|
الدولة العميقة في عالمنا المتخلف المتقهقر دولة متجذرة ومتعفنة !!/حامد عبداللطيف عثمان
|
الدولة العميقة في عالمنا المتخلف المتقهقر دولة متجذرة ومتعفنة !! بل هي مسخٌ مشوهٌ و مولودٌ غريبٌ من رحم دولة الطاغية الفرد !!
التنمية البشرية القائمة على عناصر العلم و التعلم و البحث و التجديد و الابتكار تعتبر من أهم مرتكزات و مقومات الأمم و الشعوب المتحضرة في العالم الأول المتقدم ؛ لذلك نجد ان العالم الأول المتمدن يعتمد و يرتكز أساساً على الأبحاث العلمية في شتى المجالات و مختلف ضروب الحياة و هو ما تفتقده و تفتقر إليه معظم الشعوب و الأمم الحائرة و المغلوبة على أمرها في العالم البائس المتخلف و الذي يُدعى و يُنادى جزافا و بهتانا بل مجاملةً و مخادعةً بالعالم الثالث و هو ليس كذلك و لن يكون كذلك في المدى القريب ؛ فلا هو عالم ثالث و لا عاشر و لا يحزنون ؛ بل لا علاقة له لا من قريب و لا من بعيد بترتيب و تسلسل الأمم المتقدمة و المتحضرة ؛ بل قد تجده و يجد نفسه عند ترتيب و تبويب الدول المتنافسة في مجالات الفساد و تخوم الإفساد و أكل المال العام و التهام كل ما هو حرام .. عالمنا الأخير المتخلف المتقهقر يرتكز في تخلفه و تقهقره على تجهيل و جهل و أمية شعوبه و التي يسعى لها حكامه و مستبدوه سعياً حثيثاً و بمختلف الوسائل و السبل ؛ بل هي الجدار الصلب الذي يرتكز عليه أولئك المتسلطون المتجبرون ؛ إذ يستندون عليه لاستدامة حكمهم و تسلطهم لأطول فترة ممكنة ليتمكنوا من تجريف و تجفيف كل موارد و خيرات الوطن لصالح بطونهم و جيوبهم و لصالح بطون و جيوب مناصريهم و مؤازريهم .. لذلك نجد أن دولة الظلم و الجبروت في عالمنا المتخلف تضع آدمية مواطنها و إنسانيته و بشريته و مصلحته في آخر قائمة اهتماماتها و أولوياتها ؛ بل لا تتعرض لها أو تحوم حولها إلا في معرض الاستعراض الإعلامي الفج في برامجها الممجوجة و المكرورة ؛ تلك البرامج المبتذلة و المهترئة و التي لا تفتأ و لا تفتر تتحدث و تجتر بلا خجل و بلا حياء مسيرة القائد الملهم و مدى حب شعبه له و مدى حرارة و حفاوة استقبال شعبه العظيم له أنى حلَّ أو مرُّ ؛ و أنّى جلس أو قام او أتكأ أو نام و أنّى لوَّح بكلتا يديه أو أصبعيه لتلك الجموع المحشودة قسرا و قهرا في تلك الميادين و الملاعب المخصصة للقاءات القائد الصدفة ؛ الشعب المولع دوماً المسكون أبداً بحب القائد العظيم و دوره الأعظم في محاربة و مجابهة و مواجهة و مقارعة دول الاستكبار و هزيمة حصارها بقوة صبر ذلك الشعب البطل القادر على تحمل الجوع و المرض و الفقر و العدم و الشح و الحرمان .. الشعب العظيم المقدام الذي يتحدى به الطاغية نهارا جهارا قوة و فورة و غضبة الدول العظمى ؛ فقد لا يعلم ذلك الشعب المقدام أن قائده الملهم العظيم و الذي يتحدى أعتى و أعظم قوى العالم القادر مالاً و المقتدر قوةً و سلاحاً ؛ قد لا يعلم ذلك الشعب المسكين المغلوب على أمره أن ذات القائد الذي يتحدى قوى البغي و الاستكبار جهاراً نهاراً تجده يضاجع ذات القوى الغاشمة المتغطرسة ليلا عند حلول الظلام و لسان حاله يقول ؛ نتحداكم نهارا لنرضي شعبنا الذي عودناه على كراهيتكم و بغضكم و نضاجعكم ليلا لنرضيكم حتى تسمحوا لنا بالبقاء في السلطة و التسلط على شعبنا المشحون ضدكم كلاما هلاميا لا يسمن و لا يغني من جوع و نحن نعلم ذلك ؛ بل نحن