|
لقاء انجرس: حرب الوكالة المتجددة بين الخرطوم وانجمينا/حسين اركو مناوى
|
بقلم: حسين اركو مناوى فى العقديين المنصرميين توالت الاحداث بين الخرطوم وانجمينا وتسارعت كما الجملود الصخر الذى جاء وصفه فى رائعة الشاعر الجاهلى أمرؤ القيس وعلى إثر هذه الاحداث مرت على الاقليم تحولات كبيرة ومثيرة ادت الى زحزحة مواقف انجمينا تحت وطأة ضغوط عابرة للحدود. فى هذا المشهد المتخم بالتفاصيل المأساوية ثمة اسئلة مركزية تطرح نفسها عن كيف ولماذا تحولت انجمينا الى شريك اساسى لنظام الانقاذ فى ضرب وفكفكة المعارضة السودانية فى دارفور ؟إذا كانت انجمينا اعترضت اتفاقية ابوجا من قبل فأىّ نموذج للسلام تسعى اليه الآن فى دارفور؟ وهل هذا التحول نتيجة لصفقات متكافئة ام انه نتيجة ابتراز دنئ لم يقوى احد الاطراف على الصمود؟ هى اسئلة قد يختلف الناس حول الاجابة عليها ولكن حجم وطبيعة الاحداث بين الخرطوم وانجمينا كفيلة بالاجابة عليها. فى هذا المشهد التراجيدى تبدأ وتتطور الاحداث على غير عادة فى المساحة الجفرافية والاجتماعية الممتدة بين الخرطوم وانجمينا حينما اطلّ علينا ذاك النبت الشيطانى الذى برز فى ثوب الاسلام زورا وهم بينهم وبين الاسلام كالثرى والثريا مثلما تساءل الاديب الطيب صالح عنهم بقوله ( من اين اتى هؤلاء؟) فى 30 يونيو 1989 ومن على صهوة الدبابة وبأسلوب تنم عن الخيانة والغدر وصلت الجبهة الاسلامية القومية الى سدة السلطة فى الخرطوم ونصبت شكليا العميد آنذاك عمر حسن احمد بشير رئيسا لتسيير شؤون البلاد والعباد وبعدها بعام ونيف دخل الخصم اللدود استراتيجيا والصديق الحميم تكتيكا الجنرال ادريس دبى هتنو العاصمة التشادية انجمينا دخول الفاتحين بعد معارك تحكى عن منتهى الشجاعة والمغامرة والفداء فى تاريخ الحروب الحديثة وكان الفرق شاسع بين الجنرال دبى ونظيره العميد عمر حسن بشير فى الغاية والوسيلة. فى قاموس السياسة والحكم كان عمر بشير مجرد لص تسلل الى قصر الرئاسة فى جنح الظلام وترتبت على ذلك عواقب تاريخية وخيمة ليست على الحركة الاسلامية السودانية وحدها بل على الحركة الاسلامية العالمية بأثرها لأنّ بالتجربة التى اقدم عليها الاسلاميون فى السودان انكشفت سؤة الاسلام السباسى جملة وتفصيلا امام الشعوب الاسلامية والمجتمع البشرى بأسره بما لا يدع مجالا للشك بأنّ الاسلام السياسى مجرد اجتهاد بشرى حاول اصحاب الغرض تطبيقه رغم المفارقة التى تتنافى والظرف التاريخى فلذا بدأت التجربة مشوهة وانتهت كارثية. اما الجنرال دبى سيكون التاريخ حليفه على الاقل فى الجزء الذى يتعلق بنضاله ضد الطاغية حسين هبرى ومقاومتة لصلف الخرطوم رغم استسلامه لاحقا والوقوف مع الظلم فى خندق واحد من اجل اجهاض الثورة السودانية التى اندلعت فى ظروف لا تختلف كثيرا عن الظرف الذى دفع بالجنرال دبى للخروج ضد نظام حسين هبرى الغاشم. الجنرال دبى اختلف مع رفيق نضاله الرئيس حسين