اعتدنا هذه الفترة على سماع العديد من عبارات التذمر ، وكذلك فَهْم كثير من الإشارات أو الإيماءات التي تحدثنا عن الإمتعاض وعدم رضاء الكثير من العامة ، ويكثر هذا عند صفوف الخبز ( أوقات أزمته ) ، وصعوبة المواصلات وكذلك في أي مكان خدمي عام يصطف فيه الجمهور ليحصل على خدمة ما ، وتجد الناس لا تمل الحديث عن التردي المريع الذي نعايشه ، مرددين عبارات " البلد دي ماشه لي وين ؟ " ، و" دي (غَلَاة) شنو دي ؟ " ، " والبلد بقت فوضى " ، والزيادات دي حدها وين ؟ .. وما يشبه ! ولعل من أهم واجبات الدولة أو السلطة القائمة في أي بلد في العالم هو العمل بطاقة قصوى ، واستغلال كل الإمكانيات المتاحة ، وعمل كل الممكن مع طرق باب المستحيل ليكون المواطن آمنا في كل مناحي الحياة ، وأمنه الغذائي ( المعيشي ) لا ينفصل ، وللأسف وامتدادآ لسياسة ( الخَمْ ) واستغلالآ للعاطفة الدينية عند البسطاء يطفق كثير من المتحدثين في الشان العام ( المنتفعين من الأوضاع القائمه ) الى القول : " نحن في نعمه ، ونحن أفضل من سوريا ، وبعض بلدان أفريقيا و و و ونحن مطمئنين آمنين وما يتبع ، وأن الغلاء ليس بمشكلة كبيرة طالما أن السلع الإسستهلاكية موجودة ! ( بمنطق كعب العدم ) وكفايه إننا آمنين !! . وينسى هؤلاء القوم أن غلاء المعيشة قد يكون سبب رئيسي لتعرض البعض للسرقات ، وإن استفحل فربما الإعتداء بهدف السرقة ؛ لأنه كما يقال " الجوع كافر " و قد يدفع البعض الى القيام بأي شئ ليسد رمقه وأهل بيته ، وبعض الأحيان عندما تزداد السرقات الليلية أو يكون معدل الجريمه قد ارتفع في فترة ما يُفسر على أنه نتاج لغلاء المعيشة وهذا بالطبع منطقي الي حد بعيد ! ونتابع هذه الفتره إصرار مؤسسة الرئاسه على موضوع جمع السلاح في دارفور ، وتساءلت عن من الذي يهتم لأمر سلاح الجوع ؟ ... ولا أعني المجاعة تحديدآ إنما الغلاء الفاحش الذي يعايشه الشعب ، وأصبح الهَمْ كل الهَمْ في المكابدة واللهث للوفاء بالإلتزامات اليوميه والعائليه ومقابلة المصروفات الدراسية للطلاب/ التلاميذ ، وتأمين مبالغ العلاج وشراء الأدوية ! ... ونعلم أن كل هذا على عاتق المواطن ( رب البيت والمُعِيل ) ومن المؤسف أن نعيش ليكون كل همنا هو ماذا نأكل ، وكيف نتعالج ، وممْ نؤمن المصروفات الدراسيه ! ، ولن نسأل عن عيش رغيد ، ورفاهية وترفيه وسياحه ( داخليه أو خارجيه ) بالرغم من أن هذا ضروري للصحة النفسية ... و ببساطة هذا هو الواقع المأزوم بعينه ، والذي سينتج مجتمع مأزوم كذلك وسنجد بينه المجرم ، وفيه المحتال ، والحرامي والمعتدي ، وكل سيئ في السلوك أو الشخصيات . اليوم أيضآ دعوني أتساءل سادتي ؛ ما هي التدابير التي تم إتخاذها بعد إعلان رفع الحظر ؟ ، أو ماهي السياسات التي تنوي الدولة اتباعها لتحسين الأوضاع ؟ ... لئلا يكون الأمر مجرد وعود وأحاديث في الإعلام عن الرخاء وتحسن الأوضاع دون خطط وعمل ، وصدقآ كنت أحسن الظن لدرجة أني تخيلت أن الرئاسة ستقوم بعد إعلان رفع الحظر مباشرة بعمل غرفة متابعة وتنسيق من الجهات ذات الصلة ( البنك المركزي ، الماليه ، التجاره ، الإستثمار ، الزراعة ، الأمن الإقتصادي ) لبدء مرحلة جديدة لواقع أفضل ؛ ولكن للأسف لم يُعلن الى الآن عن فريق بهذا المستوى . بلاد مثل السودان غير مقبول أن يعاني مواطنها ، إنسان عظيم ، وموارد ، ونيل ، وأرض ، وثروة حيوانيه ، وعلى الصعيد الشخصي إن قُدِمَ لي سؤال عن مالذي ينقصنا ؛ لقلت الإرادة .. نعم الإرادة . أخيرآ ما يهدد المواطن ليس السلاح الناري فقط ؛ بل سلاح الجوع المتمثل في غلاء المعيشة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة