|
قالت سعاد إبراهيم أحمد لوردي إنت لا فنان الشعب ولا الله قال بقلم عبد الله علي إبراهيم
|
04:21 AM May, 14 2015 سودانيز اون لاين عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA مكتبتى فى سودانيزاونلاين
قلت في مقال سبق أن أستاذنا عد الخالق محجوب نصح الأستاذ الموسيقار محمد وردي ألا ينضم إلى حزبه الشيوعي يوم عرض الموسيقار ذلك على أستاذنا في أعقاب ثورة أكتوبر. وكان ذلك حرصاً منه على وردي ألا يتغلغل في حزب لم ينم بعد حساسية أدق نحو المبدعين، وله حساب سياسي نزق عجول على دائر المليم متى حادوا عن خطه قيد أنملة. ولم يسمع وردي الكلام. و"جالو" . فما اجتمع وردي في أخريات حياته بوزير الدفاع بالنظر يوماً وعمّ الخبر حتى "نجر" فيه الشيوعيون نجرتهم المعلومة. فقاطعوه. ولم يدعوه ليكون حادي ليلتهم السياسية الأولي بعد عودة الأحزاب في أثر اتفاقية نيفاشا. بل لم يزينوا الليلة بأناشيده المسجلة التي كانت إنجيلهم في ما مضى. وحل أبو عركي محله. ثم سُئلت سعاد إبراهيم أحمد عنه فقالت إنه لم يعد فنان الشعب. بجانب حكاية وردي الذي ضرب بنصيحة أستاذنا عرض الحائط وذاق الأمرين حتى أضطر إلى استرضائهم بعرض منحه داره في الكلاكلة مقراً لحزبهم الشيوعي . . . بجانب ذلك تجد في المقال أدناه ملابسات كتابة وثيقة "نحو حساسية شيوعية تجاه الإبداع والمبدعين (1976) التي كتبتها خلال القيام بمسؤلياتي في قيادة العمل الثقافي بالحزب. وبدا لي من تقلب الشيوعيين والمعارضين بين محبة الفيتوري وجفائه خلال العقود منذ الستينات، أن هناك من لم يفهم الكلام. ولم يكن ذلك مصادفة غير سعيدة. فالعلة في النفوس التي حملت قضايا لا تملك لها صرفاً ولا عدلاً. فإلى المقال:
كنا نعرف في النصف الأول من ستينات القرن الماضي أن الشاعر محمد مفتاح الفيتوري بين ظهرانينا. وكان قد عاد إلى السودان بعد إكمال تعليمه في مصر. ولم نعلق في الجيل اليساري على وجوده أهمية ما إذ كنا نعد وجوده زي عدمه. بل كنا متى ذكرناه نسبناه إلى زوجه آسيا عبد الماجد وكانت ممثلة حسنة الأداء. ما أسقمنا منه أنه كان يحرر مجلة ''هنا أم درمان'' الحكومية في عهد اللواء طلعت فريد. ولم تكن مجلة ''هنا أم درمان'' ولا حكومة طلعت فريد عندنا بكبير شيء. وأذكر أنه كان يكتب افتتاحيتها بعنوان ''أفكار لها سيقان''. وأعجبني العنوان سراً وأخذني مني. ولم تبق في ذاكرتي من نصوص افتتاحياته شيء ولا أعرف إن كان نوه فيها بحكم ''عصابة 17 نوفمبر'' أو أشاد به. وحتى أشعار الفيتوري عن أفريقيا لم ترق لنا لعرقيتها المفرطة في تبجيل سواد القارة وروحها وريحانها. وكنا في شغل عن ذلك: سكرى بالنضال العربي الأفريقي وخائضين فيه ضد الاستعمار، ومن أجل الاشتراكية. كان هوانا تاج السر الحسن وكان نشيده ''آسيا وأفريقيا'' (قبل تحويره ليناسب إذاعة الفريق عبود) هو جغرافيا زمالتنا الجديدة في الدنيا القادمة. وعرفت خلال ثورة أكتوبر أن الفيتوري هو مؤلف نشيد ''أصبح الصبح'' الذي صدحنا به طوال أيام الثورة وما يزال يرن في السماع عند كل منعطف ثوري أو شبه ثوري. وعجبت للرجل ينام مع العصابة لست سنوات طوال ثم ينعاها بأوقع مما فعل من تخصصوا في هجائها. ودونت المفارقة في خاطري عن سكات. ولم تستأثر بتفكيري إلا في أوائل السبعينات. كنت بعد خروجي من المعتقل في مايو 1973 وقد عدت لمزاولة مسئولياتي في قيادة العمل الثقافي بين كادر الحزب الشيوعي المختفي. وبدأت اسمع ''نجرة'' بين شباب الشيوعيين الذين أزعجهم ما قام بين بعض فحول شعرائنا ودولة نميري. فقد أخذوا على الشاعر السفير محمد المكي إبراهيم أنه كتب ''فرح في حديقة شوك قديم'' التي تفاءل بها باتفاقية أديس أبابا لسلام الجنوب في1971 وكان الشيوعيون وكافة معارضي نميري قد وقفوا ضد الاتفاقية ألفاً أحمر أو أخضر. وقالوا فيها ما لم يقله مالك في الخمر مثل إنها انطوت على بنود سرية لم تعلن في حينها. ولم يحن حين كشف هذه البنود بعد. وهذه من ترهات المعارضة بالطبع. ثم عاب اليساريون الدكتور محمد عبد الحي لظهوره في اجتماعات الاتحاد الاشتراكي بمصلحة الثقافة التي أدارها بكفاءة وخيال. وكنت ألقى المحمدين سراً ويحسنان إليّ بطيب الطعام والشراب. وكنت أجدهما كما عهدتهما مثلاً في النبل وحب السودان. ولم يكن بمقدورهما بالطبع النأي من لطعات النظام الأخرق خلال تأديتهما لخدمتهما للوطن في ملابسات استشرى الاستبداد حتى "عيّن"للناس أحزابهم. بل وكنت أنا سراً وعلناً مع اتفاقية سلام الجنوب. بل كان رأيي أنها لم تمنح الجنوبيين استحقاقهم الثقافي كما ينبغي. والأدهى أن الجنوبيين، الذين أثاروا ثائرة الحرب الأهلية في الستينات باسم ثقافتهم الأفريقية، قبلوا بمطل القوميين الشماليين وكفوا عن الحديث عن ثقافتهم متى اقتسموا السلطة (كراسيها) والثروة. وقد كتبت عن هذا في كتابي ''الماركسية ومسألة اللغة في السودان'' الذي صدر في 1976 وجددت طبعه منذ سنوات. خشيت من ''نجرة'' الشيوعيين على الشاعرين وغيرهم من رموزنا الثقافية. وكتبت وثيقة عنوانها ''نحو حساسية شيوعية مبتكرة تجاه الإبداع والمبدعين'' لتربيتهم في أدب الإحسان إلى المبدعين المستحقين للاسم. وقلت فيها إن الشاعر خَلق آخر حتى قال ماركس إن الشاعر بحاجة إلى ''حنان'' هكذا. ومع أننا نريد للشاعر أن يكون في صفنا ضد الظالمين الحذا بالحذا إلا أنه لا يجوز عقد مجلس تأديب له متى تخلف عن هذا الصف. والتمست من رفاقي ألا يحاسبوا الشاعر على ما بدا لهم من هنات في إبداعه بل أن يصبوا جام حسابهم على البيئة الاجتماعية والسياسية التي ربما ألجأته للتقية. وكنت استلهم في هذا الموقف حكمة سمعتها في مناسبة ثقافية بقسم السراي بسجن كوبر. فقد قال لنا أحدهم إن صاغة الذهب متى كنسوا دكانهم عادوا بوسخه أدراجهم إلى الدكان ولم يلقوا به للخارج كما يفعل أصحاب المحال غير الصاغة. فوسخ الصاغة ذهب أيضاً. ولم أرد بالمثل هنا سوى تحكيم العقل في التصرف في الموارد الشحيحة النادرة مثل الذهب والمبدعين. وقد روعتني السيدة سعاد إبراهيم أحمد (رحمها الله) منذ أيام حين خلعت عن الأستاذ وردي من طرف واحد لقب ''فنان الشعب'' لود بعض رموز الإنقاذ له. ولسعاد في حجب أنواط النضال شوؤن. وقد سبقت سعاد منذ نحو ثلاثين عاماً إلى خلع اللقب عن وردي وإن اختلفت الأسباب. فقد قلت له إن اللقب غير خائل عليك فأنت أكثر تعقيداً من محتوى نوط ''شاعر الشعب''. أنت أجمل من هذا الهتاف. و''وقع لي''بسيرة الفيتوري مع نظام عبود المعني العربي القديم عن أن أكذب الشعر أعذبه. فقد عاش الفيتوري خلال نظام عبود بغير نأمة نضال ضده. بل كان يترأس تحرير مجلة تصدر عن وزارة الاستعلامات والعمل بهمتها المعروفة في ترويج النظام. ثم لما ذهب النظام كان ما كتبه هذا الشاعر خامل الذكر في مضابط النضال وأنواطه هو ما جَيش العاطفة السودانية السياسية على صعيد واحد. ربما لم يكن الفيتوري من صناع أكتوبر ولكنه صنع ما بقي وسيبقي من ثورة أكتوبر وهو توقيعها الأشم في وجدان شعبنا إلي يوم الدين. وكانت مفارقة الفيتوري هذه في خاطري وأنا أكتب وثيقة ''نحو حساسية شيوعية تجاه الإبداع والمبدعين'' لتزكية الشيوعيين حتى لا ''ينجروا'' نجرتهم المعروفة في من لا يري رأيهم في الكفاح حذو النعل بالنعل. ما لم أكن أعرفه حتى قبل شهور أن الفيتوري لم يكن مجرد موظف نشط في مجلة للنظام المستبد بل أنه كتب قصيدة عنوانها ''مولد ثورة'' في تحية الانقلاب الذي جاء بهذا النظام. وجاء مطلعها هكذا: أفق لا تطبق العينين هماً ولا تمكث على قلق حزينا ونشرت القصيدة جريدة الناس التي كان هواها انقلابياً. نشرت بعض أبياتها في الصفحة الأولي. وهذا تمييز نادر للشعر. ونشرتها كاملة في الصفحات الداخلية. .
أحدث المقالات
- مبروك لسلاح الجو السوداني وهو يتصدى لشيء يشبه الطائرة أو الصاروخ أو!!.. بقلم عبدالغني بريش فيوف 05-14-15, 02:56 AM, عبدالغني بريش فيوف
- ارهاصات حكومية(مسئولين)..مدام تكليف!! بقلم عبد الغفار المهدى 05-14-15, 02:51 AM, عبد الغفار المهدى
- النزاع المُسلّح فى دارفور : الوسائل البديلة ! بقلم فيصل الباقر 05-14-15, 02:48 AM, فيصل الباقر
- الله علي ما اقول شهيد بقلم عقيد : خليل محمد سليمان 05-14-15, 02:44 AM, خليل محمد سليمان
|
|
|
|
|
|