تعقيب على الأخ أبو بكر القاضي

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 07:26 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-08-2004, 11:03 AM

النذير محي الدين


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تعقيب على الأخ أبو بكر القاضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    {103} وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {104} وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {105} يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ {106} وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {107} تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ {108{ (آل عمران)

    السودان مركز دائرة الوجود ... من قالها ؟!
    قرأت قبل أيام، ثلاث مقالات وجدتها في الصالون لأخينا أبو بكر القاضي يبدو أنه نشرها في مواقع سودانايل وسودانيز أون لاين . ولقد أثارت المقالات في حماسا رغم أنني قرات بعض مقتطفاتها ضمن ردود لعمر هواري وحيدر بدوي قبل أن أقرأها نفسها.
    وخلاصة ماخرجت به بعد قراءة هذه المقالات الثلاث هي أن أخونا أبو بكر قد نسى مسألة أساسية هي من صميم معرفته كجمهوري وهي أن حاضر الناس إنما هو تلاقح ماضيهم مع مستقبلهم. فإذا وضعنا هذه الحقيقة نصب أعيننا فإننا نجد أن أول من نادى بالسودان الجديد ورفع شعاراته لهو الأستاذ الشهيد محمود. وقد قدم أغلى ما يملك في سبيل السودان الجديد الذي يحلم به الجميع الآن. ولنرجع قليلاً للوراء لنجد أن منشور (هذا .. أو الطوفان ) الذي صدر في ديسمبر عام 1984م والذي بسببه قدم الشهيد للمحاكمة التي قضت بإعدامه، قد انحصرت مطالبه في ثلاث بنود رئيسية هي التي تشكل ملامح السودان الجديد، وهي :
    1- إلغاء قوانين سبتمبر (لأنها شوهت الإسلام وأذلت الشعب ...)
    2- الحل السلمي لمشكلة الجنوب ( .. هذا حديث يتوجب على الحكومة وعلى الجنوبيين من حاملي السلاح )
    3- إقامة المنابر الحرة
    هذا بعد أن بين المنشور في اختصار معجز مفارقة قوانين سبتمبر للشريعة الإسلامية وللدين.
    مجدوا الشهيد .. يوم نصركم
    لقد كنت أتوقع أن الباب قد فتح أمام الأخ أبو بكر القاضي وغيره ليمجدوا الشهيد ومن سار في ركبه من جماهير الشعب السوداني لأن هذا أبسط ما يمكن أن نقدمه لهم في يوم الانتصار إن صح أن السودانيين قد انتصروا بتوقيعهم لاتفاقية السلام !!! والعبارة تأتي دائماً أن ذكرى الشهداء تدوم إلى الأبد ... فمن هو شهيد السلام في السودان غير الأستاذ محمود؟! أما اعتبار استشهاد الأستاذ محمود وتصويره كأنه انتكاسة فهذا لعمري جحود أربأ أن يلحق بأخي أبا بكر. كما أنه في نفس الوقت تضييع للمباديء التي من أجلها قدم الشهيد نفسه فداء، وهي هي نفسها مباديء ما يسمى بالسودان الجديد. ولقد كان موقف الأستاذ مميزاً على طول المدى بينما كان موقف أبنائه خاصة القياديين في غاية الضعف. وان وجدنا التبرير للقياديين في الماضي فإننا لا نجده لهم اليوم. ومن هنا تجيء أهمية التفريق في النظر للأمور بين الأستاذ ومن يسمون بأتباعه. ولقد كان موقف الأستاذ خاصاً بالشعب السوداني والإنسانية عامة من البداية وإلى النهاية. بينما ليس لأتباعه أي موقف يذكر .. بل إن بعضهم ربما يسيء للفكرة بوقوفه في العقبة.
    لا تنسبوا ... الحق للصوص !!!
    إن مشروع الأستاذ محمود لم ينتكس وحاشاه لأنه يقوم على أساس التبشير بحياة إنسانية راقية، ورفيعة يلتقي عندها الناس كناس بغض النظر عن أجناسهم وطوائفهم وأعراقهم وأديانهم. الأستاذ محمود تحدث عن الدستور الإنساني الذي يقوم على الفطرة الإنسانية المحضة صفاء العقل وسلامة القلب. هذه الفطرة لم تدركها البشرية بل إنها أبعد ما تكون عنها إلا أن يتغمدها الله برحمته. فكيف ينتكس مشروع مؤسس على مستقبل البشرية بهذا التصور الرفيع الذي دعا له الأستاذ محمود وظل يعمل له لآخر لحظة. بل إن الأستاذ محمود لازال ولن ينفك يدعو لمشروعه الذي تتطلع البشرية له من سحيق الآماد ولازالت تذرف الدموع وتسفك الدماء من أجله علمت أم لم تعلم. مشروع السلام ...
    اتفاقية ماشاكوس تقصر عن بلوغ مشارف مشروع الأستاذ محمود
    {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن
    لاَّ تَشْعُرُونَ) (البقرة 154)
    أين اتفاقية ماشاكوس من مطلوب الأستاذ محمود ؟! الأستاذ محمود دعا ولازال يدعو لأن يتحرر الإنسان عن كل ما سوى الله بإخلاص العبودية لله وهذا يعني أن يعيش الفرد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في قمتها في نفسه بتحقيق الإسلام الذي هو الاستسلام الراضي لله وهذا هو السلام الحقيقي الذي لا يقرب من مشارفه سلام المصالح المشتركة ، سلام المكر والغدر سلام الاستحواذ والتسلط الذي طفحت به مفاوضات السلام الأخيرة التي تبدو متفائلا بها.
    الصقر يعلو وحده متسنماً أعلى القمم .. ويلوذ بالسرب الرخم
    يقول أبو بكر : (الأستاذ محمود كان عملاقا يتقدم أقزاما من الجمهوريين‚ وان الصادق المهدي عملاق يتقدم أقزاما من الأنصار‚ والسيد محمد عثمان الميرغني عملاق يتقدم أقزاما من الختمية والاتحاديين وان الترابي عملاق يتقدم أقزاما من الأخوان ‚‚ الخ‚ وان المؤتمر الوطني - قزم - بلا عملاق يقودهم فقد أصابهم الضمور الذهني بعد أن فقدوا رأسهم الترابي!).
    أعتقد أن هذه العبارات تحتاج إلى ضبط وقد لا أستغربها عموماً إذا كانت قدر وردت من شخص آخر لم تكن له صلة بالأستاذ لأن الفرق شاسع وكبير بين الأستاذ وبقية القادة الذين ذكرهم أبو بكر، سواء من حيث التنظير أومن حيث التطبيق. والعبارة كانت قد وردت من الأستاذ الشهيد في معرض الحديث عن ضعف القادة السياسيين السودانيين الذين ذكرهم الأخ أبو بكر أعلاه وضعف أحزابهم من حيث أنها أحزاب طائفية لا تملك برامج ولا تهمها مصلحة الشعب بقدر ما يهمها الوصول لكراسي السلطة. لقد عاش الأستاذ عملاقاً ومضى عملاقاً
    تأييد سلبي وليس تحالفاً صامتاً يا أبا بكر
    تأييد سلبي .. ثم مقاومة سلبية
    يقول أبو بكر : (1 - كانت ثقتنا في الله ثم في نظام نميري قوية ) .. لا أعتقد أن هذه العبارة دقيقة لأنها جعلت الثقة في نظام نميري متساوية مع الثقة في الله. وهذا ليس الحق . الحق أنه كان هناك تحالفاً بين الجمهوريين ونظام مايو ولكنه لم يكن تحالفاً صامتاً والدليل على ذلك العدد الكبير من الكتب التي كتبت ووزعت حول ذلك والمحاضرات التي قدمت والأركان التي أقيمت والنقاشات التي دارت . لقد كان تأييداً سلبياً .. يا أبا بكر ! هكذا سماه الشهيد الأستاذ. وأذكر أن الدكتور منصور خالد قد زار الأستاذ زيارة شهيرة وهو يودع أعتاب وزارة النميري بعد أن احتواه الترابي. وقد نقل لنا من ذلك أن حوار الدكتور منصور قد تركز مع الأستاذ حول تأييد الأستاذ لمايو، وكيف أن النميري قد يغدر بالجمهوريين في أي لحظة فوردت العبارة الشهيرة من الأستاذ عليه السلام ( نحن بنغز راية الحق ونجلس تحتها). ولذا فإن موقف الأستاذ من نظام مايو موقف يقوم على الحق وليس لثقة قوية في نظام نميري. وذلك الحق كان يتمثل في أن مايو كانت تحول بين الشعب السوداني والطائفية وأنها جاءت عندما كانت القوى الرجعية تسعى لفرض الدستور الإسلامي المزيف.

    اعتقاد خاطيء ولا ضرورة لمناقشته في المنتديات العامة
    يقول أبو بكر : (2 - كنا نعتقد انه لا توجد قوة في الأرض يمكن أن تتصرف في (الأستاذ)‚ بل كانت عقيدتنا إن الأستاذ لن يموت بل كان الاعتقاد أن الجمهوري عادي لن يموت الى ان يشهد انتصار الفكرة وبمرور الزمن سقط هذا الاعتقاد بموت الجمهوريين تباعا) ..

    لقد كان من الأفضل أن ينسب الأخ أبو بكر هذه الاعتقادات لنفسه .. لأن الأمر لم يكن بهذه الصورة التي يصورها، ثم إن ما كان مطروحاً أي الفكرة لم يكن يتناول الأحداث من خلال هذا المنظور العقائدي بل لم تكن هناك ضرورة لمثل هذا الاعتقاد. ولقد شيعنا مع الأستاذ الشهيد عدد من الذين انتقلوا للدار الآخرة عليهم رضوان الله من أمهاتنا وأخواتنا واخواننا. وأذكر أنني في مرة أتيت من قريتنا في الجزيرة (المعيلق) حوالي التاسعة صباحاً فذهبت لمنزل الأستاذ وجلسنا في صالونه العامر كان عدد الحضور خفيفاً .. أذكر أن الأستاذ قد نقل لي بتأثر شديد (وهو يمسح دمعة عزيزة شريفة بطرف ثوبه) وفاة أختنا خديجة عبد الرحمن (أم عبود الصغير) عليها رضوان الله وذلك لأنني كنت مع مجموعة من الأخوان قد قضينا مدة في الأبيض كوفد وتوثقت علاقاتنا باخوتنا هناك. ثم إن انتصار الفكرة لم يكن ينظر إليه على الصورة التي رآها أبو بكر بل كان انتصارها في ما تحققه من تقدم في سلوك الأفراد الذين التزموها وفي المدى الذي كانت تعكسه من المعالجة لمشاكل الواقع، وفي المدى الكبير من التأثير على مجريات الفهم العام في البلاد بل وفي العالم أجمع وهذا يمكن قياسه ولكن ليس بالصورة الكمية التي كان يعتقدها أبو بكر. لقد كانت المسألة المميزة في الفكرة الجمهورية ولازالت هي أنها سعت للتغيير عن طريق الحوار الفكري السلمي. وهذا أحد أدوات القياس التي يمكن استخدامها. ولقد تم تجسيد هذه الأداة في المقاومة العاقلة لقوانين سبتمبر من قبل الأستاذ محمود من خلال النصح والتوعية بمخالفة قوانين سبتمبر (قوانين بدرية وعوض الجيد والنيل أبو قرون) للشريعة وللدين وبمقاطعة محاكم سييء الذكر المهلاوي والمكاشفي طه الكباشي ثم بالصمود أمام الحكم الجائر بالإعدام والثبات والاستبسال عند منصة الإعدام ثم بالنصر المؤزر لحظة انطلاق الشهيد إلى الخلود بعد وداع معلن على الملأ زينته ابتسامة. ثم بالرفع الحسي للجسد الشريف الذي حلقت به طائرة هيلوكبتر محظوظة إلى مكان ما في أرض السودان الذي عشقه الأستاذ العظيم وحلم به وعاشه .
    القراءة الصحيحة
    يقول ابو بكر : (3 - باختصار إن معظم الجمهوريين قد انضموا للفكرة في عهد مايو وقد تربوا على الراحات في حماية النظام لذلك لم نكن على استعداد لمواجهة هذه الظروف الصعبة التي تعودت عليها التنظيمات التي عاشت في ظروف العمل تحت الأرض وفي جنح الظلام) .

    وهذه القراءة لتجربة الأستاذ والفكرة في تربية أتباعها ومعتنقيها تحتاج لمراجعة يا أبا بكر لأن منهج التربية قد كان يقوم على التحقيق وليس الافتعال وليس العنف ولا حتى على التغيير السياسي المحض. وإنما كان النهج ولا زال يقوم على التربية الفردية في تحقيق السلام الداخلي بالرضا وذلك عن طريق التحرر من الخوف بشقيه الموروث والمكتسب بواسطة القرآن. وكانت الوسيلة المطروحة لإحداث التغيير الاجتماعي تقوم على دعوة الناس بالحسنى وبالحوار الفكري الشريف، وبالسيرة الطيبة بين الناس. وكانت التربية العقائدية تقوم على أننا لا نستعين على أمرنا هذا بالمشركين (أي .. من أصحاب المذاهب السياسية الأخرى) وإن احترمنا جهودهم. وكانت الثقافة هي إذا انتصر الآخرين بغير حق فينبغي أن ننتصر نحن بالحق.. . وهكذا.
    المشكلة ليست أن الجمهوريون تربوا على الراحات في حماية نظام مايو .. وإنما تربوا على الراحات في حماية الأستاذ. وفي كنفه الرحيم وركنوا إلى ظله الظليل .. فا نحجبوا عن الله وعنه. وبينما كان هو غاذاً في السير نحو ربه كانوا متوقفين ولا زالوا شأنهم شأن الأمم السوالف في تنمية وتطوير الاعتقاد بينما أمضى الأستاذ حياته كلها يحثهم على الفكر وينهاهم عن الركون للتقاليد والعادات والعقائدية. مثلهم مثل اليهود الحاضرين وأسلافهم الذبن لا زالوا يعتقدون أنهم شعب الله المختار. إن عدم مقدرة القياديين الجمهوريين في التفاعل السريع مع الأحداث قد كان ولازال ناتجاً من الفهم الخاطيء للأستاذ والفكرة.
    قلنا له الرأي ما تراه ونحن أبناؤك المطيعون!! صدق هو وكذبنا نحن !!!
    يقول أبو بكر (4 - على الرغم من ان تجمع النقابات الست التي فجرت انتفاضة ابريل 1985 قد نظم نفسه بالأساس لمواجهة نظام نميري لمنع إعدام الشهيد محمود‚ وبالرغم ان الجامعات بالخرطوم وتحديدا جامعة الخرطوم وجامعة القاهرة الفرع كانتا تحت تصرف الجمهوريين بسبب العمل الدؤوب من اركان النقاش والمحاضرات والمعارض منذ عام 1977 وحتى 1985‚ الا أننا لم نوظف هذه الامكانات لقيادة الشارع السوداني لاسقاط النظام او لإجباره على التخلي عن تنفيذ حكم الاعدام‚ وبل كان الجمهوريون مصدر احباط لكل الراغبين في الذود عن الاستاذ حيث كنا نؤكد لهم ان لا نظام النميري ولا أي كائن في الارض او السماء يستطيع مس الاستاذ بأذى‚ باختصار قلنا للاستاذ بلسان الحال (اذهب انت وربك وقاتلا)‚).

