|
يقتلون ويمشون في الجنازات بقلم مصطفى عبد العزيز البطل
|
04:34 AM Mar, 29 2015 سودانيز اون لاين مصطفى عبد العزيز البطل- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
غربا باتجاه الشرق
mailto:[email protected]@msn.com
قبل أيام أصدرت الحركة الشعبية لتحرير السودان بياناً حمل توقيع صديقي الاستاذ مبارك أردول، مشفوعاً بعبارة (عن مكتب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال). وكان أردول يوقع بياناته سابقاً تحت صفة (الناطق الرسمي للحركة الشعبية بأديس أبابا). ومنذ عرّفني عليه صديقنا المشترك، الناشط الحقوقي والكاتب الصحفي الاستاذ مكي المغربي، ضمن مجموعة اخرى من الأحباب، وأنا أرى في مبارك أردول شخصية ديناميكية مثيرة للانتباه. إذ بدأ حياته وهابياً صليباً، فانتمى الى جماعة أنصار السنة. ثم انقلب أديباً أريباً، يكتب القصص والروايات، وقيل الأغاني العاطفية. ولكنه انتهي، على حين غرة، مناضلاً مهيباً في صفوف الحركة الشعبية، يحمل خاتمها، وينطق بلسانها. فنِعم الخاتم، ونعم الناطق. جاء في عنوان البيان (قيادة الحركة الشعبية تزور اسرة الشهيد الهندي أحمد خليفة وتحيّي ذكراه). وأنا أريد من الحبيب مبارك ان يفك لي لغز بيانه هذا. او بالأحرى ان يبسّط لي مضمونه، فيشرحه فقرةً فقرة، بما يتماشي مع قدراتي المتواضعة في الفهم. فقد نالت مني السنون منالها، فأصبح دماغي يستوعب أحياناً، ويجلّي أحياناً اخرى. ما هذه الحركة التي (يستشهد) أحد منسوبيها فترسل وفداً لتعزية اسرته بعد خمسة عشر شهراً من وفاته؟ لماذا لم ترسل وفد التعزية في وقت الوفاة؟ ثم ما هي حكاية (تحيّي الحركة ذكرى الشهيد الهندي احمد خليفة)؟ ما حاجة الحركة لتحية ذكرى الرجل أصلاً؟ تلك والله بدعة لم يسبقها عليها سوى المغفور له صدام حسين. وقد قال عنه صديقه المقرب الدكتور علاء بشير في كتابه (كنت طبيباً لصدام) أنه كان يأمر بقتل بعض الشخصيات، ثم يذهب الى مكان المأتم، فيعزي الأسرة، ويقبّل أطفال القتيل، ويوجه بالاهتمام بهم. الذي يعلمه الجميع أن العميد الهندي احمد خليفة، مسئول الإمداد، والمشرف على قطاع الإغاثة في الجيش الشعبي، كان على خلاف مع قائده الفريق مالك عقار. بعد ان عبّر عن احتجاجه على تورط الأخير وبعض أعوانه في تحويل مبلغ مليون دولار وصلت لأغراض إغاثية، عن طريق القس الامريكي فرانك غراهام، الى غير مصارفها. إذ جري تحويل جزء كبير من المبلغ بأمر عقار من حساب يخص الحركة الى حسابه الشخصي في احدي بنوك نيروبي. كما تم تحويل مبالغ اخرى الى حسابات تخص آخرين من قادة الحركة. وعلى خلفية ذلك الاحتجاج الذي بدر من القتيل الهندي احمد خليفة، جرى استدراجه من النيل الازرق الى جوبا، حيث تم اعتقاله ووضعه في محبس، قيل أنه لا يصلح للبشر. تم بعدها الاعلان عن وفاته داخل محبسه في ظروف مريبة. وبالرغم من ان بعض الكادرات الوسيطة داخل الحركة كانت قد عبرت عن احتجاج خافت عند توقيف واعتقال الرجل، الذي اشتهر بين رفاقه بالتجرد والبسالة، إلا ان الحركة تمكنت باستخدام سلاح المال، في اغلب الروايات، من تهدئة الاصوات الغاضبة واسكاتها. بما في ذلك بعض أقرب أقرباء (وقريبات) الراحل، الذين استغرقت اجراءات (التسوية) معهم خمسة عشر شهراً بالتمام والكمال فيما يبدو من قرائن الأحوال. الاختلاف ومعارضة القادة غير وارد في الحركة الشعبية التي عرفت تاريخياً بالقسوة المفرطة في التعامل مع اصحاب الرأى المغاير. كلنا يعلم أن العقيد جون قرنق قتل كل من بادره بخلاف في الرأي، حتى انتهي الى إبادة اعضاء اللجنة السياسية المؤقتة للحركة (تأسست عام 1983( عن بكرة أبيهم. ثم طارد جميع اعضاء القيادة السياسية والعسكرية العليا للجيش الشعبي، الذين توزعت مصائرهم بعد ذلك بين القتل والسجن، أو الهرب الى أحضان العصبة المنقذة. كما قام بتصفية كل من تجرأ على مساءلة سياساته، ومنهم بعض عتاة مثقفي الجنوب، فكان الموت الزؤام من نصيب أكوت أتيم، وبنجامين بول، والقاضي مارتن ماجير، وجوزيف أدوهو، وصامويل قاي توت، وآخرين كثر لا يبلغهم الإحصاء. بل ان ثقافة الغلظة والتوحش في تأديب المخالفين بلغت بهؤلاء أنهم ذات مرة، أوان الحرب في الثمانينيات، اقتحموا منطقة ما فدخلوها فاتحين، فكان أول ما فعلوه ان نبشوا قبر أحد معارضي قرنق، وكان قد توفى، فأخرجوا جثمانه، ثم بطحوا الجثمان أرضاً، واخذوا يجلدونه بالعصي والسياط! ويعرف من كان في أريتريا، عهد التجمع الوطني الغابر، كيف تمت، وبغير تردد، تصفية المغفور لهما موسى الهويرة وعبد العزيز عقال عبد الدين، وعدد كبير من اعضاء تنظيم (المقاومة الشعبية لغرب السودان)، لمجرد انهم رأوا ان يكون لتنظيمهم جيش قائم بذاته. وهو ما تسبب في ذعر الحركة الشعبية، إذ تخوفت من تسرب مقاتلي غرب السودان، وبصفة خاصة أبناء النوبة، من بين صفوفها، فكان القتل من نصيب هؤلاء القادة (الأمانة تقتضينا ان نسجل هنا ان بعض كادرات التجمع برّأت الحركة، ونسبت هذه الواقعة بالذات الى العميد ع خ). رحم الله الهندي أحمد خليفة. لم يقرأ التاريخ، او لعله قرأه .. ولكنه لم يُحسن القراءة!
نقلاً عن صحيفة (السوداني)
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- أخاف من الكلب يطلع لي أسد! بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-22-15, 10:14 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- توزيع الصحف وتوزيع السلطة بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-19-15, 08:14 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- من الأسكلا وحلّا: مصرع المراكبية على اعتاب الشرعية بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-15-15, 05:17 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- يا معارضون: الدين النصيحة بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-12-15, 04:39 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- الجزئين الأول والثاني من (حملة التفتيش على شوق الدرويش) 03-10-15, 02:53 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- الفيتوري بين يدي طلحة جبريل بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-08-15, 08:52 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق في سيرة البشير والنميري وتشيرشل مصطفى عبد العزيز البطل 10-06-13, 06:52 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق الإضراب والكباب! مصطفى عبد العزيز البطل 10-04-13, 03:58 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- توقيعات في دفتر هبة سبتمبر/مصطفى عبد العزيز البطل 10-01-13, 03:13 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق في سيرة البصاصين السودانيين الأمريكيين مصطفى عبد العزيز البطل 09-23-13, 05:39 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- مرشد الحبايب الى فهم أشعار النائب مصطفى عبد العزيز البطل 09-19-13, 06:37 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- وأين نور الشقائق من مي زيادة؟ حسن الجزولي وشخصية فوز مصطفى عبد العزيز 09-15-13, 07:04 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق الملايين والملاليم في نضال هالة عبدالحليم 09-09-13, 05:33 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- عندما يرفع ضابط الأمن شارة النصر مصطفى عبد العزيز البطل 09-02-13, 06:41 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
|
|
|
|
|
|