قبل أيام كنت أنقِّب في سيرة رجل الأعمال التونسي رضا شرف الدين، رئيس نادي النجم الساحلي.. وجدت أن الرجل يعيش في ثراء مقيم.. يتجوَّل حول العالم بطائرة خاصة.. يملك عدداً من المصانع المتخصصة في الصادرات لأوروبا.. ورغم ذلك شغل نفسه بكرة القدم.. كان السؤال حاضراً في ذهني حين قابلت الرجل مؤخراً بالخرطوم.. كانت إجابته أنه دخل الميدان مضطراً ومستجيباً لنداء الوطن.. وكان حافظ حميدة رئيس النادي قد أُبعد من الرئاسة بعد صدور حكم إدانة ضده من محكمة ابتدائية بسوسة.. الرئيس الجديد أنفق ثلاثين مليار دينار تونسي، وفاز بلقب إفريقي، وخلَّد اسم فريقه في بطولة كأس العالم للأندية. حكاية الدكتور رضا شرف الدين جعلتني أُقلِّب دفاتر الرياضة في السودان.. بالأمس تم انتخاب السيد آدم سوداكال رئيساً لنادي المريخ بالاجماع السكوتي.. قبل مضي أربعة وعشرين ساعة انهالت نحو تسعة طعون تشكِّك في أهلية الرجل في قيادة المريخ.. لم أُصدق حينما عرفت أن الرجل الذي فاز بالرئاسة، هو ذات الرجل الذي هرب من سجن كوبر، وكانت أخبار هروبه الكبير تغطي صفحات الجريمة بالصُحف السيَّارة.. بل تساءلت كيف عاد الى الوطن.. وماذا عن الحق العام في قضية الهروب..؟!! بالطبع هي أسئلة بلا أجوبة. لكن الحقيقة؛ ليس السيد سوداكال وحده من تسلَّل إلى الساحة الرياضية.. رجل الأعمال أشرف الكاردينال له قصص كثيرة.. لعل أشهرها استنجاده بوزير العدل لتعطيل أمر قبض صادر ضده قبل سنوات.. لكن ذات الكاردينال دون أن يغير قبعته كان يخاطب بجانب رئيس الجمهورية حشداً جماهيرياً في الجنينة.. الرجل كان يباهي بما قدمه للرياضة السودانية دون أن يلتفت إلى الوراء. الرجال الذين يتسابقون لقيادة الاتحاد العام لبعضهم ماضٍ يستحق الفيش والتشبيه.. الأستاذ أسامة عطا المنان خازن مال الاتحاد العام تلاحقه اتهامات بالفساد وصلت المحاكم.. الأرباب صلاح إدريس كان قيد الإقامة الجبرية في المملكة السعودية بسبب اهتمامات ذات زوايا مختلفة.. القائمة تطول.. والمساحة أضيق من حشد الأمثلة وسرد الحكايات. علينا في البداية الإقرار أن الرياضة لم تعُد مجرد لعبة للتسلية.. الآن الرياضة تشكل اقتصاداً كبيراً في كل العالم.. كما علينا الاعتراف أن الأندية الرياضة مؤسسات ذات شعبية تتفوق على الأحزاب السياسية.. وهذا يعني أن أموال الأندية تعتبر أموالاً عامة.. رغم ذلك تعتبر أنديتنا السودانية مؤسسات فقيرة تعيش على صدقات رجال الأعمال.. ببعض مئات من العضوية المجلوبة يستطيع زيد أو عبيد شراء منصب رئيس النادي.. تتحوَّل العلاقة لاحقاً إلى متلازمة.. لا يمكن أن نتخيل المريخ دون جمال الوالي، أو الهلال دون الكاردينال. في تقديري؛ إن بداية الإصلاح تقتضي تحويل الأندية لشركة مساهمة عامة.. مثلاً إذا كان عدد مشجعي نادي الهلال في حدود العشرة ملايين سوداني، بالإمكان بيع السهم الواحد بعشرة جنيهات فقط.. أسهم يتم تداولها في سوق المال.. من المهم جداً تسهيل عملية اقتناء الأسهم وبيعها.. حيث يمكن أن يكون ذلك عبر وسائط الانترنت الحديثة أو حتى تحويل الرصيد المبسط.. بعد أن تتحوَّل الأندية إلى شركات خاضعة لقانون ١٩٢٥ ستسهل المحاسبة وستتحقق الأرباح. بصراحة؛ هنالك مستفيدون كثر من حالة الفوضى في الساحة الرياضية.. هؤلاء يقاومون أية محاولات للتحديث حفاظاً على مكاسبهم الشخصية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة