كرمكول .. كما القدار ودبة الفقراء ولتي .. القرى المنسية/عواطف عبداللطيف

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 11:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-24-2013, 06:56 PM

عواطف عبداللطيف
<aعواطف عبداللطيف
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كرمكول .. كما القدار ودبة الفقراء ولتي .. القرى المنسية/عواطف عبداللطيف

    كرمكول .. كما القدار ودبة الفقراء ولتي .. القرى المنسية

    كرمكول قرية تنام في أمان لله عند منحنى نهر النيل شمال السودان ناحية قرية دبة الفقراء ولولا أنها أنجبت في العام 1929م الأديب العالمي الطيب صالح وليد عيشة لما كانت على موعد مع الشهرة لأن "الطيب" بخلاف كثير من طباع البشر الذين يغادرون مدنهم وقراهم طاف بقريته لكل الأمكنة اللامعة والصالونات الأدبية .. دخل بها أصيلة المغرب وإربد الأردنية وحارات سيدي الحسين وسوق عكاظ.
    سكنت فؤاده وانحشرت بين أفخم مدن العالم منذ أن عمل مذيعا بهيئة الإذاعة البريطانية عام 1952م .. وحين هبط دولة قطر منتصف الستينات وكيلا لوزارة الإعلام وأمسك بملفات دول الخليج باليونسكو كانت كرمكول معه.. كان بها بيننا في دوحة الخير ..

    لم يغسل قدميه من طينها وكتاحتها ورائحة دميرتها وتمرها ودومها ذلك الذي كان حلاوته واقرانه .. كما فعل القائد الأثيوبي الذي دحر الطليان وأمرهم بغسل أقدامهم قبل الصعود لسفن الفرار وحينما سئل لماذا ؟ أجاب لكي لا يحمل جندي ذرة رمل من الحبشة إلى إيطاليا، لكن الطيب ظل يتنفس هواء ونخيل كرمكول ويحضنها بين أضلعه عشقا ويحادث الناس عبر أبطال رواياته بنفس لغة قريته وأدبياتهم في تفاصيل الحياة.‏

    كرمكول التي أنجبت "الصالح" ما كان لها أن تغادر تلك البقعة الجغرافية ناحية قبة الفقراء إن لم يحدث "التربال المتفرنج" الناطق بالعربية المعجونة بلهجة أهله الركابية في شمال السودان والمتحدث بالإنجليزية بطلاقة وكأنه أبن بكر لشكسبير قال الطيب: "كنت ألبس جلبابي لأتمدد في عنقريب أمي أشرب معها شاي الصباح في التكل حول موقد خشبي من جذوع شجر الدوم وجريد النخيل ، كنت أمسك بأطراف يد أمي حتى تدخلني للمسيد لأحفظ القرآن، وحينما كنت أعود في إجازتي من بلاد الإنجليز كنت أجلس القرفصاء لآكل قراصة القمح بدمعة الدجاج والملوخية والبامية المفروكة التي كنت أحبها والتي تخلصني من استعمال الشوكة والملعقة " .

    قالت فاطمة إحدى قريباته: "كان متواضعا يجالسنا في الحيشان تحت ظلال أشجار النخيل ويرافق شباب الحي لبيوت البكاء والطهور والأعراس ويدس المقسوم لخالاته وعماته كعادة أهل السودان .. ومنذ أن غيب الموت الطيب صالح أحد أولادنا الفالحين نبكيه (أحي على وليد عيشة ما شفناك يا ود الحشا إلا وجنازتك ملفوفة بعلم السودان في مقابر البكري بأمدرمان).‏