    هذا التحليل قد يبدو منطقياً للبعض ولكنه لا يتسق مع واقع الحال بالنسبة للفكرة الجمهورية والجمهوريين. إذ أن الفكرة الجمهورية تقوم على مبدأ أنها ثمرة تجربة روحية خاضها الأستاذ في علاقته بربه. وهي من ثم أشبه بالوحي (أي أنها علم لدني كما نقول). وهي ثمرة عقل تأدب بأدب الشريعة وأدب الحقيقة. ولذلك فإن الباطل لا يأتيها من بين يديها ولا من خلفها وإن لامست أرض الناس فبدت للكثيرين كأنها نظرية سياسية أو فكرية (ايدلوجية) على غرار ما هو وارد في الفكر البشري. بهذا الفهم فإنه لا يوجد تفريق بين الفكرة وصاحبها ولذا فإن القناعة بالفكرة والتزامها يجعل الطاعة واجبة على المنتمي. هذا من جانب .... ومن جانب آخر فقد حدث انهيار فجائي في نظام نميري وتغيير حاد (radical) نحو التوجه السلفي. هذا التغير الفجائي يمكن أن يكون وليد أسباب كثيرة من أهمها الوضع الاقتصادي الاجتماعي (socioeconomic) الذي نتج من احتواء الأخوان المسلمين والمعارضة لنظام نميري وفشل برامج التنمية، إذ دخل النظام في تناقضات مع النظام العالمي من خلال علاقته بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات التمويل الغربية (فيما عرف لاحقا بنادي باريس ونادي لندن). هذه الضغوط الاقتصادية أدت إلى أزمة سياسية حادة لم يملك نميري بإزائها إلا الارتماء في أحضان السلفيين ظناً منه أن ذلك يمكن أن يطيل عمر نظامه. وبدأ نميري من خلال إصداره لقوانين سبتمبر!!! في مواجهة الأزمة السياسية والاقتصادية الطاحنة والمتصاعدة، التي بدأت بتخفيض قيمة الجنيه السوداني وبرنامج الإنعاش الاقتصادي بداية عقد الثمانينيات. وكان النميري قد أصدر في بداية الثمانينيات كتابه (النهج الإسلامي؟ لماذا). والذي خلا من التطرف حتى أننا دافعنا عنه أمام السلفيين لأنه كان يمثل طرحاً معقولاً يحول دون غايات السلفيين والمهووسين. وكانت الإشاعة أن كتاب (النهج الإسلامي .. لماذا؟) قد كتبه للنميري د. عون الشريف قاسم الذي كان وزير الشئون الدينية والأوقاف. ولقد وردت عبارة من الأستاذ إبان اعتقاله الأول عام 1983م صورت وضع الانهيار السريع والمفاجيء للنظام تصويرا دقيقاً وهي : (.. أن نميري قد قفز في الظلام) أي التقط مشروع الأخوان المسلمين وتبناهـ لنفسه بصورة فاقت تصوراتهم حتى أن الترابي بايع النميري في أبوقرون. قصدت من هذا التفصيل المختصر أن أبين كيف أن الأحداث قد تدافعت بسرعة شديدة لم تكن في الحسبان. ولكنها كانت تحت علم وبصر أبونا الشهيد وهذا توضحه التعليقات والأحاديث التي كانت ترد منه إبان فترة اعتقاله الأول، الذي قارب العام، وبعد أن خرج، ليصدر المنشور المواجه لقوانين سبتمبر. ولقد اعتقل الأخوان الأربعة أثناء توزيع المنشور وبعد أن بدأت محاكمتهم تم اعتقال الأستاذ وتحول الاتهام من الأخوان للأستاذ بصورة رئيسية فأصبح الأستاذ المتهم الأول بعد أن كان عبد اللطيف هو المتهم الأول. وهذه إحدى كرامات الأستاذ (إن جاز لنا أن نقول ..).
    الشهادة في سبيل الله .. ليست هزيمة ولا انتكاسة
    ولا شك أن أقطاب الهوس الديني والسلطة كانوا يتصيدون الأستاذ. ويكفي للتدليل على سرعة الأحداث أن الأستاذ اعتقل يوم 5 يناير على ما أعتقد وتم التنفيذ يوم 18 يناير 1985م. واستغرقت المحكمة المهزلة ثلث ساعة لتقرر حكمها المبيت ثم بعد أيام أيدت محكمة الاستئناف المهزلة وغيرت حيثيات المحاكمة نفسها وأضافت الردة. ورفض الأستاذ الاعتراف بالمهزلة والتعامل معها. وحين عرض عليه المحامون (مصطفى عبد القادر وغازي سليمان.. ) الدفاع عنه .. شكرهم وقال لهم نحن نستطيع أن ننهض بقضيتنا انتوا دافعوا عن الشعب السوداني. ثم جاءت بعد ذلك العبارات الشهيرة من الأستاذ : (أن النطق بالحكم لن يثنينا عن موقفنا) ولاحقاً ( وحتى التنفيذ ..). هذه كانت المقاومة السلبية. يمكنك أن تقول تأييد سلبي ومقاومة سلبية. وكلا الموقفين كانا ينتظران نظاما مخلصاً وفياً لكن نميري كان خائناً غادراً وفاجراً أيضاً . لأن التنفيذ كان يمثل الظلم في أبشع صوره إذ كان عمر الأستاذ يكفي لإسقاط الحكم المهزلة.. ولكن الفجور ..! هكذا تطورت الأحداث. فماذا كان موقف الأخوات والأخوان القياديين؟ .. الصمت والطاعة ثم انتظار النصر النصر الذي خطه أبونا الشهيد بابتسامته البيضاء على لوحات الظلام الحالك الذي كان يلف الجميع. قال تعالى : (..وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ )
    } وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) صدق الله العظيم

    فداحة الظلم، ثم الصدمة .. وقياديون معجبون بفوكوياما!!
    يقول أبو بكر : (5 - بعد تنفيذ حكم الإعدام أصبحنا مثل الصراصير اختفينا في البيوت فجاءت نصيحة القيادة للاخوان والاخوات المعتقلين بتوقيع التعهد اللازم والخروج من الاعتقال التحفظي بعد ان افتى احد القياديين بنص من الأستاذ بان (الدعوة التي لا تنتصر في حياة صاحبها هي دعوة «ناقصة» وفي رواية أخرى هي فتنة)‚ وبالطبع فان الأستاذ قد أورد هذا النص في إطار الحديث عن دعوات أخرى غير الفكرة الجمهورية ولم نكن نظن ان هذه القاعدة يمكن ان تطبق علينا في يوم من الأيام‚ بهذه الفتوى انتهى النشاط الجمهوري وتفرقت أحزاننا أيدي سبأ).
    ما رأيك أخ أبا بكر في مراجعة قليلة لبعض كلمات حديثك؟! فنحن لم نختفي كالصراصير ولكننا أعطينا أنفسنا والآخرين فرصة سماع دوي الصيحة التي أطلقها أبونا الشهيد والتي لا زال صداها يتردد ويرن في الآذان .. الذين اختفوا كالصراصير هم بعض إخواننا القياديين الذين يصرون على نقل التاريخ للحاضر ويقرأون على ذلك النصوص وصارت لهم أدبيات ويصرون على تجميد الوعي وما أن تبرق بارقة إلا ويمتشق أشهرهم سيفه .. فكيف لزهرة أن تتفتح !! وأنت تحاول الآن إسكات الصدى ولكنك لا تستطيع فها أنت تتململ باحثاً عن فارس الميدان في يوم الرهان الذي يعرف الحال ويدري ما استبان. مع أنك جد قريب منه. لقد ترك الأستاذ العظيم كل شيء لله وذلك لتكتمل عبوديته. ثم دخلنا في فترة تماماً كتلك التي تمر بين انتقال نبي وظهور آخر. ولقد ظهر أنبياء كذبة كثيرون في الفترة منذ مضي الأستاذ الشهيد وإلى الآن وهم يعتمدون في غالب نبوءاتهم على الرؤى والأحلام والقصص السوالف مع أن الأستاذ كان يؤكد ولازال على (.. أن موضوعنا ما قايم على الرؤى) .. وبعضهم تعجبه أفكار وآراء فرانسيس فوكوياما .. رغم ادعائه نقدها وبعضهم يتمسكون بآرائه رغم أنه هو نفسه قد تخلى عنها !! إنه من الأفضل أن ( .. تفرقت أحزاننا أيدي سبا).

    إنا ههنا قاعدون !!!
    قال تعالي : (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {116} مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {117
    يقول الأخ ابو بكر (....حيث كنا نؤكد لهم ان لا نظام النميري ولا أي كائن في الارض او السماء يستطيع مس الاستاذ بأذى‚ باختصار قلنا للاستاذ بلسان الحال (اذهب انت وربك وقاتلا)‚) .. وأنا أتفق مع الأخ أبو بكر بخصوص سلبيتنا تجاه الأستاذ الشهيد .. لكنني أعتقد أن مشكلتنا لم تكن تكمن في القول وإنما في تحقيقنا الديني القاصر الذي فشل في توفير الحماية للأستاذ، والذي كان يدلل عليه قولنا، وذلك نتيجة الفهم الخاطيء للفكرة الجمهورية نفسها كدين. ولما عجزنا عن حماية الأستاذ كان الأجدر بقياديينا المضي على نفس الدرب وسوقنا في نفس الاتجاه .. لكنهم آثروا الدنيا وليس ذلك إلا (براءة من الله ورسوله .. ) وتلك براءة أبونا الشهيد الأستاذ أن يعلق به دم إنسان، لأن بشارته أن قد ولى عهد الدم المسفوح!!
    المشكلة هي أن بنو اسرائيل (بعض اخواننا الجمهوريون ) الذين قالوا لموسى (أبونا الشهيد الأستاذ : (اذهب انت وربك فقاتلا ) لا زالوا قاعدون ..!! وأشهرهم يلوح بالعصا لكل من أراد أن يقوم !!
    الزمان يستدير .. ثانية
    يقول أبو بكر ( وينص السؤال: لماذا انتهى هذا النشاط؟ ) .. انتهى النشاط لأن المهمة كانت قد تمت. لقد تم الدور ودخلنا في فترة جديدة. ولقد كان القيادي حينها حكيما وملهما حين حل التنظيم ودعا الجميع لمراجعة فكرتهم. فقد فهم في ذلك الوقت أن مهمة جديدة في طور التكوين .. وعاشق جديد يتبلور في رحم الأيام .. فلم يكن الأستاذ ليطلب الدنيا لنفسه!!!
    فارس الميدان يدري ما استبان.... موجود بين ظهرانيكم
    إن تفاؤل الأستاذ الشهيد بمستقبل السودان إنما استمد أسبابه من الإيمان العميق واليقين بمستقبل الإنسان على سطح كوكب الأرض. ولقد بشر الأستاذ العظيم بأن السودان هو مركز دائرة الوجود بما يقدمه من فهم يقوم على القرآن محققا للعدالة الاجتماعية الشاملة والحرية الفردية المطلقة. ثم إن هذا الفهم مرتبط أصلاً بمراحل تطور الإنسان في رحلة رجوعه لله. راجع رسالة الصلاة للأستاذ محمود محمد طه. لقد قال الأستاذ محمود لمدير منظمة اليونسكو في المقال المعروف : أنه يقدم للجميع القرآن كتاب الخلود لأن فيه قصة كل إنسان .. القصة العجيبة التي من تذكرها خلد الخلود الذي لافناء بعده لأن القرآن مصنوع من مادة النفس (مادة الأحلام). وأن قصة الإنسان قد غطاها الخوف الذي لايمكن التحرر منه إلا بالقرآن لأن وظيفته التذكير بهذه القصة.
    الفكرة الجمهورية ليست ماضي !! إنها ..
    الفكرة الجمهورية فكرة دينية بالمعني السامي للدين. وهي فتح رباني جاء في أواسط القرن العشرين لاستنقاذ الإنسان من التيه. ولقد كانت مستوى من الخطاب الإلهي للعبيد تماما كخطاب الأنبياء والرسل. ولقد فتحت الفكرة الجمهورية الباب واسعاً للبشرية للولوج إلى مشارف العز والرضوان وأرست قواعد الحياة الإنسانية المتمثلة في الدعوة للحرية الاقتصادية والحرية السياسية والحرية الاجتماعية كوسائل هامة لتحقيق الإنسان حريته الفردية المطلقة. الفكرة الجمهورية ليست ماضي وإنما بشارة بأن العصر الذهبي للإنسان أمامه. الفكرة الجمهورية ليست ماضي وإنما هي دعوة ليقرأ الناس صحفهم من القرآن.
