|
لا.. يا شيخ عبد الحي يوسف/عثمان ميرغني
|
نشرت "التيار" اليوم في صدر صفحتها الأولى خبراً، أن الشيخ عبد الحي يوسف طالب في خطبة الجمعة باستصدار قانون يمنع سبّ الصحابة.. ولعمري هذا أغرب طلب.. فلربما يصلح في بعض البلاد التي تعاني من مشاكل مذهبية بعينها لكن السودان بلد موحد في عقيدته، صارم في احترامه لآل البيت الشريف، وتوقيره للصحابة، والتابعين، وتابعهم بإحسان إلى يوم الدين.. فما الذي يدعو إلى سن مثل هذا القانون؟!. الشيخ عبد الحي من حيث لا يحتسب يدفع في عكس اتجاه ما يدعو له؛ لأنه يهول من سلوك غير موجود، فكأنما يلفت الانتباه فيجذب المواجهة في معركة بلا معترك، خاصة أن القوانين في السودان أصلاً لم تخلق لتمنع بل لتشجع الممنوع.. انظروا حولكم أطنان من القوانين التي تأتي بها المؤسسات التشريعية، ثم انظروا بعد ذلك في جدوى هذه القوانين على الأرض، كأنما خلقت لتحرس الظالم ضدّ المظلوم، وتحصن القاهر ضدّ المقهور.. قائمة طويلة من القوانين لا أريد أن أشغل بها هذه المساحة صدرت لتكبح جماح ظواهر أو مخالفات فأصبحت هي نفسها مخالفة. ولو نظر الشيخ عبد الحي حوله بكل تجرد لرأى أولويات متراكمة كلها تحتاج إلى من يحاربها ويكبحها، وكلها تقع تحت بند (عاجل جداً جداً)، تبدأ من الغش السياسي، والغش الاقتصادي، والغش الاجتماعي، وحتى الغش الرياضي، وتمدد في كل مساحات العمل العام والخاص.. ولو لم يكن محمدٌ صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء لاستحق السودان مئة نبي ينذرونه من وبال وخبال حياته التي يعيشها ففي كل منحنى من حياتنا ما يستحق نبي يرسله الله لنا ليصلح حالنا، فهل ترك الشيخ عبد الحي كل تلك البلايا ليكتشف أن المجتمع السوداني مقبل على مرحلة سبّ الصحابة؟. الأسباب الأمنية التي دعت الدولة إلى إغلاق المركز الثقافي الإيراني وفروعه يجب أن تظل في حيزها المهني وتعالج بذات الحيثيات الأمنية في إطار الأجهزة الأمنية.. حتى لا تتحول هذه الخطوة إلى نقطة فارغة تقسم المجتمع السوداني إلى فئتين، وتدفع بكثيرين إلى التلبس بأثواب هم في الحقيقة لا يرتدونها.. بل يتوهمونها فالشعب السوداني ذو يقين لا يهتزّ في دينه بالصورة الصحيحة، التي لا تحتاج إلى الخوف عليه من الانحراف في العقيدة، ويذكر الناس أن مجرد زلة لسان من طالب جامعي يافع صغير في السن والتجربة كان يتحدث في ندوة في كلية التربية جامعة الخرطوم، أدت إلى خروج الشعب السوداني في تظاهرات كاسحة، فاضطرت القيادة السياسية في البلاد إلى خرق الدستور، والإطاحة بالحزب الشيوعي من البرلمان.. فأدى ذلك إلى الإطاحة بالنظام كلّه بعد ذلك بانقلاب عسكري. الشعب السوداني محصن ذاتياً بلا قانون.. وأتحداكم أن يقف رجلٌ في ميدان جاكسون، وينطق بكلمة واحدة يفهم منها الشعب أنه يسيء للصحابة.. بلا قانون سينصب الشعب له مشنقة في نفس مكانه.
|
|
|
|
|
|