|
فيلم شيء في صدري 2 بقلم : بدرالدين حسن علي
|
حدثتكم سابقا عن فيلم " شيء في صدري " هو فيلم كبير جدا ، وبصراحة وسام يزين صدر السينما المصرية –كل المشكلة أننا نحب الغرب أكثر من الغربيين - فيلم مأخوذ عن قصة لم يتردد مؤلفها لحظة واحدة في الإعتراف بخلفيتها السياسية الواضحة ، وبمحاولته كشف الفساد السياسي السائد آنذاك في مصر والسائد حاليا في السودان ، من خلال شخصية عامة يعرفها ويعرف سلوكها وأخبارها الخافية والظاهرة الكثيرون من أولئك الذين عاشوا في تلك الفترة في مصر ، ويعرفها من يعيش حاليا في السودان وقد حرص رأفت الميهي على أن يأخذ من قصة إحسان عبدالقدوس الكبيرة التي تتجاوز لسبعمائة صفحة كل ما أحس أنه يفيد الرؤية السينمائية للموضوع ، واختار من الشخصيات المتعددة الشخصيات ذات الدلالة ، كما ركز بطريقة سينمائية مؤثرة على الحاضر الغائب . فيلم " شيء في صدري " فيلم كبير في مغزاه ودلالته والقضايا التي يثيرها ، توفرت له كل إمكانيات النجاح ، من كاتب سيناريو لامع إلى مخرج دؤوب له أسلوبه وطريقته وحسن إختياره لأبطاله ـ ويتفق الكثير من النقاد على أن دور رشدي أباظة هو واحد من أعمق وأعظم الأدوار التي مثلها في حياته السينمائية الحافلة ، وتقمص رشدي أباظة لشخصية حسين باشا شاكر قد خلق نوعا من التوازن العميق كان الفيلم في أشد الحاجة إليه ، لأن تركيبة حسين شاكر تركيبة سوداء طافحة بالشر ، رجل ملوث يريد أن يلوث كل من حوله لكي يستطيع الإستمرار في حياته ، حتى لو خرق حجاب الموت ، وراح يعبث بذكرى وماضي الرجل الوحيد الذي كان شوكةأو شيئا في صدره لم يكف عن تعذيبه حتى بعد أن رحل عنه ، وقيام رشدي أباظة بهذا الدور وهو الذي يملك قوة وتأثيرا على جمهوره يستمده من نوعية حضوره وجاذبيته الخاصة التي يتمتع بها قد تجعلنا نقبل هذه الشخصية بكل ما فيها من متناقضات ، وأن نتابعها حتى النهاية ونفهم نوعية الأزمة التي تمر بها رغم رفضنا القاطع لها ودون أن تسقط أحداث الفيلم وشخصياته في الميلودراما المرفوضة ، وأداء رشدي أباظاة كان من العوامل التي ساعدت رأفت الميهي وكمال الشيخ على تجاوز الجدران الحصينة التي كانت تفصل بين الشخصية وبين أخلااقيات جمهور تعود أن يحكم أحكاما أخلاقية صادقة على النماذج التي تقدمها له السينما . إلى جانب هذا الأداء العبقري المتوازن وقفت أمام رشدي أباظة شخصيتان نسائيتان مختلفتان وتكادان أيضا تصلان إلى درجة التناقض ، زوجة الخصم أو الذبابة البريئة التي أدتها برقة وخساسية وشجن لا ينازع وقوة إقناع هائلة الفنانة هدى سلطان فأعطتها دفئا وحنانا جعلنا نقبلها ونغفر لها تجاوزاتها ، بل ونفهم نقطة ضعفها والتعاطف معها ، والسيدة الأستقراطية الطموح التي غزلت مع الباشا خيوطا حريرية ظنت أنها ستصعد بها إلى قمة المجد والسلطة دون أن تدرك أن هذه الخيوط ستطبق على عنقها وعنق شريكها فتخنقهما معا، وقد أدت ماجدة الخطيب هذا الدور بكل ما تملكه من موهبة وذكاء لماح . أما شكري سرحان فقد كان رغم ظهوره القليل في الفيلم الغائب الحاضر الذي سيطر بذكراه على الأحداث وقادها دون أن يدري إلى نهايتها المحتومة . وسيبقى فيلم " شيء في صدري " وساما يزين جبين السينما المصرية ، وعملا يضاف إلى رصيد كمال الشيخ ورأفت الميهي وبشكل خاص وقوي إلى رصيد الممثل الكبير رشدي أباظة .
|
|
|
|
|
|