قبل أشهر قليلة كان السفير السعودي الجديد علي بن حسن جعفر يرقد مستشفياً في مشفى رويال كير..في تلك الهيئة نما إلى علم السفير أن مواطنة سودانية سعودية ترقد في ذات المشفى..خلع السفير رداء المرض ومضى متفقداً مواطنته..لم يتوقف جهد السفير على الأمنيات الطيبات بل تابع تفاصيل الحالة عارضاً كل المساعدات الممكنة .حتى وصول والد المريضة من المملكة. تلك البداية من التفهم جعلتني أتنبأً بعهد زاهر للسفير الجديد في مهمته في محطة الخرطوم الساخنة..لكن تلك القناعات تزعزعت وأنا أقرأ الحوار المهني الذي أجرته الزميلة لينا يعقوب بصحيفة السوداني مع السفير السعودي بالخرطوم..استغربت كيف اختار السفير أن يمرر مطالب دبلوماسية محرجة عبر الإعلام وفي مقدوره التواصل مع قادة الحكومة..ذاك الحوار يجب أن يقرأ مقروناً بدعوة من ذات السفير لعدد من الصحفيين للالتقاء على مائدة غداء ظهر اليوم. أول أخطاء السفير كانت صراحته غير المعهودة في الحديث عن العلاقة الدبلوماسية بين بلدين آخرين..بالطبع من حق السفير أن يتحدث عن علاقة بلاده مع قطر أو إيران ..ذات البراح يتيح له الحديث عن العلاقة بين الخرطوم والرياض..لكن أن يتحدث سعادة السفير عن علاقة الخرطوم مع الدوحة أو أنقرة ففي ذلك تجاوز للأعراف الدبلوماسية يجب أن تتصدى له وزارة الخارجية السودانية. السفير السعودي طلب من حكومتنا في صيغة الرجاء أن تتخذ موقفاً واضحاً من دولة قطر بعد انتهاء المهلة الخليجية ..الرجاء في اللغة الدبلوماسية هو بمثابة إنذار..كما المطالبة بموقف واضح يعني عدم الرضاء عن الموقف غير الواضح وفي ذلك عنف دبلوماسي لا يليق بالعلاقة بين البلدين..كما مهاجمة دولة مثل تركيا ووصفها بأن لها مطامع في المنطقة من على التراب السوداني يمثل أيضاً تجاوزاً يستحق الوقوف عنده. في آخر أسطر الحوار الصحفي وقع السفير أيضًا في خطأ قاتل حينما امتدح وزيراً سودانياً مغضوباً عليه من حكومته..حيث وصف السفير السعودي الوزير المقال طه عثمان بأنه خدم بلاده بأمانة وإخلاص ..رغم أنه أكد احترامه لقرار القيادة السودانية في عزل الرجل..في هذا التوقيت وطه عثمان مقيم في السعودية يكون لكل حرف من كلمات السفير مدلولات إضافية..أقل هذه المدلولات أن حكومتنا لا تقدر الأمانة والإخلاص. أتمنى من أعماق قلبي أن تكون كلمات السفير علي بن حسن جعفر مجرد زلة لسان دبلوماسي ذرب..وأرجو من وزارة الخارجية أن تلفت نظر السفير لمراعاة الحساسية السودانية تجاه أي تعامل فيه تعالٍ من الأشقاء أو تدخل في تفاصيل القرار السوداني.. وربما يكون الغداء الجامع، والذي لن أكون أحد شهوده، مناسبة طيبة للسفير ليصدر حزمة توضيحات تضاف لذاك الحوار الصحفي. بصراحة..على الدبلوماسية السودانية أن تكون واضحة في إعلان موقفنا المحايد إزاء الأزمة بين قطر وأخواتها في الخليج..ويجب أن نتذكر أن هنالك دولاً في عمق الخليج مثل سلطنة عمان والكويت اختارت أن تكون في الحياد دون أن يطلب منها موقف واضح.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة