(1) مقدمة: لابد من التنويه إلى أنني لست بصدد القدح في عطاء السيدات الأُول الفائزات سابقاً، بهذه الجائزة، خاصة وان بينهن الشيخة فاطمة المبارك المشهود لها بعمل الخير والسعي لنهضة المرأة الإماراتية، والتي امتدت أياديها البيضاء إلى المرأة السودانية. فنذكر لها أفضالها البائنات ومنها تكلفها عام 2009 بعلاج الطالبة سناء الأمين بأمريكا وترميم وجهها بعد إذ شوهه زوجها ، فحرقه. وأيضا ، لست بصدد تناول الغرض من الجائزة أو سيرة صاحب المؤسسة التجارية التي تمنحها ، العراقي كريم فريمان. فقد طفح السايبر بما يقدح في نزاهة شركته، والبعد الربحي لاختيار سيدتنا الأولي. ولعلي أسترجع بالإشارة هنا التناول الشامل والدقة البحثية التي عالج بها استأذنا الصحفي الكبير، ورائد الصحافة الاستقصائية الالكترونية الزميل عبد الرحمن الأمين، الموضوع في تقريره الموسوم " وداد بابكر هي السيدة العربية الأولى لعام 2013؟؟....."ياراجل حرام عليك" http://www.sudaneseonline.com/news.php?action=showandid=115095
(2)
كان بالإمكان تسويق خبر فوز السيدة وداد بالجائزة، وبيعه للمتلقي دون الجنوح للمبالغة في إحصاء مآثرها الوهمية، بيد أن الجهة المانحة دبجت حيثيات منحها بـ(...سعيها- أي وداد- إلى تشجيع النساء على الانخراط في المزيد من ميادين العمل والبناء) ! بحجم مثل هذه الجرعة من الكذب كان لابد من التصدي بالحقائق التي تنكر عليها مثيل هذا الدور طيلة الأحد عشر عاماً التي قضتها وداد بابكر في القصر الجمهوري، زوجة لرئيس الجمهورية ثم سيدة أولى لجمهورية السودان. أما أمر تدبيج الجائزة بتلك الكيفية، وتلك "الريادة الودادية"، فيعد تزويرا غير مقبول لقضايا النساء السودانيات ، مما يستوجب الوقوف وكشف الحقائق خاصة وأن المحتفى بها كانت شاهدة حاضرة إبان أعنف تلك الفترات المظلمة في بطش النظام بنا. فقد كانت موجودة في دائرة صنع القرار ولم نسمع لها ولا"بِغِم".
تتعين الإشارة هنا إلى أن لقب" السيدة الأولى" هو صناعة أمريكية "كافرة"، وينصرف لكيفية مخاطبة زوجة الرئيس بروتوكوليا فقط، بدون مستحقات دستورية أو توصيفات وظيفية. فهو منصب (منزلي) مؤقت يزول بمجرد خروج الرئيس من البيت الأبيض .
(3)
قبل الحديث عن مساندة السيدة وداد للمرأة السودانية ومساعدتها على ارتياد مجالات جديدة، دعونا ننقب في سيرة السيدة وداد بابكر لجرد حساب منجزاتها خلال الأحد عشر عاما الماضية كزوجة لرئيس الجمهورية، سمّاها البروتوكول السيدة الأولى.
دخلت السيدة وداد بابكر للقصر كزوجة ثانية للرئيس وهي في ريعان شبابها إذ لم تكمل الصف الثالث من تعليمها الثانوي بل وانقطعت عن الدراسة لأكثر من 10 سنوات عاشتها في كنف زوجها الأول الرائد إبراهيم شمس الدين الذي قضى نحبه في ابريل عام 2001. السير المتوافرة توثق للزواج أنه تمّ بينما الزوجة الأولى ، السيدة فاطمة خالد ، مشغولة في تلقي التعازي في وفاة والدتها في منطقة حوش بانقا. بعد الزواج بثلاث سنوات، عادت السيدة وداد للدراسة فجلست لامتحان الشهادة السودانية عام 2005 فأصبحت "الممتحنة الأولي " من منظور الشهرة . ونحن نحمد لها هذا الإصرار علي مواصلة التلقي والمواظبة، وكان من الممكن أن تكون قدوة لكثير من النساء اللائي اضطرتهن الظروف الشبيهة بظروفها للانقطاع عن العلم والتحصيل، لولا إننا ما وجدنا لها انفعالا أو دوراً ملموساً لدفع قضايا حواء السودانية إلى الأمام . أضف إلى ذلك، أن مواظبة السيدة وداد كانت باهظة التكلفة و مكلفة لجيوبنا، نحن الشعب دافعي الضرائب الذين صرفنا، ولسنوات علي حضورها وانصرافها وسياراتها ووقودها وسيارات ووقود الحاشية المرافقة، فضلا عن يوميات مرتبات أفراد الشرطة ومركباتهم ومرتبات الأساتذة، وكثير ! فالسيدة الفاضلة كانت تحضر إلى جامعة الرباط في رفقة فريق كبير من الجنسين، من شرطة المرور والتأمين والمرافقة يتقدمهم "بودي قارد" وتخصص لها قاعات دراسة بمفردها ويشرف على تدريس الطالبة "الأولي" مجموعة من الأساتذة الأكفاء ، أيضا لوحدها!! رغم ذلك، نشهد لها المواظبة على حضور المحاضرات ، عكس زوجها، الذي صرفت له درجة الماجستير من جامعة الجزيرة دون أن نعلم له تحصيلا أكاديميا سابقا يؤهله للتعليم فوق الجامعي، أو حضورا إلى قاعات الدرس كطالب.
(4)
ليس من سيرة ذاتية متداولة للسيدة وداد بابكر قبل دخولها القصر الجمهوري. تقول مصادري أن السيدة وداد، ابنة العامل البسيط في مشروع الجزيرة، تنقلت في طفولتها، وشبابها والفترة ما بين بداية التسعينات وحتى عام 2001، ما بين حلة حسن بمارنجان ، فمنطقة الدخينات بالخرطوم، ثم منطقة شرق النيل وأخيرا حي المطار ثم القصر الجمهوري. وللدقة هناك سيرتان للسيدة وداد بابكر: واحدة مبذولة في السايبر والأخرى "غميسة" ومدفونة كما الإبرة في "الدفيس"، وتحتاج لصبر وحنكة للوصول إليها.
السيرة الأولى الموحدة، والمنشورة في العديد من المواقع الالكترونية، تتكون من 64 كلمة، خصصت 20 كلمة منها للحديث عن قبيلتها! خلافاً لما هو متعارف عليه في سيرة السيدات الأُوَّل، فإن غياب سيرة ذاتية مفصلة لها أما أن يكون تقصيراً معيباً أو تغييباً متعمداً. تقول سيرتها الذاتية : " وداد بابكرعمر مضوي هي الزوجة الثانية للرئيس السوداني عمر البشير، من إحدى قري منطقة المناقل وتنتمي إلي قبيلة الكواهلة وهي اكبر قبيلة عربية في السودان التي تنتشر في منطقة المناقل والنيل الأبيض والجزيرة وبعض مناطق شمال السودان. ووداد بابكر دارسة للاقتصاد والعلوم السياسية وهي مدير منظمة سند الخيرية وتتبوأ موقعا مهما في منظمة السيدات الأول في أفريقا وشاركت في مؤتمر القمة العربية في قطر" (المصدر شبكة المعرفة).
(5)
السيرة الذاتية الثانية مفصلة ومحشوّة بشتى أصناف الحلقات الدراسية والأنشطة الدبلوماسية والسياسية والنسوية والشبابية والثقافية بل وحتى رعايتها للكثير من الفعاليات والمناشط. هذه السيرة هي التي أرفقها قسم المراسم بوزارة الخارجية إلى البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإقليمية والعالمية حين تسميتها سيدة أولى لجمهورية للسودان، و كان ذلك قبل ثماني سنوات. بمقارنة سريعة لمحتوى السيرتين، يلاحظ أن السيرة المقتضبة قد تم إعدادها بعد سيرة وزارة الخارجية المفصلة التي تطرقت إلى دراستها الجامعية، وخلافا لسيرة الخارجية، فقد خلت من الدورات تدريبية. (6)
حصلت السيدة وداد بابكر، على لقب سيدة السودان الأولى والذي أصبح ملازماً لإسمها رسميا، بتاريخ 8 ذو القعدة 1426هـ، الموافق 10 ديسمبر 2005، بمقتضى خطاب وزارة الخارجية السودانية رقم خ/م/13/1/ايران، والموجه إلى جميع البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإقليمية والدولية باعتمادها سيدة أولى لجمهورية السودان(انظر الوثيقة المرفقة). ورغم أن سيرتها الذاتية تشير إلى خضوعها لحلقات تدريبية متنوعة في العديد من المجالات، كالبروتوكول، إلا أننا نحسب أنها لم تلتزم في كثير من المناسبات بقيود البروتوكول التي تحرّم الكثير من السلوكيات والتصرفات كالترخص في استخراج جوازات السفر الدبلوماسية للأهل والأقارب واصطحاب الصديقات والأقرباء "للترفية" معها ضمن الوفود الرسمية، أو رحلات الحج والعمرة المتكررة أو حتى إدخال "حقائب" الآخرين ضمن عفشها، تهرباً من الضرائب والجمارك ! ثم الرقص العلني الذي يخرق مبادئ الحشمة والأعراف الإسلامية وسط حضور كبير، وهذا لم تسبقها فيه كتصرف أي سيدة أولي عربية http://www.youtube.com/watch?v=dCzk1BArNGE.
يفجعك أن تعلم أنه وفي الوقت الذي كانت فيه سيدتنا الأولي ترقص وتتمايل على أنغام " أحبو وأحب نوناتو... نوناتالسياط،وجناتو"، كان أنين النساء ومعاناتهن واستصراخهن الضمير الإنساني من بطش سياط "قدو قدو" ممثل قانون البطش العام...نظام القهر والتعذيب والتشنيع والتنميط العام ومادته رقم (152) الانتقائية التطبيق، يشق عنان السماء. فهذه السياط ، والقهقهات(قهقهات الحضور) ، ظلت تنهمر على أجساد النساء النحيلة، وأفئدتهن كما أمطارنا الاستوائية. وخلال ربع قرن كامل من عمر وداد بابكر في مراقي السلطة لهذا النظام مع زوجين في مجلس ثورته ، ما سكت كرباج قدو قدو يوماً.
(7)
هل نجحت السيدة وداد في لعب الدور المرسوم لها، كسيدة أولى تقوم على رأس أنشطة محلية وإقليمية ودولية؟
لا أظن !
علي العكس تماما، فقد حفلت سيرتها بالعديد من الإخفاقات وشبهات بالفساد الموثق حتى أصبحت رمزا له. ووصل الأمر أن وصفت صحيفة "واشنطون بوست" في عددها بتاريخ (10 يونيو 2008)، حضورها لاجتماعات الأمم المتحدة الخاصة بالايدز، بأنها لا تعدو كونها رحلة تسوق على مستوى عالِ، (الراكوبة1/ 6/2013). دعونا نستعرض مجالين يعدان مسرحا هاماً لنشاطاتها والتي يفترض أن نرى أثرا ملموسا لها فيه، وهما قطاعات الشباب والأطفال والنساء.
(8)
تحت عنوان "زوجات الزعماء العرب يكسرن حواجز السياسة بأجندة الثقافة"، نشرت صحيفة "ضوء" السعودية الالكترونية في احد أعدادها، تاليا لفوز السيدة وداد بجائزة المرأة العربية الأولى، ملامح لأنشطة السيدات الأوُّل في العالم العربي، واهتماماتهن الثقافية والسياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية، و قدمت المجلة وداد بأنها" ... قليلا ما ترافق البشير في زياراته، تولي اهتماما متميزا لمجلة الطفل الأولى بالسودان " سمسمة " و مجلة الخرطوم الجديدة" السياسية و"مجلة أوراق جديدة" الثقافية". يبدو أن إدارة المجلة، لم تطلع على سيرة السيدة وداد، والتي حشدتها الخارجية السودانية بتسع مشاركات خارجية في الفترة ما بين 2002-2005. ثم إن اهتمامها المتميز بالشباب والطفولة انحصر في مجلتين وملحق.. فموقع مجلة "سمسة"، التي أطلقت على نفسها لقب "مجلة السودان الأولى" يقول أن آخر مرة تم تجديد الموقع كان قبل 39 شهرا، أو ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، أي في يونيو عام 2010، أما ملحق أوراق جديدة ومجلة الخرطوم الجديدة، فالموقعان غير موجودين في الشبكة العنكبوتية. ومن عجب أن المجلتين الأخريين زينت كل منهما عنوانها بأيقونة "رقم واحد في السودان".
(9)
هل يحفل الملف الصحفي اليومي للسيدة الأولى بأخبار القضايا التي تضطلع بها ؟ واقع الطفولة في السودان، خاصة في المجال الصحي مخجل ومُعيب . فتجفيف المستشفيات الذي بدأ بمستشفى أمبدة، وامتد إلى السلامات ثم معمل وحضانات مستشفى المايقوما، فـمركز صحي سمير، و مشرحة الخرطوم، تُوِّجَ في مطلع هذا العام، بإزالة مستشفى الدكتور جعفر بن عوف لحوادث الأطفال، وهو المستشفى الوحيد الخاص بالأطفال في السودان. تم طرد المرضى الأطفال وذويهم من العنابر، فلم تحرك سيدة السودان الأولى ساكناً. بل لم نسمع أنها قد تبرعت يوماً للمتضررين، أو أنها زارت ملاجئ الأيتام، أو أن منظمتها، التي تعتبر من اكبر واغني المنظمات في السودان، قد أنشأت أو استأجرت دارا لإيواء المشردين، أو أنها تبرعت لأطفال المايقوما الذين ضاقت بهم الدار والذين يعتبرون نواة طيبة لكل أصحاب الشرور، فلا دارا وسعت ولا "كراتين فوط صحية أو حفاظات " أو علب لبن قد أرسلت، في الوقت الذي كانت تتكفل المنظمات التي يطلقون عليها لفظ الكافرة" بذلك. أين وداد بابكر صاحبة اللقب والصولجان من سيدة محسنة هي عوضية صاحبة محل "عوضية للأسماك" في الموردة، والتي درجت، أسبوعيا، ومنذ سنين خلت على إرسال وجبة اسماك خالية من العظم لإطعام 50 طفلا من أطفال النزيلات بسجن النساء بامدرمان. فشتان ما بين العطاء من قليل والإمساك عن كثير.
(10)
هل تعلم السيدة الفضلى أن حكومتها استهدفت حتى الطفلات اليافعات بين السادسة والسادسة عشر من العمر فكان تقنين تشويه الأعضاء التناسلي للإناث وكذلك زواج القصر؟ أن كانت لا تدري، فهاهو طوع عينها. ترى كم طفل تُكِئت وذبحت طفولتها وانتهكت حقوقها على مذبح التقاليد البالية ومساندة رأس الدولة- الموقع على اتفاقية حماية الطفولة- ، وتحت سمع وبصر سيدة السودان الأولى، وبأمر رأس الدولة... زوجها الفريق عمر البشير الموقع على الاتفاقية الدولية لحماية الطفولة؟ وثق البرلماني دفع الله حسب الرسول مشكورا لـ"رسمنة" انتهاك رأس الدولة لحقوق الطفلات بإجازة الخفاض أيا كان مسماه سنة أو فرعوني. نقتبس الآتي من احد حوارات النائب البرلماني المنشور بالراكوبة 12/6/2013. "... أرادت وزيرة الشؤون الاجتماعية يومها أن تعمل قانون الطفل ودخلته مجلس الوزراء.. ومن ضمن بنود هذا القانون أن أي بنت تختن أمها تأخذ سبع سنين سجن، وأبوها يأخذ سبع سنين سجن.. الرئيس عمر البشير جزاه الله خيراً كان في مجلس الوزراء، وكنت قاعد ورفع الفتوى بتاعة مجمع الفقه الإسلامي.. وقال إن مجمع الفقه الإسلامي بالنسبة له هو مرجعية الدولة، وبالنسبة له أن هذا الكلام كلام دين ياتو ختان البدو فيهو الزول سبع سنوات، تستثنوا ختان السنة من العقوبات.. ختان السنة بَرَّا وإذا لم يستثنى لن أمضي هذا القانون )..وجزاه الله خيراً وقال لعبد الباسط سبدرات الذي كان وزيراً للعدل حينها بتنفيذ القرار" .
(11)
إن كانت السيدة الأولى تعلم أن أرقام وإحصاءات البطالة أو الهجرة الاستنزافية أو عمالة الأطفال، فتلك مصيبة، وان كانت لا تعلم فهذا فحش في الجهل، خاصة أن قطاع الشباب احد اهتماماتها المدبجة في الجائزة . دوننا تقرير خطير حول إحصاءات للهجرة في مجالي التعليم والصحة . بتاريخ 28 أغسطس 2013، نشرت صحيفة "التغيير" الالكترونية، أن عمالة الأطفال تصل إلى 5%، وأشار إلى أن الارتفاع في نسبة البطالة وسط الشباب قفز إلى 2,4% الفترة ما بين 1990-20013. " كشف تقرير رسمي يوم الثلاثاء أن نسبة البطالة في السودان ارتفعت من(16,4%) عام 1990 إلى 18,8% من مجمل السكان وتتركز بصفة خاصة في وسط الفئة الشبابية بينما وصل عدد العاملين في البلاد إلى 9,3 ملايين ينحصر 53% منهم في القطاع غير الحكومي أغلبهم من الذكور مقارنة ب 5,3 ملايين عام 1990 "، (http://www.altaghyeer.info/ar/2013/news/1342/)
في عام 2012 فقط بلغ عدد المهاجرين من الأطباء والمعلمين (75.631) كادرا، وذلك حسب إحصاءات وزارة العمل. "ازدادت أعداد المهاجرين خلال العام الماضي في كافة المجالات لكن كان المجال الصحي والتعليمي من أكثر المجالات التي شهدت هجرة كوادرها حيث بلغت أعداد المهاجرين حسب إحصائيات وزارة العمل العام الماضي حوالي (75.631) مهاجرًا، نسبة لذلك أقامت أمانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني ندوة حول (هجرة الكوادر السودانية إلى الخارج.. الأسباب والتداعيات (صحيفة الانتباهة 06 كانون 2/ يناير 2013 الشباب يا سيدتي الفاضلة أما مهاجرين، أو غاطسين في وحل حقول الذهب، أو مخدرين بالبنقو الذي حلله لهم وزير الداخلية باعتباره ليس حشيشا، فأين السيدة الأولى ومؤسساتها الخيرية التي ترأسها أو ترعاها كسند ورفيدة والزمر وغيرها، من هجرة رأس المال الوطني أو تغييبه؟
(12)
أين وداد من النساء ومشاكلهن؟ سؤال لم يبارح مخيلتي منذ قرأت خبر فوزها بجائزة السيدة العربية الأولى واطلعت على سيرتها الذاتية! دوران مسلسل العنف ضد النساء والذي بدأ عام 1983 (1983-1985) بقوانين سبتمبر ثم تواصل عقب انقلاب “الإنقاذ” ، ووصول البشير إلى القصر الجمهوري، لم يتوقف لحظة واحدة إلى يومنا هذا. كل هذا ولوداد بالقصر من إجمالي السنوات، 11 عاما تسمع وترى، ولا تفعل شيئا. وللأسف، ليس لها أي دور قيادي، أو حتى معنوي، وهو أضعف الإيمان، لمناهضة قانون النظام العام. فهذا المسخ القانوني يستهدف شريحة النساء في معظم طبقات المجتمع، وفي جميع مراحل حياتهن. غابت أيضا عن هموم الأسرة السودانية على إطلاقها، وغابت كذلك عن التفكك الأسري الناتج عن سياسات الدولة الاقصائية و "التميكينة" والأوضاع الاقتصادية الحارقة ، فضلا عن العنف المجتمعي . هذا الغياب، وان كان غير مقبول في كثير من البلاد التي تقل عنا في الكثير من التصنيفات، إلا أننا ، كنساء سودانيات ، تعودنا-للأسف- علي هذه الانصرافية السلوكية . نشهد بأن سيدتنا الأولي انصرفت عنا وهجرت قضايانا وأصبحت "قضيتها الشاغلة"، هي البزنس والثروة وجمع المزيد، في تأسٍ بيّن بنشاطات ليلي الطرابلسي ، صديقتها السابقة !
(13)
للتأريخ، في أغسطس 1997 ، ظهرت أولى الشكاوى المناهضة قضائيا لقانون النظام العام، عندما تم إجبار طالبات جامعة الأحفاد على النزول من الحافلات، فجلدن في ميدان الربيع، بحجة الزى الفاضح. ثم جلدت الناشطة نجلاء سيد احمد للمرة الأولى عام 2001 (http://worldpulse.com/magazine/artic...ainst-a-regime) ، وحكم على الصحفية لبنى احمد حسين بالجلد بسبب الزى، فأنتقل الجلد من داخل المكاتب أو باحات الأقسام و"حيشانها"، لعدسات الفضائيات العالمية ووكالاتها، ثم جلدت سيلفيا كاشف، القاصر المسيحية الجنوب سودانية لنفس السبب، واعترف مدير الشرطة لصحيفة الشرق الأوسط انه في عام2008 فقط بلغ عدد النساء المجلودات (40) ألف امرأة، وكُتِبَت أكثر من (17) ألف أمرآة تعهدا. وانتشرت فيديوهات الجلد، آخرها كان في الأسبوع الماضي. استخدم نظام زوج السيدة الأولي الاغتصاب كسلاح للبطش بالمرأة، وكسر عين أهلها وعشيرتها. فاغتصبت الطبيبة حليمة بشير، وكذلك الناشطة والفنانة التشكيلية صفية اسحق من قبل ثلاثة من أفراد جهاز الأمن السوداني. وبدلا من البحث عن تحقيق العدالة قامت الدولة بحماية المجرمين وحظرت التناول الإعلامي للفظائع ! فتمت مقاضاة الصحفيات فاطمة الغزالي وأمل هباني، والكاتبة والناشطة د. ناهد محمد الحسن ود. القراي. وماتت نادية صابون جراء هجمات الشرطة المفاجئة "الكشات" على "سِتَّات الشاي"، فكانت مكافأة أسرتها الممتدة كشكاً، قدم لأسرتها تنفيسا لضغوطات الرأي العام الهائلة .