هبرى فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى ونجا بأعجوبة من تدبير محكم اريد به قتله ومن معه وقد استشهد فيه احد اقوى رفاقه (حسن جاموس) وإثر ذلك اختار الاراضى السودانية من دون اراضى دول الجوار الاخرى واستقر عند التخوم الشرقية لدولة تشاد فى دارفور وبالفعل وجد فى هذا الاختيار ما يلزمه من الحصول على الاقل على حاجته الماسة من الايواء والدعم النفسى والمادى مما جعل كثير من اهل المنطقة يدفعون ثمنا باهظا مقابل تلك الوقفة التى املتها الانسانية والضمير فكانت النتيجة قتل عشرات من اهل المنطقة من المدنيين غيلة داخل الاراضى السودانية من قبل جنود حسين هبرى وبتواطؤ واضح من النظام فى الخرطوم عندما غزت قوة تشادية الاراضى السودانية حتى مدينة كتم على بعد مئات كليومترات من الحدود دون ان تحرك الحكومة السودانية ساكنا حيال ذلك العدوان. كان لنظام الخرطوم او بالاحرى القادمون الجدد من الاسلامويين المتعطشين للسلطة رايا اخر تجاه هذا الرجل عكس موقف عموم اهل دارفور الذين اعتبروا الانسانية والمروءة تقتضيان الوقوف معه فى تلك المحنة. الانقاذ تدعى كذباً انها اوصلت الجنرال دبى الى السلطة ايهاما واستخفافا بالعقول فى الوقت الذى كل الحقائق والوقائع التاريخية تقول عكس ما يدّعيه الانقاذيون, هذا فى المقام الاول أنّ طبيعة الاهداف الاستراتيجية لنظام الانقاذ التى ترمى الى قيام امبراطورية اسلامية اممية على غرار النموذج الذى ساد فى القرون الاولى للبعث الاسلامي قد لا تترك للجنرال دبى مساحة ان يكون حليفا استراتيجىا لدولة اسلامية فى السودان وخاصة اذا اخذنا فى الاعتبار كم من امثال الجنرال دبى فى الجيرة السودانية قد اصابتهم سهام الانقاذ المسمومة غيلة وغدرا فى سبيل تحقيق مشروع الاسلام السياسى فى افريقيا يمتد من القاهرة الى كيب تاون,فقد إهتزت بلاد النجاشى من كيدهم وبكت القاهرة المعز من غدرهم رغم انها لعبت دور العنكبوت فى هجرة الرسول(ص) فى بلورة الموقف الدولى لصالح انقلابهم المشئوم, وكما تأهبت كل البحيرات العظمى عندما استشعرت باطماع الخرطوم التوسعية تحت راية المد الاسلامى العربى الذى يتم اعداده خفية عبر المركز الاسلامى الافريقى سابقا وجامعة افريقيا العالمية الآن... إذأً من البديهى لن تكون انجمينيا استثناءأ بحكم انها اكثر المناطق عرضة لمشروع الاسلام السياسى الانقاذى, بالاضافة الى موقف قادة الانقاذ السالب تجاه الجنرال دبى الذى يرونه وعشيرته مصدر تهديد للسلطة القائمة فى الخرطوم تحت دعاوى وهمية ما تسمى بدولة الزغاوة الكبرى وهم يعلمون جيدا انها مجرد فرية وخيال لن تكون لها قائمة فى الواقع الجيوسياسى والاجتماعى المتنوع لافريقيا والذى لا يسمح قيام دولة تحت دعاوى قومية كالتى نراها فى الشرق الاوسط مثل الجمهورية العربية السورية او الامارات العربية المتحدة او كردستان , إذاً لا نحتاج الى درس خصوصى لفهم الواقع السياسى الاجتماعى الافريقى فمن المستحيل قيام دولة قومية فى افريقيا ناهيك عن دولة قبيلة. الجنرال دبى لم يجد ابدا فى أىّ لحظة من اللحظات الكرم الحاتمى الذى جاد به اهل الانقاذ لبعض زعماء المعارضة فى المحيط الاقليمى السودانى كالذى حدث مع افورقى اريتريا ومليس زناوى اثوبيا ضد النظام الاشتراكى فى اديس ابابا ومع كثير من الجماعات الاسلامية ضد مصر والسعودية وليبيا وكالدعم الذى يتلقاه الآن جوزف كونى ضد يوغندا, بهذا الفهم الجنرال دبى من المنطق لا يقدم مثقال ذرة من الخدمة للمشروع الحضارى فى الخرطوم ولذا كان التعامل معه قاسيا الى حد الطرد من السودان قبل ان تقوى شوكته ولكن من سخريات القدر ان يصبح الجنرال فى يوم من الايام اداة طيعة فى يد الانقاذ لتنفيذ اكبر جريمة ضد البشرية فى القرن الحادى والعشرين وفى شعب استجاره فى وقت الشدة حينما ضاقت علية الارض فى انجمينا. فى فاتحة 1990 يتلقى الجنرال دبى انذارا من قادة الانقاذ بأن يختار امرين اثنيين لا ثالث لهما . الخيار الاول أن يضع السلاح ارضا ويتخذ من صحراء ام كدادة معسكرا كلاجئ مع مقاتليه والخيار الثانى ان يغادر بمقاتليه ارض السودان فى غضون فترة لا تتجاوز الاسبوع. إلتقط الجنرال الاشارة وتعامل معها بمكر الثعالب وبطريقته الخاصة التى فاجأ بها الخرطوم والعالم بدخول انجمينا فاتحا قبل المهلة المحددة لمغادرة الاراضى السودانية , ومنذ تلك اللحظة تبنت الخرطوم وعلى عجالة خطة جهنمية تجاه انجمينا قبل أن تنشأ لهذا العقاب ########م ومخالب ومنقار. تنفيذ الخطة بالنسبة للانقاذيين يتم عبر حسم الذين يرونهم مصدر التهديد لنظامهم بدءاّ بفئة اجتماعية داخل السودان وانتهاءاّ برأس النظام فى انجمينا. وكان اغلب ظنهم ان فئة اثنية محسوبة لادريس دبى فى السودان تحتاج الى معالجة خاصة وقد تطور هذا الموقف الى مؤامرة متشابكة الخيوط لدى القوم لدرجة حرب شاملة بعد معارك الديسة المشهورة فى منتصف 2003 عندما اجتمع كبار الانقاذ فى لقاء مغلق بشندى على حسب زعم احد الكوادر الموثوقة للحركة الاسلامية السودانية لتدارس الامر وكانت هناك اكثر من رأى فى التعامل مع هذه الفبيلة المتمردة فى زعمهم ولكن فى النهايه استقر الامر على حسم الموقف عسكريا عبر عمليات حربية تطال التمرد والقبيلة على حد سواء. وقد سبقت هذه الخطة العسكرية الواسعة النطاق حملة شعواء ضد قبيلة الزغاوة والندوة التحريضية للشيخ عبدالجليل النذير الكارورى فى جامعة الجزيرة ضد الزغاوة عام 1996 كانت واحدة من هذه الحملات الاعلامية وتزامن مع هذه الحملة الاعلامية تصعيد حملة امنية درجة قسوتها تفوق الحالات السابقة من الانتهاكات فى مناطق كثيرة فى دارفور كاحداث الشعرية فى نهاية 1990 التى دفن فيها عدد من اعيان الزغاوة احياءا على يد الجيش السودانى وتلتها مباشرة بعد شهرين احداث خزان جديد وفيها اخرج عدد من ابناء الزغاوة من داخل المسجد وتم قتلهم بدم بارد مما