاً عنه حتى يفيق.
أما ثالث الآثافي فهي إستخدامه لمصطلح (الثمرة الإيجابية) في وصف نتائج زيارته ، إذ قال : إتفقنا على نشر قوات مشتركة بين البلدين على الحدود ! وسؤالنا أي حدود ؟ وماذا عن وضع حلايب في حدودك ( إنديهم ولاّ إندينا) يا بلدياتنا ، ما هذا الخبل يا رجل؟.
لم يكتف بهذا القدر، وزادنا أبياتاً من شعره فقال : ( سيكون بنفس إتفاقنا مع تشاد حول حماية الحدود) – يا للهول ! وإذا عرفنا أن القوات التشادية على ضوء ذلك الاتفاق أصبحت تتجول حتى تخوم زالنجي ، فإن أهل كسلا موعودين قريباً برؤية القوات المصرية الصديقة تتجول على تخوم (توتيل) ، وفقاً لإتفاق هبنقا هذا .
سمعنا وقرأنا ورأينا مؤسسات وهيئات وشركات تُدار بنظام تشغيل (البوت) ولكن أن تُدار الأوطان بهذه الطريقة بل ويُستخدم هذا النظام في الدفاع عن الأوطان ، فهذا ما لم تأت به أساطير الأولين ، ولا يُمكن أن يأتي به شخص سوى وزيرنا (البربار) ، والذي تحول الجيش بفضله وفضل رئيسه إلى حفنة من الماعز يقودهم تيس مرتجف ، ما يجعلنا نأخذ مأخذ الجد مقولة برنارد شو الساخرة (بين كل عشرة عساكر يوجد تسعة أغبياء) ، مع ملاحظة ان شو قال مقولته هذه قبل أن يلتقي بعبد الرحيم ، وإلاّ أكملهم (عشرة).
إن وضع وزارة كالدفاع في يد شخص بهذه المواصفات المتدنية يشابه وضع جاك السفاح في ملجأ للنساء ، فلا يوجد في كل جيوش العالم ، جيشا متعطلا يفتقر للتأهيل الفكري والبدني إلاّ جيش المشير ووزيره الهمام ، فبعد ان تم الاستغناء من (كفاءات) القوات المسلحة بالإعدامات والتصفيات والتشريد والفصل ، أصبح الجيش مرتعا للمتعطلين والخائبين الذين يتركون أمر الدفاع عن وطنهم لمرتزقة (مالي) ومليشيات (الأرومو الأثيوبية) وقطاع الطرق والصعاليك من شاكلة (حميدتي) و(الضكر) و(الجقر) ، وبإسناد جوي من مرتزقة محترفين في القتل من مافيات (بيلاروسيا)، يقصفون أطفالنا في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق وهم يقهقهون نشوة تحت تأثير (الفودكا) التي توفرها لهم وزارة دفاع عبد الرحيم ، بفقه (من جهز غازياً فقد غزا) !
لا يوجد في كل تاريخ قادة الجيوش قديماً وحديثاً ، من إبتكر نظريات دفاع مضحكة كنظريات وزيرنا (البربار) غير (مروان بن محمد) ، آخر قائد عسكري لجيش بني أمية ، وكان يُلقب بـ (مروان الحمار) ، وتقول سيرتة المبذولة ، أنه قُتل بعد أن قرر أثناء إشتداد المعركة الذهاب لقضاء حاجته في الخلاء ، فرُميّ بسهمِ سقط إثره ميتاً (على حاجته).
فضيحتنا الكبرى ، أن بلادنا يحكمها ويتحكم في مصيرها ثلاثي أقل ما يمكن وصفهم به أنهم قساة وجهلة و(نصابين) ، غير قابلين للتعلم والتطور ، ثلاثي من تلك العينة التي قيل عنها : (قوم من الأنعام إلاّ أنهم من بينها خلقوا بلا أذناب).
|
|
|
|
|
|