|
غضبة المحارب القديم ......... جنوب السودان الصعود الى الهاوية تقرير / منى البشير
|
غضبة المحارب القديم ......... جنوب السودان الصعود الى الهاوية تقرير / منى البشير يعجز المراقب السياسى عن ايجاد توصيف دقيق لما يجرى فى دولة جنوب السودان لان الاوضاع تتسق مع توصيفات كثيرة لاسباب الصراع من بينها الصراع القبلى بين قبيلتين كبيرتين هما الدينكا والنوير ورؤية الاخيرة بأن الوقت قد حان لتتولى زعامة الدولة الوليدة باعتبار ان الدينكا حكموا بما يكفى بدءا من زعامة الدكتور جون قرنق وانتهاءاً بسلفا ، ثم هنالك الطموحات الشخصية للمحارب القديم الدكتور رياك مشار فى القيادة وتحقيق النبوءة القديمة لقبيلة النوير التى تقول : ان جنوب السودان سيحكمة الرجل المفلج الاشول . بدأت ملامح الصراع الحالى فى جنوب السودان تتشكل تحديدا فى شهر فبراير من العام الحالى 2013 عندما أعلن نائب رئيس دولة الجنوب رياك مشار نيته في الترشح لرئاسة الجمهورية ضد سلفاكير ميارديت فى انتخابات 2015 . وبحسب تقارير صحفية ووكالات فأن مشار ظل يرتب منذ فترة لقيادة دولة الجنوب عبر الترشح في هذه الانتخابات . وفى مقابلة اجرتها صحيفة الغارديان البريطانية مع الدكتور رياك مشار خلال شهر يوليو من العام الحالى وجه مشار انتقادات علنية إلى الرئيس سلفا كير ، وقال إنه يمكن أن يحل محل كير عبر الانتخابات المقرر إجراؤها في عام 2015 ، وقال مشار : إن رئيس بلاده سلفا كير لم يتمكن من تلبية توقعات الناس بعد انتهاء الحرب الأهلية (1983 - 2005) باتفاق السلام الشامل، مشيرا إلى أن كير استطاع أن يقود البلاد إلى الاستفتاء وتحقيق الاستقلال، وقال: «لكنه فشل في بناء مؤسسات قوية ومعالجة الفساد وإنشاء علاقة تعاون مع السودان»، داعيا منافسه إلى مغادرة كرسي الحكم، وأنه قد حان الوقت للذهاب بعد أن حكم لما يقارب عقدا من الزمان . وقال مشار: «عندما يظل الرئيس في السلطة لفترة طويلة، يصبح من المحتم أن ينشأ جيل جديد»، وأضاف: «إنها عملية طبيعية لتجنب الاستبداد والديكتاتورية، فمن الأفضل التغيير»، وقال: «وقتنا محدود الآن لقد خدمت تحت قيادة سلفا كير وأعتقد أن الوقت قد حان للتغيير الآن»، مشيرا إلى أن كير عمل خلال الفترة الانتقالية في ظروف صعبة، وأدارها بنجاح في تنفيذ اتفاقية السلام، وإجراء الاستفتاء، وإعلان استقلال الدولة، وأنه تعاون معه في إنجاز هذه المهمة . سلفا يؤجج نيران الصراع :- لم تسعف الرئيس الجنوبى سلفاكير ميارديت الرؤيا البعيدة ولاحكمة شيوخ الدينكا وهو يصدر قراره باعفاء مشار وتعبان دينق من منصبيهما يوليو الماضى وهى قرارات وصفت وقتها انها كانت متهورة وقد تنبأ المجتمع السياسى بتداعياتها الماثلة هذه اللحظة . الخطأ القاتل الذى ارتكبه سلفا وقتئذ هو استجابته للتحريض من بعض خاصته ضد مشار عقب اعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية فظن ان اعفاء الرجل من منصب النائب الاول سيخلصه من لعنته الى الابد ، كما ظن ان مشار سينزوى ويقبع فى بيته دون التفكير فى اتيان اى عمل يرد به على اجراءات سلفا الرد الذى يتسق مع صعوبة الاجراء ، فاعفاء مشار سبقه اعفاء جنرالات فى الجيش الشعبى يتبعون لقبيلة النوير ، ثم تبع اعفاء مشار اعفاء تعبان دينق حاكم ولاية الوحدة الغنية بالنفط وهو والى منتخب ومن قبيلة النوير ايضا ، كل ذلك يخبرك ان المقصود هو فى ظاهره وباطنه بحسب محللين سياسيين ضرب قبيلة النوير وتحجيمها ووأد طموحها فى قيادة جنوب السودان ، واستبدال قيادات النوير بقيادات مواليه ، ثم استبدال الجيش الشعبى بجيش موال آخر سمى بالحرس الجمهورى . الصراع الماثل اللحظة والذى يراقبه العالم عن كثب ويخشى من تعقد تداعياته يعتبر نتيجة مباشرة لثورة سلفا على قدامى المحاربين من أمثال رياك مشار .
يعتبر رياك مشير وهو من قبيلة النوير من المخضرمين فى الحركة الشعبية ، وللرجل تاريخ مع التمرد فهو ولام اكول من قادا تمرد الناصر (نسبة إلى مدينة الناصر في اعالى النيل) فى العام 1991 . كما أسس الحركة الموحدة عام 1992، ثم حركة استقلال جنوب السودان عام 1995. وقاد عملية تفاوض مع الحكومة السودانية آلت إلى ما عرف باتفاقية الخرطوم للسلام 1997، وقد وقعت هذه الاتفاقية أربعة فصائل جنوبية تعرف بمجموعة الناصر التي تم التنسيق بينها، وأسفرت هذه الاتفاقية عن إنشاء مجلس تنسيق الولايات الجنوبية الذي عين مشار رئيسا له. لكن بحسب مراقبين فان تمردات مشار السابقة تختلف عن مايحدث اليوم ، لأن التمرد اليوم فى اطار دولة يطمح مشار الى زعامتها . طموح مشار فى قيادة الجنوب :- هنا تختلف القراءة ويتبادر سؤال الى الذهن هل طموحات مشار فى قيادة جنوب السودان نابعة عن طموحات ونزعات شخصية ام ان القبيلة تسند مشار فى توجهه وتريد ان تحكم من خلاله . بحسب مراقبين فان الفرضيتين صحيحتين بأعتبار ان قبيلة النوير هى ثانى اكبر قبيلة بعد الدينكا فى جنوب السودان والتنافس بين القبيلتين على اشده كما ان بعض ابناء القبيلة يعتبرون من كبار جنرالات الجيش الشعبى وبالتالى قد لايعاب على القبيلة ان تتوسم فى ابنها مشار ان يحقق لها حلم قيادة جنوب السودان ، اما الفرضية الثانية فتتمثل فى طموح مشار السياسى فى قيادة جنوب السودان خاصة وان مشار يرى نفسه مؤهلا من كل النواحى فبالاضافة لخلفيته النضاليه فمشار يستند فى حاضره على مؤهلات اكاديمية رفيعة تزيد من فرصه فى تولى الحكم وتحقيق حلم شعب جنوب السودان بالامن والاستقرار .
نشد مشار حكم الجنوب من خلال الانتخابات ولكن ربما مستجدات وموازنات جديدة جعلت الرجل يتعجل الامر لرفع السلاح واعلان التمرد وبدلا من الصبر على الديمقراطية ارادها بقوة السلاح ربما لنظرة مستقبلية وارهاب للخصوم بعد ان تستقر له الاوضاع . وبحسب مراقبين فان مشار اليوم يعتبر صاحب موقف قوى خاصة وان باستطاعته اللعب على طاولات اخرى ، منها النخب الجنوبية وحتى قيادات الحركة التي ليست على وفاق مع سلفاكير يمكن ان تتحالف مع مشار ، باعتبار ان سلفاكير استنفذ رؤيته ، ويعتقد كثيرون ان سلفا قد احرز نجاحات كبيرة منها الحفاظ على وحدة الحركة الشعبية بعد مقتل قرنق بعد (21 يوم ) من توقيع اتفاقية السلام وكانت هي بمثابة اكبر الكوارث ، وان سلفا استطاع من قيادة الحركة والجنوب رغم تحديات كبيرة . الامر الآخر الذى سيزيد من قوة مشار هو غياب خطة الحكم والبرنامج بالنسبة للحركة الشعبية بعد الاستقلال او قبله ،هذا الغياب احبط شعب الجنوب ، الى جانب غياب الرؤية سواء في الخدمات الصحية والتعليمية والبنيات التحتية . مشار كان قد اعلن ان برنامجه الانتخابى سيشتمل على تحويل الجيش الشعبى من جيش غوريلا الى جيش وطنى يساهم فى حفظ الامن والسلم الدوليين مع الجيوش فى القارة ، وبحسب تقارير جنوبية فقد وجد هذا الحديث صدى لدى قاعدة الشعب ممايشى بارتفاع شعبية مشار وذلك ايمانا منها باهمية تحول الجيش الى جيش قومى وليس قبلى يكون باطشا لا حاميا ، خاصة وان تبعية الجيش لقبيلة معينة اصبح امرا مقلقا ومهددا للأمن الاجتماعى الجنوبى . وارتفعت اصوات مؤيدة لمشار لفصل الجيش عن الحزب وتسميته ب (جيش جنوب السودان ) بدلاً من جيش يدعو لتحرير دولة اخرى هى السودان القديم . ولايمان مشار بالتغيير وسلوكه مسلكا آخر لتحقيقه يبقى جنوب السودان