|
حزب غازى .... الرؤى القديمة فى ثوب جديد/منى البشير
|
حزب غازى .... الرؤى القديمة فى ثوب جديد
تقرير / منى البشير مهد د.غازى صلاح الدين وقبل يومين لاعلانه انشاء حزب جديد عندما سؤل عن امكانية تكوين حزب سياسى جديد بالقول : كل الاحتمالات واردة، وأضاف أن ذلك أمر لا يمكن أن يتحقق في يوم أو يومين، و"لست في موضع الإفتاء فيه وإنما تقرره المجموعة". ويبدو ان المجموعة الموتورة من قرارات الحزب الحاكم الحاضن القديم قد حزمت امرها وقررت تكوين حزب سياسى جديد كرد فعل مساوى فى المقدار ومضاد فى الاتجاه . ويوم امس الاول وفى مؤتمر صحفى أعلنت مجموعة الاصلاحيين بزعامة غازى صلاح الدين انسلاخهم عن حزب المؤتمر الوطنى وتكوين حزب سياسي جديد. واعتبروا توصية قيادة الحزب بفصل بعضهم وتجميد الآخرين من الحزب بمثابة «رصاصة رحمة» للتيارات الإصلاحية داخله، معتبرين قرارات المكتب القيادي للحزب ضيقا بهم وبأفكارهم، وأن نظامه الداخلي لا يستوعبها لأنه يعتمد على الأوامر وليس الشورى . وقال د.غازي صلاح الدين العتباني فى تصريحات صحفية نظرت في العلاقة بين حزب المؤتمر الوطني ومشروع الإصلاح، وتوصلت إلى أن الإجراءات التي اتخذها ضدهم، ووصفها بـ«المتعسفة وغير القانونية»، كشفت أن «قيادة الحزب لا ترغب في الإصلاح، إذا ما انسد الأفق أمام القوى السياسية، لأن الحزب المتمكن من السلطة لا يملك أفكارا ولا مبادرات جديدة، ولا يقبل حتى بالمبادرات التي تأتي من أعضائه . مماتقدم تبرز الى السطح تساؤلات عدة عن الجدية اولا فى تاسيس هذا الحزب وماهيتة ، وقواعده ، وبرامجه وافكاره ورؤاه ، وهل سيكون امتدادا للحزب الحاكم مع تغييرات طفيفة يطلق عليها اصلاحية ، هل يمكن ان يتحد الحزب الجديد مع المنقسم الاول حزب المؤتمر الشعبى بقيادة الترابى ، من هم ابرز المنضوين تحت لواء الحزب الجديد ، ماتأثيرات الحزب الجديد على الحزب الحاكم فى هذا الظرف الحرج الذى تمر به البلاد . أهمية حزب غازى الجديد :- يعتبر مراقبون سياسيون ان حزب غازى الجديد مجرد عبء سياسى جديد سيضاف الى اعباء البلاد السياسية واحزابها قليلة الحيلة أذ اثبتت الايام والمواقف ان احزاب المعارضة القديمة علمانية واسلامية لم تستطع تقديم برامج وافكار تقنع الشعب بجدواها ، كما لم تستطع ان تقدم بدائل موضوعية وعملية لاقناع الحزب الحاكم نفسه بالاستماع اليها وبالمحصلة استطاع الحزب الحاكم الالتفاف حولها واقناعها بمشاركته .، وبالتالى فان حزب غازى سيشكل اضافة من حيث العدد ، وبحسب الاستاذ ادريس الدومة رئيس تحرير صحيفة الجريدة فان حزب غازى لن يستطيع تقديم اى رؤى او اطروحات جديدة ، وسيكون امتدادا للوطنى مع بعض الرؤى المغلفة بالاصلاح ، وقال الدومة للمشهد الآن السودان لايحتاج الى هذا الكم من الاحزاب بقدر حاجته الى احزاب لها رؤى وقادرة على الفعل السياسى وليس احزاب مستنسخة . من ينضم لحزب غازى :- هنالك تساؤل كبير عن القاعدة الحزبية التى سيستند عليها الحزب الوليد ، وبحسب معطيات الفترة الماضية ومنذ ان بدأ غازى فى التململ والملاسنه مع حزبه الكبير ظهر له مؤيدون وحواريون معظمهم من الشباب مثل السائحون ، ولكن هل ينضم افراد عاديون من الشعب السودانى للحزب بعد ان خبروا المؤتمرالوطنى الحزب الحاكم وبعد ان خبروا غازى نفسه الذى لم يبدأ فى انتقاد ممارسات مؤسسته الام طيلة ال24 عاما الماضية ؟، ممايعنى ان غازى يريد فقط الاستقلال عن الحزب لأنه رأى وقدر ان الآوان قد آن ليطير بعيدا ويستعد للترشح لرئاسة الجمهورية مع اقتراب العام 2015 فهو ابن التنظيم الذى يكتسح الانتخابات وبالتالى فهو خبير باساليبها ، اضف الى ذلك استخدم غازى فقه الضرورة فى القفز من المركب الغارق ، لان الحزب الحاكم الآن فى مأزق لم يعرفه طيلة الفترة الماضية خاصة مع التدهور الاقتصادى المريع الذى يمضى كل يوم من سىء الى اسوا ممايجعل بالمحصلة ان صمود نظام الحكم فى ظل هذه التحديات الاقتصادية الداخلية مضافا اليها التوترات الامنية فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق شبه مستحيل . وتصديقا لذلك برر العتبانى انسلاخه من الوطنى بمبررات ليست جديدة على الناس ولا على غازى نفسه انظر اليه يقول : أن الانسداد المزمن الذي يعيشه الحزب لا يتيح أي فرصة لانفراجة، مما جعلهم يتوصلون لضرورة إنشاء حزب جديد يقوم على تجربتهم ويحقق ما يتطلع إليه السودانيون، ويشهد ميلاده قطاع واسع من السودانيين، وتتنادى إليه شخصيات وطنية للنظر في شكل تكوينه. وقال : إن الحراك الإصلاحي الواسع دفعهم للتفكير في إقامة حزب سياسي، كان وجودهم داخل الوطني حائلا دونه. وأعلن عن إمكانية التواصل بين حزبهم وقطاعات واسعة من المجتمع، خصوصا شرائح الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني، والتي كشفت الاحتجاجات الأخيرة عن امتلاكها لدور فاعل ورغم ذلك لم تتجه لها الأحزاب الأخرى بما في ذلك المؤتمر الوطني . الاتصال بالاحزاب الاخرى :- حزب غازى الجديد بحسب الاستاذ ادريس الدومة رئيس تحرير صحيفة الجريدة سيكون خصما على المؤتمرالوطنى الحزب الحاكم من خلال اطروحاته الاصلاحية ، وقال ان الحزب الحاكم انحرف عن التوجه الرئيسى من حزب شعب الى حزب مجموعة تتحكم فى مفاصل الحزب وبالتالى تمنع الحريات وهذا خلق تململ على نطاق واسع وان المجموعة التى خرجت شعرت ان ليس لديها مصلحة بالبقاء بعكس متململين آخرين تكبلهم مصالحهم . ولأن هذا هو الانقسام الثانى المعلن فى جسد الحزب الحاكم بعد مفاصلة 1998 وخروج الترابى وتكوين حزب المؤتمرالشعبى لم يستبعد محللون ان يتحد غازى مع شيخه القديم لأن المصائب يجمعنَ المصابين ، ولان حزب غازى ينطلق من منصة الحركة الاسلامية وافكارها ورؤاها ، هذا استصحبنا الود الذى يكنه غازى لشيخه ومراسلاته معه العام 2002 . ادريس الدومة قال : تقارب غازى مع الشعبى وارد لان العلاقة قديمة ولان المصالح تحتم ذلك . حزب الامة القومى بادر الى مد يده لتيار الاصلاحيين واكد بعدم ممانعته في التعاون والتنسيق مع تيار الإصلاح داخل المؤتمر الوطني، لكنه اشترط ضرورة اتفاق الطرفين على الوقوف مع الحق واستعادة الديمقراطية والعمل من أجل تحقيق التحول الديمقراطي، داعياً الإصلاحين إلى الاجتهاد في تغيير مسار الوطني من ما وصفه بالتوجّه الشمولي إلى الديمقراطي، مشيراً إلى عدم وجود منطقة وسطى بين الحرية والشمولية. وقال الأمة فى بيان له إن الحراك الأخير داخل الحزب الحاكم بمثابة إلقاء حجر كبير في بركة راكدة لمدة ربع قرن، مؤكداً أن الإصلاحين سيواجهون عراقيل ضخمة على رأسها المعوق الفكري ومصالح من وصفهم بلوردات الحرب وأصحاب المصلحة الذاتية ،الرامية لإجهاض مهمة الإصلاحين في مهدها. لكن وبحسب الجزيرة فقد نفى كما نفى غازى إجراءهم اى اتصالات مع قوى المعارضة، قائلا إنه التقى كثيرا زعيم حزب الأمة الصادق المهدي وزعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي، لكن الادعاء بأن هذه اللقاءات تمت باسم المؤتمر الوطني كذب، بحسب قوله. ووصف مجموعته بانها إصلاحية لا تعول على العمل العنيف، وتوحيدية وتجديدية ليست انشقاقية, ترى تجديد الأطروحة السياسية حسب الوقائع . بدائل النظام :- البروفسير حسن مكي القيادي والمفكر الإسلامي اشار الى أن الحكومة تواجه تحديات اكبر وأعمق من أزمة التيار الإسلامي داخل المؤتمر الوطني ، مؤكداً أن الإفلاس الاقتصادي والسياسي ، وانتقال التمرد إلى جنوب كردفان ، وارتفاع الدولار من ابرز التحديات التي تواجه رأس الدولة . وقال مكي أن الانسداد السياسي وانخفاض درجة معاوني في رأس الدولة والأزمة الاقتصادية وازدياد قبضتها على قطاعات الجيش والشرطة وتأثيرهم بنسبة 60% بمعيار قياس الدولار يؤدي في نهاية المطاف إلى الإفلاس الاقتصادي والسياسي ، موضحاً أن النخبة الحاكمة تعلق آمالها على رأس الدولة ، لافتاً النظر إلى انحسار الدعم والمساعدة الخارجية من قبل الصين وقطر للسودان في الآونة الأخيرة . وأكد مكي أن عجز العقول جعل الناس في حالة تنازل وخصومة داخلية " وان الأوضاع السياسية الراهنة ستأكلهم جميعاً . هذه الفرضيات تحديدا شجعت تيارات داخل الاسلاميين تحديدا لاستشراف امكانية طرح نفسها كبديل للنظام الاسلامى القائم الآن وعلى فرضية عدم وضع البيض فى سلة واحدة تكاثر الاسلاميين الى شعبى ومنبر سلام عادل ، والحزب الجديد لغازى بحيث اذا تكالبت التحديات على المؤتمرالوطنى وسقط تقدمت الفرقة الناجية لتستلم الراية ولاتتركها للأحزاب الاخرى طائفية كانت ام علمانية ، وما دخول الشعبى فى تحالف المعارضة الا مطية يصل بها الى هدفه . لكن محللون يذهبون بعيدا ويرون ان غازى وغيره من التنظيمات الاسلامية يلعبون ادوارا مرسومة يخرجها الحزب الحاكم نفسه فى اطار الهيمنة الاسلامية على حكم البلاد الى مائة عام قادمة ، ويتمثلون فى ذلك بخروج منبر السلام العادل وزعيمه الطيب مصطفى فى مظاهرات محروسة من الشرطة ابان احتجاجات سبتمبر الامر الذى مثل رصيد النظام الاحتياطى بانه اذا سقط يتقدم تنظيم اسلامى آخر حجز مقعده فى المعارضة بهذا الخروج وبالتالى لايخرج الحكم من ايدى الاسلاميين . محللين آخرين يرون ان حزب غازى الجديد ينحو الى ذات الهدف ، وسيتقدم فى الوقت المناسب ليطرح نفسه بديلا للمؤتمرالوطنى وسيصعد مطالبه فى المرحلة القادمة الى ضرورة التغيير واسقاط النظام الذى لايؤمن بالاصلاح ليحل محله نظام يؤمن بالاصلاح وبالشورى .
|
|
|
|
|
|