:: ومن ظلال الخيال، قررت حكومة ما الإحتفال بوضع حجر الأساس لأكبر جسر نهري في بلادها..ويوم الإحتفال، تم حشد الجماهير ونصب الخيام وذبح الذبائح وجاء الفنان والمادح والهتيفة..وقبل بداية الحفل، أخبرهم حكيم القرية بأن المكان المستهدف بالجسر ليس به نهر..فاعتقلوه بتهمة إعاقة النظام عن آداء واجبه، ثم أعدموه..له الرحمة، فالحكيم لم يكن يعلم بأن نهج النظام يبني الجسر( أولاً)، ثم يبحث عن النهر (لاحقاً)..!! :: ومن واقع الحال، ووصلاً لزاوية الإثنين الفائت، وكانت عن دال وكجبار..قبل أشهر، عندما عرضوا على نواب البرلمان مبلغ تمويل سدود دال وكجبار والشريك لإجازته، كان عليهم سؤال السلطات التنفيذية عن دراسات جدوى هذه المشاريع وحجم الآثار والمعالجات، ولكنهم أجازوا مبلغ التمويل بالإجماع..ولم يسألوا وزير السدود - أو غيره - عن الدرسات والجدوى و الآثار وغيرها..!! :: وفي أخبار اليوم، أي بعد أشهر من إجازة مبلغ التمويل، يسعى نائب دائرة دنقلا - أبو القاسم برطم - لتقديم مسألة مستعجلة لوزير السدود ليرد على ما أسماها بالحقائق حول السدين، دال وكجبار..وكما تعلمون، فأن من طبيعة الأشياء - حسب نهج برلمانات دول الدنيا والعالمين - أن يعرف البرلمان حقائق السدين (أولاً)، ثم يرفض أو يوافق على مبلغ التمويل (لاحقاً)..ولكن في نهج برلمان بلادنا، إجازة مبلغ التمويل (أولاً) ثم معرفة الحقائق (لاحقاً)..ولو كان فيهم حكيماً، لأعدموه ..!! :: ومسألة بُرطم لن تجد الإجابة، هذا إن وجدت (الإستجابة)..لن يمثُل وزير السدود أمام النواب، وإن مثل فلن يرد بردود واضحة وأرقام صحيحة.. فالوزير أيضاً - كما المواطن والبرلمان - بحاجة إلى معرفة تفاصيل حقائق دال وكجبار..وكل المطلوب من الوزير حالياً هو أن يخرج للناس قائلاً بما معناه ( سد النهضة جهجه أفكارنا)، أوهكذا الحقيقة المٌغيبة عن البرلمان والمواطن، وليس هناك ما يبرر التغييب غير إدمان الأجهزة لنهج ( الكتمان)..!! :: نعم، كل درسات السدود لم تعد سارية بعد شروع إثيوبيا في إنشاء سد النهضة..وحسب توصية الخبراء، هناك توجيه رئاسي بإعادة دراسات كل المشاريع، بما فيها كجبار ودال..وهي فرصة ذهبية للحكومة لإشراك المتأثرين - عبر لجانهم الشعبية والمناهضة - في مرحلة الدراسة وكل المراحل..وتحويل المواطن من متفرًج ومناهض إلى شريك في تنمية دياره بيد الحكومة وحدها..وما يحدث حالياً ما هو إلا بعض آثار تغييب المواطن وتجاهله..فالطبيعة لاتقبل الفراغ، وإذ غاب النقاش والحوار في أمر ما حل محلهما الشغب والصخب ..!! :: ولأن مشاريع السدود ذات تأثير عميق - سلباً أو إيجاباً - في مصائر المجتمعات، يجب أن تٌخطط بمهنية وليس بأجندة سياسية، حاكمة كانت أو معارضة..وإن أخطأت الحكومة بعدم إشراك المتأثرين في أمر هذه المشاريع، فمن الحكمة أن تتعظ لجان المناهضة الشعبية بحيث لا تستغل الأحزاب والحركات الأزمة لصالح أجندة لا ناقة لأهل دال وكجبار فيها ولا جمل.. أكرر، الإستغلال السياسي لهذا الحدث - وفي الفترة دي بالذات - سوف يكون من أقوى وأسرع وسائل بناء السدين، وإن كانا بلا جدوى..فإنتبهوا.. أي كما القضية الشعبية عادلة، فلتكن المرافعة (مستقلة) ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة