|
مهنة من لا نسبة له!/حافظ أنقابو
|
حتى نهاية القرن الماضي وبدايات القرن الحالي، كانت دراسة الطب حكراً على المتفوقين في الشهادة السودانية وما يعادلها من الشهادات، وعندما يقال فلان أصبح طبيباً يعد ذلك مفخرة له ولأسرته و "حلته" باعتباره "نابغة" حقق نسبة عالية أهلته إلى دخول كلية الطب. الطب المهنة الإنسانية الرفيعة، كانت كلياته مستحيلة لمن لم يُحرز النسبة المطلوبة حسب دليل القبول الذي يصدر من وزارة التعليم العالي .. وكانت للكليات "شنة ورنة" في ذلك الوقت.. بل وللأطباء السودانيين سمعة طيبة داخل وخارج السودان. من عجائب هذه الأيام .. أصبحت مهنة الطب، مهنة سهلة المنال للمقتدرين على دفع ملايين الجنيهات سنويا في الكليات الخاصة.. قبل أيام كنت أتحدث مع أحد أصدقائي الأطباء عن مأساة مريض تعرض لخطأ طبي في احدى المستشفيات العريقة بالخرطوم.. فقال لي : العلاج في السودان أصبح مخاطرة بعد أن أصبح الطلاب الذين يحرزون "50%" أو أزيد بقليل أطباء يمارسون المهنة في المستشفيات. مع ايماني القاطع بأن نتائج التحصيل الاكاديمي ليست مقياسا لقدرات الانسان .. قد تحول أسباب دون أن يحرز الشخص نتيجة تتناسب مع قدراته العقلية .. لكن تبقى النتيجة الأكاديمية هي الضابط الأول والأخير للدخول إلى أي مجال قبل مراعاة الجوانب الأخرى. من حق أي شخص أن يحلم بأن يكون هو أو ابنه طبيباً.. لكن من حق المريض الذي يذهب إلى المستشفى طالباً العلاج أن يجد طبيبا قادرا على تقديم الخدمة المطلوبة. أصبحت كليات الطب الآن أكثر من الكليات الأخرى "رسوم تصل إلى 25 ألف سنويا".. وضوابط قبول لا تليق بمهنة تتعلق بحياة وموت الانسان. الآن أصبحت الأخطاء الطبية لا تحصى.. وهناك خلل واضح للعيان في القطاع الصحي بالبلاد .. وتتناول الأجهزة الاعلامية أخبارا غريبة عن الأخطاء الطبية التي يرتكبها الأطباء بحق المرضى ووصلت نتائجها الى الموت. ليس هناك أخطر من أن يتعلق الأمر بحياة أو موت إنسان.. حتى نطالب بتقنينه ووضع الضوابط التي تضمن الحد الأعلى من الحذر. على وزارة الصحة القيام بالدور المنوط بها في وضع ضوابط استيعاب الأطباء وتنظيم المهنة.. ولا بد من الاشارة إلى نقابة الأطباء التي يقع على عاتقها جزء من تنظيم المهنة واستيعاب الوافدين الجدد. والدور الأكبر الذي ننتظره هو دور وزارة التعليم العالي التي يقع على عاتقها مراجعة مقررات الكليات وتنفيذ وضوابط قبول الطلاب.. ننتظر وضع خارطة طريق واضحة لمهنة الطب التي كادت أن تكون "مهنة من لا نسبة له". كلمة حق حافظ أنقابو [email protected] عن السوداني الصادرة 16 مارس
|
|
|
|
|
|