|
ذكريات مضحكة ومبكية في آنٍ واحد!! توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي)
|
بسم الله الرحمن الرحيم ذكريات مضحكة ومبكية في آنٍ واحد!! توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي) http://www.tewfikmansour.net
مررت بجامعة الخرطوم في (الستينات) بذكريات عديدة زراعية ونباتية مضحكة ومبكية في آنٍ واحد .. ففي زمننا لم يكن بمقدور الطالب أن يلج للكلية التي يرغبها بعد الشهادة السودانية .. فقد كان هناك ما يسمى (بسنة البيولوجي)، وبعدها وحسب الدرجات ومن ثم الرغبات والمنافسة يُزج الطالب في كلية ما !!.. هذا وقد كانت هناك بعض الاجتهادات في استكشاف (SPOTTING) بعض مواد الامتحانات النهائية وبالأخص العملية في (سنة البيولوجي)، فمثلا مع اقتراب الامتحان ينظر الطالب للسوق فإن كان (سمك البلطي) متوفرا وسعره رخيصاً فيكون التشريح في الامتحان النهائي بأسماك البلطي الصغيرة، وإلا فالضفادع ستكون معدة لمادة التشريح، وبالعدم فسيكون مصير الصرصور الأحمر (الكوكروش) هو التشريح .. هذا وأثناء الامتحان النهائي (العملي) لعلم النبات، كان هناك شيء في طاولةٍ بعيدةٍ يتوجب على كل طالب أن يذهب إليه ثم يرجع لمكانه لكتابة موضوع عنه .. وفوجئت أنا وبعض (الخرطوميين) بأن ذاك الشيء غريب عنا، ولم نره من قبل!! فمعظمنا ذهب للطاولة و (حكَّ رأسه) ثم رجع لمكانه دون أن يعرف ذاك الشيء، ناهيك أن يكتب عنه!!.. أما ذاك الشيء فقد كان عبارة عن (شمروخ) ذكر النخيل .. وكما هو معروف فإن النخل إما أنثى أو ذكر.. ويتم التلقيح إما طبيعياً عن طريق الهواء أو الحشرات أو يدوياً بتدخل الإنسان .. المهم هو أنني ذهبت لذاك الشيء ولم أتعرف عليه فهززت جزءً منه فتساقط الطلع الأبيض منه.. وهكذا فعل معظمنا.. والمفارقة العجيبة هو أن جميع أولاد المديرية الشمالية (كما كانت تُعرف في زماننا) قد تعرفوا وبسهولة على ذاك الشمروخ .. عموماً كانت درجة هذه الفقرة مؤثرة خاصة مع المنافسة القاتلة في ذاك الزمن .. وعليه كانت تلك المفارقة الغريبة التي انتهت بأن كل من تعرف على ذاك الشمروخ قُبل بالطب، وكل من لم يتعرف عليه ذهب لكلية الزراعة !!!.. طلبة الزراعة كانت تُنظم لهم رحلات خلال العطلة السنوية لجهة ما بالسودان (أيام العز).. وصدف أن كنا في رحلة للمديرية الشمالية وزرنا فيها محطة أبحاث زراعية بستانية .. ومنذ البداية حذرنا أستاذنا المرافق المبجل البروفيسور (محمد عثمان خضر) بأن لا نقطف أو نأكل أي شيء من تلك الحقول، لأن هذه المزروعات كلها للتجارب والحسابات الدقيقة وصُرفت فيها أموال ضخمة .. فأجبناه بأننا سنكون عند حسن ظنه بنا!!.. ثم بدأت جولتنا وسط الحقول، وكان النهار قد انتصف والكل كان جوعاناً.. وبدأنا بحقلٍ لتجارب زراعة الفراولة، وكانت مثمرة يا ما شاء الله، ونباتاتها لا ترتفع كثيراً عن الأرض، بمعنى أن قطفها لا يحتاج لأي مجهود .. فطلب منا مرافقنا من محطة الأبحاث بأن لا نقطف أي من ثمار الفراولة لأن هذه التجربة حساسة للغاية، ولأن هذا الحقل مرشوش بمبيدات حشرية، وأن ثمرة الفراولة تمتص بسرعة هذه المبيدات وتبقى فيها لفترة من الزمن .. ثم بدأ بالشرح شاقاً حقل الفراولة من أوله لنهايته وبعضنا من ورائه يقطف ويأكل .. والشيء الذي أذكره جيداً هو بأننا بعد أن انتقلنا لحقل آخر كان حقل الفراولة الذي من خلفنا والذي كان يذخر بثمار الفراولة لا توجد به ولا ثمرة واحدة .. أيضاً يقيني بأن معظم مخرجات ونتائج تجارب البساتين بمزرعة كلية الزراعة بشمبات والمتاخمة للداخليات مشكوك فيها، على الأقل في ذاك الزمن، وذلك لأن بعض الأشقياء منا (كمجموعة) كان يقوم ليلاً أي بعد الساعة الواحدة فجراً، ومعهم بعض (أكياس مخدات) الداخلية ويقفزوا خلسة عبر سور مزرعة الكلية في مواسم الفاكهة وخاصة (المنقة) ويقطفون ما يمكن حمله ويرجعوا به للداخليات ليلاً ويحفظونه بدواليبهم .. ما تقدم من (شقاوة الشباب) عجيب ومحزن ومضحك في آنٍ واحد وهناك المزيد في مرة قادمة إن شاء الله !!!. توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي) http://www.tewfikmansour.net
|
|
|
|
|
|