تجولت في بهو الغرفة ...إستنشقت كل ذكريات الماضى البعيد ... تساءلت هل مر بخاطرى أن أكون يوماهنا ..كل أحاسيس الصبا الذابلة قاومت خمولها و أجابت بالإنكار ... خيل لىأنى أسير من غير أن تلامس قدماى سطح الأرض ... صرت أقرب لأن أفرد جناحاتشوقى أمتطيها إلي هنالك قرأت كل الحزن في عينى ... بكيتوغطت دمعة ناظرى .. رويدا رويدا أحسست بالدوار ... يا إلهى أننى أهوى إلىالأرض .. حاولت أن أتماسك حتى لا أسقط ..لم أستطيع ..هويت لكن لم أسقط...إرتميت على كرسى .. كم مر من الزمن وأنا أستعيد وعيى لا أدرى ... بدأت أنوار تتسلل إلى عينى اليمنىبينما ما زالت عينى اليسرى مغمضة .. لم تكن الرؤيا واضحة .. الآن أناأجلس على ذلك الكرسى في شرفة غرفتى أطل منها على كائنات تتحرك تحركاعشوائيا ... أصوات تلامس سمعى لا أفهم منها شيئا .. بدأت الرؤيا تضحرويدا رويدا .. صرت أميز ذلك اللون الأزرق الذى يكسو كل شئ حولى ...السماء والأرض وما بينهما كله أزرق ... كنت في صغرى أفهم أن الأزرق أوالزرقة كما يحلو لجدتى أن تنطقها هى السواد ... تذكرت هذا المعنى عندماتحول الكون الذى كنت أراه أزرقا إلى سواد حالك ..أكاد لا أميز من خلالهرؤية أى شئ ... فجأة دوت السماء بالرعود وانهمر المطر وهبت الرياح تحملذرات الماء يمنة ويسرى ... تصمت أحيانا وتهب بعنجهية بعد فترة ... شعرتبالخوف يبتلعنى ... تجمدت من البرد ..إرتجفت كل خلاياى .. صرت لا أري إلامن خلال وميض البرق .. أرى أجزاء أجسام لا أتبين حقيقتها ..هنا عاد هاتف الزمن الجميل يلح في السؤال .. لماذا أنا هنا .. كيف هانعليك ذلك الوطن وذلك الجمال الذى رسمه إسماعيل لهذا الأزرق الذى يخيفكهنا .. في بلادى كل أزرق جميل ... النيل أزرق ...والإنسان أزرق ...والزراق فوقا تقول حرير ... شتتى الشبال يا أم ضمير ...خلى قلوب الصبيانتطير ... ذلك زراق أهلى وهذا الذى أعيشه هنا هو زراق غربتى ... شتان بينذاك وهذا .. هنالك تتطاير قلوب العشاق عشقا وهياما وهنا تطير القلوب خوفوهلعا ..ما زال هاتفى يسأل ما أجبرك على الرحيل البعيد قبضت على قاعدة الكرسى بكلتا يدى ...هززته بعنف ... شعرت بشئ يلامس قدمى ... كان الزائر طائر أسود صغير يرتجف... يحاول أن ينكفئ على نفسه باحثا عن دفئ يحتضنه .. قلت لنفسى كلنا ذلكالطائر نبحث عن دفئ العشيرة نبحث عن حضن الوطن ..إنزوى ذلك الطائر في ركنقصى وانكفأت أنا على وجهى ألعق جراحى وأغرق في دمعة تميزت بلون الوطن رغمهطول المطر دائما كنت ارى شمعة في اخر الطريقالمظلم – تتوهج احيانا ويخفت نورها احيانا – كتلك الانجم التى لانستبـيـنها بعيدا في الافق – ما كنت اعرف تفسيرا لهذه الرؤيا – ما كنتاظن ان فهمى لهذه الرؤيا سيكلفنى كل سنين الإنتظار هذه – ما أصعب أن ينزفالقلب دما حقيقة وليس إيهاما – سنلتقى هنالك في مدينة العشاق حيث نلتقىبذلك الطائر الجريح ليحكى لنا قصة هذه المسيرة ويغوص بنا في دهاليزالمجهول الذى كنا نجهله والان نعيشه على ارض الواقع – رحلة طويلة سافرتخلالها لبلاد بعيده – كانت زاملتى مركبا لا شراع ولا بوصلة تعيننى علىوجهتى أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة