من تابع مقابلة علي عثمان محمد طه، التي بثتها احد الفضائيات، من بيته الواقع في قلب مزرعته، يقتنع تماماً ان السودان لن ينهض وطناً ودولة ومجتمع، ما لم تذهب العصابة الحاكمة. ما نقوله : هنا ليس كلاماً فائضاً لغوياً، أو حلماً طابوياً، لا علاقة له بالواقع والحياة، أو هو تمني خاص خارج دائرة الاولويات الوطنية، كفائض الطعام الذي يبحث عنه علي عثمان محمد طه، بين موائد الأغنياء، من اجل توزيعه على الفقراء. ما أتعس حظ الفقراء الذين يبحث لهم علي عثمان طه عن فائض الطعام، بين موائد اللئام. . .! في وطن فيه كل مصادر الطعام، فيه نهرين، وثروة حيوانية تقدر بالملايين، واراضي خصبة تسد العين، وفيه الغاز والنفط، والمعادن، فيه الحديد، والنحاس والذهب، وفوق هذا كله، فيه الانسان الذي يتقاسم النبقة . . ! السودان كان سيشق طريقه نحو الريادة والسيادة والاكتفاء، فقط لو وجد قيادة تعرف معنى الحرية، والديمقراطية، والعدالة .. قيادة تتحلى بقيم العدل وصحوة الضمير، ويقظة العقل . لكن بين التمني والواقع مسافة كبيرة. . . الصفات أعلاها لا تتسق او تتلائم، مع تركيبة الطغمة الحاكمة . . . وهنا بيت القصيد، أو مربط الفرس كما يقولون. المقابلة التي بثت، أكدت ان الإنقاذ قد هزت وخلخلة أركان المجتمع السوداني، بعد ان عبثت بالحكم والاقتصاد، كما شاء لها هوى النفس الأمارة بالسوء، فعصفت بقيم وأخلاق المجتمع، كما تعصف الرياح والعواصف والزلازل بالاشجار والمباني وتحيلها الى حطام . المقابلة أكدت ان كل رجالات الانقاذ بلا استثناء هم أناس مسكونون بحب المال والسلطة والجاه والنعمة والثراء الحرام . . . والشاهد، إفادات الفريق طه عثمان المقال حديثاً، عن املاك عمر البشير وزوجته، وداد بابكر، وإخوته، الذين كانوا فقراء، يكدون العظام، كما يكدها الآن الفقراء. . ! سبحان الله مغير الاحوال . . ها هُم بعد ثمانية وعشرين عاماً من الحكم المطلق . . امتلكوا الأموال وبنوا القصور، لم يتركوا للسواد الأعظم من الشعب الا العظام المجرودة من اللحم، وحياة الفقر. . والفقر طبعاً هو سيد العيوب، ومبدد الجيوب . الوضع الطبقي صار في عهدهم هو الميزان ومقياس الحكم على الناس . فصاحب المال هو الذي يتصدر المجالس، ويفتي في شؤون الحياة المختلفة. لذا لاذ الشباب الى دائرة الفن والغناء، والشيخنة . . وقد لا يعدم هؤلاء اداة الوصول الى مبتغاهم بأقصر الطرق، وأيسر الوسائل. . فالواقع المعيشي السييء في عهد الإنقاذ، باب مفتوح على مصراعيه لكل من يرى مأرباً أو مخرجاً من دائرة الفقر اللعينة. أما الفقير الذي لا حول ولا قوة له، فقد سرقت الإنقاذ ما في جيبه، فساء حاله، وخبت ملامح وجهه، فأصبح أشقى الناس . . لا يقام له عن مقعد، ولا يبش له منافق، وما أكثر المنافقين . . ! لقد جالت في ذهني صور البؤس والمعاناة وضحايا الحروب والامراض، وآخرها الكوليرا التي تفتك بالمئات إن لم تكن بالآلاف هذه الأيام . . فتكاثفت في دواخلي مشاعر الاسى والحزن لحال الفقراء وضحايا نظام اللا عدل. لم اخلد الى النوم أو الراحة في تلك الليلة التي استمعت فيها لتلك المقابلة، برغم اني منذ ان جاءت الإنقاذ لم اطفيء سعيراً في صدري، حتى يندلع مثله آخر. . ! المقابلة عكست ان علي عثمان طه، قد حقق حلمه، بعد ان تقلب في مناصب الدولة، بدأ عهده بالإنقاذ مدبراً ومخططاً من وراء الكواليس، وحينما أطمأن خرج للعلن فتولى وزارة التخطيط الاجتماعي، وختمه بمنصب النائب الاول للرئيس، وطوال هذه الفترة التي قضاها في مواقع المسؤولية وصنع القرار عجز عن رؤية معاناة الفقراء. . . الذين هم اكثر الشرائح الاجتماعية معاناة. . . نتيجة تردي اوضاعهم المادية، وتهشم طموحاتهم، وإنحناء كواهلهم تحت أوزار الحاجة، التي فاقمتها الإنقاذ . . . وعدم قدرته على تحمل اعباء العلاج والمعيشة والتعليم، في ظل إرتفاع معدلات الغلاء الذي لم يبق لهذه الفئة احتياطياً تتكل عليه لدرء الفاقة، والوقوف في وجه الانهيارات المتواصلة، في وقت تراكم فيه المال الحرام في أيدي اللصوص الذين ثقلت جيوبهم ، وتضخمت حساباتهم المصرفية، وفاضت مقتنياتهم من الاثاث الفاخر، وكثرت عقاراتهم، وأصبح كلامهم السطحي، مثل المقابلة التي تمت مع علي عثمان طه، امثالاً تتناقلها الالسن، وتهفو إسماع البعض... اللصوص تمكنوا من التحكم بموارد الدولة، ومن ثم إشاعة ثفافة الفساد في الحياة العامة ، فكثر الانتهازيين من السياسيين والمثقفين والاعلاميين والصحفيين والكتاب المرتزقين الذين لا عد ولا حصر لهم . وما يزيد الامر سوءاً وتشاؤماً، هو ذلك الضمور الخلقي، الذي واكب رداءة الحياة السياسية في السودان، منذ مجيء الإنقاذ، مع غياب المسَاءَلة، لذا اختلت الموازين، وانتشر الفساد كإنتشار النار في الهشيم، وتباعدت القواسم المشتركة، بين الناس، بين الأخ وأخيه، بين الأغنياء والفقراء، بين الدولة والمجتمع ...! ولم يعد، أمام الفقراء، الذين يبحث لهم علي عثمان طه، عن طعام بين موائد اللئام، سوى خيار الثورة لتنهدم الحواجز بين المواطن والوطن. الطيب الزين
أخي الفاضل / الطيب الزين التحيات لكم والتحيات للقراء الأفاضل أزيد حروفا فوق حروفكم .. وليس الهدف من محاولاتي هو أن أساعدك في اشانة نظام الإنقاذ كما تريد أنت .. كما أن الهدف من محاولاتي ليس الإشادة بنظام الإنقاذ كما يريد آخرون .. فإنا طوال عمري إطلاقا لا أرقص مع الراقصين في حلبات التملق .. ولا أرجم مع الراجمين انتقاماً وخصاماَ .. لم أكن يوما في خنادق الأحزاب السودانية .. ولم أكن يوما في خنادق الانقلابيين العساكر .. ولم أهتف يوما وأصفق لسوداني من السودانيين مهما كانت سمعته .. فهو في النهاية ذلك السوداني صاحب العيوب الفاضحة المميتة .. والتجارب أكدت أن حواء السودانية لم تلد من أرحامها إلا أشباه الرجال والهزال .. وفي اعتقادي المتواضع فإن أي سوداني يراه الناس بأنه ( موسى ) فهو في الحقيقة ( فرعون ) في سلوكه وأعماقه .. وفي أعماله وأفعاله .. وهنا يدخل في المثال صاحبكم ( علي عثمان طه ) .. ذلك الرجل الذي تسلق إلى السلطة والمكانة بالمكر والدهاء مثله ومثل الآخرين من رموز السودان الخونة .. فهذا الرجل الذي تتحدث عنه أصبح اليوم ممقوتا ومكروهاً في قلوب الشعب السوداني المكافح المناضل .. لأنه رجل يفتقد مثقال ذرة من مواقف الرجولة والنخوة .. كما أنه يفتقد مثقال ذرة من الرحمة والنخوة في قلبه .. وقد نال كفايته من المكانة والسلطة التي تؤهله ليخدم هذا الوطن ولكنه لم يفعل إطلاقا .. لأنه رجل حقير في نهاية المطاف مثله ومثل الآخرين في هذا السودان .. كان في قمة السلطة في يوم من الأيام ولم يهتم في لحظة من اللحظات بأحوال الكادحين الجائعين الذين يشكلون السواد الأعظم من الشعب السوداني .. كان ينوم متخما البطن من خيرات الشعب السوداني في الوقت الذي كان فيه الشعب يواجه الويلات من المعاناة والغلاء والشقاء .. كان همه الأول والأخير أن يكون هو ونظامه ( ذلك الظالم ) في الصدارة والمقدمة دون الآخرين .. وأن يثبت للخصوم من المعارضين بأنه وزملائه جديرون بالمناكفات .. وفي خضم تلك المنازعات البليدة الغبية فإن على عثمان طه قد أجرم في حق الشعب السوداني كثيراً .. وسوف يقف وقفة الظالم أمام الواحد الجبار يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .. فهو ذلك المنعم المترف الذي أفنى جل حياته يرتع في خيرات الشعب السوداني .. وكان لا يهمه كثيرا بكاء الأطفال الجوعى في المجتمع السوداني الكبير .. ولا تهمه أنات الواقفين عند هجير الشمس في مواقف المواصلات والطرقات والميادين .. وكان ينام تحت المكيفات ولا يبالي كثير بأحوال الأمة السودانية .. وبذلك فإن على عثمان طه والآخرين من شاكلته يستحقون اللعنات تلو اللعنات من الشعب السوداني حتى قيام الساعة .
ويقال أن علي عثمان طه قد صرح يوما بعد أن نام في حجر المعاش بأنه لم يكن يدري بأن الشعب السوداني يعاني من الفاقة والغلاء والعيشة الضنكة .. عذر أقبح من الذنب كثيرا ،، وهو صاحب الكبائر ذلك المتسلط الجبار المسئول يوم القيامة حيث اجتهد ووقع اتفاقية فصل السودان الجنوبي عن السودان الأم .. وفي نفس الوقت هو على عثمان طه الذي أهدر الآلاف والآلاف من أرواح الشباب السوداني تحت شعار ( الجهاد الإسلامي من أجل الجنوب ) .. تلك الحرب التي قدم فيها الشعب السوداني الكثير والكثير من التضحيات في الأرواح والأموال والمقدرات .. فإذا بذلك الرجل المتسلق المنافق الظالم الحقير في مسالكه يتنازل عن تلك التضحيات بكل برودة نفس وأعصاب ويتنازل عن أرض الجنوب .. وكأن هذا السودان هو ملك أبيه !! .. ولم يستشر الشعب السوداني عن خطواته تلك في لحظة من اللحظات .. وهو الذي كان يلجأ للشعب السوداني عندما تشتد عليه الأمور .. حيث كان يطالب بدعم الشعب له .. وكان يطالب بقوافل الدعم والزاد .. ولكن عندما أجبرته قوى الشر في العالم قد داس الشعب السوداني تحت مداسه دون تردد أو وقفة رجل شجاع .. وقد لبى مطالب الأسياد .. والحقيقة التي يعرفها الشعب السوداني فإن علي عثمان طه لم يكن في يوم من الأيام ذلك السوداني الشجاع الشهم القوي .. الذي يتحدى الإملاءات .. ولكنه مثله ومثل عمر البشير ومثل غيرهما من الحثالة يمثلون الصور المهزوزة للإنسان السوداني .. فهم أشباه الرجال في حقيقة الأمر .. تلك الصورة المشينة التي لم نلتمسها في أبطال السودان عبر التاريخ .. وما زالت رائحة الشواء تفوح في وليمة المك نمر البطل الجسور .. فكيف نقارن هنا بين رجال في تاريخ السودان مثل المك نمر وبين أشباه الرجال أمثال على عثمان طه .. تلك المقارنة التي تؤكد البون الشاسع .. وهنا نكرر ( لعنة الله على ذلك المدعو على عثمان طه .. ولعنة الله على كل من تسلق فوق رقاب الشعب السوداني حتى يخدم رغباته الذاتية ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة