|
كيف هدد (الدهابة ) السودانيون الأمن القومي المصري ؟ /ثروت قاسم
|
ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim [email protected]
1- الدهابة وتهديد الأمن القومي المصري ؟
في يوم الأثنين 26 أغسطس 2013 ، عقد المتحدث الرسمي بإسم الجيش المصري العقيد أركان حرب أحمد علي مؤتمراً صحفياً عالمياً أعلن فيه إن شرطة الحدود ألقت القبض على 11 سودانياً من الدهابة ( منقبي الذهب ) عبروا لداخل الحدود المصرية ، بحوزتهم مسدس عيار 9 مم ، و 34 طلقة عيار 9 مم ( يا للهول ؟ ) ؟ وفرش سعادة العقيد أمام أجهزة الإعلام العالمية 13 جهاز كشف معادن ( قنابل مدمرة ؟؟ ) كانت بحوزة المجرمين ( يا دي مصيبة ؟ ) .
أكد سعادة العقيد يقظة الجيش المصري وقوى الشرطة لإجهاض جميع المخططات والمحاولات التي تهدف ( إلى تقويض استقرار أمن المجتمع المصري والإضرار بالأمن القومي المصري ) .
صورت أجهزة الإعلام المصرية المسدس عيار 9 مم وطلقاته ال 34 ، وال 13 جهاز كشف معادن ، وال 11 شاب سوداني وكأنهم جيش جرار يزحف لإحتلال مصر ، والإطاحة بحكومة السيسي ، وإعادة الرئيس مرسي والشرعية الأخوانية ؟
هذه واقعة حقيقية وليست من بنات أفكار هذه السطور . والحقيقة فيها إن هولاء الفتية البائسين قد ضلوا طريقهم في الصحراء ودخلوا عن طريق الخطأ داخل الحدود المصرية ؟ والمسدس لحمايتهم من المرفعين الأنساني والحيواني . ولكن أوشكت حكومة السيسي أن تعلن التعبئة العسكرية على الحدود المشتركة لوقف زحف ( الدهابة ) الخطير ؟
تختزل هذه الواقعة حالة الهيستريا التي تعيشها حالياَ مصر ، وربما الخوف المرضي من حكومة الخرطوم المتهمة بالتواطؤ المغتغت مع ( جماعة الأخوان ) الإرهابية .
هل سمعت إن من بين خطايا وجرائم مرسي التي سوف تتم محاكمته عليها تصريحاته في الخرطوم بالتفريط في التراب المصري المقدس ، ونيته وهب مثلث حلايب المصري للسودانيين ؟
وهل سمعت وزير الري المصري السابق يتهم السودان بأنه صار وسيطاً وليس حليفاً في مفاوضات مياه النيل مع دول المنبع ؟
نحن موعودون بسماع الكثير المثير الخطر من حكومة السيسي الثورية في مقبل الأيام ؟
لا يمكنك تصور درجة اللا عقلانية العالية فى الخطاب السياسي ووسائل الإعلام المصرية ؟
2 - حصان طروادة ؟
تمخضت ثورة 25 يناير 2011، التي رفعت شعارات الخبز والحرية والعدالة الإجتماعية ، فولدت كابوساً مزعجاً يتمنى كل مصري ( بل كل سوداني ) فى كل يوم أن يرى نهايته ، دون أن تبدو له نهاية ؛ كابوساً مفرداته القمع والتعذيب والسحل والقتل ؛ كابوساً بشعارات قومية فارغة مثل مصر فوق الجميع والحفاظ على الدولة والأمن القومى ؟ استغل نظام السيسي أجهزه القمع تحت دعوى منع عودة الإخوان للحكم ، كحصان طروادة ، لعسكرة الدولة والمجتمع ، من خلال تعيين and#1633;and#1640; محافظ من اللواءات الأشداء ، ومن خلال إستعانة وزارة التربية والتعليم بمستشاريين من العسكريين لحملة التحريض والتخوين التى يشنها الإعلام.
إستولدت ثورة and#1634;and#1637; يناير دولة أمن أشد عنفاً من دولة الأمن التى أسسها مبارك ، ونسى القوم إن ( بني آدم ) قبل الدولة وبعدها ، ومن فوقها ومن تحتها ، وعن شمالها وعن يمينها ؟
نعم نسى القوم الأية 70 في سورة الإسراء :
( ولقد كرمنا بني آدم ... ) ؟
3 - السلخانات ؟
سجلت نقابة الأطباء في مصر ، حسب موقعها الإلكتروني ، خلال شهر يوليو فقط ، سلخانات بلغت حصيلتها ثلاثة آلاف قتيل ، وعشرة آلاف مصاب منهم 7 آلاف إصابتهم خطرة وبعضهم على وشك الموت . إعتبرت نقابة الأطباء هذه الأرقام حدودا دنيا مرشحة للزيادة ، لان هناك قتلى ومصابين لم يتم التعرف على هوياتهم ، ولم تسجل بطاقاتهم.
تضاعفت هذه الأرقام خلال شهر أغسطس ، وإن كان قد تم حظر على النشر ، ولا يمكن لأي جهة تحديد عدد القتلى والمصابين بدقة .
هذه الممارسات لا تحمى سوى جهاز القمع الذي إستولدته ثورة 3 يوليو ، ولا تحمي الدولة وقطعاً لا تحمى المجتمع ولا الوطن كمكان للعيش المشترك وإعلاء قيم المواطنة من عدل وحرية وكرامة ومساواة .
تم قفل المساجد لمنع صلاة الفجر ، ضمن إجراءات تعسفية أُخري ، تحت شعار لا صوت يعلو على صوت المعركة ضد الإرهاب . وحتى فى زمن مبارك لم يكن الحل الأمنى القمعي وحده كافيا ، بل أضطر نظام مبارك للالتجاء لحلول سياسية مثل المراجعات ؟
الموقف مأساوي في مصر . ويلقي بظلاله على السودان .
4 – اًوري إيفنري ؟
السيد اًوري إيفنري ( 90 سنة ) ناشط مجتمع مدني وكاتب إسرائيلي ظل يعمل طيلة ال 65 سنة الماضية لتحقيق حلمه الوحيد في إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة عاصمتها القدس وتعيش في سلام مع دولة إسرائيل . في عموده الإسبوعي ( السبت 24 أغسطس 2013 ) أكد اُوري إنه يحب مصر والشعب المصري حباً جماً ، ولكن قلبه يدمي كمداً ويبكي بحرارة كلما تذكر الحفرة بل البئر التي أوقع السيسي فيها مصر .
في كلمة كما في مائة ، نظام السيسي نظام عسكري وحشي ظالم لإهله ، لا يعرف الرحمة ، ولا يحترم حقوق الإنسان الذي كرمه ربه . يحاكي الجراد المذكور في الكتب السماوية الذي أكل الأخضر واليابس . ولن يترك السيسي كرسي السلطة طواعية حتى يلج الجمل في سم الخياط . لن تكون هنالك فترة إنتقالية ولا إنتخابات حرة ونزيهة ، لن يكون هنالك تدوال سلمي للسلطة . الغافل من ظن بغير ذلك ، فالأشياء ليست هي الأشياء ، بل الأشياء تتداعى ... كما يؤكد اًوري ؟
يقر اًوري بأن بلده إسرائيل تدعم السيسي لأنه يخدم مصالحها . ويخبرنا اًوري بأن إسرائيل كانت السبب وراء إستمرار المعونة الأمريكية للجيش المصري طيلة هذه العقود ؛ وهي التي وقفت بشدة في مجلس الشيوخ الأمريكي ضد مشروع قرار بوقف المعونة عن الجيش المصري ( 31 يوليو 2013 ) . ببساطة لأن مهمة الجيش المصري الحصرية ، كما شرطة أبومازن في الضفة الغربية ، ضمان سلامة وأمن إسرائيل ... أو كما يدعي اوري ؟
يقول اوري أن السيسي يذكره بموبوتو في الكونغو ، وبني شوت في شيلي وكولونيلات اليونان وذئاب الأرجنتين ؟ يؤمن السيسي كما آمن هؤلاء قبله بأن معارضيه يجب القبض عليهم ، ورميهم في السجون ، وتعذيبهم ، وقتلهم .
نادي السيسي في قومه :
أليس لي ملك مصر ؟ وهذه الأنهار تجري من تحتي ، أفلا تبصرون ؟
استخف السيسي قومه فأطاعوه ، إنهم كانوا قوماً طائعين .
يتحسر اُوري : مسكينة مصر ؟ ويتسآل أين ميدان التحرير الذي كان أمل شعوب العالم قاطبة ؟ أين الربيع العربي وأزاهيره التي لم تأت بما وعدت به ؟
يحكي اوري بأن مرسي طرد طنطاوي وصحبه العواجيز وكانوا يحاكون التمساح العجوز المرابط بالقرب من مرسي مستعداً لإلتهامه . صفق القوم لمرسي لإزالته التمساح العجوز . أتى مرسي بتمساح بلغ الحلم لتوه وجائع ، بدلاً من سلفه العجوز الذي أكل وبشم ؟ فكانت النتيجة المتوقعة أن أكل التمساح الشاب الجوعان مرسي فيمن أكل . وسوف يستمر في الأكل حتي يبشم بعد عقد أو عقدين وربما ثلاثة أو أكثر ، كما يؤكد أوري ؟
يستمر اًوري في رسم صورة كافكاوية شديدة السواد لمصر ويتحسر ويبكي عليها ، بل يرثيها ؟
5 - محاكم التفتيش ؟
بعد أن انتهى من نزع أسنان ( جماعة الأخوان ) بدأ السيسي في ملاحقة وقمع بقية المعارضين ، معيراً الناشطين الليبراليين والقادة العماليين المعارضين بالإسلاميين الخطرين .
في يوم الأثنين 12 أغسطس 2013 ، وبحسب النيويورك تايمز ، تدخل الجيش بشراسة غير مسبوقة لفض مظاهرات عمال مصانع الحديد والصلب في السويس المطالبين بمطالب فئوية وتحسين شروط الخدمة ، متهماً منظمي الإضرابات بالإنتماء لخلية أخوانية ، وتم حبسهم ، في انتظار محاكمتهم ؟
في يوم السبت 24 أغسطس 2013 ، وبحسب النيويورك تايمز ، اتهم النائب العام أثنين من كبار قادة حركة 6 أبريل التي فجرت ثورة 25 يناير بالتجسس لصالح دولة أجنبية ، وتم حبسهما ، في انتظار محاكمتهما ؟ بحسب النيويورك تايمز ، ألقت الشرطة القبض على خمسة صحفيين يعملون في صحيفة اليكترونية لوصفهم ( ثورة ) 3 يوليو بالإنقلاب العسكري ، وتم حبسهم ، في انتظار محاكمتهم ؟ ولكن قمة التراجيكوميديا ، كما تقول صحيفة النيويورك تايمز ، كانت عندما ألقت الشرطة القبض على بعض شباب حركة ( تمرد ) التي فجرت مظاهرات 30 يونيو ضد الرئيس مرسي وأتت بالسيسي للحكم ، بتهمة الإحتجاج على إطلاق سراح الرئيس السابق مبارك ، وتم حبسهم في انتظار محاكمتهم ؟
هذه أمثلة من بين عدة أمثلة أوردتها صحيفة النيويورك تايمز ( عدد يوم الأحد 25 أغسطس 2013 ) لحالة الهوس التي تجتاح مصر حالياً . صارت مجرد شبهة الإنتماء لجماعة الأخوان ( خصوصاً الملتحين من المواطنين ) جريمة جنائية ، يتم حبس المقبوض عليهم فيها لمحاكمتهم ؟
بدأت محاكم التفتيش ، ومحاربة طواحين الهواء ، وأرخت المكارثية سدولها على بر مصر .
بعد فرض قانون الطوارئ ، شعرت قوات الجيش والشرطة أنها الحاكم بأمره وإنها يمكن أن تفعل السبعة وذمتها في المواطنين دون محاسبة ... أخذتها العزة بالإثم في دولة السيسي البوليسية ، فقد أخذت تفويضاً فى المطلق، بعيدا عن أى التزام قانونى ؟
عندما قبضت قوات الأمن على المرشد محمد بديع ، وهو زعيم مصري مهما إختلف الناس حوله ، وواجب الإحترام كزعيم وقائد وكإنسان ، تم ضربه ضرباَ مبرحاَ وهو الشيخ الكبير ، حتى سقط طقم أسنانه من فمه فداسه أحد عناصر الأمن بقدميه وهرسه ، بينما باقي قوات الأمن تكيل البذاءات اللفظية للمرشد وهو عاجز في قبضتها الذئبية . في يوم السبت 31 أغسطس 2013 وتحت الإستجوابات الفظة والمستمرة ليل نهار وبدون إنقطاع ، إنهار الشيخ محمد بديع على إثر نوبة قلبية حادة ، ولا تزال حياته في خطر عند كتابة هذه السطور ، وإن كانت بعض المواقع الإلكترونية قد أعلنت موته تحت التعذيب ؟
صارت مصر بلداً همجياً ، لا يحترم كرامة بني أدم الذي كرمه ربه ، ولا يراعى حرمة الروح البشرية ؟
فتأمل ؟
حقاً وصدقاً بدأت الأشياء تتداعي في مصر .
|
|
|
|
|
|