    جذوة تأويل القرآن .. الخطاب الإلهي الجديد
    } وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{
    لقد استغربت كتابة الأخ أبو بكر القاضي بهذا المستوى عن الفكرة الجمهورية ومصدر استغرابي أن أبو بكر من الذين وقفوا على جذوة تأويل القرآن للأستاذ بدر الدين السيمت. وجذوة تأويل القرآن في نظري هي الخطاب الإلهي الجديد الذي يمثل النهج العملي لوضع الفكرة الجمهورية موضع التطبيق. ذلك أن جذوة تأويل القرآن تقوم على تحقيق السلام الداخلي عن طريق الرضا بالله في كل آن. الجذوة تقوم على أن أوان التأويل قد آن لفهم النفس وتقليبها على هدى القرآن والتصالح معها ومناقشتها وهو ما قامت عليه الفكرة الجمهورية التي تحدثت عن أن القرآن علم نفس وأنه همس أقدام ذات الله.
    إن أبرز السمات التي يمكن وصف الأستاذ محمود بها هي أنه قد عاش حياته كلها عبداً لله بوعي وفي بساطة مذهلة . ولقد كان موقفه الشريف في الثبات عند اللقاء من أكبر الدلائل على عبوديته لله. ولذا فإن الحديث عن أنه:
    (.. بدأ العد التنازلي لهبوط هيبة الفكرة الجمهورية في صدري وفي صدر الجمهوريين عموما في عام 1979 الموافق نهاية القرن الهجري الرابع عشر حيث أعلن الأستاذ أن رابع القرون «بعد العشرة» ناقص التكوين اي ان عيسى المنتظر والمهدي المنتظر سيظهران قبل نهاية القرن الرابع عشر وقد جهر الجمهوريون بهذا «السر» علنا في بريطانيا في حديقة هايدبارك ومعلوم ان قناعة وعقيدة الجمهوريين هي ان الاستاذ محمود هو صاحب الوقت والمسيح المنتظر‚ انقضى القرن الرابع عشر دون ان يحدث «التجلي» وبالطبع يستطيع القارىء تصور حجم الاحباط الذي اصاب «المنتظرين» في نهاية ذلك العام‚ في تلك الفترة ظهرت الثورة الايرانية بقيادة الامام الخميني عليه السلام).

    هذا الحديث لايتناسب أبداً والفهم الصحيح للفكرة الجمهورية. كما أن الأستاذ لم يقل به وإنما هو موجود في التراث الصوفي. والفكر السليم لا ينكر ولا يرفض ما لا يعرف وإنما يؤمن ويصدق ويجاري الوهم إلى أن ينقطع. لقد قامت الفكرة الجمهورية على إكرام الفكر والعقل واحترامه وقد ظل هذا الإعزاز للفكر هو الشغل الشاغل لأبونا الشهيد إلى آخر لحظة له بين ظهرانينا ولا تخلو منه كتاباته ومحاضراته واهداءاته حتى أن موقفه يوم التنفيذ جاء مؤكداً بصورة قاطعة لكرامة الفكر. ولقد بين لنا الأستاذ الشهيد الفكر المطلوب وشرح لنا آفاته وحدد لنا وسائل تنميته في مقدمة كتاب أسئلة وأجوبة الأول الذي ذكر فيه أن الفكر هو سر الحياة قال الشهيد : (قديماً هام الناس بسر القدرة وبسر الخلود . فجد الفلاسفة وراء ما أسموه بحجر الفلسفة وحلم القصاصون بخاتم المنى وبالفانوس السحري ولم يظفر أي من هؤلاء بشيء مما كانوا يبتغون قل لهؤلاء ولغير هؤلاء أن أكسير الحياة .. أن سر الحياة الأعظم هو الفكر . الفكر الذي يملك أن يفلق الشعرة ويميز بين فلقتيها أيهما أبيض وأيهما أسود). ألا تذكر هذا الحديث المطرب وأنت تكتب في تقييم الفكرة والأستاذ يا أبا بكر !!!
    قال تعالى في سورة الأنفال: } يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْلَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) صدق الله العظيم


    المعصوم .. وحديث الغرام























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de