|
لقاوة بلد التسامح بقلم شوقي بدرى
|
لاغلب اهل وسط السودان خاصة العاصمة، فكرة غير واضحة للقاوة . وهي بعيدة عن خاطرهم . والاغلبية لم تسمع بلقاوة قبل الدرس الذي اعطته لقاوة لبقية السودان . فلقد اثبت اهل لقاوة انهم اهل وعي وحضور سياسي عالي .
ارتباطنا بلقاوة كان في المكان الاول بسبب خالنا محمد صلاح . ووالدته امنة ابتر . فعندما انطلق الامير محمد صلاح وهو ابن عم الخليفة لملاقات الجيش الغازي في الشمال كان معه محمد دفع اللة وهو من المسرية . ووقتها لم يحدث التقسيم الي زوق وحمر . وصار محمد دفع الله ناظرا في زمن الانجليز علي المسيرية الزرق وعاصمتهم لقاوة . بالرغم من ان الامير كان محمد صلاح ، الا ان محمد دفع الله اشتهر ,, بالمسايسة ,, وكان يسترضي الاطراف المتنازعة في الجيش والقبائل التي كان يمر بها الجيش .
لان الامير محمد صلاح كان قد ترك زوجته الحبلي آمنة ابتر في امدرمان فقام بتوصية محمد دفع الله علي ابنه وزوجته . لانه كان يتوقع الشهادة في معركة النخيلة. وادريس ابتر وشقيقة اسماعيل وبقية الاسره كانوا قد تركوا الرجاف وبحر الغزال حيث كان ادريس ابتر حاكما في التركية . وكانوا في طريقهم وهو بالمئات الي مسقط راسهم في مشو وسط اهلهم الدناقلة . ولكن ادريس ابتر توفي في بارة . وهذا ما اورده المؤرخ محمد عبد الرحيم . جد هاشم بدر الدين عبد الرحيم . واستقر آل ابتر في كردفان . وانتقلوا فيما بعد الي امدرمان مع المهدي . وبقي الكثيرون منهم في كردفان ، شمالها وجنوبها .
محمد صلاح اخذ اسم والده محمد صلاح كالعادة السودانية ، عندما يولد الطفل بعد موت والده . وعاش محمد صلاح بين خيلانه خليل ابتر وعبد الرحمن وعبد الوهاب وآ خرين في فريق ازحف في امدرمان . والحي محصور بين منزل الزعيم الازهري وود ارو وفريق المغاربة. وينسب الي من اتي من وادي وبلدة ازحف بالقرب من بارا .
الخال محمد صلاح التحق بكلية غردون ومن زملائه والدي ابراهيم بدري وابن عمته التومة ام سلمة ابتر، الدرديري نقد الاداري المشهور والشاعر توفيق صالح جبريل والكثيرون . وكان من المفروض ان يكون افنديا كبيرا في حكومة الميري. وعندما تقدم والدي للزواج بوالدتي في تلودي كان مدخله ابن عمتهامحمد صلاح زميل والدي في كلية غردون .
الوعد الذي قطعه الناظر محمد دفع الله للامير محمد صلاح كان يجب ان ينفذ . جدودنا خليل وعبد الرحمن وعبد الوهاب صاروا تجارا في كلوقي وتلودي وكادقلي واماكن اخري في جنوب كردفان . فاخذ الناظر محمد صلاح ابن صديقه الذي استشهد في النخيلة ، اليه في لقاوة . وزوجه الناظر بابنته زينب . واعطته ابنه صلاح وخالد الاصغر وآمنه التي اطلق عليها اسم والدته . وكان صلاح ياتي الينامن لقاوة بعد ان يكون قد مرعلي اعمامه في كادوقلي لقضاء الاجازة عندما كان طالبا في مدرسة خور طقت . وبعد اكمال دراسته الثانوية.اتي للسكن معنا وتزوج شقيقتي الهام . صلاح رحمة الله عليه كان يحكي عن لقاوة بحب كبير .وله منزل في لقاوة . كان يحلم بان يقضي فيه وقتا بعد رجوعه من الغربة . طيب الله ثراه .
وصار الخال محمد صلاح تاجرا في لقاوة التي اصبحت مركزا تجاريا كبيرا . وجذبت اليها كل القبائل وكان ياتيها تجار ترجع اصولهم الي خارج السودان .,, كردفان الغرة ام خيرا جوة وبرة ,, وكانت حنكة وتسامح الناظر محمد دفع الله واهل لقاوة ، تجعل لقاوة بلدا جاذبة . ولم يكن خالنا محمد صلاح والرحمة للجميع يفكر في تركها . وكان يحضر فقط لزيارة الاهل في امدرمان . وكان سعيدا بتواجده في لقاوة . وعندما انتقل الي الخرطزم ثم امدرمان في السبعينات بسبب اصرار ابنه صلاح. كان يكثر من الشكوي ويريد ان يعود الي لقاوة . وعندما انتقل ابنه الي لندن في بداية الثمانينات . رفض الخال السكن في لندن . ورجع الي الوطن .
من ابناء لقاوة الذين عاصرتهم في اوربا الاخ صلاح اسماعيل في الدنمارك الذي كان متزوجا بالبريطانية سوزي والدكتور احمد اسماعيل الذي كان في بولنده والسويد . وعبد القادر اسماعيل الذي سكن في لندن وكان متزوجا من انجليزية . واشتهر بالاناقة والتحضر وكا اخصائي بصريات وله احد اكثر المحلات تطورا في الخرطوم . وكان اصدقائه يسمونة ايه جي اختصارا لحروف اسمه الاولي . واذكر في 1981 عندما سمع الناظر بابونمر في منزل اختي وصلاح في لندن الاسم قال مازحا . جدودك د الناظر محمد دفع اله الفارس والناظر اسماعيل قراض القش . ده اسم شنوا؟ .
فهم ابناء ابنة الناظر محمد دفع الله . وخديجة زوجة اللواء فضل الله برمة هي حفيدة الناظر محمد دفع الله وشقيقتها زوجه اللواء فضل الله حماد محمد دفع اللة .
عندما تزوج الاخ الفاضل سيد ميرغني ابنة الخال محمد صلاح آمنة التي سميت علي جدتها آمنة ابتر ، في لقاوة كان الاسم غير عادي لان تصورنا هو ان لقاوة معقل الانصار . ولا وجود لاسم ميرغني في لقاوة . فعنما اتت بعض النسوه في عربة الي ود نوباوي وسألن من بيت ناس محجوب ميرغني . قال لها الاخ سينة دي ود نوباوي .محجوب وعثمان وميرغني الا تقطعي الكوبري . وعرفنا ان الاخ سيد ميرغني كان في شبابه يحمل راية الختمية في لقاوة . ويتقدم سفينة الختمية . ويتحسر الانسان علي تلك الروح الجميلة . ماذا الم بنا ؟؟ الخال محمد عبد الرحمن ابتر نائب واشهر تجاركادوقلي . كان من بارك زواج سيد ميرغني وسعي اليه . وهو الشخص الذي كان ينزل الصادق المهدي في منزله في فريق السوق في كادوقلي .
عند وفاة الخال محمد صلاح اتي العم شعيب للعزاء , والعم شعيب من تجار لقاوة ولقد قضي في لقاوة اغلب عمرة . ويعتبر لقاوة هي موطنه بالرغم من انه من اهل امدرمان . وهو عديل العم عبد الله خليل رئيس وزراء السودان . وابنه ظابط في الجيش السوداني .
وعندما اتي العم شعيب للاستشفاء في اوربا ولاجراء عملية تغيير مخروقة . كنت الازمه بالايام . وكان يحكي لي عن جمال الخريف في لقاوة والصيد وايام الحصاد والالفة بين الناس .التسامح والسلام . وكان يشتكي فقط من الخيران التي تاتي فجأة وتقطع الطريق . ويضطر المسافر لقضاء بضعة ايام . ولكن كان اهل القري يسعدون باستضافة الغريب . وتتكون صداقات قد تنتهي بمصاهرة او عمل تجاري او زراعي يفيد الطرفين .
التحية للقاوة الصامدة التي تعطينا جميعا درسا يجب ان نستوعبه . وان ننقله الي مناطق اخري.
هذه الخواطر من الذاكرة . اعتذاري اذا لم اكن دقيقا . مكتبة شوقى بدرى(shawgi badri)
|
|
|
|
|
|