|
نطمح في أكثر من منع الشجار بين أنصار السنة والصوفية في هذه الأيام! محمد وقيع الله
|
التصريح الذي أدلى به فضيلة صديقنا الشيخ الدكتور إسماعيل عثمان محمد الماحي، الرئيس العام لجماعة أنصار السنة، بخصوص طبيعة العلاقات الصوفية السلفية في البيئة السودانية تصريح حكيم أثلج صدور الحادبين على سلامة هذه العلاقات والحريصين على صيانتها وترقيتها وتحسينها. وقد برهن الشيخ بإدلائه بهذا التصريح الخيِّر أنه خيرُ خلف لخير لسلفه الصالح في قيادة الجماعة السلفية السودانية، سماحة شيخ الإسلام محمد هاشم الهدية رحمه الله تعالى. وقد جاء تصريح الشيخ إسماعيل في إبَّانه الصحيح لأن هذا الحين هو الحين الذي يتحينه شياطين الإنس، ويتربصون فيه لإشعال نار التفرقة والعداوة بين هذين الطرفين الطيبين الصالحين المصلحين من فرق الأمة السودانية الإسلامية السمحاء. وقد أنبأ الشيخ بتصريحه أنه لا يوجد سبب ولا مظهر للعداوة والمفاصلة والمنابذة بين السادة السلفية والسادة الصوفية. لا شك أن أمثال هذه التصريحات مجدية كثيرا لاسيما إن تكرم بعض قادة الفرق الصوفية بمجاراتها والإدلاء بمثيلات لها. ولكن الحل الأكبر يمكن، في نظرنا، في بذل مجهودات علمية قوية لإزالة أسباب سوء التفاهم والتجافي بين الطرفين. ولنبدأ بإخواننا السلفيين الكرام فنفترح عليهم أن يقوموا بتحرير خلافهم أو جدالهم أو نزاعهم - أيا كان المسمى - مع السادة الصوفية. فيقومون بإجراء دراسة علمية أكاديمية على الواقع الصوفي السوداني الذي يليهم والذي يعايشونه يوميا ليروا إن كانت مكوناته الاعتقادية تتشابه مع ما في المخيلات السلفية التقليدية الموروثة عن فكرة التصوف. فالذي نراه، ونرجو أن نكون مصيبين في هذا، أن كثيرا من السادة السلفيين منفعلون كثيرا بتصورات نظرية بحتة عن الصوفية. ويقومون من ثَمَّ، وعن جهل بالغ بالواقع، بتنزيلها وتلبيسها على السادة الصوفية في السودان. وهو يتجاوزون في ذلك، ربما عن جهل أيضا، بأن أكثر الأدبيات السلفية الموروثة التي كتبت قديما عن التصوف كانت قد حررت خصيصا ضد الأفكار الابتداعية الغالية. مثل أفكار الحلوليين الشاطحين من أتباع ابن عربي الحاتمي الاندلسي، وأمثاله من الغلاة المنحرفين، وأصحاب التصورات الشائهة التي تمزج بين الألوهية والعبودية. وتجعل لبعض العباد نصيبا من صفات الإله الواحد الأحد العظيم المتعال. وهذه التصورات الشركية الغليظة لا وجود لها - لحسن الحظ – بين أفراد السادة الصوفية في السودان. وإن وجدت لها ظلال بينهم فإنما هي ظلال شاردة وتجليات نادرة شاذة جدا، لا حكم له ولا قيمة لها إلا من وجهة تأييدها للقاعدة الأصيلة الصلبة التي تقرر نقاء عقائد سائر السادة الصوفية السودانيين من مثل هذه الاعتقادات الحلولية الباطلة. ومن طرف السادة الصوفية الكرام والذين نعرف أن فيهم علماء شجعان فنرجو أن يتقدموا لدراسة الواقع الدعوي السواني من حولهم بحياد وتعمق بصير. وليركزوا أفهامهم الشريفة على دراسة تاريخ الحركة السلفية، وتعمق سير أعلامها الكبار، من أمثال الإمام أحمد بن حنبل، وابن تيمية، وابن القيم، والذهبي، وابن كثير، والشوكاني، ومحمد بن عبد الوهاب، ومحمد رشيد رضا، وعبد الحميد بن باديس وغيرهم. وحينها سيدركون أنه ألا يوجد كبير فرق بين هؤلاء الأكابر من السلفية، وبين الأكابر من أئمة التصوف في مجاري ومساري الأذواق والأشواق والإشراق. وليقرأ الجميع من صوفية وسلفية المجلد الخاص بالتصوف من مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله تعالى عنه. فربما كان بمادته العلمية المخلصة المتجردة خير حكم فصل بين الطرفين المختلفين. ولدهشة أكثر المراقبين فربما صار السادة الصوفية أكثر إعجابا بهذا المجلد من السادة السلفية. لأنه دفع عن مبادئ الصوفية الحقة خير دفع. وانتصر لها خير انتصار.
|
|
|
|
|
|