    أكتب هذه الـ "كرمكول" التي ما عادت لامعة منذ أن غادر وليدها الصالح هذه الدنيا الفانية وكأني أسمع صوته عندما زار مدينة مروي وهو يقول: "كنت تعبا لكنني ارتحت عندما رأيت النخيل .. وبيوت الطين"، فالطيب الذي كتب الرواية ومجد القرية بمبانيها المطلية بالطين الأسود وزبالة البهائم وألحيشان منثورة فيها التمر على بروش مصنوعة من جريد النخيل ويتكوم بجانبها جوالات القمح والفول التي كانت منتجا غزيرا وتقفز العنزة من ركن لآخر تُرضِع سخيلاتها غير عابئة بمن يرتشفون الشاي الساخن ، ولا بحديث الحبوبات حول ذات الموقد المشتعل. ‏
    كرمكول كما كثير من القرى يعيش الناس فيها في تقشف، لكنهم يعيشون ترفا في حكاياتهم ولوازم صلاتهم وتسبيحهم، فعلى فروة أُحسن دباغتها يؤدون فروضهم وحين يشتد البرد يستعملونها كغطاء ويمددون من تحت أطرافها أرجلهم وأياديهم ليدلقوا ماء الوضوء من إبريق أحسن صناعته من نحاس بتصاوير ونقوشات، ليرقع المصلي مسبحته من خشب الصندل يداعب حباتها ويمسح بها وجهه ليستنشق رائحتها، وإن غضب من أحد أبنائه ضربه بذات السبحة على رأسه لأن ذلك في عقيدته تطرد الشيطان من رؤوس الصغار الفالتين.

    حدث الطيب صالح العالم المتمدين عن أدوات تجميل نساء قريته كرمكول من كحل سكن الدوكة والدلكة والحناء كما حدثهم عن الفركة والقرمصيص الأحمر والبرش الذي غزلته أصابع النساء بإتقان لا يقل عن أحدث مكائن الغزل والنسيج بتبريز واصفهان تماما كما حدثهم عن حياة الأنس بين صبايا وصبيان الحي، قال الطيب: نحن وحيواناتنا سواء بسواء نصحو حين تصحو وننام حين تنام .. أنفاسنا جميعها تتصاعد بتدبير واحد، وأهلي في قرية كرمكول ينامون حين يسكن الطير ويمتنع الذباب عن مشاكسة البقر وتستقر أوراق الشجر وتضم الدجاج أجنحتها على صغارها وترقد الماعز على جنوبها تجتر ما جمعته في يومها من علف.‏

    طاف "عبقري الرواية العربية" بقرية كرمكول وثقافة أهلها دول العالم وصالوناتها الأدبية من خلال مفرداتها وحبه لأمه عيشة وصنع روايته الأشهر "موسم الهجرة إلى الشمال" والتي صنفت ضمن أميز وأجود أهم مائة أثر فكري وثقافي أحدثت أكبر الأثر في تاريخ الإنسانية قاطبة منذ أن عرفت البشرية الكتب والكتاب، هذا ما توصلت إليه اللجنة الدولية وضمنها أربعة من حملة جائزة نوبل هم: وولي سوينكا ونادين قولدمر وق . س نايبول وشيموس هيني، وسوف تبقى كرمكول تلك البقعة التي جسدت حوار الثقافات وتبادل المعارف بين الشعوب. ‏

    ها أنا أتحدث عن كرمكول فأتحدث عن الطيب صالح، وكأنهما شيء واحد، ولا غرابة، فقد ارتبط الصالح بقريته المبنية بالطين الأسود والمليئة بالنخيل والشوك والعشر والواقعة في الولاية الشمالية ، والتي هجرها غالبية أهلها طلبا للرزق، وأشجار النخيل هرمت وأنهكها الجفاف وكأني بها ايضا حزينة بائسة فما عاد ابنها حيا ليذكرها ولا الاخرين متشوقين لزيارتها كما كانوا متحلقين حوله ..
    من هنا من هذا المكان قرية "كرمكول" خرج على الدنيا ومنها أيضًا استلهم جميع رواياته التي نالت إلاعجاب وحصدت الجوائز، وربما يعرف كثيرون صالح ورواياته ويحفونها بإعجابهم لكن كثيرين أيضاً لا يعرفون أنها جزء لا يتجزأ من الواقع في تلك القرية الصغيرة.

    ‎ولا يختلف نمط حياة السكان هناك عن حياة كل من يقطن في الفرقان والقرى التي تتوسط ضفتي النيل شرقاً وغرباً،‎ ‎فقد تغيرت خارطة كرمكول التي تمتد مع امتداد النيل نحو ثلاثة كيلومترات، ذهابًا وإيابًا من الجنوب إلى الشمال عدة مرات، بيد أنها مع ذلك كله خرجت من صدماتها ، ولاتزال شامخة تقاوم بقوة زحف الرمال من الناحية الغربية وظاهرة "الهدام" مع انجراف التربة على شاطئ النيل من الناحية الشرقية‎.

    ‎وسط هذه البيئة المعقدة ترعرع الطيب صالح وعاشت شخوص رواياته، قبل أن يجسد ويحول حياتهم إلى أدب من نوع خاص هزّ العالم لدرجة أن كرمكول نفسها لم تكتسب كل هذه الأهمية والشهرة إلا بعد بروز نجم صالح و‎تبدأ قرية كرمكول من الشمال إلى الجنوب بمجموعة تلال رملية ومنازل متناثرة من الطين هجرها أهلها لتتحول مع الزمن إلى مجموعة قطع حجرية او كثبان رمل تتلالي مع اشعة الشمس متناثرة تحكي عن ذلك الماضي الجميل الذي صورته روايات "عرس الزين" و"دومة ود حامد" و"موسم الهجرة إلى الشمال"، إذ تعتبر كرمكول القرية الأكثر تأثراً بالهجرة التي أصبحت مشكلة عصية في الشمال بسبب ضيق ذات اليد والإهمال الشنيع من قبل الحكومات المتعاقبة، وتنتهي كرمكول بمجموعة قباب وأشجار نخيل وسنط ونيم ودوم وحلفا ، فعل فيها الجفاف فعلته‎. ‎وفي كرمكول مجموعة آثار قديمة من بينها قصر "المانجولوك"، وهو اسم نوبي ربما اقترن بالممالك القديمة في الشمال الذي لاتزال آثاره قائمة إضافة إلى تركة العمد الذين شغلوا أيضًا جزءًا من روايات صالح التي غالباً ما تصور القرية في زمن الاستعمار الإنجليزي للسودان ..واه يا وطن ..

    • عواطف عبداللطيف [email protected]
    اعلامية مقيمة بقطر
    همسة : كرمكول هي كقرية القدار والتي انجبت ساتي ماجد شيخ الاسلام والذي سنتاول قصته في سانحة اخرى ..























                  

11-25-2013, 11:00 AM

Zomrawi Alweli
<aZomrawi Alweli
تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 3368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كرمكول .. كما القدار ودبة الفقراء ولتي .. القرى المنسية/عواطف عبداللطيف (Re: عواطف عبداللطيف)

    تقولين كرمكول وانا ابن المحس الذي درس في مدرسة الدبة الثانوية العليا في سبعينات القرن الماضي اعشق كرمكول حتى الآن
    لا انسى كرمكول فهي البلدة الوديعة التي تقبع في خاصرة النيل ملهمة للروائي الجليل الطيب صالح
    - هل لا زالت كرمكول في خاصرة النيل ام ان سوءات النظام باقامة سد مروي اللعين قد اضر بجمال كرمكول
    - هل لا زالت نخيلها الوارفات بسعفها النديات لا زالت ترسل ظلالها على الارض وتغطي اشعة الشمس - كم قضينا تحت ظلالها الساعات بحجة المذاكرة
    - هل لا زالت ارضها مروية وجروفها ندية ما اروع رائحة اللوبيا عند الحصاد
    - هل لا زالت رمالها المتحركة تغير سطح ارضها وتجدد نشاطها
    - هل القيف الذي كان البنات الجميلات يسلكنه ليردن الماء من النيل لا زال يؤدي دوره ام أن الهدام نال منه
    - هل بيت العمدة مفتوح لا زال ام ان ابالسة هذا الزمن دمرنه.

    اذكر مرة وعند عودتنا من الاجازة المدرسية وجدنا التاكسي الجوي لرجل الاعمال خليل عثمان رابضة في فناء مدرستنا وكان مخرجي ومصوري فيلم عرس الزين للروائي الطيب صالح يستخدمون الداخليات في غيابنا.
    شكرا عواطف على اعادة ذاكرتنا للزمن الجميل.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de