|
على المحك صلاح يوسف /يا الطيب زورنا مرة
|
[email protected]
مضى وقت أحسب أنه كافياً، منذ أن أدى وزراء الحكومة الشبابية – إن صح التعبير - التي كونت مؤخراً، لكي يدفع كل وزير ببرنامج عمله ورؤاه التجديدية التي جعلته يتسنم مقعد وزارته، دون أن نسمع لكثير من الوزراء أصواتاً أو نرى أفعالاً أو نلمس خارطة طريق تبشر بما هو مأمول اللهم إلا من بعض الوزراء الذين حتى لو أرادوا الركون والتقوقع لأجبرتهم سخونة القضايا الملحة على البوح والفضفضة. وجرت العادة أن يقوم كل وزير معين بزيارة مرافق وزارته ومكوناتها للتفقد والاستماع حتى لمن يقفون بعيداً عنها في الرصيف خاصة إذا كانوا من الفئات القادرة على العطاء ولكنها معطلة بفعل فاعل أو مهمشة بكيد عازل، لمعرفة ما يدور بداخلها من عمل وما يعيق انطلاقتها نحو الأفق، ومن ثم يعود بحصيلة معايشة تعينه على إظهار أفكاره وابتداع الحلول وكيفية تنفيذها على أرض الواقع. ولو كنت وزيراً للثقافة – وهذا مجرد حلم - التي تعوّل على نشاطها الحكومة وتعتبرها عربوناً لتغلغلها وسط الفئات الإنسانية الفاعلة، لما توانيت في السير منذ الوهلة الأولى في الطريق الذي بدأ تعبيده الوزير السابق الأستاذ السموأل خلف الله تحت شعار (الثقافة تقود الحياة) أن لم يكن لديّ ما أضيفه أو أتميّز به من أفكار وأدوات دافعة للبعث الثقافي الذي بشر به السيد رئيس الجمهورية قبل تكوين الحكومة الجديدة حين ألمح بعودة وزارة الثقافة – كوزارة كاملة الدسم - من حضن الإعلام لتكون المعبر الفعلي لتفاعل ثقافي نافذ. ولعل لسان حال المسرحيين وعناصر الفنون الأدائية وغيرهم من الذين يرفدون الفعل الثقافي بمختلف فروعه يقول: (يا الطيب زورنا مرة) باعتباره ممسكاً بزمام الأمر في هذه الجزئيات. فهذا النداء لا يقال إلا لمن يكون في مقدوره إحداث الحراك الملموس أو لمن يمتلك مفاتيح الأبواب الثقافية المغلقة. فعندما كان الأستاذ الطيب بدوي وزيراً للشباب والرياضة بولاية الخرطوم ملأ الساحة الرياضية بطلته اليومية على الصحف وجرأة معالجاته لقضايا الوسط الرياضي وكان آخرها قضية مجلس إدارة نادي الهلال التي عالجها بتكوين لجنة تسيير للخروج من نفق الصراعات التي بدأت تنشأ عن شرعية ما تبقى من مجلس الإدارة السابق بعد أن تقلصت عضويته بالاستقالات وعلت في فضائه مؤشرات الجدل عن قانونية ذلك من عدمه. ولعل الذي ينجح في حسم صراع في الوسط الرياضي الذي يتمتع بقاعدة جماهيرية تضاهي قواعد الأحزاب السياسية، بقادر على الإتيان بأكثر من حل لما آلت إليه الحركة الثقافية عامة والمسرحية بصفة خاصة. في العام الماضي تصدت ولاية الخرطوم لمهمة إنعاش الحركة المسرحية فأعلنت عن موسم مسرحي يعنى بالأعمال الجماهيرية الجديدة لاستقطاب الجمهور، ولكن مشروعها باء بالفشل لعدم توفقها في انتقاء الأعمال، ولاكتفائها بمشاهدة وإجازة العمل وتقديم دعم محدود تاركة تكملة المشوار لجهود منتجي الأعمال المسرحية. ولما كان العمل المسرحي يتطلب عوناً متكاملاً وتقديماً يجعله يقف على رجليه وأن ذلك قد لا يتوفر لدى غالبية المسرحيين، فإن إعلانهم يجيء حيياً ليتم العرض وينتهي دون أن يسمع به حتى بعض المهتمين بالمسرح. فإذا أخذنا مسرحية (النظام يريد) التي انتجت بكاملها خارج أبوية الموسم بواسطة منتجين قادرين على التضحية حتى حققت نجاحاً منقطع النظير، فإن أول ما يلفت النظر ذلك الحضور الجماهيري الذي فاق التصورات مما يدل على أن جمهور المسرح بخير، فقط يود العمل الجيد والإعلان المكثف ورفع الوصاية الأبوية. من ناحية أخرى لقد كان ضم الثقافة للإعلام سابقاً في وزارة واحدة ما جعل نشاط الثقافة يتراخى حتى عن إقامة مهرجان أيام الخرطوم المسرحية الدوري والذي يمثل تظاهرة سنوية لها سحرها وأثرها عند الجمهور. وبدلاً من مجيء موسم الولاية كمعضد، أفقر الساحة من حماستها وأدخلها في خلافات. ولذلك نرى في عودة الوزارة أملاً في تحريك الساكن. فهل من خطوة تبشر بذلك؟
|
|
|
|
|
|