|
وما هم إلا ضحايا..!! إليكم - الطاهر ساتي
|
:: عددهم يتجاوز الأربعمائة مواطن، ولكل منهم حكاية تُدمع العين وتُدمي القلب.. وعلى سبيل المثال، محمد البشير علي، من أبناء الكاملين بالجزيرة، وكان مغترباً لفترة تجاوزت العشرين عاماً، ثم عاد إلى بلاده بحصاد الغُربة ليتابع تعليم الأبناء والبنات وهم في المراحل التعليمية الثلاث.. وما إن طاب به المقام في الكاملين، فكر في مشروع يتناسب مع عمره بحيث يكون له عوناً بفضل الله في تكاليف تعليم الأبناء و(أكل عيش أسرته).. وقبل أن يكتمل التفكير، سمع البشير أن سلطات الدولة فتحت باب استيراد عربات النقل المتجاوزة لموديل العام، ولم يكن هذا الباب مفتوحاً. :: قصد وزارة التجارة الخارجية وتأكد من صحة الخبر من المسؤولين، وغادر إلى أبو ظبي واشترى بحصاد الغربة (ثلاثة دفارات)، وأكمل كل إجراءات الشحن وعاد إلى بلاده ليستقبل عرباته في ميناء بورتسودان ويستلمها بعد أن يدفع ما عليه من (جمارك ورسوم). وبعد وصول الباخرة وتفريغ ما بها من سيارات البشير وغيرها، قصد عمُّنا هذا سلطات الجمارك لتخليص (دفاراته)، ولكن هناك فوجئ بصدمة مفادها: (معليش، القصة دي وقّفوها).. هكذا، بدون أي سابق إنذار أو إخطار أو تحديد (مهلة زمنية)، تم إغلاق باب استيراد عربات النقل المتجاوزة لموديل العام.. ولم يجد حلاً للخروج من مخاطر المصادرة وغرامات الميناء غير إعادة تصدير العربات إلى (ميناء جدة)! :: ومنذ نصف عام إلا قليلاً، يدفع البشير وأكثر من أربعمائة مواطن لسلطات ميناء جدة يومياً (30 ريالاً)، ولسلطات ميناءي جيبوتي والعقبة (10 دولارات)، كرسوم الاحتفاظ بالسيارة الواحدة لحين سحبها من الموانئ.. وعليه، بكل وضوح، هؤلاء ضحايا أجهزة وسلطات بالدولة لم تفتح باب استيراد السيارات المتجاوزة لموديل العام بالعدل والمساواة لكل الناس.. نعم، تأملوا في (قسوة القرار)، إذ شمل قرار الحظر حتى العربات التي وصلت موانئ السودان بعلم السلطات، وكذلك التي تم شحنها في السفن بـ(إذن السلطات).. ولا تفسير لهذا غير أنهم فتحوا باب الاستيراد لفئة ثم أغلقوا الباب أمام (العامة)! :: ولو كانت أجهزة الدولة عادلة في قراريْ (الاستيراد والحظر)، لأعلنت فترة الاستيراد بجدول زمني محدد، حتى لا يتكبّد المواطن خسائر الاستيراد بعد (انتهاء الفترة المحددة).. وكذلك لو كانت أجهزة الدولة وسلطاتها عادلة في قراريْ (الاستيراد والحظر)، لدرست كمية السيارات المطلوبة لحل أزمة النقل، ثم حددت مواصفاتها وصدقت باستيرادها ثم بعد ذلك لأغلقت باب (استيراد المزيد).. ولكن للأسف، لكي تكون عامة الناس هي الضحية، فتحت الأجهزة والسلطات باب الاستيراد، وبعد استيراد البعض أغلقتها في وجه البعض الآخر بـ(قرار مُفاجئ)! :: نعم، لم يكن هناك عدل زمني يساوي الجميع في (الاستيراد أو الحظر).. وبظلم الحظر المفاجئ، كان طبيعياً أن يصبح مثل هذا المغترب العائد بحصاد غربته ثم بسطاء آخرين من عامة الناس هم (الضحايا).. وفليعلم مجلس الوزراء، وكذلك رئاسة الجمهورية، ثم البرلمان، بأن من آثار ظُلم هذا الحظر المفاجئ، اليوم بموانئ جدة والعقبة وجيبوتي أكثر من (2500 عربة)، مملوكة لبعض أهل السودان الذين يدفعون يومياً (رسوم الموانئ)، منذ أن وزعتها السفن في تلك الموانئ بعد أن رفضت السلطات هنا تخليصها.. وقريباً، ما لم يتدخل مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية بقرار عادل، سنكتب عن خبر مصادرة هذه العربات ثم بيعها لصالح تلك الموانئ الأجنبية حين يعجز أصحابها عن سداد (رسوم الموانئ)!
|
|
|
|
|
|