ادى الى تملل كبير وسط ابناء القبيلة وقد شكلت نقطة البداية للانضمام الى صفوف المعارضة بشكل منظم وفى مقدمتهم الدكتور شريف حرير احد الاكادميين المميزيين فى جامعة الخرطوم. وكانت حملات متفرقة هنا وهناك تُسّير على قدم وساق وباسلوب مختلف, منها عبر اطواف امنية تقوم على القتل والتشريد والسلب ومنها عبر تعبئة قبلية ضد الاثنية المذكورة الى ان انتهت بقيام تمرد مسلح كرافد من روافد المعارضة السودانية التى تنادى بمطالب سياسية ذات علاقة بازمة المركز وذلك فى مطلع 2000م. المعارضة السودانية تشكلت واتخذت خطوات عملية فى استرداد الديمقراطية فور وصول الاسلامويين الى السلطة فى الخرطوم وهو هدف جامع لكل طيف المعارضة السودانية دون استثاء الا ان هناك عوامل ذات خصوصية دفعت كل مجموعة بالخروج المبكرضد الانقاذ, الحزبان الحاكمان مع القوى السياسية فى المركز يرون وقتئذ فقدهم للسلطة وعودة الدكتاتورية فى قناع الاسلام تشكلان نقطة فاصلة للحريات والديمقراطية فى تاريخ السودان وفى وقت لاحق رأى جزء هام من مكونات المجتمع السودانى وعلى رأسهم اهل دارفور ضرورة التحرك فورا من اجل البقاء والحوؤل دون ارتكاب ابادات جماعية كأولى اولويات المرحلة مع اقرار عودة الديمقراطية كشرط من شروط حل معضلة الاقليم. وكانت الانتقائية وازدواجية المعايير هما استراتيجية الانقاذ فى التعامل مع المعارضة. الانقاذ تقر وتعترف بجزء من المعارضة يقودها الصادق المهدى ومحمد عثمان المرغنى ونقد وعبدالعزيز خالد وغيرهم وترى فى منى مناوى ودكتور شريف حرير وعبدالواحد ود خليل ابراهيم مجرد عصابات نهب مسلح وقطاع الطرق وحاولت الالصاق بهم بدولة تشاد ضمن مخطط الذى رسم فى لقاء شندى لمواجهة انجمينا واخضاع فئة من المجتمع السودانى بذريعة انها واحدة من مهددات كيان الدولة السودانية كما تحدث عنها بوضوح رجل الدين عبدالجليل الكارورى فى ندوة جامعة الجزيرة الشهيرة وهكذا اقدمت عصابة الاسلام السياسى فى الخرطوم على ارتكاب الخطيئة التاريخية فى السودان بإبادة جزء من شعب دارفور. وفى سبيل مواجهة انجمينيا حاولت الانقاذ ازاحة ادريس دبى من السلطة فى وقت مبكر من عمر الانقاذ أى قبل لقاء شندى, حيث اعدت وارسلت اولى حملة عسكرية بقيادة احد الكوادر الاسلامية من ابناء تشاد يدعى الحارث فى منتصف التسعينيات الا ان الرجل لم يفلح فى تحقيق الهدف فانهزم على مشارف انجمينا وقتل فى المعركة . الخرطوم لم تقف عند هذه المحاولة بل استحدثت وسائل شتى بدءاّ بالانشطة الاستخباراتية وانتهاءاً بالغزوات العسكرية وظل ادريس دبى يتلقى الضربات تلو الاخرى طيلة الفترة التى امتدت زهاء عقدين وهو يترنح تارة وتارة اخرى يتلقى الضربة تلو اخرى وهو متزن كالجبال الاشم إلا أنّ الغريب فى هذا المشهد لم يتخذ الجنرال دبى اى استراتيجية واضحة تكون بمثابة ردع لتجاوزات الخرطوم ,بل كان فى كثير من الاوقات فى موقف الدفاع واحيانا يظهر الاستعداد للجنوح الى السلم من طرف واحد فى الوقت الذى يرى بناظريه الجحافل تقترب من اسوار قصره فى انجمينا. العواصم الافريقية التى تضررت من كيد الخرطوم استطاعت ان ترد الصاع بالصاعيين حتى انحنت الخرطوم صاغرة امامها باستثناء انجمينا التى وجدناها كلما تلقت صفعة فى خدها ادارت لها الخد الاخر بل قدمت خدمات جليلة للخرطوم فى سياساتها الاجرامية ضد اهل دارفور فمثلا الجنرال دبى يطير الى الفاشر حاضرة دارفور عام 2003 ليعلن فى حضرة خصمه اللدود عمر بشير فى ملأ بأنه سيتولى مهمة القضاء على التمرد فى دارفور وكما لم يستكين فى يوم من الايام فى تقديم خدمات اخرى مجانا كتضيق الخناق على بعض المناضلين من ابناء دارفور استجابة لضغوط الخرطوم. منطق الاشياء دفع بدول جوار السودان وما وراء الجوار ان تقف موقفا مشرفا إزاء ما تحدث من الانتهاكات ضد الانسان السودانى وتبعا لهذا الموقف الاخلاقى وجدت المعارضة السودانية موطئ القدم على اراضى هذه الدول دون ادنى مضايقة ولم تشذ فى هذا الموقف سوى دول قليلة من بينها دولة تشاد التى يضمر لها النظام فى الخرطوم عداءاً سافراً منذ وصول ادريس دبى الى السلطة حتى كتابة هذه السطور, ومكاتبات الفريق غراهام شاؤؤل المنشورة الآن فى وسائل الاعلام بخصوص تدريب المعارضة التشادية فى القطينة وشندى والضعين تقف شاهدة على ما ذهبنا اليه. هذه المفارقة فى موقف الرئيس دبى كانت فوق اى تفسير عند كل من يحاول ان يجد لها تفسيراً منطقيا وخاصة عند اولئك الذين وقفوا معه فى الشدة امثال الدكتور شريف حرير الذى وهب فى لحظة من اللحظات جل وقته فى خدمة الجنرال دبى ابّان وجوده فى الخرطوم لترتيب الاوضاع الداخلية لحركته من اجل مواجهة الدكتاتور هبرى فى انجمينا. ليس الدكتور حرير وحده قوبل بتعامل لا يليق به من قبل انجمينا بل شمل هذا التعامل عدد كبير من قادة التحرر فى السودان وخاصة ابناء دارفور. اذا كان الدكتور شريف حرير ظل طيلة فترة نضاله يطرق ابواب انجمينا بغية تحقيق اختراق استراتيجى فى جبهات النضال المتعددة فهو بالطبع لم يحصد غير الريح من بوابة انجمينا فى نهاية المطاف. وكان للقائد منى مناوى ايضا تجربة لا تقل عن تجارب من سبقوه فى التعاطى مع قضية دارفور عبر بوابة انجمينا حينما كانت حركة تحرير السودان فى بداية 2003 فى مرحلة الطفولة ومنى مناوى امينها العام إذا به يفاجأ بموقف عدائى صارخ يعلنه الرئيس دبى من الفاشر حاضرة شمال دارفور ويتبعه ببرهان عملى بتوجيهه للقوات التشادية فى التوغل الى عمق الاراضى السودانية عند معاقل الثوار فى مسرحية كأنّ التاريخ يكرر نفسه عندما توغلت قوات هبرى الى عمق الاراضى السودانية بموافقة الخرطوم لمطاردة قوات ادريس دبى التى كانت تقاتل من اجل الحرية كما تقاتل قوات مناوى الآن من اجل الحرية ولو لا كانت حكمة اشقاءنا فى الجيش التشادى لحدث ما لم يحمد عقباه. استمرت العلاقة بين مناوى وانجمينا على