|
هواتف ذكية في أيدٍ سودانية بقلم مصطفى عبد العزيز البطل
|
09:34 PM Jul, 06 2015 سودانيز اون لاين مصطفى عبد العزيز البطل-منسوتا-الولايات المتحدة مكتبتى فى سودانيزاونلاين
غرباً باتجاه الشرق
mailto:[email protected]@msn.com
(1) تنُسب الى العميد طه حسين قولته الذائعة "التعليم كالماء والهواء". وأحسب أننا نحتاج في يومنا هذا الى عميد آخر (حتى ولو عميد شرطة) ليغيّر المقولة حتى تناسب واقع العصر وروحه فتكون "الهاتف الذكي كالماء والهواء".
الهاتف الذكي (Smart phone) يُطلق على فئة الهواتف المحمولة الحديثة التي تستخدم نظام تشغيل متطور وشاشات لمس، وتسمح بتنفيذ تطبيقات وتقنيات توفر مزايا تصفح الشبكة الدولية، والوصول الى أرتال من المحتويات الاعلامية والثقافية، كما تتيح مزامنة البريد الالكتروني وفتح الملفات.
وأنا أنظر حولي حيث أنا في الولايات المتحدة فلا أرى غير كائنات من البشر تمسك بهواتفها الذكية وتنكب عليها ليلاً ونهاراً في انقطاع وخشوع وكأنها تتعبد، حتى تخال انه لا عمل لهؤلاء يعتاشون منه ويهتمون لشأنه. حتى أبنائي عندما ألقاهم على مائدة الطعام او في باحة البيت الذي يجتمعون فيه معي لوقت قليل لا أراهم الا والهاتف الذكي في يد كل منهم، يشاغله ويؤانسه، ولا يشاغلني أنا ولا يؤانسني!
ولكنني فوجئت ببعض الاحصائيات التي أوردتها الصحف مؤخراً عن عدد الهواتف الذكية المتداولة في المدن السودانية، ومدى اندماج قطاعات مقدرة من سكان المدن في المجتمع الرقمي الدولى، وكثرة انشغالها وانغماسها في شتى الانشطة الهاتفية الذكية! (2) لم اكد افرغ من محاولتي الابتدائية في التفكير حول هذه الظاهرة اللبلابية ذات التأثير العولمي المتضافر، حتى دهمني أحد أشياخي من الخرطوم بملاحظات مدهشة حول ما بدا له من حال التراجع الثقافي العام في السودان في وقت تتقدم فيه التكنولوجيا الرقمية لتحتل مساحات جديدة كل يوم. وكنا في الأصل نتبادل الحديث عن تقهقر الكتاب كمصدر للتعليم والثقافة، وتلك بدورها ظاهرة عالمية. ففي الولايات المتحدة أغلقت شركة بوردرز (Borders) أشهر شركات بيع الكتب في العالم 490 من فروعها في المدن الامريكية، وسرحت 180 الفاً من موظفيها وعمالها. كذلك فأنها تخلصت من كل فروعها في بريطانيا وايرلندا واستراليا ونيوزيلندا!
لا أحد فيما يبدو يقرأ الكتب الورقية الآن. لا عندنا ولا عندهم. الجميع مشدوه بالهواتف الذكية، والتكنولوجيا الكمبيوترية! (3)
ولكن قضية تراجع المعرفة والثقافة في السودان غير، كما يقول الشوام. قلة الكتب والعزوف عن القراءة، والانصراف الى وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من منتجات ثورة تكنولوجيا الاتصالات، دون ان يتم استغلال هذه المنتجات الاستغلال الأمثل، انتهى بنا الى واقع مزرٍ.
ذكر لي شيخي وهو يعرض علىّ نماذج تعكس حالة التردي والتقهقر الثقافي عند اجيالنا الجديدة التي انصرفت عن القراءة والتحصيل المعرفي الجاد. حكى ان عدداً كبيراً من الكتب في مكتبته الخاصة تحمل اسمه، حيث ان المجلدين في مصر يذيلون الغلاف باسم المالك. وحدث ان طافت طالبة ماجستير باحدى الجامعات بمكتبته، وقرأت عناوين الكتب. ثم توقفت وسألته عما اذا كان هو نفسه مؤلف كل تلك الكتب الضخام؟! فذهل الرجل من سؤالها، لأن كثيراً من تلك الكتب أشهر من السودان، وقد سمع بها حتى عميان الثقافة على عهدنا بالطلب!
وقال لي الشيخ أنه سأل طالبة اخرى عادت لتوها من رحلة جامعية لكلية علمية متقدمة بجامعة الخرطوم الى سد مروى عن وسيلة سفرها هي ومجموعتها، فردت بأنهم استقلوا حافلات مكتوب عليها الطريقة (البرهامية). فوقر في نفس الرجل ان صاحبته لم تسمع عن تلك الطريقة الا يومها فسألها عن الطرق الصوفية في السودان، فأجابت: "البروتستانت والكاثوليك"، ثم اردفت' " كما درسنا في المرحلة الثانوية"! (4) الهواتف الذكية ومنتجات ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ليست شراً كلها، بل أنها تتوفر على خير كثير. فهي في نهاية المطاف تمثل وسائط لنشر العلم والثقافة، ربما كانت اكثر فاعلية من الكتب الورقية التقليدية نفسها.
المشكلة أننا فيما يبدو فقدنا الورق التقليدي، دون أن نحصل على شئ كثير من منتجات التكنولوجيا، بخلاف ثرثرات الواتساب ومجادلات الفيسبوك !
نقلاً عن صحيفة (السوداني)
أحدث المقالات
- رسالة عالمية لخدمة الإنسانية بقلم نورالدين مدني 07-05-15, 10:42 PM, نور الدين مدني
- ذكريات رمضانية.. 3 ... !! قريمانيات .. بقلم .. الطيب رحمه قريمان .. بريطانيا... !! 07-05-15, 10:40 PM, الطيب رحمه قريمان
- لو كنت المسؤول ..!! بقلم عبدالباقي الظافر 07-05-15, 10:35 PM, عبدالباقي الظافر
- انتبهوا أيها السادة.. نغرق!! بقلم عثمان ميرغني 07-05-15, 10:33 PM, عثمان ميرغني
- إنقلاب حميد ..!! بقلم الطاهر ساتي 07-05-15, 10:23 PM, الطاهر ساتي
|
|
|
|
|
|