هل تعلم السيدة الأولى أن رأس الدولة قد عفا عن مغتصب طالبة جامعة بخت الرضا (ر.ح)، رغم ثبوت التهمة، وذلك بموجب القرار الجمهوري رقم 206/2013 وكانت مكافأة الطالبة فصلها عن الجامعة، (حريات- August 29, 2013). هل تعلم السيدة وداد ما هي تداعيات ذلك والرسالة المضمنة؟ معناه أن على المغتصبات أن لا يحلمن بعدالة، في المستقبل، حتى ولو جاء حكم القضاء لصالحهن.
هل سمعت السيدة الأولى بشهيدة الديوم عوضية التي أردتها شرطة الدورية قتيلة أمام باب منزلها، حينما خرجت لتحول بين شقيقها ورصاص الشرطي، فكان نصيبها رصاصة في الرأس وتباطأت الشرطة في رفع الحصانة عن قاتلها ملازم الشرطة؟
بل أين كانت السيدة الأولى عندما تم استدراج و اختطاف الزميلة الصحفية سمية إسماعيل هندوسة، التي أهينت أيما إهانة، حيث تم تعذيبها وحلاقة شعر رأسها وحرق أجزاء من جسمها بمكواة ساخنة، وتم حبسها لمدة (5) أيام مع أحد المخبولين، في احد بيوت الأشباح بالعاصمة الخرطوم، ثم رُمِيَّ بها في الخلاء! ما ذكرته غيض من فيض ونقطة في محيط متلاطمة أمواجه!
(14)
على مدى عقد من الزمان، لم تتوقف النساء عن البكاء والشكوى جراء ترملهن وتشريدهن واغتصابهن، أو بأخذ فلذات أكبادهن كحطب لمحرقة الحرب الجهادية الدينية المقدسة التي أشعلوها في 1989 وأخمدوها في2005 بفصل الجنوب كله. منذ عام 2004 تتربع وداد بابكر على رأس منظمة سند الخيرية، والتي تعتبر المنظمة الأولي في السودان، مالا و ربما "نشاطا. فمن كل السودان وتنوعه واحتياجات أهله، جادت علي أهلها بالمناقل أكثر.
لم يفتح الله عليها بتذكر معاناة المرأة الدارفورية رغم اعتراف زوجها الرئيس البشير بأنهم سفكوا دماء عشرة آلاف دارفوري؟ أما معاناة المرأة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، والشرق فهي نسياً منسياً. إن السيدة الأولى، التي طرحت نفسها رائدة في فتح آفاق جديدة للنساء السودانيات، إستكثرت اتساخ قدميها إن هي زارت النساء المتضررات من السيول والإمطار في منطقة شرق النيل والتي تقع على بعد اقل من (30 كم) من باب قصرها بكافوري . فبينما النساء الحوامل يضعن أحمالهن حيث ما أصابهن المخاض ولو في مراكب رديئة الصنعة، كانت برفقة زوجها (المطلوب دوليا) يستعدون لمغامرة اختراق الأجواء السعودية، بدون إذن، إلى دولة إيران لتهنئة زوجة الرئيس الإيراني حسن روحاني علي انتخابه، وتركت خرطومها ونسائها وأطفالها غرقي......فمن هم حتى يهمها أمرهم ؟
(15)
من عجب حين كانت "دفارات" الفنانة ندي القلعة تذهب محملة بالسكر إلى المتضررين، وتقيم الحفلات الغنائية لصالحهم، وحين كانت الفنانات نانسي عجاج وأفراح عصام يخضن في الوحل للوصول للمرأة المتضررة والوقوف إلى جانبها، لم تكلف السيدة الأولى نفسها، الطواف بطائرة خاصة، كما فعل زوجها، ومشاركة الأسر المتضررة معاناتها ولم ترسل سلامها إليهن ولو من على البعد!!
وكان هناك شباب وشابات سمر أبناء حواء السودانية الولود، يخوضون في الوحل والطين ويحملون الزاد والماء والشفاء والبسمة و"الضل والضرا" إلى قاطني العراء.. كانت هناك "نفير" الشبابية، تعمل في صمت دون من ولا أذى ولا انتظار شكر!
(16)
المؤسف انه حتى مشاركاتها الدولية كانت دون المستوى، وأغفلت أهم القضايا إقليميا ودولياُ وكانت تبدو كسيدة فرحة بالعطلة "الفسحة" والتسوق . بل إن خطابها، وهي عضو في مؤسستي القمة العربية والإفريقية للسيدات، أغفل الإشارة لهذا الترابط، بل وحتى من ذكر مواطنتها السودانية!! ففي قمة المرأة العربية بالبحرين عام 2006، خلا خطاب السيدة الأولى من الإشارة إلى المرأة السودانية ومعاناتها سواء في مناطق الحرب أو خلافها. وبينما ناس البيت السوداني مغيبين لدى سيدتنا الأولى، كانت المفاجأة إشارة السيدة سوزان مبارك في خطابها إلى معاناة المرأة الدارفورية؟ في مقال للزميل الصحفي خالد أبو احمد، نشر بسودانيز اونلاين، بتاريخ 14-11-،2006 بعنوان " خلال مؤتمر منظمة المرأة العربية في البحرين النساء الأول تحدثن عن معاناة المرأة في فلسطين والعراق ودارفور إلا السيدة وداد بابكر". نورد الآتي من مقال الزميل" أبو" احمد وكذلك خطاب السيدة سوزان مبارك ، قبل أن تطيح بها ثورة 30 يونيو: " وقد خاطب المرأة عدد من السيدات الأول وقد تحدثن جميعهن عن معاناة النساء في فلسطين والعراق وبينما أشارت زوجة الرئيس المصري سوزان مبارك إلى النساء في العراق وفلسطين ودارفور وقالت بالحرف الواحد "... أين نحن من مآسي البشر والأوطان في فلسطين والعراق ولبنان، ودارفور بسبب استمرار الاحتلال والعنف وتصاعد الممارسات العدوانية التي تشكل انتهاكات جسيمة مستمرة لأحكام القانون الدولي".
(17)
الطريف في الأمر أن السيدة الأولى أشارت في خطابها ضمنا إلى استغلال المرأة فيما يعرف بالاتجار بالبشر، وانتقدت عدم إدماجها في المسار التنموي حيث قالت نصاً " نؤكد رفضنا لموجة الاستغلال السيئ للمرأة ترويجا للربح السريع إعلاميا وهذه الظاهرة تستحق من المنظمة أن تسعى بالعمل على حفظ كرامة وإنسانية المرأة وأيضا التصدي لقضايا التهميش في الرأي والقضايا التي غالبا ما تكون ضحيتها المرأة وعدم استصحاب رأيها في القضايا الأساسية والجوهرية في حياة الأمة"،(المصدر السابق).
ماذا كان رد فعلها حيال صدمة المجتمع السوداني الخاصة بإعلان وكالة "أبو جمال" الاستفزازي للاستخدام الخارجي، والذي نشر بالتعاون مع إدارة استخدام السودانيين بالخارج التابعة لوزارة تنمية الموارد البشرية والتي على رأسها الوزيرة اشراقة محمود، والذي نشر في صحيفة "الانتباهة"، بتاريخ 21 مارس 2013، باستخدام شابات سودانية جميلات ذوات بشرة فاتحة، وان يتسمن بالفهم وتخلو أجسادهن من العمليات الجراحية(ربما غير مختونات، باعتبار أن تلك جراحة)، وان تكون المعاينة شخصية في الكويت بعد إرسال صورة حديثة من القدم للرأس وذلك لمعاينة الجسد (قلبة وعدلة)، إلى آخر المواصفات الواردة في ذلك الإعلان الاستفزازي.
ألا يعد هذا الإعلان اتجارا بالبشر، ويخالف المواثيق الدولية الوضعية والدينية، وهو الأمر الذي تطرقت إليه السيدة وداد في خطابها قبل ست سنوات في قمة المرأة العربية بالبحرين؟ وهل تعلم السيدة الأولى عن الاتجار بالبشر الذي يمارس بصورة انهاكية في شرق السودان، والذي جأرت به الشبكة العنكبوتية؟ ما هو رد فعلها حيال ما يحدث؟ لا شيء حتى كتابة هذا المقال!
ربما ما زالت وكالة "أبو جمال" تجند الشابات السودانيات للعمل في المهن الشبيهة بمهنة الإعلان، ولكن دون شوشرة هذه المرة.
(18)
سند وما أدراك ما سند! لغز المنشأ، والمهام والتمويل، وغموض صياغة الديباجة والأهداف والمقصد! " سند المنظمة الأسطورة ذات التمويل العابر للقارات كيف تكون منظمة خيرية تعنى بالشأن السوداني؟ تقول ديباجة سند الخيرية” أنشئت مؤسسة سند الخيرية في العام 2004م بمبادرة من السيدة الفضلى حرم السيد رئيس الجمهورية وفقاً بقانون العمل الطوعي والإنساني ، وهي مؤسسة تطوعية غير ربحية مساندة للمنظمات التطوعية تساهم في ترويج المشروعات في مجتمع المانحين للاضطلاع بدور أنساني محلى ودولي استكمالا لمجهود الدولة خاصة في الظروف الاستثنائية وحالات الطوارئ ، وتشكل المؤسسة واجهة سودانية لإسهامها الإقليمي والدولي في تخفيف المعاناة المرتبطة بالكوارث والنوازل". ماذا تعني عبارة منظمة مساندة للمنظمات الطوعية؟ كما يقول إخوتنا المصريين، فقد غلب حماري، واستعصى على فهمي العبارة الطويلة الواردة أعلاه، و هذه الواردة أدناه والتي تبدأ بـ"تساهم بترويج المشروعات..... إلى"استكمالا لمجهود الدولة"، أما باقي العبارة فهو واضح.. دعم وعطاء وخير سند ليس للسودان حيث لا زلازل، كما أن كوارث منطقة شرق النيل، بحسب الفهم الكيزاني لوالي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر، لا ترقى لمستوى الكوارث لان أكثر من نصف السكان ما زالوا أحياء يتضرعون على ظهر البسيطة.. حقك علينا يا سند واعفي لينا في الهرجي السابق ده! لكن يحق لنا التساؤل. مادامت سند الخيرية انتقائية التوجه، وأنشئت خصيصا للمناطق المضروبة زلزاليا وكارثيا، وبما أن السودان ليس بلد زلازل، كما أن "كارثة" السيول والفيضانات لم تقضِ على نصف السكان، لماذا اتخذت من السودان مقرا لها؟ ومن السيدة الأولى راعية لها؟ ما هو الدور الإقليمي لسند؟ وهل السيدة وداد، التي هي صاحبة فكرة إنشاء سند عام 2004، كان بإمكانها عصف ذهنها في ذلك الوقت وهي التي لم تكن قد جلست لامتحان الشهادة الثانوية السودانية، بل وانقطعت عن الدراسة لأكثر من عقد من الزمان، وبلورة فكرة منظمة تخدم القضايا الإقليمية والمحلية وغيرها؟ ولماذا سند عصية على المراجع العام وبينها وبينه ما صنع الحداد؟ أم انه بما أن سند اكبر من تهدم كذا ألف منزل بمنطقة الكريباب والعاصمة القومية، فلننظر حتى يحدث خطأ هندسي، لا سمح الله، في سد النهضة حيث لا عاصم يوم ذاك من الغرق، فتنهض سند وتنفض غبار الكسل عنها.
على العموم نترك الحديث عن أمر مؤسسة أو منظمة سند الخيرية حسب مقتضى الحال، لاستأذنا الصحفي الكبير الأستاذ عبد الرحمن الأمين، خاصة وانه قد رفد المكتبة الالكترونية بأكثر من مقال حول موضوع سند هذا.
(19)
إن تحديد جدارة السيدة وداد بهذه الجائزة، لا يكون عن طريق الاحتفاء الإعلامي وتدبيج المقالات التي تشيد بها، وبأدوارها الضبابية أو المغشوشة، في تقديرنا أن أهم عامل في تحديد هذه الجدارة، هو بإجراء استطلاع في أوساط شرائح النساء، وخاصة النساء المقهورات، للتعرف على مواقفهن من هذا الفوز المعلن و الذي تم بإدعاء خدمة نساء السودان ودعاوى تمثيل قضاياهن.
خلاصة الأمر: وداد بابكر سيرة خالية من أي دور لصالح المرأة السودانية "المقهورة". أما الجائزة المثيرة للجدل فهي لا تعدو كونها "علاقات عامة" لصالح النظام المتهالك، وتجميل لوجهه الشائه!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة