|
كلام عابر) حـالة إســـتلاب قيمـي/عبدالله علقم
|
(كلام عابر) حـالة إســـتلاب قيمـي جاءت كل هذه العناوين في عدد واحد من صحيفة يومية مقروءة: and#61623; أستاذ جامعي يستولي على أموال طالباته ويفر خارج البلاد: وتفاصيل الخبر أن الأستاذ الذي يعمل في جامعة معروفة ويحمل درجة الدكتوراه، إستولى على مبالغ مالية مقدرة لإنجاز إجراءات معينة، من مجموعة من طالباته في الجامعة التي يعمل فيها ومن طالبات من جامعات أخرى يتعاون معها،بعد أن وعد طالباته بالتوظيف بحكم علاقاته الواسعة، ووعد بعضهن بالزواج،ثم غادر البلاد فجأة. • فتاة ترمي كمساري من الحافلة بسبب "الباقي": وسبب المشكلة أن الفتاة إستغلت الحافلة من أم درمان إلى الخرطوم، ودفعت للكمساري خمسة جنيهات ورفض الكمساري أن يعيد لها الباقي بعد أن نزلت من الحافلة وأنكر، فما كان منها إلا أن شدته من قميصه، هي على الأرض وهو في باب الحافلة التي بدأت في التحرك، فسقط على الأسفلت ولكنه لحسن الحظ لم يصب بأذي يذكر، ثم تدخل الأجاويد وسوّي الأمر بإعادة "الباقي" إلى الفتاة. • توقيف عنصر ثالث في شبكة إصطياد المسافرين بمطار الخرطوم: وجاء في الخبر أن شرطة مكافحة المخدرات أوقفت متهماً ثالثا في قضية خداع مسافرين عبر مطار الخرطوم بتحميلهم حقائب تحوي مخدرات ليوصلونها لآخرين خارج البلاد. وكانت الشرطة السعودية قد أوقفت راكباً سودانياً وجدت في حقيبة يحملها كمية من المخدرات، فذكر الراكب أنه استلم الحقيبة كأمانة من شخص في مطار الخرطوم، دون أن يعلم محتوياتها، وتحفظت الشرطة السعودية على الراكب عليه لحين الوصول للمتهم الأساسي في البلاغ. وتمكنت الشرطة السودانية من توقيف متهمين يقومان بخداع المسافرين بالمطار وتحميلهم المخدرات. الخبر يحمل أكثر من وجه. هناك شبكة يتوزع أفرادها بين البلدين ،السودان والسعودية،تتاجر في المخدرات في البلدين وتهربها من الخرطوم لجدة مستغلة في ذلك حسن نية أو سذاجة بعض الركاب المغادرين لمطار الخرطوم. الشبكة لم يكتشف أمرها إلا بعد سقوط ضحية في مطار جدة وهو يحمل شنطة المخدرات، بعد أن مّر بسلام بحمولته من مطار الخرطوم!! • مجهول يرسل فيلماً فاضحاً لمعلمة على (الواتساب): ويفيد الخبر بأن نيابة مكافحة الجرائم المعلوماتية في بلاغ تقدمت به معلمة في إحدى مدارس الخرطوم، ذكرت فيه أنها تلقت فيلماً فاضحاً ومخلاً بالآداب العامة في هاتفها المحمول عبر (الواتساب)، وما يزال البحث جارياً عن المتهم. رغم أن الصحيفة المقروءة اشتهرت مثلما اشتهر القائم على أمرها بالبحث عن الإثارة والفضائح،بما يتجاوز المهنية،إلا أن ورود مثل هذه العناوين التي انتقيتها من بين عدة عناوين جرائم وحوادث، يجب التوقف عندها طويلا.الأستاذ الجامعي الذي كان يمثل قمة الصفوة المستنيرة في المجتمع، وكان يتوسط أو يتصدر الطبقة الوسطى، يهوي في هذه الأزمنة إلى درك النصابين. عدم الإحترام للمرأة، وتراجع حجم ودور(أخوان البنات) في المجتمع، دفع تلك الفتاة للدخول في عراك جسدي للحصول على مالها الذي تراه حقا لها مهما قلّت قيمته، والكمساري استمرأ فيما يبدو الحصول على مثل هذه المبالغ الصغيرةة الحرام. تجارة المخدرات تطورت إلى تجارة منظمة، ترتبط شبكاتها داخل الحدود بشبكات أخرى خارج الحدود. التطور المعلوماتي وفي التقنيات المعلوماتية، الذي حدث في العالم، لا يخلو من شروره وله جوانب استخدامه السيئة التي انتقلت مبكرا لمجتمعنا.
الفقر والإفقار المتواصل للمجتمع هو أحد مسببات هذا السقوط القيمي. وصف إمام المتقين ، كرم الله وجهه،الفقر بأنه "الموت الأكبر". وقال فيه أيضا"الفقر يخرس الفطن عن حجته، والمقل غريب في بلدته". ويستعيذ الرسول الكريم، عليه أفضل الصلاة والسلام، من الفقر ، فيقول"إني أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة، وأعوذ بك من أن أَظلِم أو أُظلم".
مسبب آخر لهذا الإستلاب القيمي في غياب احترام الذات،هو التدهور الشنيع في السلوك الاجتماعي. يقول الباحث المصري الدكتور صلاح عبدالمتعال"إن تدهور السلوك الاجتماعي يتسع إلى معنى أوسع، وهو نوع من عدم الإنضباط الفكري أو السلوكي إزاء القيم الحاكمة في المجتمع، ويحدث ذلك عندما يبدأ إنحراف الفكر والأخلاق، فالكل لا يعرف المعايير السائدة في المجتمع،ولا يعرف التمييز بين الخطأ والصواب". يتحمل "المشروع الحضاري"، بما انطوى عليه من رؤى أحادية عاطلة انعكست في محاولات "إعادة صياغة" الإنسان السوداني، وهي محاولات بائسة ذهبت كلها في "الإتجاه المعاكس"، يتحمل قدرا كبيرا من هذا الإستلاب القيمي، والتناقض الكبير القائم بين الإطار النظري للمنظومة القيمية،وذلك السلوك الإستلابي الذي غزا المجتمع.التعافي من هذا الإستلاب القيمي سيكون أمرا عسيرا حقا في مقبل الأيام، بعد أن إتسع الفتق تماما على كل راتق. (عبدالله علقم) [email protected]
|
|
|
|
|
|