سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة – ظاهرة سلبية جديدة بدأت تكشِّر عن أنيابها في واقعنا الإجتماعي المنكوب ، أدعو وزارة الشئون الإجتماعية و أولي الأمر على رأس الدولة و كافة المختصين في علم النفس الإجتماعي ، أن يلتفتوا إليها لأنها من وجهة نظري (فاجعة ) جديدة ، يتم إنتاجها عبر الضغوطات الإقتصادية و المعيشية التي باتت تهدِّد أمن و إستقرار هذا المجتمع ، و الظاهرة هي ( هروب الرجال ) .. فبعد أن كان الطلاق و الوفاة هما السببان الرئيسيان في تفكك الأسرة السودانية و معاناتها من عدم وجود عائل نفسي مادي ، إنضافت ظاهرة هروب الرجال من زوجاتهم و أبنائهم ، و ذلك ربما بسبب العجز و قلة الحيلة عن تحقيق إحتياجاتهم الضرورية من مسكن و مأكل و أمن و تعليم و صحة ، و في حقيقة الأمر ما أدهشني أن الغريزة الأبوية الفطرية لم تُعمل تأثيرها في العقلية المنهزمة لمثل هؤلاء الرجال ، و الذين يمكن أن تكون شخصياتهم مختلفة ، بإعتبار نشوذ سلوكهم الشخصي عن الوضع المتوازن و الطبيعي نتاجاً لظروف سلبية عاشوها إبان طفولتهم أو سلوكيات و ممارسات مكتسبة كالإدمان أو الوقوع في مآزق إجرامية مختلفة بحكم تواجدهم في بيئات قابلة لإحتواء الكثير من الظواهر و السلوكيات و القيِّم السلبية ، غير أن هذه هي الحقيقة المجردة و التي تحصَّل عليها أحد الدارسين في جامعة النيلين عبر إستطلاع يخص بحثه للتخرج ، فقد إتضح أن ( هروب الرجال ) واحداً من أهم أسباب فقدان الأسرة لعائلها بعد الطلاق ثم يأتي الإعتقال في السجون في المرتبة التي تسبق حالات الوفاة ، هكذا تحكي بعض النساء قصتهن مع مواجهة أعباء الحياة و خروجهن للعمل في الأسواق ، بأنهن و بين ليلة وضحاها فقدن أزواجهن ، منهم من خرج إلى العمل خروجاً عادياً و لم يعد ، و عندما يصل حد إنتظاره شهوراً أو عام يتأكد لها و لباقي أفراد الأسرة أنه لن يعود مرةً أخرى ، لتبدأ فصول المأساة المعلومة ، مواجهة حتمية مع الظرف الإقتصادي القاهر بسبب الغلاء الفاحش ، و رفع الدولة يدها عن كل دعم محسوس و فعَّال للضروريات الإجتماعية و الإنسانية الملحة و التي يأتي في مقدمتها التعليم و التداوي و الحصول على سكن آمن ، ثم من هذه البيئة الفاقدة لأبسط معينات الإستقرار المادي و النفسي ، يخرج أرتال من الفاقد التربوي إلى شوارع الهوان و العوز و الحاجة ، و لنا أن نعلم أن الإزدياد الواضح لتواجد الأطفال في الشوارع و الأسواق يعملون في سن مبكرة منعت قوانين العمل الدولية و المحلية إستيعابهم فيها ، أو تجدهم يستجدون الناس إلحافاً في الطرقات و الإشارات المرورية ، و أمهم العائل الوحيد إن رحمها رب العالمين لتهتدي إلى ماهو أقوم تتكسَّب الفتات من خشاش الأرض و رغم ذلك تطاردها كشات المحلية ، يا أولي الأمر فينا و في هؤلاء إعلموا أنها مسئوليتكم تجاه الله و الوطن ، ما تصنعه الحروب و مؤامرات التكالب على السلطه و جاه الدنيا الزائل ، يُدمِّر حياة الأسرة السودانية المستقرة و النازحة ، كلٌ بِمكيالٍ و إسلوب ، فلا تدفنوا رؤوسكم في الرمال و تقولوا مالنا و هؤلاء ، إنهم الرعية و قد جارت بهم الدنيا ، بما كسبت أيدي الفساد و الظلم و الإستبداد و ظلم الإنسان لأخيه الإنسان .. هل من مُجيب ؟!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة