|
وفي الليلة الظلماء..!!
|
"في ذكرى عبد الناصر" بقلم : توفيق الحاج *
أربع وثلاثون سنة أبحرنا خلالها في يم المجهول منذ الزلزال الكبير الذي هز الروح والإرادة التحررية العربية بالرحيل الصاعق للزعيم الخالد جمال عبد الناصر ولا زالت مضاعفات هذا الرحيل تفرض نفسها بقوة على واقع الشارع العربي وكلما ازدادت المسافة الزمنية إيغالا في نسيان مفترض ..تسطع في نفوسنا شموس مصداقية هذا الرجل ونبوءاته ،كأنه لا يزال يعيش بيننا ويعاني أجواء ذكرى انتفاضة الأقصى ويومياتها الحالكة. كان أعداء عبد الناصر يرددون دائما مقولة مغرضة مفادها أن مجرد وجوده في بؤرة السياسة العربية والعالمية يقف حائلا دون حل مشكلة الشرق الأوسط ،ويكفي حتى لمن يعاني من العشى الليلي ان يكتشف زيف هذه المقولة التي كان أصحابها يخططون بلا كلل لإزاحة عبد الناصر من الخارطة السياسية وبأي ثمن ..!! وكان عبد الناصر بحق ممثلا شرعيا ومخلصا للاماني والطموحات العربية والإنسانية في الحرية والاستقلال،واستطاع ان يجابه بحب الشعوب المضطهدة في العالم أعتي المؤامرات الاستعمارية وأشرسها وينجح في إجهاضها مثلما فعل عندما سحبت أمريكا عرضها لتمويل السد العالي وأمم القناة وواجه بشجاعة ورباطة جاش العدوان الثلاثي لقد أحيا عبد الناصر كرامة الفلاح المصري بخمسة فدادين وعزة الإنسان العربي التي طمرت دهورا تحت جحافل المحتلين وكان هذا فقط كفيلا بان يجعله العدو رقم "1" لورثة الاستعمار الغربي وأحفاد الحلم الصهيوني وبقايا الباشوات المتضررين من إصلاحات الثورة وهؤلاء جميعا لم يهدءوا للحظة في سبيل هدم قامة عبد الناصر الشامخة وتحطيم أحلامه حتى بعد مماته ولكن دون جدوى فالحب لعبد الناصر وصوره تبدو جلية في كل مظاهرة عربية تقاوم المحتلين . ومع ذلك استطاع أؤلئك ان يوقعوا الهزيمة بعبد الناصر والامة العربية في حزيران بما توفر لهم من تفوق وحنكة وبما ابتلينا به من قصور وتهاون..!!جعلنا نعاني من تبعات هذه الهزيمة إلى اليوم وهي تعد بلا شك خطأه الكبير..!!
ورغم المرارة المفجعة في صوته وهو يعلن استقالته إلا ان المد الشعبي الجارف أعطى الزعيم قوة لعدم الاستسلام وخاض حرب الاستنزاف ببقايا جيش تمزق في سيناء واعد خطة "جرانيت"1" التي كانت أساسا للعبور العربي عام1973. لقد اجتهد أعداء العرب وعبد الناصر في اشغاله بمعارك عربية جانبية أجهدت وشتت طاقته الموجهة نحو استعادة الأرض وتحقيق حلم الوحدة . لقد أحببنا عبد الناصر ونفخر بأننا من جيل ثورته العظيمة ومبعث حبنا وفخرنا انه الزعيم الوحيد الذي احبنا وعمل من اجل فلسطين مخلصا حتى الموت ولم ينكفئ بشعبه على حدود الوهم أو مصالح الدولة..!! إن كل يوم يمر يشعرنا بفداحة غيابه وجسامة فقده فمن بعده بهتت صور الذين تطاولوا على صورته ، وتقزمت النفوس المريضة التي سعت لتشويه تاريخه .من بعده التم الآكلة على القصعة أكثر فأكثر وكشفت الوجوه الحاقدة على العرب والمسلمين عن نواياها دون مواربة واصبح الدم العربي في المذابح اليومية ارخص من البيبسي..!! وبات حال الذين هاجموا عبد الناصر عن غفلة بسبب موقف أو مصلحة يقول كما قال الشاعر : بكيت من عمر فمات فسرني..فعاشرت أقواما بكيت على عمر لقد مات والدي وهو يحمل صورة "أبو خالد "في جيبه وكان يتمنى أن يراه ولو للحظة يطأ تراب غزة..!! رحم الله عبد الناصر كلما سقط شهيد أو صاحت مغتصبة.. رحم الله عبد الناصر ..وأبقى ذكراه في قلوبنا بوصلة حق.. وشمس مستقبل لا تنطفئ.
*كاتب وشاعر فلسطيني
|
|
|
|
|
|