على شفا حرب اهلية لايعرف مداها الا الله . سيناريو الصراع الآن :- اعترف جيش جنوب السودان بأنه فقد السيطرة على مدينة بور، عاصمة ولاية جونغلي، لصالح قوات يُعتقد أن القائد العسكري المتمرد على الحكومة بيتر غاديت يقودها عليه وبحسب تقارير صحفية فان موقف مشار، الهارب حاليا، صعب للغاية، خاصة مع الزج بعشرة على الأقل من خصوم الرئيس في السجن . ويرجع سياسيون جنوبيون نشوب الأزمة الحالية إلى أمرين مختلفين، الأول وجود حالة من السخط وسط صفوف حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكم في الجنوب، والثاني هو إعادة إدماج العناصر المسلحة، التي كانت لها علاقة بالعدو القديم في الخرطوم، في صفوف الجيش وأحد هؤلاء المسلحين الجنرال غاديت الذي تحرك فور ورود تقارير تتحدث عن عمليات قتل ضد زملاء له من قبيلة نوير في جوبا ، وكان بيتر غاديت قد ثار على الجيش الشعبي لتحرير السودان. وبحسب مقربين من غاديت فانه رجل حذر ويقظ للغاية حتى انهم يقولون أنه الشخص الذي يغسل جانبا واحدا من وجهه حتى يبقى عينه الأخرى مفتوحة،" وبانضمام غاديت لمشار يكون نطاق الامور قد اتسع وانها تنحدر بسرعه ناحية طريق اللا عودة سلفا يستجيب :- وعد رئيس جنوب السودان سلفا كير بعثة الوساطة الافريقية ب "اجراء حوار غير مشروط" لحل الازمة في جنوب السودان، وتلافيا لتداعيات الازمة قام وسطاء أفارقة باجراء محادثات وصفت بال "مثمرة" أمس الاول الجمعة مع رئيس جنوب السودان سلفا كير في محاولة لتفادي تحول الصراع إلى حرب قبلية. وضم فريق الوساطة الذي يزور جوبا وزراء من كينيا واوغندا وجيبوتي والصومال وممثلين للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. وهذه هي أول مبادرة للسلام منذ تفجر القتال. وقال وزير الخارجية الإثيوبي توادروس أدهانوم، الذي يرأس الوفد الأفريقي للصحفيين قبل العودة إلى المحادثات "عقدنا اجتماعا مثمرا للغاية مع فخامة الرئيس سلفا كير وسنواصل المشاورات." قتلى بسبب الصراع :- قالت منظمة العفو الدولية إن 2000 شخص على الأقل من المنتمين لقبيلة الدينكا قتلوا، وأشارت إلى أن الرقم الفعلي ربما يزيد على ذلك بكثير. لكن الامم المتحدة ذكرت ارقاما اقل حيث اكدت إن 11 شخصا على الأقل من قبيلة الدينكا قتلوا خلال هجوم شنه آلاف الشبان المسلحين من جماعة عرقية أخرى على قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ولاية جونقلي. وقتل هنديان من قوات حفظ السلام. وكانت الأمم المتحدة قد قالت في وقت سابق إن 20 شخصا على الأقل قتلوا بينما ذكرت حكومة جنوب السودان أن 54 من قبيلة الدنكا لقوا حتفهم في الهجوم. ولا تزال بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان تحاول التحقق من الرقم على وجه الدقة. وقال إدموند موليه، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام لمجلس الأمن الدولي الجمعة، إن 35 ألف مدني يحتمون بقواعد تابعة للأمم المتحدة في مختلف أنحاء البلاد . قلق اممى وامريكى :- تبنى مجلس الامن بالاجماع اعلانا غير ملزم يدعو كير ومشار اللذين ادى تنافسهما الى موجة من اعمال العنف في البلاد، الى "تحمل مسؤولياتهما ... والى توجيه دعوة لوقف الاعمال الحربية والبدء الفوري لحوار". ودان الاعضاء الخمسة عشر في مجلس الامن "بأشد العبارات المعارك واعمال العنف التي تستهدف المدنيين وبعض المجموعات الاتنية". وانتقدوا خصوصا الهجوم على قاعدة مهمة الامم المتحدة في جنوب السودان في اكوبو (ولاية جنقلي، شرق) والذي قتل خلاله شبان من اثنية النوير مدنيين من اثنية دينكا واثنين من عناصر الامم المتحدة الهنود. واعرب مجلس الامن عن دعمه لمهمة الامم المتحدة في جنوب السودان، و"شجعوها على الاستمرار في تأدية مهمتها بشكل كامل وخصوصا في حماية المدنيين وطلبوا من السلطات في جنوب السودان تقديم الدعم الكامل لها ومساعدتها على القيام بذلك". وقالت منظمة الاغاثة التابعة للامم المتحدة يوم الجمعة إن 20 ألف شخص لجأوا الى قاعدتين في العاصمة جوبا بينما لجأ 14 الف شخص الى قاعدة في بور عاصمة ولاية جونغلي، التي شهدت احداث عنف شديدة الاسبوع الجاري . الولايات المتحدة الامريكية ابدت قلقها لما يحدث فى جنوب السودان واكد الرئيس باراك اوباما ان الجنوب على شفير الهاوية وحض الرئيس الأمريكي باراك أوباما الفصائل المتقاتلة في جنوب السودان على إنهاء أعمال العنف واستعادة الهدوء والاستقرار والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية لإنهاء النزاع الذي يهدد بوضع البلاد "على شفا" حرب أهلية ، وقال : يجب أن تتوقف التصريحات التحريضية والعنف الموجه. ويجب على كل الاطراف الاستماع إلى المشورة الحكيمة للجيران، والالتزام بالحوار والاسراع في استعادة الهدوء وتعزيز المصالحة الوطنية ." وشدد أوباما على أن "مستقبل البلاد اليوم في خطر" . ونظمت السفارة الامريكية رحلة اجلاء خامسة يوم الخميس لنقل الامريكيين خارج البلاد قامت الولايات المتحدة بإيفاد مبعوثها الخاص لشئون السودانين دونالد بوث والذى وصل جوبا امس لدعوة المتحاربين إلى "السيطرة على الفصائل المسلحة" وحماية المدنيين. كما دعت على لسان وزير خارجيتها، جون كيري، إلى المصالحة.
أزمة قطاع النفط :- بحسب انباء وكالات فقد ذكر متحدث باسم الأمم المتحدة، إن عمال النفط الذين فروا إلى قاعدة للأمم المتحدة في منطقة بانتيو المنتجة للنفط وعددهم زهاء 200 من المتوقع أن تجليهم شركتهم، ولم يذكر اسم الشركة وقال مابيك لانج دي مادينج نائب حاكم ولاية الوحدة إحدى المناطق الرئيسية لإنتاج النفط، إن تعزيزات أرسلت إلى حقل الوحدة النفطي حيث قتل خمسة أشخاص بعد اشتباكات بالرماح والعصي بين العمال وكذلك إلى حقل ثارجاث النفطي حيث قتل 11 شخصاً. وتابع لرويترز "الوضع مستقر حالياً". وقال مسؤول من شركة النفط الوطنية الصينية ووسائل إعلام يوم الجمعة، إن الشركة وهي مستثمر كبير في جنوب السودان تنقل عامليها إلى العاصمة جوبا وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" إن الشركة تعتزم نقل 32 عاملاً جواً. وقال مسؤول إعلامي شركة النفط الوطنية الصينية "نرتب إجلاءً منظماً لعاملينا لكن حقل النفط المتضرر لا تديره شركة النفط الوطنية الصينية"، ولم يوضح ما إذا كان إنتاج الشركة من النفط قد تأثر. وقالت شينخوا إن الاضطرابات وصلت الخميس إلى حقل نفط في القطاع الشمالي من جنوب السودان تديره مجموعة شركات هندية وماليزية ومن جنوب السودان، ما أسفر عن مقتل 14 من العاملين المحليين. وقالت وزارة الخارجية الصينية إن سفارتها في جنوب السودان ستساعد على إجلاء المواطنين الصينيين. وقالت المتحدثة باسم الوزارة هوا تشون ينغ في إفادة للصحفيين "السفارة ستواصل حث حكومة جنوب السودان على اتخاذ إجراءات لضمان سلامة العاملين الصينيين والمؤسسات الصينية". وأبدت الصين تخوفها من الاضطرابات وحثت على العودة سريعاً إلى إقرار السلام.
|
|
|
|
|
|