متفقون معكم على ذلك السيناريو و أنتم أدرى و أعلم منَّا بذلك ؛ فلا تؤاخذونا إذا أكثرنا من الشتائم و البذاءات ضدكم في ساحات الحشد الجماهيري فهي لزوم استرضاء هذا الشعب العاطفي الانطباعي الذي يتوق دوماً و أبداً للثورات و الانتفاضات و اذا لم يجد ما يثور ضده فسوف يثور و ينتفض ضدنا في ظل الضوائق و الأزمات التي يعيشها و يكابدها ؛ لذلك نسعى جاهدين أن نجعله في ثورة دائمة مستدامة ضدكم تارة بالمكتسبات لوطنية الغائبة غير الحاضرة و لا الملموسة في الواقع المنظور و تارة أخرى بالعقيدة الدينية التي نرفعها شعارا و قولا و لا نطبقها فعلا و لا عملا حتى لا نترك مجالا لمن قد يأتي ليطبقها قولا و عملا و عندها ستكونون أنتم أول الخاسرين و النادمين على ذهابنا و ذهاب حكمنا عندما يفاجئكم العقائديون المتطرفون الذين تكتظ بهم سجوننا و معتقلاتنا و أنتم أدرى بهم و بمقاصدهم و أهدافهم و مراميهم ؛ و قد سلمناكم العديد من قادتهم في السابق و على استعداد لتسليمكم المزيد منهم لو أمهلتمونا نحكم و نتحكم ؛ فنحن الأجدر و الأقدر على حماية مصالحكم و مصالح شعوبكم الخائفة المرتجفة المرتعدة من الإرهاب و الإرهابيين . و نحن كما تعلمون و تعرفون و تدركون أكثر من علمنا و إدراكنا و معرفتنا ؛ فنحن لا نملك غير حناجرنا التي اعتادت شتيمتكم و الاساءة إليكم عبر الأثير و في الهواء الطلق كلما اعترضت مسيرة حكمنا أزمة داخلية اقتصادية أو عسكرية ؛ إذ لا نملك غير استخدام سلاح نظرية المؤامرة و هي الحرفة الوحيدة التي تبقت لنا و نعرف كيف نجيدها و نتقنها و نحن موقنون و واثقون بأننا قادرون على تعبئة و شحن شعبنا – الفضل – و ذلك باستعداء عواطفه و مشاعره تجاهكم و هو استعداء لا يبارح ساحة الخطابة و التي شهدت و تشهد أسبوعيا و شهريا مئات و آلاف الخطب الحماسية و التي تنتهي بانتهاء مراسم الدفن بعد مبارحة المكان و مغادرة المدعوين المصفقين ؛ مغادرتهم ذلك المكان بحثاً عن وجبة العشاء الصعبة العصية في تلك الليلة المشحونة بالزعيق و الهتاف و الرقص و الزغاريد و جوغة الموسيقى و المارشات العسكرية .. هكذا فعل صدام حسين و كانت النتيجة من بعد كل ذلك و من بعد كل تلك البطولات و الصولات و الجولات دخوله حفرة عميقة في مزرعة نائية ترتع و ترعى بها البهائم الهائمة و القاصية خوفا على نفسه و روحه بعد أن فرَّ هاربا بجسده و جلده تاركا خلفه زمرة السدنة و المنتفعين تهتف و تصيح بحياة القائد الملهم مهيب الركن منقذ الأمة العظيم ؛ بينما أكثرية الشعب و غالبيته المطلقة تعمل على هدم و تكسير و تهشيم تمثال المخلوع الهارب بعد أن تأكد لهم استحالة عودة عقارب الساعة للوراء مع ضراوة نيران مدفعية المستعمر الجديد .. هرب المخلوع و استبقى عناصر الدولة العميقة و التي بدأت في النشاط و استشاطت فيه حمايةً لمصالحها و خوفاً على مكاسبها و مواقعها التي ستفقدها قطعاً و حتماً اذا قامت و استقامت دولة العدل و المساواة ؛ لذلك فهذه العناصر جميعها تعمل بكل همة و نشاط في مختلف المواقع و الميادين في كل المؤسسات العسكرية و الأمنية و الإعلامية و السياسية و الدبلوماسية و الاقتصادية و الاجتماعية على تشويه صورة الثورة و الانتفاضة لتصل بها إلى مفهوم الفوضى الخلّاقة التي تقف خلفها و وراءها الدول العظمى و الكبرى و لتنتهي بذلك ثورة الشعب و انتفاضته ضد الظلم و الجبروت و