غير ما يرام من قبل وبعد اتفاقية ابوجا, ففى فترة انعقاد مؤتمر حسكنيته كانت لانجمينا اليد الطولى فى محاولة افشال المؤتمر وكان غياب انجمينا فى ذلك الحضور الدولى الكثيف ما هو الا حلقة من حلقات محاربة حركة تحرير السودان بقيادة منى مناوى والايام اثبتت صحة ذلك فور توقيع اتفاقية ابوجا عندما فتحت انجمينا مخازن اسلحتها وعتادها لجنرال ادم بخيت ليشعل فتيل الحرب داخل حركة تحرير السودان وكان المستفيد الاول من هذة الفتنة هى الخرطوم اولا ثم انجمينا لانّ الخرطوم انذاك لا تريد ان يأت منى مناوى اليها قوياً وخاصة من الجانب العسكرى الامر الذى كان واضحا فى استراتيجية تعامل الانقاذ مع اتفاقية سلام دارفور وكذلك الرئيس ادريس دبى لحاجة فى نفس يعقوب ينظر الى حركة التحرير بقيادة مناوى من ذات الزاوية التى ينظر اليها قادة الانقاذ ولا يريد ان يتحقق سلاما او تقوم تنمية فى دارفور على يد حركة تحرير السودان والدليل على ذلك كل المواقف السالبة التى تم ذكرها اضافة الى المعارك التى خاضتها الحركة مع من تسلحوا بسلاح انجمينا فى معارك المهاجرية وجبل اجبى فى 2009 اى السلام . والى اليوم لم يسدل ستار الحرب الباردة بين منى مناوى وانجمينا , ففى الايام القليلة الماضية كانت هناك حرب خفية دارت رحاها بين مناوى وانجمينا فى شأن داخلى صرف يتعلق بإجراءت ادارية داخلية لحركة تحرير السودان ولكن كالعادة رأت انجمينا ان تحشر نفسها ربما لحاجة فى نفس ادريس دبى. أما قصة انجمينا مع الشهيد د خليل ابراهيم هى اكثر المشاهد اثارة فى سلسلة الاحداث التى وقعت قبل وبعد المفاصلة بين الشهيد وانجمينا. العلاقة بين د خليل والقيادة التشادية من الناحية الاستراتيجية لم تكن يوما افضل من علاقة انجمينا بسائر قادة المعارضة الدارفورية وخاصة اذا ما قارنا مواقف ادريس دبى تجاه ازمة دارفور بتجربة قادة دول شرق افريقيا فى قضية جنوب السودان, ودائما المقارنة والمقاربة هما اقرب الطرق للوصول الى الحقيقة فهذه الدول تعاملت مع قضية جنوب السودان بالصدق والامانة ولكن انجمينيا لم تصمد امام الامتحان من الوهلة الاولى . نعم فى مرحلة من المراحل وخصوصا بعد توقيع اتفاقية ابوجا نشأت هنالك علاقة زائفة بين الشهيد د خليل ابراهيم والقيادة فى انجمينا ويبدو الشهيد لم يكلف نفسه كثيرا وقتئذ فى تفسير الوجه الاخر القبيح لهذه العلاقة حتى ادرك الحقيقة فى اللحظة الاخيرة ولكن بعد فوات الاوان. الدكتور خليل اظهر قدراته السياسية فى وقت مبكر من حياته ولم يتوقف من السير فى هذا الدرب الى ان خرج مناضلا فى قضية اهله ولكن للامانة لم يمش فى حياته خطىً محفوفة بالمخاطر اكثر من ذلك الدرب الذى سلكه الى بوابة انجمينا وهو بالفعل طريق ملئ بالاشواك تضرر منه كثير ممن جمعتهم قضية دارفور. وجه الغرابة فى العلاقة بين انجمينا والدكتور خليل تتبدى فى الاسلوب الذىى استخدمهما النظامان فى الخرطوم وانجمينا لكسر ارادة الدكتور خليل لتوقيع على اتفاق سلام مع الخرطوم...الشاهد فى ابوجا استمرت المفاوضات شهور طويلة عبر جولات عديدة لتصل الفرقاء الى سلام جزئ وفى نيفاشا استمرت المفاوضات سنوات لتصل الاطراف الى سلام شامل ولكن فى انجمينيا ارادت كل من الخرطوم وانجمينا توقيع اتفاقية السلام فى دارفور فى غضون ساعات وهنا ادرك الدكتور خليل الوجه الاخر للعلاقة مع انجمينا وتحولت تلك العلاقة الزائفة الى حرب شعواء لم تخدم سوى اجندات الخرطوم وفى اعتقادى مضى الدكتور شهيدا ضحية هذه الحرب. ايضا هنالك تراجيديا اخرى ارتبطت بالعلاقة بين الدكتور خليل وانجمينا وهى سلسلة الاحداث التى وقعت داخل مؤسسة العدل والمساواة بسبب تدخل كل من انجمينا والخرطوم بغية اضعاف قوى النضال فى دارفور والواضح من نتائج هذا التدخل ان النظامان فى الخرطوم وانجمينا ليس لهما أىّ هدف استراتيجى لصنع السلام فى دارفور انما يهدفان الى زرع فتن داخلية بين ابناء دارفور من اجل التحكم على داينميكيات قوى المعارضة السودانية فى دارفور. كل الدلائل تشير الى علم كل من انجمينا والخرطوم بالاحداث التى جرت فى جبل درما ومنطقة بامنا لأنّ انجمينا هى التى وفرت الغطاء والحماية للمنشقين واعطتهم ضمانات حتى تخيل المنشقون بانهم فى امان ولكن فجأة انسحبت القوة التشادية كاشفة ظهر المجموعة فوقعت الواقعة ,وبالنفس القدر الوفد الرئاسى القادم من تشاد برئاسة الراحلين محمد بشر ونائبه اركو سيلمان ضحية رحمة الله عليهما, كانا بدون أىّ حماية علما بأنّ الحرب قائمة بين طرفى العدل والمساواة, البداهة تقول ان تلك النيجة كانت حتمية. أذاً هى لعبة مكشوفة لا تستطيع انجمينا ولا الخرطوم ان تقدم مبررا لما حدث ولا احد يصدق دموع التماسيح مهما ذرفت, إنها مؤامرة تم تدبيرها فى الخرطوم وانجمينا وذهب ضحيتها اولئك النفر الكريم ولكن السذج واصحب الغرض يحاولون تبرئة كل من انجمينا والخرطوم من هذه الحادثة المؤلمة وتوجيه اللائمة الى طرف واحد. تلقت القوى الثورية فى دارفور من لقاء انجرس اشارات جاءت على نحو متزامن ومتناقض . بعض الاشارات تحدثت عن التنمية فى دار الزغاوة وحصريا لابناء الزغاوة , وهذة جاءت على لسان الذين تدافعوا الى الملتقى واخرى جاءت على لسان قيادة الدولة الراعية للملتقى وكانت سياسية مبطنة بالويل والثبور وطبقا لهذا التناقض حاولت الاتصال بكثير ممن ذهبوا الى انجرس لمعرفة الحقيقة وكان منهم من تحدث بوضوح عن وجود شكل من اشكال المؤامرة ومنهم من لم اجد منهم غير التلعثم والحذر والضبابية وجلهم يقولون أنهم أخذوا على حين غرة فيما يتعلق باجندة الاجتماع وجاء على لسان من اثق به من المجموعة قائلا( الشخص الوحيد الذى لديه الاتصال بالرئيس دبى فى هذا الشإن هو مولانا محمد بشارة دوسة فقط) وقيل الرئيس دبى بنفسه أكد ذلك فى خطابه للملتقى. يقول المشاركون انهم انخرطوا فى لجان مختلفة لتدارس خطاب الرئيس ومبلغ علمى ان خطاب الرئيس كان دسما من حيث مفردات السياسية والعسكرية ولم يختصر فى التنمية وحدها كما يقوله البعض . يا للمهزلة قرابة 150 شخص يتدافعون الى انجرس كأنهم الى نصب يوفضون وهم لا يعلمون الى أىّ شأن يساقون وبعد اللقاء تختلط عليهم البقر بين ما هو سياسى وما هو تنموى او اجتماعى, وصدق من قال انجرس مسرحية سئ التأليف والاخراج والتمثيل. هكذا أئ اجتهاد لاخراج قطار ملتقى انجرس من قضبان المؤامرة كأننا نحاول توجيه جريان مياه النيل عكس المصب, فكل من حضر اللقاء وشهد وقائعه لا يساوره الشك فى ان هنالك حصان الطروادة يتحرك بخطى وئيدة صوب اسوار الحرية والكرامة والعزة التى استشهد من اجلها القائد عبدالله ابكر ود خليل وشهداء كثر. إذاً قبل ان تقتحم المؤامرة اسوارنا عبر حصان انجرس الذى يمتطيه المؤتمر الوطنى كما اقتحم الاغريق فى قديم الزمان مدينة طروادة عبر حصانهم الخشبى بعد ان غلبتهم الحيلة لمدة عشرة سنوات من دخول مدينة طروادة, قبل ذلك علينا ان نضع الحروف فوق النقاط ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة. اولا: ملتقى انجرس كما جاء بلسان الذين حضروه انه تم طبخه بليل فى ردهات المؤتمر الوطنى والقيادة التشادية بطهاة من ابناء الزغاوة فى المؤتمر الوطنى الذين بوسعهم تقديم خدمات نوعية لانجاح المهمة. ثانيا: تزامن قيام الملتقى مع التجهيزات الحربية الهائلة التى تمت فى الخرطوم وما صحبتها من تصريحات كبار الانقاذيين من العسكريين والسباسيين الذين قالو صراحة انهم اعدوا كل شى لضرب القوى الثورية ضربة نهائية وفعلا بانتهاء ملتقى انجرس مباشرة غادرت متحركاتهم الخرطوم صوب معاقل الثوار باعداد تقدر ب 1500 ناقلة حربية بقضها وقضيضها. ثالثا: فى لقاء انجرس ارسلت القيادة التشادية تهديدا صريحا للقوى المعارضة فى دارفور شبيهة بالرسالة التى تلقاها الجنرال دبى نفسه من قادة الانقاذ فى عام 1990 اما مغادرة السودان او وضع السلاح ارضا اىّ بما يعنى الاستسلام. رابعا: بعد وصول المؤتمرون الى السودان بدأ بعض الدستوريين من ابناء الزغاوة فى المؤتمر الوطنى فى اعادة تكرار الاسطوانة المشروخة التى استخدمها الانقاذيون العنصريون لضرب النسيج الاجتماعى باثارة القبلية وارسال رسائل سالبة لايهام السودانيين بأنّ هناك مخطط تقوم به قبيلة الزغاوة ضد كيان الدولة وهى محاولة خبيثة لعزل ابناء القبيلة من لعب اى دور وطنى قومى ومحاصرتهم فى الاطار القبلى الضيق, فليس من الاخلاق ان يتحدث بعض الدستوريين من ابناء الزغاوة فى مؤتمرهم الصحفى فى قاعة الصداقة عن الانتماء القبلى لقيادات الثوار فى الوقت الذى لم نسمع من قبل ان تحدث اقرباء عمر بشير او نميرى او الصادق المهدى او اىّ شخص اخر تولى امر قضية وطنية عن انتماءاتهم القبلية فى المحافل العامة مما يعنى هؤلاء الذين يروجون بضاعة المؤتمر الوطنى هم يفعلونها غباءاً او خبثا. حسين اركو مناوى 19 نوفمبر2013
|
|
|
|
|
|