|
ملامح تاريخية عن تكوينات وصراعات القوي السياسية بالسودان (1) صلاح الباشا
|
mailto:[email protected]@gmail.com
· تاريخياً .. نجد ان مسيرة الصراعات السياسية في السودان قد إنحصرت في مجموعتين تتكون كل مجموعة منهما من منظومتين او حزبين او فلنقل حركتين ، إحداهما فكرية بحتة والأخري قوي تقليدية عريضة ذات زخم جماهيري ضخم جدا ً .. فالمجموعة الاولي الفكرية ظلت محصورة بين تيارين وهما اصحاب الفكر اليساري الماركسي ، والاخري التي تنافسها او تصارعها فكريا وهم اصحاب فكرة الاسلام السياسي وقد كانت تسمي جماعة الاخوان المسلمين في البدايات الاولي .. اما القوتين العريضتين التقليديتين بزخمهما الجماهيري الضخم والذي ظل يحكم السودان من خلال الانتخابات البرلمانية المفتوحة هما حزبا الاتحادي الذي تسنده وترعاه طائفة الطريقة الختمية الميرغنية، والامة الذي تسنده وترعاه طائفة الانصار المهدوية .
· كانت هناك في مدينة الاسماعيلية في مصرعلي شواطيء البحر الاحمر مجموعة تبنت دعوة دينية اسلامية وسط المجتمع وكان مؤسسها هو استاذ بالمدارس والذي تفرغ لاحقا للدعوة كليا وانتقل نشاطه الي العاصمة القاهرة في العام 1928م ألا وهو الشيخ حسن البنا والذي اطلق علي التنظيم إسم ( الاخوان المسلمون ) والذي تمدد بسرعة في مدن مصر واريافها ، ورويدا رويدا تحولت الدعوة الدينية الي نشاط سياسي مهول جدا... ثم سرعان ما بدـأتأأأأت الفكرة الاخوانية تجذب الطلاب من الدول الاسلامية الذين كانوا يفدون للدراسة في مصر ، فإنضموا للجماعة .
· وفي ذات الوقت كان هناك اجانب من دول اوربا يقطنون في دولة مصر في زمان الملك فاروق ، ومن ضمن هؤلاء كانت هناك شخصية فرنسية شابة اتت من باريس التي كانت تعتبر مركزا للثقافة والفنون والادب والفكر الانساني عموما ، فضلا علي الافكار العلمانية الحديثة.، وتلك الشخصية هي الناشط الفرنسي وإسمه ( هنري كورييل ) حيث بدأ في نشر ثقافة الفكر الماركسي بين الشباب المصري ، منطلقا من طلاب جامعة فؤاد الاول ( القاهرة حالياً ) ، فجذب اليه مجموعات عريضة من الطلاب المصريين ، بل بدأ في جذب طلاب اتوا للدراسة في الجامعات المصرية الي فكره الماركسي الذي يدعو الي الاشتراكية ، بذات الفهم الذي مارسته جماعة الاخوان المسلمين سالفة الذكر ، ولكن جماعة الاخوان كانت تتضخم عددية المنضويين اليها بسبب الروح الدينية التي يتمتع بها الشعب المصري .
· وما يهمنا هنا هو كيفية انتقال الفكرتين ، الاخوانية والماركسية الي السودان في ذلك الزمان الذي يعود الي العام 1949م ومابعده حين كان السودان تحت الاحتلال البريطاني مع ثنائية رمزية في الحكم من مصر مع الانجليز بالسودان. حيث كان الطلاب السودانيون في اجازاتهم السنوية يعودون من مصر بالقطار الي السودان ، فكان معظمهم لا يرمون بالا الي الانضمام للحركات السياسية المصرية ، ولكن بعضهم كانوا نشطاء في إعتناق الافكار السياسية التي كانت تموج بها القاهرة .
· ظل العديد من المؤرخين السياسيين السودانيين يعتقدون بأن الفكرة الاخوانية قد قام بنقلها من مصر وتجنيد الشباب السوداني لها خلال الاجازة الصيفية هو الشيخ الجليل والطالب وقتذاك ( صادق عبد الله عبدالماجد ) ، وصحيح جدا ان شيخ صادق كان من انشط الطلاب لاحقا حين عاد الي السودان وقبلها كان ناشطا في التنظيم داخل القاهرة ، غير ان صاحب نقل الفكرة الاخوانية الاول الي السودان كان طالبا آخر سبق صادق عبدالله وهو الاستاذ المرحوم والطالب وقتذاك ( علي طالب الله ) .. وقد قام بتكوين الخلايا الاخوانية الاولي للفكرة بالخرطوم وسط طلاب كلية الخرطوم الجامعية والتي بدات تتمدد لاحقا وتنتشر ، بينما واصل الطالب صادق عبدالله نشرها في اوساط المعلمين وطلاب الجامعة ايضا فيما بعد بقليل وقد اصبح شيخ صادق المرجعية الاولي في تنظيم الاخوان في السودان وربطه فكريا وتنظيميا مع منبع الجماعة بالقاهرة .
· اما الفكر الماركسي الذي ينطلق من المباديء الاشتراكية فقد جاء بها من مصر الطلاب السودانيون وقتذاك من خلال اجازاتهم السنوية وقد كان علي رأس هؤلاء الطالب الحقوقي المرحوم احمد سليمان المحامي المعروف كأنشط طالب في ذلك الزمان ، وايضا المرحوم الاستاذ عبدالخالق محجوب وقد كان منذ صغره يمتاز بعمق فكري كبير ، والذي لم يواصل دراسته في الادب الانجليزي بالقاهرة بسبب برودة الطقس التي سببت له داء الازمة الصدرية التي كادت ان تفتك به ، فقطع دراسته وعاد الي السودان بعد ان تسلح بالفكر الماركسي تماماً
نواصل ،،،،
|
|
|
|
|
|