ضد الجوع و المرض و ضد الجهل و الفقر و ضد الاستلاب و الحرمان إلى مجرد فوضى عارمة و عراك شعبي كريه و بغيض لا داعي و لا لزوم له و لا طائل و لا فائدة من ورائه ؛ تنتهي الثورة العظيمة و الانتفاضة المباركة لمجرد حدث عابر لا يغادر و لا يبارح منصة نظرية المؤامرة الدولية و الإقليمية التي تحاول أن تثبتها و تدلل و تبرهن عليها بل و تسوقها الدولة العميقة من أجل إفراغ الثورة العظيمة من مضمونها و محتواها ؛ بل لجعل الثورة العظيمة مجرد أكذوبة كبيرة تقف خلفها القوى الدولية و الإقليمية لتمرير مخططاتها الجهنمية الشريرة .. لقد نحروا بذلك الذاكرة الجمعية للشعوب العظيمة عظمة تأريخها من الوريد للوريد و جعلوها تنسى عظمة الثورة الفرنسية و الثورة الجزائرية و ثورة ثائر الثوار بجنوب أفريقيا و عظمة و سموق ثورة الإمام محمد أحمد المهدي و نتائجها التي أبهرت و أدهشت الباغي اللئيم , المعتدي الأثيم عندما قال و هو المنتصر بالحسابات العسكرية المحضة - لقد سحقناهم و لكننا لم نهزمهم - .. شهدت على ذلك شيكان و كرري و أم دبيكرات .. كرري تحدث عن رجالٍ كالأسود الضارية خاضوا اللهيب و شتتوا كتل الغزاة الباغية .. جاء من بعد صدام قائد الجماهيرية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى القائد معمر القذافي الذي انتهى به المطاف إلى داخل أنبوب مياه الصرف الصحي مع صراصير و حشرات مياه المجاري ؛ بعد كل ما شهدناه و شاهدناه من عنترياتٍ زائفة و تشدق أجوف و شهيق و زفير و توعد و وعيد لدول النيتو و أحلاف الاستكبار و ذلك بعد إرسال سيل من الرسائل المتتالية و المتوالية لدول الاستكبار و التي أصبح القائد العظيم يرسلها نهارا جهارا بعدما كان يضاجع بها ليلا ؛ حينما أحس و شعر بأن حبل المشنقة قد اقترب من الرقبة و لا مجال للانتظار حتى حلول الظلام ؛ فقد قالها جهاراً و بالصوت العالي إذا ذهبتُ أنا و ذهب حكمي و أولادي فسيكون البديل من بعدي جماعات دينية متطرفة ستؤذي و تقلق أوروبا و حدودها الآمنة معي .. و قد ذهب القائد العظيم من بعد كل ذلك و ذهب أولاده و أركان حكمه و لكنه قد خلّف و أورث الدولة العميقة المتجذرة و المتعفنة و هي التي تتحكم في مصير و مستقبل ليبيا اليوم كما هو تحكمها في مصير العراق و مصر و تونس .. و قد جاءت جماعة الإخوان المسلمين بمختلف مسمياتها و ألقابها و تشكيلاتها و تكويناتها الأممية لتختطف ثورات الشعوب باعتبارها الأكثر تنظيما و الأكثر مالا و عتادا و الأكثر سندا من قبل العديد من الدول التي تسلط على حكمها و اغتصبها الاخوان بانقلابات عسكرية سابقة لتلك الثورات .. الاخوان المسلمون هم جزء فاعل و عميق من جسد الدولة العميقة و بالذات في الجانب المالي و الاقتصادي و السياسي ؛ بل هم أكثر من عمل على استلاب و سرقة ثورات الشعوب و افراغها من محتواها و مضمونها و مقاصدها و أهدافها الحقيقية و تحويلها إلى مجرد مقطورة خلف قاطرة التنظيم العالمي الأممي للإخوان المسلمين .. جاء الإخوان المسلمون و هم متعطشون للحكم المطلق و يريدون أن يجمعوا ما بين السيطرة على الدولة العميقة بإزاحة عناصرها و شخوصها بجرة قلم و إحلال عناصرهم و رجالاتهم محل تلك العناصر حتى يخلو لهم الانفراد و الاستفراد بالدولة العميقة بكامل هيئتها إضافة إلى السلطة الجديدة باسم ثورة الشعب و الشعب منهم و من أحابيلهم براء .. الإخوان المسلمون تنظيمٌ صفوي أممي لا يؤمن بالدولة الوطنية و لا يعترف و لا يعتد بحدود الدول و الأوطان ؛ بل يعتبر الإسلام دين حربٍ و قتال مع كآفة الملل و الأمم و الأديان إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ؛ فالإسلام في فقهم و فهمهم هو دين حربٍ لا دين سلام .. الجميع يعلم كيف جاءت و تمت تسمية العالم الثالث بدلا من العالم المتخلف عندما احتج جلادوه و مستبدوه على حقيقة التسمية و التي تدل على حقيقة الواقع المرير ؛ عندما أراد أولئك المستبدون أن يخفوا حقيقة الواقع تحت ستار اسم هلامي لا علاقة له بالحقيقة و الواقع ؛ حينها لم يعترض قادة العالم المتحضر على ذلك بل قالوا لهم فليكن المسمى العالم الثالث و ليكن الفارق و البون بيننا و بينكم هو العالم الثاني و هي الخانة الشاغرة التي تبعد الأجرب المعدي من السليم الصحيح .. الدولة العميقة تتشعب فيها مسارات المصالح الذاتية و الحزبية و العرقية و الإثنية و المناطقية و الجهوية و تنحسر و تتلاشى هيبة و وجود النظم و القوانين و يبقى فيها البقاء للأقوى و لا مجال و لا فضاء و لا سوح للأصلح .. الدولة العميقة يتمترس فيها كل ذي مصلحة ذاتية ضيقة في المربع الذي يعيش و يقتات منه و لا يسمح لكائن من كان أن يقترب من دائرة نفوذه و وجوده أو يهدد مصالحه و موارده المستدامة و التي لا يكتفي منها فقط بامتصاص ريعها و لكنه يسعى جاهدا لجعل تلك الدائرة بكل مواردها و مصالحها حكرا و ميراثا لأبنائه و أقاربه و أهله و عشيرته .. فالدولة العميقة و بتشابك و تداخل و ترابط مصالح أعضائها و عناصرها عملت و بكل قوة على اجهاض ثورات الشعوب العربية المغلوبة على أمرها ؛ عملت الدولة العميقة على اجهاض الثورات العظيمة القائمة على أسس عادلة و سليمة حتى تثبت وتبرهن الدولة العميقة لتلك الشعوب بأنها أي تلك الشعوب غير راشدة و غير واعية وغير مدركة لمسار مصالحها ؛ بل غير جديرة بإحداث التغيير الذي يتواءم و يتلاءم مع آمالها و أشواقها و طموحاتها .. الدولة العميقة تعمل بعناصرها المنتشرة و المتعمقة و المتجذرة و الممتدة في كل مؤسسات الدولة من شرطة و جيش و أمن و استخبارات و خدمة مدنية مسيسة و موجهة وفق سياسات التسكين و التمكين لأصحاب الولاء و البلاء مع تجريفٍ تام و تجفيف و استبعاد كامل و تحجيم مطلق لأصحاب الكفاءات و المقدرات العلمية و المهنية ؛ تعمل تلك العناصر جميعها وفق تخطيط مدروس على اثبات خطأ و خطل فكرة التغيير التي تنشده تلك الشعوب المكلومة و المظلومة و المهضومة ؛ حيث تختزل التغيير فقط في شخص القائد الملهم و ذويه و مقربيه حتى يتسنى لعناصر و شخوص الدولة العميقة الاستحواذ على أموال و مكتنزات القائد الملهم و ذويه و مقربيه و تضاف بذلك لما اكتنزوه من أموال هي خلاصة حقوق و مكتسبات تلك الشعوب المغتصبة المنهوبة .. الدولة العميقة هي الآفة الخانقة القاتلة للأوطان و الشعوب و قد تسنى لها امتلاك أعتى و أقوى وسائل الإعلام التي تصور الحق باطلاً و الباطل حقاً و هي قائمة تمشي متبخترة متزينة متبرجة كاشفة رأسها و ساقيها و تمد لسانها طويلا لكل من يحاول الاستهتار أو الاستهانة بها .. لقد ناديت لو اسمعت حياً *** ولكن لا حياة لمن تنادي ولو ناراً نفخت بها اضاءت *** ولكن انت تنفخ في الرماد
مهندس / حامد عبداللطيف عثمان [email protected] 9/ يناير / 2014م
|
|
|
|
|
|