|
قناة البحار، والحضور الفلسطيني الغائب د. فايز أبو شمالة
|
قناة البحار، والحضور الفلسطيني الغائب
د. فايز أبو شمالة
الجانب الفلسطيني لم يفكر يوماً في مشروع قناة البحار، والجانب الفلسطيني لم يخطط للمشروع الواصل بين البحر الأحمر والبحر الميت، والجانب الفلسطيني لا يمتلك القدرة على التمويل، ولا يمكنه المشاركة في الإشراف، ولن يسمح له بالتنفيذ، والجانب الفلسطيني لا يعرف خلفيات المشروع الصهيوني، ولم يخطر في بال أي جهة فلسطينية كانت العمل على شق مثل هذه القناة الواصلة بين البحر الأحمر والبحر الميت، ومن المؤكد أن ما ينطبق على الفلسطينيين ينطبق على الأردنيين الذين وافقوا أن تمر أنابيب المشروع من الأراضي الأردنية، وليس من الأراضي الفلسطينية التي اغتصبتها إسرائيل سنة 48
قناة البحار مشروع صهيوني بالكامل، سيحقق حلم مؤسس الكيان الصهيوني حاييم هرتسل كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت، والتوقيع على الاتفاق من قبل السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية هو حدث تاريخي كم وصف ذلك المتطرف اليهودي سلفان شالوم، ولاسيما أن التوقيع قد تم بعد أن رفضت إسرائيل الطلب الفلسطيني بإقامة منطقة سكنية شمال البحر الميت، ورغم الرفض الإسرائيلي، فقد وقع الفلسطينيون على هذا الاتفاق الاقتصادي الذي سيمنحهم كمية كمية من الماء العذب المتدفق من بحيرة طبرية بسعر التكلفة.
قناة البحار مشروع اقتصادي يصب في صالح الصهاينة سياسياً واقتصادياً، والمشاركة الفلسطينية والأردنية في التوقيع على الاتفاقية لا يعكس حجم الانتفاع الفلسطيني من هذه القناة، فلماذا صار التوقيع على المشروع في هذا الوقت بالذات؟ وهل التوقيع على اتفاقية قناة البحار جاء ليرد على حديث وزير الإسكان الإسرائيلي نفتالي بنت أحد أعمدة الحكومة الإسرائيلية، حين قال: "محمود عباس لا يسيطر على قطاع غزة لذلك لا يمكن اعتباره شريكاً في المفاوضات، التي اعتبرها الوزير الصهيوني دعابة، وقال: كأنك تفاوض لشراء سيارة من نصف مالكيها".
هل أراد محمود عباس أن يؤكد للإسرائيليين إنه الوحيد الذي يمتلك السيارة، ويمتلك القدرة والاستعداد للتوقيع على أي اتفاق دون أن يعمل حساب لأي جهة تنظيمية أو علمية أو سياسية أو اجتماعية أو فكرية حذرت من التوقيع على اتفاقية قناة البحار؟
ألم يخطر في بال الجهات الفلسطينية التي وقعت على هذا الاتفاق الاقتصادي المهم في هذه المرحلة من التعنت الإسرائيلي، ألم يخطر في بالهم خطورة التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية في الوقت الذي تراجعت فيه إسرائيل عن إطلاق سراح الدفعة الثالثة من الأسرى القدامى؟ ألم يخطر في بالهم سلبيات التوقيع على اتفاقية اقتصادية أمنية مهمة بهذا الشكل، دون ربطها بالتقدم على المسار السياسي؟ ألا يعني التوقيع على الاتفاقية أن ما يجري على الأرض هو التنفيذ العملي لأفكار نتانياهو؛ الداعية إلى تحقيق سلام اقتصادي، وسلام أمني، دون التخلي عن السيطرة الصهيونية الكاملة على الأرض الفلسطينية؟
|
|
|
|
|
|