|
مسحراتي الفاشر السلطان يعود بخجل الي شوارع خالية إلا من المليشيات
|
تقشف إجباري ومائدة الإفطار تفتقد لملذات وطيبات دارفور احمد قارديا خميس المسحراتي الذي غاب عن ليالي رمضان في أحياء مدينة الفاشر, عاد هذا العام, ليدوي صوت طبلته في الشوارع الخالية إلا من جنود النظام والمليشيات المرابطين علي الشوارع, وتقول سارة ادومة لم أصدق أذني عندما سمعت صوت طبلة المسحراتي, في العام الماضي غاب مع كثير من طقوس رمضان في الفاشر, كالزينات وموائد الرحمن(افطار جماعي), أنوار أسواق ليلية بالأخص سوق القشرة في وسط المدينة, وتقول سارة التي تسكن في أحد أحياء القريبة من وسط المدينة الذي يضم أحد أسواق ليلية حيوية, " في السنوات السابقة كنا نضحك من مرور المسحراتي عند الساعة الثانية ليلا وتكون الأسواق ما تزال مفتوحة وأفواج الناس تتدفق من كل حدب وصوب, وكنا نقول من سيوقظ هذا المسحراتي التعيس, بل كان أكثر ما يضحكنا هو زيارة المسحر للمنازل عند ظهيرة العيد لأخذ إكرامية رمضان, هذاالعام وقبل عشرات أعوام لم يقرع بابنا, لكنه عبر في أول أيام رمضان عند الساعة الثانية فجرا, كان كئيبا والشوارع فارغة تماما ما عدا جنود الحواجز والجنجويد". أما في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام حيث يتواصل القصف الجوي, فلا يوجد مبرر للمسحر, فالقذائف ودوي الانتوف توقظ الأموات, ويقول أحد الناشطين في قرية تابت بشرق جبل مرة " في العام الأول من الثورة المسلحة خرج المسحراتي في المناطق المحررة يوقظ الناس بالقول اصحي يا نايم.. ولع نارك.. اصحي جارك.. لكن هذا العام غاب ربما استشهد". رمضان هذا العام يمر كئيبا علي عموم السودانيين, فالشهر الفضيل الذي كانت تنتظره أهالي الفاشر بكثير من البهجة, وبقائمة مأكولات وطيبات متنوعة وخاصة به, فتتكوم أمام المحال وعلي الأرصفة, كدليل علي كرم الشهر, وخيرات دارفور من الطيبات كالحلو مر وارديب وكركدي وفواكه وخضر بانواعها مختلفة وغيرها, انزوت هذا العام بالمحلات بانتظار المقتدرين لشرائها, في وقت فيه أكثر من 90 في المائة من دارفوريين تحت خط الفقر. كما أفتقد شوارع الفاشر السلطان فرق الشباب التابعين للخيريين كانت تنشط في هذا الشهر في الشارع عند مواقف المرور حيث توزيع موائد رمضان علي عامة الناس, وتحول نشاط الجمعيات والخيريين الي جمع التبرعات وتحضير وجبات غذائية ومعونات شحيحة توزع علي النازحين في مخيمات الإيواء والعراء من الذين لا يملكون الوجبة. بعد تدهور الجنيه السوداني وارتفاع الأسعار الي درجة أنه بات يعتبر من وجد علي مائدة إفطاره صحن عصيدة بملاح " تقلية" من الأثرياء المترفين. إذ وصل سعر ملوة الدخن الي أكثر من 35 جنيه, ورطل الويكة ب 15 جنيه وزجاج زيت الطعام ب25 جنيه. وهكذا جميع السلع التي ارتفع سعرها أكثر من خمسة أضعاف. فلم تعد مائدة رمضان الفاشر تزهو كما السابق بما لذ وطاب من مأكولات وعصائر وسلطات.. بعدما وصل سعر كيلو لحم الضأني 60جنيها. وراحت الموائد الرحمن تقتصر علي صنف أو صنفين في حالة من التقشف الإجباري. ولمواجهة الضائقة الاقتصادية الشديدة تشكلت جمعيات أهلية صغيرة في الأحياء, بعضها بإشراف نظام المؤتمر اللاوطني تدعم المتضررين من الموالين للنظام, وبعضها سري يقوم بها شباب معارضون, لمساعدة النازحين من ضحايا قوات ومليشيات النظام, وتعتمد علي جمع التبرعات القليلة من المغتربين في الخارج أو من المقتدرين الي حد ما في الداخل, ليعاد توزيعها في شكل المواد الأساسية علي المحتاجين, وعن تجربتها في هذا الخصوص تقول ناشطة دارفورية في الفاشر" حجم المأساة أكبر بكثير من طاقاتنا ولكن نساهم بقدر الإمكان لتخفيف المعاناة ليس إلا, وفي رمضان ركزنا جهودنا لتأمين ثمن وجبة إفطار للعائلات التي نعرفها". ويشار الي أن الجنيه السوداني سجلت معدل تدهور غير مسبوق في شهر رمضان, بلغ عشرة جنيه للدولار الواحد, ما دفع الناس الي الإقبال علي التزود بالمواد الأساسية من الدخن, الزيت, البصل, الويكة, وغيرها خشية تضاعف أسعارها خلال الشهر الفضيل, لتعود وتهدأ الحركة مع أول أسبوع رمضان, مع تحسن طفيف بسعر الجنيه واستقرار الأسعار عند معدل بقي مرتفعا, ويقول عبدالسلام صاحب محل مثلجات في سوق الإنقاذ " الأيام الأولي من الشهر الكريم بعت مثلجات بمعدل أقل بثلاث مرات عن الأيام العادية, فالناس تأوي الي المنازل قبل ساعتين الإفطار ولا تخرج بعدها", ويتابع أن " الزبائن عادة هم من المارة الذين يقصدون لترطيب حلوقهم الناشفة بسسبب حر الصيف, أو من الذين يخرجون مساء ينشدون نسمات الصيف في شوارع المدينة, في رمضان كل الناس صائم, ومساء بعد الإفطار هناك ما يشبه حظر تجول طبيعي ", ولا يأمل عبدالسلام في تغير هذا الوضع بعد منتصف الشهر لأن " ليل الفاشر السلطان صادره عسكر النظام والجنجويد و مسلحو مجهولي الهوية ولم يعد للمدنيين حصة فيه".
|
|
|
|
|
|